حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية, فإن مصر إستهلكت 182 تيراوات سنة 2015 و يتوقع أن تستهلك على الأقل 280 تيراوات في 2030
https://www.iaea.org/newscenter/news/is-africa-ready-for-nuclear-energy
وتجدر الإشارة على أن الطاقة المصرية سوف تنتج 80ّ في المئة منها من مصادر أحفورية في 2022 و 20 في مئة متجددة (12 ريحية و 6 مائية و 2 شمسية)
و دلك يعزى لمشاريع الطاقة الريحية التي تتناسل في كل البلاد.
لكن معدل الطلب على الطاقة كبير و في تزايد و مواكبة التزايد يكون في الإستثمار في أنواع مختلفة من الطاقة.
في أواخر 2018 توقفت مصر عن إستيراد الغاز, فالحاجة المصرية للطاقة و تحويل الغاز المتفق عليه مع شركة إسبانية للتصدير عبر الإسالة إلى السوق الداخلية المصرية سبب مشاكل قانونية و أدى لتوقف محطات الإسالة لسنوات, و ما إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي إلا حل لتجنب العقوبات المالية و القانونية من قبل الشركة الإسرائيلية و الإسبانية في ما يخص تصدير الغاز عبر الأنابيب لإسرائيل سابقا و إنقطاعه و تصدير الغاز المسال و خسائر إستثمار الإسبان في محطة الإسالة.
تجدر الإشارة إلى أن قلة الغاز و الطاقة عموما أدى لخفض الإنتاجية و التصدير بالنسبة للصناعات الثقيلة المتطلبة للغاز (التعدين...).
لذلك و على الرغم من الإستكشافات فمصر تستهلك 60 مليار متر مكعب سنويا معدل فاق إنتاج مصر في 2013 و يفوق صادرات الجزائر من الغاز ب تقريبا 50 في المئة, كل هذا و لا يكفي و الإقتصاد المصري يخسر نقاط سنويا من حيث الناتج الداخلي الإجمالي الخام.
المهم من كل هذا هو أن إحتياجات مصر مهولة و في تزايد مما يعني إستثمارات بملايير الدولارات في محطات الطاقة في مختلف الأنواع ريحية شمسية غازية نفطية و و نووية.
و كلها تتطلب واردات تكنولوجية و الأخطر الطاقية أي تزايد الطلب على الغاز و النفط.
الغاز قد يلبي جزء من إرتفاع الطلب و لكنه غير مستدام و يهدد بتزايد الإستيراد في حال تقلص أو ثبات الإنتاج.
الحلول المستعجلة هي محطات الفحم الحجري المتطورة عالية الكفائة لكن يبقى مستورد و قد يتم منع الفحم كليا في المدى المتوسط للبعيد بسبب تغير المناخ.
ما الحل إذا, الطاقة النووية مثلا ؟ محطة الضبعة النووية أذكى و أفضل إستثمار طاقي فهي من الجيل 3 المحسن أي الجيل الأخير و هو أكثر أمان و إنتاجية المحطة ستستقبل 4 مفاعلات (عمر إفتراضي يصل ل 60 سنة) ذات طاقة إسمية كلية تصل ل 4800 ميغاوات (تستخدم بنسبة 90 في المئة) و قد نسنخدم 600 ميغاوات إسمية في تحلية المياه (غير مؤكدة).
تجدر الإشارة على أن محطة الضبعة قادرة على إستيعاب 4 محطات أخرى أي أن الضبعة لو وقع عقد مماثل ستكون محطة الضبعة أضخم محطة نووية في العالم.
كما أشرنا من قبل الواردات ستزداد خصوصا من البترول, قطاع النقل في نمو و كئلك البتروكماويات لذلك فالنفط يجب أن يخرج نهائيا من قطاع الطاقة الكهربائية ليليه الغاز الذي عوض أن يتوسع في توفير الكهراباء في مصر عليه أن يوجه فقط للصناعات الثقيلة و الصناعات المستهلكة للطاقة بشكل كبير كالتعدين و الأسمدة و غيرها و الأهم التصدير لجلب العملة الصعبة (واردات مصر في 2018 وصلت ل 60 مليار دولار مقابل صادرات رغم تزايدها بالخمس لم تتجاوز 26 مليار دولار)
https://www.alarabiya.net/ar/aswaq/economy/2018/10/26/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D9%82%D9%81%D8%B2-19-%D9%84%D9%80-26-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1
يعني خروج أكثر من 34 مليار دولار أمريكي من الإقتصاد المصري, و هو رقم لن تستطيع مداخيل السياحة, الإستثمارات الأجنبية و تحويلات المصريين في الخارج تغطيته في المدى القريب و المتوسط, نهيك عن عجز الميزانية.
الحل الأسهل و البديهي لحين الإنتقال لمرحلة الدولة الصناعية الجديدة المصدرة هو تصدير الطاقة و الموارد الخام مع إستثمار العوائد في الصناعات عالية القيمة المضافة(التكنولوجيا الحديثة (الحواسيب و الهواتف...) و السيارات أساسا).
