بعد إطلاق سراح الصحفي دينيز يوجيل من السجن في تركيا، تأمل الحكومة التركية الآن في الحصول على تعاون أكبر من ألمانيا في مجال التسليح. فهل ستكون هناك صفقة عسكرية قريبا، رغم التدخل العسكري التركي شمال سوريا ضد ميليشيا كردية؟
أعربت الحكومة التركية عن أملها في تعزيز تعاون التسلح مع ألمانيا بعد إطلاق سراح الصحفي الألماني التركي دينيز يوجيل الذي ظل محتجزا في تركيا طوال عام كامل. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) -على هامش مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن- إنه يأمل في مشاركة ألمانيا في التصنيع المخطط له للدبابة المقاتلة التركية من طراز "ألتاي". وأكد أن كلا الجانبين سوف يستفيدان من مثل هذا التعاون، موضحا أن استفادة ألمانيا ستكون أكبر، "لأن الآلات ستأتي من ألمانيا، ويمكن تصنيع أجزاء بسيطة في تركيا".
"تدخل بديهي"
ودافع رئيس الوزراء التركي عن استخدام دبابات ألمانية من طراز "ليوبارد 2" في سورية، وقال يلدريم لـ (د.ب.أ) إن استخدام هذه المدرعات في الحملة التركية ضد ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية يعد "أمرا بديهيا"، وانتقد رفض الحكومة الاتحادية لتحديث الدبابات بأنظمة حماية من الألغام. يشار إلى أن الحكومة التركية تخطط لتصنيع نحو ألف دبابة مقاتلة من طراز "ألتاي" بقيمة تقدر بنحو سبعة مليارات يورو. وستشارك شركة صناعة الشاحنات والمركبات التركية " بي إم سي" في الدفعة الأولى من هذه الدبابات التي يتراوح عددها بين مائة ومائتين دبابة.
مساهمة شركة راينميتال الألمانية
يشار إلى أن شركة "راينميتال" الألمانية لصناعة الأسلحة كانت قد أسست مع هذه الشركة التركية شركة مشتركة لصناعة الأنظمة الدفاعية "أر بي إس إس". ويوجد مقر الشركة في العاصمة التركية أنقرة. وتحمل الشركة الألمانية حصة أقلية بنسبة 40 بالمائة. وكان مقررا اتخاذ قرار بشأن هذه الطلبية الخاصة بالدبابات التركية في مطلع عام .2018 ولكن بدون تصريح من الحكومة الاتحادية لن تكون مشاركة شركة ألمانية في صناعة دبابات في تركيا أمرا ممكنا. يذكر أن الحكومة الألمانية خفضت تصاريح التصدير إلى أقل معدلاتها العام الماضي بسبب الاضطرابات في العلاقات مع أنقرة، ثم أوقفتها تماما من الناحية العملية بعد بداية الحملة التركية ضدت ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في سورية.
واعتبر يلدريم ذلك أمرا خاطئا، وقال: "إننا عضو بحلف شمال الأطلسي /ناتو/، وألمانيا عضو بالحلف"، مضيفا بقوله: "إننا نحمي حدود حلف الأطلسي في منطقتنا". وبرر رئيس الوزراء التركي الحملة ضد وحدات حماية الشعب الكردية بأن هناك هجمات صاروخية يومية من الجانب السوري على تركيا، وقال: "إننا نحمي الحدود الجنوبية للناتو". وأكد يلدريم أن الاستعانة بدبابات "ليوبارد" الألمانية ضد الأكراد سليمة قانونيا، وقال: "لقد اشتريناها لأجل أيام كهذه، عندما يتم مهاجمتنا. فمتى يتعين علينا استخدامها إذن بخلاف ذلك؟".
