| |
|
| قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 السبت 21 أبريل 2018 - 6:35 | | | ملاحظه : هذه الذكريات يرويها طيار عراقي خدم في هذا السرب .......... الحلقه الاولى
صباح يوم 7كانون ثاني 1982 ورد كتاب مديرية طيران الجيش العراقي بالحاقي ومعي اربع من ضباط السرب الى مديرية طيران الجيش لغرض اكمال اجراءات الايفاد الى اسبانيا للمشاركة في دورة على طائرات سمتية ( مروحيه ) جديدة نوع (BO 105 ) ، وطيار خامس من اسراب طائرات ( مي8 ) هوالنقيب الطيار الشهيد محمود عبوش ( استشهد في قاطع سميل 1991 )،وكنا والرائد الطيار ( ع . ر . ج ) معلمي طيران والاخرين النقيب الطيار ( س. ف . ج ) وهو الطيار الذي اصيب في يوم السمتيات وشاركني معركة الشيب والتي كرمنا بها بسنتين قدم،والنقيب الطيار ( ا . م . ل )وهو الطيار الذي انزل العلم الايراني من الميناء العميق والملازم الطيار(ر . ي . ي) وهو من الطيارين الاحداث انهوا دورة الطيران الاساسية في ايطاليا. التحقنا يوم 9 كانون ثاني 1982 في المديرية،وبدأنا باجراءات الايفاد ووزعت الواجبات فيما بيننا ، في يوم 11 كانون ثاني 1982 ابلغنا الرائد الطيار ( ع . ر . ج ) بحصول حادث سيارة لشقيقه وولده على طريق كركوك - بغداد وهما في حالة حرجة مما يستدعي البقاء معهم وعدم الالتحاق بالدورة ، تم ابلاغ المديرية لتنسيب بديلا عنه فتقرر تنسيب النقيب الطيار ( ح . و . ع ) محله وهو من المرشحين للوجبة الثانية التي سيتم ايفادها بعد انتهاء دورتنا ، وتأجيل المرشح الاول الى الوجبة الثانية ،وبذلك تم ضمان وجود معلم طيران ثالث ، ارتحت لهذا الامر، لكون ( ع . ر ) يتميز بكونه معلم طيران كفوء ومطيع بشكل مميز وله ميزات تميزه عني من حيث الهدوء وبرودة الاعصاب مما يجعله معاونا لي يمكنه ان يمتص الكثير من السلبيات التي قد تصادفني خلال العمل . تم تجاوز الامر واكمال الاجراءات اللازمة لابدال الطيارين واكمال اجراءات مصاحبة كل من ( ح . و ) و( س . ف ) لعائلتيهما معنا وتم الحاقنا الى مديرية التدريب العسكري واكملت الاجراءات وتم تحديد مساء يوم الاثنين 18 /1 /1982 للمغادرة على طائرة الخطوط الجوية العراقية. كان من المؤمل عقد مؤتمر قمة دول عدم الانحياز في خريف عام 1982 في بغداد،وكانت التحضيرات جارية على قدم وساق لانجاحه ، ومن تلك التحضيرات الحملة الاعلامية الواسعة التي كانت تجريها وزارة الاعلام والمؤسسة العامة للسياحة، وكان شقيقي الاكبر مديرا عاما في مؤسسة السياحة ، لذلك فقد قصدته وزودني بكميات كبيرة من الدعايات التي كانت مهيئة لتوزيعها على الوفود ،وتضمنت هدايا على شكل( مجموعات موسيقية مطبوعة على كاسيتات مع اغلفتها الجميلة و مجموعات من العملة العراقية مرصوفة في اغلفة انيقة تعبر عن حضارة بابل وبعض الكتب باللغات الانكليزية والاسبانية والفرنسية ، و البوسترات الدعائية للعراق، وفانيلات مطبوع عليها خارطة واسم العراق) ثم قصدت الاتحاد العام لنساء العراق ،وحملت من هناك الكثير من الدعايات التي تظهر دور المرأة العراقية في المشاركة في نهضة العراق، و قد باركت منتسبات الاتحاد مبادرتي هذه ، بعدها قصدت مديرية التوجيه المعنوي لوزراة الدفاع وحصلت على الكثير من وسائل الدعاية العسكرية . ونظرا لكثرتها ووزنها الكبير فقد وزعتها على بقية الوفد،واستلمتها منهم عند وصولنا الى الفندق في مدريد لغرض توزيعها لاحقا للتعريف بالعراق، وقد لاقت استحسانا من شركة ( CASA) التي تدربنا فيها والمعلمين ومدربي الطيران و من وزعناها عليهم في اسبانيا فكانت خير دعاية للعراق .
في اسبانيا
غادرنا بغداد مساء يوم الاثنين18 كانون ثاني 1982 حوالي الساعة الثانية عشر ليلا ،احتلينا مقاعدنا وكان مقعدي وحيدا في الدرجة الاولى (تعتبر رتبة مقدم فما فوق من رتب القادة عليه يخصص مقعد لحاملي هذه الرتب في الدرجة الاولى ) وكنت المسافر الوحيد في هذه الدرجة ، مع وجود عدد من عناصر حماية الطائرة يحتلون بعض المقاعد فيها ايضاً، اما باقي الطيارين فقد شغلوا مقاعدهم في الدرجة السياحية ، قبل الاقلاع اقبل علي كابتن الطائرة ورحب بي بحرارة واستفسر عن وجهتي ( كان الكابتن هو المرحوم كامل عبد الرحمن المشهداني جاري في السكن منذ الولادة تدرج بنجاح في عمله ليكون ضمن طاقم طائرة الرئاسة ) ، فكانت هذه اشارة لعناصر الحماية لمعرفة هويتي ورتبتي وعملي واطمأنوا على وضعيتنا ، وعرفت الكابتن على بقية اعضاء الوفد وعوائلهم ، وعند دخول المضيفات تعرفن على ( الملازم الطيار ر . ي . ي) لكون زوجته زميلة لهن . وبذلك اصبحت رحلتنا وكأنها عائلية وخصوصا بعد تعرف عناصر الحماية بنا جميعا . بعد الاقلاع واستقرار الارتفاع والاتجاه دعاني الكابتن الى مقصورة القيادة لمشاهدتها وكيفية اشتغالها ( باعتبارنا من صنف واحد ) ولم يعترض عناصر الحماية على ذلك بعدها اخذ ابناء العوائل المسافرين معنا بالطائرة يحضرون الى مقصورة القيادة للتمتع بمشاهدتها ولتكون ذكرى جميلة لن ينسوها ! وكذلك فعل بقية اعضاء الوفد
كانت محطتنا الاولى مطار اثينا ( اليونان ) ،جلست في مقصورة القيادة حين الهبوط في المطار وكان منظرا جميلا للمدينة والمطار وهي تتلألأ بالمصابيح ليلا . وبعد مدة قليلة واصلنا الطيران، وكانت وجهتنا التالية مطار روما ( ايطاليا ) ، وبعد الهبوط في المطار ابلغنا بوجود عطل في الطائرة يستوجب التصليح ولن يسمح لنا بالنزول الى المطار وبذلك فقد بقينا بما يقارب الاربع ساعات في الطائرة استغليناها للنوم .
ثم واصلنا الطيران مع ساعات الفجر لليوم التالي ، وصلنا مطار مدريد ( اسبانيا ) الساعة التاسعة صباحا بتوقيت مدريد،( الحادية عشر بتوقيت بغداد ) مما يعني بان الرحلة استمرت 11 ساعة ،وكانت متعبة ولذيذة في ذات الوقت ، شكرنا طاقم الطائرة وعناصر الحماية على ما ابدوه من عناية واهتمام خلال الرحلة . كان الجو دافيء والمطر ينهمر بشدة . كان باستقبالنا ممثلوا الشركة رافعين لوحة للتعريف بنا ،يرافقهم سكرتير الملحق العسكري في مدريد المدعو موفق وكان غاية في الخلق والمجاملة ، بعد الانتهاء من الاجراءات رافقنا الى الفندق الذي سنسكنه طيلة وجودنا هناك وهو فندق 5 نجوم في وسط مدريد ويدعى ( Princesa Plaza ) وبجانبة سوبر ماركت من 10 طوابق ومن اشهر المجمعات التجارية في اسبانيا يدعى ( كورت انكلزا ) ،يحوي على كل ما يمكن ان نحتاجه . استلمنا غرفنا وهنا بدأت اول اشكالية مع الشركة المضيفة، فقد اعترضوا على وجود العوائل وادعوا بانهم غير ملزمين باسكانهم وما يتبعه من التزامات مالية ولتلافي هذا الاشكال على العائلتين ان ينتقلوا الى فندق آخر اقل درجة ، رفضت ذلك واقترحت استعدادنا للتكفل بأي مبالغ اضافية تترتب على تواجدنا مجتمعين ثم ساوموا على ان يتحملوا اجور السكن فقط دون الطعام ورفضت ايضاً وقلت لهم اما ان تتحمل الشركة كافة التكاليف او ان نتحملها نحن كلها وبدون مساومة،وامام هذا الموقف وافقت الشركة على تحمل التكاليف جميعها . حدث هذا دون تدخل ممثل الملحقية العسكرية وكان دوره الترجمة فقط . اكملت الاجراءات على امل ان يبدأ الدوام في اليوم التالي، فاتني ان اذكر ان عقد شراء هذا النوع من الطائرات من هذه الشركة لعدم موافقة المانيا على بيع النسخة المسلحة منها ، وكان هناك عقدين لشراء طائرات مدنية للسرب الخاص ( VIP) وعدد من طائرات الانقاذ الجوي ( الاسعاف الجوي) استعدادا لمؤتمر قمة دول عدم الاحياز ،و تم تدريب طواقم هذين العقدين في المانيا . بعد الانتهاء من الاسكان توجهنا بصحبة سكرتير الملحق العسكري الى دائرة الملحق العسكري الذي استقبلنا ببرود دون ان يبدي اي اهتمام بامور الحرب وكانها لا تدور في العراق ولا نحن مشاركين بها ولم يبدي اي اهتمام بالاستفسار عن مجريات المعارك !في الوقت الذي كنا نتوقع ان تنهمر اسئلته علينا وكما اعتدنا على ذلك في قواعدنا الجوية لمعرفة تفاصيل الطلعة الجوية والامور التي صادفت التنفيذ ،بعد انتهاء اللقاء عدنا الى الفندق للاسترحة من عناء الرحلة الشاقة الطويلة . كان الرائد ( محمود عبوش ) متدين وملتزم وفرض احترامه على الجميع بخلقه العالي ،لذلك لم يكن يصحبنا ليلا ، وكذلك الضباط ذوي العائلتين ، لذلك خرجنا نحن الثلاثة الباقين وبحذر شديد خشية ان نبتعد عن الفندق ونتيه في شوارعها . وهنا اكتشفنا ان الملازم الطيار ( ر . ي . ي ) والذي يجيد اللغة الايطالية لدراسته الطيران في ايطاليا يمكنه ان يكون مترجما لنا الى اللغة الاسبانية التي لا تختلف كثيرا عن الايطالية وبذلك تم تجاوز مشكلة اللغة ( مع دلاله علينا لحاجتنا الماسة اليه كمترجم ). صباح اليوم التالي 20 كانون ثاني 1982 في الساعة السابعة والنصف كنا في الحافلة التي نقلتنا الى المطار مكان الدورة ،وصلنا قبل الثامنة صباحا قبل شروق الشمس ،(تشرق الشمس حوالي التاسعة صباحا ). يبعد المطار حوالي 15 كم الى الجنوب من مدريد . لم تكون مستلزمات وقاعات الدروس ووسائل الايضاح مهيئه من قبل الشركة ، لذلك قضينا اليوم الاول في زيارة لمعمل تجميع الطائرات وباقسامه المختلفة . منهاج العمل اليومي للدورة يبدأ من الساعة الثامنة والنصف لغاية الحادية عشرة والنصف ، تتخللها فترات لتناول الشاي او القهوة(وهذه للفترة الصباحية) . ثم نغادر الى خارج المطارقاصدين مطعم لتناول الغداء و العودة الى المطار لاكمال الدروس ( لفترة ما بعد الظهر) الى الساعة الرابعة والنصف نعود بعدها الى الفندق ، ثم نخرج الى المدينة للتجوال وتناول طعام العشاء ونعود بحدود العاشرة مساءً لنكون جاهزين للعمل في اليوم التالي مبكرين. في اليوم التالي باشرنا الدروس النظرية المقررة باللغة الانكليزية و لم نجد صعوبة في تلقي الدروس فجميعنا سبق دخولنا دورات خارج القطر، عداي (امر الدورة) فكانت هذه اول دورة لي خارج القطر، كنت قد تدربت في مطار الشعيبة على يد مدربين هنود وباللغة الانكليزية ،وكان كل مدرب يدعوا تلاميذه الى بيته في البصرة مرة في الشهر، نلتقي بعوائلهم وبذلك نمت قابلية التفاهم باللغة الانكليزية اضافة الى دراستنا واختلاطنا الاجتماعي، مع وجود مصطلحات خاصة بالطيران يمكننا تفهمها بشكل جيد . معلمينا كانوا من جنسيات مختلفة ،احدهم امريكي بدين نوعا ما ذو شخصية مرحة وله المام بقصص عربية مثل (جحا ) ويردد قصص جميلة عن هذه الشخصية ، والاخر الماني وكانا حريصين على ايصال المادة لنا وبشكل مبسط . بمرور الايام تم اكمال نواقص الدورة من وسائل الايضاح في غرفة الدروس، اقتنينا البعض المفيد منها من حسابنا الخاص من الاسواق وجلبناها معنا عند العودة للاستفادة منها عند تشكيل السرب الجديد ولم تهمنا اسعار هذه المواد لكون وضعنا المالي كان جيدا حيث اصطحبنا معنا التحويل المسموح به واستلمنا راتبين في مدريد مع مخصصات الايفاد ومخصصات جيب وطعام من الشركة وبمعدل 100 دولار اسبوعيا ( وهو مبلغ كبير حينها ) لذلك كان وضعنا المالي ممتاز . التقينا خلال وجودنا في الفندق بطواقم طائرات الخطوط الجوية العراقية ، كانوا يحملون رسائلنا الى عوائلنا مشكورين ،كما والتقينا عدد من العراقيين والعرب لبنانيين وسوريين ومغاربة ومن المملكة العربية السعودية ،وغيرهم من الجنسين وكونا صداقات معهم خصوصا مع رجل في الاربعينيات من العمر من الاحواز العربي الذي احتفى بنا كثيرا رغم احترازنا منه . بعد أيام وصل المتدربون الفنيون(العراقيين) للمشاركة بدورة فنية على الطائرة وفي المطار ذاته الذي نتدرب به ،وسكنوا في فندق قريب منا ، من فئة اربع نجوم يضم عدد من الضباط المهندسين و الفنيين ومراتب من شتى المهن للتدريب في الشركة ذاتها . طلب مني المهندس الاقدم ان اكون مسؤلا عن الدورة بصفتي سأكون آمرا للسرب الجديد ويكون هو مسؤلا فنيا لصعوبة السيطرة على منتسبي الدورة لوفرة الاغراءات التي قد تسبب المشاكل له . ومنذ يوم وصولهم اخذنا نتنقل من والى الفندق بحافلة كبيرة تقلنا جميعاً الى مكان الدورة دون اي تأخير . كانت ترافقنا احدى الموظفات بالشركة كمرافقة دائمية لنا لتأمين متطلباتنا واستمرت معنا طوال الدورة . ولاحظنا انها تتكلم بكثرة وسرعة مع السائق وخاصة يوم الاثنين بعد العطلة الاسبوعية وعند استفساري عن هذه الحالة اجابتني بانها تسرد كل ما مرت بها من احداث يومي السبت والاحد وبشكل مفصل وكذلك هو يحدثها بتفاصيل ما عمله خلال اليومين المذكرين لذلك يطول الحديث ، وكذلك ما حصل مع المعلمين والمدربين ، حيث كنا نقضي اول نصف ساعة من دوام يوم الاثنين للحديث المفصل عن فعالياتنا لهذين اليومين وكأنهما عيدا يحتفلون به ! . لم تتهيأ الشركة لاستقبال الدورة الفنية بشكل جيد ، لذلك طلب مني المهندس الاقدم ان نلتقي الملحق العسكري لشرح هذه الحالة ،رفعت طلبا تحريريا لمقابلته وبحضور ممثل عن الشركة . وفعلا تم تحديد يوم اللقاء ،ذهبت ومعي المهندس الاقدم وممثل الشركة الى دائرة الملحق العسكري، ولكن فاجئنا السكرتير بانه سيكون ممثلا عن الملحق العسكري ، فطلبت حضوره لاجل ان يكون القرار منه شخصيا ، اعتذر السكرتير بان الملحق مشغول ويعتذر عن حضور اللقاء . بدأ المهندس بطرح مشاكله ثم طلبت ان يكون هناك دوام يوم السبت لكوننا لم نألف العطلة يومين بالاسبوع ،ولاجل اختصار مدة الدورة للعودة الى الوطن . وكذلك فان يومين اجازة قد تسبب مشاكل وخاصة من قبل المراتب لكثرة المغريات قد تؤثر على سمعتنا . رفض ممثل الشركة هذه الفكرة لكون العطلة الاسبوعية حق لا يمكن التساهل به . طلبت وبما ان اسبانيا بلد سياحي ان تكون هناك سفرات سياحية كل يوم سبت لزيارة المناطق السياحية وبذلك اتمكن من السيطرة على المراتب والمنتسبين وتقليل احتمالات المتاعب التي يسببها يومي العطلة . وافق ممثل الشركة والسكرتير ، ثم بحثنا مشاكل الدورة للطيارين والفنيين لعدم تهيئة مستلزماتهما والتأخير الناتج عن هذه المشاكل ، فوعد ممثل الشركة بحلها ، وانتقدت الملحقية العسكرية لعدم متابعة الدورتين وعدم زيارة موقع الشركة قبل قدومنا وخلال الفترة الماضية فوعدنا السكرتير بالزيارة ،وبحثنا بعض المعوقات وتم وضع الحلول لها ، انتهى اللقاء وغادر ممثل الشركة ، واستأذنا بالمغادرة فطلب منا السكرتير ان ندخل الى غرفة الملحق العسكري المجاورة للسلام عليه ! ابديت عدم تقبلي من هذا الطلب وقلت له اتيت هنا بأمل ان يحضر الملحق هذا اللقاء ولكنك تحججت بانه مشغول ؟! ونحن هنا لاجل عمل وانجزناه بحضورك فلا داعي لمقابلة الملحق بعد ان تم وضع الحلول لمعوقات العمل، فلا داعي للمجاملات بعد ان رفض حضور اللقاء . وودعته وانصرفنا وكان هذا آخر لقاء مع السكرتير ولم تكلف الملحقية طيلة مدة مكوثنا في اسبانيا السؤال او معرفة ما جرى للدورة . كانت طواقم طائرات الخطوط الجوية العراقية تسكن في الفندق ذاته الذي نسكنه كما اسلفنا وبذلك بدأ التعارف بيننا منذ اليوم الاول ولكنهم كانوا يتغيرون دائما . ارشدونا الى الاماكن المناسبة للتجول والتسوق وقضاء فترة عدم وجود عمل ليلا او نهارا. كنا شغوفين لمعرفة اخبار الوطن والمعارك ،( كان املنا عند وصولنا الى مدريد بان تزودنا الملحقية العسكرية بهذه الاخبار) ولكن خاب املنا . اخبرنا احد طياري الخطوط العراقية بوجود دائرة عراقية ( محطة مخابرات اووكالة انباء او غيرها ) في البناية المقابلة للفندق .وفورا وبعد عودتي من العمل في اليوم التالي ذهبت الى هذه الدائرة لاجد عدد من الشباب العراقيين رحبوا بي اجمل الترحيب بعد ان عرفتهم بنفسي وواجبنا في مدريد ، زودوني بمجموعة اخبارية منذ يوم وصولنا الى ذلك اليوم ، وبذلك داومت على زيارتهم يوميا عند العودة من العمل لاحصل على اخر النشرات الاخبارية ثم اعرج على السوبر ماركت الذي ادخله من الباب البعيدة عن الفندق وفي الطابق الارضي المخصص للسلع السريعة والتي تتجدد يوميا لشراء مانجده مناسباً ثم العودة الى الفندق ، وبقيت على هذا المنوال طيلة مدة الدورة حتى تكدست لدينا بضاعة كثيرة لاقيت صعوبة في رزمها عندما حان موعد العودة الى الوطن . استمرت الدورة الارضية وبشكل مكثف وبطريقة تدريس تختلف عن ما ألفناه حيث كانت الدروس هي لخواص وصناعة الطائرة وما تحتويه من اجهزة جديدة علينا وكان التركيز الكبير على ( المخططات البيانية ) والتي تؤشر القوى وتغييرها وكذلك الحالات الاضطرارية للطائرة والتي يجب ان تكون درجة الاختبار بها 100% . لذلك كانت فترة الدورة النظرية متعبة ولم نستطيع مغادرة الفندق الا قليلا نستغلها ايضا لتناول العشاء خارج الفندق، ثم نعود لمراجعة الدروس والتهيؤ لليوم التالي.واستغلينا ايام العطلة للترفيه والسهرات ( وما اجملها من ايام ) . يوم الاثنين 1 شباط (فبراير) كان موعد اجراء اختبار نهاية الدورة النظرية ، مما اضطرنا الى البقاء في الفندق يومي السبت والاحد لمراجعة الدروس والاستعداد للاختبار الذي اديناه بنجاح . ومع وصول المدربين الالمان (هلموت و نوربرت) بدأنا الطيران العملي يوم الاربعاء 3 شباط بعد تلكوء بسبب الموافقات الاصولية لطيران المدربين الالمان . ابتدأ الطيران وهو اجمل ما في الدورة وكان تقبلنا للتدريب بشكل سلس وبسيط وبدون صعوبة كما كنا نلاحظه من المدربين، وفي اليوم الاول واثناء تناول طعام الغذاء في المطعم طلب المدربين قنينة من النبيذ مع الغذاء ، وفي اليوم التالي انزوى الشهيد محمود عبوش لوحده على طاولة وبقينا المتدربين ( الطيارين والفنيين ) على الطاولة الرئيسية ، استغرب المدربين واستفسرا عن السبب ، فاخبرتهم بانه لا يستطيع ان يكون على مائدة فيها شراب النبيذ لكونه متدين وانزوى كي لا يزعجكم ! وفورا احترموا موقفه ورفعوا قنينة النبيذ من المائدة وطلبوا مكانها قناني ( كوكا كولا ) لهم ولنا ! اعتذرت عن قبول هذه الدعوة وقلت لهم يمكنكم تناول الكوكا كولا اما نحن فنفضل شراب آخر ( استغربوا مرة اخرى واستفسروا عن السبب ) فاجبتهم بمقاطعتنا لهذا الشراب لكون للصهيونية اسهم في شركتها وهناك قرار بمقاطعتها . ولكنكم خارج العراق ولا يراقبكم احد ثم ما هي فائدة قناني قليلة تتناولوها ؟ اجابوني. اخبرتهم بانها ارادة وايمان بما نفعله . ثم دار بعد ذلك حوار حول فلسطين وشبهته لهم بالمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وانهم ناقصي السيادة الى اليوم حيث ان عاصمتكم الان هي ( بون ) رغما عنكم وليس ( برلين )، وانه لا يسمح لاي عسكري الماني ان يتجول بملابسه العسكرية في برلين الغربية ، بينما يصول ويجول الامريكان والبريطانيون ببدلاتهم العسكرية فيها وكذلك ان بلدكم مقسم، وتدفعون التعويضات الباطلة الى ( محتلي فلسطين ) بحجة المحرقة المزعومة . وهذا شيء بسيط بما يجري في فلسطين ،وبقي الحال دون نبيذ وكوكا كولا طيلة تواجدنا في الدورة احتراما لمشاعرنا ( فما اروعهم ) . وشرحت لهم مسألة فلسطين وعدائنا للصهيونية وليس ( اليهود ) والحرب مع ايران والتقدم العلمي والعمراني ووضعية المرأة في العراق مما جعل العراق هدفا لمنع تقدمه ونهضته ، وزودتهم بما استصحبته معي من دعايات وهدايا نالت استحسانهم. مرت الدورة دون اية مشاكل من قبل الطيارين او الفنيين ضباطا ومراتب، سوى حالة واحدة لم تؤثر على سير الدورة ، فقد طرق سمعي ان احد المراتب قد ثمل في احد البارات، وان مرافقه تركه وعاد الى الفندق دون حادث يذكر ، في صباح اليوم التالي التقيت بالطيارين والمهندسين والفنيين في غرفة الدرس وبينت ان سبب الاجتماع هو ما حدث من قبل اثنان من المراتب الفنيين ، واشرت لهما بالوقوف وقلت للجميع ( هذه المرة الاولى والاخيرة التي اسمح بها بمثل هذا الحدث ودون ان اوجه الحديث الى ( الشخص الذي ثمل ) وانما الى رفيقه الذي تركه ووجهت له تعنيفا شديدا لتركه زميله ،واضفت انها فرصة لكم تمتعوا وتعلموا ، فبانتظاركم عمل وجهد كبير ولكن لا تنسوا باننا سفراء لوطننا ، لا الوم من ثمل ولكن الوم من تركه وعاد الى الفندق فاذا تكررت مثل هذه الحادثة فساعيد من يترك زميله الى بغداد ويتلقى العقوبات المناسبة فورا ) كل من يرافق صاحبه عليه ان يكون عونا له والا فسيكون هو الملام وليس صاحبه . سارت بعدها الامور بشكل طبيعي رغم الاغراءات المتوفرة . بمرور الوقت نمت صداقة مع مدربينا واخذنا نلتقي كل يوم سبت ليلا نتجول في بارات مدريد القديمة التراثية ،وازقتها الضيقة نتنقل من بار الى بار، وفي كل بار هناك فعاليات شعبية عفوية من رقص وغناء نتناول بعض المشروب في كل واحد منها ،(ولاحظت في بعض البارات لوحات بها اوراق نقدية لبلدان مختلفة لذلك زودنا البارات بالعملات الورقية العراقية ا لتأخذ مكانها مع بقية العملات المختلفة ) ،ثم ننتقل الى احدى الصالات الليلية نتمتع بها الى الفجر نتفرق بعدها كل الى مكانه . مع استمرار التدريب وخلال ايام السبت من كل اسبوع قمنا بسفرات سياحية الى مدن طليطلة ،واقليم الباسك، وقبر فرانكو وغرناطة ،وقصر الحمراء ،ولكونها بعيدة عن مدريد فقد قضينا يومين رائعين في غرناطة والطريق الجبلي الوعر والمناظر الخلابة . وكنا نقوم بجولات في مدينة مدريد الجميلة ،وحضرنا يوم 24 شباط ( احتفالا سنويا – كرنفال ) يقام في القلعة التاريخية وسط مدريد قرب الساحة الرئيسية ( صول ) . يوم 26/شباط قمنا بتدريب الملاحة الجوية، مستخدمين جهاز الملاحة المتقدم المجهزة به الطائرة ، وسلكنا عدة مناطق الى الجنوب من مدريد – قرطبة –غرناطة – اشبيلية حيث هبطنا في مطاراتها للتزود بالوقود والتدريب على استخدام جهاز الملاحة ثم الى جبل طارق ( لم نحلق فوق المدينة لكونها عائدة الى بريطانيا ) ولكنا شاهدنا مطارها العجيب في جزيرة ضيقة طويلة تبدأ من بداية المدرج وتنتهي بنهايته . ثم انهينا اليوم التدريبي عصرا في مطار مدينة ( ملقة )، تركنا الطائرات لنرحل الى مدينة ( ماربيا ) القريبة ، وهي من المنتجعات السياحية التي يؤمها اثرياء العالم على ساحل البحر الابيض المتوسط . وعند وصولنا الفندق التقينا عدد من التلاميذ العرقيين االمرسلين من قبل مؤسسة السياحة للتدريب في الفندق الذي سكناه على تقديم الخدمات السياحة المختلفة ( تحضيرا لمؤتمر قمة عدم الانجياز ) , وكان احدهم قريب لاحد طيارينا الرائد الطيار ( ا . م . ل ) . في اليوم التالي ذهبنا الى مدينة ( سبتة ) المغربية المحتلة من قبل اسبانيا بعد عبورنا مضيق جبل طارق بواسطة سفينة ركاب برحلة بحرية رائعة . وسبتة مدينة حرة واكثر العاملين فيها من الهنود . عدنا مساءا الى ماربيا الجميلة ، في اليوم التالي وبتمويل مالي من قبلنا تمت اقامة وليمة لنا ولمدربينا حيث قام تلاميذ السياحة العراقيين باعداد ما لذ وطاب من الطعام الذي تدربوا على اعداده ، وتقديم الخدمات المصاحبة للضيافة مما بعث السرور والفخر بنا امام مدربينا الالمان ، ثم بعد الظهر ذهبنا الى مدينة ( ملقة ) وحضرنا مباراة لمصارعة الثيران . حيث تكون المباراة بعدة نزالات فكل ما يقتل ( ثور ) يأتي الدور للاخر وبمصارع اخر وهكذا لحين الانتهاء من العرض . وحصل موقف ظريف منا ، ففي احدى النزالات تمكن الثور من التغلب على المصارع ورفعه بقرنه الى الاعلى ، فتدخل المساعدون لانقاذه ، المهم عندما تمكن الثور من المصارع وبدون شعور منا وقفنا جميعنا نهلل للموقف وسط نظرات الغضب والاستهجان من المشاهدين !! لكون القتال غير عادل ، عدد كبير من المصارعين يضريون الحيوان بالرماح والاسهم ثم السيف للاجهاز عليه ،وعندما يتمكن من المصارع يهاجم من قبل عدد من المصارعين لقتله لذلك كان موقفنا مناصر للحيوان . يوم الاثنين 1/اذار 1982 عدنا وبنفس النهج التدريبي للملاحة الى مدريد ووصلناها عصرا . واصلنا التدريب لغاية فحص نهاية الدورة يوم الجمعة 5 /اذار 1982 . وكان مجموع طيران كل واحد منا 20 ساعة طيران . انتهت الدورة وبقيت انا والشهيد محمود عبوش لاكمال ( دورة لاعدادنا معلمين على الطائرة ) ولمدة 10 ساعات طيران ( لا حاجة لدورة ارضية فنحن بالاساس معلمي طيران ) . يوم الاثنين 8/اذار 1982 واجهتنا مشكلة اضراب عمال المطار مما يعني لا يمكننا الاستمرار بالتدريب لحين انتهاء الاضراب وهذا يؤدي الى تأخير عودتنا الى العراق . اقنعت معلمي الطيران بمفاتحة الشركة لتنفيذ الطيران في مطار اخر بعد ان اخبرني معلم الطيران بوجود مطار صغير يمكن ان نستخدمه للتدريب .. حصلت موافقة الشركة ( لكونها تصب في مصلحتهم )، وقمنا عصر ذلك اليوم وبعد انتهاء الدوام الرسمي بالتسلل الى المطار والتحليق بالطائرات الى المطار البديل خلسة وبدون علم العمال .
