أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
مهندس عمليات المجموعة ٣٩ قتال : _____________________________
لكي نفهم شخصية البطل وندرك أسباب ما حققه من مستحيل يعجز عن إدراكه باقي الناس من غير العسكريين ؛ يجب علينا إن نعود إلي البدايات ؛ ومنها سنفهم لماذا نحن نقف أمام شخصية إستثنائية نادرة صقلتها تربة خصبة من الشهامة والشجاعة وحب الوطن والفداء. فقد ولد بطلنا الشهيد (عصام الدالي) فى ٢ سبتمبر من عام ١٩٣٧ بالبدرشين بمحافظة الجيزة لأب مصري أصيل يعمل بالفلاحة ويغرس معها فى أبنائه حب الأرض و ينقش في قلوبهم أنها "العرض" الذي من دونه الرقاب ، كان سليل عائلة مثقفة حرة تربي علي يد جده الثائر أحد رجالات ثورة ١٩١٩ المجيدة ، وهو الشقيق الثالث لأخوته ، ومنذ نعومة أظافره كان ميالاً للثقافة و حب الإطلاع فعشق قراء التاريخ الاسلامى وسيرة القادة العرب و أبطالها التاريخيين ومنها أستمد معاني البطولة و التضحية.
وبعد حصوله على الثانوية العامة تقدم بأوراقه إلى كلية الهندسة فقبلته طالباً بها نظرا لنبوغه وتفوقه ، ولكنه عاد بدافع وطنى لتقديم أوراقه بالكلية الحربية التى تخرج منها عام ١٩٥٨ .
يعد عصام الدالى بحق المخطط والمايسترو لكل عمليات المجموعة ٣٩ قتال لما يمتاز به من ذكاء عسكري حاد وعقلية تحليل و تخطيط عسكرى فذ يقودها فكر مستنير ورؤية بعيدة أصقلتها ما إكتسبه من خبرات قتالية ميدانية .وظل عصام الدالى على عطائه وفدائيته المتدفقه منذ إلتحاقه بالمجموعة التى وجد فى أعمالها متنفساً لشعور الغضب المكبوت بداخله ورغبته في الأخذ بالثأر منذ نكسة ١٩٦٧ وفقدان الأرض والعرض. وظل هذا الشعور يتملكه حتى إستشهاده فى إحد أشهر عمليات المجموعة القتالية وهى عملية نسف ميناء الكرنتينة عام ١٩٦٩. وسنستعرض أشهر العمليات التي أشترك فيها بطلنا الشهيد :
١- عملية كمين شرق جبل مريم :
===================
شارك البطل الشهيد (عصام الدالي) يوم السبت الموافق ٢٦ أغسطس ١٩٦٨ في عملية كمين منطقة شرق جبل مريم قبالة الاسماعيلية التي تعتبر من أقوي عمليات مجموعة ٣٩ قتال نظرا لما حققته من نجاح هائل أطاح بعقول العدو الإسرائيلي ، وكان العدو يعكف أيامها علي إستكمال منظومته الدفاعية بالضفة الشرقية لقناة السويس ويستخدم الدوريات الراكبة المكونة من عدة عربات جيب مسلحة تتحرك بين نقاط ومواقع خط بارليف والذي كان وقتها في طور البناء والتطوير ولاحظت كتائب الإستطلاع المصرية على الحد الأمامى للجبهة أن الدورية التى تعمل شرق بحيرة التمساح وجنوب المنطقة المواجهة للاسماعيلية تتعمد إستفزاز قواتنا غرب القناة بطريقة زائدة عن الحد. فتم إتخاذ القرار بتأديب تلك الدورية وجعلها عبرة لجيش الإحتلال الإسرائيلي كله. ولم يكن هناك أفضل من المجموعة ٣٩ قتال للقيام بتلك المهمة علي أكمل وجه. وبعد صدور الأوامر وعمليات المراقبة والإستطلاع الميداني توجهت عناصر من المجموعة ٣٩ قتال إلى هذه المنطقة لرصد عمليات الاستفزاز التى تقوم بها الدورية الاسرائيلية ، وقررت قيادة المجموعة التعرض لأحدى هذه الدوريات بعمل كمين فى منطقة جنوب جبل مريم ووضعت خطة العملية ووضعت التوقيتات المناسبة ، بعدها تم عرض الخطة على القيادة التى أقرتها ، وتم التدريب والاعداد للعملية .
