الطائرة المسيّرة أو الطائرة من دون طيار أو الزنّانة، هي طائرة تُوَجّه عن بعد، أو تُبرّمج مسبقًا لتسلك طريقًا محدّدًا، وتزوّد تجهيزات مناسبة لأداء مهماتها. ففي الحرب الالكترونية تزوّد أجهزة مراقبة ورصد وتشويش، وتوجيه صواريخ وطائرات، وتسجيل اتصالات وكاميرات تصوير. وحين تشارك في أعمال القصف تحمل قذائف وصواريخ موجهة وتطلقها. ويمكن أن تستعمل هذه الطائرة في مهمات خاصة كصاروخ موجه انتحاري، بحيث تُوجَّه لتنفجر على هدف حيوي يحتاج تدميره كمية كبيرة من المتفجرات.
صحيح أن الطائرات المسيّرة تستخدم للأغراض العسكرية كالمراقبة والهجوم، ولكن استخدامها في الأعمال المدنية، كمكافحة الحرائق ومراقبة خطوط الأنابيب شهد تزايدًا كبيرًا في الآونة الأخيرة. وهي تُستخدم في المهمات الصعبة والخطرة بالنسبة إلى الطائرة التقليدية التي يجب أن تتزود العديد من احتياجات الطيار، مثل المقصورة، وأدوات التحكم في الطائرة، والمتطلبات البيئية، مثل الضغط والأوكسيجين. وقد غيّرت هذه الطائرة طبيعة الحرب الجوية، بحيث أصبح المتحكم فيها غير معرّض لأي خطر حقيقي، لكونه غير موجود على متنها.
جرت التجارب الأولى على هذه الطائرة في بريطانيا في العام 1917 وتمّ تطويرها في العام 1924 كأهداف متحركة فوق روسيا.
عمليًا شكلت حرب فيتنام، أول استخدام للطائرات المسيّرة التي تولّت مراقبة عناصر عدوة أكثر من مهاجمتها. كما تمّ استخدامها في حرب أكتوبر 1973 من قبل اجتياح العدو الإسرائيلي ولكنها لم تؤدِ دورًا مهمًا، نظرا لامتلاك وحدات الدفاع الجوي المصري حينها منظومة صواريخ مضادة للطائرات (سام 3 و6 و7 الروسية الصنع). أمّا خلال اجتياح العدوّ الإسرائيلي للبنان في العام 1982 فكان دورها لافتًا في إسقاط أكثر مـن 80 طائـرة سوريـة فـوق سهـل البقـاع اللبنانـي.
الطائرات المسيّرة الروسية
تحتل القوات المسلحة الروسية الآن المركز الثاني في العالم في عدد الطائرات المسيّرة، وهي تستعمل في الاستطلاع وتحديد الأهداف وتصحيح رمايات المدفعية والضربات الجوية. وقد كان للأسطول الروسي المسيّر دور أساسي في تغيير مناورة القوات المسلحة على البر وفي البحر والجو.
وفق صحيفة «إزفيستيا» الروسية تمّ تجهيز جميع أساطيل القوة البحرية بأفواج من الطائرات المسيّرة، ليصل عددها حاليًا إلى أكثر من 2000 طائرة موزعة على عدة انواع خفيفة ومتوسطة: «Orlan-10»، «Eleron-3SV»، «Granat»، «Zastava» و«Forprost».
وتجدر الإشارة إلى أن أسطول الطائرات المسيّرة الروسي أقلّ عددًا من أسطول الولايات المتحدة، إلّا أنّ الخبراء الأجانب يعتقدون أن الطائرات المسيّرة الروسية، المزودة أجهزة الحرب الإلكترونية تتفوّق على الطائرات المماثلة لدى دول الناتو. ويرى الخبراء أن هذه الطائرات تحديدًا تشكل تهديدًا رئيسيًا للجيوش الغربية. ويبقى أمام روسيا اتخاذ خطوة واحدة في مجال تطوير الطائرات المسيرة وهي اعتماد طائرات مسيّرة ثقيلة.
