تحت العنوان أعلاه، كتب إيليا بولونسكي في "فوينوي أوبوزرينيا" حول اختيار تركيا بين المقاتلات الأمريكية "F-35" والروسية "SU-35" في ظل المعطيات الإقليمية والدولية، وتوازن القوى العالمية
وجاء في المقال:
"لماذا تريد تركيا شراء المقاتلات الروسية "SU-35" (سوخوي 35)؟
يقول المسؤولون الأتراك إنهم وصلوا لمراحل متقدمة من المفاوضات بشأن صفقة المقاتلات، حيث يؤكد رئيس مكتب الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل ديمير، أن الخبراء الأتراك بصدد دراسة المواصفات الهندسية للمقاتلة الروسية، وأشار إلى أهمية حصول تركيا على تلك المقاتلات في مجال صناعة تركيا نفسها للمقاتلات وأنظمة الدفاع الصاروخية.
وسوف يكون الحصول على "SU-35" أسهل بكثير من الحصول على أنظمة الدفاع الصاروخية "إس-400"، بعد أن انهار الجدار الذي كان يمنع تركيا من الحصول على أسلحة روسية، حينما اتخذت أنقرة قرار شراء "إس-400"، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما كلف تركيا تدهورا خطيرا في العلاقات مع الحليف الأمريكي. لكن أحدا لا يعرف حتى الآن من خسر أكثر من تدهور العلاقات: الولايات المتحدة أم تركيا؟ فواشنطن ليس لديها حليف جديد بحجم تركيا في هذه المنطقة من دول البلقان أو الشرق الأوسط.
بطبيعة الحال، فإن القيادة التركية ترى أن "مرور" صفقة "إس-400"، يعني أن بإمكانها مواصلة التعاون مع روسيا في مجال التسليح وعقد صفقات مربحة، كذلك فإن الأمريكيين أنفسهم هم من دفع الأتراك لهذه الخطوة بحديثهم عن عدم بيع "F-35" للأتراك، فلم يعد أمام أنقرة سوى البدء في البحث عن بديل للمقاتلة الأمريكية.
سبب آخر يدفع الأتراك لتفضيل مقاتلات "SU-35" عن "F-35" هو أن سعر المقاتلات الروسية منافس، حيث أن الأسلحة الروسية دائما ما تكون أرخص من الأمريكية، وبالإمكان تقدير سعر مقاتلة روسية واحدة من 50-70 مليون دولار، وإذا قررت تركيا شراء المقاتلات الروسية، فسوف تحتاج لتسليح سربين من هذه المقاتلة، أي يلزمها 48 مقاتلة، وسوف يكون سعر صفقة كهذه مع الروس أفضل كثيرا من مثيلتها مع الأمريكيين.
لكن هناك نقطة أخرى تهم القيادة العسكرية والسياسية التركية، هي أن المصالح السياسية التركية والأمريكية أصبحت تتعارض في عدد من النقاط، فالجيش الأمريكي يدعم الميليشيات الكردية في سوريا، بينما تعتبرها تركيا تنظيمات إرهابية تمثل تهديدا للأمن القومي التركي. كذلك فإن أمريكا تتقارب مع اليونان وقبرص، بينما تتعقد العلاقات اليونانية التركية للغاية، كما أن الوضع مع قبرص أكثر تعقيدا بسبب جمهورية شمال قبرص التركية، المعلنة من جانب واحد، والتي تخضع لسيطرة أنقرة.
كذلك فإن "F-35" مجهزة بما يعرف بـ "جهاز الإمداد والمعلومات الذاتي" ALIS (Autonomics Logistics and Information System)، وهو أول نظام في العالم يراقب الحالة الفنية للطائرة، ولا يسمح فقط بمراقبة المشاكل التقنية فيها، وإنما يحدّ أيضا من مجموعة المهام التي يمكن أن تقوم بها المقاتلة، وهو ما يعني أن البنتاغون سوف تكون لديه دائما القدرة على السيطرة على أنشطة الطائرة، بما في ذلك أثناء وجودها ضمن خدمة جيوش أجنبية. بمعنى أنه إذا ما اشترت تركيا المقاتلة من الولايات المتحدة، سوف يكون الجانب الأمريكي قادرا على منع إمكانية استخدام الطائرة في القتال ضد اليونان أو قبرص أو الميليشيات الكردية على سبيل المثال.
من المثير للاهتمام كذلك أن حلف الناتو لا يمتلك آليات رسمية يمكن من خلالها معاقبة تركيا على شراء "إس-400" أو "F-35"، على الرغم من أن المسؤولين العسكريين في الناتو يدعون أن الأسلحة التي تستخدمها دول الحلف لابد أن تكون متوافقة مع بعضها البعض.
وتحاول الولايات المتحدة إقناع تركيا بعدم تشغيل أنظمة الصواريخ الروسية "إس-400"، مقابل بيعها مقاتلات "F-35"، لكن الجانب التركي يرفض ذلك، فلم تدفع تركيا أموالا طائلة لشراء أحدث أنظمة الدفاع الصاروخية في العالم لوضعها في المخازن كي تكسوها الأتربة. بل من مصلحة تركيا أن تشتري الأسلحة الروسية والأمريكية، لأن ذلك يقرب أردوغان من هدفه في تحويل تركيا إلى لاعب دولي مستقل في سوق الأسلحة العالمية.
تعد "F-35" واحدة من أشهر وأوسع مشاريع واشنطن انتشارا حول العالم في مجال إنتاج المعدات العسكرية، حيث يؤكد الجانب الأمريكي دائما على "أسطورة" ذلك الطراز من المقاتلات باعتباره المقاتلة الأكثر تقدما في العالم، القادر على تخطي جميع أنظمة الدفاع الصاروخية. ربما كان ذلك هو السبب في وقف بيع تلك المقاتلة لتركيا، بعد أن أتمت صفقة شراء أنظمة الدفاع الصاروخية الأحدث "إس-400"، والتي من الممكن أن تفتح أعين العالم على الخصائص الحقيقية، وربما العيوب في "أسطورة" المقاتلة "F-35".
يبدو أن الرئيس الأمريكي، والوفد المرافق له يدركون جيدا قيمة مقاتلتهم الأمريكية، ويحاولون قدر استطاعتهم استبعاد إمكانية التفاعل مع الأنظمة المضادة للصواريخ الروسية "إس-400"، لأنه إذا ثبت اكتشاف تلك الأنظمة للمقاتلة "F-35" فإن ذلك سوف يفقدها سمعتها كأروع مقاتلة في التاريخ، وهو ما يهدد شركة لوكهيد مارتن المصنعة للمقاتلة بخسارة أكبر من خسارتها صفقة بيع تلك المقاتلات لتركيا".
https://arabic.rt.com/press/1065416-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%AA-f-35-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85-su-35-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9/