حسمت روسيا عبر تطبيق تكتيك فعال ومجرب سابقا يمزج بين استعمال القوة أو التهديد باستعمالها والدبلوماسية في مساعدة الحكومة السورية ببسط سيطرتها على معظم محافظة درعا الواقعة جنوب غربي البلاد بالقرب من الحدود مع الأردن والجولان السوري المحتل.
والمنطقة التي بقيت خارج هذه التسوية في الوقت الراهن والتي يتوقع أن تكون ساحة المعركة الأخيرة في جنوبي سوريا، هي وادي اليرموك وعدد من القرى والبلدات القريبة من خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.
ويسيطر على هذه المنطقة فصيل مسلح يحمل اسم "جيش خالد بن الوليد" بايع ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية".
أُعلن عن تشكيل "جيش خالد بن الوليد" في مايو/أيار 2016 بعد اندماج ثلاث جماعات إسلامية ذات طابع سلفي في محافظة درعا جنوب غربي سوريا قرب مثلث الحدود السورية الأردنية الإسرائيلية.
وكبرى هذه الجماعات كان "لواء شهداء اليرموك" الذي ينتشر في منطقة وادي نهر اليرموك قرب الحدود مع الأردن وحركة "المثنى الإسلامية" و "جيش الجهاد".
وكان اللواء السباق إلى تأييد ما يسمى بــ "الدولة الاسلامية" منذ صيف 2014 واتضحت الأمور أكثر حتى تحول الأمر إلى المبايعة التامة بعد خوض اللواء معارك عديدة ضد جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا أواخر 2014، وبسط سيطرته الكاملة على منطقة وادي نهر اليرموك.
وقتل مؤسس اللواء أبو علي البريدي المعروف باسم "الخال" أواخر عام 2015 في ذروة الصراع مع جبهة النصرة.
وكلف زعيم "الدولة الإسلامية" أبو عمر البغدادي، السوري أبو هاشم الحموي بقيادة جيش خالد ابن الوليد عند الإعلان عن تشكيله، بينما تتحدث تقارير أخرى عن تولي أبو عثمان الشامي قيادة هذا التنظيم في الوقت الراهن.
تعرض الحموي للاغتيال في أكتوبر/تشرين الأول2016 وألقي القبض على عدد من قادة ومسؤولي التنظيم من بينهم أحد قدامى المحاربين في أفغانستان، أبو عبيدة قحطان، ونضال البريدي، شقيق مؤسس لواء شهداء اليرموك، وآخرين وحكمت محكمة تابعة للجماعة عليهم بالإعدام وجرى تنفيذ الحكم فيهم.
ويقدر عدد مقاتلي هذه الجماعة بحوالي ألفي مقاتل مدربين ومتمرسين في القتال، وأغلبهم من أبناء المنطقة. كما انتشرت أنباء مؤخرا عن انضمام عدد من المقاتلين الرافضين لمساعي المصالحة الروسية من الفصائل الأخرى لصفوف الجماعة.
وتعرضت مواقع الجماعة لغارات جوية أمريكية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وفي فبراير/شباط 2017 أدت إلى مقتل عدد من قادتها.
وشنت الجماعة هجوما واسعا على مواقع "الجيش الحر" في غربي محافظة درعا في مارس/آذار 2018 سقط خلاله نحو 170 من مقاتلي الحر و31 من عناصر جيش خالد ابن الوليد.
وسيطرت الجماعة على معظم بلدات حوض نهر اليرموك المجاور للحدود الأردنية إثر هجوم مباغت في فبراير/شباط الماضي، انتزعت من خلاله بلدات وتلالًا أبرزها بلدات سحم الجولان وتسيل وتل جموع.
كما يتمركز مقاتلو الجماعة في قريتي جملة وعابدين الحدوديتين القريبتين من مرتفعات الجولان الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.
كما يعيش في المنطقة التي تسيطر عليها الجماعة عشرات الآلاف من المدنيين بينهم عدد كبير من الذين فروا من المناطق الأخرى في سوريا ومؤخرا انضم إليهم آلاف الفارين بسبب المعارك الأخيرة في المحافظة.
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان هناك حوالي 30 ألف مدني يعيشون في منطقة وادي اليرموك وحدها ويمنعهم جيش خالد بن الوليد من مغادرتها.
وتبلغ مساحة الأراضي التي تسيطر عليها الجماعة نحو 250 كيلو مترا مربعاً من إجمالي مساحة محافظة درعا التي تبلغ حوالي 3 آلاف كم مربع.
وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين الذين يعيشون في المنطقة المنزوعة السلاح بين سوريا واسرائيل، والمجاورة لمنطقة سيطرة الجماعة بنحو 190 ألف شخص بينهم العديد من الفارين من منطقة حوض اليرموك بسبب خوفهم من معركة وشيكة بين الحكومة والجماعة.
وعلى صعيد طريقة إدارة المنطقة التي تسيطر عليها الجماعة، فهي لا تختلف عن ممارسات تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي كان يسيطر عليها، إذ شهدت مدن وبلدات المنطقة حالات إعدام وقطع أياد وحتى عمليات ذبح وقطع رؤوس ووضع المدخنين في أقفاص معدنية.
اضغط هنا