لقد أدى انتشار وسائل الإعلام الاجتماعي والهواتف الذكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى خلق قدر هائل من الوثائق المتاحة للجمهور حول النزاعات في المنطقة. سواء في شكل مقاطع فيديو أو صور و مقاطع من المعارك والاشتباكات إلى جرائم الحرب المحتملة,و يتم توثيق الكثير من هذه الاشياء بشكل روتيني وتحميلها إلى مواقع مختلفة مثل فيس بوك, تويتر ويوتيوب
لكن تعتبر هذه الصور ومقاطع الفيديو سيفًا ذا حدين على الصحفيين والمحللين وغيرهم من الباحثين المهتمين بهذه الصراعات
فمن ناحية يمكن أن تسمح الصور الاولية ومقاطع الفيديو بالكشف عن جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان
لكن من ناحية أخرى يمكن استخدام الصور ومقاطع الفيديو التي يتم نشرها لتضليل أو التلاعب بالمشاهدين لخلق استنتاجات خاطئة
على سبيل المثال ، تم نشر مقطع فيديو حول تعرض المعتقلين للتعذيب على تويتر ، حيث زعم الحساب أن مقطع الفيديو يصور القوات الموالية للحكومة السورية بتعذيب مدني في الغوطة الشرقية في سوريا وبما أن القوات المواليه للحكومة قامت بتعذيب السجناء في جميع أنحاء البلاد في عدة مناسبات فإن تصوير التعذيب من قبل القوات الموالية للحكومة أمراً معتاد
ومع ذلك ، وبعد نظرة أقرب يبدو أن بعض جوانب الفيديو تبدو غريبة نوعا ما وأولاً يبدو أن السجين والخاطفين كانوا يتواصلون باللغة الأوردية ، وهي لغة من جنوب آسيا لا يتم التحدث بها بشكل شائع في سوريا وإذا كان السجين سوريًا بالفعل فإنه لن يتكلم باللغة الأردية و باستخدام هذا الدليل ، اكتشف ضرار خطاب ، وهو صحفي يعمل مع تأكد وهي منظمة غير ربحية تتحقق من مقاطع الفيديو والصور من الصراع في سوريا – أن الفيديو لم يحدث في سوريا بالاضافة الى اكتشاف أن الفيديو نفسه قد تم تحميله عبر حوالي العام ربما من باكستان
مع وضع هذا السياق في الاعتبار ، يحتاج الصحفيون والمحللون والباحثون إلى إيجاد طرق للتحقق مما إذا كانت الصور او مقاطع الفيديو التي يشاهدونها مطابقة للعنوان والوصف المرفقين ولذلك تحتوي Bellingcat على قائمة شاملة من الأدلة والأدوات التي يمكن استخدامها للتحقق من المعلومات المفتوحة المصدر
سيغطي هذا الدليل على وجه التحديد كيف يمكن تحديد الجانب الذي ينتمي إليه المقاتل او المسلح في الصور أو مقاطع الفيديو من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط ، وهي خطوة أساسية للتحقق من صحة مقاطع الفيديو والصور من مناطق النزاع في المنطقة
الزي العسكري
يمكن للزي العسكري أن يقدم أدلة حول من هو المقاتل والمجموعة التي ينتمي إليها وعلى سبيل المثال ، غالباً ما تكون أنماط التمويه على الزي العسكري تابعة لبلد معين أو قوة عسكرية أو حتى مجموعة غير تابعة للدولة
في هذا المثال لمجموعة من القوات الموالية للحكومة في سوريا ، يرتدي المقاتل الموجود في أقصى اليمين بزة عسكرية لكن مع اختلاف التمويه عن بقية المقاتلين ويمكنك بسهولة التعرف على الزي الخاص به عن طريق الذهاب إلى موقع كاموبيديا وهي قاعدة بيانات مفتوحة المصدر عن أنماط التمويه في الزي العسكري في جميع أنحاء العالم. من خلال الاطلاع على قاعدة البيانات ، يمكنك أن ترى أن الزي العسكري للمقاتل يتطابق تقريبًا مع نمط اللباس العسكري للحرس الثوري الإيراني وهذا يمكن أن يشير إلى أن المقاتل لديه نوع من الانتماء أو صلة بقوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني
هذه المناورة العسكرية في جزيرة فيلكا في الكويت وهو جندي في القوات المسلحة التركية ويظهر التمويه الموجود في الزي العسكري التركي
بالإضافة إلى موقع كاموبيديا يمكن أن يكون فهرس أنماط التمويه الزي العسكري في العالم مصدرا مفيدا في تحديد الزي الرسمي لمقاتل ما لكن لا يتضمن الفهرس أمثلة مصورة. ومع ذلك قد يكون من المفيد تحديد أنماط تمويه غير مدرجة في موقع كاموبيديا ولكن من المهم أن نلاحظ أن زي وحده لا يكفي دائما لتحديد انتماء المقاتل لا سيما في ضوء انتشار ملابس وبزات عسكرية في السوق السوداء وغالبًا ما يلزم استخدام أدلة أخرى إلى جانب الزي الرسمي لتحديد انتماء المقاتل
اللصاقات القماشية والشارات
تعتبر الشارات العسكرية واللصاقات القماشية التي تشير إلى الانتساب إلى الرتبة أو الوحدة وسيلة مهمة للتحقق من هوية المقاتل أو تحديدها والخطوة الأولى الأكثر وضوحًا هي استخدام محرك البحث جوجل لأي كلمات أو عبارات موجودة على الشارة ويمكن غالباً تحديد الشارة بدون كتابة بالبحث من خلال الموسوعة الدولية للملصقات الموحدة ويمكن أيضًا أن تكون قائمة الرتب العسكرية في موقع ويكيبيديا مفيدة للغاية في تحديد الشارات العسكرية
تشير الشارة العسكرية على كتف هذا الضابط العراقي إلى أنه عميد
شارة الكتف التي لرتبة عميد في الجيش العراقي
استخدام هذه الطريقة ، كان من الممكن التحقق من أن الضابط العراقي أعلاه هو عميد في الجيش العراقي ولكن لسوء الحظ لا تتضمن ويكيبيديا أو الموسوعة العالمية للملصقات القماشية فهرس موحد للملصقات القماشية والشارات في الجماعات المسلحة الغير مرتبطة بالدولة مما يجعل التعرف على شارات المليشيات تحديا ً صعباً وعند استخدام الملصقات القماشية لتحديد هوية المقاتلين من الملاحظ أن القوات الخاصة العاملة في الشرق الأوسط غالباً ما ترتدي ملصقات قماشية للمجموعات التي تقاتل الى جانبها أو كمحاولة لإخفاء هويتها الحقيقية
أحد المقاتلين في سوريا يرتدي ما يبدو أنه لصاقة قماشية لحزب الله
على سبيل المثال ، لدى المقاتل في الصورة أعلاه ما يبدو أنه قطعة قماشية صفراء تحمل شعار حزب الله على زيه العسكري وفي نظرة أولية ، فإن هذا يوحي بأن المقاتل ينتمي إلى مليشيا حزب الله, ومع ذلك فإن هذا المقاتل هو في الواقع جندي في الجيش الروسي على أساس معداته العسكرية وزيه العسكري .و قد يكون ارتدائه للصاقة حزب الله محاولة لإخفاء انتمائه الحقيقي أو قد يكون محاولة لإظهار التضامن مع المنظمة التي تحارب روسيا الى جانبها في سوريا. يوضح هذا المثال كيف أن اللصاقات القماشية والشارات العسكرية ليست وحدها الطريقة المضمونة لتحديد انتماء المقاتلين في الشرق الأوسط
الأسلحة والمعدات
