تمثيليات درامية مشينة .. خلال نقل جهاز اللاسلكى لمسكننا ... واليوزباشى كمال الصياد يصرخ فى الجيران .... !!!!
مـازال شقيقى عبد المنعم يتباهى بهذه الحادثة ، التى إمتلت بتسلسلات مسرحية درامية ، ......
والحمدلله ... كان الكل تمثيل فى تمثيل ... رغم الآهانة والسخافة !!!!!
.. ولكننا توصلنا فى النهاية ونجحنا فى قصدنا... من نقل جهاز اللاسلكى الضخم الى مسكننا لتخبئته فى ... "دولاب ملايس والدتى " رحمها الله
ولكن هذه قصة أخرى ..ز والآن
أرجو القارىء أن لا يضحك ، أو يستغرب .... !!!!!
شقيقى عبدالمنعم يعاتبنى ويصفعنى على وجهى كان شقيقاى محمد هادى وعبدالمنعم يقفان على شرفة بلكون منزلنا كما طلبت منهما سابقا ويستطلعان الشارع مننتظرين حضورى حيث أنهما لم يكن يعلمان عن كيفية حضورى مع جهاز اللاسلكى ولما شاهدا سيارة البوليس تقف أمام المنزل ونزولى منها اسرع شقيقى عبد المنعم فى النزول متلهفا لمقابلتى بينما قرر هادى البقاء لمراقبة مايحدث على طول الشارع للتصرف وإنذارنا مبكرا فى حالة جذبنا لأنتباه أى من داوريات العدو بينما تقدمنا اليوزباشى كمال الصياد فى صعود السلم ويذكر كمال الصياد (1) " .... وفى الحال أحضرت سيارة البوليس ونقلت الجهاز الى منزل ابوسلامة بشارع سعدزغلول وكان سائق السيارة المخبر الجراحى الجندى بالبوليس بقسم العرب من المجموعات ونقلنا الجهاز الى الدور الثالث حيث تسكن أسرة الشاعر وساعدنا فى ذلك عبدالمنعم الشاعر وشقيقه يحى...."
وقد أدى ثقل الجهاز الى أن يصدر عن السلم الخسبى أصواتا عالية ، جذبت أنتباه السكان ... خلال صعودنا سلم البناية حتى الدور الثالث ..
قرر كمال الصياد أن يتخذ إجراء حذرى ضد إستطلاع السكان وتخويفهم اذا فتح أى من الجيران أبواب سكنهم استطلاعا ولذا حضر معى لمصاحبتنى الى منزلنا فى السيارة وهو يرتدي رداءه الرسمى برتبته حتى تثير رؤيته الخوف ولقد أثبتت توقعاته صحتها فيما بعد
التقى بى شقيقى عبد المنعم على درجات سلم الدور الأول ورآنى أصعد درجات السلم حاملا لصندوق خشبى كبير بمساعدة المخبر الجراحى سائق السيارة وقد إنحنى ظهرنا تحت ثقل الصندوق الخشبى الثقيل الذى خبئت فيه جهاز اللاسلكى وكان يسبب أصوات كثيرة من تحت خطوات أقدامنا على درجات سلم المنزل الخشبية القديمة مما جعل أحد السكان فى الدور الأول يفتح باب مدخل مسكنه للأستطلاع مندهشا عندما حاول أحدى الجيران الساكنين التسلط وفتحوا الباب ولما شاهد كمال ماحدث صرخ فيهم قائلا (1) " إقفلى الباب يابنت ال....." وأمرهم بإغلاق باب المسكن
وفى هذه اللحظة ماكاد شقيقى عبد المنعم يشاهدنى أحمل الصندوق الثقيل مح المخبر "الجراحى" وينتبه الى فتح الجار المذكور لباب مسكنه حتى قام شقيقى عبد المنعم فجأة فى مدار مسرحية درامية وصفعنى على وجهى موجها الى الشتيمة .... !!!! .... صارخا بصوت عال يسمعه السكان ، بأننى "سرقت شيئا من مخلفات الجيش ، ولا بد التخلص منها فورا ... الخ ... الخ .... هادفا بهذه الصفعة ....ابعاد أنتباه الجيران .. عنى ... !!!! ..... وحصل .... !!!!
