في العام 1939 والعام الذي تلاه 1940 تجاهل الزعيم الالمتني النازي ادولف هتلر مجددا نصائح جنرالاته الحذرين وامر بتنفيذ خطط هجوم واسعه وخلاقه لمهاجمه واحتلال بولندا وفرنسا بالتتابع شعر هتلر انها مبرره تماما حيث سحق الجيش الاملني كلتا الدولتين خلال اسابيع معدوده
بحلول ربيع العام 1943 وبتأثير الهزيمه الساحقه للنازيين في ستالينغراد على يد الجيش الاحمر وفقدان اعصاب هتلر وقرراراته غير الحكيمه في معركة كورسك حددا لاحقا مصير المانيا النازيه حيث كانت معركه كورسك اخر عمليه هجوميه واسعه للجيش الالماني النازي في الجبهه الشرقيه
في خريف 1942 وعلر الرغم من كون الاحداث كانت كئيبه بالنسبه للزعيم السوفييتي الشيوعي جوزيف ستالين حيث لم يكن هنالك اي وسيله تحول دون اباده الجيش الاحمر على يد الجيش الالماني النازي الذي كان قد باشر بهجومه على الاتحاد السوفييتي في يونيو 1941 وكان الجيش الالماني في تلك المرحله مشابه للماكنه الضخمه التي لايمكن ايقافها والتي كانت تسحق الجيش الاحمر فرقه بعد اخرى
وبعد تباطؤ التقدم الالماني في اواخر 1941 , امر ادولف هتلر باعاده شن هجومين ضخمين عرفا بالاسم الكودي Case Blue وكان المخطط ان يبدا الهجومان في يونيو 1942 : مجموعه الجيوش A سيتقدم جنوبا لاحتلال ابار البترول السوفييتيه في القوقاز ومجموعه الجيوش B ستتقدم باتجاه ستالينغراد
وبعد ان حقق الهجومان في البدايه نجاحا عظيما , حيث وصلت مجموعه الجيوش B الى ضواحي ستالينغراد في سبتمبر 1942 ولاول مره يواجه بمقاومه فعليه من الجيش الاحمر
الجنرال الالماني Anton von Wietersheim قائد فيلق البانزر 14 ابلغ قائد الجيش الالماني الجنرال Friedrich Paulus بانه لايملك القوات الكافيه للاستيلاء على ستالينغراد وطلب الانسحاب مؤقتا الى نهر الدون من اجل اعادة بناء قواته
الجنرال Friedrich Paulus رفض الانسحاب لان هتلر حظر وبشكل صارم اي انسحاب الى الوراء , تم اعفاء الجنرال Anton von Wietersheim من مهامه بسبب رفض هتلر حتى مجرد التفكير في الانسحاب
هذا التصرف ادى لاحقا لخساره الجيش الالماني لحوالي 250 الف جندي في ستالينغراد مما اتاح لاحقا للسوفييت شن هجوم معاكس ضخم سمي ب Operation Uranus
وبسبب نزيف الدماء والمراره النازيه في ثلوج ستالينغراد اضطرت القوات الالمانيه الى الانسحاب بالجمله من امام الجيش الاحمر المنتعش
تم استدعاء مجموعه الجيوش A الى الخلف من خط هجومها المقرر للقوقاز من اجل صد الهجوم المعاكس الهائل للجيش الاحمر والذي كان الالمان بسببه ينسحبون الى الخلف في كل نقطه على جبهه يبلغ طولها 175 ميلا
في يناير 1943 استعاد السوفييت مدينة كورسك وعلى وشك استعاده مدينه خاركوف والتي سيؤدي سقوطها الى عزل مئات الالاف الجنود الالمان مرة اخرى
كان افضل قائد الماني يتمتع بالفكر الاستراتيجي الرفيع هو الفيلد مارشال Erich von Manstein , وقد عينه هتلر قائدا للقوات الالمانيه في محاوله لوقف الهجوم السوفييتي المعاكس .
