في البداية نود ان نُعرف أن صاروخ C-802 هو صاروخ جو-سطح
وسطح-سطح تكتيكي ومصمم للتعامل مع السفن وحاملات الطائرات والغواصات الطافية
وهو يتميز بتصميم تقليدي وبسيط الى حد كبير مع اداء عالي خدمة تشغيلية عالية .
ويتكون الصاروخ من تصميم بسيط (ولكن فعال) كما اسلفنا ففي مقدمة الصاروخ
يتموضع الباحث الراداراي النشط من ثم الرأس الحربي ومن ثم وحدة الطيار الآلي
ووحدة التوجيه الذاتي INS ويليها قسم خزان الوقود ومنفذ الهواء للمحرك ومن
ثم المحرك وقسم التوجيه الذي يتمثل بذيل صليبي الشكل للتحكم بالصاروخ .
ويعد تطوراََ من سلسلة ناجحة من صواريخ "سيلكوورم" الشهيرة (والتي هي
مستنسخة من صواريخ P-15 "تيرمت" السوفيتية) مروراََ بصواريخ C-601
و YJ-4 وانتقاءاََ من دروس الحروب المضادة للسفن فشرعت الأكادمية
الثالثة لشركة العلوم والطيران الصينية "CASIC" بتصميم صاروخ "ثنائي
المرحلة" يلبي متطلبات الحروب الحديثة حيث تأثر التصميم بالصواريخ المنافسة
امثال "أكزوست" الفرنسي و "هاربون" ألامريكي وتم تصميمه ليكون على شكل
حاوية انبوبية مزودة بأجنحة قابلة للطي في الوسط وظيفتها اداء الأستقرار في
مرحلة التحليق وأجنحة صليبية الشكل في خلف الصاروخ تؤدي مهام التوجيه
وتعديل مسار الصاروخ ويتم الحفاض على الاستقرار والحفاض على المسار من
خلال وحدة IRU جيرسكوبية متموضعة في منتصف الصاروخ للمحافضة على مسار
الصاروخ في مرحلة ماقبل تفعيل الباحث .
كما شرعت الأكدايمية بتزويده بمحرك تربوجيت صيني من نوع CTJ-2 يتم
تغذيته بوقود الكيروسين المستند على البارافين من خلال خزان في وسط الصاروخ
وركزت الشركة كذلك على تزويد الصاروخ بتقنيات حديثة وعملية مثل المعالجات
الدقيقة المتكاملة والدوائر الرقمية ، قام الصينيون بمراعاة القدرة التدميرية
للصاروخ عبر تزويده برأس حربي متفجر يزن 190 كغ وأستنساخ الرأس
الحربي لصاروخ "كوموران" ألالماني المضاد للسفن حيث يعتمد الرأس الحربي
على تصميم explosively formed penetrator أو (EFP) حيث أن
الرأس الحربي يخترق جانب السفينة مستغلاََ الطاقة الحركية التي ولدها الصاروخ
المُسرع ، من ثم ينفجر داخل السفينة مولداََ شظايا خارقة للدروع والتي تخترق
بدورها جوانب وقاع السفينة لأغراقها .
* ألرأس الحربي لصاروخ C-802 وتظهر نتوئات EFP المتشظية
أما الجزء ألاكثر اهمية فهو الباحث الراداري النشط الذي تم اضافته وهو اكثر جزء مهم
سنتناوله لاحقاََ ..
ومواصفات الصاروخ هي كالآتي : البصمة الرادارية للصاروخ تقدر بين 0.5 الى 1 متر
مربع والسرعة 0.9 ماخ (1050 كم/س) ، المدى 120 كم أو أكثر بقليل ، مع تكلفة
انتاج منخفضة بالنسبة للصاروخ الواحد حيث يكلف أنتاج الصاروخ 80.000$
وتسويقه بسعر 230.000$ للصاروخ هو مايعادل أقل من ربع تكلفة معظم الصواريخ
من نفس الفئة التي تسوقها الدول ألاخرى , وهو مايشجع صانعيه والمتعاقدين عليهِ
على إقتناء المزيد واللعب على دور الكثرة مقابل القوة .. وهنا قد يتسائل بعض القراء ,
مالذي يجعل هذا الصاروخ فعال الى هذه الدرجة بينما هنالك صواريخ من نفس الفئة
واكثر فعالية ولكن لاتحصد ذلك الاحترام والمتعاقدين ؟
- سنجيب على هذا السوآل بعد ان نستعرض قصته مع الايرانيين لكي تتضح الصورة .
