أولئك الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة وروسيا ليسوا على وشك الدخول في سباق تسلح نووي متسارع ، ربما يكون اليوم لحظة واقعية.
بعد 16 يومًا فقط من انسحاب الولايات المتحدة رسميًا من معاهدة الحد من الاسلحه النوويه المتوسطة المدى INF treaty ، وبعد أكثر من ثلاثة عقود من دخولها حيز التنفيذ في عهد الرئيس رونالد ريغان ، أجرى الجيش الأمريكي اختبارًا لصاروخ BGM-109 Tomahawk يطلق من منصه ارضيه
كان نسخه صاروخ Tomahawk المعروفة باسم BGM-109G Gryphon ، بالإضافة إلى صاروخ باليستي متوسط المدى هو Pershing II يمثلان العمود الفقري لقوات الصواريخ النووية التكتيكية التي تم نشرها من قبل أمريكا لتصبح حقيقة واقعة.
بعد أن تم وضع المعاهدة موضع التنفيذ ، تم تدمير هذه الأنظمة اسوه بالروس.
صمدت المعاهدة لعقود من الزمن ، قبل أن تبدأ روسيا في انتهاكها بهدوء بالتطوير واخيرا نشر لصاروخ كروز SSC-8 المطلق من الأرض.
تعود المخاوف بشأن هذا النظام إلى أكثر من ست سنوات.
قبل انسحابها من معاهده INF treaty ، كانت الولايات المتحدة قد هددت بتطوير صواريخها المتوسطة والمتوسطة المدى إذا لم تعد روسيا إلى الامتثال للمعاهدة.
وقد نصت قاعدة المعلومات على أن الأطراف الموقعة لا يمكنها امتلاك صواريخ تقليدية أو نووية من أي نوع كان لها مدى أقصى يتراوح بين 310 و 3420 ميلاً ، على الرغم من وجود مساحة كبيرة للمناورة لأغراض اجراء اختبارات محدودة للغاية.
مرة أخرى في مارس / آذار الماضي ، حيث كانت الولايات المتحدة تهدد بالخروج من المعاهدة ، أفيد أن بعض التطوير وإنتاج المكونات لصواريخ Tomahawk التي تطلق من الأرض كانت تتصاعد ، على الرغم من أن هذه الأنشطة كانت محدودة بالصواريخ المسلحة بالرؤوس التقليدية فقط ، وليست مزوده برؤوس نووية. والحدث كان من المرجح لأغراض الاختبار فقط .
الآن وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة خالية من التزاماتها بموجب المعاهدة ، يبدو أنها مستعدة للغاية وترغب في إظهار أن موسكو لن تنتظر أكثر من ذلك لتبدأ اختبارها الخاص لما كان يمكن أن يكون أسلحة خارقه لبنود معاهده INF. ومن هنا جاءت عملية إطلاق صاروخ Tomahawk في 18 أغسطس الجاري.
لتوضيح ذلك ، تم إطلاق هذا الصاروخ من خلية نظام الإطلاق العمودي Mk 41 VLS ، تمامًا مثل تلك الموجودة على سطح السفن القتاليه في البحرية الأمريكية . لا يوجد أي مؤشر واضح على أن الصاروخ كان مختلفًا عن صاروخ Tomahawk الذي تستخدمه البحرية حاليًا ، وهي Block IV Tactical Tomahawk .
هذا سلاح مختلف تمامًا عن سلاح BGM-109G Gryphon الذي كان يستعمل منذ 30 عامًا.
هذه الصواريخ ( Block IV Tactical Tomahawk ) يمكن إعادة توجيهها في منتصف الرحلة ، ويمكن أن تسكع ، ولديها نظام ملاحه و نظام تهديف في المرحله النهائيه اكثر تطورا ، ويمكنها ضرب أهداف متحركة مثل السفن.
هذا لا يعني أن كل هذه الميزات ستكون ضرورية لصواريخ كروز نووية جديدة تطلق من منصات ارضيه ، لكنها بالتأكيد ستحسن مرونة مثل هذا النظام ويمكن أن تسمح باستخدام الرؤوس الحربية ذات القوه المحدوده ضد أهداف معينة.