اكملنا التدريب وبطيران مكثف ( لكوننا بقينا اثنين فقط ) وللايام 9 و 10 و11 و12 اذار 1982 لنحصل على شهادتين الاولى طيار على الطائرة والثانية مدرب عليها . واحتفالا بنهاية الدورة تمت دعوتنا ومدربينا الالمان الى العشاء في مطعم راقي جدا ثم الى سهرة في ( مسرح سكالا ) الشبيه بمسرح ( الليدو ) في باريس وهو من افخر مسارح مدريد . وتعلمت درسا مفيدا في هذا المسرح ، فبعد العروض الراقصة والغنائية كان الدور ( لساحر ) يقوم بفعالياته على المسرح ،ومنها ان يدعو احد الحاضرين او اكثر الى المسرح وبحركات معينة يسلبهم ساعاتهم او احزمتهم او حمالاتهم او حافظات نقودهم وغيرها بخفة وبشكل كوميدي بحيث تشعر وكانه متفق معهم على هذه الحركات . بعدها ترك المسرح ونزل الى المشاهدين واختار طاولتنا وبعد السؤال من اين انتم سلم علينا بالعربية وبعض الكلمات للمجاملة خاطب احدنا بانه سيقوم بالاستيلاء على ساعته اليدوية بدون يشعر . تحديناه وامسك المعني بيده بشدة على ساعته اليدوية متحديا اياه بانتزاعها منه ،وكذلك كنا جميعا ننظر الى الساعة متحدينه ان ينفذ وعده .. وبحركات سريعة استطاع الساحر ان يغير انتباهنا الى محفظة النقود وترك المعني قبضته على ساعته اليدوية دون ان ينتبه وبكلمات وحركات بسيطة رفع يده بالساعة وقد انتزعها دون ان يشعر احد منا بعد ان جعل اهتمامنا بمحفظة النقود وغيرها وكان عددنا اكثر من 10 اشخاص على الطاولة وبقية الحظور يتابعون الفعالية . تعلمت من هذه الحادثة كيف تمرر احداث باختلاق احداث جديدة تجعلنا نحول انتباهنا اليها وتمرر الاحداث القديمة دون ان نشعر (وهذا ما يستخدمه السياسيين بافتعال ازمات جديدة يمررون من خلالها ما يريدون) . صباح اليوم التالي ذهبنا الى ( جزر الكناري جزيرة لاس بالوماس ) بواسطة طائرة ركاب ( اير باص )، وطلبت المضيفات بعد معرفة جنسياتنا نحن والمدربين ان يحصلن على عملة نقدية ورقية عراقية لكونهن من هواة جمع العملات الاجنبية فاخرجنا آخر ما نملكه من عملات عراقية مختلفة ولبينا طلبهن ، ودامت الرحلة اكثر من ساعتي طيران لنصلها في الجانب الغربي من المغرب العربي في المحيط الاطلسي والقريبة من سواحلها ولكنها تابعة لاسبانيا !. تمتعنا بالرحلة ولمدة يومين التقينا عدد من المواطنيين العرب هناك ، وهي كما في سبته فاغلب العمال من الهنود،عدنا بعدها الى مدريد استعدادا لرحلة العودة الى الوطن . قبل العودة بيوم اتصل بنا احد منتسبي الملحقية العسكرية طالبا حضورنا الى الملحقية لاستلام مبلغ من المال مخصص لنا . اجبته اننا موجودين في الفندق واذا كانت هناك مخصصات فعليكم احضارها الينا (كما كان يحدث مع طواقم الخطوط الجوية الذين يأتي لهم المحاسب ليناولهم مستحقاتهم في الفندق ) . وبعد ان لاحظت عدم موافقته على كلامي اخبرته باننا متنازلين عن مستحقاتنا ونتبرع بها الى الملحقية ، وبعد ان سمع هذا الكلام اخبرني بانه سيأتي الى الفندق لتسليمنا مستحقاتنا . والحق يقال وهو ما نقله لنا طياروا الوجبة الثانية باننا تركنا سمعة حسنة وعزت نفس واحتراما من الشركة والفندق ومدربين ومدرسين انعكس في طريقة معاملتهم للوجبة الثانية . كذلك كانت معاملة الملحقية العسكرية للوجبة الثانية جيدة جدا، واهتمام كبير من الملحق العسكري شخصيا والسكرتير وبقية المنتسبين، واقيمت لهم عدة دعوات للاحتفاء بهم . عصر يوم 18 /اذار غادرنا مدريد وساعدنا ممثل الخطوط الجوية وممثل الشركة في المرور من المطار وتجاوز مشكلة الوزن حيث كانت لدينا اوزان كبيرة نتيجة التسوق الشبه يومي دون ان نشعر بتكدس المشتريات .كانت الطائرة من نوع بوينك 727 ولا تحتوي على مقصورة للدرجة الاولى ،وعلمنا بوجود اضراب للعاملين الجويين في ايطاليا لذلك فقد عدنا مباشرة الى بغداد فوق البحر الابيض المتوسط ووصلنا قبل الموعد المقرر بساعات . وكانت رحلة جميلة حضينا بخدمة ممتازة من قبل المضيفات زميلات زوجة الملازم الطيار( ر . ي . ي ) . وصلنا بعد الساعة الثانية عشر مساءً من يوم 19 اذار(مارس) وكان باستقبالنا عدد من زملائنا من مديرية طيران الجيش . طلبت من الطيارين ان يذهبوا الى بيوتهم وسأهتم صباحا اكمال معاملة العودة من مديرية التدريب العسكري على ان نلتقي بعد غد في مديرية طيران الجيش لاكمال معاملة العودة الى كركوك .
مديرية التدريب العسكري - وزارة الدفاع
صباح اليوم التالي راجعت مديرية التدريب العسكري لاكمال معاملة العودة والحاقنا الى مديرية طيران الجيش وصادفي مجموعه من الضباط اكملوا معاملة التحاقنا شكرتهم وغادرت الى مديرية طيران الجيش مزودا بكتاب انهاء الدورة والانفكاك من مديرية التدريب العسكري الالتحاق الى مديرية طيران الجيش ، واكملت كتاب الالتحاق الى كركوك . ثم دونت كتابة تقرير السفر والدورة ( حسب نموذج معتمد ) واوردت التفاصيل ومن ضمنها موقف الملحقية العسكرية.
العودة الى السرب وتكليف جديد وحادث خطير
اتصلت ببقية الطيارين ومنحتهم اجازة قبل الالتحاق الى كركوك وفي اليوم التالي 20 /اذار كنت في السرب في كركوك ( وتفاجأت بتنسيبي امرا للسرب 30 ) . في اليوم التالي نفذت طلعتي طيران مع معلم الطيران ( ع . ر . ج ) وحسب السياقات لمنحي صلاحية الطيران،وفي اليوم ذاته نفذت طلعة طيران ليلي مع المعلم نفسه وبذلك كنت جاهزا كطيار فعال ليلا ونهارا . بدأت مرحلة جديدة من العمل حيث تسلمت مسؤلية آمر سرب كنت ولسنيين عديدة احد منتسبيه وعدد من الطيارين كانوا اقدم مني قبل منحي القدم والترفيع الى الرتبة الجديدة ، ولكن لم نجد اي احراج في التعامل لكوننا زملاء عمل منذ سنيين طويلة ،وتعاونوا معي بشكل رائع مما انجح عملي وقيادتي للسرب . وكان اول تنفيذ لواجب قتالي يوم 25/ اذار 1982 في قاطع الفيلق الاول الذي كنا مكلفين بواجبات اسناده . كانت الجبهة الجنوبية مشتعلة في قواطع الشوش والمحمرة ، ولم يشارك سربنا فيها لعدم تكليفنا باي واجب هناك ،واستمرينا في واجبات اسناد الفيلق الاول . تبعت هذه المعارك انسحاب الجيش العراقي وبقرار سياسي الى الحدود الدولية للعراق في حزيرن من نفس العام . عصر يوم 18 نيسان(ابريل ) 1982 اجتاحت كركوك عاصفة هوجاء ادت الى انقلاب احدى طائرات السرب وتضررها . وفي مساء اليوم ذاته تم تخصيص اربع طائرات ( الويت3 مسلحة برشاش جانبي ) مع اربع طائرات مي8 الى معسكر جمجمال لتنفيذ واجب اسناد اللواء المتواجد في جمجمال لمعاجة متسللين سيطروا على قرية ( زالة ) على محور جمجمال – سنكاو . صباح اليوم التالي 19 نيسان 1982 قدت التشكيلات الى مقر اللواء في جمجمال ، وبعد استلام الايجاز من مقر اللواء توجهت الى القرية والتي كان سكانها قد غادروها وكانت اشتباكات بين فوج دفاع وطني معه سرية من اللواء المذكور وبين المتسللين المتحصنيين في احدى المدارس داخل القرية، وهي مبنية من الطابوق والكونكريت المسلح وقدمنا الاسناد المطلوب والى ظهر ذلك اليوم دون فائدة تذكر بسبب تحصنهم على اطراف القرية وداخل المدرسة الحصينة التي لم يختقها عتاد الرشاشة 20 ملم . اشرت على امر اللواء ( العميد الركن ع . ع ) وهو من امري الفصائل الكفوئين عندما كنا تلاميذ في الكلية العسكرية بان نستخدم الصاروخ (AS12)المضاد للمنعات التي تسلح بها طائراتنا لقصف المدرسة الحصينة ويمكن السيطرة على مساره دون ان يخطأ الهدف لحسم المعركة ، رفض امر اللواء الاقتراح متحججا بان له علاقات طيبة مع سكان القرى في القاطع ولا يريد تدمير المدرسة او التسبب في ازعاجهم . وعندما لم يستطيع احد اقتحام القرية وحسم المعركة ،اقتنع امر اللواء باستخدام الصاروخ الموجه ضد المدرسة وحسم المعركة ( ولكن الوقت قد فات لان تهيئة الطائرة لحمل الصاروخ يستغرق زمنا طويلا بسبب خزنها في قاعدة الحرية(كركوك) الجوية ) . فاخبرته بعدم امكانية التنفيذ لضيق الوقت ،و لم انصحه بقصفها بواسطة الصواريخ الحرة المسلحة بها طائرات مي8 لكونها غير دقيقة الاصابة قد تؤدي الى اصابة دور المواطنيين المجاورة للمدرسة ، ثم قررت العودة الى القاعدة وابقاء طائرتين فقط لاسناد نقل القطعات الى اطراف القرية بواسطة طائرات مي8. نفذت آخر طلعة اسناد وبعد وصول التشكيل الثاني توجهت الى مطار k1 ، وقبل ان احول ذبذبة الاتصال اللاسلكي الى ذبذبة قاطع الدفاع الجوي سمعت ان قائد التشكيل الثاني الذي حل محل تشكيلي قد اصيبت طائرته وجرح وتمكن من الهبوط في منطقة المعركة وان احدى طائرات مي8 ( بقيادة الملازم الاول الطيار المرحوم ياسين جاسم العبود ) قد هبطت قرب الطائرة وتمكن طاقمها من اخلاء الطيار الى مستشفى كركوك العسكري . قررت العودة الى منطقة الحادث وعاينت مكان هبوط الطائرة المصابة واخبرت قائد الطائرتين المتبقيتين من التشكيلين ( بقيادة النقيب الطيار ح . و . ع ) بتأمين منطقة سقوط الطائرة واني ساعود الى جمجمال واترك طائرتي واعود الى منطقة سقوط الطائرة بواسطة طائرة مي8 لاخلائها . وهذا ما حدث وعند وصولي الى المنطقة اوعزت الى الطيار بالهبوط خلف ذروة وترجلت من الطائرة مع حضيرة مشاة تمركزوا على مرتفع مطل على الطائرة المصابة لتأمين حمايتي خلال تنقلي الى الطائرة المصابة والتي كانت تبعد مسافة 200 متر عن مكان ترجلي. لاحظت تقدم المتسللين الى منطقة قريبة من الطائرة بغية استهدافها ، وقامت الطائرتين بتأمين الحماية ومشاغلة المتسللين مع حضيرة المشاة التي باشرت بالرمي الكثيف باتجاه المهاجمين ،اسرعت باتجاه الطائرة وقرب وصولي لها تم استهدافي والطائرة بواسطة القاذفات والتي كانت تطلق الانفلاق الجوي فوقي وبشكل مكثف مستهدفة منطقة الطائرة المصابة وطائرات الحماية لمنعها عن تقديم الاسناد اللازم ولكن البطل ( ح . و ) استمر بتقديم الاسناد الناري دون ان يصيبه خوف من الموقف الصعب، واستمريت لحين وصولي الى الطائرة وبسرعة وبدون اية فحوصات بدأت بالتشغيل ، وكان رامي الطائرة المصابة يؤمن تقدمي بالرمي المباشر فاشرت له بترك المنطقة والالتحاق بي بالطائرة فقطع التماس والتحق بي ( وكان الوقت بعد غروب الشمس والرمي من القاذفات والاسلحة الاخرى مذنب بحيث ترى اتجاه مسار الاطلاقات وكان موقف صعب جدا ) ، وتمكنت من الافلاع بالطائرة المصابة واتجهت مع بقية الطائرات الى المطار مباشرة ، وكنت في المقدمة طالبا من الطائرات الاخرى مراقبة طائرتي واعلامي في حالة حصول اي عارض خلال الطيران وسلكت الطريق العام سليمانية – كركوك لامكانية حمايتها في حالة الهبوط الاضطراري من قبل الربايا القريبة ، لحين وصولي سالما الى القاعدة وقد حل الظلام . ومرة اخرى يستقبلني امر الجناح ( العقيد الطيار ابو زينب) وبعد التهنئة بالسلامة اخذ يعنفني فكيف اغامر بقيادة طائرة مصابة يمنع الطيران بها دون اخضاعها للفحص من قبل المهندسين وكيفية القرار بسحبها بدون الرجوع الى المراجع . وتعلم جيدا بان كافة حقوقك ستسقط في حالة تحطم الطائرة خلال الاقلاع او الطيران اوفقدانك لحياتك ؟ اجبته بان يوم امس تضررت احدى الطائرات ( العزيزة علينا ) بسبب العاصفة ولست على استعداد لفقدان لطائرة اخرى من السرب . ثم قمت بزيارة الطيار المصاب ( ج .ا . ظ ) في المستشفى للاطمئنان على صحته . وفي اليوم التالي علمنا بان المتسللين استطاعوا اصابة احدى المدرعات واحراقها قرب مكان سقوط الطائرة ( مما يعني بان الطائرة كانت الهدف ولولا سحبها لكانت قد دمرت ). طلبت من امر الجناح رفع مقترح الى قائد الفيلق لمنح الطيار المصاب والرامي وطاقم الطائرة التي قامت بانقاذ الطيار التكريم بنوط الشجاعة وستت أشهر قدم ممتاز. ولما استفسر عن السبب اخبرته بان ( النقيب الطيار ايدن مصطفى ) ( اعدم في السنة الثانية للحرب لاسباب سياسية ) قد منح ستة أشهر قدم بسبب انقاذه طيار ايراني اسقطت طائرته في بداية الحرب في منطقة لم يكون فيها قتال، وان طيارينا احق بالتكريم لكون طائرة الانقاذ هبطت بدون تردد وفورا لانقاذ الطيار الذي اصيب نتيجة تقربه من الهدف وكذلك صمود المقاتل وعدم تركه الطائرة لغاية سحبها . قال لي وان فلان ( يقصدني ) قام بسحب الطائرة وتحمل المسؤلية الامنية والمعنوية لذلك فهو يستحق التكريم ايضا ! اجبته كلا لاني مسؤول عن من هم بمعيتي ومن قام بعمل لاجلهم اما انا فلا اقيم عملي . وفعلا حصلوا على التكريم الذي يستحقونه . ولاجل تفادي التأخير الذي حدث في تسليح صواريخ ( AS12 )، فقد اوعزت بحفر ملجأ يمكنه استيعاب صاروخين وتحكيمه بصناديق العتاد الفارغة، مع اتخاذ اجراءات الامان قرب وكر الطائرات وتكون حمايته من قبل دورية حماية الوكر . واجريت عدة تجارب على التسليح وحساب الزمن من استلام الامر بالتسليح لحين ان تكون المنظومة جاهزة للتنفيذ ، واخبرت امر الجناح والحركات بالاجراء والتوقيتات التي تستغرقها العملية ولاقت الموافقات اللازمة من قبل امر الجناح والحركات استعدادا للواجبات الطارئة . استمرينا في السرب بتقديم الاسناد لقطعات الفيلق الاول ، وكان آخر واجب قتالي قمت به يوم 17 حزيران (يونيو) 1982 لاستطلاع منطقة مخمور . وآخر واجب تدريبي يوم 19 منه . في20 حزيران (يونيو) 1982صدر امر نقلي الى السرب الجديد( السرب 106) وبدأت استحضارات النقل وتشكيل السرب في جناح طيران الجيش الثاني في بغداد – التاجي ، واستطلعت مقر السرب اثناء اجازتي الدورية وارسلت عدد من الطيارين ( لهم هوايات في البناء والنجارة وغيرها ) لاكمال النواقص لحين التحاق منتسبي السرب في بداية تموز 1982 ، لتبدأ مرحلة جديدة من مسار خدمتي بعد سبعة سنوات قضيتها في السرب 30 تدرجت بها من رتبة ملازم اول الى مقدم حصلت به على الخبرة المناسبة كطيار مقاتل ومدرب على الطائرات ولن انسى فضل جميع الامرين الذين عملت بامرتهم في السرب لما احاطوني واقراني من عناية وتعليم واسلوب التعامل كأسرة واحدة . وكذلك اقراني من الطيارين والفنيين ضباطا ومراتبا فقد كنا والحمد لله تعالى نعمل يدا واحدة .
. |
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 السبت 21 أبريل 2018 - 6:48 | | | الحلقه الثانيه
تشكيل السرب 106 مروحيات انتهيت في المقالة السابقة بتكليفي مسؤلية آمرية السرب الجديد والذي اطلق عليه السرب 106 المجهز بطائرات BO105 ( المانية الصنع) ، التي انهينا التدريب عليها في اسبانيا بمجموعتين الاولى في آذار/ مارس 1982 والاخرى في حزيران/ يونيو 1982 واختير الاسم 106 بعد ان كان السرب 105 ( الرئاسي ) قبلنا قد جُهز بالنوع ذاته غير المسلح و كان تدريبهم في المانيا الغربية حينها بسبب حضر السلاح المفروض على العراق .
كان موقع مقر السرب شمال بغداد في معسكر التاجي جناح طيران الجيش الثاني وكما ذكرت في المقال السابق فقد ارسلت عدد من الطيارين من الذين لهم رغبة وهواية بالعمل الاداري والتنظيمي في مجالات عديدة لتهيئة المقر المخصص للسرب الجديد لاستقبال المنتسبين عند صدور الامر بالنقل وكان على رأسهم النقيب الطيار الشهيد محمود راضي جعفر استشهد عام 1986 في معركة الفاو وكان رحمه الله متعدد المواهب والمرحوم النقيب الطيار حسين وغن عيسى ( انتقل الى رحمة الله تعالى يوم 15 شباط / فبراير 2017 اثناء اعدادي للمقال ) ، وقد سبق لي زيارة المقر المخصص لنا في آخر اجازة لي وبذلك تكونت لي فكرة اولية عن الاحتياجات , جرى التباحث حولها وعمل خطة عمل مسبقة وايجازها للمكلفين بها كل حسب امكانياته .. نهاية حزيران / يونيو 1982 صدر امر النقل وتشكيل السرب 106 وقبل ان اودع وحدات جناح طيران الجيش الاول واسرابها استذكرت مسيرة عملي على الطائرات السمتية وما مر بها من ذكريات وكأنه شريط سينمائي مر سريعا
ودعت منتسبي السرب وانا اعيد استذكار الاحداث التي مرت علي وتوجهت الى مقر الجناح لوداع منتسبيه و آمر الجنا ح ( ابو زينب ) ليخبرني بانه نقل لمنصب آمر الجناح الثاني في التاجي وهذا يعني بانني ساعمل بامرته هناك ( وهذا من حسن طالعي طبعاً ) وقدم لي بعض النصائح واختتمها بما معناه ( لقد كلفت بتشكيل سرب جديد مسلح بطائرات حديثة متقدمة فعليك ان تكون حريصا على الطيارين وتدريبهم واعدادهم وبشكل مثالي واحرص على ان لا تقل فترة التدريب عن سنة كاملة ليكون الطيارين مهيئين للاشتراك في المعارك حرصا على سلامتهم والمال العام) , شكرته على النصائح والتعليمات على امل اللقاء قريبا في التاجي وصلت الى مطار التاجي نهاية شهر حزيران /يونيو 1982 وقدمت كتاب التحاقي الى وكيل آمر الجناح العقيد الطيار م .ف وهو من الطيارين الذين كانوا ضمن واجب نقل المرحوم الرئيس عبد السلام عارف يوم تحطم طائرته , وبعدها توجهت الى مقر السرب وكان شبه مهيأ لاستقبال الطيارين بجهود من ارسلتهم سابقا , والتحق معي عدد من طياري السرب / 30(الويت 3 ) المنسبين للسرب الجديد منهم من تدرب على الطائرة في اسبانيا . كانت الخدمات والمنشآت في المطار بسيطة جدا وبشكل غير مألوف في المطارات الاخرى ( الكهرباء والماء ولا يوجد مطعم او بهو للضباط والحدائق متروكة ) بمعنى ان الحالة بشكل عام بائسة ، مما يعني باننا يجب ان نعتمد على امكانياتنا وتهيئة المستلزمات بجهودنا الشخصية ويكون عملنا من نقطة الصفر , دون ان تكون لنا الخبرة المسبقة بمثل هذه الحالة . توافد الضباط الطيارين والمهندسين والفنيين تباعا , وكان عدد من المراتب ومن مختلف الاختصاصات قد التحقوا قبلنا واستمر توافدهم من مختلف الاسراب منهم من اكمل دورات الاختصاص خارج الوطن ومنهم نسب دون اشتراكه بدورات الاختصاص للطائرة الجديدة ولكن اغلبهم من المتميزين والكفوءين في مجال اختصاصاتهم . وبدأنا رحلة او معركة البناء وحسب ما كنا نطمح اليه لنكون متميزين وننقل ما شاهدناه وجلبناه عندما كنا في مرحلة التدريب خارج الوطن . عندما كنا في السرب 30 مميزين بعلاقاتنا وعملنا المستمر طيلة سنوات انتمائنا للسرب , ولكن الان يتواجد معنا عدد من الطيارين من اسراب مختلفة كل له عاداته التي اكتسبها من خلال تواجده فيها, مما اضعف الانسجام بداية الامر . وضع خطة العمل وبالاسبقيات المهمة :
- توزيع المناصب : تم تنسيب المساعد وضابط التوجيه وضابط الامن ومراقب السرب ( رئيس عرفاء الوحدة ).
- الاسكان : كانت الاسبقية الاولى للاسكان وقد سبق وان وصل الى درجة متقدمة قبل التحاقنا بجهود من سبقنا فكانت غرفة آمر السرب و المساعد وبهو الضباط والمكتب ومطعم السرب والمرافق الصحية مهيئة وباثاثها وبشكل مقبول يمكن ان ندير العمل وامكانية التطوير بمرور الوقت وتم تشكيل لجنة من ثلاث ضباط للاشراف والعمل بشكل مباشر لاكمال النواقص وبمساعدة عدد من المراتب . ولجنة لمطعم الضباط وتنسيب ( المراسلين ) ومن لهم القابلية على اعداد وجبات الطعام وتهيئة المستلزمات المطلوبة . تشكيل لجنة برآسة احد المهندسين ونواب ضباط عدد اثنين لتهيئة وتنظيم قاعات المراتب واكمال نواقصها ( تنظيف صبغ اكمال المرافق الصحية وايصال المياه وخزاناتها لاستمرار تدفق الماء واكمال الكهربائيات وبرادات مياه الشرب ومبردات الهواء وكل ما يؤمن راحة المنتسب بعد اكماله عمله ) تهيئة وكر الطائرات ( الجزء المخصص لنا المشترك مع السرب 61 مي 25 ) وهو بعيد نسبيا عن مقر السرب . وتخصيص خط الطيران واكمال المنشآت المطلوبة ( غرف المهندسين والفنيين ومراقب السرب والمخزن والمرافق الصحية وتزويدها بالماء الدائم ) باشراف المهندس الاقدم ومراقب السرب . ولم نهتم بحانوت المراتب لكوننا اعتمدنا على حانوت السرب 61 - المكتب ( القلم ) والامور الادارية : يعتبر المكتب عمود الوحدة, ومشكلة الطيارين هي عدم المامهم بالامور الادارية بشكل عام سوى من مارس منصب ( المساعد ) لذلك فقد توليت مسؤلية تنظيم المكتب بنفسي معتمدا على ما تعلمته سابقا عندما كنت وكيل امر سرية دبابات في كتيبة الدبابات الخامسة وسرية الدبابات شبه وحدة ادارية ولا يوجد بها ضابط اداري حيث تقع المسؤلية كاملة على امر السرية من حيث الدبابات وعجلات النقل والاختصاص والقلم والرواتب ، وكذلك مدة شغلي لمنصب امر السرب 30 وقبلها اسناد امر السرب في ادارة امور السرب . •تم تنسيب نائب ضابط ( اداري مشاة ) للمكتب , استفسرت عن افضل مسئول مكتب في اسراب الجناح واستخدمته في تنظيم المكتب واستعنت بالمراتب الذين لهم خبرة واعرفهم من السرب 30 وكلهم باشراف الرائد الطيار ( ع . م . ش ) صاحب موهبة الخط الجميل لاكمال اضابير وسجلات ولوحات التعليمات في المكتب وكان انجازهم رائع تنظيما وخط جميل وتوزيع الاعمال على منتسبي المكتب , وبعد الانتهاء تم اعادة النائب الضابط الى وحدته بعد تقديم الشكر وتكريمه بهدية مناسبة واجازة تقديرا لجهوده . •اكملت شهادات الصرف وتم توفير مبالغ منها وهي ما تتعلق باجور العمل التي جرى تنفيذها من قبل منتسبي السرب ضباطا ومراتبا وباشراف وتنفيذ مميز للرائد الطيار الشهيد محمود راضي جعفر وكنا نعمل معه بمثابة عمال لديه.
تم استخدام الفروقات في التأثيث والاعمال خارج اوجه الصرف الرسمية وعبر لجنة يجري الصرف من خلالها وباشرافي التي يطلق عليها النثرية غير المنظورة ، وهناك نثرية رسمية ومقدارها 100 دينار شهريا وجميعها يجري صرفها بوصولات بعد موافقة امر السرب وتوقيعه على الوصل والسماح بالصرف . •تم اكمل مطعم الضباط وبدأ تناول الفطور الصباحي وهو يكون شبه مؤتمر يجري استعراض العمل وتوزيع الواجبات ومناقشة المشاكل وكانت وجبة الغداء قليلة وبما يناسب عدد من يبيت في الجناح . •كما تم اعتمادي تعليمات ( سياق ) موحدة بسبب عدم وجود مطعم في الجناح ولكون الجناح ( مركزي ) تهبط به الكثير من الطائرات خلال رحلاتها من الشمال الى الجنوب وبالعكس للتزود بالوقود او المبيت وكما يلي (عند هبوط اي طائرة في وكر السرب تجري دعوة الطاقم من قبل اي ضابط من ضباط السرب لتناول الطعام في السرب ويكون حساب الكلف نهاية الشهر توزع على جميع الضباط دون الرجوع الى من دعى الضيوف , وهذا يؤدي الى ان لا يتهاون اي ضابط في دعوة الضيوف بل يسارع لدعوة الضيف وفي الوقت ذاته يشعر الضيف براحة نفسية واهميته بسبب عدد من يدعوه ويضيفه . مما يؤدي الى ان يكون ضباط السرب مرحب بهم بشكل جيد عندما يتواجد اي منهم في المطارات الاخرى وقد لمس الجميع نتائج هذا الفعل . كما وان هدايا المناسبات للضباط يجري المساهمة بها من الجميع ولا يجري الصرف من النثريات مما زاد من روح الانسجام ). •اكمال غرفة الحركات والمحاضرات بوسائل الايضاح والتأثيث. •تأثيث بهو الضباط مع اكمال لوحات وسائل الايضاح ومواصفات الطائرة ولوحات الحالات الاضطرارية مع تزيينها بالصور اللافتة للنظر ( مع تغيير الصور بشكل مستمر ) وبخط جميل قام به خطاط السرب الرائد ( ع . م ). •وضع السبورة البيضاء مع استخدام اقلام الحبر ( ماجك ) التي يمكن مسحها وجهاز عرض الشفافات ( اوفر هيد ) وبعض وسائل الايضاح التي جلبناها معنا من اسبانيا . وتستخدم في الايجاز الصباحي والمحاضرات في بهو الضباط كان جناح الطيران ورشة عمل لشركات تقوم بانشاء اوكار الطائرات وعدد من البنايات لاغراض اكمال النواقص ( مقر الجناح ,الحركات, بهو ومطعم الضباط ,قاعات لاسكان المراتب وغيرها ) ومع مرور الزمن اكملت هذه الانشائات ومن ضمنها وكر للطائرات شغله سربنا مع تزايد عدد الطائرات مناصفة مع السرب 107 (PC7) والذي كان مقره في الوكر ذاته وفي الايام الاولى لشهر تموز كانت اغلب الامور الادارية قد اكملت وبدأ الاهتمام باعداد الطيارين وعلى ثلاثة مستويات : المستوى الاول .الطيارين الذين اكملوا تدريبهم في ( اسبانيا ) ومنهم 3 مدربين بضمنهم آمر السرب
المستوى الثاني . الطيارين الذين اكملوا تدريبهم في ( المانيا الغربية ) , وهم طيارين تم ايفادهم ضمن عقد ( وزارة الصحة ) لواجبات الاسعاف الجوي ( عقد مدني ) وبطائرات حديثة مجهزة بمعدات الاسعاف الجوي مع تدريب الاطباء والممرضين , ولهم مقاعد داخل الطائرة وفي المحطة الرئيسة في مستشفى الرشيد العسكري , وكان الغرض الاساسي منها هو ضمن الاستعدادات لمؤتمر قمة عدم الانحياز الذي كان مقرر عقده في بغداد عام 1982 وتم تنسيب طياري وفنيي الطائرات الى السرب بعدد طائرات اربعة فقط واحدة منها مرفوعة المعدات واستخدمناها للتدريب مع بقاء الطائرات الاخرى جاهزة للاستخدام عند الضرورة ويكون الاطباء المنسبين عليها يمارسون واجباتهم الطبية في مستشفى الرشيد وجاهزين لتنفيذ الواجبات عند التبليغ عير النظومة الارضية في المستشفى المذكور.
المستوى الثالث . هم الطيارين المنسبين للسرب دون دخولهم دورة التدريب الاساسي.
