كان اسقاط الطائره F-117 الامريكيه الشبحيه في يوغسلافيا ( السابقه ) شيئا مثيرا للاحراج , حيث ظهرت كبرهان على ان المقاتلات الشبحيه والتي يفترض ان تكون غير مرئيه للرادارات تم اسقاطها بسهوله بواسطه منظومه دفاع جوي صاروخيه قديمه من العهد السوفييتي
في الساعه 8 من مساء 27 مارس 1999 حلقت مقاتله غريبه الشكل مصبوغه باللون الاسود في سماء صربيا , كانت الطائره الهجوميه F-117 Nighthawk المميزه ذات السرعه الاقل من الصوت هي اول طائره شبحيه عامله في الخدمه في العالم , كانت هذه الطائره تحمل الرمز الكودي Vega-31 للتعارف بالراديو
قبلها بثواني كانت هذه الطائره قد اطلقت صاروخين موجهين بالليزر على اهداف قرب العاصمه اليوغسلافيه ( بلغراد ) , كان طيار هذه الطائره هو اللفتنانت كولونيل Dale Zelko والذي كان يمتلك خبره قتاليه في حرب الخليج 1991
قبلها وفي 21 فبراير 1991 نشرت الولايات المتحده قرابه 12 طائره F-117 Nighthawk في قاعدة Aviano في ايطاليا للمشاركه في عمليات الناتو ضد بلغراد لاجبارها على سحب قواتها من كوسفو بعد ان بدأ الرئيس اليوغسلافي Slobodan Milosevic حملة تطهير عرقي وحشيه ضد مواطني كوسفو المنحدرين بمعظمهم من البانيا
الجيش الوطني اليوغسلافي كان يملك خليط من منظومات S-75 و S-125 للدفاع الجوي يرجع تاريخ صنعها الى خمسينيات وستينيات القرن العشرين كما امتلك بعضا من منظومات 2K12 Kub الذاتيه الحركه الاحدث بالاضافه الى مقاتلات اعتراضيه نوع Mig-29 ثنائيه المحرك وكانت هذه التشكيله تمثل خطرا معتدلا لمقاتلات حلف الناتو مما يجبرها بالعاده على التحليق بارتفاعات اعلى بالاضافه الى ضروره وجود مرافقه من طائره تشويش الكتروني مثل EA-6B Prowler
على كل حال , في تلك الليله المشؤومه لم يتم تحليق طائرات التشويش الالكتروني EA-6B Prowler بسبب سوء الاوضاع الجويه وبالتالي تم ارسال طائره F-117 Nighthawk المكوبه مع 3 طائرات من نفس الطراز لوحدهم
بعد ان اطلق اللفتنانت كولونيل Zelko صواريخه لمح نقطتين مضيئتين تندفعان الى اعلى من بين السحب خلفه وتحلقان بسرعه تصل الى 3.5 ضعف سرعه الصوت , كانت هذه صواريخ V-601M الموجهه راداريا والتي على مايبدو تم اطلاقها من منصه رباعيه تابعه لمنظومه الدفاع الجوي S-125M Neva اليوغسلافيه
هذه الصواريخ التي يبلغ طولها 6 امتار مجهزه بمحرك ذي مرحلتين يعمل بالوقود الصلب وتحمل رأسا حربيا بزنة 154 باوند
احد هذه الصواريخ وصل قريبا الى طائره Zelko ذات الرمز Vega-31 وانفجر بقربها مخلفا 4500 قطعه معدنيه اصابت الطائره الامريكيه
فقد Zelko السيطره على الطائره التي انقلبت وهوت بسرعه الى الارض مخلفه ضغطا ارضيا هائلا g-force جعلت الطيار قادرا بالكاد على اطلاق مقعده القاذف وهاربا من الطائره المنكوبه
كيف اسقطت هذه المنظومه القديمه طائره الشبح الامريكيه ؟
مشغل منظومه الدفاع الجوي اليوغسلافيه التي اسقطت الطائره الامريكيه كان الكولونيل الصربي Zoltan Dani من كتيبة الدفاع الجوي 250
كان الكولونيل Zoltan Dani قائدا كفوءا وقد درس سابقا التكتيكات الغربيه الخاصه باخماد الدفاعات الجويه حيث كان يعيد نشر بطائرات كتيبته نوع S-125M Neva بشكل متكرر لتجنب رصدها من قبل العدو ( على عكس النشر المستكن لمنظومات الدفاع الجوي العراقيه والسوريه في الشرق الاوسط والتي كان مصيرها كارثيا في عدة مناسبات )
كانت اوامر الكولونيل Zoltan Dani لأطقم كتيبته بأن لايستمر تشغيل رادارات التهديف الخاصه بالبطاريه لاكثر من 20 ثانيه فقط ومن ثم يصار الى اطفاء هذه الرادارات واعاده الانتشار حتى لو لم يتم اطلاق النار
