بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنّا نعوذ بك من العجز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
حَدَّثَنَا
مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي
قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ ......... , متفق عليه
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ
الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ
وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ
وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي
فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ
فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ . رواة مسلم
قال الراغب في المفردات: "والعجز أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز
الأمر أي مؤخره كما ذكر في الدبر وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل
الشيء وهو ضد القدرة".
قال المناوي في فيض القدير: "والعجز أصله التأخر عن الشيء من العجز وهو
مؤخر الشيء وللزومه الضعف والقصور عن الإتيان بالشيء استعمل في مقابلة
القدرة واشتهر فيها".
فالعجز إذن هو الضعف والقصور عن فعل الشيء. وقد يكون حقيقيا، وقد يكون وهميا.
والعجز الحقيقي هو افتقاد القدرة حقيقة، كافتقاد آلات الإتيان بالفعل.
ومثال ذلك: من افتقد اللسان عجز عن الكلام، ومن افتقد البصر عجز عن
الرؤية، ومن افتقد الرجل عجز عن المشي.
وأما العجز الوهمي، فهو حالة شعورية وعقدة نفسية تسيطر على الإنسان فتمنعه
من الفعل مع وجود القدرة الحقيقية على الإتيان به. وهذا هو المراد الأساسي
من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن العجز ومن التعوذ منه؛ لأنه آفة فتاكة
تفتك بالفرد والجماعة.
وهذا العجز الوهمي هو مصيبة الأمة الإسلامية اليوم، والداء العضال الذي
ألمّ بها واستشرى في كيانها. فهي أمة الرجال وأمة الأموال ومع ذلك نراها
عاجزة عن تغيير حالها، وتغيير أنظمتها، وتطبيق شرع ربّها، وتحقيق نهضتها،
والدفاع عن أرضها وعرضها.
إنّ على الأمة الإسلامية، أن تستعين بربّها، وتثق في قدراتها، لتتخلّص من
عقدتها وتعود من جديد أمة رائدة قائدة. قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}.وحقيقة الشفاء كما قال الشيخ الطاهر بن
عاشور : "زوال المرض والألم، ومجازه: زوال النقائص والضلالات وما فيه حرج
على النفس".
فبعودة
الأمة الإسلامية إلى ربّها سبحانه وتعالى، تستمد منه العون والنصرة
والعزة، تتمكن من التخلص من عقدة النقص وعقدة العجز، وترجع كما كانت أمة
قويّة بربها ودينها، لا يعجزها شيء ولا يقف أمامها شيء.