تم ادخال جميع الطيارين للدورة الارضية كدورة تحويلية للطيارين الجدد واعادة المعلومات للاخرين وكانت المحاضرات تلقى من قبل المهندس الاقدم ومعلمي الطيران والتي تفيد في مراجعة معلوماتنا كمعلمي طيران. مع الاستمرار في اكمال الامور الادارية والبناء بعد انتهاء الدروس . •كان الجهد الاكبر فيما سبق ملقى على عاتق ضباط السرب 30 سابقا مما ولد حساسية من بقية الضباط لدرجة اطلق عليهم ( عصابة سرب 30 ) , التقيت بالجميع وشرحت لهم سبب اعتمادي على الضباط والمراتب المذكورين لكوني عملت معهم لسنيين طويلة واعرفهم شخصيا وما يتميز به كل واحد منهم , وافهمهم ويفهموني بسبب المعايشة ولا اعرف مواهبكم الشخصية سوى مستوياتكم بالطيران من خلال اضابيركم الشخصية واتمنى منكم التطوع لتخفيف الجهد عن زملائكم وبذلك تم تجاوز هذه الحساسية . •تم فتح دورات تحويلية للمراتب على الطائرة وكل حسب اختصاصه من قبل المهندسين الذين اكملوا تدريبهم في الخارج للمراتب المنسبين حديثا ولادامة المعلومات للقدماء. كان لمنتسبي السرب 30 ضباطا ومراتبا علاقات متميزة لا تجدها في الاسراب الاخرى ( بسبب انشغالهم بالحركات في شمال الوطن وسيرة وطريقة تعامل اول آمر للسرب كاكة حسن رحمه الله تعالى فقد كان معلما وقدوة لنا بطيبته وخلقه الرفيع سرنا على طريقته الرائعة في الادارة ) لذلك كان لتفهم هذه العلاقات يحتاج الى المعايشة والفهم المشترك ، فمثلا قام احد الطيارين بابلاغي عن عمل قام به طيار آخر في محاولة منه للتقرب مني, في اليوم التالي وخلال تناول الفطور الصباحي وامام الجميع واجهت الاثنين بشكل مباشر فكان موقفا محرجا لهما , نصحت الجميع بان يكونوا يدا واحدة ( وان كان ضدي شخصيا ) فكل واحد منكم هو سند للاخر خلال القتال ويمكن ان ينقذ حياته في الشدائد لذلك فهذه طريقتي لا اقبل الكلام بغياب الاخر , وكان هذا درسا للجميع فان تقربهم مني هو من خلال عملهم ( قضيت على هذه العادة الغير حميدة ) . والشيء الوحيد الذي يجب ان يغتاب احدهم الاخر هو ( مخالفة الطيران ) فالطيار الاول والثاني مسؤلان عن المخالفة وعند عدم اخبار الطيار الثاني بالمخالفة فان العقوبة تشمله ايضا ! وكنت اراقب الطيران وبذلك لم تحدث اية حادثة طيران خلال التدريب, اما المعلومات الضرورية فاستقيها من المنتسبين وبحسب مناصبهم ومن خلال معايشتي اليومية المستمرة مع جميع منتسبي السرب . من عادة المراتب ان يطلبوا الاجتماع مع امر الوحدة لطرح مشاكلهم لغرض حلها , ويستغل البعض هذا الاجتماع للتهرب من الواجبات فيلقون الاسئلة الكثيرة لاطالة الاجتماع . قمت بحل هذه الحجة بان يكون هناك اجتماع في ساحة العرضات كل يوم خميس بعد العرض الصباحي ( وقوفا ) صيفا و شتاءا وبحضور المهندس الاقدم والمساعد وضابط التوجيه ومراقب السرب , لذا يكون الاختصار وطرح ما هو ضروري فقط وعند محاولة اي منتسب من المراتب طرح الاسئلة المملة يتصدى له البقية ويوقفوه تجنبا للبقاء وقوفا وبظروف جوية صعبة ، وبذلك يجري الاجتماع ويؤدي الغرض منه . وفي اليوم الثالث من تموز/ يوليو 1982.التحق آمر الجناح العقيد ( ابو زينب ) . تم تخصيص عجلة امر السرب ( تويوتا صالون حديثة ) مع سائق برتبة رئيس عرفاء تمت التوصية به من ضابط ركن مدير طيران الجيش واعلامي بانه تم تنسيبه لخلقه العالي واسمه ( كريم قاسم ) وكنا نلقبه ( الزعيم ) على اسم عبد الكريم قاسم , وكان حقا خير رفيق حرصا ووفاءً, وبقي معي في تنقلاتي اللاحقة الى منتصف عام 1987 عندما صدر الامر بتنقل جميع من خدم في المقرات الى الوحدات الارضية , واستمرت علاقتي به لحين وفاته نهاية التسعينات ( رحمه الله تعالى ) . كما وتم تخصيص عجلة ( كوستر حديثة ) مع سائقها لاستخدام الطيارين . وحقا فان العناية والتجاوب كان يفوق الوصف من كافة مديريات المديرية ( تدريب , حركات , هندسة , تجهيز ) وغيرها فلهم الشكر والامتنان جميعا . جاء الدور للعناية بالمساحات المحيطة بمقر السرب حيت انشأت حديقة جميلة امام المقر واستغلال المساحة الخلفية والجانبية بزراعة المحاصيل الزراعية لادامة المطعم وبجهود ذاتية واستغلال فترة انتهاء الدوام ومن قبل الضباط الذين اسكانهم داخل الجناح وبالاعتماد على المتوفر من الماء الخام الواصل للمعسكر . استلم آمر الجناح الجديد ( ابو زينب ) المسؤولية , ولم يهنا بهذا المنصب الجديد فقد تعرض لاصابة شديدة في واجب نفذه يوم 8 تموز/ يوليو1982. , ولم تسعفه حالته الصحية بعدها لممارسة الطيران الذي ابتعد عنه ( مرغما ) الى نهاية خدمته
.
|
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 السبت 21 أبريل 2018 - 7:00 | | | الحلقة الثالثه فرسان يسابقون الزمن والمعركة الاولى للسرب 106
انهيت المقالة السابقة باصابة امر جناح طيران الجيش الثاني وابتعاده عن الطيران مرغما نتيجة شدة الاصابة , وعودة وكيل امر الجناح السابق العقيد الطيار ( م . ف ) وازاح عني مسؤلية قيادة الجناح وتفرغي لقيادة السرب واعداده للمرحلة المقبلة . بعد اكمال المراحل الاولى للاسكان وبقية الامور الادارية بدأت مرحلة التدريب النظري لاعادة المعلومات على طائرة ( BO105 ) , خصص للسرب الاسم الرمزي ( حاذق ) وهو اسم الملازم الاول الطيار الشهيد ( حاذق شاكر البرزنجي ) والذي استشهد في بداية الحرب مع ايران ومن طياري طائرة ( مي 25 ) السمتية مقاتلة الدروع , حيث كان قرار مديرية طيران الجيش بتخصيص الاسماء الرمزية للاسراب من شهداء طيران الجيش تخليدا وعرفانا لتضحياتهم . ويستخدم الاسم الرمزي في النداءات مع السيطرة الجوية للقواعد وقواطع الدفاع الجوي حيث يخصص رقم بعد الاسم الرمزي لكل طيارمثل ( حاذق 01 او 15 وهكذا ) وحسب النظام الانكليزي يستثنى الرقم 13 فيكون التسلسل ( حاذق 12 ثم 14 ) . تضمن التدريب مجموعتين
الاولى
التدريب النظري والعملي التنسيق والتعاون مع الفريق الطبي المخصص لطائرات الاسعاف والانقاذ الجوي ( اطباء ممرضين ووحدة السيطرة ) الملحقين بالسرب ويكون تواجدهم في مستشفى الرشيد العسكري وكان المؤمل تخصيصها لعمليات الانقاذ والاسعاف الجوي خلال مؤتمر عدم الانحياز المقرر عقده في بغداد عام 1982 . وخصص لها الطيارين الذين تلقوا تدريبهم في المانيا الغربية ضمن عقد وزارة الصحة بسبب فرض الحظر على توريد السلاح للعراق وكونها طائرات للاستخدام المدني
الثانية
طياري السرب 30 ( الويت3) حيث كان من المقرر الحاق عدد من طائرات السرب 30 لغرض ادامة التدريب والتنسيق مع الجهات المختصة لحماية الوفود المشاركة في مؤتمر عدم الانحياز , حيث كان من المقرر هبوط طائرات الوفود في مطاري بغداد الدولي ومطار المثنى ويجري نقل الوفود الى مقرات اقامتهم بحماية طائرات (الالويت3 ) المسلحة بالمدفع الرشاش ( 20 ملم ) , اما طائرات رؤساء الوفود والتي يتقرر بقائها في العراق فيجري تفريقها على القواعد الجوية لتأمين حمايتها من الغارات المعادية المحتملة . ويتزامن التدريب مع بقية الطيارين على طائرة (B0105) .
السياق اليومي للسرب
يبدأ العمل اليومي منذ الصباح ويتضمن الايجاز الصباحي وكما يلي :
- قراءة التقرير الجوي اليومي ويكون من قبل احد ضباط السيطرة الجوية او من قبل الطيار المكلف بالايجاز الصباحي - قراءة منهج التدريب اليوم - شرح سريع لاحدى الحالات الاضطراري - مناقشة اي حدث او حادث داخل السرب او ما يصلنا من شعبة سلامة الطيران -الفحص الطبي اليومي ويجري اما من قبل الطبيب المختص بطب الطيران او من يكلفه من الكادر الطبي للجناح -يبدأ بعدها الطيران العملي حسب المنهج المقرر -بعد الانتهاء من التدريب العملي يجتمع الطيارين في قاعة المحاضرات حيث يلقي احد امري الرفوف درس في احد المواضيع التي تخص ( علم الطيران ) ويجري العمل وفق هذا السياق وان كانت هناك معارك كبيرة. كنت قد نسقت وقتي باتمام زواجي في شهر تموز 1982 مستغلا عدم اشتراك سربنا في المعارك لتفرغنا للتدريب , وقبل اسبوع من الموعد المحدد للزواج ( وكان يصادف شهر رمضان )كنت مع عائلتي وخطيبتي في دار والدي حيث تجتمع العائلة كل يوم خميس , بعد انتهاء الدوام لذلك اليوم عدت الى البيت ليتم الاتصال بي عصرا من حركات طيران الجيش للالتحاق فورا الى السرب لوجود واجب ساعلم تفاصيله لاحقا . التحقت فورا بعجلتي الخاصة موصيا شقيقي ايصال خطيبتي الى دار اهلها بعد الفطور , وكان هذا الدرس العملي الاول لما ينتظرنا مستقبلا. بعد استعادة المعلومات الفنية اللطائرة انتقلنا الى مرحلة التدريب العملي بطائرة واحدة من طائرات الاسعاف منزوعة الاجهزة الطبية. يوم 10 تموز 1982 بدأت معارك شرق البصرة بعد التعرض المعادي الواسع لاحتلال مدينة البصرة , اشترك طيران الجيش وبكل امكانياته في هذه المعركة , ومع استمرارها بدأ التذمر من قبل اغلب طياري السرب ويطالبون بالعودة الى اسرابهم التي نقلوا منها للمشاركة في المعركة (وهذا يدل على حرصهم والشعور بالمسؤلية التي يتميز بها المقاتل العراقي). ونظرا لكوني من مؤيدي هذا الرأي فقد وجدت صعوبة كبيرة في اقناعهم بان واجبنا حاليا بذل الجهد الكبير في التدريب وامامنا معارك كثيرة في انتظارنا , ومع ذلك فقد تصاعد هذا الاصرار مع استمرار معارك شرق البصرة .
التدريب العملي على الطائرة( BO105)
يوم 13 تموز 1982 باشرت الطيران باول طلعة تدريبية في السرب كانت مع الملازم الاول الطيار ( سالم جميل ) وهو من مجموعة طياري الانقاذ والمستمرين بالتدريب , وهي بمثابة استعادة معلوماتي العملية على الطائرة بعد الانقطاع عن الطيران عليها منذ الدورة في اسبانيا , ولهذا الطيار حكاية وجدت الفرصة لروايتها في هذا المقال : يوم 15 آب 1982 والايام التي بعدها تمتعت باجازة ( عيد الاضحى ) مع عائلتي وعوائل بعض الاصدقاء في مدينة الموصل , وفي الوقت ذاته كان سالم جميل متمتعا باجازته الدورية في مدينته ( الموصل منطقة دوميز ) وهو من الديانة المسيحية ( ويتميز بشاربه الكثيف ) , شاركنا وعائلته في سفراتنا السياحية الى مصايف شمال الوطن لاحظت اهتمام والدة سالم جميل بحفيدها ( ابن سالم ) وبشكل متميز يوم 15 تموز 1982 تمتعت باجازة الزواج في المدينة السياحية في الحبانية . وبعد عودتي من الاجازة يوم 21 تموز كانت معارك شرق البصرة مستمرة , كرر الطيارون طلبهم وباصرار للعودة الى اسرابهم , استطعت احتواء اصرارهم بتكثيف منهاج التدريب العملي والنظري بعد ان وضعت ومعلم الطيران النقيب الطيار محمود عبوش ( استشهد عام 1991 ) سياقات ومناهج التدريب لحين وصول الطائرات المسلحة المخصصة للسرب والمدربين الالمان . واصلت التنسيق مع شعب مديرية طيران الجيش لاكمال النواقص ومع مستشفى الرشيد العسكري ووضعنا خطة العمل المشترك مع الاطباء دون المساس بعملهم داخل المستشفى .
اعداد الخرائط
كما اسلفت في المقال السابق فقد جهزت طائرات السرب باجهزة ملاحية متطورة تحتاج الى دقة في استخدام الاحداثيات التربيعية واجزائها لتعطي النتيجة بشكل صحيح , والخرائط المتوفرة لدينا لا تفي بمتطلبات الجهاز الملاحي المجهز في الطائرة , لذلك فقد راجعت مديرية المساحة العسكرية في مقرها في ساحة الطيران في بغداد, استقبلني مدير المساحة وتداولت معه متطلبات الخرائط التي اريدها , ارسل على احد المهندسين الشباب ( مجند ) المنسوبين الى مديريته وطلب منه مرافقتي الى المرسم وتنفيذ ما اطلبه.استوعب المهندس المطلوب واعطيته الاعداد المطلوبة لكل خريطة وحسب المقاييس التالية: -1/250000وهي الخرائط المستخدمة بشكل عام للطيارين وتغطي مساحة العراق ومناطق العمليات وبعدد الطيارين الحاليين والمتوقع التحاقهم لاحقا - 1/500000 وتستخدم في غرفة الحركات وعددها محدود وتؤشر عليها الموقف العام - 1/100000 تستخدم في غرفة الحركات ويؤشر عليها الموقف الخاص بعمل السرب ضمن قاطع مسؤلية الجناح قاطع الفيلق والفرقة وصولا ت الافواج لاعطاء الدقة في المعلومات لتقديم الاسناد القريب وقرب القطعات المعادية من قطعاتنا -1/50000 وتستخدم من قبل ضباط ركن الحركات لاعطاء الايجاز للطيارين وبشكل دقيق جدا ومفصل بسبب تداخل قطعاتنا مع قطعات العدو عندما يكون الاسناد قريب واحتمالات الخطأ في تمييز قطعاتنا من العدو -1/1000000 وتستخدم عند التنقل بين المحافظات. ويحتفظ كل طيار بكل هذه الخرائط وخصوصا قياس 1/250000 والتي تستخدم بشكل عام في اغلب الواجبات . وكما ذكرت فقد طلبت الخرائط حسب الاحتياج, ووعدني المهندس خيرا بعد يومين اتصل بي مدير المساحة ليخبرني بان الخرائط جميعها جاهزة وتنتظر الاستلام , شكرته على اهتمامه وجهود منتسبي المساحة ( مدنيين وعسكريين ) حيث كانت مديرية مشتركة لتأمين افضل الخدمات لقواتنا المسلحة , وهذا نموذج لجهود جنود مجهولين ولولاهم لما تمكن المقاتلين من تنفيذ واجباتهم القتالية . استلام الطائرات المسلحة مع نهاية شهر تموز 1982 التقت الوجبة الثانية من الطيارين بعد ان انهوا تدريبهم في اسبانيا وكان من ضمنهم معلم الطيران النقيب ( ع . ر . ح). في بداية شهر آب 1982 بدأ وصول طائرات السرب وبواسطة طائرات الشحن الى مطار بغداد الدولي , ليتم هناك اكمال تجهيزها واعدادها للطيران, وهو ما اخبرني به مدير شعبة الهندسة الجوية وبشكل شخصي . قابلت مدير شعبة التدريب في مديرية طيران الجيش العميد الطيار سعاد بهاء الدين ( استشهد في احداث شباط 2006 ) وطلبت منه ان اقوم باستلام الطائرات المجهزة بعد القيام بفحصها حسب السياقات المعمول بها , والبدأ بالتدريب لحرق مراحل من الزمن لحين وصول المدربين المتعاقد معهم وعدم اضاعة المزيد من الوقت لحين وصولهم , لم يوافق على طلبي واصر على التمسك بالسياقات الاصولية كما ينص العقد بان يكون فحص واستلام الطائرات من قبل المدربين المعنيين لضمان سلامة الطائرات والطيارين . لم اقتنع بالجواب وتوجهت الى مدير الحركات العميد الطيار محمد عبد الله الشهواني وعلاقتي به جيدة, واوجزت له طلبي وان عدد من الطائرات تم تجهيزها للطيران ولا علم لنا بموعد وصول المدربين وان صبر الطيارين قد نفذ, كررت الطلب بان اقوم بفحص الطائرات للاقرار على صلاحيتها بالاشتراك مع مهندس السرب بعد دراسة دليل الطائرة الفني والتحويرات التي تم اجرائها على الطائرات كونها تختلف عن الطائرات التي تدربنا عليها , ويمكنني استيعاب التحويرات وتبدل قوى الرفع وغيرها من الامور الفنية والعملية والعمل بها مع بقية الطيارين المدربين ,والمباشرة بالتدريب لحين الوصول الى مرحلة الرمي التشبيهي ثم الحقيقي بوصول المدربين المتعاقد معهم , واني على استعداد لتحمل المسؤلية كاملة عن ما يمكن ان ينتج من احداث. وافق مدير الحركات على ما طرحته وطلبت منه ارسال كتاب التكليف الى الجناح الثاني وبقية المراجع كي يكون عملي نظاميا ,وهو ما فعله . من هذا اليوم بدأ ت مشاكلي مع شعبة التدريب كوني تجاوزت السياقات المعتمدة , وللحقيقة اقول بان مدير التدريب كان على صواب لكونه يتبع السياقات المعمول بها بما يؤمن السلامة للطيارين والطائرات , وكذلك مدير الحركات كونه يسعى الى سرعة رفد ساحة المعركة بالسلاح الجديد وما يمكن ان يؤمنه هذا السلاح من اسناد لقطعاتنا الارضية المقاتلة . يوم 30 آب 1982 توجهت وبصحبة المهندس الاقدم للسرب النقيب المهندس ( و . أ . ز ) الى مطار بغداد الدولي وقمنا بالاجراءات الفنية المتبعة قبل الطيران ثم الطيران وبصحبة المهندس والقيام بالفحوصات المتبعة خلال الطيران , وبعد اتمام الفحص الجوي تمت اجراءات الفحص الفني النهائي وكانت جميع الفحوصات ناجحة وطلبت السماح بالطيران بها الى مطار التاجي ( مقر السرب ) وفور نزولنا في ساحة وقوف الطائرات تم نحر ( كبش كبير ) احتفاءً بالاستلام , واستمرت العملية عند استلام اية طائرة تنحر ( ضحية ) ثم تقام مأدبة غداء لضباط ومراتب السرب وبعض المدعوين .
تنسيب مدرب الماني للعمل بالسرب
في بداية شهر ايلول 1982 وبعد ان لمس مدير التدريب اصرارنا ونجاحنا في استيعاب التدريب على الطائرات المسلحة فاتح السرب الرئاسي المجهز بالطائرات ذاتها ( غير مسلحة ) باعارة المدرب الالماني ( بالك ) المتعاقد معه الى طيران الجيش وتنسيبه لتدريب طياري السرب , حصلت الموافقة وقمت يوم 12 ايلول 1982 باول طلعة تدريبية معه للاستفادة مما يحمله من معلومات تخص الطائرات المسلحة ثم ايصالها الى طياري السرب , وكذلك لتعريفه بمناطق الطيران التدريبي للجناح واسلوب الاتصالات مع سيطرة الجناح . كان مستوى الطيارين لا يحتاج الى المزيد من التدريب لذلك باشرنا بالتدريب على الرمي التشبيهي باستخدام المسددة واجهزة السيطرة على اطلاق الصواريخ وتقدير المدى وكل ما يحتاجه الرمي من امور فنية.
وصول المدربين والمهندس المتعاقد معهم
في تشرين اول 1982 وصل المدربين الالمان ( هلموت ونوربرت ) وهما من سبق ان قاما بتدريبنا في اسبانيا لذلك كانت علاقتنا معهم جيدة ومعهم مهندس الطيران الاسكتلندي ( روبرت ) والذي بقي معنا الى نهاية عام 1984 وكان حريصا ومخلصا في عمله بعد ان لمس اندفاع وحرص منتسبي السرب وله موقف مشرف في احدى المعارك سيأتي التطرق له لاحقا , اصطحبتهم بسيارتي الخاصة بجولة عامة في بغداد التي كانت حينها تشهد نهضة عمرانية واسعة وكنت اشرح لهم مزهوا فخورا فابناء بغداد الحبيبة يبنونها بسواعدهم وابنائهم واخوتهم يحملون السلاح في جبهات القتال دفاعا عن وطنهم . وكانت الرافعات العملاقة تشاهد في جميع ارجاء بغداد و تملؤها وكأنها باعداد اشجار النخيل ونالت الجولة اعجابهم . التحق بعها فنيين على الطائرة ( شولتز ) من المانيا و ( فرانكي ) من اسبانيا . واستمروا بالعمل داخل السرب لحين انتهاء عقد المدربين . تم تجاوز بعض العقبات الفنية لمتطلباتهم فقد كانوا يعتقدون بانهم في منطقة حرب ويطلبون تأمين سلامتهم خلال الطيران وهو ما تم تأمينه من خلال علاقتنا الجيدة معهم, قام المدربين بتنفيذ الطلعات الجوية مع جميع الطيارين وبعد ان لمسوا المستوى المتقدم للطيارين تقرر تنفيذ التدريب على الرمي الحقيقي. باشرت بالاجراءات لحجز ميدان رمي ( الشقة 37 ) التابعة لقاعدة تموز الجوية ( الحبانبة ) قرب مدينة ( هيت ) كونها تقع في غرب العراق بعيدة عن جبهة القتال بما يؤمن متطلبات المدربين . كما تم تأمين العتاد المطلوب من قبل ضابط اسلحة السرب بالتنسيق مع طيران الجيش , يوم 30 تشرين اول 1982 قمت مع المدربين باستطلاع ميدان الرمي بعد ان استطلعته بصحبة معلمي الطيران المنسوبين للسرب كل من النقيب الطيار ( ع . ر . ج ) والنقيب الطيار محمود عبوش ( استشهد عام 1991 ) , وبعد تنفيذ كافة طياري السرب الرمي الحقيقي ,اصبحوا جاهزين وينتظرون نشرهم طيارين فعالين بعد اجتياز الاختبار النهائي , وحسب السياقات والعقد المبرم مع الشركة وهو ما تم خلال الايام اللاحقة . جهز السرب بمدفع رشاش عيار ( 20 ملم ) نوع براوننك بلجيكي الصنع يكون تحت مقدمة الطائرة مع المحور الطولي للطائرة . يوم 2 تشرين ثاني 1982قمت ومع المدرب ( هلموت) باختبار المدفع بالرمي الحقيقي في ميدان الرمي . وحضر الاختبار ممثلي الشركة المصنعة وضابط مهندس اسلحة من شعبة الهندسة وضابط اسلحة من شعبة الحركات وضابط اسلحة السرب . بعد اجراء الرمي وفحص المدفع وجد توسع في الفوهة , اعيد المدفع الى الشركة لتلافي العطل . يوم 19 تشرين ثاني 1982اعيد اختبار الرمي بالمدفع وبحضور جميع من حضر الاختبار الاول وتكرر العطل ذاته , مما تطلب اعطاء مهلة للشركة لفحص المدفع في المعمل واعادة الاختبار لاحقا . ولهذا المدفع رواية سيأتي التطرق اليها لاحقا . خلال هذا الشهر تم تنسيب العقيد الطيار الركن ( ه . أ . ت ) آمرا للجناح الثاني بدلا من العقيد ( ابو زينب ) الذي اصيب في تموز الماضي ووكيل آمر الجناح ( م . ف ) بحلول 15 تشرين ثاني 1982 اكمل جميع الطيارين الرمي الحقيقي واجتيازهم الاختبار النهائي وهم جاهزون لتنفيذ الواجبات القتالية . ابلغت مديرية طيران الجيش باتمام التدريب وجهازية السرب الكاملة لتنفيذ الواجبات . كانت همة واخلاص واندفاع طياري السرب وجميع المنتسبين من مهندسين وفنيين العامل الحاسم في سرعة اتمام التدريب وبزمن قياسي واختزال الزمن من سنة كاملة الى اربعة اشهر, وكذلك همة واخلاص المدربين الاجانب والمهندس الاسكتلندي بعد ان لمسوا اندفاع المنتسبين ودرجة وعيهم وسرعة استيعابهم للمعلومات سواء عند التدريب الاولي خارج القطر او داخله فكانوا عامل مساعد لاتمام الجاهزية وهم لا يجاملون احد في قول الحق .
ايفادي الى فرنسا
مساء يوم الجمعة 19 تشرين الثاني 1982 وبعد الانتهاء من اختبار المدفع كنت ضمن وفد برآسة مدير طيران الجيش ومدير الهندسة الجوية وآمر الجناح الثالث وآمر السرب 16 قام بزيارة فرنسا بدعوة من طيران الجيش الفرنسي والمفارقة من ميدان رمي هيت الى باريس في اليوم ذاته . وكانت استضافتنا في فندق ( جورج الخامس ) في شارع الشانزليزيه وسط باريس الجميلة , وهو من الفنادق الراقية والتاريخية في باريس . وكان منهاج الزيارة لليومين السبت والاحد وهو عطلة رسمية زيارة متحف اللوفر وقصر فرساي وجولة حرة بالعجلات المخصصة للوفد . وتمت زيارة عدد من القواعد التابعة لطيران الجيش الفرنسي ووحدات التدريب في عدة مدن مختلفة وكان تنقلنا بطائرة عسكرية خاصة والعودة مساءً الى باريس . وضمن منهاج الزيارة كان زيارة وحدات التدريب في مدينة ( ليل ) وقمنا بزيارة احدى الدورات الاساسية لتلاميذ عراقيين متدربين هناك . وفي اليوم الاخير تنقلنا وبواسطة طائرة سمتية نوع ( بيوما ) الى منطقة ( فردان ) والتي شهدت احدى المعارك الفاصلة مع الالمان في الحرب العالمية الاولى وكانت المواضع الدفاعية لا زالت على وضعها مع شرح للمعركة ونتائجها . وهناك شاهدنا تمرين للغش والاختفاء واستخدام سفح الجبل كخلفية لعدد كبير من الطائرات لم نميزها الا بعد الايعاز لهم بانارة مصابيح النزول الامامية للطائرات عدنا مساءا الى باريس . وكان ضمن منهج الزيارة زيارة عدد من المسارح الباريسية مساء كل يوم , وكان قائد طيران الجيش الفرنسي بصحبتنا خلال الجولات جميعها . انتهت الدعوة وعدت مع امر السرب 16 يوم الجمعة 26 تشرين ثاني 1982 الى بغداد بينما لبى الاخرين دعوة من احدى شركات السلاح في بلجيكا .
العودة الى السرب
خلال تواجدي في فرنسا تم تكليف مفرزة من السرب بطائرتين مسلحتين بالصواريخ الحرة الى جناح طيران الجيش الرابع في العمارة ( مطار الميمونة ) وكانت بقيادة النقيبين المرحوم حسين وغن والشهيد محمود عبوش والطائرة الثانية بقيادة الشهيد النقيب الطيار ( محمود راضي جعفر ) استشهد في معركة الفاو 1986 والنقيب الطيار ( سعد عمانؤيل فتح الله ) وهاجر بعد الاحتلال , وكان باستقبال الطائرتين في ساحة نزول الطائرات ضابط ركن الجناح الرائد الطيار الركن ( أ . ع . أ ) والذي قام بنحر ( كبش ) تحت كل طائرة احتفاءا بالطيارين والطائرات لتكون ضحيتين ( كما هي العادة ) وكانوا محل ترحيب واحتفاء من قبل الجناح الرابع ( نبهتهم بان هذا الاحتفاء هو نتيجة ما كان يقدموه من ضيافة متميزة للطيارين عند نزولهم في مطار التاجي كما تناولت ذلك في المقال السابق ) . وبعد تنفيذهم الواجبات المكلفين بها عادوا الى مقر السرب وبذلك يكون هذا الواجب هو فاتحة الواجبات الاخرى على مر السنيين . عند عودتي الى السرب اخبرني المرحوم حسين وغن بانهم كانوا مسرورين لكوني كنت خارج الوطن لان وجودي كان سيحرم احد الطيارين من ان يكون اول من ينفذ الواجب في السرب لاني سأكون احد الطيارين المنفذين في المفرزة . هكذا كان الطيارين يتسابقون في اداء الواجب وهكذا كانت ثقتهم العالية بامريهم مما ادت الى هذه النتائج الباهرة في حسم المعارك لصالح العراق . . |
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 السبت 21 أبريل 2018 - 7:20 | | | الحلقه الرابعه مهمة قتالية للسرب ١٠٦: كمين للمروحيات الاسرائيليه في المنطقة الغربية من العراق
كنت قد انتهيت في المقال السابق تحت عنوان ( فرسان يسابقون الزمن والمعركة الاولى للسرب 106 ) بالتمام التدريب على الطائرة ( BO 105) / جناح طيران الجيش الثاني – في قاعدة التاجي الجوية ، ودخولنا الحركات الفعلية .
فاتني ايضاً في المقال السابق ان اذكر اسلوب تدريب طياري السرب في معالجة الامور الادارية في اسراب السمتيات عند تنسيبهم كآمرين لها في المستقبل ، وقد وجدت افضل وسيلة هو تدريبهم اشغال مساعدين في السرب لكون ذلك يمكنهم التعامل مع منتسبي السرب والمرجع الاعلى من خلال اعداد البريد اليومي وادارة معظم الامور الادارية للمنتسبين عليه فقد قمت بتكليف الطيارين لشغل هذا المنصب دوريا كل شهرين لأعدادهم لتسلم المسؤولية مستقبلا . كان عام 1983 البداية الحقيقية لفعاليات السرب القتالية ولغاية انتهاء الحرب مع ايران وتوزعت هذه الفعاليات بين اسناد القوات الارضية والمهام الخاصة بالإضافة استمرار تدريب الطيارين الملتحقين للسرب نقلا من الاسراب الفعالة او الطيارين الاحداث .
الانتقال الى وكر الطائرات الحديث
في بداية هذا العام ( 1983 ) خصص لسربنا نصف الوكر الجديد المنشأ حديثاً في القاعدة المذكورة وترك النصف الاخر الى السرب 107 المسلح بطائرات PC7 ذات الجناح الثابت (واجبها الرئيسي مقاومة السمتيات المعادية ومهام الاسناد القريب ) دون تغيير مقر السرب ، ويتميز الوكر بمساحة واسعة واستيعابه عدد كبير من الطائرات والعديد من الغرف مع ساحة واسعة لوقوف الطائرات خارجه . تم اكمال الامور الادارية في الجانب المخصص لسربنا داخل وخارج الوكر ( حانوت للمراتب ، حمامات ، برادات ماء ...الخ ) ، ثم توزيع الغرف المخصصة حسب الاختصاصات ومنها غرفة للمهندس ( م . ع وهو جندي مهندس مكلف ) المسؤول عن منظومة التصوير الجوي ، ولحساسية عمله كان ارتباطه مباشرة مع المهندس الاقدم ومعي شخصيا لضمان حرية عمله وسعيه لتطوير عمل منظومة التصوير الجوي ، مع تخصيص مستودع ملائم للمنظومة ، وهي عبارة عن كامرة كبيرة تركب خارج الطائرة تقوم بالتصوير والتسجيل الفديوي للمناطق المراد استطلاعها ويجري تفريغ الفيديو بعد نزول الطائرة على شريط فديو آخر وتقديمه للجهة الطالبة . وتم أيضاً تخصيص غرفة اخرى للمحاضرات مؤثثة بمناضد دراسية مزودة بالوسائل الايضاحية الحديثة لتدريس الطيارين والفنيين الضباط والمراتب الملحقين للسرب ومنها جهاز يوضح عمل المحرك النفاث بشكل عملي يعتبر وسيلة ايضاح مميزة شاهدها اغلب الطيارين من الاسراب الاخرى وقد اعجبوا بها كثيراً ، كل ذلك من المتوفر من شهادات الصرف السابقة كما بينت سابقا .