يذكر أن الجيش الألماني كان قد قام بتوريد 354 مدرعة من طراز "ليوبارد2" في الماضي-دون فرض شروط على استخدامها. وتم فقط منع تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي "ناتو"، من بيعها لطرف ثالث أو تزويده بها. وبذلك لا تمتلك الحكومة الاتحادية حاليا أية إمكانية قانونية للتدخل ضد استخدام هذه الدبابات المقاتلة ألمانية الصنع. ولكن بعد بداية الحملة التركية في سورية في شهر كانون ثان/يناير الماضي، اتفقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزير الخارجية زيغمار غابرييل على وقف التحديث الذي كان مخططا له بالفعل لهذه الدبابات من خلال تزويدها بأنظمة للحماية من الألغام. ومن جانبه أكد يلدريم أنه ليس لديه مشكلة مع ذلك وأنه أمر يمكن استيعابه بالنسبة لتركيا، وقال: "في هذه النقطة لدينا إمكانات أخرى. فإذا حصلنا على ذلك من ألمانيا، فإنه أمر جيد، وإن لم يحدث ذلك، فلدينا بدائل، بالأحرى دائما"، لافتا إلى أن قطاع صناعة الأسلحة التركي بإمكانه "صناعة أنظمة للحماية من الألغام بنفسه أيضا".
أردوغان إلى برلين وميركل إلى أنقرة
وأعلن رئيس الوزراء التركي عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا، بعد أداء الحكومة الألمانية الجديدة اليمين. وقال يلدريم لـ (د.ب.أ) على هامش مؤتمر ميونخ الدولي للأمن : "عندما يتم تشكيل الحكومة، ستكون هناك بالطبع زيارات على أعلى مستوى". وتابع رئيس الوزراء التركي قائلا: "الرئيس أردوغان سوف يأتي (إلى ألمانيا) والسيدة (أنغيلا) ميركل، المستشارة الألمانية سوف تأتي إلى تركيا"، لافتا إلى أن وزراء خارجية البلدين سوف يلتقيان بصورة متكررة أيضا.
وأوضح يلدريم أنه يمكن تصور ظهور أردوغان وساسة أتراك آخرين مجددا أمام أبناء جلدتهم في ألمانيا، وقال: "تمنينا ذلك دائما. هذا اللقاء مع أشخاص من تركيا ليس سببا من شأنه أن يزعج ألمانيا". يذكر أنه كان هناك خلاف كبير العام الماضي حول ظهور ساسة أتراك في حملات انتخابية بألمانيا قبل التصويت على الاستفتاء الدستوري بتركيا في نيسان/أبريل الماضي. وكان قد تم حظر بعض هذه الحملات من جانب السلطات الألمانية لأسباب أمنية. وتحدثت الحكومة التركية حينها عن "أساليب نازية". وأخطرت وزارة الخارجية الألمانية في شهر حزيران/يونيو الماضي جميع البعثات الدبلوماسية في ألمانيا أنه تم بشكل أساسي حظر أية حملات انتخابية مستقبلا لساسة أجانب قبل ثلاثة أشهر من إجراء انتخابات أو استفتاءات في مواطنهم.
أوزديمير يحذر
وطالب وزير العدل الألماني، هايكو ماس، باتخاذ إجراءات قضائية لصالح بقية المعتقلين في تركيا بعد إطلاق سراح الصحفي الألماني دينيز يوجيل. وأكد الوزير قائلا: "كل قمع للصحافة الناقدة لا يتوافق مع مفهومنا لحرية الصحافة، ونحن سنبقي على مراقبتنا لتركيا وإلى أي مدى يمارس فيها الضغط عبر الإجراءات الحكومية على مجالات الصحافة والعدالة فيها".
وأمام هذه التطورات المتسارعة والتصريحات المتفائلة بتحسن العلاقات الألمانية - التركية، حذر جيم أوزديمير، الزعيم السابق لحزب الخضر الألماني، من تطبيع العلاقات بين بلاده وبين تركيا، متهما الأخيرة بالاستمرار في اضطهاد صحفيين. وفي إشارة إلى واقعة إفراج السلطات التركية أول أمس الجمعة عن الصحفي التركي الألماني دينيز يوجيل، مراسل صحيفة "فيلت" الألمانية، قال أوزديمير اليوم الأحد، إن البعض سيرحبون بعودة العلاقات إلى طبيعتها. ولفت إلى أن السلطات التركية أدانت صحفيين في نفس يوم الإفراج عن يوجيل، بالسجن مدى الحياة. وقال السياسي التركي الأصل والذي استقال من زعامة الخضر نهاية الشهر الماضي، إن بلدا "يدين صحفيين بعقوبة السجن المؤبد لأنهم كتبوا تقارير منتقدة (للحكومة)، لا يمكن أن يكون هناك تطبيع معه
1