بعد حرب الخليج الثانية ، شاهدت ايران جارها العراق (والذي خرج من حربها معه
بقوة عسكرية يفوق قوتها) وهو يُدمر على أياد حلف شمال الاطلسي وشاهدت عجز
المنظومة العسكرية العراقية رغم فعاليتها امام ضربات التحالف ، هُنا ادرك الايرانيون
انهم إذ ماوقفوا مكتوفي الأيدي فسيكون مصيرهم اسوأ من مصير جارهم ..
ومباشرة باشر ألايرانيون بالبحث عن موردين .. ووجدوا من الصينيين ومشروعهم
لصواريخ YJ-83 المضادة للسفن (الذي كان مشروعاََ في بدايته) فرصة ذهبية
لأقتناصها ، فوقعوا عبر عقود مع متعاقدين ثانويين (سماسرة وتجار سلاح صينيين
إن صح التعبير) واستلمت ايران مامجموعُه 60 صاروخاََ مع منصات الاطلاق بعد
ان وقعت العقد في العام 1995 وكانت ايران اول متعاقد على هذا الصاروخ
وبنسخة تصديرية ذات اداء منخفض (وأدعاءات من الايرانيين انها بمدى 30 كم فقط)
، أكتشفت المخابرات ألامريكية تلك العقود وتحت ضغط أمريكي اوقفت الصين جميع
ألايرادات وتحول ألايرانيين الى استخدام الهندسة العكسية ، وبمطلع العام 2000
دخلت ايران خط تعاون مشترك مع خبراء من كوريا الشمالية وشركة CASIC
الصينية وشملت التطويرات زيادة مدى الصاروخ الى 130 كم ومن ثم
170 كم عبر زيادة الوقود ،
المحرك TRI-60
تغيير المحرك بأستبدال القديم بمحرك من نوع "طوع-4" والذي هو نسخة ايرانية
من المحرك الفرنسي TRI 60 وهو محرك تربو جيت مُعزز ألاداء وأكثر
موثوقية وأكثر اقتصادية ويعمل على صواريخ "أكزوست" ، أستبدال الباحث
الراداري بأضافة باحث من طراز DM-3B وهو باحث ملمتري ذو نبضة
احادية Monopulse وينتج داخل وكالة الفضاء الايرانية IAI محلياََ وقد زاد
الباحث قدرات الصاروخ بشكل كبير ، كما اضاف الايرانيون انظمة توجيه جديدة
ونظام طيار الي رقمي ونظام ملاحة دقيق في النسخ ألاحدث .
بعد ان تناولنا النسخة ألايرانية نعود الى القدرات لنتناول النسخة الايرانية تحديداََ
لكونها منتشرة بشكل مكثف على سواحل الخليج ، ينطلق هذا الصاروخ من منصات
تحمل 3 صواريخ ومن مجموع 2-4 منصات ، هذا يعني القدرة على أطلاق 6-12
صاروخ على سفينة بأزاحة كبيرة أو على أكثر من سفينة في نفس الوقت ، هذه
الصواريخ من الممكن أن تُطلق بالتعاقب خلال ثواني ومن بعد ألاطلاق تصل هذه
الصواريخ إلى هدفها بعد 5 دقائق فقط ..