مسؤوليات اجنحة طيران الجيش العراقي
بشكل عام تتلخص مسؤوليات اجنحة طيران الجيش كما يلي: • جناح طيران الجيش الاول / مقره في محافظة التأميم بمطار K1 لإسناد الفيلق الاول و الفيلق الخامس بعد تشكيله • جناح طيران الجيش الثاني/ مقره في مطار التاجي ( شمال بغداد) واجبه اسناد الفيلق الثاني والفيلق الاول الخاص بعد تشكيله ويكون الجناح مركزي مع مديرية طيران الجيش لوجود اسراب مفردة مثل السربين 106 (BO105) و السرب 107 ( PC7) الثابت الجناح . • جناح طيران الجيش الثالث/ مقره في محافظة البصرة بمطار البصرة القديم ومطار الشعيبة وواجبه اسناد الفيلق الثالث والفيلق السابع بعد تشكيله . • جناح طيران الجيش الرابع/ مقره في محافظة ميسان بمطار الميمونة لاسناد الفيلق الرابع والسادس بعد تشكيله . • يوجد السرب/ 24 المسلح بالطائرات الشرقية العملاقة مي/ 6 في مطار الاسكندرية للنقل الاستراتيجي ويكون بأمرة مديرية حركات طيران الجيش مباشرة . جرى توزيع اسراب طيران الجيش ( مقاتلة الدروع والنقل ) على الاجنحة عدا الجناح الاول حيث يوجد السرب/ 30 الوحيد المسلح بطائرات النقل وطائرات الويت/ 3 المقاتلة للاستخدام في شمال الوطن مع تكليفه بواجبات في الاجنحة الاخرى حسب الحاجة . ولا حاجة للاسراب المقاتلة للدروع لخصوصية المنطقة الجبلية . وبذلك يكون كل جناح مهيأ لإسناد الفيلق المخصص له ، وله دراية بتفاصيل انتشار قطعات الفيلق وقطعات العدو بالتنسيق المباشر مع قيادة الفيلق والفرق التابعة له من خلال استطلاع ساحة الحركات لكل فرقة وبشكل مفصل وتكونت لهم علاقات انسانية مع قادة وامري الوحدات المنسوبة للفيلق ، بذلك يكون عملهم وفق معلومات مسبقة تؤدي الى سرعة استيعاب اية متغيرات تحدث خلال المعارك ، ولكون تواجد الاسراب في مقراتها يجعل تنفيذها للواجبات المطلوبة سريعة واكثر فعالية مع استمرار التدريب بدون صعوبة او انقطاع . اما الجناح الثاني فان مقر الفيلق الثاني في معسكر المنصورية لذلك يكون تواجد الطائرات المخصصة لإسناده خارج مقرات أسرابها الموجودة في التاجي ، مما يتطلب تبديلها دوريا واسنادها بالأمور الفنية والادارية وهذا بطبيعة الحال يشكل عبئ على الاسراب وعليه فان طول حدود القاطع المخصص للفيلق المذكور يكون اطلاع الطيارين على ساحة العمليات اقل من بقية الاجنحة . ولكون مقر هذا الجناح في بغداد ( التاجي ) عليه يكون مهيأ لحركة الاسراب او مفارزها الى بقية القواطع حسب تطورات الموقف والحاجة ،وعليه ايضاً ونتيجة لهذه الواجبات المتعددة لا يستطيع طياري اسراب هذا الجناح الالمام والتخصص بجبهة معينة وادامة معلوماتهم بصورة جيدة . اما السرب /106 ( BO105) في التاجي فان مهمته اسناد جبهة القتال مع ايران بكاملها مما يتطلب تواجد مفارزه في جميع المطارات ، مما جعلني اطلب بان تكون هناك مفرزتين فقط في المنصورية والميمونة يمكن المناورة بهما مع مقر السرب لإسناد الجبهة وحسب متطلبات الموقف القتالي العام . ومع ذلك فان وجود طائرتين في المنصورية مع 4 طيارين اضافة الى المفرزة الفنية ومثلها في الجناح الرابع في الميمونة ومع العدد المحدود للطيارين يكون السرب قد قلص موجود طياريه بنسبة 50% ، مع احتساب الاجازات الدورية ( وهي خط احمر سعيت لمنع اي شخص ان يتدخل بها ) ونتيجة للتبديل الدوري الطيارين مع تغيير قواطع عملهم ادى الى قلة معرفة طياري السرب بقواطع العمليات بشكل مفصل كما هو حال اقرانهم من الاسراب الاخرى . وعند حصول اي تعرض معادي كبير او من قبل قطعاتنا يتم ارسال المزيد من طائرات السرب لتعزيز المفارز او الى مناطق جديدة لا تتواجد بها مفارز من السرب . ومع حساب وجود طائرتين و4 طيارين خفراء لتنفيذ اي واجب طارئ يكون مجموع الطيارين المكلفين بالواجبات 12 طيار من اصل 22 طيار وهذا خارج كل السياقات العملية والانسانية للاسراب علما بان عدد الطائرات كان يتزايد مع وصول الطائرات المسلحة وبدأ وصول منظومات التصوير الجوي ( فديو ) وتعدد الواجبات ( مسلحة ، إنقاذ ، تصوير ، استطلاع ، نقل قادة .... ) . كل هذه العوامل تطلبت ان اقابل مدير حركات طيران الجيش و الطلب منه الموافقة على ان يتم تنفيذ الواجبات بطيار واحد لكل طائرة بدلا من طيارين اثنين لكل طائرة ( وهي خارج السياقات ) وبشكل مؤقت لحين اكمال الطيارين الذين سيلتحقون للسرب واكمالهم الدورات التحويلية على الطائرة برفقة الطيارين القدامى عند تنفيذ الواجبات.( اغلب طياري السرب كانوا من طياري طائرة الالويت /3 ) المسلحة بمدفع جانبي وتكون قيادة الطائرة بطيار واحد مع مقاتل جوي ) بمعنى لهم خبرة بالطيران بمفردهم دون طيار ثاني . حصلت الموافقة وبذلك تمكنت من اختصار عدد الطيارين المكلفين بالواجبات الى النصف.
اعتراف متأخر
تطرقت الى ما سبق و اتذكر توصية آمر الجناح الاول العقيد الطيار ( ابو زينب ) وهو يوصيني عند صدور امر نقلي الى آمر السرب/ 106 بالاتي ( رفقا بمن هم بمعيتك من الطيارين ولا تنشر السرب سربا فعالا قبل سنة كاملة ) ،وانا اقر واعترف باني لم اعمل بنصيحة صاحب الخبرة والذي يعلم بخبرته ما سيواجه السرب مستقبلا ويجب اعداد عدد ملائم من الطيارين قبل زجه في المعارك ! وكذلك ما كان يخطط له مدير التدريب الشهيد العميد الطيار سعاد بهاء الدين لإكمال التدريب لعدد ملائم من الطيارين وهم اصحاب خبرة طويلة ، ولكني ركبت رأسي واخذتني الحمية مما تسبب في هذا احراجات وضغوط على منتسبي السرب . وللحقيقة فان اغلب الطيارين لم يبدوا اي شكوى او انزعاج وعلى العكس فقد كانوا يضحون بإجازاتهم واوقات استراحتهم لتنفيذ الواجبات رغم حراجة وخطورة المواقف التي كانوا تواجههم ، وكان لهم الدور الفعال والمهم في اعطاء الدروس في التضحية للطيارين الجدد الذين يسير اغلبهم على نهج من سبقهم ، ولولا هؤلاء الابطال لما كان لمسيرة السرب ان تكون بهذا المستوى المتميز .
نشرة التدريب السنوي أستلمنا نشرة التدريب السنوية الخاصة بالسرب من قبل شعبة التدريب الجوي ( قمت بأعدادها حسب طلب الشعبة المذكورة لكون الطائرة حديثة ) مع تغيير في بعض مفرداتها الواردة فيها منها عبارة آلمتني جدا ( نحن في حالة حرب مما يستوجب بعض التغييرات في النشرة ) ، تعمدت عدم التعليق عليها لحين زيارة احد منتسبي الشعبة للاطلاع على سير التدريب وواجهته باعتراضي على العبارة وبعبارات خارج السياقات ( خشنة ) ادت وما قبلها الى تراكم الخلافات مع الشعبة المذكورة سيأتي ذكرها لاحقا ، علما بان ما تم تعديله هو من نشرات التدريب للاسراب ذات التسليح الغربي حرفيا دون الاهتمام باختلاف واجبات الطائرة وحداثتها . تضمنت نشرة التدريب ممارسة ( طيران الآلات ) وهو اسلوب طيران يكون في حالة انعدام الرؤيا خارج الطائرة وفقدان الاحساس الطبيعي للطيار مما يجعله يعتمد بشكل كلي على المؤشرات التي تعطيه المعلومات عن وضعية الطائرة ، وهو اسلوب طيران متقدم يستخدم خلال الطيران داخل الغيوم او الغبار الكثيف او الضباب او الطيران الليلي في المناطق الخالية من مصادر الضوء الارضية او القمر ( مثل الصحراء ) ، ويجب ادامة التدريب على هذا النوع من الطيران تلافيا للحالات التي يمكن ان تصادف الطيار خلال واجباته ( مثل هذا النوع نادر الحدوث لكون اعتماد طياري السمتيات يكون على الرؤيا البصرية ) واغلب الطيارين لم يصادفوا الطيران الحقيقي طيلة مدة خدمتهم ولكن عند مصادفته يجب ان يكون مهيأ له ولو لمرة واحدة طيلة مدة خدمته . وعدم الالمام والممارسة المستمرة يؤدي الى كارثة عند التعامل بشكل غير صحيح تؤدي الى تحطم الطائرة ووفاة من فيها . والامثلة على ذلك حوادث ( الرئيس عبد السلام عارف والفريق الاول الركن عدنان خير الله وزير الدفاع وقائد الفيلق الخامس وحادثة جبال الالب بين سويسرا وايطاليا ) وغيرها من الحوادث في العراق والعالم ، لذلك تم التركيز على توزيع الساعات المخصصة لطيران الآلات على اشهر السنه لإدامة التواصل مع هذا النوع من الطيران مما ادى الى الثقة العالية للطيارين بإمكانية تنفيذهم للواجبات بجميع الظروف الجوية بتميز عال وكنت امارس طيران الالات كمتدرب مع معلم الطيران في السرب لإدامة امكانيتي في طيران الآلات وكذلك معلمي الطيران يديمون تدريبهم كمتدربين على طيران الالات .
تأمين سلامة الطائرات
بمرور الوقت بدأت ترد الطائرات المخصصة للسرب وتلافيا لتكدسها داخل المطار وحمايتها من الغارات المعادية . تم ايجاد منطقتين لا خلائها خارج المطار بالتنسيق مع جناح الطيران وامرية معسكر التاجي مع تأمين الامور الادارية للمنطقتين . ومن الامور الطريفة بهذا الموضوع فقد اصدرت تعليمات بوجوب قيام ضابط خفر السرب بزيارتين تفتيشيتين ليلا خلال خفارته لمنطقتي الاخلاء للتأكد من قيام الحرس بواجباته بشكل صحيح . وعلى ان يقدم تقرير الخفارة يوميا لي للاطلاع عليه وتحديد الاوقات التقريبية لكل دورية تفتيش مع بداية الليل وقرب الفجر ، نسب احد الضباط الاحداث ( ضباط تصوير جوي ) الى السرب وخلال خفارة احدهم وصلني خبر بانه عند تفتيش احدى مناطق الاخلاء وجد الحرس نائما ولم يدون ذلك بتقرير الخفارة ، استفسرت منه حول عدم ذكر نوم القائم بالحراسة فأجابني ( عندما قمت بالتفتيش لم تكون بالموعد المحدد في الاوامر ! لذلك لم ادون الحادثة لان الحرس غير مذنب ! ) ضحكت كثيرا وقلت له ( لماذا لم تعتذر منه وقد اقلقت منامه وازعجته واعتديت عليه ؟ ).
طلعات استطلاعية في قاطع الفيلق الثاني
قمت وبالتنسيق مع المستشار الجوي للفيلق الثاني بعدة طلعات استطلاعية لقاطع الفيلق من منطقة ميدان ولغاية جنوب بدرة وكل واجب يرافقني احد طياري السرب لغرض التعرف على الوحدات العاملة في الفرق ضمن مسؤولية الفيلق والهبوط في مقراتها والتواصل الشخصي مع المسؤولين في الفرق ومعرفة المحاور المحتملة لتعرض العدو او تعرض قطعاتنا ضده . وكانت الواجبات مفيدة للتعايش مع وحدات الفيلق .
واجبات السرب 106 للكيبل المحوري في المنطقة الغربية من العراق
الكيبل المحوري نفذته احدى الشركات السويدية المختصة ( شركة اريكسون السويدية ) و يمتد بين قاعدة الوليد – الرطبة – الرمادي – بغداد عن طريق بريد السنك لتامين الاتصالات السرية دون استراقها من اية جهة وكذلك يشمل محافظات العراق كافة . علما بان المكالمات في الخط المحوري كانت تجري بشكل مفتوح لكونه خط امين ولا يمكن استراق المكالمات منه . في بداية عام 1983 حصل انفجار قرب مدينة ( الرطبة ) في منطقة معزولة اثارت انتباه وشكوك من قبل الاستخبارات العسكرية . وجاء هذا في مذكرات مدير الاستخبارات العسكرية حينها العميد الركن ( محمود شكر شاهين ) في كتابه ( مذكرات جندي عراقي ) اقتبس منه ما جاء حول الحادثة من الصفحة 257 وما يليها ليكون القارئ الكريم على اطلاع على ما جرى وكما يلي :
مقتبس ( بتصرف بسيط ) من مذكرات العميد الركن محمود شكر شاهين ص 257 جهاز استراق المكالمات في الخط المحوري ( تقرير من ضابط عمل في هذه المعا ونية )
في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وعند تحسن العلاقات مع سوريا قمنا بزيارة الى سوريا مع (المقدم الركن محمد سمير) في حينه و اطلعنا الجانب السوري في مجال تبادل المعلومات عن (اسرائيل )على جهاز متطور جدا وذا تقنيات عالية جدا لاستراق المكالمات . قامت (اسرائيل) بنصبه على الخط السوري في درعا وتم استخراجه سالما من قبل الخبراء الروس في ذلك الوقت ، وتم تزويد الجانب العراقي بتفاصيل عمل الجهاز مع المخططات الهندسية كاملة، وتم عرض ذلك الجهاز على الجهات ذات العلاقة في العراق ( كمديرية المخابرة وهيئة الكابلات المحورية ومديرية المعدات الفنية في وزارة الدفاع). و باختصار شديد فالجهاز ابعاده (1×1×2 م) يربط على الكيبل المحوري ، ويعمل ببطارية نووية ذات عمر عمل لعدة سنوات ، ويجري دفنه تحت الارض ، ويوضع فوقه هوائي بشكل كتلة صخرية تناسب طبيعة الارض في المنطقة الموجود فيها ، وتبدو للناظر كأنها قطعه من الارض تماما ، يحتوي على مايكروسويج لأتلاف عمله في حالة اي محاولة لاستخراجه ، و بعكسه ينفجر الجهاز مع ملحقاته انفجار شديداً يقضي على كل من حوله ، ولا يترك اي اثر من مكونات الجهاز، بالإضافة الى ان مكونات الجهاز كافة ملوثة بمادة شديدة السمية ، وقاتلة بمجرد ملامسة الانسان او الحيوان حتى اذا كانت الاصابة بسيطة ، وذلك للحفاظ على سرية معلومات الجهاز بصورة متكاملة .
يستمر العميد الركن محمود شكر شاهين بسرد استهداف الكيبل المحوري يذكر ان ( اسرائيل ) قامت بنصب هذا الجهاز على الكيبل المحوري بالقرب من H3 في قضاء الرطبة محافظة الانبار ، ووضعت فوقه هوائيا كبيرا ، وشكله بالضبط مثل طبيعة الارض في تلك المنطقة من تربه وصخور سوداء . عمل الجهاز ببطارية نووية طويلة العمر ومسجلات صوتية تعمل بشكل مستمر عن طريق السيطرة عن بعد بواسطة طائرة سمتيه في (اسرائيل ) ترتفع في الجو ويتم تشغيل المسجلة والتقاط المكالمات المسجلة و التقاط المكالمات المسجلة و مجفرة و بطريقة الاتصال السريع المضغوط حيث يتم نقل المعلومات المسجلة لعدة ايام خلال دقائق فقط . يقول الضابط ( رافع التقرير ) في احد الايام طلبني العميد الركن عبد الجواد ذنون وسألني عن المقدم الركن محمد سمير فيما اذا رجع من اللجنة في ديوان الرئاسة ، فقلت لا سيدي لم يرجع ، فقال طيب هناك تفجير في منطقة قريبة من الرطبة ، ، فطلب تشكيل زمرة من مديرية الهندسة العسكرية ومديرية المخابرة وجهات اخرى ذات العلاقة على ان تأتمر بممثل مديريتنا ، وكنت انا الممثل . كنت انا متأكد ان الموضوع هو الجهاز (الاسرائيلي ) ، فقمت بتحضير جميع الاجهزة الفنية والمعدات الضرورية مع عدد من عناصر الشعبة الثامنة وتجمعت المفارز المشار اليها من الجهات الاخرى على امل التحرك في الساعة الثالثة عصرا الى الرطبة . حال خروجنا من بناية وزارة الدفاع القديمة حضر المقدم الركن محمد سمير في تلك اللحظة واستوقفني وسال على الموضوع فبينت له ذلك ، وقال وسوف اذهب انا ( محمد سمير ) لتنفيذ الواجب . ذهب المرحوم ( يقصد المقدم الركن محمد سمير الذي استشهد لاحقا بالموقع) مع المفارز وفعلا وصلوا الى الرطبة فجرا ، وبعد الاطلاع على اثار الانفجار الذي كان سببه فقدان بلدوزر يعمل على الطريق المذكور للسيطرة على جهاز التوقف فيه ، وخاف السائق من الانحدار باتجاه الطريق و الاصطدام بالسيارات المارة ، و اختار صخره عالية اعتقد انها سوف توقف البلدوزر حال الاصطدام بها ، ولكن للأسف كانت الصخرة هي هوائي الجهاز (الاسرائيلي )المذكور ، فأنفجر وعلى اثر ذلك تم اشعار الجهات ذات العلاقة من قبل مركز استخبارات الرطبة بالحادث. ادرك المرحوم المقدم الركن محمد سمير ان الموضوع ليس انفجار عادي وطلب العمل ليلا و باشروا بالحفر و عند وصولهم الى الجهاز الرئيسي وكان الجميع حول الحفرة كان المفروض ان يتوصلوا الى (مايكروسويج) الذي هو عتلة صغيرة جدا لإيقاف عمل الجهاز ومنعه من الانفجار الا انهم لم يفعلوا ذلك مما ادى الى انفجار الجهاز بقوة شديدة مع عصف وتناثر الشظايا فأصابت من كان حول الحفرة فجرح محمد سمير ونقل فورا الى مستشفى الرشيد العسكري في بغداد الا ان الشظايا كانت مسمومة اودت بحياته على الرغم من ان الجرح كان بسيطا واصيب معه ضابط من منتسبي استخبارات المنطقة الغربية لا اتذكر اسمه لقد اصيب وجهه بشظية فتم تضميده ورجع الى دائرته الا انه توفي هو الاخر بسبب المادة السمية الموجودة في الشظايا . . تم تشكيل لجنة عالية المستوى برئاسة العميد المهندس عامر محمد رشيد – فريق لاحقا في وقته لمحاولة اعادة تركيب الجهاز واعادة هيكلته في الكلية الفنية العسكرية ، الا ان الاثار المتبقية من الجهاز لم تكن كافية ، كما ولم يتم التوصل الى اي نتيجة تذكر . انتهى الاقتباس . واعتذر لورود اسم محتلي فلسطين ووضعتها بين قوسين للدلالة عن هذا الاسم دون من قبل كاتب المذكرات وليس من قبلي . واجبات لمتابعة مسار الكيبل المحوري
يوم 20 /1 / 1983 كلفت وبصحبة العقيد الطيار ( ا . ع . ن ) ممثلا عن شعبة حركات طيران الجيش لاستطلاع خط مسار الكابل المحوري من الرطبة ولغاية حديثة ( مطار H1 ) وبالاستفادة من جهاز الملاحة الموجود بالطائرة لتعيين المناطق والنقاط المشكوك بها ، بعد انتهاء الاستطلاع لم نجد ما يثير الانتباه عدنا الى التاجي ليقدم العقيد الطيار تقريره الى مراجعه. يوم 22 /1 /1983 قام تشكيل من طائرتين من السرب/ 106 الاولى بقيادة مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار محمد عبدالله وبصحبته العقيد الطيار ( ا . ع . ن ) والثانية بقيادتي ومعي العقيد الطيار الشهيد حامد عبود (استشهد بحادثة للطائرة على جبال الالب بين سويسرا وايطاليا اثناء نقل طائرة سمتيه نوع مي8 الى ايطاليا لنصب اجهزة ايطالية الصنع عليها دون موافقة الاتحاد السوفييتي )، وكان الواجب استطلاع منطقة النباعي وصولا الى صحراء الثرثار وغرب مدينة الرمادي ووادي حوران ( وهو وادي طويل ذو اكتاف عالية يجري به نهر او ساقية على طوله وتتواجد به مجمعات سكنية بدائية ومحطات وقود متحركة وعجلات تسير على الطرق النيسمية وابار ماء عديدة ) وقد تزود التشكيل بالوقود في الذهاب والاياب من مطار حديثة . لم اعلم ما هو الواجب سوى كان التركيز وبشكل مباشر على المنطقة بين النباعي والثرثار والكلام كان بين مدير الحركات والعقيد حامد عبود وبإشارات لم افهمها ولم يتم اجابتي عند الاستفسار عنها .
كمين في منطقة مكر الذئب
يوم 26 /1 /1983 استدعيت في مديرية طيران الجيش شعبة الحركات وهناك التقيت مع مدير الحركات العميد قوات خاصة الطيار محمد عبد الله الشهواني وقد اوجزني بواجب تصدي لانزال طائرات سمتيه معادية قادمة من (الكيان الصهيوني ) بعد ورود معلومات استخبارية غاية في السرية بقيام هذا الكيان يوم غد ليلا باختراق الحدود الغربية للوطن من منطقة ( مكر الذئب ) لعملية استخبارية معادية باستغلال الليلة المقمرة ( كان التاريخ ليلة 13 / 14 / ربيع الثاني 1403 هجري ) وسيكون واجبنا نصب كمين لمسار السمتيات المعادية المفترض في الليلة المذكورة ، وطلب مني تأمين طائرتين من السرب ، الاولى لقائد التشكيل العميد محمد عبدالله والاخرى بقيادتي . مع التأكيد على جاهزية اجهزة الملاحة الجوية لهاميتها في تحديد المكان في الصحراء الخالية من علامات الدلالة او ما يمكن الدلالة به من معالم ارضية ، وستصاحبنا طائرة ( مي8 ) تحمل 4 عناصر من القوات الخاصة ( المنتخبة ) لتأمين القوة النارية اللازمة للكمين . مع الحرص على كتمان الواجب .
عدت الى مقر السرب وطلبت من المهندس الاقدم تأمين الطائرتين والتأكد من سلامة جهاز الملاحة للطائرتين ( الدوبلر ) وتسليح الطائرتين بأجهزة ( مشاعل التنوير ) لوجود واجب ليلي قد نحتاج استخدامها . وتكون الطائرتين جاهزتين صباح يوم غد، دون التلميح لاحتمال مبيت الطائرتين خارج السرب . في اليوم المحدد للواجب 27 /1 /1983 اقلع التشكيل من مطار التاجي بثلاث طائرات ، اثنين ( BO105) الاولى بقيادة العميد محمد عبدالله ومعه العقيد الملاح حامد عبود والثانية بقيادتي ومعي العقيد الطيار ( ا .ع .ن ) والثالثة مي/8 بقيادة النقيب الطيار ( ل . ع ) ، بصحبته 4 مراتب من القوات الخاصة مسلحين بأسلحة خفيفة وقاذفة ( RBG7 ) مع مواد ادارية خاصة بالعملية . كان خط الرحلة الى ( النخيب ) للتزود بالوقود ثم واصلنا الواجب وبموازاة الحدود الجنوبية للوطن مع ( السعودية ) باستطلاع عام للمنطقة ثم الى منطقة الكمين المثبتة احداثياته بجهاز الملاحة مسبقا في ( مكر الذئب ) ومنطقة الكمين عبارة عن منخفض بسيط وسط الصحراء يؤمن الاختباء للطائرات والخيم عن نظر العدو . بعد استطلاع منطقة الكمين تم اختيار مناطق انتشار الطائرات ومكان نصب الخيم . تركنا طائرة المي/ 8 ومن فيها لتهيئة منطقة الكمين وتوجهنا بالطائرتين الى منطقة النظائم القريبة من الحدود الاردنية حيث يوجد مقر رعيل ( الانذار المبكر ) التابع الى قاطع الدفاع الجوي الثاني . تم الترحيب بنا من قبل آمر وضباط الرعيل ، وقدموا لنا موجزا لطريقة عملهم وفعاليات العدو في قاطع عملهم . واخبرنا آمر الرعيل بان هناك طائرات قادمة من فلسطين المحتلة تهبط ( ليلا وفي الليالي المقمرة ) في مناطق قريبة من حضائرهم المنتشرة في المنطقة ويمكن تمييزها من خلال الصوت وما تتركه من آثار بعد مغادرتها ! وخلال تواجدها يتم التشويش على اجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية لحضائر الرعيل ومع مراجعهم . دون ان نعلم فعالياتهم ولا يمكننا التصدي لهم لمحدودية التسليح المجهزين به ويستمر التشويش لغاية مغادرتهم المنطقة ، ويجري اخبار المراجع لتقوم بأرسال عدد من العربات المدرعة للاستطلاع والاستجواب ولا نعلم ما هي الاجراءات المتخذة من قبلهم . بعد انتهاء الزيارة توجهنا الى قاعدة الوليد الجوية H3 للتزود بالوقود ثم التوجه الى منطقة الكمين ( وكانت هذه الفعاليات ذات اهمية بالغة لي شخصيا لزيادة الثقة بجهاز الملاحة حيث كانت نسبة الخطأ بالأمتار فقط ) .خلال غيابنا عن منطقة الكمين تمت تهيئة المنطقة بشكل كامل من حيث اختيار مناطق انتشار الطائرات ونصب الخيم واختيار مناطق الرصد والتصدي للطائرات المعادية . مع حلول الظلام اتخذنا مواقعنا وحسب ترتيب الكمين المهيأ من قبل منتسبي القوات الخاصة ضباطا ومراتبا وسلاحنا هو بنادق خفيفة كلاشنكوف وقاذفة RBG7 (عددنا 6 طيارين و4 مراتب قوات خاصة وفني واحد جميعنا نقوم بواجب الكمين ). ومع البرد القارص وعدم استخدام اية وسيلة للتدفئة لعدم كشف الكمين والانتظار الطويل ولحين غروب القمر دون ان تظهر اية طائرة معادية ، لجأنا بعدها الى الخيمة المزودة بمدفأة نفطية ، مع بقاء نوبات للحراسة والمراقبة في منطقة الكمين . لم نستطيع النوم لشدة البرودة والترقب لما يمكن ان يحدث لحين الصباح ، في صباح اليوم التالي اوعزنا لمن بقي في منطقة الكمين لرفع الخيم والاستعداد لرحلة العودة . قبل العودة قمنا بزيارة اخرى لمقر الرعيل في منطقة النظائم ومنه تم اخبار قاطع الدفاع الجوي الثاني بانتهاء واجبنا ثم الاتجاه الى منطقة الكمين والعودة بتشكيل واحد عن طريق النخيب للتزود بالوقود ثم الى مطار التاجي . لينتهي هذا الواجب الصعب بدون نتيجة ولكنه كان مفيدا جدا للاطلاع على الحدود الجنوبية الغربية للوطن والعمل في المناطق الصحراوية بعد ان تمرست العمل في المناطق الجبلية شمال الوطن .
. |
| | | Mirage F1EQ
رقـــيب
الـبلد : العمر : 48 المهنة : دكتور جامعي التسجيل : 11/05/2011 عدد المساهمات : 288 معدل النشاط : 285 التقييم : 12 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 السبت 21 أبريل 2018 - 21:12 | | | سرد اكثر من رائع اتمنى ان اقراء التكملة |
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 الإثنين 31 ديسمبر 2018 - 20:35 | | | الحلقه الخامسه المعارك الرئيسية الاولى للسرب 106 منهج التدريب السنوي
بانتهاء عام 1982 كان طيارو السرب قد اكملوا تدريبهم على الطائرة BO105 والمباشرة بتنفيذ المنهاج السنوي للتدريب لعام 1983 المعد من قبل شعبة التدريب الجوي اضافة الى الواجبات التي يكلف بها السرب واستقبال الطيارين الجدد المنسبين الى السرب ويكون منهج تدريبهم خاص لا علاقة له بمنهاج التدريب السنوي . يتضمن منهج التدريب السنوي تنفيذ التمارين العملية من خلال الطلعات الجوية ومحاضرات ارضية لادامة المعلومات العامة للطيران . حيث تنفذ يوميا بعد الانتهاء من الطيران لاهميتها لكل طيار لا دامة المعلومات . تم تخصيص يومي الاحد والاربعاء من كل اسبوع للطيران الليلي اضافة للنهاري , ويوم الجمعة ادامة عامة يتوقف الطيران التدريبي وكنت استغله في اغلب الاحيان لتنفيذ الطلعات الاستطلاعية لقاطع الفيلق الثاني المكلفين باسناده . كنت قد ارسلت وحسب طلب شعبة التدريب المنهج السنوي للسرب لكون الطائرات جديدة , تم اعتماد المنهج مع زيادة عدد طلعات الرمي التشبيهي بتبرير ( نحن في حالة حرب ) مما اثار امتعاضي حينها . وخلال زيارة قام بها ممثل شعبة التدريب العقيد الطيار ( ع. ع. د ) وممثل شعبة الحركات الرائد الطيار الركن ( ا.ع.ا ) , قلت لهم لا يحق لمن ( يجلس تحت المكيفات في المكاتب ) ويسمع بالمعارك من خلال ( صور من المعركة ) ان ينبهني باننا في حالة حرب ويغير بالمنهج الذي انا اعلم من غيري بمفردات التدريب الخاص بطائرة حديثة ! .مما اثار امتعاض ممثل شعبة التدريب, موجها اللوم لي ممثل الحركات والذي تربطني به صداقة طويلة لطريقة كلامي واثار ذلك امتعاض ممثل شعبة التدريب ولكنه لاذ بالصمت ( واضمر استياءه وافصح عنه في حادثة اخرى سيأتي الحديث عنها في مقالة لاحقة وحسب السياق الزمني للمقالات) يوم 4شباط/ فبراير 1983 كلفت باستطلاع المنطقة الغربية من النباعي ووادي حوران الى الرطبة ذهابا وايابا مع التزود بالوقد من شقة النزول في محطة ضخ النفط في منطقة T1 قرب القائم صاحبني فيها الشهيد العقيد الملاح حامد العبود وكنت استغل مثل هذه الواجبات كتدريب عملي على جهاز الملاحة . معركة الشيب 7 شباط 1983
فجر يوم 7 شباط 1983 تعرض العدو على قطعات الفرقة الاولى في قاطع عمليات الفيلق الرابع في منطقة الشيب واطلق عليها اسم ( فجر النصر ) لاجل عزل مدينة العمارة عن البصرة والكوت بعد السيطرة على الطريق العام الرابط بين تلك المحافظات . كات الاوامر تشير الى قيام جناح طيران الجيش الرابع باسناد الفيلق الرابع وكانت تتواجد مفرزة من السرب 106 متكونة من طائرتي B0105 متواجدة بشكل دائمي في الجناح الرابع فلا حاجة لتعزيز المفرزه بطائرات اخرى , كما لم يصدر امر من شعبة الحركات بتعزيز المفرزة ,اتصل بي المقدم الطيار ( ع. م.ش) المنسوب للسرب والذي كان يقضي اجازته في مدينته ( البصرة ) وطلب مني قطع اجازته والالتحاق الى العمارة لتعزيز عدد الطيارين ( فكما اسلفت ونتيجة لقلة عدد الطيارين سمح لنا بتنفيذ الواجبات بطيار واحد بدلا من طيارين اثنين طاقم الطائرة ) وفعلا التحق صباح ذلك اليوم وعزز عدد الطيارين ( موقف مشرف )
تواجدت في السرب لغاية المغرب وبعد تعيين اولويات الواجبات المحتملة تركت المطار الى بيتي والذي لم اغادره تحسبا للطوارىء, استمعت ليلا الى الاذاعات الاجنبية كما هو معتاد لمتابعة الاخبار وانتبهت الى خبر عن الاذاعة الايرانية ( البيان الرسمي العسكري ) بان قواتهم استطاعت احتلال مخفر ( الحلفاية ) في قاطع الشيب وتم قتل واسر القوة المدافعة وهم ( قاطع للجيش الشعبي ) . شقيقي الاكبر كان معاون آمر القاطع الشعبي ومقره في مخفر الحلفاية و هذاالقاطع يتكون من متطوعين ( من القطر السوداني ) وكان شقيقي حينها متواجد في المخفر ( غير مجاز ) , قلقت جدا على مصيره ولم اخبر احدا بالحادث . التحقت صباح اليوم التالي 8 شباط 1983 الى السرب واتصلت بشعبة الحركات طالبا تعزيز مفرزة العمارة بالطائرات والطيارين لاكمال طواقم الطائرات من الطيارين , حصلت الموافقة على ان يكون التعزيز بطائرتين احداهما طائرة اسعاف . قررت ان اكون احد الطيارين الملحقين لمفرزة العمارة لاهمية الموقف عليه تم اصطحاب الطيارين والنزول في مستشفى الرشيد العسكري لاكمال الطاقم الطبي والتوجه الى مطار الميمونه في العمارة ( ميسان ) , علمت بتواجد الجهد الجوي في مخفر الشيب ( الفرقة الاولى ) . وصلت الى مخفر الشيب وفور هبوطي شاهدت العميد الركن ( غازي العمر ) رئيس اركان الجيش الشعبي قرب شقة النزول , استفسرت منه عن قاطع الجيش الشعبي في مخفر الحلفاية , اجابني بانهم بخير وصامدين في مواضعهم الدفاعية , اخبرته بما سمعته امس من احتلال وقتل واسر منتسبي القاطع , فكذب الخبر وانه قام قبل قليل بزيارة القاطع وهم يمعنويات عالية . اخبرته باسم شقيقي و طلبت منه الوصول اليهم فامر سائق عجلته الخاصة بنقلي الى مقر القاطع , توجهت الى مقر القاطع وفاجأتهم بدخولي الى موضعهم وكانوا يلعبون ( دومنة ) وكان لقاء" جميلا واخبرتهم بما علمته , وبعد استضافة قصيرة ودعتهم وعدت الى مخفر الشيب بعد ان اطمأنت وزال قلقي ( وهي حالة انسانية مشروعة ) . التقيت بمنتسبي السرب طيارين وفنيين واوجزوني بفعالياتهم ليوم امس واليوم وشرح سريع عن ساحة العمليات . (اعتادت ايران بالكذب في معظم بياناتها العسكرية لشحذ همم مقاتليها ولتطمي الداخل الايراني ). توجهت فورا الى غرفة حركات الفرقة الاولى والتحقت بضابط ركن جناح طيران الجيش الرابع المنقول حديثا الرائد الطيار الركن ( ا.ع.ا ) , واخذت مكاني بجانبه وكانت المرة الاولى التي اشاهد فيها قائد الفرقة الاولى حينها العميد الركن سلطان هاشم احمد وكان يدير المعركة بهدوء وثقة عالية لم الاحظها سابقا او لاحقا مع من التقيتهم من قادة الفرق . قمت باول طلعة قتالية لقاطع العمليات بعد ظهر ذلك اليوم لاستطلاع المنطقة دون معالجة اهداف معادية بعد تقهقر العدو لخارج مديات اسلحتنا . وتم ايجازي وبشكل مفصل من قبل قائد طائرة الغزال ( رقم 2 بالتشكيل ) . عدنا وبقية التشكيلات بعد كتابة تقرير المهمة الى مطار الميمونه . صباح اليوم التالي 9 شباط توجهت التشكيلات من طائرات ( BO والغزال ومي 25 ومي 8 ) الى الشيب لتكون جاهزة لتنفيذ الواجبات التي تكلف بها . من خلال برقيات القطعات الامامية تبين وجود تحشدات معادية في المنطقة , تم تكليف طيران الجيش بالاستطلاع والمراقبة ومعالجة الاهداف التي تكون ضمن مدياتنا او ما يمكن الوصول اليها وتم تنفيذ الواجبات وبشكل مستمر طيلة نهار ذلك اليوم . قبل غروب ذلك اليوم قمت باخر طلعة بصحبة طائرة غزال المزودة بمسددة ( تكبر الهدف ) ولاحظنا تعزيزات وتحشد كبير ومستمر لقطعات العدو وكانت نقطة الدلالة للتحشد غابة صغيرة تحاول قطعات العدو اتخاذها منطقة لستر التحشد , اوجزت غرفة حركات الفرقة بما شاهدته مع التفصيل في تقرير المهمة وعادت التشكيلات الى مطار الميمونه في ( العمارة ). فجر يوم 10 شباط /فبراير توجهت التشكيلات الى الشيب بعد ايجازنا بتعرض كبير للعدو على قطعات الفرقة الاولى وتمكن من اختراق دفاعات بعض الوحدات في القاطع , عند وصولنا الى الشيب كانت الاخبار جيدة جدا فقد قامت قطعات الفرقة الثالثة بقيادة العميد الركن حسين رشيد بالهجوم المقابل وعزلت قوات العدو التي تمكنت من اختراق مواضعنا الدفاعية وطرد العدو من جميع مواضعنا , ووقع في الاسر اعداد كبيرة من القوات المعادية . وقد انتهت المعركة قبل وصولنا وكان محور هجوم العدو من المكان الذي تمت الاشارة له من اخر استطلاع قمت به واشرت مكان التحشد المعادي . ذهبت لمشاهدة اسرى العدو وكان عددهم كبير واغلبهم من اعمار المراهقة واقل وكانت اثار المعركة بادية عليهم ( تأسفت لمنظرهم وحالتهم ولعنت من ارسلهم لهذه المهمة ) . لم نكلف بواجبات قتالية لذلك اليوم سوى طلعات استطلاعية لعدم وجود اية اهداف معادية بعد الاندحار والخسائر الكبيرة التي لحقت بهم . بقيت للايام 11و12 و13 في مطار الميمونة لعدم الحاجة لوجودي في الشيب بعد استقرار الموقف . عدت يوم 14 شباط الى مقر السرب في التاجي مع باقي طائرات التعزيز وبقاء المفرزة الاصلية . وبذلك انتهت اول معركة شارك بها السرب وبهذا الزخم . نال جميع الطيارين المشاركين
بهذه المعركة وعدد من الوحدات الارضية ( نوط الشجاعة ) وكان هذا نوط الشجاعة الاول الذي اناله , وسيكون تقليد الانواط لاحقا عند صدور المرسوم الجمهوري الخاص بالتكريم . استمرت فعاليات السرب الاعتيادية بعد انتهاء هذا الواجب .
