في السادس من أغسطس/ آب لعام 1945، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما في اليابان. وبعد ثلاثة أيام، في التاسع من أغسطس/ آب، ألقت قنبلة نووية أخرى على ناجازاكي. وحتى يومنا هذا، هاتان هما الحالتان الوحيدتان لاستخدام الأسلحة النووية في الحرب.
بدأت الحرب العالمية الثانية عام 1939، وفي حين انتهت الحرب في أوروبا في الثامن من مايو/ آيار 1945، انتهت الحرب في المحيط الهادي فقط باستسلام اليابان غير المشروط للحلفاء في 15 أغسطس/ آب 1945.
كان القصف الذري لليابان عملًا أخيرًا بالغ الأهمية لأكثر الصراعات العالمية تدميرًا في تاريخ البشرية. وفي الوقت نفسه، مثّل بداية العصر الذري، وسباق الأسلحة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، و – قبل وقت طويل من – الحرب الباردة.
ما هي القنبلة الذرية؟
للإجابة على هذا السؤال، من المفيد تحديد بعض المبادئ الكيميائية الأساسية.
الذرة هي الوحدة الأساسية للمادة. تتكون نواة الذرة من جزيئات أصغر تسمى البروتونات والنيوترونات. يحيط بالنواة جسيمات ذرية أخرى تسمى الإلكترونات.
العناصر هي أبسط المواد الكيميائية وتتكون من ذرات تحتوي جميعها نفس عدد البروتونات.
في ثلاثينيات القرن العشرين، أثبت العلماء أن الطاقة النووية يمكن إصدارها من ذرة، إما عن طريق انقسام النواة «الانشطار» أو دمج ذرتين أصغر لتشكيل ذرة أكبر «الاندماج». ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، ركزت الأبحاث المكثفة على كيفية تحفيز الانشطار النووي عبر إطلاق نيترون حر في ذرة من اليورانيوم المشع أو البلوتونيوم. ومن خلال جهودهم، وجد العلماء طريقة لتحفيز سلسلة من التفاعلات داخل قنبلة، والتي من شأنها توليد كمية غير مسبوقة من الطاقة.
تأثير القنابل
تسبب القنبلة الذرية دمارًا هائلًا بسبب الحرارة الشديدة والضغط والإشعاع والغبار الذري. تشتد الحرارة في مركز الزلزال «مركز الانفجار»، حيث تؤدي إلى تبخر الناس والمنشآت.
قُتِلَ ما بين 60 ألفا و80 ألف شخص على الفور عندما انفجرت القنبلة فوق هيروشيما، ومات ما يقدر بنحو 140 ألف شخص من الآثار الحادة للقنبلة قبل نهاية العام. ارتفع عدد الوفيات إلى أكثر من 200 ألف شخص في العقود اللاحقة، حيث مات الناس من السرطانات والأمراض الأخرى المرتبطة بالتسمم الإشعاعي.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، دمرت القنبلة ما يقرب من 63% وتضررت 29% أخرى من مباني هيروشيما. قبة غنباكو (القنبلة الذرية) هي البناية الوحيدة التي ظلَّت قائمة بالقرب من مركز الزلزال. ويُحفظ اليوم في متنزه السلام التذكاري بعد إعادة بناء المدينة حوله.
كان إجمالي عدد القتلى في ناجازاكي أقل بالقياس، حيث حمت الجبال أجزاءً من المدينة. ومع ذلك، مات ما لا يقل عن 75 ألف شخص إجمالًا. تحظى ناجازاكي باهتمام أقل في تحليل التفجيرات، على الرغم من كونها آخر مكان استُخدم فيه السلاح النووي في الحرب. يواصل هيباكوشا – المصطلح الياباني للمتضررين بالانفجارات – حملة للحفاظ على تميز ناجازاكي المؤسف.
لماذا استخدمت الولايات المتحدة القنبلة؟
كهذا السؤال، تخضع بعض الأسئلة التاريخية لمثل هذا الجدل الدائم. من المستحيل تناول وجهات النظر المتنافسة في هذا المقال بدقة. أرشح هذه الحلقة من بودكاست تاريخ اليابان للمؤرخ إسحاق ماير لتناول الحجج المتعارضة لاستخدام القنابل ومعارضته.
باختصار، زعمت التقارير «التقليدية» عن التفجيرات أن القنابل كانت ضرورية لإجبار اليابان على الاستسلام. كما تزعم أن غزو القوات الأمريكية والسوفييتية البري لليابان كان سيحصد أرواحًا أكثر بكثير من تلك القنابل.
لاحظ البعض أن قصف طوكيو ومدنًا يابانية أخرى أثناء الحرب تسبب أيضًا في خسائر مدمرة. لذلك طُرحت أسئلة حول التميُّز الأخلاقي بين أنواع المتفجرات الذرية وغيرها. في المقابل، ادعت حسابات «المراجعة» أن استسلام اليابان كان من الممكن ضمانه إذا ضمنت الولايات المتحدة السماح للإمبراطور هيروهيتو بالبقاء على العرش. ويشيرون إلى أن اليابان اضطرت أكثر للاستسلام بسبب الغزو السوفييتي لمنشوريا في الأسبوع نفسه من أغسطس/ آب 1945 مما كانت عليه بسبب التفجيرات الذرية.
يجادل بعض المراجعين احتمالية أن الولايات المتحدة أرادت في الواقع إثبات تفوق قدرتها العسكرية على الاتحاد السوفييتي، وقررت استخدام القنابل الذرية لهذا الغرض. وفي كلتا الحالتين، تحول تحالف الحرب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في وقت قريب إلى منافسة شديدة، والتي لا تزال تؤثر على العلاقات العالمية منذ سبعة عقود.
