البريطانيون يقتلون كونستابل ألمرور "لطفى قامش" شهيد البوليس .(جزء أول) ..!!!!
الساعة الحادية عشر قبل ظهر يوم الاربـعاء 28 نـوفمبر
.... أصدر محافظ بورسعيد "وقتها" الأستاذ محمد رياض ... أوامره للمخابز ومحلات البقالة بأن يفتحوا أبوابهم للجمهور ...، وبعد حوالى اسبوعين ، قررت المحافظة التسهيل على الشعب فأمرت بتوزيع كوبونات ألكيروسين "الجاز" على أللأهالى حتى يتمكنون من الطبخ ... فقد إشتعلت فى الرسوة خزانات شركة "كالتكس" للكيروسين، وأصبح إمداد المدينة به صعبا ....
وتقرر توزيع ألكوبونات قبل ألظهر حوالى الساعة الثانية عشر لأخذ جاز الكيروسين (البترول) من عربة فنطاس تبيعه للمواطنين فورا ... فقامت ألمحافظة توقفت أمام مكتب إدارة ألمرور بشارع صفية زغلول ، ألمجاور لمركز جنود بلوكات ألنظام والمستشفى الأميرى (830) فى... تجمع عدد كبير من ألأهالى للحصول على الكوبونات ، وبالتالى "الكيروسين" ،....
... فقد بدأوا يطبخون وجباتهم ، بعدما كانت أنفسهم قد حجمت عن أكل اللحوم ، .... نتيجة لرائحة الجثث المتعفنة فى الشوارع التى عمت على هواء المدينة فى الأسابيع الماضية ...، أو التى كان بعضا قد إحترق فى المنازل التى أهدمتها غاراتهم الجوية .....
في حوالي الساعة 12 ظهراً كانت داورية إنجليزية تمر بشارع فريال (الجيش) مصادفة ورأت تجمع ألأهالى فظنوا بحدوث مالايودون لآحد من جنودهم، وكانت هجماتنا ضد دلورياتهم المترجلة قد ازدادت فى الأيام الأخيرة بشكل اقلقهم وبث الخوف فى نفوسهم "وهجوم الدراجات والقنابل اليدوية ....." على داورياتهم الراكبة .... !!!!
.... لآ .... سأنتظر ... دى قصة تـــانية ....مش دلوقت ...
البريطانيون يقتلون كونستابل ألمرور "لطفى قامش" شهيد البوليس .(جزء أول) ..!!!!
توجهت الداورية الى التزاحم شاهرين سلاحهم تهديدآ ضد ألأهالى ألمتجمعين وماكادت تصل أمام المبنى، حتى شاهدت على الأرض جملة مكتوبة بالبوية البيضاء .... " أيدن ، جبان ومجرم " كان أفراد المقاومة السرية السلبية قد كتبوها على سطح الشارع بحروف بيضاء كبيرة
....أمسك الجنود بأحد المواطنين الواقفون فى الزحمة أمام المبنى للحصول على إحدى كابونات الجاز وحاولوا ارغامه على ازالة ما كتب ضد رئيس وزارتهم على ارض الشارع
..... رفض المواطن الآبى الأستطاعة لآوامر الجندى البريطانى وابى ووجه اليهم من الشتائم مالم تود أذنهم أن تسمعه، ليس فقط " ..... فــــــا ..... يـــو " الشهيرة ، بل زاد على ذلك ، بأنهم محتلون جبناء مثل رئيس وزارتهم وبدأ صراخ بينهم وبينه ........
..... حاولوا جذبه بالعنف والقبض عليه ، مما جمع المواطنون حولهم وزاد فى حدة الموقف والصراخ من كل جانب
وفى هذه اللحظة تصادف مرور كونستابل ألمرور "لـطـفى قـامـش" يمر بموتوسيكله أمام مكتب ألمرور وشاهد ألموقف ألخطر، وتجمع الأهالى حول جنود الداورية البريطانية وشهرهم للسلاح تجاه المواطنين فنزل عن ألموتوسيكل
توجه كونستابل ألمرور "لـطـفى قـامـش" مترجلا الى تجمعات الأهالى.... للأستطلاع واتخاذ ما يلزم لتفادى تطور الموقف الى الحدة ولم يكن "لطفى قامش" قد شاهد قبلها ماحدث بين المواطن وجندى الداورية البريطانية
كان تشابه لطفى قامش باللواء عبدالحكيم عامر كبيرا، لدرجة أن العديد من أصدقاؤه كانوا يطلقون عليه اسم "عامر الثانى" وكان يتمتع بشخصية قوية محبوبة ، وسمو أخلاق ... ياسلام ... إبن حلال قــوى ... وكان مشهورا عنه الهدوء والعدل فى معاملة الناس مما أكسبه حب وتقدير المواطنون فى المدينة
..........
..............
... توجه قامش مترجلا الى جمع المواطنين ليحثهم على الهدوء .... ولما شاهد عربة فنطاس الكيروسين، أعتقد بأن الموضوع يتعلق بألإنتظام وأن الجنود البر يطانيون كانوا يحاولون تنظيم المواطنين فى صفوف منتظمة
واراد الكونستابل" لطفى قامش" تنظيم الأهالي في طابور وراء عربية فنطاس الجاز ، أمام مبنىأدارة المرور بشارع صفية زغلول بمواجهة جامع فاروق علشان يأخدوا الكوبون ، ويشتروا علىطول
...لما شاهد أحد جنود الداورية إقتراب "لطفى قامش" فى رداءه الرسمى الحلو ... كان منظره قيمة قوى ..