المدفع الرشاش 20 ملم
22 شباط 1983 اعيد فحص المدفع 20 ملم بعد ما قامت الشركة بمعالجة العطلات التي حدثت في التجارب السابقة . تم الفحص العملي في ميدان رمي الشقة 37 التابعة لقاعدة تموز الجوية في منطقة ( هيت ) وبحضور اللجنة المذكورة في التجارب السابقة , وتمت التجربة من قبلي والمدرب الالماني ( نوربرت ) وخلال الرمي تكرر التوقف مع اتساع في فوهة المدفع مما يعني عدم صلاحية السلاح ولا يمكن استلامه .
عادت اللجنة الى مقر مديرية طيران الجيش وتمت مناقشة ممثلي الشركة وكما علمت لاحقا بان شعبة الهندسة اعطت الشركة الفرصة الاخيرة لتلافي العطلات و مهلة زمنية معينة لتلافي العطلات وبعدها يكون القرار بالموافقة على استلام المدفع . منذ بداية تشكيل السرب كنت اقوم باستلام الطائرات بعد فحصها والقيام بتجارب الرمي باي منظومة اسلحة مجهزة بها الطائرة او التي يجري تحوير المنظومات لحملها على الطائرة وبشكل عملي في ميدان الرمي لاكون على اطلاع على السلاح وكذلك تحمل خطورة ما يمكن ان يحدث خلال الرمي وهو ما حصل لاحقا سيأتي تناوله حسب التسلسل الزمني , ولم اكلف اي طيار بهذه المهمة لاكون مسؤول عما يمكن حدوثه مستقبلا .
تجربة الرمي الليلي
يوم 1 اذار/ مارس 1983 اجريت تجربة الرمي الليلي وللمرة الاولى في طيران الجيش في ميدان رمي العزيزية وبحضور مدير طيران الجيش وعدد من مدراء الشعب والمختصين , وبعد اتخاذ كافة الاجراءات وعند التنفيذ وكانت الطائرة بقيادتي والرائد الطيار ( ي. ن. ع ) كطيار ثاني عطلت منظومة انارة لوحة الالات ولاجل استمرار التجربة اوعزت للطيار الثاني باستخدام المصباح اليدوي ( اللايت ) الذي نحمله عادة في الطيران الليلي لاجل اضاءة لوحة الالات ومنظومة الرمي وتم ذلك وتجنبنا فشل التجربة ولاجل تلافي العمى الوقتي الذي يحصل نتيجة اطلاق الصواريخ طلبت من الطيار الثاني باغلاق عينيه خلال الرمي واستلام القيادة مني حال انتهاء الرمي . وكانت تجربة ناجحة وتمت الاشادة بالنتيجة . يوم 5 اذار استلمت طائرة تم اكمال تجهيزها في المطار الدولي وبرفقة المدرب الالماني ( نوربرت ) الذي قام باجراء السياقات المعتمدة الكاملة لفحص الاستلام وعدنا بها الى التاجي .
واجب في المنطقة الجنوبية الغربية ( عرعر )
يوم 6اذار ابلغني مدير الحركات العميد الطيار محمد عبدالله بوجود واجب خاص في منطقة النخيب وعرعر يوم غد 7اذار على ان اكون انا المنفذ للواجب ويكون تواجدي صباحا في المطار الدولي تواجدت صباح يوم 7 اذار في المطار الدولي ووجدت العقيد الملاح الشهيد حامد عبود والمخرج السينمائي محمد شكري جميل بانتظاري , تم ايجازي بالواجب وهو استطلاع الحدود الجنوبية من عرعر وباتجاه الغرب ليتمكن المخرج محمد شكري من الاطلاع على المنطقة لانتاج فلم ( اليرموك ) وتحديد خط مسير القائد خالد بن الوليد الذي سلكه للوصول الى اليرموك في الشام واختصار زمن الرحلة ومفاجأة العدو وحسم المعركة لصالح لجيش العربي , وبعد تأشير الاحداثيات على الخريطة وتغذية جهاز الملاحة ( الدوبلر) توجهنا الى النخيب وهبطنا في شقة النزول للتزود بالوقود وكنا بضيافة معسكر للدفاع الجوي . وبعد استراحة قصيرة اقلعنا باتجاه عرعر ثم التوجه غربا الى الحدود العراقية السعودية الاردنية والعودة باتجاه الشرق الى منطقة ( شبجة ) وكان المخرج محمود شكري يدون ملاحظاته . لفت انتباهي وجود عدد من المخافر الحدودية متروكة ( مهدمة ) واخرى حديثة البناء وعلى طول الحدود الجنوبية , عدنا بعدها الى النخيب للتزود بالوقود والاستفسار عن المخافر فاخبرونا بانها خربت وبنيت الجديدة نتيجة ترسيم الحدود وجعلها مستقيمة وتقسيم منطقة الحياد ( البقلاوة ) . استفدت كثيرا من هذا الواجب للاطلاع على مناطق جديدة للوطن لم يتسنٌ للكثير الاطلاع عليها , وكذلك زيادة الثقة بجهاز الملاحة لعدم وجود نقاط دالة في الصحراء مما يجعل المهمة صعبة . عدنا بعد الانتهاء من الواجب الى المطار الدولي ثم الى التاجي .
التكريم بنوط الشجاعة الاول
كنت قد نويت التمتع باجازة قصيرة اقضيها مع عائلتي في المدينة السياحية في الحبانية بعد انتهاء الدوام الرسمي ليوم الجمعة 11 اذار 1983 , مساء الخميس 10 اذار تبلغت بواسطة الهاتف بالتواجد غدا مبكرا في التاجي والتنقل الى مطار الميمونة بواسطة طائرة مي8 وتكون القيافة ( خارجي ) مع اصطحاب بدلة طيران ! توجهت مع عدد من الطيارين الى مطار الميمونة وتبلغنا بان مراسيم تقليدنا انواط الشجاعة ستجري في مدينة العمارة قبل ظهر ذلك اليوم وتكون القيافة بدلة الطيران التحق بنا عدد من ضباط القطعات الارضية قادة فرق وامري الوية وافواج قسم منهم من دورتي في الكلية العسكرية ومن زملائي في كتيبة الدبابات الخامسة وعدد من الذين عملنا سوية في حركات الشمال ودورات الدروع فكان لقاءٌ جميلا بعد فراق طويل . وصلنا الى قاعة ( جملون ) في مدينة العمارة وبعد اجراءات التفتيش الروتينية دخلنا القاعة , وتم تنظيم جلوسنا حسب القدم العسكري . بعد دخول الرئيس صدام حسين واعضاء القيدة بدأت تلاوة المراسيم الجمهورية بمنحنا نوط الشجاعة عن معركة الشيب في الشهر الماضي . عند تقليدي للنوط وفي بداية الحرب كان النوط يعلق بواسطة ( دبوس ) و تاخذ مدة التعليق وقتا , فكان تعليق الرئيس خلال تثبيت النوط ( اتمنى لو كانت طائرتك مدرعة ) اجبته وبشكل عفوي بانني امتلك درعين! اشرت الى رأسي بمعنى استيعاب السلاح والتفكير في استخدامه والثاني وضعت يدي على صدري بمعنى الاقدام والايمان بعدالة قضيتنا والثقة بالنفس . ابتسم واكمل تعليق الانواط للاخرين . بعد الانتهاء طلب الرئيس بان يقوم ضابط من كل وحدة بالكلام امام القيادة , اشرت الى احد منتسبي السرب المرحوم ( النقيب ياسين جاسم العبود) بتمثيل السرب في الكلام . ولكن المفاجأة كانت عندما وصل الدور الى السرب طلب الرئيس بان يتحدث آمر السرب !! اصبحت بموقف محرج فلم اكون مهيأ لمثل هذا الموقف ولم أهيء اي موضوع للتحدث به . تقدمت الى المكان المخصص ويبعد حوالي 10 متر وخلال مسيري بدأت افكر كيف سأقف وكيف ابدأ الكلام واين سأضع يدي وهل وقوفي بالاستعداد او غيره واختيار الموضوع للتحدث به فكانت لحظات محرجة جدا وانا سأقف امام القيادة وامام الكاميرات التي ستنقل ما اقوله الى المشاهدين فكان موقف صعب جدا . اديت التحية وتقديم رتبتي واسمي ومنصبي حسب السياقات بدأت بالكلام حول تشكيل السرب حديثا وهذه اول معركة كبيرة نشارك بها واندفاع منتسبي السرب ( لا حظ الرئيس ارتباكي ) ولاجل التخفيف تداخل وقال بان القادة أخذو يتفهمون طبيعة عملكم ولم يعودوا يزجونكم بمواقف وواجبات خارج امكانياتكم ومحدودياتكم كما كان يحث في بداية الحرب . كانت هذه الكلمات لها تأثيرها فتجاوزت ارتباكي واكملت الحديث بثقة لحين الانتهاء . وعند استفساري بعد ذلك عن طبيعة ادائي فكان الجواب جيد جدا . وهو ما لاحظته خلال مشاهدتي للمراسيم بعد نقلها مساء ذلك اليوم في التلفزيون . عدنا عصر ذلك اليوم الى بغداد ثم توجهت كما نوهت الى الحبانية بعد ان اوصيت اهلي بتسجيل اللقاء بشريط ( فديو ) . مع ملاحظة بان هدية النوط هي ( مظروف يحتوي مبلغ 500 دينار ) وهو مبلغ محترم حينها مع ساعة يدوية تحتوي على صورة الرئيس لا زلت احتفظ بها مع ساعات اخريات في مناسبات اخرى . مع وثيقة تأمين على الحياة وسيارة ( برازيلي ) تستلم عندما يحين الدور . جاء مبلغ ال500 دينار في وقته الملائم غطى مصاريف ولادة طفلتي وهدية الولادة وصدق المثل ( المولود يأتي ورزقه معه ) .
في يوم 1نيسان /ابريل كلفت باستطلاع وادي حوران ولغاية الرطبة بداية من مطار حديثة لكشف اية اختراقات من قبل العدو الصهيوني وكان بصحبتي النقيب الطيار الشهيد محمود راضي جعفر .
معركة الفكة والطيب
تعرض العدو على قطعاتنا في قاطعي الفكة والطيب ( ميسان ) الفرقة الاولى ليلة 10/ 11 نيسان/ابريل بعملية تحت عنوان ( والفجر2 ) وتمكن من السيطرة على بعض المرتفعات الحدودية . القاطع ضمن مسؤولية جناح طيران الجيش الرابع وتتواجد مفرزة دائمية للسرب 106 تتكون من طائرتين في الجناح الرابع اشتركت في المعركة منذ الساعات الاولى لذلك اليوم كلف السرب بتعزيز المفرزة ب4 طائرات للاشتراك بالمعركة , قدت التشكيل صباح ذلك اليوم الى مطار الميمونة وبعد الايجاز توجهت وبتشكيل من طائرتين مع بقاء طائرتين في الميمونة الى مقر الفرقة الاولى في الفكة , وطيلة نهار ذلك اليوم تمت مشاغلة العدو امام اللواءين 108 و 51 اللذين يتعرضان لهجوم واسع ومستمر من قبل العدو , بعد ان تمكن من الاستيلاء على مرتفعات حدودية ضمن مسؤولية اللواءين المذكورين , واستمرينا بالتعرض على قطعات العدو دون توقف في منطقة وعرة جدا جعلت عملية المشاغلة صعبة جدا مما اضطر امري الالوية بتوجيهنا نحو الاهداف من مراصد متقدمة عبر جهاز اللاسكي ( المجس الجوي ) وكان التركيز على الصواريخ الحرة المضادة للاشخاص بسبب طبيعة الارض . يوم 12 نيسان استمرت الطلعات لاسناد قطعاتنا وبالاسلوب ذاته وعلى جبهتي اللواءين المذكورين وبشكل مكثف لمنع العدو من تعزيز مواقعه او التعرض على قطعاتنا ولحين اكمال التحضيرات للهجوم المقابل تواصل اسناد قطعاتنا ليوم 13 نيسان دون توقف رغم وعورة المنطقة وصعوبة ادامة الرؤيا مع الهدف و ظهر ذلك اليوم اصيبت احدى طائرات السرب 106 باصابة مباشرة وكانت بقيادة الملازم الاول الطيار ( ر.ي.ي ) وتمكن الطيار من السيطرة على طائرته لحين وصوله الى مقر الفرقة الاولى , وعند فحص الطائرة تبين ان الاصابة كانت في صندوق تغيير السرعة ( الكير ) للمروحة الخلفية واختراق الاطلاقات الصندوق ادى الى فقدان الزيت في الصندوق. وعند حساب الزمن من وقت الاصابة لحين اطفاء الطائرة فكان اكثر من 20 دقيقة وهذا خارج المحدوديات لامكانية استمرار الطيران لكون احتكاك المسننات تؤدي الى تحطمها نتيجة فقدان الزيت وارتفاع درجة الحرارة .. طلبنا من مقر السرب تزويدنا بصندوق جديد وعلم المهندس الاسكتلندي ( روبرت ) المتواجد في مقر السرب بالحادث وتفاصيله فلم يصدق الحادث لتجاوز مدة الطيران بصندوق خالي من الزيت المحدودية وكان من المفترض تحطمه فطلب عدم قيام الطائرة باي واجب لحين قيامه بفحصها شخصيا وفعلا وصل مع مفرزة التصليح وقام وبصحبة مهندس السرب بالفحص المطلوب للطائرة وتبديل الصندوق المصاب بآخر جديد واصبحت الطائرة جاهزة للطيران . طلب المهندس الاسكتلندي ان يحصل على الصندوق المصاب وارساله الى المصنع في المانيا لاجراء الفحوصات وتقرير نسبة الاضرار و تعويضنا بصندوق جديد وما نطلبه اضافة للصندوق مقابل حصول الشركة على الصندوق المصاب ليمكنهم اجراء التجارب بشكل عملي تستفيد الشركة في تغيير المحدوديات بشكل عملي! اخبرته بان هذا من صلاحية شعبة الهندسة و التي يمكن التنسيق معها . استمرت واجباتنا لغاية المغرب والعودة الى مطار الميمونة . شعرت بان المعركة قد تطول ولذلك التقيت بطياري المفرزة لاجل تنسيق لااجازات كي لا تتراكم وخيرتهم بمن يريد التمتع بالاجازة اولا , رفض قسم من الطيارين التمتع بالاجازة واصروا على مواصلة المعركة لحين انتهائها وتمتع القسم الاخر بالاجازة . استمرت واجباتنا التعرضية ليوم 14 نيسان لغاية المغرب مع تكامل وصول الفرقة المدرعة الثالثةالمكلفة بواجب الهجوم المقابل فجر اليوم التالي. مع فجر يوم 15 نيسان كان تواجدنا في مقر الفرقة الثالثة حيث تقدمت دباباتها من الفكة باتجاه الشمال وعلى الضفة الشرقية لنهر ( دويريج ) وتمكنت من ازاحة العدو من الضفة الشرقية للنهر . تم التنسيق مع الفرقة بان تقوم طائراتنا بتأمين الضفة الغربية للنهر ومنع العدو من التدخل وتدمير قواته في الضفة الغربية . وبحضور ممثل شعبة الحركات المقدم الطيار الركن ( ر. م .ش ) تم تنفيذ الواجب كما يلي : - تشكيل مضلة جوية دائمية من طائرتين مرافقة للقطعات المتقدمة لتأمين الضفة الغربية للنهر ومنع العدو من التأثير على قواتنا المتقدمة باتجاه الشمال ومعالجة اية اهداف تظهر امام قواتنا المتقدمة وتكون مدة تواجدالتشكيل لمدة 15 دقيقة فقط ينسحب بعدها. - تشكيل اخر يكون في منطقة انتظار معينة تتناسب مع تقدم القطعات يكون على استعداد للتدخل وتعزيز التشكيل المرافق لقطعاتنا عند الحاجة ويحل محل التشكيل الاول عند انسحابه بعد انتهاء المدة المقررة - تشكيل اخر يحل محل التشكيل الثاني وبنفس الواجب المشار اليه - تشكيل اخر يقلع من مقر الفرقة ليحل محل التشكيل الذي قبله . - تتواجد بقية الطائرات في مقر الفرقة لتلبية المتطلبات التي قد تحدث خلال العملية
وبذلك يتم تأمين اسناد كامل لحين الانتهاء من الواجب .
استمر تقدم الفرقة الثالثة ولحين طرد العدو من الاراضي التي تمكن من الاستيلاء عليها في بداية تعرضه واكمل الواجب عصر ذلك اليوم مع استمرار طلعاتنا الاستطلاعية والتدخل عند الضرورة . بعد الجهد الكبير الذي بذلناه من عدد الطلعات اصابنا بالاجهاد غير ان الانتصار في المعركة وتحقيق الغاية شعرنا بالفرح وانسانا ما بذلناه من جهد وعدنا عند الغروب الى مطار الميمونة
تعطلت احدى طائرات السرب خلال رحلة العودة مما اضطر الطيار الى الهبوط بها في منطقة منعزلة , اخبرته بالبقاء وساعود اليه مع مفرزة تصليح بعد ان اشرت احداثيات منطقة الهبوط في جهاز الملاحة . اصطحبت مفرزة التصليح وعدت الى الطائرة العاطلة ليلا واستطعت الوصول باستخدام جهاز الملاحة والهبوط قرب الطائرة العاطلة ( كانت تلك اول عملية نزول خارج المطار وفي منطقة غير مهيأة ( غير مضاءة) فكانت تجربة جيدة اعطتني والطيار الثاني الذي كان معي ( الشهيد النقيب سحاب سيد وادي ) ثقة بامكانية النزول ليلا خارج المطار.
وهذا النزول خارج المطار شجعني بادخاله تمرين في منهج الطيران الليلي زاولناه وبشكل تدريجي بعد الحصول على موافقة شعبتي التدريب والحركات . توجهت طائراتنا يوم 16 نيسان الى الفرقة الاولى وكلفنا بمشاغلة العدو في قاطع اللواء 51 مع استمرار استطلاع ومراقبة الجبهة 17 نيسان كلفت طائرتي غزال فقط بالتواجد في الفرقة الاولى بعد حسم المعركة اجتمع امر الجناح الرابع المرحوم العقيد الطيار ( باسل جرجيس ) بامري الاسراب وطلب تقديم اسماء الطيارين المشاركين بالمعركة لصدور امر بتكريمهم .وكما يلي : - الطيارون المنفذون لاقل من 5 طلعات يتم تكريمهم ب6 شهور قدم لاغراض الترفيع - الطيارون المنفذون 6 طلعات فاكثر يكون تكريمهم بنوط الشجاعة و6 شهور قدم لاغراض الترفيع
وهنا تكمن المفارقة فان منح القدم 6 شهور من صلاحية قائد الفيلق وتمتع بها فورا ( من تمتع بالاجازة ) .اما من رفض الاجازة وبقي الى نهاية المعركة فان التكريم يكون من صلاحية رئيس الجمهورية الذي لم يصدر الامر بالتكريم لا بالقدم ولا بنوط الشجاعة ! وهذا ما كان يحصل في مناسبات عديدة بسبب عدم وجود سياقات ثابتة في التكريم وانما تكون حسب المزاج !. عدت عصر ذلك اليوم مع طائرات التعزيز الى مطار التاجي لنباشر فعالياتنا اليومية المعتادة .
منظومة التصوير الجوي
يوم 24 نيسان وبعد اتمام تهيئة منظومة التصوير الجوي وتركيبها على الطائرة وباشراف الجندي الاحتياط المهندس ( م . ع ) المسؤول عنها كما جاءفي مقال سابق تم اجراء طلعة تجريبية للتصوير الجوي وكانت التجربة ناجحة . التحق الى السرب في الشهر ذاته المقدم الطيار ( ا. ق . م ) بمنصب معاون امر السرب وكنا بامس الحاجة لكل طيار ينسب للسرب وتم ادخاله لدورة تحويلية على الطائرة ليكون طيارا فعالا في السرب . نهاية الشهر ذاته انتهى العقد مع المدربين الالمان ( نوربرت وهلموت ) ولم نستطيع توديعهم بالشكل اللائق لعدم حصول الموافقة الامنية !على دعوتهم في نادي ( العلوية ) , مما جعلني ادعوهم في داري ( رغم المنع ) وبتصرف فردي كان يمكن ان يؤدى الى المسائلة واالعقوبة , وبقي المدرب الالماني ( بالك ) المعار لنا من السرب الرئاسي .
واجب اضافي
يوم 15 مايس / مايو وصل تشكيل من طائرتي الويت3 العائدتين للسرب 30 ومقره مطار K1 في كركوك لاجل الاشتراك في تمرين تعبوي مع وحدات المدفعية وبقي طيار واحد وهو الملازم الاول الطيار ( ن .ا.ن ) وعاد الاخرون الى كركوك على ان يقوم طيارو السرب 106 الذين كانوا ينتسبون سابقا الى السرب 30 سابقا باعادة معلوماتهم على طائرة الالويت3 للاشتراك بالتمرين وكان هذا جهدا اضافيا على السرب وتم اجراء التمرين في شهر تموز . لم تجر معارك كبيرة في شهري مايس وحزيران واستمر طياروالسرب بتنفيذ الواجبات المكلفين بها من خلال تواجدهم في المفارز الملحقة باجنحة طيران الجيش يوم 16 حزيران قمت مع معاون امر السرب 105 الرئاسي طائرات (BO 105) من النوع المدني غير المسلحة الرائد الطيار ( ع. م.ع ) بممارسة الرمي الحقيقي للصواريخ ( سناب ) المضادة للاشخاص في ميدان رمي العزيزية لتهيئته لواجبات بالجبهة برفقة نجلي رئيس الجمهورية عدي وقصي خلال معارك قادمة وكما سيأتي في مقال قادم .
المدفع 20 ملم والتجربة النهائية
اعيد ت تجربة المدفع 20 ملم بالرمي الحقيقي في ميدان رمي العزيزية يوم 27 حزيران وبحضور ممثلي شعب طيران الجيش وقمت بالتجربة مع المدرب الالماني ( بالك ) , حصل توقف بالمدفع في الطلعة الاولى , وتم اصلاح التوقف على الارض وفي الطلعة الثانية تكرر التوقف , لذا تقرر ايقاف الفحص والقرار المبدئي على رفض المدفع . وتم تقديم تقرير مفصل حول التجارب التي جرت ونتائجها . استدعيت في اليوم التالي الى شعبة الهندسة الجوية في مديرية طيران الجيش لمناقشة النتائج مع ممثلي الشركة ( البلجيكية )المصنعة للمدفع . قبل الدخول الى قاعة الاجتماع تدارست مع مدير الهندسة العميد المهندس ( خ. أ ) مراحل ونتائج فحوصات الرمي الحقيقي التي قمت بها . قدمت له مقترح برفض السلاح وتحمل الشركة المصنعة تكاليف التجارب التي اجريت عليه . لان الشركات عندما تقوم بمثل هذه التجارب تحسب كلفة التجارب وتحملها للطرف الاخر. وتحاسب اجور الاشخاص ( طيارين وفنيين ) وكذلك كلف التنقل واجور حجز ميدان الرمي وكلفة ساعات الطيران والوقود وغيرها من التكاليف والتي تجبرنا بتحمل تكاليفها عند الحساب النهائي . فوافقني على هذا المقترح . عليه تم اطلاع ممثلي الشركة وايجازهم بمراحل الفحص وتكرار التوقفات رغم اعطائهم الفرصة لتلافيها دون ان يحدث اي تغيير , لذلك فاننا نرفض العرض نهائيا ونطالبكم بكافة مستحقات اجور الفحوصات . طلب ممثل الشركة منحه فرصة اخرى لتلافي العطلات واعادة الفحص . رفض مدير الهندسة الطلب وقام بانهاء الاجتماع واخبرهم وجود شركة فرنسية تنتظر لقاءه وان الشركات الفرنسية اكثر تعاون وجدية من شركتكم . وفعلا انهينا الاجتماع وغادرنا القاعة مع امتعاض ممثلي الشركة ,. استدعيت يوم 30 حزيران الى شعبة الحركات في مديرية طيران الجيش ولقاء ضابط ركن اسلحة المديرية العقيد اسلحة ( ا . ع ) وطلب مني الموافقة على استلام المدافع. لم اوافق لوجود العطلات وقرار شعبة الهندسة , وقال لي ستستلمها حتما! ووضع امامي كتاب مديرية طيران الجيش المرسل الى وزارة الدفاع حول رفض شراء المدفع بسبب العطلات التي حصلت . وقرأت تعليق السيد وزير الدفاع الشهيد ( عدنان خير الله ) على الكتاب ونصها ( يستلم المدفع والف عين لاجل عين تكرم ) ! فاطعت الامر وقلبت ورقة الكتاب ودونت على ظهر الكتاب ( تم استلام المدفع بناء لامر السيد وزير الدفاع ) ودونت كافة التوقفات والعطلات التي حدثت خلال تجارب الرمي . كي ابرىء ذمتي وتحسبا للمستقبل . في اليوم ذاته وصل كتاب وزارة الدفاع الى مديرية طيران الجيش بنقل مدير شعبة الهندسة الجوية العميد المهندس ( خ . أ ) الى خارج مديرية طيران الجيش وتنسيب مدير جديد بالوكالة!! في بداية شهر تموز استدعاني مدير شعبة الحركات العميد الطيار محمد عبدالله وابلغني بتهيئة جواز سفري ومهندس السرب الرائد المهندس ( و. ا ) لمرافقة تاجر السلاح ( سركيس ) وبطائرته الخاصة الى الولايات المتحدة الامريكية لاجل الراحة والترفيه !! لم افهم بان مثل هذه الرحلات لا تحتاج الى تجديد الجواز لذلك لم استطع تجديد الجواز ولم نرافق تاجر السلاح في تلك الرحلة , ولم أفهم يومها دوافع هذا الامر ! نهاية شهر حزيران 1983 شن العدو وبدلالة ادلاء الخيانة تعرضا على محور حاج عمران راوندوز وتمكن من احتلال حاج عمران ورايات وقمة كردمند المطله على قصية جومان وعلى جانبي الطريق الواصل الى حوض ديانة , وجرت معارك طاحنه لاجل طرد العدو . |
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 الثلاثاء 7 مايو 2019 - 8:01 | | | الحلقه السادسه ملحمة گردمند ( عملية تحدي ) وصلنا الى نهاية النصف الاول من عام 1983 بقيام العدو في حزيران/ يونيو بالسيطرة على جبال گردمند وكردكو وكودوا وسرسول بعد اجتيازه قصبتي حاج عمران ورايات والمحاولات العديدة لقطعات الفيلق الاول لاسترداد ما احتله العدو ولكن وعورة المنطقة افشلت جميع المحاولات لاستعادتها وبذلك سيطر العدو على محور راوند وز - حاج عمران واشرف على قصبة جومان .
لذلك فقد كانت لمعركة استعادة جبل گردمند خاصية متميزة سآتي عليها من سياق هذا المقال الذي كل ما يحتويه هو من ذاكرتي وبمساعدة بسيطة من اثنين من طياري السربين 106 و 30 المشاركين في المعركة ضمن طائرات الاسناد.
اهمية وخصوصية ملحمة كردمند
تأتي اهمية هذه المعركة والتي اسميتها (ملحمة) من خلال العملية الجريئة التي تمت بها، فقد انفرد وحسب معلوماتي الجيش العراقي بعملية لم يسبق لي ان اطلعت او قرأت بما يشابهها في التاريخ العسكري , ولم يتطرق لها الاعلام او الكتابات العسكرية لمجريات القادسية او مذكرات القادة سوى ما تم ذكره, ان العدو استطاع السيطرة على جبل گردمند
وتمكن الفيلق الاول وبقيادة اللواء الركن نعمة فارس من استعادة الجبل بصولة جوية رأسية ! مع تضحيات كبيرة للطائرات السمتية ( مي 17 ) وبعدد 36 طائرة ! كما جاء في مذكرات الاخ الفريق الركن (رعد مجيد الحمداني) في الصفحة 94 من كتابه الموسوم ( قبل ان يغادرنا التاريخ ) , وهو رقم مبالغ به كثيرا وكذلك فان الصولة تمت بطائرات مي8 وليس مي17 التي لم تكون قد دخلت الخدمة في سلاح طيران الجيش حينها , وربما كان يقصد معركة گردمند عام 1986 حيث كانت الخسائر في طائرات مي 17 . وتعتبر هذه المعركة فخرا لجيشنا الباسل وطيران الجيش والقوات الخاصة المتمثلة باللواء 32 قوات خاصة واسراب المي8 المشاركة , وكان اختيار الاسم الرمزي للعملية ( عملية تحدي ) صائبا وواصفا للعملية لما اتصفت به من شجاعة نادرة وتحدي لجميع الاعتبارات والعوامل المهنية العسكرية .