تحديد الأسلحة أو المعدات التي يستخدمها المقاتل يمكن أن يكشف الكثير عن انتماءاتهم. ومن الأرجح أن توجد أنظمة معينة من الأسلحة داخل بلد معين وبين القوات العسكرية لتلك الدولة. فالأسلحة الصغيرة – أي البنادق ، والمدافع الرشاشة ، والمسدسات – غالباً ما تحدد أكثر من مجرد ما ينتمي إليه المقاتل العسكري ، وفي بعض الأحيان تستطيع حتى تحديد الوحدة العسكرية التي يشكل الجندي جزءًا منها
مقاتل يحمل ما يبدو أنه بندقية قناص من طراز تابوك
صورة واضحة لبندقية قناص من طراز تابوك
على سبيل المثال ، في حين أن هذا المقاتل يفتقر إلى أي بزة أو شارة عسكرية قد تحدد المجموعة التي ينتمي إليه ، فهو يحمل بندقية قنص من طراز تابوك وهي بندقية عراقية من عيار ٧.٦٢ إلى ٣٩ ملليمتر ويشير هذا الدليل إلى أن المقاتل قد يكون في العراق وهو أمر تم تأكيده في وقت لاحق من خلال استخدام عمليات البحث العكسية عن الصور التي كشفت أنه مقاتل تابع لميليشيا عراقية
يستخدم المقاتل في هذه الصورة بندقية سياد ٥٥٦ ومما يشير إلى أن له صلة مع الجيش الإيراني
يشير وجود بندقية سياد ٥٥٦، وهي نسخة إيرانية من بندقية نورينكو س ق الصينية ، مع المقاتل كما نرى في التغريدة أعلاه إلى أن للمقاتل روابط مع إيران. لكن من المهم الانتباه أن استخدام الأسلحة الصغيرة لتحديد انتماء المقاتل ليست خطوة مضمونة ، خاصة بالنظر إلى انتشار الأسلحة الصغيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. فمن الناحية المثالية فإن العديد من الأدلة مثل الزي الرسمي أو الشارات العسكرية تحديد هوية الأسلحة الصغيرة ستؤكد انتماء المقاتل. ولتحديد الأسلحة الصغيرة يمكنك استخدام قاعدة بيانات موقع للبحث عن الأسلحة الصغيرة حسب العيار والنوع والموقع وغير ذلك
الاستنتاج
بشكل عام ، قد تختلف صعوبة تحديد أو التحقق من ارتباط المقاتلين في الشرق الأوسط. ففي بعض الأحيان ، يكون البحث العكسي البسيط عن الصورة كافياً لتحديد الجهة التي ينتمي إليها المقاتل. في أوقات أخرى يمكن أن تكون صعبة للغاية وقد تتطلب معرفة اللغات والثقافة ومهارات الابحاث مفتوحة المصدر بالاضافة الى تحديد الموقع الجغرافي وتحديد الأسلحة والمعدات وطرق أكثر من ذلك ولكن لا يتناول هذا الدليل سوى عدد قليل من الطرق التي يمكنك من خلالها التحقق من انتماء المقاتل. فبالنسبة للمبتدئين والمهتمين بالتحليل الرقمي، فإن تحديد الزي العسكري والشارات والأسلحة المستخدمة من قبل المقاتل يمكن أن يكشف في الغالب عن أي جانب من النزاع ينتمي اليه أو حتى يمكن ان يكشف عن المجموعة التي يعتبر المقاتل جزءًا منها
إن التحقق من الجانب الذي ينتمي إليه المقاتل يمكن أن يساعد الصحفيين وعناصر والباحثين في التعرف على مرتكبي جرائم الحرب. على سبيل المثال ، تم استخدامه للتعرف على نهب القوات العسكرية في سوريا وبالإضافة إلى ذلك ، يمكن استخدام التحقق من المقاتلين للتحقق من الأخبار التي قد تستند إلى معلومات غير دقيقة. بالنظر إلى الكم الهائل من المعلومات المضللة والمعلومات المضللة الموجودة على الإنترنت ، يعد التحقق الرقمي خطوة أساسية عند إجراء تحقيقات مفتوحة المصدر حول النزاعات في الشرق الأوسط
الكاتب : Rao Komar وهو محلل في الشؤون الامنيه للشرق الاوسط وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق
اضغط هنا