وفى صباح اليوم المشهود تحركت عناصر المجموعة التى كانت تضم ٨ ضباط بقيادة الرفاعى و ٢٣ صف ضابط وجندى إلى نقطة الإنطلاق التكتيكي لبدأ العملية. وفى الساعة السادسة مساءاً عبر القناة الملازم بحرى (ماجد ناشد) ومعه فردين من المجموعة سباحة ، للقيام بتأمين نقطة الوصول على الضفة الشرقية للقناة ، وبعد وصولهم وإحتلالهم لموقعهم أخذت المجموعة الرئيسية فى العبور بواسطة القوارب المطاطية حيث بدأ الجميع إعداد منطقة العمل وفقاً للخطة . وتضمن إعداد المنطقة زرع ألغام على الطريق ، وإخفاء الأفراد بحفر وقائية ، وتوزيع النيران ، أما فى غرب القناة فقد نشطت المجموعة الساترة التى ستحمى الموجودين شرق القناة بالنيران فى إختيار أنسب المواقع لتأمين زملائهم شرق القناة بمدفعية الهاون والمدفعية الصاروخية .
و فى العاشرة وخمس دقائق مساءاً وصلت دورية العدو المكونة من عربتى جيب مسلح إلى منطقة الكمين وعندها بدأ إنفجار أحد الألغام بالسيارة الأولي وشل حركتها وتم التعامل معها بالأسلحة من مختلف الأعيرة ، بينما أفلتت العربة الأخرى محاولة الأبتعاد عن منطقة الكمين فأمر الرائد (عصام الدالى) بالأشتباك معها رغم محاولة قائدها أن يزيد من سرعتها ليخرج من مدى ومجال نيران الكمين. وقد أسفر هذا الكمين عن قتل ثلاثة أفراد إسرائيليين أتضح فيما أن بين هؤلاء القتلى (نائب مدير المخابرات الحربية الاسرائيلية) و (رئيس أركان القوات البحرية) بالاضافة إلى أسر عريف يدعي (ياكوف رونيه) الذى تم نقله إلى الضفة الغربية للقناة ومات بعدها متأثراً بجراحه . عاد أبطال المجموعة بسلامة الله دون أية إصابات فى تمام السابعة من صباح اليوم التالى ٢٧ أغسطس ، وفى نفس اليوم أعلن المتحدث العسكرى الاسرائيلى في بيان مقتضب دون تحديدا أي أسماء : أن إثنين من الجنود الاسرائيلين قتلا ، واختطف ثالث فى كمين لدوريه بالقطاع الأوسط للجبهة الجنوبية جنوب بحيرة التمساح .
٢- عملية ميناء إيلات الأولي :
===================
هذه العملية بالذات كانت فريدة من نوعها وتعتبر أول ضربة عربية للعمق الإسرائيلي منذ عام ١٩٤٨ وبالرغم أنها من أكثر العمليات التى حققت خسائر للعدو وهي العملية التي فتحت الطريق بعدها لسلسلة من عمليات أستهدفت نفس الميناء إلا إنها لم يتم تسليط أضواء الإعلام عليها وتبلغ صعوبتها ليس فقط في أنها الأولي من نوعها بل وتم تنفيذها عن طريق فرد مقاتل واحد فقط وليس مجموعة كاملة من القوات الخاصة. ففى إبريل عام ١٩٦٩ كلف اللواء (محمد صادق) الرائد (عصام الدالى) تكليفا شخصيا بهذه المهمة رغم أنه كان فرد ضمن المجموعة ٣٩ قتال وصدر إليه الأمر التالى : "ستذهب فى مهمة إلى الأردن وهناك تقابل المقدم (إبراهيم الدخاخنى) قائد مكتب مخابرتنا فى الأردن وسوف يعطيك ثلاثة صواريخ وسوف تقوم بضرب ميناء إيلات العسكرى ، ولكن عليك الحذر أن يقع أى صاروخ على الميناء المدنى أو مدينة إيلات."