البدايات
منذ بداية تعرض العدو تواجدت مفرزة من السرب 106 وبطائرتين نوع BO105 في جناح طيران الجيش الاول المكلف بأسناد الفيلق الاول بمطارK1 في كركوك شاركت المفرزة مع اسراب الجناح الاول في التصدي للتعرض وادامته لعدم اعطاء العدو الفرصة لتحصين دفاعاته . خلال ادامة التعرض على مواضع العدو اصيب المقدم الطيار (وليد عبد المجيد راضي) المنسوب الى السرب 30 (طائرات الويت3) المسلحة بصواريخ AS12 المضادة للمنعات او مدفع جانبي 20 ملم , اصيب بشظايا المضادات الجوية المعادية استلزمت علاجه ( استشهد لاحقا في معركة بنجوين في شهر تشرين ثاني 1983 بعد شفاءه ) . اما في مقر السرب 106 في التاجي فقد كانت الفعاليات اليومية تسير بشكل اعتيادي , وكانت لدينا طائرتين من السرب 30 ( الويت 3 ) نفذت اخر طلعتي تمرين التعاون مع المدفعية . يوم 20 تموز استلمت الامر بان تتوجه طائرة من السرب الى قاعدة الحرية الجوية في كركوك لواجب خاص , قررت ان انفذ الواجب للاطلاع على الموقف وزيارة مفرزة السرب . وصلت الى قاعدة الحرية الجوية واوجزت بالواجب وهو نقل ضابط استخبارات من الفيلق الاول مع احد المتعاونين الاكراد وكما اتذكر بان اسمه ( تحسين ) ويتميز ببنية قوية وطول فارع وحاجبين كثيفين وكفين كبيرين قويين , الى معسكر (قلعة دزة ) , وكانت فرصة جميلة لاستعادة ذكريات قديمة في شمال الوطن . بعد انتهاء الواجب عدت مع ضابط الاستخبارات الى قاعدة الحرية وبقي الاخر في قلعة دزة . واقلعت الى الجناح الاول واستفسرت عن مفرزة السرب فكان الجواب بتواجدهم في ديانة ، وعدت مساءاٌ الى التاجي مقر السرب 106. ذكرت هذا الواجب لارتباطه بحادثة رأيت ان اذكرها , فحين كنت منتسبا لكتيبة الدبابات الخامسة في معسكر الدريهمية في الزبير كانت تشاركنا كتيبة الدبابات الاولى , عام 1971 اشتركت بدورة في مدرسة الدروع في الموصل وكنت برتبة ملازم ورافقني في الدورة ذاتها الملازم الاول (سعد خلف) من الكتيبة الاولى واتفقنا على السفر سوية والسكن في غرفة واحدة في الفندق خلال الدورة . التقيت المقدم ( سعد خلف ) خلال معركة گردمند وكان بمنصب ضابط استخبارات او توجيه معنوي بعد ان افترقنا منذ التحاقي بالقوة الجوية نهاية عام 1973 , وفي نهاية عام 1983 وصلني خبر استشهاده في كمين شارك به المدعو ( تحسين ) في منطقة قلعة دزة والذي ادين ونفذ به حكم الاعدام من قبل الفيلق الاول .
موقف محرج
يوم 23 تموز صدر الامر بتعزيز مفرزة الجناح الاول بطائرة مسلحة واحدة , استغربت لهذا الامر ( الطبيعي يكون بتشكيل لا يقل عن طائرتين ) نفذت الواجب بطائرتين احداهما بقيادتي الى مطار K1 ثم الى ديانة . وانا اتقرب للهبوط لاحظت تواجد طائرتي السرب في المهبط فحمدت الله تعالى كون التعزيز غير المعتاد بطائرة واحدة ليس بسبب سقوط احداهما, التقيت بالطيارين ومن ضمنهم طياري السرب , ثم توجهت الى غرفة الحركات لمعرفة الواجب , ليواجهني قبل الدخول الى غرفة الحركات العميد الطيار ( محمد عبدالله ) مدير حركات طيران الجيش وهو في اشد حالات الغضب ! ويتهم ( آمر مفرزة السرب ) وهو من الطيارين القدامى بالجبن ويتوعد بإعدامه فورا ! استفسرت منه عن السبب , فاخبرني وبعصبية وتوتر بانه كان هذا الصباح يقوم بواجب حماية طائرة مي8 تقوم بإدامة احدى الوحدات المتقدمة واصيبت طائرة مي8 اصابة مباشرة وتحطمت ولم يقوم بإنقاذ طاقم الطائرة واخلائهم بحجة عدم تمكنه من الوصول الى منطقة الحادث لشدة النيران المعادية , بينما تم تكليف طيار آخر استطاع وبطائرة مي8 من اخلاء الطاقم المصاب بسلام ! لذلك يجب اعدام هذا الجبان بعد تعويض النقص بطائرة اخرى ! كان هذا الحديث امام المقدم ( سعد خلف ) المشار اليه آنفا . وكان العميد محمد عبدالله مصرا على تنفيذ تهديده ولم يتقبل اي نقاش . استغليت علاقتي الجيدة مع العميد محمد عبدالله منذ معركة الشيب عام 1981 والتي نشرتها الگاردينيا في مقال سابق , وعلى غير عادتي توسلت به بان اعدامه له تأثير سلبي على معنويات الطيارين والسرب 106 خصوصا لما يتمتع به من سمعة جيدة , وكذلك فان هذا الاجراء سيكون وصمة عار على طيران الجيش , وبعد تأييد واسناد من المقدم سعد خلف رحمه الله تعالى تم احتواء غضب العميد محمد عبدالله وطلب مني مغادرة هذا الطيار فورا الى مطار التاجي وعدم التوقف في مطار K1 , شكرته واسرعت الى مهبط الطائرات لأبلغه بان يغادر فورا الى التاجي ( وكان هذا الامر يسعده جدا لابتعاده عن المعركة ) طلب منه المقدم سعد خلف بان يدعو لي لإنقاذه من اعدام مؤكد , فسارع الى العودة الى التاجي . اما طيار طائرة مي8 المصاب فكان الملازم الاول الطيار ( ح . ه ) و كانت اصابته شديدة في ساقه ولا يستطيع السير عليها بدون عصى ولغاية هذا اليوم . ومع الاسف فبعد مغادرته العراق في تسعينيات القرن الماضي تم تجنيده من قبل العميد محمد عبدالله ودخل العراق بصحبة المحتل الامريكي. استغليت وجودي في ذلك اليوم ونفذت عملية استطلاع مسلح للقاطع وقصف الاهداف المعادية في جبل گردمند. وشرحت ما حدث لمفرزة السرب والتحقت الطائرة الثانية التي رافقتني الى المفرزة تعويضا للطائرة العائدة. موقف طريف عادة ومنذ ان كنا ننفذ الواجبات في شمال الوطن قبل الحرب مع ايران كنت احلق بطيران واطئ وفوق الطريق المار خلال مضيق ( گلي علي بيك ) مستمتعا بالطبيعة الجميلة رغم خطورة مثل هذا الطيران لكونه مضيق ( ضيق وذو تعرجات كثيرة ) وجدرانه عالية وطريقة الطيران بهذا الشكل يمثل متعة ومغامرة محسوبة تخفف من الملل خلال الرحلة ولكني كنت قد اعتدت المرور به واعلم تفاصيله. بعد ان اكملت الواجب والقرار على العودة استفسرت عن من يريد ان يرافقني في رحلة العودة من ضباط الوحدات المتواجدين لقضاء اجازة او لأي واجب اخر , فلبى احدهم وكان برتبة نقيب اصطحبته معي , سلكت الطريق المعتاد وبالطيران الواطئ خلال الكلي , لاحظت الضابط وقد تملكه الرعب من المنظر فهو ينظر يمين ويسار ولا يشاهد سوى الجدران العالية واحيانا يكون الجدار امامه واقوم بالمناورة بتتبع الطريق , وكان يتمسك بالكرسي وبدون اي كلام ! حاولت ان اطمأنه بان ينظر الى وجهي وحين يراني خائفا فله ان يخاف والا فلا خطر من هذا الطيران! لم يكن يجيبني ابدا فقط يتمسك بالكرسي، ولحين اجتيازنا مدينة خليفان اتجهت وبشكل مستقيم الى مطار K1 للتزود بالوقود ومواصلة الرحلة الى التاجي , عند الهبوط حمل النقيب حقيبته وطلب عجلة توصله الى كراج كركوك ليواصل رحلته الى بغداد , طلبت منه البقاء دقائق فقط للتزود بالوقود ومواصلة الرحلة وباقل من ساعة سنكون في التاجي وتنتظرني سيارتي العسكرية وتوصله الى المكان الذي يريده , بينما ستكون رحلته الى بغداد من الكراج تستغرق عدة ساعات ولن يصل الا في ساعة متأخرة . رفض ما قلته واجابني ( لن اكرر تجربة التنقل بالسمتيات حتى وان كلفني ذلك ايام وليس ساعات ولعن الساعة التي جعلته يرافقني ) ولم تنفع مناشدتي له وان الطيران سيكون سهلا ومريحا الى التاجي , لذلك امنت له عجلة نقلته الى كراج كركوك .
الموقف في السرب 106
كانت طائرات وطياري السرب موزعين على مفارز في المنصورية والميمونة وكركوك وطائرة تصوير جوي في البصرة وكان الرائد الطيار ( ع . م .ش ) متواجد في مدينته البصرة , واقوم بتعزيز المفرزة بطيار آخر يكون بديله حين تمتعه بإجازة او اي عمل خاص به . كان الطيارون لقلة عددهم يبذلون جهدا متميزا ونكران ذات، وكان تواجدهم في السرب قليل فهم موزعين بين المفارز والاجازة الدورية او في الطريق لتبديل المفارز، اتصل يوم 20 تموز الرائد الطيار معلم الطيران ( ع . ر . ج ) وكان متمتعا بإجازة زواج مستفسرا عن الحاجة لقطع اجازته لكونه كان يتابع امور السرب وشعر بحراجة الموقف الذي نمر به , كنت في موقف محرج فالحاجة كانت لكل طيار ولكني اخبرته بان يستمر بإجازته و ان يكون تحت الطلب , ولكنني فوجئت بالتحاقه في اليوم التالي ضاربا مثلا رائعا بنكران الذات . يوم 24 تموز/ يوليو 1983 صدر الامر بتعزيز مفرزة كركوك ب 4 طائرات مسلحة وطائرة اسعاف واحدة مع الطاقم الطبي استعدادا لمعركة گردمند . تم التنفيذ بآخر 5 طيارين ولم يعد يتواجد في السرب اي طيار وقام المساعد وهو ضابط اسلحة النقيب ( ع . ا . ش ) بواجبات آمر السرب . كلفت الرائد ( ع . ر. ج ) العمل على طائرة الاسعاف لاحتمال قيام طائرة الاسعاف بأخلاء الجرحى والحالات الطارئة الى مستشفى الرشيد العسكري فيستغل وجوده في بغداد لقضاء ليلته هناك والعودة باكرا الى منطقة الواجب .وهذا اقصى ما تمكنت من عمله اتجاه موقفه المشرف . تم تعزيز المفرزة الفنية في كركوك بضابط اسلحة السرب الأقدم الرائد ( ك . م . ح ) ومهندس من السرب والمراتب من جميع المهن مع تهيئة الطائرات المتبقية في السرب لتكون احتياط لتعزيز الطائرات التي قد تصاب او تحتاج الى الصيانة ,وصلنا الى ديانة قبل ظهر ذلك اليوم عن طريق مطار K1للتزود بالوقود وابقاء قسم من المفرزة الفنية بصحبة المهندس لتأمين المكان الملائم للإدامة والاسكان بعد تأشير الخرائط باشرت بالطلعات القتالية لدلالة الطيارين على الاهداف والتعرف على المنطقة والتي استطلعتها يوم امس وكان مدير الحركات العميد الطيار محمد عبد الله وآمر جناح طيران الجيش الاول العقيد الطيار ( ه . ج ) متواجدين لإدارة معركة طيران الجيش .
سير العمليات 26 – 27 تموز/ يوليو 1983 كان سياق العمليات بان يتواجد تشكيلين من طائرتين وبشكل دائم امام الهدف ( جبل گردمند ) تقوم برمي الصواريخ الحرة على ان يتبعها تشكيلين آخرين ويكون الرمي بشكل دائم طوال اليوم وبدون توقف , وينفذ الرمي بجميع انواع الطائرات وبضمنها طائرات النقل مي 8 ! , وكانت هذه الفعاليات مستمرة منذ ايام . بعد تنفيذي لطلعتين قتاليتين قابلت امر الجناح العقيد ( ه . ج ) واعترضت على استمرار الرمي بهذه الكثافة على هدف محدد , وهذا يعتبر هدرا بالجهد مع الخطورة , بينما يمكن ادامة القصف بواسطة المدفعية أو الهاونات الثقيلة , ناهيك عن الكلفة العالية للصواريخ ولو كنت مكان العدو لتركت هذا الموقع المعلوم كونه معرض للقصف وابدلته بموقع آخر , فحمولة طائرة مي8 من الصواريخ هو 60 صاروخ تطلق في كل طلعة من كل طائرة وكذلك حمولة طائرتي 44 صاروخ وكلها صواريخ حرة تقذف خلال ثواني , وكذلك صواريخ AS12 الموجهة والتي تطلق من طائرات الالويت3 . فكم هي كلفة الصواريخ التي نطلقها يوميا والتي لا اعتقد بوجود الحاجة لها . اجابني مستنكرا لملاحظاتي ( وهل تدفع الاموال من بيت الخلفك؟ ) انفعلت واجبته بعصبية ( نعم سيدي انها من بيت الخلفني ولخلفك ) فهذه اموالنا جميعا ! رد علي لا تناقش ولا تجادل فهذه اوامر القيادة وعلينا التنفيذ فقط . انتهى اللقاء واستدعيت ضابط اسلحة السرب وطلبت منه تحميل طائرات السرب بنصف الحمولة ( 20 صاروخ ) فقط كل حمالة تحمل ب10 صواريخ بدلا من حمولة كاملة 44 صاروخ دون اخذ الاذن من آمر الجناح , واستمرينا بتنفيذ الواجبات بهذه الحمولة . عدت بعد غروب الشمس الى مطار K1 . كانت القوة الجوية تنفذ ضربات متكررة على الهدف والعمق مع تواجد المتصديات التي تقوم بحماية طائراتنا من تدخل مقاتلات العدو. استمرينا بتنفيذ الواجبات بنفس السياق ليومي 26 و27 تموز/ يوليو مع الايعاز لقادة تشكيلات طائرات مي8 لتأشير المناطق الملائمة لهبوط الطائرات على قمة جبل كردمند وما يجاورها تحسبا قيام العدو باستخدامها لتموين قطعاته ! . صباح يوم 27 تموز/ يوليو توجهت الطائرات الى ديانة وفور الهبوط تم رفع البوابات الخلفية لطائرات مي8 مما يعني ان هناك انزال بواسطة هذه الطائرات (ورفع البوابات الخلفية هو لسرعة اخلاء الطائرات من الركاب) , وقد لاحظنا وجود قطعات من اللواء 32 قوات خاصة قرب مهبط الطائرات موزعين على شكل مجموعات مع اكمال جدول الاركاب على الطائرات ثم تم تثبيت رقم الطائرة وطاقمها امام كل مجموعة , وكانت طائرات الانزال موزعة على 7-9 تشكيلات كل تشكيل مكون من 3 طائرات
خطة الهجوم
تم ايجاز الواجب وهو الانزال الرأسي على قطعات العدو المتمركزة في جبل گردمند بواسطة طائرات الصولة الجوية مي8 بتشكيلات مكونة من 3 طائرات لكل تشكيل وتكون مناطق الهبوط حسب ما تم تأشيره سابقا من اختيار المناطق المحتملة لهبوط طائرات العدو . توضح لي سبب ادامة قصف قطعات العدو في جبل گردمند وبجميع انواع الطائرات وبضمنها طائرات الصولة الجوية مي8 , حيث يكون العدو قد اعتاد على القصف المستمر وبشكل روتيني يقوم بالاختباء في الملاجئ لحين انتهاء القصف, ففي هذا اليوم وعند التقرب من الأهداف يكون العدو يعتقد بانه القصف اليومي الروتيني فيلجأ الى الملاجئ , لتحدث المباغتة بالأنزال عليه وتحقيق التماس المباشر من قبل القوات الخاصة قبل ان يفيق من المباغتة. فكان نقاشي مع امر الجناح قبل ايام بسبب جهلي للخطة المتخذة , ومع ذلك لم يكون عملي سوى الاقتصاد بالعتاد . لم تجري عملية التزود بالوقود لطائرات مي8 لتعويض وزن الحمولة وامكانية المناورة والهبوط في المناطق الجبلية . تم تكليف المقدم الطيار ( ي . م . ص ) لقيادة العملية وتكليف الطيارين القدامى لقيادة التشكيلات لخبرتهم الجيدة بالعمل في المناطق الجبلية .
تسلسل عملية الانزال
1_ تقوم مدفعية الفيلق الاول بتوجيه قصف مركز على جبال گردمند وسرسول وكودو وكردكو والقطعات الساندة . 2_ تقوم طائرات القوة الجوية بقصف الاهداف المنتخبة. 3_ تتواجد متصديات القوة الجوية لحماية العملية وبشكل مستمر ومنع تدخل القوة الجوية المعادية. 4_ تباشر طائرات الانزال مي8 بالانفتاح مع اختيار مناطق الهبوط المؤشرة سابقا وعند التقرب من الاهداف تقوم برمي منطقة الانزال امام كل تشكيل بحمولتها من الصواريخ تمهيدا للهبوط و عند عدم ملائمة المنطقة لهبوط الطائرة يجري تعلق الطائرة قريبا من الارض ويتم انزال القوة المحمولة بالقفز من الطائرة. 5_ تقوم طائرات الاسناد المزودة بالصواريخ الحرة والموجهة والمدفع الرشاش 20 ملم بتقديم الاسناد عند الضرورة وملائمة الموقف. 6_ تبدأ القطعات الارضية المتمركزة اسفل جبل كردمند بتسلق الجبل فور تنفيذ عملية الانزال مستغلة انشغال قطعات العدو بمقاومة القوة الهابطة. 7_ تعود طائرات الانزال الى ديانة لنقل الرفعة الثانية وادامة الرفعات لحين اكمال نقلها كاملة . ثم الادامة الادارية وحسب تطور العملية
التنفيذ ثم الغاء العملية
اوعزت بتسليح طائرات السرب بحمولة كاملة من الصواريخ والوقود، وبعد اكمال الاركاب انطلقت 4 طائرات من السرب 106 لتنفيذ القصف الروتيني اليومي ضمن عملية خداع العدو بعد توقف القصف المدفعي , اقلعت بتشكيل من طائرتين من السرب ومعي في طائرتي آمر الجناح الاول العقيد( ه . ج ) لقيادة عملية الانزال, وبدأت طائرات الصولة بالإقلاع تباعا وحسب التوقيتات المقررة , اتجهت جميعها الى الهدف بطيران واطئ بصمت لاسلكي تام , وبمنظر مهيب وترقب لما سيحدث , قبل وصول الطائرات الاربعة الاولى صدر الامر من المجس الجوي في ديانة بإلغاء الواجب . استلمت جميع التشكيلات الامر وعادت الى مهبط ديانة . تبين لا حقا سبب الغاء الواجب هو عدم تمكن القوة الجوية من قصف الاهداف المحددة لعدم تمييز الطيارين الاهداف بسبب الغبار العالق في الجو. استمرت الفعاليات اليومية في ذلك اليوم وعادت جميع الطائرات الى مطار K1 عند الغروب لإيهام العدو في حالة وجود عيون له في المنطقة وعدم كشف العملية.
التنفيذ يوم 28 تموز/ يوليو 1983
وصلت التشكيلات صباح يوم 28 تموز الى معسكر ديانة , وتمت الاعمال كما جاء في الخطة وتم القصف المدفعي ثم قامت القوة الجوية بقصف الاهداف المحددة واقلعت 4 طائرات BO105ثم تبعتها طائرات الصولة مي8 وطائرات الاسناد وحسب التوقيتات المقررة وبصمت لا سلكي تام , وكان قرص الشمس قد ارتفع عن الافق مما لا يؤثر على الرؤيا عند التقرب من الهدف . اقلعت هذا اليوم بمفردي وكان آمر الجناح الاول بصحبة الرائد الطيار ( ع .ر . ج ) وبطائرة BO105 محملة بالصواريخ لقيادة العملية . قاد التشكيل الاول المقدم الطيار ( ي . م .ص )وهو المعتمد عليه في نجاح العملية فأي تردد منه يؤثر على جميع التشكيلات , تقدمت طائرات الصولة بصمت وترقب لما سيحدث والجميع يحبس انفاسه ( رهبة من الموقف وترقب المجهول ) استمرت الطائرات بالتقرب من الهدف وكانت الدقائق أو اجزائها تمضي ونترقب ماذا سيحدث هل ستفتح نيران العدو المضادة للطائرات على تشكيلاتنا ؟ هل كشفت العملية والعدو هو الذي سيفاجئنا؟ الف حساب يدور بخلد المنفذين للعملية التي يلفها الصمت والترقب القاتلين نترقب وندعو الله تعالى سلامة منفذيها ولا نعلم من سنفقد من زملائنا بعد لحظات؟ وقت عصيب لا يمكن وصفه! كيف سنتصرف لو كان العدو قد نصب كمين لطائراتنا؟ امور عديدة كانت تدور بخلدي ولكوني وحيدا بالطائرة لا استطيع البوح بها لاحد (للتنفيس عن القلق) . قبل دقائق تم مشاغلة الاهداف من قبل التشكيلين المتقدمين بعد قصف طائرات القوة الجوية، اقتربت طائرات الصولة من الهدف بنسق واحد لجميع الطائرات يتقدمها قائد الانزال البطل المقدم الطيار ( ي . م . ص ) , وفي المراحل النهائية للهبوط اطلقت جميع طائرات الصولة صواريخها على المنطقة المحددة لهبوطها ترافق ذلك مع كسر الصمت اللاسلكي من قبل امر الجناح وبنداء ( الله اكبر , الله اكبر , الله اكبر ) وبصوت عالي , وكان لهذا النداء الاثر المعنوي والنفسي الكبير ( فقد اقشعر جسدي ) وبدأت ارتجف من هول الحالة ! . بعد القصف استمرت الطائرات بالتقرب من مناطق الهبوط، وهنا تكمن اخطر مرحلة في العملية، فتكون الطائرات في اضعف الحالات وهدفا سهلا للمدافع حيث تكون بارتفاع قليل وهدفا واضحا وبدون سلاح للدفاع عن النفس ولا يمكن تقديم اي اسناد، , ولا يتمكن الطيار من المناورة لكون سرعته قليلة لذلك يحتاج الى القوة القصوى للمحركات يستخدمها للسيطرة على الطائرة لان ( قوة الرفع تتعامل طرديا مع عوامل الرفع ولكن عامل السرعة يكون طرديا مع مربع السرعة ) فكل ما كانت السرعة قليلة يحتاج تعويضها برفع قدرة المحركات دون تجاوز المحدوديات . ويستطيع العدو من استخدام سلاحه الشخصي و اصابة الطيارين الواضحين امامه. وهنا تكمن شجاعة وايمان وصبر الطيارين (وتحسب كل ثانية من التقرب للهدف وكانه الدهر بكامله! ) بدون امكانية للمناورة او التردد سوى التقدم وبصدور مفتوحة لحين الهبوط وانزال القوة المحمولة (وهي حالة لا يمكن تصورها لكونها خارج المعقول ) . ولكن العملية كانت مفاجئة للعدو وحين ايقن ان هذه الطائرات ستهبط على مواضعه كانت الطائرات في المراحل الاخيرة فكان رد فعله عشوائيا ومرتبك وغير منظم . اعلن قائد الانزال وبصوت مرتبك اصابة طائرته ولكنه رغم ذلك استمر لحين ملامسته الارض وترجل القوة المحمولة وتوالت نداءات عدد من الطيارين بإصابة طائراتهم بأسلحة العدو ورغم ذلك استمرت التشكيلات وبشجاعة نادرة من اتمام المهمة والعودة الى ديانة حاملين الجرحى من القوات الخاصة الذين اصيبوا داخل الطائرات وحاملين اوسمة الشرف بالإصابات المباشرة لطائراتهم من اسلحة العدو التي لم تمنعهم من حمل الرفعات المتتالية لتعزيز القوة الهابطة على العدو الذي افاق من الصدمة وبدأت نيرانه تتركز على الطائرات الهابطة مما ادى الى خسائر بسقوط عدد منها خلال الرفعات اللاحقة . التحم ابطال القوات الخاصة بمعركة ملحمية مع العدو وبكافة الاسلحة والرمانات اليدوية والسلاح الخفيف وكما سمعت وصلت الى الاشتباك بالأيدي المجردة . كنا في طائرات الاسناد نراقب المعركة دون ان نستطيع تقديم الاسناد بسبب الاشتباك المباشر مع العدو، كنت وحيدا بطائرتي ومن هول الموقف كانت ساقاي والتي تسيطر على دواسات التحكم على المروحة الخلفية للطائرة ترتجفان بشدة وحين انتبه على وضعي اتكلم مع نفسي وبصوت عالي (ولك جبان لماذا ترتجف اصمد اثبت) لأسيطر على ساقي ثم انتبه بعد قليل بتكرار الحالة واعود لا كلم نفسي ( لست جبان ولكن هول الموقف يؤدي الى هذه الحالة ) . مع اشتداد اشتباك القوات الخاصة مع العدو تقدمت طائرات الاسناد المسلحة لتقديم الاسناد الناري في عمق الموضع الدفاعي المعادي ومناطقه الادارية وانفتاح اسلحته الساندة لغرض تحييدها ومنعها من التدخل في المعركة وتدميرها، وفعلا تم قصف تجمعاته واسلحته الساندة في جبل سرسول شرق جبل گردمند، وجود طائرات الاسناد فوق منطقة الاشتباك اعطى معنويات عالية لقوات الصولة، وبدأت ملامح انهيار العدو و مع نفاذ العتاد وصلت تشكيلات جديدة من طائرات الاسناد، تم ايجاز طياريها وعادت طائرات الاسناد الاولى الى ديانة، وتم فحص الطائرات وتحميلها بالعتاد والوقود والتوجه الى گردمند , وحينها كانت طائرات الاسناد فوق الهدف قد انهت مهمة الاسناد لنحل محلها . يفصل بين جبلي گردمند وسرسول وادي بسيط ( غير عميق أو رقبة ) وخلال تبديل تشكيلات طائرات الاسناد انتهز العدو الفرصة وحاولت قطعات العمق الادارية واسلحة الاسناد الهروب من خلال الطريق النيسمي بين الجبلين , وعند تقربي من قمة گردمند كان العدو في حالة هزيمة وابطال القوات الخاصة فوق مواضعهم الحصينة , لاحظت رتل عجلات تزيد عن 20 عجلة تحاول الهروب مستغلة الوادي بين الجبلين المخفي عن الرصد , حاولت قصف الرتل ولكن لم اتمكن من اصابته لكون الرتل كان يسير في مضيق لا يمكن استهدافه بالصواريخ التي اطلقت عدد منها فشلت في اصابتها ولكن كانت النتيجة ان توقف الرتل وسارع ركابه لأخلاء العجلات والاحتماء بالعوارض الجبلية , ناديت تشكيل من طائرتي الويت3 العائدة للسرب 30 والمسلحة بالمدفع الجانبي 20 ملم ( الذي اعرف خصائصه وخصائص الطائرة كوني عملت في السرب 30 سبعة سنوات ) ليلتحق بي وبعد الدلالة عولج الرتل وبسهولة بواسطة المدفع الرشاش وتم تدميره بشكل كامل مع ملاحقة افراد العدو المنتشرين هناك , فقد كان صيدا سهلا وثمينا . كل هذا وكانت طائرات الصولة مي8 تواصل نقل القوات الخاصة و الاسناد الاداري بنقل مستلزمات ادامة العتاد ومواد التحصين. بعد كل طلعة يقوم قائد التشكيل بكتابة تقرير المهمة ( على نموذج رسمي ) يشرح به كافة تفاصيل الطلعة الجوية , وترفع فورا الى غرفة الحركات للاطلاع عليها واتخاذ الاجراءات اللازمة على ضوء التقارير المقدمة وحسب الحاجة . بعد وصول تشكيل جديد للمنطقة ونفاذ الصواريخ عدت الى معسكر ديانة . للتزود بالوقود والعتاد . ذهبت الى محل استراحة الطيارين لتناول الطعام والشاي واخذ قسط من الراحة بعد الجهد الكبير منذ فجر هذا اليوم، وجدت الرائد الطيار ( ح . م . د ) احد قادة تشكيلات الصولة ممددا على الارض وبحالة يرثى لها وهو مصاب وجسمه وملابسه مملوءة بالأشواك , ويشكو من الاصابة عانقته وحمدت الله تعالى على سلامته , اخبرني بان طائرته مي8 قد اصيبت من قبل العدو في الطلعة الثانية , وفي الامتار القليلة قبل الهبوط مما ادى الى سقوطها وتحطمها , وتمكنت القوة المحمولة من القفز منها بسلام وقذف هو والطيار الثاني الملازم الاول الطيار ( ا . ز ) من المقصورة وتدحرج الى السفح لحين الوصول الى قطعاتنا التي كانت تتسلق الجبل والتي قامت بإخلائه الى ديانة , وبقي الطيار الثاني في مكان تحطم الطائرة , وطلب مني وهو ينخاني بان اعود لأخلاء الطيار واعادته الى ديانة ( اخوي اخوي اريده منك ) وهذه قمة الوفاء فرغم اصابته لم ينسى زميله . واخبرني بانه كان في المرحلة الاخيرة للهبوط عندما ظهر امامي احد جنود العدو وهو يوجه قاذفة RBG نحوي ولم اتمكن من المناورة واستمريت بالتقدم للهبوط فأصابتني القذيفة مما ادى الى انفجار وتحطم الطائرة. توجهت وبطائرة مفردة الى المكان المحتمل لتحطم الطائرة وبدأت ابحث عن الطيار (وهو عمل عبثي، فلا يمكن ايجاده في مثل هذه المنطقة الوعرة) وكان طيراني بسرعة بطيئة وارتفاع واطئ كي أتمكن من تفتيش المنطقة علما بان الاشتباكات لا زالت قائمة مع العدو. ويبدو بان العدو قد عزز دفاعاته ومن جبل ( كودو ) المشرف على قصبة رايات بمدفع ضد الطائرات بعد بدأ الانزال لكونه لم يكون موجود خلال عملية الانزال . ويبدو بانه رصد طائرتي لكونها هدف سهل ( ارتفاع واطئ وسرعة بطيئة ) فاستهدف طائرتي وكانت الانفلاقات حولي وبشكل كثيف كنت اشاهدها ولكن ولا اعلم لماذا لم اهتم بها ! واستمريت بالبحث دون اكتراث للانفلاقات التي تستهدف طائرتي ! وهنا سمعت نداء من احد طياري السرب 30 الملازم الاول الطيار ( ر . ز . س ) وهو يحذرني وبعصبية ( سيدي الانفلاقات حولك بكثافة وقريبة منك , اترك المنطقة ) وبينما كنت اجيبه بانني اراها اصيبت طائرتي بشظايا احدى الانفلاقات ونفذت الى مقصورة الطيار مما اجبرني وكرد فعل سريع الخروج من المنطقة بعد اعادة السيطرة على الطائرة . عدت الى ديانة خائبا و لكن وجدت الطيار الذي كنت ابحث عنه قد وصل سالما الى ديانة بعد اخلاءه بواسطة عجلة تابعة لأحدى الوحدات التي كانت تتسلق الجبل . بعد استراحة مناسبة اقلعت وحسب تسلسل الواجبات بتشكيل الى منطقة الانزال وكانت قطعاتنا تتسلق (جبل كردكو ) شمال محور جومان رايات حاج عمران . والمشرف على قصبات جومان ورايات وحوضها الكبير , طلب مني المجس الجوي بالاتجاه صوب جبل كردكو وحين اقترابي من المجس وبطيران واطئ اشار لي الى ربيئة تعلوهم تعرقل تقدمهم , كانت المسافة قريبة جدا ولخشيتي من الخطأ اكدت عليه للدلالة على الربيئة , وبعد التأكيد وجهت صاروخين عليها وكانت الاصابة مباشرة وسمعت تهليل عامل المجس وانطلق عدد من الجنود من ربيئتهم الى الربيئة التي كانت تعرقل تقدمهم ثم استمروا بالتقدم . استمرت فعالياتنا وتعزيز القطعات لغاية غروب ذلك اليوم العصيب المتعب المليء بالأحداث . تقرر مبيت جميع الطائرات الصالحة للطيران في ديانة تحسبا لما يستجد من فعاليات في اليوم التالي , بعد اخلاء الطائرات المصابة الى الجناح الاول في K1 لإدامتها وتصليح الاعطال والاصابات , وكذلك اخلاء الطيارين المصابين الى المستشفيات وكل حسب شدة اصابته ومنهم من نقل الى مستشفى الرشيد العسكري في بغداد بطائرة الاسعاف . بعد الطلعة الاولى تم تكليف الرائد الطيار ( ع . ر .ج ) بمسؤولية طائرة الاسعاف الجوي مستغلا نقله لجرحى الحالات الحرجة الى مستشفى الرشيد العسكري والمبيت في بغداد والعودة صباح اليوم التالي مبكرا ( تقديرا لحالته وقطعه اجازة الزواج ) ولحين انتهاء المعركة . لم يكون معسكر ديانة مهيأ لاستقبال هذا العدد من الطيارين والفنيين لذلك فقد قضينا ليلتنا في العراء وكانت وسادتنا (حجارة وفوقها البيرية ) وافترشنا الارض وكان نوما عميقا بعد يوم متعب . يوم 29 تموز/ يوليو كان الموقف مستقر لصالح قطعاتنا بعد استعادة جبال گردمند وسرسول وكودو وكردكو والسيطرة على محور راوندوز حاج عمران كاملا . استمرت طائرات مي8 بواجبات الاسناد الاداري وطائرات الاسناد المسلح بواجباتها لتقديم الحماية ورمي تجمعات العدو بالعمق . وقمت وبصحبة آمر الجناح الاول بطلعة استطلاعية للقاطع وبشكل مفصل ورمي قطعات العدو في المناطق المشرفة على حاج عمران , وقدم التقرير المفصل لنتائج الاستطلاع لقيادة الفيلق . كان اختيار اسراب مي8 لهذه العملية لمن كان طياريه لهم الخبرة الجيدة في طيران الجبال لصعوبته , وعلى الخصوص قادة التشكيلات وكذلك طياري طائرات الاسناد. يوم 28 تخلف عدد قليل من قادة تشكيلات طائرة مي8 بعد ان الغي الواجب لليوم الماضي عن المشاركة وآثروا البقاء في مطار K1 .تم توجيه الاتهام لهم بتعمد عدم الالتحاق في يوم الانزال بعد ان تكشفت لهم خطورة الواجب ( ولكل انسان ظرفه الخاص لا نعلم به ) , احيل هؤلاء الطيارين ( وهم برتب متقدمة ) على التقاعد وبرتبتين ادنى . احدهم صديقي المقرب تم اغتياله بعد الاحتلال امام بيته بعد ان تأكد القاتل من هويته بمناداته وعند اجابته تم اغتياله. رحمه الله تعالى. عدنا مع غروب ذلك اليوم الى مطار K1 يوم 30 تموز استمرت الفعاليات في ديانة. وصلت الاخبار بتعرض العدو في قاطع زرباطية وتحقيقه بعض الانجازات وان المعارك دائرة في ذلك القاطع مع اخبار بتنفيذ اعدامات ببعض الضباط بتهمة التقصير أو التخاذل وتطويق احد الافواج في مرتفعات الدراجي. عدنا مع الغروب الى مطار K1 . يوم 31 تموز صدر الامر باعادة كافة التعزيزات الى مقراتها مع بقاء المفرزة الثابتة المكونة من طائرتين ، عادت 4 طائرات وبصحبتها المفرزة الفنية والمهندس وضابط الاسلحة الى مقر السرب – التاجي بعد ان قاموا بواجباتهم وبصورة مشرفة مواصلين الليل بالنهار لأجل ادامة الطائرات وتأمين المواد الاحتياطية وتصليح العطلات وادامة العتاد وادامة منظومات الرمي . فهم حقا يستحقون الاشادة . اما الطائرة الخامسة فكانت بقيادتي وكلفت بنقل احد القادة من قاعدة الحرية في كركوك الى قاعدة فرناس في الموصل ثم العودة الى التاجي بعد التزود بالوقود من مطار (الصينية في بيجي) . وللأسف فقد صرح قائد الفيلق الاول اللواء الركن (نعمة فارس ) للأعلام ونشرته مجلة الف باء ( كنت احتفظ بالنسخة وفقدتها حين بحثت عنها الان ! ) بانه اختار اصعب واخطر الحلول لاستعادة جبل گردمند بالأنزال الرأسي على العدو ونجحت العملية ( وبدون اية خسائر!!! ) وهذا غبن للتضحيات التي رافقت العملية. لم اطلع او اقرأ في التاريخ العسكري بان يجري انزال القطعات المحمولة بواسطة السمتيات على العدو مباشرة. فالإنزال يكون اما امام العدو بمسافة معقولة كما حدث في معركة ( جسر قناة التغذية خلال معركة الفاو عام 1986 ) كما جاء في مقال لي سبق ان نشر في الگاردينيا بعنوان (فرسان طيران الجيش في معركة الفاو ) , او خلف خطوط العدو كما حصل في معارك تحرير جزر مجنون عام 1988. لذلك فان هذه الملحمة تعد فخرا لجيشنا الباسل ولطيران الجيش والقوات الخاصة . بعد انسحاب القوات الخاصة من جبل گردمند واستلام المشاة للمواضع الدفاعية تمكن العدو من الاستيلاء على جبل گردمند مرة اخرى واستمر احتلاله الى شهر مايس 1986 حيث تم طرد العدو منه من قبل الفيلق الخامس المشكل حديثا وبخسائر كبيرة في طائرات مي17 وطائرات الاسناد المسلحة اكثر من ما فقدناه في المعركة الاولى. قام العدو بتعرض واسع في قاطع مهران زرباطية كما جاء اعلاه و وفصلت مشاركتي مع السرب 106 في المعارك من خلال مقال نشر في الگاردينيا بعنوان ( وجوه اخرى من بطولات فرسان طيران الجيش ) . وكانت فيها اول خسائر السرب حيث استشهد النقيب الطيار (سحاب سيد وادي) وتحطمت طائرته واحتجز طيارين من السرب بأمر القائد العام للقوات المسلحة واحالتهم للتقاعد ثم اعادتهم بعد اشهر للخدمة بعد اتضاح الامر ,واصبت فجر يوم 8 /8 /1983 وتمكنت من اعادة الطائرة الى ( بدرة ) واصيبت طائرة معاون آمر السرب وتم اخلائه من قبل الطائرة الثانية في التشكيل وتم اخلاء طائرته من ارض المعركة ومن ثم ارسالها مع طائرتي المصابة الى شركة ( كاسا ) في اسبانيا لغرض التصليح واعادتهما للخدمة . مع استمرار تكليف الرائد الطيار ( ع . ر . ج ) بواجبات طائرة الاسعاف طيلة ايام المعركة تعويضا له عن اجازة الزواج . كانت هذه خسارة كبيرة للسرب فقد نقص 4 طيارين بضمنهم آمر السرب بعد ان دخلت المستشفى نتيجة الاصابة ونحن اصلا نعاني من نقص في عدد الطيارين. لذلك فقد عملت على رفع الحالة المعنوية لمنتسبي السرب وطياريه لتجاوز ما حدث، وكانت استجابتهم رائعة فلم تبدوا عليهم اية آثار سلبية لما اصاب السرب من خسائر، واستمروا بأداء واجباتهم بروح وطنية عالية وهذا هو نهجهم.