وتطير على ارتفاع 3-5 متر فوق سطح الماء بشكل مُتلاصق بتشكيل مُتعدد ولا
يعمل الباحث إلا في المراحل النهائية وهو مايجعل عملية الرصد صعبة للغاية
وعند تفعيل الباحث تبدأ مرحلة حرجة في التعامل معه فهو من نوع باحث النبضة
الأحادية Monopulse وهذا النوع يقفل بشكل آلي على أي مصدر تشويش
Home-on-jam فبمجرد القيام بعملية تشويش ينتقل الصاروخ الى وضع البحث
عن مصدر التشويش والتوجه إليه ، كما تشير بعض التقارير الحكومية أن الصينيين
اضافوا بذكاء انواع متعددة ومتنوعة من طرق التعرف على التشويش والتعامل معه
، ومن بين هذه الطرق أنواع متعددة تشمل أولها :
- الخفة الترددية Frequency Agility عبر التنقل بشكل لحظي بين الترددات الملمترية
لتجنب أكتشاف الباحث .
- الضغط الخطي للنبضة Linear FM Pulse Compression لزيادة عامل
مقاومة التشويش والحفاض على خصائص الاشارة .
- التعقب الآلي للهدف Leading Edge Track عبر ميزة الحفاض على تعقب آلي
وتوفير احداثيات ألسرعة والسمت والمدى حتى مع التشويش الكثيف .
وتتنوع طرق مكافحة التشويش لدى ألصاروخ ECCM الى طرق برمجية أكثر
تعقيداَََ تشمل الفلترة المكانية Spatial Filtering والتي تؤمن تمييز الباحث لصدى
السفينة عن صدى انظمة ألتشويش وتتم برمجة الباحث بأسلوبين من طرق مكافحة
الخداع اولهما "تصلب العنق stiff neck" وألذي يؤمن رفض غيوم الرقائق
المعدنية Chaff التي تطلقها السفينة والحاويات الخداعية Decoys والتي تطلقها
السفينة لخداع الباحث الصاروخي ايضاََ، تستند هذه التقنية على اساس ان السفينة
تتموضع في مستوى سطح البحر بينما تتطفو الحاويات الخداعية والرقائق
المعدنية فوق السفينة فيتم برمجة باحث الصاروخ وتقييد هوائيه ضمن زاوية
معينة للبحث عن الاهداف ضمن اسفل ألافق دائماََ وتلافي الشعاع الرئيسي لجوانب السفينة ..
و الطريقة الثانية هي "تمييز الارتفاع Height Discrimination" وهي طريقة
مشابهة للطريقة الأولى حيث انها تستند على أن السفينة موجودة دائماََ في مستوى
البحر بينما غيوم الرقائق المعدنية وحاويات الخداع تكون على ارتفاع كبير فوق مستوى
سطح البحر .. ويفترض الباحث عندها ان اي هدف ينم قياسهُ علوياََ يعتبر مُضلل ويتم
حجبه من قبل الباحث ، ويتم ذلك من خلال مراقبة الباحث للهدف الذي يتم تتبعه عند
مستوى سطح البحر , ويتم حساب الأرتفاع للهدف استناداََ الى توجه هوائي الصاروخ
، وإن أي خطأ في الاشارة المستحدثة للأرتفاع اثناء التتبع (بالنسبة لأرتفاع الهدف
والصاروخ) يكون كسر الأقفال على الهدف قسرياََ ويتحول الباحث من جديد الى وضع
البحث والتعقب لتعقب الهدف من جديد (يتحول الباحث الى مسح قطاعات بعيدة
عن قطاع حاويات الخداع) .
إن هذين النموذجين يعتمدان على الفلترة المكانية التي سبق ذكرها ، والفلترة
المكانية تتقسم لقسمين منفصلين وهما :
الزاوي : وهي من خلال رفض الباحث لأشارات نظام التشويش المخادع على أساس
زاوية الوصول AOA وهنا يعتمد المصممون على تحسين دقة الباحث لحل
الزوايا بهوائيه وشعاعه الضيق وانخفاض الفصوص الجانبية Sidelobes
لتجنب خداعه وتعزيز قدرة الباحث .