وبعد خروجه من مكتب قائده سيادة اللواء (صادق) قابل (عصام الدالي) سيادة اللواء متقاعد -الرائد حينها- (أحمد رجائي عطية) صديقه وزميله بالمجموعة ٣٩ قتال ، والمعروف انه حسب القواعد غير مسموح لمن يأخذ مهمة منفردا أن يذكرها لأحد . ولكن كلا البطلين كانا يتبادلان الأسرار نظرا للثقة العمياء المتبادلة بينهما. ويسرد سيادة اللواء متقاعد (أحمد رجائي عطية) ذكرياته حول هذا اللقاء قائلا أنه سأل عصام الدالي يومها مندهشا : "حتعمل إيه بعد أن ذكر كلمة حذارى أن يقع صاروخ على الميناء المدنى أو مدينة إيلات ؟" فرد عليه البطل بسخرية : "أنا حضرب المدينة طبعا.. أنت ناسى أنهم لسه ضاربين لنا مدرسة بحر البقر بالطائرات وعلى كام هدف فى الصعيد" .. وأستمر فى كلامه : "أن لم نكن نحن من يصعد معارك الاستنزاف .. فمن الذى سيصعدها". كان هذا فكر وعقيدة الشباب المصرى حينذاك وكانت الثقة بالنفس وتحمل المسئولية والقرار من الطبائع التى عودهم عليها قادتهم.
أنطلق (عصام الدالى) إلى الأردن على الطائرة المدنية مصر للطيران باللبس المدنى وإستلم الصواريخ الثلاثة من المقدم (إبراهيم الدخاخنى) ولكنه فى نفس الوقت إتصل عن طريق مكتب المخابرات العامة بالمصريين الذين يعملون مع "منظمة فتح" ، وطلب منهم أكبر عدد من الصواريخ وقد وفروا له مطلبه من الصورايخ رغم أن ذلك خارج نطاق واجباتهم ، ولكن كان هذا هو شباب مصر فى هذه الآونة وفعلا أحضروا له ثلاثين صاروخًا وتم نقلهم بواسطة "منظمة فتح" إلى الجبال المطلة علي ميناء العقبة دون علم السلطات الأردنية. ثم قام البطل بتجهيز الصواريخ وفى ذاكرته الصور الأليمة لشهداء مدرسة بحر البقر من الأطفال الأبرياء التى دكتها الفانتوم الأسرائيلية بقنابلها منذ أسابيع قليلة ، وكذلك قصف المناطق المدنية بصعيد مصر .ووجه الثلاثة وثلاثين صاروخ إلى "مدينة إيلات" وبكل الغيظ المكتوم ، أطلق صواريخه دفعة واحدة فى اتجاه البلدة لتسقط علي أهدافها بدقه وتثير حالة من الهرج والمرج داخل الأوساط الإسرائيلية لما تمثله من ضربة موجعة وردا للصاع بصاعين ، وقد اعترفت إسرائيل فى صحافتها الرسمية بأن الخسائر البشرية وصلت إلي ٩٤ قتيل وأكثر من ٤٠٠ جريح. وبالتأكيد الخسائر كانت أضعاف ذلك العدد نظرا لما عودنا عليه العدو من إخفاء هزائمه الموجعة. وقد كانت الإصابات دقيقة لأن (عصام الدالى) فى الأصل كان ضابطًا مدفعية قادرًا على توجيه النيران بمهارة وحرفية عالية.
وتعتبر هذه العملية من أهم عمليات قطع اليد الطولى لإسرائيل والتى كانت تتباهى أنها تطول أى هدف فى العمق ، ولكننا أثبتنا أن لنا أيضا يدًا طولى وقادرة على ضرب أهداف فى العمق الإسرائيلى حيث تلى ذلك ضرب مصنع (النحاس) بتمناع ومصنع (سدوم) بصحراء النقب بالصواريخ بواسطة المجموعة 39 قتال أو بواسطة المصريين الذين يعملون مع منظمة فتح فى ذلك الوقـت أمثال النقيب (على عثمان) والنقيب (عبد الله الشرقاوى) مما جعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل ضرب أى هدف مدنى داخل مصر مع الفارق أنهم كانوا يضربون أهدافهم بالطائرات ولكننا كنا نعانى ونغامر حتى نصل بالقرب من أهدافنا فى عمق إسرائيل.