طائرات الإسعاف BK117
تعاقدت وزارة الصحة ( نيابة عن وزارة الدفاع ) كما حصل سابقا في طائرات ( BO105 ) الاسعاف مع الشركة الالمانية المصنعة ( مسر شمت ) لشراء انتاجها الجديد المشترك مع اليابان ( BK117 ) للإنقاذ الجوي وقامت وزارة الصحة بالتعاقد بسبب الحظر على توريد السلاح الى العراق فالطائرات تكون للاستخدامات المدنية . وصلت طائرة منها الى مطار بغداد الدولي وتم الامر لي باختبار صلاحية الطائرة للعمل بالأجواء العراقية , نفذت الواجب يوم 17 /8 /1983 من مطار بغداد الدولي باتجاه منطقة ديانة والهبوط على جبل ( سر حسن بيك ) وبدون توقف , ثم التزود بالوقود من ديانة والعودة . وباستثناء طريقة تشغيل الطائرة فلا تختلف بقية القيادات عن طائرة BO105 . وفي يوم 20 /8 تم الاختبار مرة ثانية والى مطار حديثة والعودة بدون التزود بالوقود . قدمت تقرير التجربة وكانت ناجحة والطائرة ملائمة للعمل في الاجواء العراقية وبكفاءة جيدة . وبالفعل تم التعاقد على شراء سرب منها والحق بقيادة القوة الجوية تحت اسم السرب 117 واسكانه في قاعدة تموز الجوية في الحبانية
دخول مستشفى القوة الجوية
راجعت مستشفى القوة الجوية بعد اشتداد الالم في منطقة الظهر نتيجة الاصابة التي اصبت بها في المعركة السابقة، ونتيجة الفحوصات والاشعة ظهرت اصابتي بكسر في فقرتين مما استدعى رقودي في المستشفى لتلقي العلاج اللازم، وعند استفسار الطبيب المختص عن سبب الاصابة طلب تنظيم تقرير للإصابات الفورية لتثبيت شدة الاصابة . رقدت في غرفة وكان معي ضابط برتبة ملازم طيار من احد اسراب طائرات ميك 21 تطلبت حالته الصحية تلقيه العلاج في المستشفى , وكانت تصلني يوميا مواد غذائية وغيرها يشاركني بها . ونتسامر ليلا من خلال الذكريات لتلافي الملل بعد انتهاء العلاج اليومي الذي يجري خلال الدوام الرسمي وبعده لكلينا , وتدور الايام وعندما كنت بمنصب ( آمر جناح طيران مدرسة طيران الجيش ) في الصويرة عام 1988 ان التقي بهذا الطيار تلميذا في السرب 530 للتدريب الاساسي ومنه ينتقل الى السرب 117 طائرات الانقاذ الجوي BK117 التابعة للقوة الجوية . نلت هدية رئيس الجمهورية مسدس نوع طارق للآمرين الجرحى , دون نيل نوط الجريح لسبب عجيب في قانون نوط الجريح والذي ينص على ان تكون الاصابة من الامام ويصاحبها نزف الدم!! لذلك لم يشملني النوط وانما فقط المسدس الهدية. كنت اعاني ومنذ زمن سابق من الم في المعدة , فاستغليت رقودي بالمستشفى لأقوم بمراجعة اخصائي الباطنية العقيد الطبيب ( ن . ع ) الذي طلب مني اجراء الفحص بالأشعة الملونة ( الباريوم ) للمعدة والتي اظهرت وجود قرحة في الاثنى عشري مما استدعى للخضوع لعملية الفحص بالناظور ( وهي عملية مزعجة جدا ) اثبت وجود القرحة وموقعها . فخضعت لعلاج القرحة . واصبحت زبونا شبه دائم لهذا الطبيب الكفوء مهنيا وذو اخلاق عالية واستمر بعلاجي لاحقا بعد ان تكرر النزف وخضعت لعدد يتجاوز ال15 عملية الفحص بالناظور عند تكرار النزف . غادرت المستشفى مصحوبا بمنع الطيران نتيجة تناولي ادوية علاج القرحة ولشهري ايلول وتشرين اول 1983 , وخلالها جرت معركة بنجوين شارك طيارو السرب فيها من خلال مفرزة كركوك مع تعزيزها بعدد من الطائرات . خلال المعركة استشهد المقدم الطيار وليد عبد المجيد المنسوب الى السرب 30 والذي سبق وان جرح في معركة گردمند , فكان نبأ استشهاده مؤلما لي لعلاقتي القوية معه ولم التقي به بعد معركة گردمند لحين استشهاده رحمه الله تعالى . رغم الواجبات الكثيرة والعدد القليل من الطيارين فكان السرب يكلف بواجبات متعددة ومنها ان الحقت طائرة الويت3 من السرب 30 لأجراء تجربة تركيب مصباح الانقاذ الليلي قام بالتجربة المعلم الاقدم في السرب الرائد الطيار ( ع. ر . ج ) ثم كرر التجربة على طائرة BO105 وكان ميدان رمي العزيزية هو منطقة التجارب . في احد ايام شهر ايلول اتصل بي هاتفيا مدير طيران الجيش واخبرني بترشيح الرائد الطيار محمود عبوش (استشهد عام 1991) كونه معلم طيران في السرب ليكون مشرفا على دورة في فرنسا لمدة 9 اشهر ويستفسر هل لدي مانع من ترشيحه؟ ورغم احتياج السرب لخدماته كمعلم طيران وطيار منفذ للواجبات ويشكو السرب من قلة عدد الطيارين، ولكن لم اقف حجر عثرة في طموحه فمثل هذا التكليف يتمناه الكثير، فوافقت فورا وبدون تردد دون استشارة اي احد املي بطياري السرب بإمكانية ملأ الفراغ الذي يتركه غيابه , وفي هذا الحال يكون السرب قد فقد 5 طيارين استشهاد واحد وحجز اثنان ومنع طيران امر السرب ثم الايفاد للطيار الخامس ! ولكن لم اجد اي شكوى من الطيارين لقوة اواصر الزمالة ونكران الذات بينهم. تم الايفاد ولكن بعد اقل من شهرين عاد الى السرب بعد ان تورط بحادثة شخصية في فرنسا استدعت اعادته وتعويضه بمعلم طيران من سرب اخر حل محله مشرفا على الدورة. في الشهر ذاته ايلول نقل آمر الجناح المقدم الطيار ( ه . ا .ت ) ونسب المقدم الطيار ( ح .ز . ز) آمرا لجناح طيران الجيش الثاني وكلاهما تجمعني معهم علاقة وثيقة قديمة.
زيارة مدير طيران الجيش
نهاية شهر أيلول/ سبتمبر1983 زار الجناح مدير طيران الجيش وبرفقته الرائد الطيار الركن ( ا . ع . ا ) من شعبة الحركات لتفقد وحدات واسراب الجناح . وضمن جولته قام بزيارة السرب وحينها كان جميع طياري السرب خارج السرب بواجبات المفارز او الاجازات الدورية او تبديل المفارز . وكنت الطيار الوحيد في السرب اوضحت الحالة التي يمر بها السرب مع التأكيد بان تواجدي في مقر السرب هو بسبب منعي من الطيران والا لكان السرب خالي من الطيارين . لذلك رجوته بان يوعز بالإقلال من تكليف السرب بالمفارز على ان نكون متهيئين لتعزيز اي قاطع عند الضرورة وان تواجد الطيارين في مقر السرب يؤدي الى تنفيذ خطة التدريب وخاصة ادامة المعلومات النظرية لهم , وتطرق الحديث الى مسائل اخرى ادارية تخص السرب , عند نهاية الزيارة خاطبني مدير طيران الجيش ( اوصيك بإدامة التدريب والمحاضرات الارضية لتطوير مستوى الطيارين ) . عجبت لما يقوله فقبل قليل اشتكيت من عدم تواجد الطيارين بسبب كثرة المفارز وحرصي على ادامة التدريب والمحاضرات! فأجبته ( وندمت بعدها على طريقة الجواب ) نعم سيدي سأذهب غدا الى السوق واشتري مرآة كبيرة اضعها امامي والقي المحاضرات على نفسي . لم يعلق المدير على تجاوزي ( وهو يتمتع بخلق عالي وتجربتي معه منذ ان كان آمر الجحفل الجوي الاول في كركوك ) . نظر الي ضابط الحركات مستنكرا تجاوزي بالكلام ولامني بعدها (وهو صديق مقرب) كيف تتكلم وبهذه الصلافة مع المدير؟ اجبته وماذا تريدني ان اجيب وانا اشكو له عدم تواجد الطيارين لأجل ادامة التدريب ويوصيني بعدها بإدامة المحاضرات ؟ . كان ردي يستحق العقوبة ولكن المدير وبأخلاقه العالية تجاوز الامر وجعل عقوبتي ذاتية بالندم على ما قلته . لم احتمل الابتعاد هن هوايتي وعملي المفضل بممارسة الطيران، لذلك راجعت مستشفى القوة الجوية واقنعت الطبيب المختص بإيقاف العلاج واعادة صلاحيتي للطيران , وبالفعل وبعد اجراء الفحص بالناظور وايقاف العلاج اعيدت صلاحيتي للطيران وعدت الى عملي وهوايتي مطلع شهر تشرين ثاني . وباشرت بتدريب الطيارين المتواجدين في مقر السرب بالرمي بواسطة المدفع 20 ملم في ميدان رمي العزيزية وحسب تواجدهم في مقر السرب والى نهاية النصف الثاني من عام 1983 . وستكون مقالتي القادمة ان شاء الله تعالى عن النصف الاول من عام 1984 واحداثها. كنت اتمنى واعد العدة لأجل ان تكون ملحمة گردمند مفصلة بشكل اكثر مما رويته , ولكن ومع الاسف لم اجد من يلبي رغبتي ويزودني بما عاشه وعلى الاخص ابطال طائرات مي8 المنفذين للعملية الاسطورية في الانزال الفدائي على جبل كردمند رغم اتصالي بمن كان منفذا للعملية من طياري طيران الجيش او من الذين قاموا بالصولة الارضية من ابطال اللواء 32 قوات خاصة رغم توصلي لاحد ابطال المعركة ولدوره المتميز يلقب ( گردمندي ) نسبة للجبل الذي قام ومن معه بشرف تطهيره من العدو . وسيشهد التاريخ لهم بهذا العمل البطولي الذي لا يمكن وصفه الا لمن شارك به وشعر بالموقف العصيب وخاصة لحظات التقرب الاعزل. لعن الله تعالى من كان السبب في خشية هؤلاء الابطال من الادلاء بشهاداتهم عن معركة يفخر العراق بإنجاز ابنائه عمل غير مسبوق وشرف وفخر لكل من شارك به اما بعد نجاح العملية وتضحيات اقل من المتوقع فلو كنت احد صناع القرار حينها او مستشار لرفضت هذه العملية نظرا لخطورتها وما يتوقع من خسائر لا يستوجب الموقف التضحية بها , كما ان نجاح العملية جر الفيلقين الثاني والخامس الى اعادة العملية وبخسائر فادحة في الطائرات والارواح خلال عمليتي ( جبل ميمك عام 1987 , وگردمند الثانية عام 1986 )
.
|
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 الجمعة 22 نوفمبر 2019 - 15:02 | | | الحلقه السابعه
معركة شرق دجلة - شباط/ فبراير 1984
في منتصف عام 1983 تم استحداث تشكيل جديد في مديرية طيران الجيش اطلق عليه اسم جناح الطيران المتقدم يقوم بتهيئة الطيارين عند تنسيبهم الى الاسراب الجديدة ( دورات تحويل الطيارين الى الطائرات المنسبين اليها في هذه الاسراب ) بحجة تقليل الجهد على الاسراب الفعالة, وفي الحقيقة فهي كانت منافسة بين شعبتي التدريب والحركات . تم اسكان الجناح في مطار التاجي واتخذ مقرا له في احد اوكار الطائرات مشاركة مع احد اسراب مي/ 8 وقد تم تنسيب آمرا للجناح مع سرب بأمرة المقدم الطيار فاروق عبد المحسن الكرم )استشهد عام 1988 نتيجة اصابة عجلته العسكرية بصاروخ ارض/ ارض على الطريق السريع قرب بغداد الجديدة خلال عودته من مطار الصويرة وحدة معلمي الطيران التي كان آمرها ) وهو من معلمي الطيران المرموقين رحمه الله تعالى ، يتكون السرب من عدة رفوف تعليمية تم تنسيب المدرب الالماني ( بالك ) من السرب 106 الى الجناح المتقدم للقيام بتدريب الطيارين الذين سيتم الحاقهم الى هذا السرب. لم يكن للجناح المتقدم علاقة بالأمور الادارية او الفنية وتكفل السرب بذلك ناهيك عن تهيئة الطائرات وتنفيذ الطلعات التدريبية في وكر السرب ايضاً، كما يتم تنسيب المدربين من الاسراب كل حسب نوع الطائرة وكما سيأتي لاحقا . بتاريخ 23 /12 /1983 التحق خمس طيارين احداث الى السرب بعد اكمالهم التدريب على طائرات BO105 في الجناح المتقدم ، وكانوا لا يزالون بصفة تلاميذ ، وتم ارسالهم الى مدرسة طيران الجيش في مطار الصينية بمنطقة بيجي لحضور مراسيم تخرج دورتهم يوم 6 / 1 / 1984 ومنحهم رتبة ملازم طيار . ثم عادوا الى السرب بتاريخ 8 /1 / 1984 وتم نشرهم بصفة طيار ثان. كان وجودهم في السرب اثر كبير رغم عددهم القليل لقلة عدد طياري السرب وعدم التناسب مع عدد الطائرات والواجبات المطلوب تنفيذها . استمرت فعاليات السرب من خلال تنفيذ المنهاج السنوي للتدريب والفعاليات القتالية على جميع الجبهات وتنفيذ المنهاج التدريبي الخاص بأعداد الطيارين الجدد كطيارين فعالين .
معركة شرق البصرة شباط/ فبراير 1984
موقف الطائرات
تتواجد اربع مفارز للسرب طائرتين في كل من كركوك الفيلق الأول ، المنصورية الفيلق الثاني ، والميمونة في العمارة الفيلق الرابع ، و في البصرة الفيلق الثالث تتواجد 3 طائرات واحدة منها مجهزة بمعدات التصوير الجوي . في يوم 21 /2 / 1984 صدر الامر بتعزيز مفرزة الميمونة بطائرتين مسلحتين تم تكليف معاون آمر السرب المقدم الطيار ( ا . ق . م ) و معه الملازم الطيار ( ن . ع . ع ) طيار ثاني والمرحوم النقيب الطيار ساطع محمد حسن ومعه الملازم الطيار خالد حسن (استشهد عام 1987) الى الميمونة. وتعزيز مفرزة البصرة بطائرتي اسعاف نوع BO 105 وطائرتين مسلحتين قدت انا التشكيل ومعي الملازم الطيار مصطفى برزان (استشهد عام 1990 في الكويت) . بالتنسيق مع مستشفى الرشيد العسكري بتهيئة الطواقم الطبية ثم التوجه بأربع طائرات الى البصرة وكانت الفرصة مناسبة لتعليم الطيارين الجدد اسلوب التنقل بين المطارات و استخدام الاتصالات اللاسلكية معها ومع قاطع الدفاع الجوي والممارسة العملية على استخدام جهاز الملاحة ( الدوبلر ) . وبذلك تكون هناك اربع طائرات مسلحة بصواريخ ضد الاشخاص في مطار الميمونة . واربع طائرات مسلحة وطائرة تصوير في مطار البصرة , وطائرتين اسعاف في مطار الشعيبة . لم يبقى اي طيار في مقر السرب سوى المجازين دوريا والذين تمت المناورة بهم لإدامة اجازات الطيارين , رغم رغبة واصرار بعض الطيارين على رفض التمتع بالإجازة الدورية ولحين انتهاء المعركة .. تم تعزيز المفارز بالضباط المهندسين والمراتب الفنيين لضمان ادامة الطائرات بزخمها الجديد. كما تم تكليف اقدم ضابط مهندس لاستلام مهام آمر السرب , اما بقية الطيارين المتمتعين بالإجازة الدورية فتتم المناورة بهم لإدامة المفارز وعدم توقف الاجازات الدورية , مع تبليغ المجازين بان يكونوا قريبين و حاضرين عند الطلب .
الاعمال القتالية
في 22 /2 / 1984 تم استطلاع قاطع الفيلق الثالث وتأشير الخرائط لمواقع قطعاتنا وتواجد العدو والمحاور المحتملة لتعرضه بالاشتراك مع طياري اسراب الجناح الثالث (محافظة البصرة) الذين هم على دراية جيدة ومفصلة لقاطع عملياتهم. مساء اليوم ذاته قمت وبصحبة مدير الحركات العميد الطيار محمد عبد الله بطلعة ليلية لفحص صلاحية وكفاءة منظومة التصوير ليلا دون الاقتراب من الخطوط الامامية لقطعاتنا وخلال الطيران كانت نذر التعرض المعادي واضحة. بعد تنفيذ الطلعة الليلية عدت الى غرفة حركات الجناح والتي كان يديرها المقدم الطيار الركن اياد جاسم (اغتيل بعد الاحتلال عام 2007 ) ، توالت البرقيات والمعلومات بان تعرض العدو سيكون هذه الليلة حتما على قاطع الفيلق الثالث ، وكان قد تعرض في اليوم السابق 21 / 2 على قاطع الشهابي شرق الكوت والشيب شرق ميسان وكان التعرضان لأجل المخادعة وتثبيت بعض القطعات . نتيجة لهذه المعطيات قررت المبيت في غرفة الحركات بدلا من الشقة المخصصة في جزيرة السندباد ، وفعلا تعرض العدو في هذه الليلة على قاطع فرقة المشاة الثامنة في مخفر بوبيان وتم احتواء التعرض بنجاح ، وتبين بان هذا التعرض هو للتمويه على الهدف الرئيسي . بدأت فعاليات الجناح الثالث فورا بقيام طائرات ( مي/ 8 ) بواجبات انارة ساحة المعركة ولغاية الفجر . 23 / 2 /1984 وقبل الضياء الاول كلفت بقيادة تشكيل من طائرتي BO105 وطائرة مي 25 بقيادة الرائد الطيار قصي بدر الدين (استشهد في معركة الفاو 1986 ) لاستطلاع القاطع من القرنة والى الشمال وصولا الى العزير بعد ورود معلومات اولية بتعرض العدو بتجاوزه هور الحويزة ،( لم تكون المنطقة مؤشرة على خرائطنا لكونها خارج نطاق العمليات المحتملة لوجود هور الحويزة مانع طبيعي) . بعد اجتياز القرنة باتجاه العزير و نهر دجلة على يمين التشكيل ( شرق الطريق العام عمارة بصرة ) وبدأت الرؤيا تتضح بعد شروق الشمس لاحظت وجود اشخاص واقفين على الضفة الشرقية لنهر دجلة ينظرون الى التشكيل , توجهت نحوهم وتمكنت من تمييزهم بملابسهم ( الخاكي ) وحركتهم طبيعية ونظرا للمعلومات التي لدينا بان القاطع ممسوك من قبل الجيش الشعبي وعناصر من قوات الحدود فقد خمنت بانهم من الجيش الشعبي فقررت التقرب منهم لمعرفة المستجدات ، وعند اقتراب التشكيل منهم فتحوا نيران اسلحتهم باتجاه الطائرات مع قيامهم بالانتشار والاستتار بالعوارض المتوفرة , ابتعدنا عن مصدر النيران وطلبت من الطائرة الثانية تمييز الاشخاص بواسطة المسددة ومحاولة التقرب ببطيء وحذر مستغلا ان الطائرة مدرعة ، تكرر الرمي نحونا عند الاقتراب منهم . بعد الاطلاع على الخارطة تبين ان نهر دجلة بعيد جدا عن الحدود والمسافة الى حافة هور الحويزة الشرقية ايضا بعيدة . كان الموقف محرجا هل هم عدو ام جيش شعبي مرتبك ولا يستطيع تمييز الطائرات او الاتجاهات، شاهدت عجلة ( ايفا ) تسلك الطريق باتجاه القرنة قادمة من العزير , هبطت قربها وكان الطريق خالي تماما سوى هذه العجلة اوقفته واستفسرت منه عن الموقف فأجابني وبشكل مرتبك بان العدو قد عبر نهر دجلة جنوب العزير وقطع الطريق العام وانه قد نجى منهم بأعجوبة بعد استهدافهم لعجلته . اقلعت واخبرت الطائرة الثانية وقاطع الدفاع الجوي بالمعلومات واني سأعالج المتسللين الذين امامي. قدرت الموقف بان هؤلاء المتسللين قد تم نقلهم قبل قليل بواسطة السمتيات المعادية الى الحافة الشرقية لنهر دجلة (لعدم امكانيتهم قطع المسافة الطويلة راجلا من ضفة الهور) وبذلك اعتقدوا اولا بان تشكيلنا هو من طائراتهم التي نقلتهم لذلك لم يستتروا في البداية لحين ملاحظتهم العلم العراقي وحجم طائرتي الصغير فقاموا بأطلاق النيران نحونا. تمت معالجة العدو بواسطة الصواريخ الحرة للطائرتين والمدفع الرشاش لطائرة مي25 , لم نتوغل عبر النهر باتجاه الهور لنفاذ العتاد وعدم معرفتنا بالموقف وعدم استطلاعها سابقا. خلال العودة تم تبليغي بالتوجه الى مقر الفرقة 11 شرق شط العرب وكانت طائرات الجناح تتواجد في مهبط الطائرات، توجهت الى غرفة حركات الفرقة وقدمت ايجازا بالواجب والمعلومات وتدوين تقرير المهمة. بدأت نتائج التعرض تتضح فقد تم احتلال حقلي مجنون النفطيين الشمالي والجنوبي (وهما يتكونان من مناطق مغمورة تم تجفيفها لأغراض وزارة النفط بإحاطتهما بسداد رملية بارتفاع 3_ 4 امتار وعرض 8 امتار ويكثر في المنطقة القصب مما يحجب الرؤيا.) ومخفر غزيل وبوبيان والكشك البصري وتهديد منطقتي السويب والقرنة، وفي العزير احتل العدو قرى البيضة والكسارة والصخرة شرق نهر دجلة والسيطرة على لسان عجيردة والذي يمتد من شرق العزير باتجاه الحدود الايرانية داخل هور الحويزة وبطول 18 كم . وتسللت بعض المفارز لعبور جسر العزير وقطع طريق العزير القرنة . والغرض من هذا التعرض قطع الطريق العام العمارة بصرة ثم التوغل غربا في هور الحمار والاتصال مع المتعاونين مع العدو للسيطرة على شمال البصرة وتطويقها وعزل الفيلق الثالث . تم تشكيل مقر عمليات ( شرق دجلة ) تحول لاحقا الى الفيلق السادس وتم اسناد قطعاته من جناح طيران الجيش الرابع معززا بمفرزة من اربع طائرات من السرب 106 ومفرزة من سرب 107 نوع PC7 طائرات مقاتلة السمتيات ( ثابتة الجناح ) ، وسيأتي ذكر العمليات لاحقا . باشرت السمتيات بفعالياتها لإسناد قطعات الفيلق الثالث وعلى الطريق النشوة غزيل والتعرض على قطعات العدو والمتسللين في القاطع . كلفت باستطلاع القاطع من القرنة وباتجاه السويب وحقل مجنون الجنوبي , قدت التشكيل مع طائرة غزال بقيادة آمر السرب 31وكانت الطائرات مسلحة بصواريخ حرة ضد الاشخاص لعدم وجود دروع معادية , وصلنا الى محطة ضخ السويب شاهدت العمال مستترين وبحالة خوف ويؤشرون باتجاه تواجد متسللين قريبين تمت معالجتهم وتأمين المنطقة والاندفاع الى السدة الغربية لحقل مجنون الجنوبي , مع الحذر من قصف المنطقة خشية اصابة قواتنا والعمال المنسحبين من حقلي مجنون , عاد التشكيل الى مقر الفرقة 11 وتم تقديم تقرير المهمة , استمرت الفعاليات في اسناد قطعات الهجوم المقابل واسناد بقية القطعات في مواقعها ومعالجة قطعات العدو شرق دجلة في شمال القرنة في مناطق همايون والروطة ولغاية رشيدة . قام تشكيل من طائرتي غزال بقيادة آمر السرب 31 بعملية اسناد لقطعاتنا في محور النشوة غزيل وعثر على عدد من العمال (السودانيين) هاربين من حقل مجنون الجنوبي فقام بأخلاء المصابين منهم وابلغ المجس الجوي في مقر الفرقة 11 بتجهيز مفرزة طبية في مهبط الطائرات لتقديم الاسعافات الاولية نظرا لشدة الاصابات. وفور هبوط الطائرات تم تقديم الاسعافات الاولية للمصابين ونقلهم الى مستشفى البصرة العسكري ثم اقلع ثانية مع طائرتي مي/ 8 لأخلاء بقية العمال العالقين في منطقة القتال وتم انقاذهم وهم مرعوبين. قسمت الواجبات الى محورين احدهما باتجاه مخفر غزيل والى الكشك البصري والاخر من القرنة باتجاه العزير وكان نصيبي المحور الثاني . قام العدو بدفع التعزيزات عبر هور الحويزة باتجاه نهر دجلة شمال السويب والى الرشيدة . اتخذنا نقطة دلالة في نهر دجلة تحدب شديد من جهتنا وتقعر من جهة الهور وتقع قرية الروطة على ضفتها الجنوبية مباشرة ويشكل مجرى النهار شكل علامة ( اوميكا ) وتكون واضحة من الجو وانتشر هذا المصطلح كنقطة دلالة , لاحقا ( تم تعديل مسار النهر بعد انتهاء المعارك ) وكما هو مؤشر في الخارطة المرفقة . نفذت ذلك اليوم 8 طلعات قتالية و تمكنت قطعاتنا من تطهير المنطقة من المتسللين وتأمين القرنة والسويب ولغاية حقل مجنون الجنوبي. استمرت فعالية طيران الجيش ليومي 24 و25 /2 وكان التنفيذ من مطار البصرة لذلك لم انفذ سوى 3 طلعات يوميا لطول المسافة بين مطار البصرة ومنطقة الواجب، لم يكون مطار طلحة الثانوي غرب القرنة قرب ناحية ( المدينة ) مهيأ لاستقبال الطائرات من حيث تكديس العتاد والوقود . وعندما تم اكماله قمنا بتنفيذ طلعات الاسناد منه . لم تتوقف عمليات تنوير ساحة المعركة والتي ينفذها طياري مي8 طيلة ليالي المعركة. مساء يوم 24 / 2 استدعاني آمر الجناح الثالث العقيد الطيار الركن ( م . ع . ا ) وتدارسنا امكانية استمرار فعاليات طيران الجيش القتالية ليلا باستغلال واجبات تنوير ساحة المعركة من قبل طائرات مي8 بعد التنسيق في التوقيتات معها . رحبت بهذا المقترح لكونها فعالية جديدة لها تأثير معنوي وقتالي ايجابي لقواتنا وسلبي على قوات العدو . تم اختيار منطقة الروطة لمعرفتي بتفاصيلها واقلعت ومعي المقدم الطيار ( ع . ر . ج ) كطيار ثاني كونه ذو خبرة جيدة لمساعدتي في تقييم العمل واعادة الواجب عند اقرار جدواه , تبعتنا طائرة مي8 وعند الوصول الى الهدف اطلقت طائرة مي8 مشاعل التنوير لكشف المنطقة , راقبنا المنطقة ولم نستطيع تمييز اية حركة , لذلك قمت بقصف المنطقة بالصواريخ التي تحملها الطائرة مع الايعاز الى الطيار الثاني بغلق عينيه خلال الرمي واستلامه قيادة الطائرة بعد الانتهاء من اطلاق الصواريخ تجنبا للعمى الوقتي نتيجة الرمي . قدمت تقرير المهمة ومناقشة الواجب ( التجربة ) مع امر الجناح والنتيجة كانت لا فائدة قتالية من التجربة وتم الغائها 25 / 2 استمر اسناد الفرقتين 6 و 3 المدرعتين لتحرير محور النشوة غزيل و تطهير شرق دجلة باتجاه هور الحويزة . 26 / 2 تم تأهيل مطار ( طلحة ) وتنسيب المرحوم العقيد الطيار الركن سعدي عبد الرزاق لتكون الواجبات بأشرافه و بذلك تمكنا من زيادة طلعات الاسناد لقرب المطار من ساحة العمليات . تعود الطائرات والمشرف على المطار بعد انتهاء الواجبات مساءً الى مطار البصرة . 27 /2 كانت طائرتين من نوع مي 25 تقوم بمعالجة القوات المعادية في جنوب منطقة الرشيدة اصيبت احداها بقيادة الرائد الطيار قصي بدر الدين اصابة مباشرة وسقطت تشتعل بها النيران مما ادى الى اعتقادنا باستشهاد طياريها لعدم تمكن الطائرة الثانية من التقرب منها وملاحظة الاصابات . واتضح بعد ذلك تمكن قطعاتنا الارضية من اخلاء الطيارين المصابين احياء ونقلهم الى مستشفى البصرة العسكري. تم اسناد فرقة المشاة الرابعة خلال تعرضها لتحرير حقل مجنون الجنوبي وتمكنت من تحرير ثلثي الحقل بعد معارك شديدة وتحديد التعرض بالسداد الثلاثة (الشرقية والوسطى والغربية) التي يتكون منها الحقل . خلال احدى الطلعات لاحظت القصف المدفعي لقواتنا تطال منطقة خالية شرق دجلة، هبطت في مقر البطارية وقدمت لهم الاحداثيات الصحيحة لتواجد العدو وتم القصف بشكل دقيق على اثر ذلك ،وقد تواجدت طائرة غزال مجهزة بمنظومة ( اوسلو ) لتوجيه رمي المدفعية في مكان قريب منها . 28 /2 خلال عمليات الاسناد اصيبت احدى الطائرات من نوع مي25 ونتج عنها اصابة قائدها الرائد الطيار ( ج . ر . ح ) ادت الى بتر احدى ذراعيه واصابة الطيار الثاني النقيب الطيار ( ع . م ) وتحطم الطائرة وتم اخلائهم الى مستشفى البصرة العسكري . وافاد الطيار بان الاصابة كانت عن طريق خطا في التمييز من قبل احدى طائراتنا المتصدية ميك21 نتيجة لوجود السمتيات المعادية . وبعد اتمام واجبات الاسناد والعودة الى مطار البصرة تعرضت مدينة البصرة وتحديدا المطار الى رمي متقطع بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كلفت بمراقبة واستمكان اماكن اطلاق النار والذي توقف فور اقلاعي واستمريت بالتحليق لمدة ساعة ونصف دون تجدد الرمي . 29 /2 ومن الصباح الباكر تمت ملاحقة القطعات المعادية الهاربة تطاردها قطعات من الفرقة السادسة من شرق نهر دجلة وباتجاه هور الحويزة وكان تشكيلي فوق القوة الامامية وكانت اسلحة العدو التي تركها خلال هروبه وبأعداد كبيرة منتشرة على الارض . وبذلك تم تحرير جميع الاراضي التي توغل بها العدو في قاطع شرق دجلة .
