أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
ما زال مفهوم تقديم الخدمات الطبية في الميدان غير متفقا عليه بشكل نهائي بين جيوش العالم لتباين قدراتها بشكل كبير و بسبب التغيرات التي لا تعرف الهوادة في جانبين اساسيين اولهما هو التطورالمستمر في مستوى الخدمات الطبية المقدمة للجرحى و الثاني هو الزيادة المستمرة في القدرة التدميرية للاسلحة .
من المعلوم ان الحروب طورت علم الجراحة وعملية تقديم الاسعافات المنقذة للحياة و ربما كان جراح نابليون الشهير البارون “دومينيك جين لاري” احد اهم الاشخاص الذين يعزى لهم التقدم الكبير الحاصل في جراحة الحرب حيث انه وضع الاسس الاولية للطبابة العسكرية من خلال اقرارمبدأ الاخلاء السريع للجرحى في المعارك و كان اول من دفع بالفرق الجراحية الى مناطق متقدمة في الميدان لغرض تقديم خدمات طبية للجرحى باسرع ما يمكن.
كانت الحرب العالمية الثانية المختبر الكبير الذي اجريت فيه التجارب لاثبات نظرية البارون لاري من خلال تطبيق مبدأي الاخلاء السريع و الدفع بالجراحين الى الامام و قد كان لاحد اشهر جراحي القلب الاميركان من ذوي الاصول العربية الدكتور مايكل دبغي و الذي كان يعمل خلال الحرب العالمية الثانية برتبة عقيد جراح في الجيش الامريكي فضل السبق باقتراح ايجاد مجاميع جراحية متنقلة ترتبط بمستشفى ميداني قريب من منطقة القتال تقوم بتقديم خدماتها حيثما دعت الحاجة و تكون ذات عبأ اداري خفيف لغرض اعطائها المرونة و القابلية على الحركة بسرعة و كفاءة و قد اعتمد الجيش الامريكي هذا المبدأ الذي اقترحه الدكتور دبغي و فريقه وكانت النتائج مذهلة مما دعى قيادة الطبابة العسكرية الامريكية لتكريم الدكتور دبغي باحد ارفع الاوسمة الامريكية.
كان اول استخدام لهذه الوحدات الجراحية المتنقلة اثناء الحرب العالمية الثانية في عام 1943 من قبل الجيش الامريكي الخامس و الذي كان قاطع عملياته يشمل شمال افريقيا و جزيرة صقلية و ايطاليا و يبلغ تعداده 160 الف مقاتل حيث ابدت هذه الوحدات الجراحية المتنقلة مرونة و استجابة عالية للحركة مع القطعات العسكرية و تقديم خدمات ذات جودة عالية حيثما دعت الحاجة . و خلال انزال نورمادي الشهير تمتعت اربع جيوش امريكية (الاول و الثالث و الخامس و التاسع) بخدمات الوحدات الجراحية المتنقلة مما قلل من نسب الوفيات بشكل كبير في عام 1950 و في بداية الحرب الكورية اطلق على هذه الوحدات الجراحية المتنقلة أسم “مستشفى الجيش الجراحي المتنقل Mobile Army Surgical Hospital” و عرفت باسمها المختصر MASH
و في الحرب الكورية 1950-1953 استخدمت المستشفيات المتنقلة بكثافة حيث قدمت عشرة مستشفيات متنقلة الاسناد لاربع فرق عسكرية امريكية (يبلغ عدد مقاتلي الفرقة العسكرية الامريكية 15 الف الى 20 الف) و لكن مع بداية الستينات تغيرت فلسفة استعمال المستشفيات المتنقلة بتغير نوعية المعارك في فيتنام حيث كانت حرب العصابات او ما يعرف بالحرب غير النظامية هو الطراز السائد
و قد حدثت منذ ذلك الحين تغييرات كبيرة في وسائل الاخلاء و تطورت نوعية التقنيات المستعملة لانقاذ الحياة و ترسخت مبادئ الاخلاء الجوي او البري للخسائر مما قلل من دور مستشفيات الميدان المتنقلة و خاصة مع عمليات تقدم سريعة بوحدات مشاة خفيفة مسندة جوا كما جرى اثناء تقدم الجيش الامريكي لاحتلال بغداد في عام 2003 و قد كان عام 2005 هو العام الذي أغلقت فيه اميركا اخر مستشفى متنقل يعمل لخدمة الجيش و احالته على التقاعد. ان هذا لا يعني انه لم يعد هناك دور لمستشفيات الميدان المتنقلة حيث ان حالات الكوارث او الحروب التقليدية ما زالت من دواعي استعمال مثل هذا النمط من الخدمات الطبية.