٣- عملية نسف وإحراق سقالة الكرنتينة : ==========================
يوم ٣٠ أغسطس عام ١٩٦٩ كان يوما مشهودا في تاريخ المجموعة ٣٩ قتال لأنه إنتهي بإستشهاد مهندس عملياتها العبقري بطل قصتنا الرائد (عصام الدالي) مقدماً روحه ثمناً بسيطاً فى سبيل تحرير تراب وطنه والدفاع عن كرامة شعبه. وتكتسب "منطقة الكرنتينة" أهميتها من موقعها الجغرافي الهام حيث تقع على الشاطئ الشرقى برأس خليج السويس قبالة مدينة السويس مابين الشط شمالاً وعيون موسى جنوباً ، وأخذت تسميتها من كونها المكان الذى كان يتم فيه إجراءات الحجر الصحى على حجاج مصر العائدين للإطمئنان على خلوهم من أية أمراض معدية أو وبائية حيث كان يوجد بالمنطقة مرسى ترسى عليه سفن الحجاج ، وبعد إحتلال سيناء فى يونيو ١٩٦٧ بدأت الوحدات البحرية الاسرائيلية فى إستخدام المرسى مما وفر لها قدرة عالية جدا على المناورة ، والعمل ضد القوات المصرية البرية والبحرية على الضفة الغربية للقناة . وقد تعرضت موانئ "السويس" و "الأدبية" و "بور توفيق" لإغارات من القطع البحرية الاسرائيلية مستخدمة هذا الميناء المحوري فقررت القيادة العامة تكليف المجموعة ٣٩ قتال بمهمة نسف وإحراق المرسى ، ومنع العدو من إستخدامه.
نفذت المجموعة عدة عمليات إستطلاع لجمع المعلومات المطلوبة ، ووضع الخطة لمناسبة وعرضها للتصديق عليها ، وبعد ذلك بدأ تدريب الرجال على الخطة ، وقد تبين من الاستطلاع أن قوة العدو بموقع عيون موسى القريب يتألف من سريتى مدفعية ميدان عيار ١٥٥ مم ذاتية الحركة ، وفصيلة دبابات مكونة من ٥ دبابات أمريكيةالصنع . وخلال هذه الفترة كان بطلنا عصام الدالي مسافرا إلي روسيا و عند وصوله إلي أراضي الوطن كان في إنتظاره بالمطار شخصا لم يتوقعه.
ويسرد زملائه في المجموعة تفاصيل هذا اللقاء حيث فوجئ (عصام الدالي) بوقوف المقدم (إبراهيم الرفاعى) فى هذا الركن من المطار مراقبا وصول تلك الطائرة التى كانت تقله عائدا من دورته التدريبية القتالية فى روسيا ، ولقد اشتاق له كثيرا ، فلم يكن عصام بالنسبة له مجرد زميل او ضابطا كفئا ضمن أسود مجموعته ، لكنه اخ حقيقى بالنسبة له و صديق حميم قلما يوجد مثله فى هذا الزمان و ما ان بدأ ركابها فى النزول على سلم الطائرة الا و ميز بينهم صديقه ، تهللت اساريره لرؤيته الا ان ملامحه لم تحمل اى تغيير عدى تلك الابتسامة البسيطة. طوى كلا منهما الخطوات واسعة تجاه الاخر , و تعانقا فى مودة تعبر عن محبة و اخوة كلا منهما. بادره الرفاعى قائلا : حمدالله على السلامة يا بطل فرد عصام ممتننا : الله يسلمك يا فندم ، اخبار حضرتك و اخبار المجموعة ايه؟ فرد الرفاعى : بخير و الحمد لله ، إن تنصروا الله فلا غالب لكم. ضحك عصام قائلا : طبعا يا فندم ، صدق الله العظيم.
