ذهلت القيادة العسكرية الألمانية في أيلول/سبتمبر 1916 على وقع خبر استخدام البريطانيين لسلاح جديد حمل اسم الدبابة على ساحات المعارك. ولمجابهة خطر هذا التفوق العسكري البريطاني، أقدم الألمان على تطوير عدد من الأسلحة الجديدة حققوا من خلالها نجاحاً محدوداً في وقف تقدم الدبابات البريطانية.
في البداية، اتجه الألمان نحو إنتاج رصاص قادر على اختراق الدروع حمل اسم Spitzgeschoss mit Kern، عرف برصاص K عيار 7.92 ملم ذي الرصاصة المقلوبة، الذي من الممكن إطلاقه من بندقية ماوزر (Mauser) عادية، إضافة إلى قدرته على اختراق دروع الدبابات البريطانية من مسافة 100 متر.
لكن مع ظهور دبابات (Mark IV) البريطانية على ساحات القتال في يونيو/حزيران 1917، فقدت الرصاصات الألمانية فاعليتها، حيث لجأ المهندسون البريطانيون إلى زيادة سمك دروع دباباتهم.
وبناء على ذلك، عرفت الرصاصات الألمانية فشلاً ذريعاً خلال معركتي ميسينز (Battle of Messines) وكامبري (Battle of Cambrai).
وأمام هذا التطور الذي بلغته العربات القتالية البريطانية، لجأ الألمان للاعتماد على قطع المدفعية لمواجهة الدبابات. ولم توفر المدافع الألمانية الحماية الكافية للجنود أمام الدبابات، حيث كان من الصعب على الألمان استخدام المدافع على جميع الجبهات، خاصة خلال حرب الخنادق.
ومع حلول تشرين الأول/أكتوبر 1917، اتجهت القيادة العسكرية نحو تطوير سلاح جديد يعتمد أساساً على رصاص ذي عيار كبير قادر على اختراق الدروع وبندقية ملائمة لهذا الشأن.
وخلال هذه الفترة من الحرب، عانت ألمانيا من نقص حاد في الموارد. ولتسريع عملية إنتاج هذا السلاح الجديد القادر على مجابهة الدبابات البريطانية، لم تتردد القيادة العسكرية الألمانية في توفير نسبة موارد لهذا المشروع معادلة للموارد المتاحة لبرامج تطوير الغواصات.
واتجهت السلطات الألمانية نحو مؤسسة ماوزر لتطوير هذا السلاح. وعقب ظهور الرصاصة الجديدة المضادة للدروع، والتي بلغ طولها 92 ملم وعيارها 13.2 ملم، عملت ماوزر على إدخال تحويرات على البندقية من نوع Gewehr 98 لتكون ملائمة لهذا النوع من الرصاص ذي الحجم الكبير.
كذلك أضيفت إلى هذه البندقية المخصصة لفرق المشاة ماسورة أطول وأكبر حجماً قادرة على تحمل رصاصة عيار 13.2 ملم، إضافة إلى مقبض خلفي ومثبتين. وهكذا ظهرت للعالم أول بندقية مضادة للدبابات حملت اسم البندقية المضادة للدبابات نموذج 1918 (Tankgewehr M1918).
وكانت هذه البندقية الجديدة قادرة على إطلاق رصاصة واحدة، حيث اضطر الجندي إلى إعادة شحنها عقب كل طلقة.
كما بلغ وزن بندقية Tankgewehr M1918 حوالي 18 كلغ، ما أجبر الجندي الألماني على استخدامها وهو في وضعية انبطاح أو انطلاقاً من موقعه بالخنادق. وبلغ مدى رصاص البندقية الألمانية المضادة للدبابات قرابة 500 متر.
ومنذ بداية إنتاجها في كانون الثاني/يناير 1918 وإلى حدود نهاية الحرب العالمية الأولى، تمكنت ألمانيا من صنع ما يقارب 15800 نسخة من هذه البندقية.
وعلى الرغم من نجاحها على ساحات المعارك واختراقها لدروع الدبابات البريطانية، عانت هذه البندقية من بعض النواقص، ففي حال استخدامها بشكل خاطئ قد يتعرض الجندي إلى كسور حادة على مستوى كتفه. كما لم يكن مستخدمها قادراً على إطلاق العديد من الرصاصات بشكل متتال، فبسبب الرجة التي تحدثها يصاب بدوار شديد عقب إطلاقه لحوالي 3 رصاصات.
.