وكانت تلك تمثيلية درامية " حيث أن المعروف عن شقيقى عبدالمنعم هوايته للتمثيل وأنه يعشق التمثيل .. وخاصة الدرامى المفاجئ..... !!! وما زال شقيقى عبدالمنعم يتباهى بيفتخر بهذه الحادثة حتى اليوم وبعد مرور حوالى خمسون عاما
شعرت بالغضب الشديد ..... فقد كنت أتوقع من شقيقى أن يساعدنا فى حمل الصندوق بدلا من أن يقوم بتمثيليته الهاتفة المشينة ويصفعنى على وجهى.......!!!!
وظهر غضبى على سمات وجهى لهذه الأهانة ... فليس له الحق أن يصفعنى .... ..ولم يحدث أن صفعنى والدى رحمه الله ، حتى مماته عام 1955
... فكيف له ... وبأى حق ... وماذا يعتقد من هو فى نفسه ....فهذا غرور وقاة أدب واضحة ؟؟؟؟ ... إنه أكبر سبعة سنوات فقط وليس ولى أمرى ... ولا يحق لأنسان صفعى على وجهى مهما يكن هذا الشخص ...
شاهد اليوزباشى كمال الصياد ما حدث .. لاحظ اليوزباشى كمال الصياد ما يحيم فى صدرى لهذه المفاجأة المهينة ، كما لاحظه ايضا المخبر الجراحى الذى كان يرافقه "سواق سيارة البوليس التى نقلت الجهاز " ويساعدنى فى حمل الصندوق الثقيل.
...فنظر كمال الصياد الى عيونى مياشرة وأعتذرا لى وأشار ، بما يعنى ... معلهش ... إمسحها فيي ...يا يحى .... أصـــبر ...." وأبديا تأسفهما عما حدث من إهانة شقيقى .... !!!!
وقد دون كمال الصياد ماحدث وقتها كالتالى "...ولما كان سلم المنزل من الخشب القديم وثقل الجهاز كان يصدر من تحت أقدامنا أصولت كثيرة ففتح السكان أبوابهم ورأونا ونحن نحمل الجهاز (الصندوق الخشبى الكبير) الى أعلى وعلى الفور قام عبدالمنعم بصفع شقيقه الصغير يحي باقلام وقال له أمام السكان كيف تحضر هذه الأشياء من الأنجليز إنزل مع ضابط البوليس الذى هو أنا للقسم لتسليمها فنزلنا ونحن نحمل الصندوق الذى كان به الجهاز وهو خاليا ومثلنا أنه مملوء وصرنا نسمع الشكر من السكان لتوصيل هذه الأشياء الى القسم ، وفعلا أعدنا الصندوق الفارغ الى حجرتى لقسم العرب وخلعت ردائى الرسمى ولبست جلباب مثل الصيادين وعدنا الى منزل الشاعر......" (1)
......
.....
واصلت الصعود الى مسكننا ....