قطعا سويا الخطوات سريعا الى خارج المطار ، و استقلا سويا تلك الجيب العسكرية التى حضر بها المقدم إبراهيم لاستقبال صديقه ، و ما ان انطلقا بالسيارة الا و سأل عصام : ما فيش عمليات قريبة يا فندم ؟ ضحك الرفاعى من جملته قائلا : يا اخى انت لسه وصلت ، ايه احمد مش واحشك ؟ رد عصام بصوت يفيض حنانا يفوق ملامحة الطيبة : جدا يا فندم جدا و لكنه استدرك سريعا و تغيرت ملامحه الى صرامة مهيبة قائلا : بس حضرتك عارف الواجب يا فندم. إبتسم الرفاعى من حماسته و قال : و انت خير من يقوم بالواجب يا عصام. إكتست ملامحه بالجدية متابعا : إحنا فعلا هنعمل عملية مهمة ، هننسف سقالة الكرنتينة !!!!
وكان رد عصام متوقعا : , الله اكبر ....... امتى ان شاء الله يا فندم ؟ حيث كانت كل المجموعة تعلم تلهفه علي القيام بتلك المهمة. وحينما قال له الرفاعي : غدا ...... ليلة ٣٠ اغسطس.....ساعة ٢٢٣٠. بادرة عصام متلهفا : انا مع حضرتك فى تشكيل العملية دى يا فندم طبعا ، ان شاء الله ؟ ضحك الرفاعى ضحكة قصيرة مستنكرا : عصام .....ده انت لسه ما نزلتش من العريبة ، يا راجل استريح على الاقل يومين و العمليات جاية ان شاء الله. رد عصام و قد تضاعفت لهفته : ارجوك يا فندم , حضرتك عارف اننى متشوق لعملياتنا و خاصة للعملية دى .لم يطل نقاشهما كثيرا ، لقد كان المقدم (ابراهيم الرفاعى) يعرف طباع رجاله جيدا و يعرف ان الرائد (عصام الدالى) سوف يستميت للاشتراك فى هذه العملية. لذا وافق على طلب صديقه وكلا منهما لا يعلم أنها ستكون عملية (عصام الدالي) الأخيرة.
وفى يوم تنفيذ العملية توجهت المجموعة إلى السويس تناولوا طعام الغذاء ، ولعب (عصام الدالى) مبارة شطرنج ضد زميله (إسلام توفيق) أسفرت عن فوز إسلام وكانت المرة الأولى التى يفوز فيها أى فرد من المجموعة على (عصام الدالى) الذى إشتهر بمهارته فى تلك اللعبة . ومرت الساعات سريعاً تم خلالها تجهيز المفرقعات ، والأسلحة ، والذخائر ، والمعدات المختلفة ثم تم التحرك إلى نقطة العبور فى مكان بعيد عن النشاط على الساحل لستر عملية الاستعداد . ثم أخذ كل رجل موقعه فى اللنش المخصص لمجموعته ، و انطلقت خمسة لنشات من "طراز زودياك" تقل من تم تكليفه بالعملية من اسود المجموعة ٣٩ قتال ، انطلقوا الى حيث هدفهم. ينوون تدمير مرسى الكرنتينة التى طالما استخدمه العدو فى عملياته العدوانية على القوات المصرية.
فى لنش القيادة اتخذ الرفاعى موقعه و الى جواره القائد الثانى للمجموعه و صديقه الطبيب المقاتل (عالى نصر) و الذى مال برأسه على اذن الرفاعى قائلا : غريب اصرار عصام على انضمامه للعملية هز الرفاعى رأسه مؤيدا لكلامه و لم ينطق ببنت شفة و فى لنش الرائد (عصام الدالى) , تولى الملازم أول (وسام عباس حافظ) عجلة قيادة اللنش ، بينما اتخذ المقاتل (يحيى عامر) موقعه نافخا صدره و مرابطا كالاسد بين باقى المقاتلين ، مما جعل الرائد عصام ينظر له نظرة طويلة و عميقة لم يفهم معناها المباشر الملازم وسام الا انه شعر بمعنى خاص لها.