المدى : ويتم رفض الباحث لأشرات خداع المدى عبر موقفه من المدى ، مع هذه الفئة
من التقنية يعتمد الباحث على فاعليته في حل الاهداف ضمن المدى بعرض النبضة
المرسلة , فكلما كانت النبضة أضيق كان المدى أكثر دقة .
نموذج آخر من مفاهيم مكافحة ادوات الخداع ، وهي "الومضة Scintillation"
هذا ألاسلوب يعتبر أن صدى ألاشارة العائدة من السفينة الى الباحث يكون على شكل
عدة نثرات مُتفرقة بعدد صغير وفي مواقع ثابتة .. وعادة ما تهيمن بعض النثرات
على بعضها البعض بحيث تعطي مقطعاََ رادارياَََ RCS معيناََ ، ولكن سحابة الرقائق
المعدنية تعطي العديد (الكثير) من النثرات المتساوية بنفس المقدار مع صدى اقصر
بكثير من صدى السفينة مع تردد اعلى من تردد تقلبات صدى السفينة ، ولذلك يضبط
مستقبل الباحث نفسه عند تصفية معينة ويرفض ترددات الرقائق .
النموذج ألاخير الذي سيتم التطرق له هو " التلألؤ Glint " والذي يعتبر أن
الأهداف المُعقدة مثل ادوات الخداع التي تتكون من عدد قليل من المشتتات ذات
التباعد الواسع تميل الى انتاج اصداء رادارية مع تشوه في الطور في الموجة ،
عندما تصطدم هذه الموجات المشوهة بهوائي الصاروخ فأنها تولد اخطاء
لحساب قياسات الزاوية للهدف ، وعند الحركة النسبية بين الهدف والصاروخ
سيكون هذا الخطأ مستمر .. عادة يمكن تمييز اصداء الخداع بسهولة عن اصداء
السفينة فمثلاََ ادوات الخداع التي يتم نشرها خارج السفينة تتحرك بسرعة نسبية
ويمكن ملاحضتها لأنها تنتج تشوهاََ في المرحلة مع تغير منخفض وتذبذب ترددي
عالي ولكن اللمعان والتلؤلؤ الذي تعكسه السفينه كعوائد الى باحث الصاروخ
يُمكن الباحث من تفريق السفينة عن اي هدف آخر وهو مايتم ألاستفادة منه
في هذا النموذج ، وعبر تتبع بريق السفينة الذي يتسم بالسعة العالية والتردد
المنخقض (عكس غيوم الرقائق المعدنية) وتوصيفه ضمن خواص التردد والسعة
, عندها يتم الكشف عن الخطأ في دائرة التمييز حيث سيعمل الباحث على رفض
اي هدف ذو خصائص لمعان منخفض وتردد عالي ويصحح مسار السمت نحو السفينة .
لدى نظم بواحث الصواريخ المضادة للسفن ASM مايعادل 15 نوعاََ مختلفاََ من
طرق مكافحة الخداع ، ولقد تطرقنا هنا بعضاَََ منها لمايستخدم على صاروخ C-802
، فهو بلا شك صاروخ ذو باحث ذكي مصمم لهزيمة طرق مختلفة وملتوية من
التشويش والخداع .. وإن عملية التشويش عليه هو بمثابة أنتحار حقيقي
ولذلك يتطلب التعامل معه عملية مدروسة وأساليب ذكية وحذرة , وأن ايران
قد نشرت العشرات من المنصات لهذه الصواريخ على طول سواحل الخليج ،
بل قامت بتطويرها بأساليب افضل من النسخ العامة .. فمثلاََ قامت بأنتاج صاروخ
"قادر" الذي يبلغ مداه 300 كم ! مع باحث راداري ببرمجيات مُحسنة ورأساََ
حربياََ بقوة تدميرية أكبر ، ونظام طيار آلي رقمي ، ونظام ملاحي دقيق ، وقدرة
على إدارة الصواريخ المُنطلقة ، ويدعي ألايرانيون انهم قللوا من البصمة الرادارية للصاروخ .