.....
....
بدأ الجندى البريطانى يجذب المواطن المصرى من رقبته لناحيته بشكل أقوى ...
شهد المواطنون ما يحدث أمامهم ، وبدأ يصرخون بالأحتجاج وإزداد ارتفاع الصراخ من الجانبين، بالعربى والأللغة الأنجليزية ...
...... فتقدم لطفى قامش الى المواطنين متجاهلا وجود الجنود البريطانيين ودون الألتفات اليهم وطلب من الأهالى الأنتظام فى صف، حتى يتمكن من حل الموقف،وطلب منهم أن لا يخشون .. "متأتخافوش ... أنا معــاكم ... ولا حايحصل لكم حاجة ... طــــول ماأنا معاكم وإحنا منتظمين ... يألله يامحمد ... خش يامصطفى .. إتعدلى يا أمأ ... والنبى ياحاج أقف فى الصف الله يرضى عليك ....
.... وأكد لهم أن البريطانيين لن يتمكنون من القبض على المواطن .... "أهو هنـا بقى ... العزة ... الكــرامة ... وماننساش ..العظمة والتـحـــدى .... !!!
بدأ المواطنون ينصعون له وتنطاع لكلام "قامش " الله يرحمه ...
.....
........
وتجاوب المواطنون الى طلب قامش دون تردد وبدأو ينتظمون بشكل كان فيه التعبير بالتحدى واظهارا للبريطانيين بقبولهم للسلطة المصرية وأفرادها ، فقد اتى اليهم الكونستابل لطفى قامش ممثلا لسلطة الدولة والحكم ومنقذا لموقف حساس كانوا غير مستعدون له مسبقا قد يؤدى الى التصادم والجرحى والخسائر فى الأرواح
.....
.........
وفى كل هدوء تقدم قامش الى الجندى البريطانى الذى ما كان لا يزال يمسك بزمام المواطن البورسعيدى بينما شهر زملاؤه السلاح موجها للأهالى وطلب من الجندى اطلاق سراح المواطن وتركه فى سلام ، بل مد ذراعه وأمسك بقبضة الجندى البريطانى وحاول جذبها بعيدا عن رقبة المواطن البورسعيدى
.....
.........
فوجىء الجندى البريطانى بما فعله كونستابل مصري فترك زمام المواطن بشكل عفوى، وارتفع تصفيق الناس المحيطين بقامش وبدأوا الهتافات "الله أكبر ، تحيا مصر عاش جمال عبد الناصر" ،
.....
.........
وتدارك الجندى البريطانى بأنه قد هزم فى معركة تحدى شخصى فكيف يقوم كونستابل مصرى بتنظيم وقوف الناس في طوابير ويملى عليه ارادته وكان يهم الإنجليز وقتها أن تسود الفوضي لكى يتصرفون كما يودون ويتدخلوا ويفرضوا علينا أوامرهم .... خصوصاً أن زملائه جعلوا المدينة فريسة للسلب والنهب
.....
.........
خزانات الجمرك ... محلات الصياد ... محلات تجار السياحة ... محل سيمون أرزت ..، شارع صفية زغلول ، محلات القماش والتذكارات السياحية ... البارات واللى فبها من قزايز .... العربيات الجديدة ... والقديمة ... كل شارع "فـاروق" نهبوه ، ولا خزانات تجار المساجيرى ...حتى أوتوبيسات الجزار ... لطشوها وسرقوهــا ... إعتبروا كله "غنيمة حرب ... المنتصر على المهزوم ...
بس ، ماكانوش وسخين زى جنود الفرقة الأجنبى الفرنساويين فى بورفؤاد
.....
.........
فجأة أمسك الجندى البريطانى بذراع "قــامش" واشار له الى سطح الشارع حيث توجد عبارة السب فى ايدن، وصرخ فيه بأن ينزل على ركبه ليقوم بإزالة ما كتب،.....
هام على امواطنين المتجمعين الصمت وتوقفوا للحظة عن الصريخ والزعيق والقت بنظرها الى لطفى قامش، كونستابل المرور ... المصــرى الأبى ... ..........!!!!!!
.....
.........
....... وفجأة ... وبدون إنذار مسبق ....هـــوى"قــامش" بقبضة يده ضاربابها يد الجندى البريطانى التى أمسكت بساعده ، فهوى ذراع الجندى الى جانبه، بينما كان لا يزال يمسك بذراعه الشمال مدفعه الرشاش ،......
ارتفع تصفيق الناس المحيطين بقامش وبدأوا الهتافات بصوت أعلى ...كلهم ... بدأت السيدات تزغرد ... الهتاف ... الشتيمة ... التصفيق ... "الله أكبر ، تحيا مصر عاش جمال عبد الناصر" ،
كان موقف يقف له الشعر ....
.....
د. يحى الشاعر
مقتطف من سطور كتابى
" الوجه الآخر للميدالية، حرب السويس 1956 ،
أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد"
بقلم يحى الشاعر
الطـبعة الثـانية 2006 ، طبعة موسعة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى isbn 977 – 08 – 1245 - 5
[/B]