لذلك ، على الرغم من أن هذا قد يبدو مثل أي اختبار صاروخ من طراز Tomahawk ، إلا أنه تم الإعلان بوضوح عن حقيقة أنه تم استخدام نسخه ارضيه من نظام الإطلاق العامودي Mark 41 VLS ليثير غضب روسيا.
تستخدم مواقع الدفاع الصاروخي الأمريكي Aegis Ashore في أوروبا الشرقية أيضًا نسخه ارضيه من نظام الإطلاق العامودي Mark 41 VLS المجرب.
وقد أدى ذلك إلى اتهام روسيا للولايات المتحدة بأنها قادرة على إخفاء مجال القدرة على نشرصواريخ تنتهك معاهده INF treaty قرب حدودها.
صرح البنتاجون مرارًا وتكرارًا بأنه قد تم تغيير عبوات VLS المستخدمة في مواقع Aegis Ashore حتى لا يتمكنوا من قبول صواريخ كروز Tomahawk وحتى دعوا روسيا لتفتيشها للتحقق منها إذا كانوا يرغبون - لكن هذه الدعوة لم يتم قبولها على الأقل حتى الآن .
مع وضع ذلك في الاعتبار ، هناك رسالة واضحة يتم إرسالها هنا تتجاوز مجرد الإشارة إلى أن اختبار صواريخ كروز التي أطلقت من الأرض قد بدأ. إنه يثير مخاوف روسيا من أن الولايات المتحدة قد تنشر صواريخ كروز في مواقع Aegis Ashore على المدى القريب أو حتى في حاويات Mark 41 VLS الأخرى المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا.
يعد هذا شريطًا تطويريًا أقل بكثير من تصميم نظام إطلاق جديد للناقلات (TEL) وأنظمة القيادة والتحكم التي يجب أن تتوافق معها ، ناهيك عن نسخه جديده لصاروخ كروز Tomahawk أو صاروخ جديد تمامًا.
وقع الإطلاق من جزيرة سان نيكولاس ، وهي واحدة من جزيرتين تسيطر عليهما البحرية في سلسلة جزر تشانل قبالة الساحل الجنوبي لكاليفورنيا ، وتحيط بهما مجموعة اختبار مترامية الأطراف. تُظهر مقاطع الفيديو والصور انطلاق الصاروخ من خلية Mark 41 الخاصة به. صرح البنتاغون ببساطة أنه ضرب هدفًا "على بعد أكثر من 500 كيلومتر" ، وهو ما يتجاوز حدود معاهدة INF treaty .
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تنتهي في تطوير صاروخ كروز يطلق من منصه ارضيه جديد تمامًا ، أو تحوير وتطوير سلاح آخر من ترسانة البنتاجون لإداء هذا الدور.
قد ينهي هذا السلاح إلى زيادة نسخ Tomahawk الذي يطلق من منصات ارضيه والذي يمكن نشره كحل مؤقت. على وجه الخصوص ، يتبادر إلى الذهن AGM-158 JASSM.
يمثل هذا الصاروخ الشبحي والذكي تقنية صواريخ كروز الاكثر تطورا وتقدما ، ومن المؤكد أن شبحيته ستثير قلقًا في موسكو.
ومع ذلك ، فإنه لا يملك نفس مدى مجموعة Tomahawk ، التي يمكن أن تصل إلى ما بين 800 و 1600 ميل ، اعتمادًا على النسخه. يمتلك JASSM-ER مدى يصل الى حوالي 600 ميل ، على الرغم من أنه يمكن تعزيز هذا المدى بشكل كبير لنسخه نوويه يتم إطلاقها من الأرض. في الواقع ، قامت شركة لوكهيد بالفعل بتطوير نسخه بعيده المدى من JASSM المعروف باسم JASSM-XR ، والذي يناسب هذا الدور جيدًا. من المفترض أن تكون هذه النسخه جاهزة بحلول النصف الأول من سنوات 2020 .
