الاستخدامات والتطبيقات العسكرية
تزايدت أهمية الفضاء للعمل العسكري فأصبح يمثل المسرح الرابع للعمليات الحربية، بعد المسارح البرية والجوية والبحرية، ومن خلاله صار من الممكن تنفيذ كثير من المهام مثل التجسس والاستطلاع والإنذار المبكر ورصد الصواريخ الباليستية والملاحة، والاتصالات والتنبؤ بالطقس والمناخ.
وفيما يبدو أن الأهداف الأساسية للأنشطة الفضائية تتضمن أهدافا نفعية محضة من السهل نسبيا تحديد تكاليفها ومنافعها، وأهدافا أخرى قد تكون تكاليفها ومنافعها صعبة التحديد. ومجموعة التطبيقات العسكرية التي تُعد ذات مصلحة قومية هي إحدى فئات هذه الأهداف النفعية، وتشمل فئة ثانية تطبيقات مدنية لتقنيات الفضاء تخدم الصالح العام بخدمات عامة كفيلة لتغطية تكاليفها في السوق.
1. أنواع التطبيقات العسكرية
يمكن تصنيف التطبيقات العسكرية لبرامج الفضاء إلى: تطبيقات دفاعية وأخرى هجومية، والتطبيقات الدفاعية كانت هي الغالبة حتى الآن، ويرجع الفضل في هذا، لدرجة كبيرة، إلى سلسلة من الاتفاقيات وإلى قرارات الأم المتحدة في شأن الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.
وهناك قدر من الإقناع في القول بأن تبادل النوعيات المتقدمة من الاستطلاعات بين كل الأطراف، التي يحتمل أن تصبح متخاصمة، يقلل من التوتر العالمي، فإعطاء التنبيهات المسبقة عن نشر قوات ومعدات عسكرية، يقلل عنصر المفاجأة، ويوفر وقتا أطول للمفاوضات المكثفة.
ولا شك في أن الاستخدامات العسكرية للفضاء كانت أقوى الحوافز للجهود الفضائية اللاحقة، بل إن الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون قال مرة: "إن منافع نظام الأقمار الصناعية للولايات المتحدة للاستطلاع العسكري عادت علينا بأكثر مما أنفق على كامل برنامجنا القومي في الفضاء".
2. الصور الفضائية في حربي الخليج
من المعروف أن الصور التي جمعتها أقمار "سبوت" SPOT بيعت لدول منطقة الخليج خلال الحرب العراقية- الإيرانية، ومنها صور لمنطقة البصرة، وشط العرب، والفاو، وكانت هذه المعلومات متاحة لكل من يستطيع أن يدفع ثمنها، سواء من الدولتين المتحاربتين أو من وسائل الإعلام.
وفي حرب تحرير الكويت كان هناك أكثر من 12 قمراً صناعياً عسكرياً تقوم بدعم القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث قامت بمهام الإنذار المبكر، والاستكشاف، والتجسس الإلكتروني، والملاحة، والأرصاد الجوية بغرض رصد التحركات العراقية.
3. التعامل مع الصور الفضائية في حرب الخليج
كانت الصور المأخوذة تُعالج على متن القمر الصناعي، وتخزّن بصور رقمية، ثم تبث إلى محطات أرضية نائية في "جرينلاند" Greenland ومنطقة المحيط الهادي، ثم يعاد بث هذه الصور إلى "مركز التصوير الوطني" في واشنطن بواسطة الأقمار الصناعية التجارية، ومن هناك يتم نقلها إلى قيادة الاستخبارات المركزية في البيت الأبيض وغيرها من الوكالات الأمنية.
وكانت البحرية الأمريكية تؤمن اتصالاتها بين السفن بعضها البعض، وكذلك بين كل سفينة والشاطئ بواسطة أقمار صناعية خاصة بالبحرية من طرازات FltSatcomوSyncom IV التي تعمل كلها في مدارات ثابتة.
4. نقل الصور إلى الجنود من خلال شبكة الإنترنت
أجرى الجيش الأمريكي تجربة لنقل صور الأقمار الصناعية عبر المحطة الأرضية المسماة "رؤية النسر" Eagle Vision II إلى الوحدات المقاتلة. وباستخدام هذه الصور، يمكن للجنود بالمحطة إرسال الصور الخام، الواردة من القمر الصناعي، لمنطقة معينة، خلال شبكة الإنترنت INTERNET إلى كل من يطلبها في زمن لا يتعدى ساعة واحدة.
وهذا النظام مصمم لتوفير الصور الفضائية في الزمن الحقيقي Real Time. وتتكون المحطة الأرضية من طبق قطره 5.4 متر، ومقطورة طولها 34 قدماً، ويمكن نقلها على طائرتين من طراز C-130 إلى أي مكان في العالم.
5. إمكانات محطة "رؤية النسر"
يتولى تشغيل المحطة طاقم مكون من سبعة جنود وثلاثة مدنيين طوال 24 ساعة يومياً. ويمكن للمحطة أن تتعامل مع عدة أقمار صناعية لاستقبال الصور، أبيض وأسود، للأهداف الأرضية، التي تزيد أبعادها على عشرة أمتار، والصور الملونة للأهداف التي تزيد أبعادها على 20 متراً.
وابتداءً من صيف عام 2000 م بدأ قمر صناعي تجاري في إمداد المحطة بصور تصل أبعادها حتى متر واحد، أبيض وأسود، وأربعة أمتار، ملون. ويمكن للمحطة أيضا استقبال الصور الرادارية خلال النهار والليل وفي جميع الظروف الجوية.
وقد تم تطوير المحطة Eagle Vision II بواسطة مكتب الاستطلاع القومي National Reconnaissance Office (NRO) الأمريكي لإمداد القادة العسكريين بالصور الغير سرية لاستخدامها في الأغراض العسكرية، وفي ظروف الكوارث، للتخطيط للمهام، ولاختيار الأهداف، أو لتحديد حجم الخسائر.