و لنعد الان الى التجربة العراقية في مجال استخدام مستشفى الميدان المدرع المتنقل التي ابتدأت بارسال اربعة مهندسين الى المانيا للتدريب على تشغيل و صيانة منظومات المستشفى وقد صاحب هؤلاء المهندسون المستشفى الذي تعاقد العراق على شرائه من لحظة استلامه من الشركة المجهزة وهي الشركة الالمانية “انترمد هوسبتال تيك” و التي تقع في مدينة هانوفر فيما كان يعرف بالمانيا الغربية انذاك الى لحظة تسليمه و ادخاله في مستودعات الطبابة العسكرية في بغداد وقد سبق و ان جهزت هذه الشركة مستشفيين مماثلين لجيشين عربيين هما القوات المسلحة الملكية السعودية و القوات المسلحة الليبية.
تم التعاقد على استيراد المستشفى العسكرى المدرع عام 1979 قبل بدء الحرب العراقية الايرانية حيث تم تجهيز عدد من منتسبي المستشفى و يظهر في الخلف جزء من المستشفى اثناء انفتاحه ...
الطبابة العسكرية به ودخل المستشفى الخدمة بتاريخ 21/3/1981 وشارك المستشفى فى كافة قواطع العمليات ويتكون المستشفى الذى تبلغ سعتة 50 سرير من 17 عجلة مدرعة محمية من الاسلحة الخفيفة والشظايا حيث يتكون من صالتين للعمليات وردهتين للعناية بعد العملية وصيدلية و مختبر واشعة وردهة طوارى وعربة لوندرى ومطبخ لاطعام الجرحى و استمر الكادر الهندسى المكون من اربعة ضباط مهندسين كما اسلفنا على ادامتة وصيانتة وتهيئته للحركة الى قواطع العمليات . كان اول امر للمستشفى هو العقيد الطبيب المرحوم عبد الوهاب الدباغ وقام المستشفى باجراء اصعب العمليات الجراحية فى الميدان من قبل امهر الاطباء الجراحيين سواء منهم الاطباء العسكريين او الاطباء المكلفين
الامكنة التى فتح فيها المستشفى :
- قاطع الفيلق الرابع منطقة الفكة 1981 - قاطع الفيلق الثالث منطقة النشوة خلال معركة المحمرة 1982 - قاطع الفيلق الاول منطقة بنجوين 1983
- قاطع الفيلق الثانى فى بدرة 1983 - قاطع الفيلق السادس فى المجر 1984 - قاطع الفيلق السابع البصرة البرجسية 1985 - قاطع الفيلق السابع البصرة الزبير معركة الفاو 1987 - قاطع الفيلق السابع البصرة تحرير الفاو1987 - قاطع الفيلق الثانى مندلى1988 - العودة الى معسكر التاجى بعد 8/8/ 1988 المعسكر الدائمى - التحرك الى البصرة 15/7/1990 فى المناطق التالية خلال 15 يوم بامرة قيادة قوات الحرس الجمهورى الدير ثم البرجسية ثم صفوان ثم الدير ثم البرجسية حتى استقبلت المستشفى اول جريح كويتى الجنسية وبقيت فى البرجسية حتى صدر امر الانسحاب بتاريخ 23/2/1991 حيث انسحب المستشفى عن طريق تل اللحم والدير والقرنة و لكن بسبب تدمير الجسور و انقطاع المواصلات فقد علقت المستشفى في منطقة الدير شمال البصرة و تم ضربها و تدميرها بشكل شبه كامل من قبل طائرات قوات التحالف فى منطقة الدير بتاريخ 25/2/1991
وعاد منتسبوا المستشفى الى العمارة مشيا على الاقدام وبعدها عاد الجميع الى بغداد بدون المستشفى حتى قابلهم المرحوم اللواء الطبيب ابراهيم طه احمد مدير الامور الطبية آنذاك و امر باعادة المستشفى وتجهيز كافة الامكانيات لنقل العجلات المدمرة من الدير الى بغداد وتمت العملية ب 20 يوما - تم اعادة اعمار المستشفى وتاهيله من قبل الكادر الهندسى واصبح جاهزا للعمل بعد فترة و في عام 2000 تم ايداعه الى مستودع الطبابة العسكرية. تدمر المستشفى بشكل كامل و نهبت كافة محتوياته خلال معارك عام 2003 و بذلك انتهى دوره بشكل نهائي لتنطوي معه قصة مستشفى الميدان المدرع المتنقل.