قد يكون هناك خيار آخر يتمثل في تكييف صاروخ كروز طويل المدى LRSO) Long-Range Standoff ) يتم إطلاقه جوًا والذي يتم تطويره لتجهيز قوة القاذفات الأمريكي خلال الجزء الأوسط من القرن الحالي . لن يكون هذا السلاح جاهزًا حتى في شكله الأساسي لبعض الوقت ، مع إمكانية الدخول في الخدمة في سنوات 2030 ، ولكنه قد يحل محل أو يعزز نظام Tomahawk المطلق من الأرض عندما يدخل الخدمه.
صرح البنتاجون أن "البيانات التي تم جمعها والدروس المستفادة من هذا الاختبار ستعزز قدرات وزارة الدفاع التطويريه للصواريخ متوسطه المدى المستقبل" ، والتي من الواضح أنها لا تعالج أي دور مخطط له ل Tomahawk في فترة ما بعد معاهدة INF treaty .
التطور السريع للأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت من جانب كل من الولايات المتحدة وروسيا هي أيضًا علامة فارقة في كل هذا ، وفي هذا الوقت ، يعد نشر سلاح تقليدي فوق الصوتي بحد ذاته يعتبر تحدي ، لكن القدرة الصاروخية المسلحه نوويا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت لم تعد مستحيلة في السنوات القادمةحيث يمكن لهذه التكنولوجيا ان تنضج ، مثل هذا النظام يمكن أن يشغل دورًا مشابهًا للصاروخ الباليستي المتوسط المدى Pershing II في فترة الحرب الباردة.
لذا ، فإن السؤال الكبير هنا هو ما هو مستوى سباق التسلح الذي يمكن أن يصبح حقيقة واقعة في السنوات المقبلة؟
الجواب على هذا السؤال غير واضح. يعتقد البعض أن تطوير روسيا لصاروخ SSC-8 ، وتطوير روسيا لمديرية لتطوير اسلحه يوم القيامه ، تتخذه روسيا حتى تتمكن من الحصول على المزيد من النفوذ في صفقة أسلحة نووية جديدة يتم التفاوض عليها مع الولايات المتحده . من ناحية أخرى ، يمكن أن يؤدي الغاء معاهده INF treaty إلى إبطال مفعول اتفاقات الأسلحة الرئيسية الأخرى التي ساعدت في الحفاظ على الوضع الاستراتيجي على مر العقود.
معاهدة ستارت الجديدة ، على وجه الخصوص ، مهمة بشكل لا يصدق ومن المقرر أن تنتهي معاهدة ستارت الحاليه في عام 2021. أوضح الرئيس ترامب من أي معاهدة في المستقبل من شأنها أن تحل محل معاهدة INF treaty ، وربما معاهدات اخرى مثل ستارت جديده ، ينبغي أن تشمل لاعبين رئيسيين آخرين مثل الصين ، من أجل أن يكون لها معنى.
عوامل أخرى تلعب دورا في الموضوع . تقدم نهاية معاهده (INF) فرصة للولايات المتحدة لنشر صواريخ متوسطة المدى في منطقة الهند والمحيط الهادئ في محاولة لمواجهة التوسع العسكري السريع للصين ونفوذها المتوسع في المنطقه خارج حدودها الاقليميه . وقد صرح وزير الدفاع المعين حديثا مارك إسبير حول هذا الامر. في الواقع ، قال إنه يود أن تنشر الولايات المتحدة صواريخ تطلق من منصات ارضيه متوسطة المدى في المنطقة في غضون أشهر وليس سنوات.
من الواضح أن نشر Tomahawk و منصات Mark 41 VLS هي الأسهل وربما السبيل الوحيد لتحقيق هذه القدرة في وقت قريب. ونتيجة لذلك ، فإن هذا يضيف بعض الأدلة إلى احتمال أن إطلاق صاروخ Tomahawk في 18 آب (أغسطس) قد يمثل رؤية عملية أكثر من ذلك.
مصدر
موضوع: دعونا نتحدث عن الاختبار الامريكي لصاروخ كروز Tomahawk بعد الغاء معاهده الحد من الاسلحه النوويه المتوسطة المدى INF treaty 
الثلاثاء 20 أغسطس 2019 - 15:38