لكن الطاقة النووية تعني التبعية للبلد المصدر فروسيا ملزمة بتوفير الوقود النووي و أخذ الوقود المستهلك القابل للإستهلاك في نوع آخر من المفاعلات النووية في روسيا) و مستقبلا سيكون هناك خصاص في اليورانيوم أو بالأحرى سيرتفع ثمنه, فالدول المصدرة معدودة على أصابع اليد الواحدة كأستراليا كندا كازاخستان ناميبيا و النيجر تليها أوزباكستان إضاقة لدول ستتوقف عن التصدير مستقبلا حفاظا على مستقبلها الطاقي و لتراجع الإحتياطيات. و هناك دول إحتياطيات مملوكة تقنيا لدول عظمى كيورانيوم النيجر الذي يصدر حصريا لفرنسا و ينقب و يصدر من قبل شركة فرنسية.
(على الأرجح كازاخستان و أوزباكستان كونها في وسط آسيا يصب تصديرها للصين أولا الشرهة لليورانيوم و المتوسعة بشكل رهيب في برنامجها النووي السلمي ثم روسيا مستقبلا حال تراجع الإحتياطيات الولايات المتحدة ثم الهند جزئيا و في المستقبل القريب و المتوسط باكستان و ربما تركيا ثم بقية العالم), أما النيجر ففرنسا و يتبقى لنا ناميبيا أستراليا و كندا التي تمون الولايات المتحدة و أوربا و اليابان و كوريا الجنوبية و جزئيا الصين ثم الهند.
جنوب أفريقيا كانت تعتبر ضمن التوب 5 لمنتجي اليورانيوم لكنه في تراجع حااد جدا و يتم حاليا فتح مناجم مكتشفة حديثا في أفريقيا كمالاوي لتعويض تناقص الإنتاج في العالم.
يبقى الحل الوحيد هو الطاقة النووية المبنية على عنصر كيميائي موجود 4 مرات أكثر من اليورانيوم و هو الثوريوم Thorium, العالم الآن كله مهتم بهذه المادة فقد طورت مفاعلات تستخدم هذا العنصر و هناك مفاعل هندي شغال و هو من النوع العامل بالماء الثقيل المضغوط و هو معروض للتصدير, فلدى الهند أكبر إحتياطيات العالم من الثوريوم.
تعمل هذه التكنولوجيا على إستهلاك الثوريوم لينتج بعدها اليورانيوم 233 القابل للإستهلاك أي أنك تنتج وقود نووي في نهاية إستهلاك, و هذا النوع من اليورانيوم غير مستخدم في القنابل النووية إذ أنه سهل التعقب و الرصد و خطير جدا قد يفجر القنبلة تلقائيا مما يجعل هذه التكنولوجيا تصب في عدم إنتشار الأسلحة النووية أو مفاعلات تستخدم الثوريوم مع نسبة قليلة من اليورانيوم أو البلوتونيوم.
الأهم من هذا هو أن مصر تمتلك إحتياطيات ضخمة جدا من الثوريوم صالحة لو كانت كلها من مفاعلات الثوريوم (55 GW مخططة و مرتقبة في 2021-2020) لآلاف السنين (ربما 4000-5000 سنة) , فالإحتياطيات المؤكدة في السبعينيات وصلت ل 100 ألف طن معظمها في سواحل دلتا النيل ما بين روزيتا و دمياط و الآن تقدر الإحتياطيات ب تقريبا 400 ألف طن (الهند بإحتياطها المقدر بضعف إحتياطي مصر تستطيع إنتاج طاقتها من الثوريوم ل 1000 سنة و كذلك الولايات المتحدة فلو إستهلكت مفاعلات الولايات المتحدة الحالية الثوريوم (100 GW) فسيكفيها ل 1000 سنة (على أساس 175000 طن حاليا 600000 أي 3420 سنة ).
التكنولوجيا موجودة و تضخيم المفاعلات لن يحتاج أقل من عقد حتى تصبح متوفرة و توزيع إحتياطيات الثوريوم يجعل الأمن الطاقي للتكثلات الكبيرة مضمونا
فأوروبا و أمريكا و الهند و البرازيل فينيزويلا قد ضمنت مستقبلها الطاقي غير الأحفوري و تقدر إحتياطات روسيا ب 75000 و قد تتكلف كازاخستان بتوفير الثوريوم بروسيا و الصين كل هذا و 1,8 مليون طن موزعة على بقية العالم.
تجدر الإشارة على أنه يتم العمل على 7 أنواع من المفاعلات المستخدمة من الثوريوم دون الحديث عن 7 المستعملة لليورانيوم من الجيل الرابع التي تتهلك كمية قليلة من اليورانيوم مفاعلات آمنة غير قابلة للإنفجار و تنتج مخلفات قليلة إذ يحرق تقريبا كل المخلفات و ما يبقى منها يدوم إشعاعها ل مئات السنين مقابل عشرات الآلاف من السنين المنتجة حالية (مفاعلات الثوريوم تنتج نفايات نووية تشع لمئات السنين فقط تماما كمفاعلات الجيل الرابع المرتقبة مقابل عشرات الآلاف من السنين حاليا و ملايين السنين الناتجة عن تفجيرات البلولونيوم النووية (مادة غير قابلة للذوبان في الماء)) و التي يمكن حرقها في مفاعلات يمكن تعميمها بعد عقد إلى عقد و نصف من الآن.
