توجيه الإنذار البريطانى الفرنسى لصالح إسرائيل



فوجىء العالم فى الساعة السابعة تماما من مساء يوم 30 اكتوبر 1956 بالبلاغ المشترك الذى أصدرته حكومتا انجلترا وفرنسا ومطالبه وتهديداته ولم يحظى موضوع الأنذار الأنجلوفرنسى بالتحليل الكافى خلال الخمسون سنة الماضية رغم أهميته لجميع ما تلاه من تطورات على المسرحين الوطنى والدولى ، كما لم يوفى حقه فى الدراسة المتعمقة رغم أن فهم عواقبه سوف يؤدى الى تفهم سبب قرارات عبدالناصر العسكرية التاكيكية بوقف عبور القوات الأساسية المدرعة الى سيناء ، والأوامر الى القوات الموجودة فيها بالتراجع غير المنظم الى ضفة القناة الغربية من أجل تكتيل القوى الشعبية استعدادا لحرب الفدائيين وتأمين خلفية وأرض مناورة لسلاحى المدفعية وللقوات المدرعة فى عمق صحراء وأرياف محافظتى الشرقية والأسماعياية، وبناء على ذلك، فقد سببت نتائجه وتصرفات عبدالناصر أرباكا شديدا لضباط الأركان وخططهم لغزو مصر كما بينت فى حينه

ولابد من التنويه بأسماء مسؤلي الوزارتين البريطانية والفرنسية وقتئذ ، كان أنتونى ايدن رئيس وزراء انجلترا وكان سلوين لويد وزير الخارجية بريطانيا بينما كان رئيس وزراء فرنسا جى موليه وكان كريستيان بينو وزير خارجية فرنسا

استدعى سير إيفون كيرك باتريك السكرتير الدائم فى وزارة الخارجية البريطانية و م بينو الفرنسى فى وقت واحد تمام الساعة السادسة والربع مساء اليوم 31 أكتوبر 1956 بتوقيت القاهرة ( الرابعة والربع بتوقيت جرينيتش) السفيران المصريان فى كل من لندن وتم تسليمهما إنذارا مشترك موجها من كل من فرنسا وبريطانيا إلى كل من مصر واسرائيل وباريس وكان سفير المصرى فى لندن وقتئذ ، " سامى ابوالفتوح" فى لندن بينما كان السفير " كمال عبدالنبى" السفير المصرى فى باريس

وتسلم القائم بالأعمال فى السفارة الاسرئيلية نفس الانذار بعد عشر دقائق من تسليمه للسفير المصرى وأعطت الدولتين مصر واسرائيل مهلة 12 ساعة (اثنتىعشرة) لقبوله وجاء فى انذارهما الشهير الساذج " ... أن الحرب القائمة بين مصر واسرائيل من شأنها أن تعطل حرية الملاحة فى قناة السويس ولذلك وحتى تقف الحرب فورا ولكى تستمر حرية الملاحة طلبت الحكومتان البريطانية والفرنسية مايلى:

1- إيقاف العمليات الحربية فى الأرض والبحر والجو

• 2 - حدد موعد إيقاف النار الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 31 أكتوبر

• 3 - أن تتراجع كل من القوتين المتحاربتين وتنسحب القوات العسكرية إلى مسافة عشرة أميال من قناة السويس (خمسة عشر كيلومترا)

• 4 - تقبل مصر احتلال القوات البريطانية والفرنسية للمواقع الرئيسية فى بورسعيد
والاسماعيلية والسويس

• 5 - تقبل مصر وجود قوات انجليزية وفرنسية في بورسعيد والاسماعيلية والسويس لحماية الملاحة فى القناة

• 6 - ترد وتجيب الدولتان على هذه المطالب فى مدى 12 ساعة فى موعد أقصاه الساعة السادسة والنصف من صباح الثلاثاء 31 أكتوبر 1956

• 7 - اذا انقضى هذا الأجل ولم تنفذ إحدى الدولتين أو كلتاهما هذه المطالب فإن القوات المسلحة لكل من بريطانيا وفرنسا ستتدخلان بالقدر وبأى قوة يرونها ضرورية لضمان الامتثال لهذا التبليغ ا ...."

