الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
أقرّت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، بأنّ جيش المُشاة في الكيان ليس مُستعّدًا وليس جاهزًا لخوض الحرب القادمة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ والاستخبارات العسكريّة والحرب التكنولوجيّة، لن تكون قادرةً على حماية كيان الاحتلال من الصواريخ التي سيتّم إطلاقها إلى العمق الإسرائيليّ، إنْ كان في الشمال، من قبل حزب الله، وإنْ كان في الجنوب، من قبل المُقاومة بقطاع غزّة.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّه في نهاية فترة ولايته، ادعى مُفوَّض شكاوى الجنود، الجنرال يتسحاق بريك، أنّ القوات البريّة لم تكُن جاهزةً للحرب، فيما أشارت لجنةً أمنيّةً أخرى أيضًا إلى سلسلةٍ من العيوب المُهمّة التي يجب تصحيحها، وأوصت بزيادةٍ كبيرةٍ في الميزانية لتعزيز القوات البريّة، مُضيفةً أنّ أحد الأسئلة المشار إليها في تقرير بريك هي القدرة على المناورة في عمق أراضي العدوّ، والتي يجب أنْ يقررها الجيش وفقًا لإستراتيجيته، وفي ضوء ذلك، يجب إعطاء أولوية عالية للقدرة على المناورة على أرض الواقع في الخطة المتعددة السنوات القادمة، والتي تعدها المؤسسة الأمنيّة.
ولفتت إلى أنّ اللجنة، التي عيّنها القائد العّام السابِق للجيش، غادي آيزنكوط، أشارت إلى ثغراتٍ كبيرةٍ في استعداد القوات البريّة في جوانب معينّةٍ، ومن بين النتائج: وجود فجوة في استيعاب نظام القيادة والسيطرة في الكتائب الاحتياطية، وجود فجوة في نظام التعبئة اللوجستية، وهو ما ينعكس في نقص كبير في الشاحنات لنقل الذخيرة والإمدادات وتنقل المركبات المُدرعّة، الإمداد البطيء للدبابات وناقلات الجنود المُدرعّة والمُتقدمّة، والحاجة إلى زيادة التسلح في مناطق معينّةٍ، وفجوات التوظيف في الوحدات القتاليّة، والجيش النظاميّ وواجب الاحتياط، والفجوة المُعينّة في استدعاء جنود الاحتياط، وبيئة التدريب التي لا تُحاكي بعض السيناريوهات القتاليّة.
وقال رئيس اللجنة، الجنرال (احتياط) آفي مزراحي، إنّه بعد نجاح القبة الحديدية، اعتُبر أنّها قادرة على وقف الصواريخ، وهو مفهوم خاطئ، لأنّه يستثني المُناورة البريّة، مُشدّدًا على أنّه من المُستحيل حسم الحرب في لبنان دون مناورةٍ بريّةٍ، وبناءً على الثغرات الموجودة في الفحص والحاجة إلى مزيد من التعزيز، أوصت اللجنة بتعزيز القوات البريّة بزيادة ميزانيةٍ كبيرةٍ، أيْ 2 مليار دولار سنويًا، لمُدّة خمسة أعوامٍ.
وتابعت الدراسة: كان مسار عمل إسرائيل الواضح خلال العقدين الماضيين هو تجنّب، قدر الإمكان، تشغيل مناورةٍ عميقةٍ، لأنّها ستُؤدّي لخسائر فادحةٍ، والبقاء لفترةٍ طويلةٍ داخل أراضي العدوّ، من أجل تعزيز منجزات الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد يقين من أنّ المناورة ستُحقِّق الأهداف طويلة الأجل، وهذه الاعتبارات والقيود المفروضة على الميزانية، والتي أثرّت بشكلٍ أساسيٍّ على ملائمة وحدات الاحتياط للمناورة، دفعت على مرّ السنين موقع قوة المناورة، وجعلت من الصعب على المستوى السياسيّ أنْ يقرر استخدامها، فعلى سبيل المثال، في 16 شباط (فبراير) 2019، أشار الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى خطاب الجنرالات الإسرائيليين: إنّهم يُؤمنون بقدرتنا على دخول الجليل، ولا يُؤمنون بقدرة الجيش دخول جنوب لبنان، على حدّ تعبيره.
وأوضحت الدراسة أيضًا أنّ المناورة هي قدرة أساسيّة مطلوبة لتنفيذ إستراتيجيّة الجيش، ويبدو أنّها شرطًا ضروريًا لاستعداد الجيش الإسرائيليّ لحربٍ كبيرةٍ. ومع ذلك، لم يتّم ذكر القدرة على المناورة صراحةً في قائمة القضايا الرئيسية في مفهوم الدفاع لعام 2030، والتي قدّمها نتنياهو في آب (أغسطس) 2018، على الرغم من أنّه يدعو إلى زيادةٍ كبيرةٍ في ميزانية الدفاع.
ولفتت الدراسة إلى أنّ هناك مناورة بريّةٍ في الجيش، لكنّ النقاش يدور حول ما إذا كان الأمر يتعلّق بالقوّة والاستعداد الكافيين لتنفيذ إستراتيجيّة الجيش الإسرائيليّ، والأهداف التي حدّدّها المستوى السياسيّ، مؤكّدةً أنّه يجب تحديد هذا الأمر في حوار بين المستوى السياسيّ والعسكريّ.
وأردفت: يبدو أنّه في المستقبل أيضًا، من الأفضل تجنّب المناورة العميقة عندما يُمكِن تحقيق الأهداف بوسائل أخرى، ولكن الحفاظ على القدرة على المناورة الحاسمة وتطويرها هو رصيد استراتيجيّ قد يكون مطلوبًا من أجل وقف إطلاق الصواريخ أوْ تحقيق شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، لذلك، يجب إعطاء أولويّةٍ عاليّةٍ لتعزيز القدرة على المناورة البريّة في الخطة المتعدّدّة السنوات، والتي تعدها المؤسسة الأمنيّة.
واختتمت الدراسة قائلةً: ستبدأ الحكومة الإسرائيليّة المُقبلة مدتها عندما تكون القرارات مطلوبة بشأن اتجاه الجيش لزيادة القوات العسكريّة على مدى السنوات الخمس المقبلة، والتي سيكون من الضروري تحديد مدى الموارد التي سيتّم تخصيصها لقدرات المناورة البريّة، في ضوء الجهود الأخرى لتعزيز البنية التحتية للدفاع الصاروخيّ، والجهد للحفاظ على وتطوير سلاح الجوّ، والجهد للحفاظ على تفوّق الاستخبارات والحرب الالكترونيّة، كما أكّدت الدراسة.
https://www.raialyoum.com/index.php/%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%A3%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D9%91-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%91-%D9%88%D8%A7/