كيف يواجه الطاقم نتائج ثقب دروع عربتهم المدرعة !!
من الناحية التاريخية فإن النيران والشظايا fragments كانت دائما السبب الرئيس لمعظم إصابات وجروح أفراد أطقم العربات المدرعة بعد إصابتها بقذيفة خارقة للدروع . مع ذلك فإن من المفيد القول أن تحسينات التصميم للعربات المدرعة والدبابات خفضت بشكل ملحوظ قابليات التهديد وحساسية الطاقم لأي هجوم . مثل هذه الإضافات شملت (1) بطانات لخمد وكبت الشظايا (2) فصل مقصورة الطاقم وعزلها عن الوقود والذخيرة مع توزيع هذه الأخيرة على مواقع متفرقة من هيكل العربة (3) كذلك الاستخدام الشامل للمواد ذات القابلية منخفضة الاشتعال والملابس الواقية من النيران (4) وأخيراً وليس آخراً الاستعانة بأنظمة آلية لإطفاء النيران automatic-fire suppression . وللمفارقة فقد تم نسبياً تخفيض تهديدات الإصابة بالحروق والشظايا ، ولكن في المقابل برزت أخطار الانفجار والعصف والتأثيرات المصاحبة الأخرى لعملية اختراق الدروع ، وهذه أكثر أهمية وخطورة كما يصنفها المختصين .
خلال حرب أكتوبر 1973 كان العديد من إصابات أطقم الدروع الإسرائيلية بداخل عرباتهم المدرعة ودبابات القتال التي تم اختراقها بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع ، والمزودة برؤوس حربية ذات شحنات مشكلة shaped-charge . معظم هؤلاء الأفراد عانوا من الفشل والقصور التنفسي (أرجعت لسبب استنشاق الدخان السام toxic-fume inhalation) والحروق السطحية الشاملة للكثير من مواضع الجسم . لذا كان الأمر محط اهتمام الكثيرين لتخفيض وتقليص معدل الإصابات البالستية في العربات المدرعة . قيادة البحث والتطوير التابعة للجيش الأمريكي USAMRDC على سبيل المثال أجرت في منتصف الثمانينات ، وبناء على طلب من الكونغرس الأمريكي دراسة معمقة عن تأثيرات الاختراق على العربات والدبابات القتالية ، وذلك بعد أن أثار بعض الأعضاء موضوع ضعف تدريع عربات القتال Bradley ، وأنه في حال اختراق دروع الألمنيوم لهذه العربة ، فإن تأثيرات الاختراق والانفجار ستتضاعف بشكل هائل (في ظل تكليف رسمي من الكونجرسِ ، جميع منظومات الأسلحة الأمريكية يجب أن تختبر ضد تهديدات الذخيرة المختلفة تحت ظروف التشغيل العملياتية والواقعية) تم وضع خراف وخنازير مخدرة داخل العربات محل الاختبار ، واستخدمت أسلحة مضادة للدروع من مختلف الأنواع والمنشأ ، مثل الأمريكية الكتفية LAW والسويدي Carl Gustav والروسي RPG، كما استخدمت صواريخ من نوع TOW وروسية من نوع Sagger ، أما الأهداف فكانت عربات مدرعة من نوع Bradley ونوع M113 ودبابات M60A3 وM1A1 Abrams . تقييم الإصابات جُعل بالنسبة للعديد من التأثيرات ، مثل الشظايا والدخان السام والنيران وموجة العصف . أما النتائج فقد طابقت نتائج دراسات واختبارات أخرى .
الاختراقات Perforations بشكلها العام خلف دروع الدبابة ، ترتبط بثمانية نتائج وتأثيرات متفاوتة المستوى ، هي : الشظايا ، الحرارة ، الوميض ، الأبخرة الضارة ، مادة النفاث المعدنية ، النيران الملتهبة ، الدخان ، الضغوط والعصف . وتتحدث أحدى الدراسات التي تناولت الفترة الزمنية من العام 1945-1973 ، عن 2-3 إصابات لكل طاقم دبابة تم اختراق مقصورتها compartment من قبل قذيفة ثاقبة ، 40% من هذه الإصابات كانت قاتلة . النسبة الباقية تعرضت للإصابات الأكثر شيوعاً بين أفراد الطاقم الذين بقوا على قيد الحياة ، منها 40% تعرضت للحروق ، ونسبة 50% تعرضت لكسور متفرقة . أكثر من 50% من الإصابات حدثت تحديداً لحظة الاختراق ، حيث تكون جروح هذه الإصابات ناتجة عن أجزاء التفتت والتجزؤ الخاصة بالمقذوف الخارق ، بالإضافة لشظايا صفائح التدريع الداخلية للهدف . في حين تسببت الإنفجارات الثانوية والنيران بما نسبته 20% من الإصابات (بشكل مثير للانتباه ، بيانات من الحرب العالمية الثانية تشير بأن عدد كبير من الإصابات حدث أيضاً أثناء محاولة الطاقم الهروب من الدبابة المصابة) .
