[rtl]الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
حتى اليوم، وعلى الرغم من مرور 44 سنة على حرب أكتوبر 1973، ما زالت إسرائيل الرسميّة وغيرُ الرسميّة تتخبّط حول نتائج الحرب، وهل انكسرت أمْ انتصرت؟ الأمر الوحيد الذي اعترفت به هو أنّ العرب تمكّنوا من مفاجئتها بشنّ الحرب عليها من الجبهتين السوريّة والمصريّة وإلحاق الخسائر الماديّة والبشريّة بها في عيد الغفران، الذي احتل به اليهود أمس السبت.
علاوةً على ذلك، ما زال الجدال دائرًا في المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في تل أبيب حول الدور الذي قام به أشرف مروان، فالموساد الإسرائيليّ يؤكّد على أنّه كان من أشهر العملاء في تاريخ الدولة العبريّة، فيما تُصّر شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) على أنّه كان عميلاً مُزدوجًا لإسرائيل ولمصر، وقام بتزويد تل أبيب بمعلومات خاطئةٍ لإرباكها.
ويوم أوّل من أمس الجمعة، عشيّة ما يُطلق عليه في إسرائيل بـ”عيد الغفران”، أطلق رئيس الموساد الأسبق، الذي كان يشغل هذا المنصب قبل وخلال وبعد حرب 1973، أطلق قنبلةً من العيار الثقيل في مقابلةٍ مُطوّلةٍ مع صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة، المُقربّة جدًا من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، تسفي زمير، وعن سبق الإصرار والترّصد، وربمّا في إطار الحرب النفسيّة الإسرائيليّة التي تخوضها دولة الاحتلال ضدّ الأمّة العربيّة، كشف النقاب ولأوّل مرّةٍ عن أنّ مسؤولاً مصريًا رفيعًا جدًا، لم يكشف عن اسمه أوْ وظيفته زوّدها على حدّ تعبيره بـالـ”معلومة الذهبيّة والتي مكّنتها من إحداث تحولٍ دراماتيكيٍّ لصالحها في مسار حرب عام 1973، خصوصًا وأنّ وزير الأمن آنذاك، موشيه دايّان، أُصيب بحالة من الإحباط الشديد وطلب من رئيسة الوزراء آنذاك، باستخدام الأسلحة غيرُ التقليديّة التي تملكها إسرائيل، مُنبّهًا من أنّ العرب في طريقهم للقضاء على الدولة العبريّة.
ونقلت الصحيفة العبريّة، وهي أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارًا، لأنّها تُوزّع مجانًا، نقلت عن رئيس الموساد خلال حرب 1973 تسفي زمير ومسؤولين آخرين قولهم، إنّ “المعلومة الذهبية” التي قام بتقديمها المسؤول المصري الرفيع، قام الموساد بتجنيده لصالحه، كشفت عن المخططات العسكريّة المصريّة لمستقبل الحرب، الأمر الذي ساهم ليس في إحباطها فقط، بل وبتغيير مسار الحرب لصالح إسرائيل، على حدّ تعبيرهم.
رئيس الموساد آنذاك، زمير شدّدّ في سياق حديثه مع الصحيفة العبريّة على أنّ “المعلومة الذهبية” جاءت في أثناء اجتماع وصفه بالمصيريّ، عقده المجلس الوزاري المصغر لشؤون الحرب في 12/10/1973 بقيادة رئيسة الحكومة آنذاك غولدا مائير، بعد ستة أيام على اندلاع الحرب، حيث قدّم وزير الأمن موشيه دايّان خلاله توقعات قاتمة وبالغة السوداوية عن مستقبل الحرب، مُتوقعًا في الوقت عينه أنْ يضطر الجيش الإسرائيليّ للانسحاب والدفاع عن تخوم تل أبيب.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ قال زمير: فجأة، بعد أنْ ساد التشاؤم الاجتماع رن الهاتف، حيث طّلب مني أن أرد عليه، فخرجت مسرعًا وعدت بعد ساعة، وأبلغت رئيسة الوزراء مائير والوزراء بأنّ مسؤولاً مصريًا رفيعًا، يعمل عميلاً لدى الموساد، اتصل قبل قليل وزود ضابط الموساد المشرف على تشغيله بتفاصيل الخطة الهجومية المصرية المستقبلية، التي كان يفترض أنْ تبدأ بعد يوم، على حدّ تعبيره.
علاوةً على ذلك، لفت زمير، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، إلى أنّ المعلومات أظهرت أنّ لدى المصريين نية تنفيذ عمليات هجومية في عمق سيناء، إلى جانب أنّ المسؤول المصري العميل قدّم معلوماتٍ وافيةٍ حول تفاصيل وآليات تنفيذ هذه العمليات، على حدّ قوله.
وبحسب رئيس جهاز الموساد الأسبق، فإنّ المسؤول المصري العميل أبلغ الموساد بأنّ أهّم بنود الخطة المصرية تنص على إنزال مظليين مصريين، بأعدادٍ كبيرةٍ من خلال مروحيات في محيط مواقع عسكرية إسرائيلية مهمة في عمق سيناء، والقضاء عليها.
واللافت، حسب الصحيفة أن المسؤولين الإسرائيليين شددوا على أنّ هذا العميل ليس أشرف مروان، صهر الرئيس المصريّ الراحل، الشهيد البطل، جمال عبد الناصر، مع تأكيدهم مجددًا على أنّ مروان كان أيضًا عميلاً للموساد، وزود إسرائيل بمعلومات بالغة الأهمية والخطورة قبل الحرب وخلالها وبعدها، بحسب تعبيرهم، وهو الأمر الذي أشعل حربًا بين زمير وبين رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة إبّان الحرب، الجنرال إيلي زعيرا، الذي ما زال حتى اليوم مًتمسكًا بأنّ مروان كان عميلاً مُزدوجًا، وأنّ المعلومات التي قدّمها كانت بإمرة المخابرات المصريّة، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ بعد وفاته الغامضة في لندن، تمّ تشييع جثمانه في القاهرة بحضور مصريٍّ رسميٍّ تقدّمه الرئيس في تلك الفترة، محمد حسني مبارك.
[/rtl]