الطائرات المسيّرة الأميركية
في إطار تفعيل مناورة الطائرة من دون طيار، ونظرًا إلى أهميتها في الميدان، اتخذت وزارة الدفاع الأميركية الإجراءات المناسبة لتطويرها، وكلّفت في العام 1997 شركة «لوكهيد مارتن تاكتيكال سيستم» بوضع مشاريع لمقاتلات مختلفة من دون طيار، يمكن إطلاقها من السفن والغواصات.
يتضمن مشروع التطوير الذي يُعمل عليه حاليًا، طائرات شبح صغيرة من دون طيار، تتميز بمواصفات قد تتفوق بها على القاذفات التكتيكية أو الاستراتيجية، ومنها: الإقلاع بسرعة، والهبوط عموديًا على حاملة طائرات أو على طرّادات أو مدمرات، مع إمكان التوصل إلى إطلاقها أو إقلاعها من تحت المياه من غواصة باليستية.
من أنواع الطائرات المسيّرة الأميركية:
Hunter ,Predator ,Grant -750 Prowler ,Exdrone Scorpion 60-100, Shadow 200 -600.
ماذا يحصل في سوريا؟
إنّ تداخل قطاع عمل الوحدات العسكرية الأميركية والروسية في سوريا والشرق الأوسط وطبيعة المناورات التي تنفّذها، يدفعنا إلى القول إنّ الطائرات المسيّرة تشارك في مواجهة خفية بين الطرفين، وهذا ما تدعمه عدة وقائع.
فمراكز تواجد القوات الروسية في سوريا لم تسلم من الاعتداءات، وأنظمة الدفاع الجوي في قاعدة حميميم أسقطت عدة طائرات مسيّرة كانت في طريقها نحو القاعدة لتنفيذ هجوم مباغت.
وقد تمّ الاعتداء على القاعدة نفسها في الثامن من كانون الثاني من العام 2018 وفي الرابع والعشرين من شهر نيسان الفائت. سبق ذلك قصف بالصواريخ من مناطق في محافظة إدلب في نهاية العام 2017، حينها اتهمت روسيا أفرادًا محلّيين بتنفيذ هذا الهجوم حسب ما سمتهم. يتكرر هذا المشهد، لكن من دون أن توجّه روسيا الاتهام رسميًا لحكومات أو دول تقدم هذه الطائرات للمجموعات الإرهابية المسلحة وتساعدهم في تسييرها عبر أنظمة التحكم الفضائي.
ويقول أندريه كوشكين الخبير في العلوم السياسية والشأن العسكري ورئيس قسم العلوم السياسية وعلم الاجتماع في جامعة بليخانوف الاقتصادية الروسية: «لقد أصبح لدينا خبرة في كشف الطرق والأساليب التي يستخدم فيها الإرهابيون الطائرات المسيّرة من دون طيار، وهم يحاولون تمويه ما يقومون به، ويتعاملون مع هذه الطائرات بشكل يظهر أن تصنيعها تمّ بشكل مستقل. في حقيقة الأمر هذه عمليات مخطط لها بدقة وبدعم من حكومات فعلية متطورة اقتصاديًا وتملك القدرة على التحكّم بمثل هذا النوع من الطائرات من خلال أنظمة «GPS»، بهدف تنفيذ عمليات عدائية ضد قواعدنا العسكرية في سوريا».
من جهة أخرى، وحسب شبكة «CNN» الأميركية، فإن روسيا شوشت على طائرات أميركية مسيّرة فوق الأجواء السورية، بهدف تعطيل وعرقلة غارات جوية أميركية على أهداف داخل سوريا، ومنها غارة كانت تستهدف مطار الشعيرات في محافظة حمص في نيسان 2017. وقد نشرت الشبكة معطيات عن قيام روسيا بالتشويش على تلك الطائرات المسيّرة قبل أسابيع من تلك الغارة.
ونقل تقرير للشبكة الاعلامية نفسها عن مسؤولين أميركيين أن التشويش الروسي على الطائرات المسيّرة قد أثر بشكل خطير على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة.
اضغط هنا