وأصبح الموقف يستدعى سرعة التحرك وفى الواقع واصلنا صعودنا السلم وقررنا أفراغ الصندوق ومواصلة لعبة دورنا فى التمثيلية التى بدأها شقيقى فما كدنا نصل الى شقة مسكننا وندخله حتى أغلق كمال الصياد الباب خلفنا وهرول الى مساعدتنا فى حمل الصندوق وأشترك معنا الملازم فرج محمد فرج وشقيقى محمد هادى فى مواصلة حمل الصندوق الى داخل غرفة نوم والدتى بناء على توجيهى " وبدت الدهشة على وجهه لحث وإلحاح اليوزباشى كمال الصياد على الإسراع فى تفرغة الصندوق الخشبى"
كانت والدتى تتقدمنا حتى دخلنا غرفتها أما عبد المنعم فقد فضل البقاء خارج باب الشقة للحظة حتى يتأكد من عدم تتبع أى شخص أو أى من الجيران لنا ...!!! .... وأفضى كمال الصياد فى أذن شقيقى محمد هادى بشىء ما ... هامسا ... فأقبل رحمه الله ومسح على ظهرى قائلا بصوت منخفض "...... معلهش ... الظروف صعبة قوى علينا كلنا .... والأنجليز بره فى كل مكان ... ســامحه ... "
كان لا بد من الاسراع بتفرغة الصندوق الخشبى وحمله بشكل يوحى للسكان أنه مازال مليئا بما كان فيه فسارع فرج بفتح الصندوق وبدأنا بمساعدة شقيقى محمد هادى رحمه الله نخرج من الصندوق الخشبى أجزاء جهاز اللاسلكى المتعددة التى كانت لا تزال ملفوفة فى الورق ووضعناهم على المنضدة الموجودة فى الغرفة دون محاولة فك اللفات وأنتهينا من أفراغ الصندوق بسرعة ... وتوجهت مع المخبر ...... وأبعدنا الصندوق ....لمغادرة مسكننا ونحن نحمله خاليا من قطع الجهاز ونزلنا متظاهرين بثقله ورافقنا اليوزباشى كمال الصياد فى رداءه الرسمى وهيبته ... "ضابط بوليس" ... شــرطة ... !!!
توالت التمثيلية بعدما غادرنا مسكننا ، كان لابد من تكملة تلك التمثيلية التى بدأنا بها ونزلنا درجات السلم بشكل تمثيلى بطىء وتظاهرنا بأنه مازال مملوءا بحمولته بحجة توصيله ومحتوياته من الأشياء .... وسمعنا اصوات الشكر من السكان .... وواصل شقيقى الصريخ باضرورة القاء طكل مأ أحضرته ... ووالى تمثيليته ... "وحافظ على عدم الأقتراب منى ... فقد وجه كمال الصياد اللوم اليه وحذره .... !!!! بالبقاء فى حدوده .... !!!!
نانصل الى باب مدخل البناية ، تحت البواكى حتى توقفنا لحظة للتأكد من عدم تواجد أى داورية جنود انجليزية بالقرب من مدخل المنزل خوفا من تمكنهم من مراقبة الوضع والتشكك فيما نعمل ، ... ثم تصرفنا بشكل سريع فحملنا الصندوق الى السيارة وتركت كمال الصياد والشرطى الجراحي يسوق السيارة بالصندوق بعيدا عن المنزل ويدون كمال الصياد "..فعلا أعدنا الصندوق الفارغ الى حجرتى لقسم العرب وخلعت ردائي الرسمى ولبست جلباب مثل الصيادين وعدنا إلى منزل الشاعر ..."(1)
رجعت وصعدت الى مسكننا لتقديم المساعدة فيما يود كما عرفنى الملازم فرج وشقيقى محمد هادى ، الذى كان عنده معرفة بالأجهزة اللاسلكية الميدانية "كضابط إحتياط" ...
...
............
....
سأتوقف هنا عن سردى كيف خبئنا الجهاز فى دولاب ملابس والدتى ..... فمن الأفضل أن أسرد ذلك فى رسالة خـــاصة ... "
حتى يتبين القارىء ضخامة الجهاز وصوره ومواصفاته ،اوجه النظر الى المقال التالى حيث أنشر تفاصيل الجهاز وصوره
د. يحى الشاعر
مقتطف من سطور كتابى
" الوجه الآخر للميدالية، حرب السويس 1956 ،
أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد"
بقلم يحى الشاعر
الطـبعة الثـانية 2006
طبعة موسعة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى ISBN 977 – 08 – 1245 - 5