ولضمان عدم اسجابة مصر لطلبهما

- وجه هذا الانذار فى وقت كانت الملاحة فيه منتظمة فى القناة لا يعوقها عائق

- حدث أيضا الأنذارووجه الى مصر فى الوقت الذى كانت القوات المصرية المنتصرة ترد العدوان والجيش الاسرائيلى على أعقابه

أولا :معنى وفوائد الانذار لآسرائيل

• تقدم قواتها ناحية الغرب من موقعها بصدر الحيطان نحو خمسين كيلومترا دون قتال حتى مشارف الضفة الشرقية القناة على بعد 15 كيلومترا

• عدم تخليها عن حدودها الغربية

• عدم انسحابها لمسافة 15 كيلومترا خلف حدودها الغربية حقا

• احتلال شبه جزيرة سيناء ومدنها كلهادون قتال أو خسائر بما يشمل غزة ورفح والعريش

• السيطرة الكاملة والتوغل والتقدم إلى فالانذار يسمح لها دون قتال

• قتال من موقعها بصدر الحيطان نحو خمسين كيلومترا أخرى صوب القناة

• تقدم القوات الاسرائيلية, حتى مشارف مدن بورفؤاد المواجهة لبورسعيد وبورتوفيق المواجهة للسويس والقنطرة الشرقية

• وضع السفن المصرية فى مدى المدافع الثقيلة والطائرات المقاتلة الاسرائيلية


ثانيا : معنى الانذار بالنسبة لمصر

• تتخلى الدولة المصرية المستقلة عن جزء من سيادتها على أراضيها لبريطانيا وفرنسا واسرائيل حتى موعد إيقاف النار الساعة السادسة والنصف صباح يوم 31 أكتوبر

• قبول الانذار تعنى تخلى مصر عن فوائد عمق مناورات عسكرى تكتيكي بما فى ذلك العمق الصحراوى فى محافظة الشرقية والدلتا

• كان أيضا يعنى تخلى عن سيادتها على منطقة القناة بأكملها

• تقدم قوات اسرائيل دون معارضة أو قتال أخرى صوب القناة

• تراجع القوات المصرية خلال ساعات سبعين كيلومترا كاملة للخلف دون مقاومة

• أنسحاب القوات المصرية حتى تصبح على بعد 15 كيلومترا خلف الضفة الغربية لقناة السويس

• تتخلى مصر عن كافة أراضيها فى شبه جزيرة سيناء بأكملها

• تتخلى مصر عن قناة السويس ومجرى الملاحة بكامله وجميع مدن منطقة القناة

• تخلى مصر عن مناطق شاسعة وتسليمها لأسرائيل ثمنا لتواطئها والمساهمة فى لعبة الحقد

• تخلى مصر عن سيادتها على العريش وكافة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة

• تخلى مصر عن مسؤليتها أمام القضية الفلسطينية بالتخلى قطاع غزة ورفح والقرى الفلسطينية

• تتخلى مصر عن جميع مدن القناة الرئيسية والموانىء ببورسعيد وبورفؤاد والاسماعيلية والسويس وبورتوفيق

• تتخلى مصر بالاضافة إلى ذلك عن كافة المدن والقرى الصغيرة مثل القنطرة الشرقية والقنطرة الغربية

• تتخلى مصر عن الاعماق السكنية والأرياف علاوة على ذلك

• تتخلى مصر عن جميع المطارات والقواعد العسكرية فى منطقة قنال السويس وخاصة قواعد فايد وقاعدة هاكستيب الانجليزية الضخمة وبعض المطارات السرية

• تتخلى مصر عن جميع الحقول والأرياف والمزارع الواقعة على الضفة الغربية للقناة

• مبادلة جبال ومضايق وأهضاب وصحراء شبه جزيرة سيناء برمال صحراء الشرقية مما سيؤدى إلى كشف وحدات القوات المسلحة للضرب الجوى من جميع الاتجاهات وبالتإلى تحطيم القوات المسلحة الأساسية بكاملها وخلق مذبحة لجنود الجيش المصرى بشكل محتم

• الخطورة الجغرافية الاستراتيجية نتيجة لقبول هذا الانذار والتى تكمن فى السيطرة على الجزر المصرية الموجودة فى خليج العقبة والسيطرة على مدينة شرم الشيخ على رأس شبه جزيرة سيناء

• والسيطرة على جميع حقول البترول المصرية الجديدة التى تتواجد على الشاطىء الشرقى لخليج السويس،

• وبذلك يتمكنون من السيطرة على منطقة المضايق التى تعتبر من أهم المضايق الاستراتيجية الحربية القيمة فى شبه جزيرة سيناء

• تتخلى مصر عن كافة القواعد والمخازن العسكرية والمطارات والمعدات الموجودة في منطقة القناة بكافتها والتى كانت مصر قد حصلت عليهم نتيجة لاتفاقية الجلاء سنة 1954

• وتمكين بريطانيا وفرنسا واسرائيل التواجد بمواجهة منطقة فايد ومعسكراتها ومخازنها المعبأة بالمعدات الحربية البريطانية الجديدة والتى تركها البريطانيون هناك تبعا لاتفاقية الجلاء لاستعمالها فى المستقبل اذا حدثت مشاكل عالمية

1. تتميز مطارات قاعدة الدفرسوار بأفضل وأطول المهابط الجوية فى منطقة الشرق الأوسط بأجمعها ومخازنها تحت الأرض المعبأة حتى السقف بالمعدات الحربية المتقدمة والعربات المدرعة والدبابات ومخازن البترول والذخيرة المختلفة
......
......
......




د. يحى الشاعر