منظومه S-125M Neva لايمكن اعتبارها منظومه دفاع جوي متحركه لكن الكولونيل Zoltan ووحدته تدربوا على اعاده انتشار بطاريات كتيبتهم خلال 90 دقيقه فقط ( الوقت القياسي للانتشار ببطاريه S-125M Neva هو 150 دقيقه ) وتم تحقيق هذا الانجاز من خلال تقسيم منصات الاطلاق في البطريه الى قسمين مع الاستعانه بهياكل خادعه لمنظومات سام ووضع كمائن لرادارات تهديف مأخوذه من مقاتلات Mig قديمه من اجل حرف الصواريخ المضاده للاشعاع والتي كان يطلقها حلف الناتو
كتيبه Zoltan لم تفقد اي بطريه دفاع جوي طيله الحرب رغم انها استهدفت لوحدها بمالايقل عن 23 صاروخ HARM اطلقه الناتو عليه
لاحظ الكولونيل Zoltan ان رادار الرصد البعيد المدى P-18 والذي كان يسميه حلف الناتو بأسم Spoon Rest-D كان قادرا على رصد طائره الشبح الامريكيه في مدى 15 ميلا اذا ماتم تشغيله على التردد الادنى ( والذي لم تكن منظومات التحذير من الرادارات المعاديه التابعه للناتو قادره على رصده )
انذاك ادعى الكولونيل Zoltan انه قاك بتحوير منظومه رادار P-18 لكنه اعترف لاحقا ان هذا الادعاء لم يكن الا دعايه كاذبه
عموما رادار الرصد ذي التردد الضئيل كان غير دقيق ولم يكن قادرا على تحقيق الاقفال الخاص بالتهديف , لكن حلف الناتو كان قد وضع جدولا لتحليق قاذفاته الشبحيه ضمن توقيت روتيني يمكن رصده
والادهى فان الرب استطاعوا كسر شفره اتصالات الناتو التصنت على الاتصالات بين المقاتلات الامريكيه وطائرات الرادارات المحموله التي توجههم !! مما سمح للكولونيل Zoltan بأن يضع تصورا دقيقا حول طلعات قاذفات الشبح الامريكيه
قرر الصرب ان يعملوا كمين لقاذفات الشبح الامريكيه بواسطه نشر بطاريات S-125 بزوايا اطلاق جيده , وكان الكمين سيستهدف هذه الطائرات وهي في طريق عودتها الى قواعدها في ايطاليا
الاستراتيجيه التي اتبعا الصرب هو مسح السماء بواسطه رادار الاستطلاع P-18 مع ابقاء رادارات التهديف مقفله
عندما رصد رادار ال P-18 الاستطلاعي بعيد المدى طائره ال F-117 المنكوبه ومعها 3 طائرات F-117 اخرى , ومن ثم تم فتح رادار التهديف ل 20 ثانيه لكنه لم يكن قادر على رصد اي هدف !!
يدعي الكولونيل Zoltan انه عرف بواسطه جواسيس في ايطاليا بان طائرات Prowler الامريكيه ( طائرات التشويش ) لم تحلق في السماء في تلك الليله لذا قرر ان يجرب حظه مره اخرى وقام بتشغيل رادارات التهديف لمره اخرى بدلا من اعادة الانتشار ولكن ايضا بدون نتيجه !
ثم قرر التجربه لمرة ثالثه , وفي هذه المره نجح رادار التهديف لبطاريه S-125M Neva بالاقفال على طائره F-117 المنكوبه على بعد 8 اميال فقط
ويدعي الكولونيل Zoltan ان الفرصه سنحت عندما فتحت ال F-117 ابواب حجره الذخيره لاطلاق صواريخها مما ادى الى زياده مقطعها الراداري وبالتالي امكن رصدها
بعد ان سقط اللفتنانت كولونيل Zelko بمقعده القاذف من الطائره الهاويه اختبا في قناه للبزل وهرب بالكاد من الوقوع في الاسر بيد الجنود الصرب والذين كانوا على بعد 100 متر عن مكانه , في الليه التاليه تم انقاذه بواسطه فريق انقاذ خاص على متن مروحيه MH-60G Pave Hawk للعمليات الخاصه
لاحقا في تلك الحرب ادعت كتيبه Zoltan انها اسقطت مقاتله F-16 امريكيه يوم 2 مايو 1999 كما ان قاذفه شبح اخرى نوع F-117 اصيبت بصاروخ يوم 30 ابريل 1999 لكنها استطاعت العوده لقواعدها
الطائره الامريكيه المنكوبه سقطت قرب قريه Budanovci الصربيه ولايزال جزء من حطام هذه الطائره معروض في متحف الطيران في بلغراد
ويقال ان مكونات من هذه الطائه تم ارساله لروسيا والصين لدراسه شبحيه هذه الطائره
ولايزال الكولونيل Zoltan محتفظ بالاطار المصنوع من التيتانيوم والخاص بالمحرك كذكرى
لاحقا التقى الطيار الامريكي Zelko والضابط الصربي Zoltan في العام 2011 ومن ثم اصبحوا اصدقاء
الضابط الصربي Zoltan بعد تقاعده عمل خبازا في قريته
.