بالنسبة للحروق ، أظهرت دراسات متأنية عن إصابات أطقم الدبابات في الحرب العالمية الثانية بالحروق بلغت نحو 40% ، وفي حرب فيتنام بلغت هذه 4.6% . أما خلال الحرب الإسرائيلية في لبنان عام 1982 فقد بلغت هذه نحو 26% من إصابات الأطقم الناجية . وفي حرب أكتوبر 1973 بلغت هذه النسبة 12.5% . وفي حرب جزر فوكلاند Falkland كانت النسبة 18% . وفي حرب الخليج وعمليات عاصفة الصحراء 1991 بلغت هذه 9% فقط . وتتفاوت حروق أفراد الأطقم من حيث مستوياتها ، بين حروق معتدلة من الدرجة الأولى وأخرى أكثر كثافة . في الحقيقة فإن دراستان كبيرتان ، واحدة بريطانية عن إصابات أفراد أطقم دبابات الحرب العالمية الثانية ، وأخرى إسرائيلية مشابهة عن حرب لبنان ، أظهرت بأن نحو ثلث إصابات هذه الأطقم عانت من حروق مختلفة المستويات . أما بالنسبة للمناطق المصابة والتشوهات الرئيسة ، فتتركز عادة ناحية الجلد المكشوف ، مثل الوجه والرقبة والسواعد واليدين . أما بالنسبة للضغوط الناتجة عن عصف وموجة الانفجار عالية الضغط المتحققة في الفضاء المحصور confined space داخل الهدف المدرع (تختلف النتائج كثيراً لو كان الانفجار في الفضاء المفتوح) ، فقد أظهرت الدراسات الطبية أن ما نسبته 31% من أطقم الدبابات التي تعرضت للإصابة ، أصيب أفرادها بجروح في الإذن ، بما في ذلك تمزق غشاء طبلة الإذن وما نتج عن ذلك من نزيف حاد ومدمي .
بالنسبة لتأثير الشحنات المشكلة Shaped charges خلف الدروع المثقوبة ، فهذه على خلاف التأثيرات التي تسببها قذائف الطاقة الحركية ، يمكنها أن تسبب عدة أنواع مميزة من الإصابات والجروح . وتأثير هذا النوع من الأسلحة على أنسجة الجسم body tissues معقد ومتشابك ، كونه مزيج من التأثيرات البالستية . والأمر في وصفه العام يتركز على محورين : الأول هو نفاث الشحنة charge jet المتكون من كتلة بطانة مسحوقة ومضغوطة لداخل الهدف المدرع . فبمجرد عبور ونفاذ هذه الكتلة من خلال الدروع ، فإنها تنتج عادة العناصر التالية : شظايا ، وميض لامع ، حرارة ، دخان ، عصف عالي الضغط . ويؤدي التمدد السريع للغازات وموجة الانفجار إلى فتح كوات hatches العربة المدرعة بعنوة وعنف ، أو قذف الأفراد الواقفين عليها خارج العربة . أي فرد من أفراد الطاقم يصادف وقوفه في طريق النفاث مرتفع الضغط ، سيتعرض لإصابات هائلة وكارثية catastrophic . وقد يتسبب النفاث في إشعال وقود الدبابة وذخيرتها والسائل الهيدروليكي .. المحور الثاني يتعلق بالشظايا spalls الناتجة عن تفتت الصفيحة الداخلية لألواح التدريع ، فليس كل إصابات الطاقم ناجمة عن النفاث شديد الضغط ، بل هناك جروح الشظايا التي يعزى مصدرها لسببين رئيسين ، أولهما حاوية المخروط الأمامي للرأس الحربي ، وثانيهما الشظايا المعدنية المتجزئة والصادرة عن ذات الهدف . بالنسبة للنوع الأول فإن شظاياه تكون عادة صغيرة الحجم منخفضة الطاقة ، وينحصر تأثيرهما على الأفراد الجالسين على جانبي العربة من الخارج ، وتقتصر الإصابات هنا على الشظايا وليس الحروق . النوع الآخر هو ما يسبب الجروح الأخطر ، فاختراق النفاث يولد أجزاء صغيرة غير منتظمة عالية الحرارة والتأثير ، بعضها على شكل زخة أو وابل من الرذاذ ، هذه تتسبب بحروق عميقة deep burns (الغبار والأجزاء الصغيرة تتعرض للاحتراق بعد تعرضها واتصالها بالهواء) ، كما أن بعضها يتسبب بجروح مباشرة للعين والوجه المكشوف . ويمكن لشظايا بحجم 2-3 مليمتر أن تتسبب بتمزيق مقلة العين eyeball ، وهذا ناتج لحقيقة أن العيون المفتوحة تتخذ ردة فعل بطيئة مقارنة بسرعة حركة الشظايا أو الانفجار (بشكل عام ، العين الإنسانية سترمش أو تطرف blink ضمن 0.25 ثانية عندما تكون مكشوفة إلى أي خطر طارئ) .
[size=24]
[/size]