في أوائل القرن الحادي والعشرين، كشف المؤرخ جون كلير عن هذا الإرث الرئيسي الراسخ للتفجيرات:
عندما بدأتُ التدريس للمرة الأولى، درَّسنا فقط أن القنبلة الذرية أوصلت الحرب إلى نهايتها. أدركنا مؤخرًا أن اللقطة الأخيرة للحرب العالمية الثانية كانت أيضًا المشهد الافتتاحي للحرب الباردة، وأن القنبلة كانت سببًا بقدر ما كانت نتيجة.
التذكير بآثار القصف الذري
في يونيو/ حزيران، زُرتُ متحف هيروشيما التذكاري للسلام. كانت تجربةً قويةً وعاطفية، خاصة لامتلاء الحديقة والمتحف بتلاميذ المدارس اليابانيين الذين يحترمون الموتى ويدرسون عواقب الحرب النووية.
عُرض فيلم The Twinkling Stars Know Everything في عام 2018 في قاعة تذكارية في الحديقة، حيث يعرض مجموعة من مذكرات آباء طلاب المدارس الثانوية الذين راحوا ضحية القنبلة.
يكشف متحف السلام التذكاري عن حجم الدمار الفوري لانفجار القنبلة. كما يتتبع المتحف عبر سلسلة من المعروضات ألم ورعب أولئك الذين ماتوا ببطء من الحروق المروعة وآثار الإشعاع. يتعرف الزُوار على الآثار المتبقية من التعرض للإشعاع على الضحايا وأحفادهم، بما في ذلك الإجهاض والعيوب الخَلقية والضرر النفسي الذي لا يوصف.
كانت أشهر ضحايا الأطفال ساداكو ساساكي، والتي كانت في الثانية من عمرها عندما سقطت القنبلة في هيروشيما. يبدو أنها لم تصب من الانفجار، لكنها تعرضت لـ«أمطار سوداء» سامة أثناء فرارها من المدينة مع عائلتها. بعد مرور تسع سنوات، أصيبت ساداكو بسرطان الدم الناجم عن الإشعاع وماتت بعد فترة قصيرة من بلوغها سن الثانية عشرة. وكانت قد طوت أكثر من 1000 رافعة ورقية على أمل التعافي.
شاهدتُ تلاميذ مدارس يكرمونها وجميع الأطفال المفقودين في نصب السلام التذكاري للأطفال. كل يوم، تُسلَّم آلاف الرافعات الورقية لتكريم ذكراهم وكنداءٍ للسلام.
الصلة المعاصرة: برنامج نزع السلاح النووي
يتشارك متحف السلام التذكاري ومشروع العُمد من أجل السلام الأهداف المزدوجة لإطلاع الناس على آثار الحرب النووية والدعوة إلى نزع السلاح النووي.
تُوصف الأسلحة النووية باللا إنسانية مما يبرر الحظر العالمي لإنتاجها أو تخزينها أو استخدامها. من المتوقع أن يكون لأي حرب نووية مستقبلية عواقب إنسانية وبيئية أكثر شدة بكثير من ضربات عام 1945 على اليابان.
جرى تبني الدعوة إلى نزع السلاح النووي عالميًا في السنوات الأخيرة. في عام 2017، مُنحت جائزة نوبل للسلام إلى «الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية»، والتي نجحت في الضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد مؤتمر للتفاوض حول معاهدة تحظر الأسلحة النووية. اعتُمد نص معاهدة حظر الأسلحة النووية من 122 دولة في عام 2017. يجب على الدول التي ترغب في أن تصبح طرفًا في المعاهدة الالتزام بالقضاء الكامل على الأسلحة النووية.
حتى اليوم، وقعت 60 دولة على المعاهدة، من بينها 13 دولة صدقت عليها. هناك حاجة إلى 37 تصديقًا إضافيًا لجعل المعاهدة مُلزمة. ومع ذلك، لا تؤيد أي من القوى النووية التسع (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية) الحظر!
يرتبط رفض أستراليا التصديق على الحظر بهذا الواقع السياسي. فهي واحدة من 30 «دولة تؤيد الأسلحة النووية»، والتي تعتمد على «الحماية» النووية للحلفاء. تجادل الحكومة حول نهج «لبنات البناء» بدلًا من تفضيل خطوات إضافية نحو نزع السلاح النووي.
مع ذلك، لا يزال مخزون الأسلحة النووية العالمي يحوي أكثر من 14 ألف رأس حربي، برغم عقود من جهود نزع السلاح. تحتفظ الولايات المتحدة وروسيا بـ92% من هذه الأسلحة. في الآونة الأخيرة، كان لدى شعب اليابان سبب مشروع للخوف من التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية.
تواصل مدينتا هيروشيما وناجازاكي العمل بجد لضمان ألا تضيع نتائج القصف النووي على مر التاريخ. يُذَكِّر متحف السلام التذكاري جميع الذين يزورونه بالدمار الذي يمكن أن تطلقه الأسلحة النووية إذا استخدمت مرة أخرى. تتطلب إنسانيتنا المشتركة مستقبلًا لا نوويًا.
https://theconversation.com/world-politics-explainer-the-atomic-bombings-of-hiroshima-and-nagasaki-100452?fbclid=IwAR308kf1I0vk7K3JmZ0JNjZ3w-qxpB3bcvqImY1yaAylOgjXKIaXu5ZKxjI