و فى لانش اخر همس احد الرجال فى اذن زميله : تعتقد مين هيموت مننا النهاردة يا سمير ؟ رد المقاتل (سمير نوح) قائلا : يا عم قول مين هيتشرف فينا النهاردة ، لكل اجل كتاب فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون. رد مقاتلا اخر : صدق الله العظيم , طبعا يا عم ما انت "التمساح" على رأى سيادة القائد ، و لو ضربونا هتكون اول واحد هيعرف يسلك فى المية و ابتسم ثلاثتهم على همسة باسمة فى قلب الخطر ، بينما تشق اللنشات المياه عازفة اعظم سيمفونيات البطولة و الفداء. بدأت العملية و عكف كل رجل من الرجال البواسل على اداء دوره بمنتهى البطولة ، ما بين استطلاع و تلغيم و تأمين.
و على الشاطىء حيث نقطة الانطلاق كان أبيهم الروحى العميد (مصطفى كمال) ينتظر و يوجه المجموعة لاسلكيا كأب حنون قبل ان يكون قائدا متلهفا على سلامة ابناءه و نجاح العملية على حد سواء. و برغم من تمام عملية التلغيم بنظام ينم عن احتراف و حنكة من قاموا به ووقفوا بزوارقهم علي مسافة أمنة إنتظارا لبدء الإنفجارات ومشاهدة نتيجة عملهم إلا ان التفجير قد تباطأ لسبب ما ربما قد يكون الرطوبة العالية والمناخ السئ ليلتها ، مما استلزم رجوع إبراهيم الرفاعي للمراجعة ومعرفة سبب تأخير الإنفجارات و القيام بالتفجير يدويا لإتمام العملية مهما كان الثمن.
وفى الوقت نفسه تلقى الرفاعى إتصالاً لاسلكياً من العميد (مصطفى كمال) : • أصحابك أحسوا بيك ، وقربوا منك . ولم يرد الرفاعى على الاتصال . ويتلقى الرسالة الثانية : • يا إبراهيم .. ٣ بطات فى إتجاهها إليك . أما الرسالة الثالثة فكانت : • البط أصبح على أول البحر . وهو ما يفيد أن ثلاث دبابات للعدو أصبحت على شاطئ الخليج فى مواجهتهم ثم كانت الرسالة الرابعة : • إرجع يا إبراهيم .
وبدلاً من أن يعود الرفاعى إلى الضفة الغربية للخليج إتجه بكل إصرار وعزيمة إلى الضفة الشرقية بزورقه فقط الذى يقوده زميله (عالى نصر) فى إتجاه السقالة مباشرة بكل ماعليها من متفجرات يمكن أن تنفجر فى أى لحظة بعد أن طلب من باقى الزوارق ألا تتحرك لتعمل كمجموعة ساترة له. ولكن الدالى الذى كان شريكاً لقائده فى الأعمال الفنية الخاصة بالتفجير طلب من زميله (وسام) قائد زورقه اللحاق بقائده (الرفاعى) لمعاونته وبينما كان زورق (الدالى) فى منتصف المسافة بين زورق قائده القريب من السقالة ، ومجموعة الزوارق الساترة بدأت الإنفجارات تتوالي و أشتعلت السقالة تماما فإنتبهت إحدى دبابات العدو لمكانه لما خلفه من خط أبيض على سطح الماء يبين إتجاه حركته وفتحت عليه نيران مدفعها.
و بدأ الاشتباك ... و حمى الوطيس بين أعز الرجال و أحط الغزاة !! و بدل من ان تفر الزوارق ....هاجمت الى حيث الدبابات , و فى مقدمتها زورق البطل (عصام الدالى) الذى هتف قائلا افتح النار و غطوا ضهر (الرفاعى) و باقى الرجالة مهمى كان التمن !! نعم فقد كانت كلمته فى محلها....مهما كان الثمن ، و لقد كان الثمن غاليا و نفيسا . كانت الدبابات الاسرائيلية تقصف الزوارق بطريقية هستيرية توحى بخوفها من أولئك المردة الأبطال الذين يستقلونها ؛ كان قادة الزوارق يناورون و يقاتلون بمهارة منقطعة النظير فلم تستطع اى دبابة اصابة ذلك الفارس البحرى الملازم أول (إسلام توفيق) الذى استخدم كل مهارته فى قتاله و مناوراته لنيران العدو ، الا ان استبسال زورق (عصام الدالى) و قربه من موقع الخطر نظرا لرغبته فى البقاء قريبا من (الرفاعى) و تغطيته جعله مرمى قريب لدبابات العدو !!!!!