سيصبح العالم عاجلا أم آجلا معتمدا بالأساس على الثوريوم كوقود نووي (مادة خصبة تنتج وقود نووي) و ذلك لضمان الأمن الطاقي العالمي و الأهم حماية المناخ الذي يهدد بتدمير الزراعة و الأمن الإجتماعي و بالتالي دول بأكملها.
يجب أن لا ننسى أن إستهلاك أفريقيا و العالم الثالث عموما من الطاقة الكهربائية و النمو الصناعي و قطاع السيارات ينمو بطريقة كبيرة و متوقع أن ينمو بطريقة جنونية مما يعني أن على بقية العالم صاحب الموارد و التكنولوجيا التوجه بسرعة للطاقات النقية (المتجددة و النووية (الثوريوم و مفاعلات الجيل الثالث المحسن و الرابع)) لموازنة فاتورة التلوث المتوقع زيادتها بطريقة جنونية رغم الجهود المبذولة.
بالنسبة لليورانيوم فهناك حل لمواجهة تناقص الإحتياطيات في حالة توسع الإنتاج, الحل الإقتصادي نظرا لتزايد السعر هو إعادة فتح المناجم المغلقة و فتح مناجم غير مجديا إقتصاديا سابقا و الأهم إنتاج اليورانيوم من خلال إستخلاصه من الحمض الفسفوري خلال تحويل الفوسفاط الخام, و المغرب مرشح أن يكون مصدر كبير لليورانيوم مستقبلا نظرا لتملكه ل 80 في المئة من الإحتياطيات العالمية و كونه ثاني منتج العالمي, بالموازات الدول الكبيرة المستوردة للفوسفاط الخام كالهند يمكنها فعل ذلك و كذلك الصين و أمريكا لكن هذه الدول ستوجه هذا اليورانيوم للإستهلاك الداخلي عكس المغرب الذي سيعمل على تصدير من ألأف لآلاف الأطنان من اليورانيوم مستقبلا في حال إرتفاع الطلب و زيادة ثمن اليورانيوم (الصين تبني عشرات المفاعلات النووية و تخطط لعشرات أخرى, الهند أيضا تبني العديد من المفاعلات و تخطط للعشرات).
المغزى من كل هذا أن مفاعلات العاملة بالثوريوم ستكتسح العالم (على الأقل العالم الغربي و آسيا الشرقية و الهند) و ستكون مصدر الطاقة الأساسي في القرن الواحد العشرين و أن مصر قادرة على الإكتفاء ذاتيا من الطاقة في المستقبل المتوسط و ذات طاقة نظيفة في المستقبل البعيد, و تحول الغاز تدريجيا من مصدر للطاقة لمصدر للعملة الصعبة بالموازات مع تقليل الإعتماد على البترول مستقبلا مع بحث و تنقيب مواز للإكتفاء ذاتيا من البترول و تصدير الفائض.
كل هذا و إحتياطيات الثوريوم العالمية لم يدقق فيها بشكل كافي أي أن الإحتياطيات المحتملة أضخم.
بالنسبة لأفريقيا فمصر و جنوب أفريقيا هم الملوك, في الشرق الأوسط و العالم الإسلامي مصر و تركيا.
بالنسبة لباكستان المجردة من الموارد الطاقية المعدنية فرغم عدم وجود تقديرات (كونها سرية) فيتوقع أن يكون هناك إحتياطي ضخم من الثوريوم في دلتا نهر الهندوس غرب كاراتشي و البقية موزعة على نهر الهندوس, أما إنتاجها من اليورانيوم فيصل لكمية ضعيفة و مهملة (بالنسبة للطاقة النووية) تصل ل 45 طن سنويا تستخدم كلها في برنامج باكستان للأسلحة النووية فيما تعتمد باكستان على نفسها و على الصين في التكنولوجيا السلمية و ربما مستقبلا على بعض دول آسيا الوسطى (أوزباكستان و كازاخستان) من ناحية اليورانيوم المستعمل في البرنامج السلمي.
خلال هذا العقد ستشهد مصر تدشين محطة الضبعة النووية و زيادة إنتاج الطاقة الريحية (بنسبة أقل الطاقة الشمسية) و الفحم الحجري و الغاز و نرجوا أن تتم دراسات في مجال إدخال الطاقة النووية العاملة بالثوريوم قبل 2040 و ذلك عبر تقييم إحتياطيات مصر من الثوريوم و وضع خطط مستقبلية حول توطين دورة الوقود النووي المعتمد على الثوريوم (إنتاج محلي كلي للوقود النووي) و ذلك عبر التعاون مع الهند و الصين التان تضخان موارد ضخمة في هذه التكنولوجيا و أيضا روسيا و فرنسا (المتقدمتان في المجال النووي السلمي) على بقية العالم.