وبسبب صدمه هتلر الناتجه من خسارته للجيش السادس في ستالينغراد فقد وافق على نصيحة الفيلد مارشال Erich von Manstein لاجراء انسحاب تكتيكي للقوات الالمانيه حول خاركوف من اجل ايقاع السوفييت في كمين
وبقتال عنيف قاده الفيلد مارشال Erich von Manstein فقد قامت القوات الالمانيه بقتال تراجعي من وسط خط الجبهه, اما السوفييت والذين كانوا يحاربون لاشهر لدفع الالمان للخلف فلم يميزوا انسحاب الالمان واندفعوا الى وسط القوات الالمانيه المنسحبه واقعين في فخ Manstein
جيش البانزر الرابع قام على الفور باغلاق الكمين على القوات السوفييتيه المندفعه ودمرها , حيث استولى على 615 دبابه سوفييتيه وعلى اكثر من 1000 مدفع من مختلف العيارات وفرق مدرعه وخياله .
النصر الالماني ادى الى ايقاف الهجوم السوفييتي المعاكس الشامل , وانتهى الحال الى ثبات الجبهات واستقرارها لعدة اشهر
عملية تأخير هجوم السوفييت المعاكس ادى الى توفير فرصه للالمان للقيام بهجوم معاكس ضخم على القوات السوفييتيه المتمركزه في جيب حول مدينة كورسك - كان حجم هذا الجيب يعادل مساحه بريطانيا وتتركز به مئات الالاف الجنود السوفييت - وكان هدف الالمان انه يمكن سحق هذه القوه السوفييتيه الضخمه بهجوم كاسح وضخم
توصل الالمان الى حقيقه ان تدمير الجيش الاحمر نهائيا بات خارج متناول اليد , ولكن كان الهدف هو ايقاف تقدمهم , قائد رئيس الاركان الجيش الالماني الكولونيل جنرال Kurt Zeitzler اقنع هتلر بقبول خطه الهجوم الالماني المعاكس على جيب كورسك والتي ستدعى ب Operation Citadel , حيث كانت الخطه تنص على بدأ الهجوم الالماني في ابريل 1943 كما كان يفضل Zeitzler حيث كان للهجوم الالماني افضل الفرص للنجاح في تلك الفتره لكن هتلر تراجع عن الموافقه !!
تردد هتلر كان بسبب خسارة الجيش الالماني في ستالينغراد مما جعله مترددا في الموافقه على اي هجوم اخر في الشرق , اضف الى ذلك انه كان مؤمنا ان الدبابه الالمانيه التي تم تطويرها حديثا the Panther ستقلب الموازين لصالح الفيرماخت الالماني .
الجنرال الالماني F. W. von Mellenthin كتب لاحقا في كتابه Panzar Battles بأن دبابات Panther كانت جديده جدا وقليلة جدا , وبالتالي لم تكن لتشكل ذالك الفارق , اضف الى ذلك لم يأخذ السوفييت الكثير من الوقت حتى يدركوا خطط الالمان المستقبليه
وحسب الجنرال F. W. von Mellenthin فان ردة فعل السوفييت لخطط الالمان كانت تماما كما توقع الالمان , حيث قاموا بتقويه وتحصين خطوطهم الدفاعيه في هذا القطاع وبنوا العديد من الخطوط الدفاعيه محولين النقاط التكتيكيه الى حصون صغيره , كما كانت المنطقه مزروعه تماما بالالغام حيث حول السوفييت جيب كورسك الى مايشبه قلعه فيردون ( في معركة فيردون في الحرب العالميه الاولى )
وكما اتضح لاحقا فان عدد دبابات Panther الالمانيه المشاركه كانت قليله جدا بحيث لم يكن لوجودها اي فارق على النتيجه
في النهايه وافق هتلر على شن الهجوم لكن بتاريخ جديد هو 4 يوليو ( يوم عيد الاستقلال الامريكي ! ) وكان هذا التاريخ بحسب الجنرال von Mellenthin هو تاريخ بدايه النهايه لالمانيا النازيه
قرار هتلر سيكون كارثي للجيش الالماني
السوفييت كان لديهم اكثر من 3 اشهر كامله للتحضير لتقويه مواقعهم الدفاعيه وانتظار الهجوم الالماني المرتقب , الجيش الالماني وبدون شك قاتل بضاروه منقطعه النظير وبحرفيه عاليه , ولكن من جهه اخرى كان السوفييت غير خائفين من الالمان بعد الان حيث انهم قد هزموا الالمان في معارك حربيه حاسمه وكان لديهم القدره العدديه والمعنويه لتقبل الخسائر الهائله اثناء استمرارهم بالقتال .