وفي لحظة توقف فيها الزمن بين أتون المعركة الطاحنة طارت الدانة الغادرة بعد إصطدامها بالماء إلى حيث مستقر شظاياها ، أطاحت برأس المقاتل (يحيى عامر) و اصابت رأس و رقبة الرائد (عصام الدالى) اصابات بالغة .. و تدفقت الدماء الذكية مختلطة بامواج البحر و متنائرة على جنبات الزورق ، و مزينة صدور الابطال كاروع الاوسمة و اسمى النياشين..وفاضت علي اثرها أرواحهما الذكية ! و انطلقت شظايا النار مختلطة بشظايا عظام البطلين مخترقة جسد الملازم (وسام) ..كانت جراحه غائرة و مؤلمة ولكنه تماسك بمشقة كى يعود بالزورق منقذا إخوانه زملاء السلاح ...."تماسك يا وسام ..... كل شىء ممكن يا بنى ، شوفت انا هربت من الاسرائيليين الأوغاد ازاى !!!" تردد صوت والده البطل (عباس حافظ) فى ذهنه ليذكره بواجبه فى عدم الاستسلام لجراحه القاتلة ....كان الدوار و الالم يعتصره عصرا , الا ان مشهد زميليه جعله يبذل جهدا خارقا للتماسك حيث رأى بصعوبة سقوط جسدى رفيقيه على ضوء نيران الانفجارات التى تتابعت معلنة نجاح العملية . كان اخر ما رأت عينى الشهيد (يحى عامر) و الشهيد (عصام الدالى) هو مشهد الرفاعى و هو يقفز فى الماء بزيه الاسود , قفزة مهيبة رشيقة كأنه احد ابطال ذات الصوارى او كأحد ابطال العصور الوسطى من فوق قلاع اعداءه ، بعد ان تأكد من نجاح عمليته و بعد ان اذل ناصية اعداءهم ، شأنه شأن كل عملية قام بها الرفاعى و مجموعته .و كان بالتأكيد اخر ما مر بقلب بطلنا (عصام الدالي) هو ابنه الصغير احمد , و اسرته التى لم يودعها برغم اشتياقه اليهم .....و لكنه استودعها ربه !!! أما بصيرة عصام , فلقد رأت الكثيـــــــــــر !!! رأت اول ما رأت .....اول رفقاءه ....(يحى عامر) ........و رأت انوارا تنتظره و تعلو به .....ترحابا .....و هنا همست روحه لروح صديق عمره الرفاعى ......موعدنا هناك ......قريبا بإذن الله....فلا تتأخر .
المصدر : المصدر
عدل سابقا من قبل Almosheer في الأربعاء 4 أكتوبر 2017 - 20:13 عدل 3 مرات
Abd_elrahman2011
لـــواء
الـبلد : العمر : 39المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )المزاج : لله الحمد والمنةالتسجيل : 09/02/2011عدد المساهمات : 2766معدل النشاط : 2690التقييم : 190الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: "ليالي بكت فيها إسرائيل" بطولات منسية الأربعاء 4 أكتوبر 2017 - 19:04
قبل أن أقرأ كلمة واحدة من موضوعك لا أجد كلمة أقولها لك إلا ( وحشتني يا راااااااااااااااااجل)
لي كثير من الوقت أنتظر دخولك إلى المنتدى من جديد، ولكن تحت الشمس لا جديد!
وها أنت ذا تعود مع رياح ذكرى النصر الطيبة، وعبق قدومك يملأ الفضاء
لطالما طالعت موضوعك الرائع ( أسطورة العنقاء البابلية : مابين خيال نسر الأنديز و حقيقة البدر المصرى)
لا تغب عنا كثيرا يا طيب .. فإنا والله قد اشتقنا لموضوعاتك الرائعة وإطلالتك الأروع