هتلر من الناحيه الاخرى فقد اعصابه اثناء احتدام صراع المعركه وكان قراره النهائي المميت
في 10 يوليو 1943 قام الجنرال الامريكي George S. Patton والبريطاني Bernard Montgomery بقياده قوات الحلفاء للانزال في جزيرة صقليه الايطاليه مهددين بذلك الجناح الجنوبي الالماني في اوروبا , ونتيجه لخشيه الالمان ان تتقدم قوات الحلفاء بسرعه من صقليه الى ايطاليا نحو المانيا , قرر هتلر ان يوقف الهجوم الالماني على جيب كورسك Operation Citadel مع سحب فيالق اس اس بانزر من تلك الجبهه واعادة نشرها في ايطاليا , كان قرارا غامضا !!
كان هنالك بالفعل مئات الالاف الجنود الالمان منتشرين في ايطاليا , وكان الحلفاء بحاجه الى سنوات للاندفاع نحو المانيا من الجنوبين عابرين الجبال في ايطاليا , سيحتاجون الى اشهر للتمركز في ايطاليا كما ان وجود فيلق مدرع واحد لن يغير من الوضع الاستراتيجي في ايطاليا
وفي منتصف القتال للحفاظ على حياتهم في الاتحاد السوفييتي فان سحب تلك الوحدات المحترفه كان يمثل مأزق لرئيس الاركان الالماني Zeitzler , لقد اندحر الالمان في المعركه وتم دفعهم الى الخلف
في محصله للخسائر ممن الطرفين في معركه كورسك فقد كانت المحصله لصالح المهاجمين الالمان , خسر الالمان 343 دبابه في حين كانت خسائر السوفييت مروعه فقد خسروا 177847 رجلا و 1600 عربه مدرعه و 460 طائره , ولكن السوفييت وبمعونه كبيره من الصناعه العسكريه الامريكيه استطاعوا ان يعوضوا هذه الخسائر في وقت قياسي خاصه الطائرات والدبابات
اما الالمان فأنه سيكون من المستحيل تقريبا تعويض ماخسروه من دبابات والاهم فقدان اطقم الدبابات المهره والذين لايمكن ابدا تعويض فقدانهم
هل كان بامكان الالمان ان يدمروا السوفييت بعدما اعادوا تنضيم صفوفهم ؟ الصراحه لن يكونوا قادرين لكنهم على الاقل كانوا سيضعون السوفييت في مأزق لوولا تردد ادولف هتلر في البدء بالهجوم حسب الخطه الاصليه مما ادى الى ان يقوم السوفييت بتقويه دفاعاتهم مما جعل من المستحيل تقريبا على الالمان تحقيق نصر حاسم
فقدان هتلر لاعصابه وايقاف المعركه اثناء التقدم وسحب جميع فيالق البانزر ادى الى خساره المعركه وخساره الحرب لاحقا
لم يقم الفيرماخت الالماني بعد معركه كورسك في صيف 1943 بأي هجوم رئيسي على الجبهه الشرقيه حتى نهايه الحرب في مايو 1945
اضغط هنا