الخرائط طبعت عام 1986 بعد انشاء سداد وطرق جديدة
فعاليات السرب 106 في جناح طيران الجيش الرابع يتواجد في جناح طيران الجيش الرابع اربع طائرات بقيادة معاون امر السرب وكما جاء آنفاً وقد كلف بالواجب الأول فجر يوم 23 /2/1984 بتشكيل بقيادة المقدم الطيار ( ا ق ) و الملازم الطيار خالد حسن كطيار ثان (استشهد عام 1987 ) والطائرة الثانية بقيادة الرائد الطيار ( ح . ع . ح ) ومعه الطيار الثاني الملازم الطيار ( ن . ع . ع ) واجب التشكيل الاستطلاع المسلح بعد ورود التقارير بتعرض العدو في قاطع العزير وعبور مفارز متقدمة منه نهر دجلة وقطع الطريق العام عمارة بصرة . اشتبك التشكيل مع العناصر المتسللة وخلال الاشتباك اصيب الملازم خالد حسن بإطلاقات نارية في اعلى فخذه استمر التشكيل بالاشتباك لحين وصول تشكيل اخر لاستلام المهمة عاد التشكيل الى مقر الجناح ونقل الطيار المصاب الى مستشفى العمارة العسكري ثم الى مستشفى الرشيد العسكري . تم تشكيل ( قوات شرق دجلة ) والتحق المرحوم اللواء الركن هشام صباح الفخري ونظرا لخطورة الموقف فقد تواجد قرب لسان عجيردة واخذ بتوجيه الطائرات بشكل مباشر من خلال المجس الجوي . 24 / 2/1984 استمر تقديم الاسناد واصيبت احدى طائرات السرب وكانت بقيادة المرحوم النقيب الطيار ساطع محمد حسن اصابات مباشرة بأسلحة مقاومة الطائرات والانفلاق الجوي مما ادى الى اصابات خطرة في الريش الرئيسية وجسم الطائرة وخزان الوقود الذي بدا ينضح مما اجبر الطيارين على الهبوط في مقر قوات شرق دجلة , وتم اصلاحها بشكل سريع واولي من قبل مهندس وفنيي السرب لحين نقلها الى مقر الجناح لإكمال صيانتها لتكون جاهزة لتنفيذ الواجبات . وفي اليوم ذاته اصيبت طائرة مي8 في القاطع ذاته مما نتج عن اصابة الطيار الثاني ونقل الى مستشفى الرشيد العسكري . انهت قطعات الفرقة العاشرة والوية القوات الخاصة من تحرير قريتي البيضة والصخرة ومسك الارض لواء المشاة 24 . 25 /2 تم تحرير السداد الشرقية باتجاه هور الحويزة بعد تدمير واسر العديد من القوات المعادية والاندفاع نحو لسان عجيردة وتحرير اكثر من ثلثي اللسان بتضحيات كبيرة من قبل اللواء 66 قوات خاصة وتم اسقاط طائرة سمتيه معادية نوع شينوك من قبل احد طياري السرب 107 . ومسكت الارض الفرقة 35 بعد انسحاب الفرقة العاشرة . وبذلك فقد انتهى تواجد العدو غرب هور الحويزة وعادت الجبهة كما كانت سوى 8 كم من لسان عجيردة . بعد استقرار الموقف في قاطع شرق دجلة عادت طائرتي التعزيز الى التاجي مع بقاء المفرزة الدائمية في الجناح الرابع . وكانت هذه المعركة الاولى التي يشترك بها طيارين احداث وقد ابلوا بلاءً حسناً للدور الكبير للطيارين الفعالين في تدريبهم العملي اثناء المعارك وتشجيعهم ورفع الهمم رغم اصابة احدهم ليكونوا جاهزين للمعارك القادمة .
اذار/ مارس 1984
استمرت قطعات الفيلق الثالث بالتعرض لاستعادة حقول مجنون واستمر اسنادنا من خلال العديد من الطلعات القتالية التي كانت تنطلق من مقر الفرقة السادسة في الدير و ولكن طبيعة الارض المغمورة بالمياه ولا تتوفر سوى السداد التي لا تستوعب سوى عجلة واحدة او دبابة ادت الى صعوبة تعرض قواتنا . 4 /3/1984 عدت الى مقر السرب في التاجي بعد توقف مؤقت للعمليات 5 /3 مساءا صدر الامر بالتوجه الى البصرة فجر اليوم التالي 6 / 3 وصلت الى مقر الفرقة السادسة مباشرة بعد تبليغي بذلك في مطار الميمونة لم اجد اي تغيير في الموقف ولم جد اي سبب لاستدعائي , استمريت بالطلعات لإسناد قواتنا واستطلاع قاطع شرق دجلة ولغاية هور الحويزة وتوجهت مساءً الى مطار البصرة .
واجب طائرة الاسعاف الجويBO 105
تواجدت طائرتي الاسعاف الجوي في قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية . ولعدم تكليف الطائرتين بالواجبات فقد كنت ارسل يوميا طيارين من مطار البصرة واعادة طياريها الى مطار البصرة لتوزيع الجهد . تواجد مدير الحركات العميد محمد عبدالله ومشاركته في الطلعات الجوية وتوجيه الطيارين للأهداف فصادف تواجد طيار من السرب 106 قائدا لتشكيل في ذات المنطقة ( الطيار هو من جاء ذكره في المقال السابق ملحمة كردمند والذي كاد ان يعدم ) فتذكره مدير الحركات ووجهه الى منطقة خطرة واخذ يحثه ويطلب منه سرعة الوصول . كنت انفذ واجب قريب من المنطقة المطلوبة فناديت مدير الحركات باني قادم وانتظر التوجيه . وصل تشكيلي والتشكيل الاخر فوجهه الى منطقة الواجب ليقع في مرمى نيران العدو ( انفلاقات جوية ) كثيرة حوله . ولكنه نجى بأعجوبة ! تقدمت بالإسناد المناسب ومن منطقة شبه امينة نالت استحسان مدير الحركات . بعد العودة الى البصرة وخشية على حياة الطيار ارسلته وبشكل دائمي الى قاعدة الشعيبة لأبعاده عن نظر مدير الحركات مع الاستمرار بتبديل طيار واحد يوميا . 27 /2 عصرا وكنت في غرفة حركات الجناح صدر امر بإقلاع طائرة الاسعاف فورا الى الكشك البصري وبأمر القائد العام للقوات المسلحة والتواجد في المنطقة لحين انتهاء ضربة جوية ( اسناد قريب ) من تشكيل طائرات ميك 23 وانقاذ الطيار الذي قد تصاب طائرته ويقذف بالمظلة ولا يسمح باسره مهما كانت الظروف . اوعزت للطيار المذكور كونه كان الطيار الاقدم بالتنفيذ فورا واوجزته بتفاصيل الواجب . بعد مرور 15 دقيقة لم نبلغ بإقلاع الطائرة كما هو معتاد . اتصلت بالطيار المذكور واستفسرت عن سبب عدم التنفيذ فابلغني بان الطيار الاخر يتردد في التنفيذ!! فقدت توازني وناله مني ما لا يمكن الافصاح عنه ( اين اذهب بك وما يليها من كلمات ) طيارو السرب يتسابقون لتنفيذ الواجبات . نفذ الواجب شخصيا فورا . ان اي تلكؤ بمثل هذا الواجب اول من يحاسب عليه آمر السرب لهذا كان رد فعلي عنيف وخارج الاصول . اعيد هذا الطيار الى مقر السرب وتم تعويضه بطيار آخر . 7 / 3 توجه الجهد الجوي الى مقر الفرقة السادسة وباشرنا التعرض على العدو في حقل مجنون الجنوبي . التقيت يومها بالرائد ( ر . ا .ب ) ضابط التوجيه السياسي او المسؤول الحزبي للفرقة السادسة وكان زميلي المقرب عندما كنا في كتيبة الدبابات الخامسة وافترقنا بعد عودتنا من سوريا بانتهاء حرب تشرين في كانون اول 1973 ونقلي الى القوة الجوية . واندمجت معه و لهذا كانت طلعاتي القتالية قليلة ذلك اليوم . تواجد تشكيل من طائرتي مي25 قرب حقل مجنون الجنوبي لإدامة التعرض على العدو . اصيبت احدى الطائرتين وسقطت في المنطقة المغمورة بالمياه ويتكاثر فيها القصب وانقلبت مما ادى الى استشهاد طاقمها كما تبين ذلك لاحقا والذي كان بقيادة النقيب الطيار ( وليد نزال ) . اقلعت طائرة الاسعاف العائدة للسرب 106 من قاعدة الشعيبة بطاقمها المقدم الطيار ( ع . ر . ج ) والنقيب الطبيب ( سيف ) وعنصر من الضفادع البشرية لانقاد طاقم الطائرة لعدم تمكن الطائرة الثانية من انقاذ طاقم الطائرة المصابة . استطلع الطيار المنطقة وقرر الهبوط قرب الطائرة على ان يقفز عنصر الضفدع البشري لانقاد الطيارين واثناء محاولة اسقاط الضفدع البشري اصيبت الطائرة اصابة مباشرة ادت الى سقوطها قرب الطائرة الاولى مما ادى الى كسر ساق الطيار وفقدان التواصل مع الضفدع البشري والطبيب لكثافة القصب وقد ابتعدوا عن الطائرة خشية انفجارها .
تواجد في المنطقة تشكيل مسلح من السرب 106 حاول قائد التشكيل الرائد الطيار محمود عبوش (استشهد عام 1991 )التقرب من الطائرتين لإنقاذ الطيارين فأصيبت طائرته وسقطت في المنطقة المغمورة وتمكن من الوصول الى البر وحاول قائد الطائرة الثانية الرائد الطيار ( ح . غ . م ) انقاذ طيار طائرة الاسعاف ولعدم امكانية الهبوط حاول التعلق بالطائرة ولكن تيار الهواء من الريش الرئيسية وشدة الالم بسبب كسر الساق منعه من التعلق تم صرف النظر عن الانقاذ لعدم الجدوى وحمل الرائد محمود ونقله الى مستشفى البصرة وخلال محاولة الانقاذ وصل زورق مطاطي يستقله عدد من الضفادع البشرية وتمكنوا من انقاذ الطيار وبعد التأكد من استشهاد طياري طائرة مي25 عادوا الى البر وكانت بانتظارهم طائرة مسلحة من السرب 106 بقيادة المقدم الطيار ( ع . م . ش ) فقام بنقل الطيار المصاب الى مستشفى البصرة ثم الى مستشفى الرشيد . تم الوصول الى الشهداء واخلائهم . وبعد هدوء المعارك تم سحب الطائرات المصابة . استمرت واجبات التعرض للايام اللاحقة ويكون التنفيذ من مقر الفرقة 19 ومطار طلحة . 20 /3 عقد اجتماع للطيارين في مقر الجناح الثالث اداره امر الجناح وتم تقييم اداء الاسراب بشكل عام وتقديم الطيارين وطواقم الطائرات المتميزين لرفعها الى الجهات المختصة بعد صدور التعليمات بمنحهم نوط الشجاعة . في مذكرات مدير الاستخبارات العسكرية اللواء الركن محمود شكر شاهين اشاد بالدور الفعال والبطولي المتميز لطيران الجيش من خلال مشاهداته ومرافقته لوزير الدفاع طيلة ايام المعركة .
وكذلك ما جاء على لسان قاسم سليماني في كتاب ( ذكريات وخواطر ) عن دور السمتيات العراقية حيث يقول ( فقد كانت الطائرات المروحية العراقية تأتي وترمي حممها من الخلف وتطلق نيرانها لتدمير مقر الاخوة في الاتصالات اللاسلكية كنا نشعر بان الامر قد انتهى تماما لانهم قضوا على كل سيارات الاسعاف ومنعوا اخلاء الجرحى وقصفوا السيارات التي ارسلناها وكذلك حصل مع قوات المشاة التي كانت تريد العبور لقد كانت الجسور تشهد جحيما من النيران غطتها بالكامل ) . 21 /3 صدر الامر بعودة الطائرات الى مقراتها مع بقاء مفرزة السرب الثابتة طائرتين مسلحتين واخرى للتصوير الجوي . باشر السرب بفعالياته الاعتيادية بتنفيذ المنهاج السنوي للتدريب واعداد الطيارين الجدد لنشرهم طيارين فعالين وادامة المفارز في القواطع المختلفة .
نيسان /ابريل 1984
11 /4 صدر امر مديرية الحركات بالتوجه بطائرتين الى البصرة ، وتم نفذت الامر صباحا بقيادتي والطائرة الثانية بقيادة الرائد الطيار ( ا . م . ل ) وبعد الوصول الى البصرة توجه التشكيل لاستطلاع قاطع حقل مجنون الجنوبي ولغاية مخفر غزيل . مساءً تم ايجازي مع امري الاسراب المسلحة بوجود تعرض يقوم به لوائين من الحرس الجمهوري فجر يوم 12 /4 لتحرير كامل حقل مجنون الجنوبي وتوزع طائرات الاسناد الى ثلاث اقسام كل قسم بأمرة آمر سرب وتقوم كل مجموعة بأسناد الرتل المتقدم على كل سدة من الحقل . كان نصيبي اسناد الرتل المتقدم على السدة الوسطى للحقل . ويكون التنفيذ قبل الضياء الاول . 12 /4 قبل الاقلاع ابلغنا بان العدو قد قام بتعرض على حقل مجنون الجنوبي وبذلك الغي واجب لوائي الحرس الجمهوري , تم تكليفي ومع طائرة غزال لاستطلاع الحقل الجنوبي وحسب واجبي المقرر على السدة الوسطى . وصلت الى الحقل وتوجهت الى السدة الوسطى والتي اعلم تفاصيل تواجد قطعاتنا عليها بشكل دقيق , كانت الجبهة هادئة , دخلت الحقل متتبعا السدة الوسطى للوصول الى قطعاتنا الامامية وفور دخولي الحقل فتحت على التشكيل النيران من السدتين الشرقية والغربية وكان الرمي بالعتاد المذنب لذلك كنت ارى الاطلاقات تتجه نحو التشكيل وبشكل مكثف , وكرد فعل لا ارادي خفضت ووضعت يدي اليسرى على راسي واستمريت بالتقدم خلال الرمي لحين وصولي الى الحافة الامامية لأجد قطعاتنا صامدة في مواضعها ويؤشرون بإشارات تدل على صمودهم , عدت مسرعا وخرجت من الحقل الى منطقة آمنة وارتفعت لأراقب الحقل ولم استوعب الاحداث . تقدمت مرة اخرى وعلى السدة ذاتها وتكرر الرمي بالعتاد المذنب لحين الوصول الى الحافة الامامية وعدت بعدها خارج الحقل ( وحدثت نفسي ماذا يحدث ) وكان راي طيار الطائرة الثانية من التشكيل السؤال ذاته . وهنا بدأت الشمس بالشروق واتضحت الرؤيا بشكل جيد , قررت الدخول مرة اخرى الى الحقل ولم اعد اخشى الرمي المعادي لكوني لا اراه لشروق الشمس وبعد التوغل قليلا شاهدت العديد من الجثث الواضحة المعالم بانها معادية وعلى جانبي السدة الوسطى وصولا الى السدتين الأخريين . فتبين ان صمود القوات الماسكة للسدة الوسطى افشل تعرض العدو الذي تمكن من احتلال السدتين الشرقية والغربية . خرجت من الحقل وقدمت التقرير الى قاطع الدفاع الجوي لإيصاله الى الجهات المختصة . عدت الى مطار طلحة وكانت طائرات الجناح الثالث متواجدة فيه ثم قامت قطعاتنا بالهجوم المقابل واستعادت ما تم احتلاله واستقر الموقف كما كان سابقا . 13 /4 استدعاني آمر الجناح الثالث واخبرني بقيام العدو بأنشاء سدة ترابية تربط البر الايراني بحقل مجنون الشمالي . ويستخدمه لإدامة قواته المتواجدة في الحقلين الشمالي والجنوبي , وطلب مني اعداد مستلزمات التعرض على هذه السدة بسلوك المنطقة المغمورة بين البر الايراني وحقل مجنون الجنوبي ومهاجمة الاليات التي تسلكها ويكون التنفيذ بطائرتي BO105 وطائرتين غزال وطائرتين مي 25 تبقى في الخلف تترقب النتائج وتنتظرالامر بالتعرض , ويتم تصوير العملية بواسطة طائرة التصوير الجوي على ان تكون العملية بقيادتي ، اعترضت على هذا الواجب لخطورة المسلك الذي سيمر بين سدتين ممسوكتين من قبل العدو , والامر الاخر لماذا ننبه العدو لهذه الثغرة واقترحت ان يكون تنفيذ الواجب خلال تعرض كبير لقواتنا لتحرير الحقلين وبذلك يمكن قطع امدادات العدو للحقلين . لم يوافق امر الجناح على ما قدمته من ملاحظات لذلك وتنفيذا لأمر آمر الجناح اتممت الخطة كاملة بانتظار الامر بتنفيذ الواجب . نفذ الواجب يوم 18 / 5 بقيادة آمر السرب 31 وكما سيأتي ذكره لاحقا . 18 /4 عدت الى مطار التاجي بعد تنفيذي واجب خاص من الدير الى قاعدة الناصرية الجوية ثم التوجه الى التاجي. وفي اليوم ذاته انتهت الاجازة المرضية للملازم خالد حسن الذي اصيب يوم 23 / 2 في قاطع شرق دجلة نهاية شهر نيسان التحق عدد من الطيارين الى الجناح المتقدم لغرض اعدادهم للعمل في السرب 106 وادخالهم دورة تدريب على الطائرة BO 105 .
مصدر
|
| | | mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43817 معدل النشاط : 58563 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 الأحد 12 أبريل 2020 - 10:43 | | | الحلقه الثامنه
حمايه معمل عكاشات من تعرض اسرائيلي محتمل
انتهت معركة شرق دجلة وهدأت الجبهة ,عادت التشكيلات التي عززت موقف جناحي طيران الجيش الثالث والرابع الى مقراتها , عدت الى مقر السرب (106 BO105 ) بتاريخ 18 نيسان 1984 وباشرنا بفعالياتنا اليومية , وكانت طلعتي التدريبية الأولى مع الملازم الطيار خالد حسن بعد تماثله للشفاء التام نتيجة اصابته في معركة شرق دجلة يوم 23 شباط كما جاء في المقال السابق.
في 7 /5 / 1984 تبلغت مع عدد من الطيارين والطواقم الجوية المنسوبين لطيران الجيش الذين صدر المرسوم الجمهوري المرقم 244 بتاريخ 26 نيسان 1984 بمنحهم نوط الشجاعة لدورهم في معركة شرق دجلة , بالتواجد في استعلامات القصر الجمهوري من جهة وزارة التخطيط لإتمام مراسيم منح انواط الشجاعة , على ان نتواجد صباح يوم 8 مايس الساعة السابعة صباحا وبالزي الخارجي مع حمل الانواط الممنوحة سابقا . في الموعد المشار اليه آنفاً وصلت حسب الموعد المحدد الى استعلامات القصر الجمهوري , وهناك وجدت بقية الطيارين والطواقم الجوية المشمولين بالمرسوم الجمهوري متواجدين في قاعة الاستقبال , سأوجز ما جرى بشكل نقاط وكما يلي :
- غسل اليدين بمادة معقمة فور الدخول الى الاستعلامات. - استفلينا حافلة اوصلتنا الى بناية المجلس الوطني , دخلنا الى قاعة داخل البناية. - جمع كل شيء متحرك نحمله (ساعة. محبس. نظارات. حلقة زواج. نقود. وغيرها) وحفظها في اكياس مدون عليها الاسم. - انتهى حساب الزمن من هذه اللحظة - انفرد عنا الرائد الطيار ( ج . ر . ح ) الذي بترت ذراعه في المعركة كما جاء في المقال السابق , جرت له معاملة متميزة , ثم التحق بنا في قاعة التكريم , تبين بانه من اقارب رئيس الجمهورية . - جرى لنا فحص طبي دقيق ( الفم , الاسنان , اللسان , العين , الشعر وووو ) - استقلنا حافلة اخرى نقلتنا الى القصر الجمهوري , دخلنا من باب جانبية صغيرة , الى قاعة كبيرة. - اعيد الفحص الطبي بشكل كامل مرة اخرى. - انتقلنا الى قاعة اخرى سبقنا اليها مدير طيران الجبش العميد الطيار الركن خالد نصيف ومدير الحركات العميد الطيار محمد عبدالله حيث شملهم المرسوم الجمهوري . - جلسنا حسب القدم وكما جاء في تسلسل المرسوم الجمهوري - تم ايجازنا عن كيفية التصرف منذ دخول رئيس الجمهورية لغاية انتهاء المراسيم - تم تثبيت الحمالات التي سيعلق عليها النوط على صدورنا - صدر الايعاز بالوقوف ثم دخل رئيس الجمهورية بصحبته رئيس الديوان ورئيس اركان الجيش وعدد من المرافقين . ادينا التحية العسكرية . - تلى رئيس الديوان المرسوم الجمهوري الخاص بمنحنا نوط الشجاعة . - قام رئيس الجمهورية بتثبيت الانواط , كانت عملية التثبيت اسهل من السابقة بعد التصميم الجديد بتثبيت النوط بواسطة الحمالة . - يتبع رئيس الجمهورية احد المرافقين يسلمنا نسخة شخصية من المرسوم الجمهوري مدون عليها اسم الشخص موضوع في فايل كارتوني انيق عليه شعار الجمهورية كما في الصورة الملحقة . - لاحظت ان رئيس الجمهورية لم يكن مرتاحا كما كان خلال مراسيم منحي النوط الاول , تبين بعدها ان السبب كان لاطلاعه على تقرير مرفوع من احد الطيارين الذين لم يشملهم التكريم تناول عدد من النقاط السلبية لمديرية طيران الجيش . - بعد عودتنا الى مقاعدنا قام رئيس الجمهورية بسحب احد المقاعد وجلس عليه امام آمر السرب 107 المسلح بطائرات PC7 ثابتة الجناح المقدم الطيار ( ه . ا . ع ) دون ان يسأل عنه وكأنه يعرفه سابقا , دار حديث بينهما لم نسمعه ولمدة قدرتها بحدود 15 دقيقة . - عاد الرئيس الى مقعده في صدارة القاعة والقى كلمة مختصرة اشاد بدورنا وقواتنا المسلحة بالمعركة الاخيرة . - انتهت المراسيم , خرج الرئيس ومرافقيه بعد ان سلم علينا , عدنا الى مقاعدنا كما جاء في الايجاز سابقا . -استلم كل منا مظروف يحتوي على ساعة يدوية عليها صورة رئيس الجمهورية ومبلغ 500 دينار كما هي العادة في التكريم - قبل خروجنا من القاعة سارع عدد من المرافقين لتدوين اسماء من يحملون اكثر من نوط شجاعة , كان عددنا 9 طيارين دون ان يعلمونا السبب . - عدنا الى بناية المجلس الوطني واستلمنا متعلقاتنا كل حسب الكيس المدون عليه اسمه و بعد فتح الكيس نظرت فورا الى الساعة لأعلم الوقت وكم مر من الزمن منذ فقداننا حساب الزمن لحد هذه الدقيقة فكان بحدود 4 ساعات .
توجهت وبصحبة امر السرب 107 الى مطار التاجي حيث مقر سربينا، بفضول مشروع وطبيعي استفسرت منه عن ما دار بينه ورئيس الجمهورية , اجابني بعد شتيمة عراقية تدل على ذكاء المقابل ( ماكو هيجي ن...... ) فقد ناقشني عن طائرتي وكأنه طيار محترف عليها واستفسر وناقش ادق التفاصيل عن الطائرة وواجباتها بشكل عجيب .
كانت من مميزات النوط الثاني استلام الهدية (السيارة البرازيلي) فورا وبدون تسلسل بعد الانتهاء من الاجراءات الاصولية , وهو ما حصل بتخويلي سائق السيارة العسكرية المخصصة لامر السرب المرحوم النائب ضابط كريم قاسم لاستلامها من مدينة الرطبة .بعد وصولي لمطار التاجي تلقيت ومن معي التهاني من امر الجناح ومنتسبي السرب , وصلني تبليغ بان اتوجه غدا صباحا الى مديرية طيران الجيش لتزويدي بكتاب رسمي الى استعلامات رئاسة الجمهورية لاستلام هدية رئيس الجمهورية سيارة مرسيدس 190 , التي قرر رئيس الجمهورية اهدائها لمن يحمل اكثر من نوط شجاعة .مرة اخرى تتحقق مقولة كل طفل يولد ورزقه معه فقد كنت انتظر المولود الثاني بعد 40 يوما .9 /5 / 1984 استلمت الكتاب الرسمي وتوجهت الى استعلامات القصر الجمهوري قرب قاعة الخلد وبعد انهاء الاجراءات الاصولية استلمت السيارة دون ان افحصها , عدت الى مديرية طيران الجيش ثم بيتي فرحا بهذه الهدية المتميزة والتي تعني الكثير فهي اضافة الى قيمتها المادية فان قيمتها المعنوية اكبر بكثير , اصبحت هذه السيارة رغم قلة من استلمها سمة للطيارين .كانت بعض المكملات للسيارة ترفق بعلبة صغيرة توضع في صندوق السيارة ولم اكن اعلم بتلك المعلومة حين الاستلام وعند البحث لم اجد العلبة , فقد استولى عليها العاملون في مراب القصر , علم احد الاصدقاء الضباط من الذين لهم علاقات في القصر الجمهوري فزودني بعلبة من سيارة اخرى , ولكن مفتاح السيارة الرئيسي ( السويج ) الاحتياط لا يتناسب مع سيارتي ولا يمكن استنساخه حسب مواصفات الامان للشركة المصنعة , اخبرت المدرب الالماني ( بالك ) فطلب مني رقم ( الشاصي ) والمحرك وبعث رسالة الى الشركة المصنعة وبضمان الشركة المصنعة لطائراتنا وتم تزويدي بمفتاح احتياط .احتفظت بهذه السيارة وبعت سيارتي ( الماليبو ) و بثمنها سددت الدين الي استدنته لإكمال بناء داري في منطقة الهبنه في الكاظمية . في بداية عام 1984 التحق للسرب عدد من ضباط التصوير الجوي للعمل على منظومة التصوير الجوي , اعترضت على الحاقهم لعدم الحاجة لهم لوجود نواب ضباط تصوير جوي كفوئين ومريحين جدا احدهم نال نوط الشجاعة معنا . وان وجودهم في السرب سيكون عبئا علينا , لم يجدي الاعتراض , تمت الاستفادة منهم كضباط خفر ليس اكثر مع تنبيههم بعدم علاقتهم بالجندي المهندس المنسب الى منظومة التصوير او منتسبي المنظومة , وفعلا كانت سلبياتهم كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقال . تجربة تمرين ليلي في منطقة القائم 9 / 5 / 1984 التحقت الى مطار التاجي بسيارتي الجديدة , تلقيت التهاني بهذه الهدية , ارسلت سيارتي العسكرية لإتمام معاملة استلام السيارة البرازيلي . بعد الاجراءات الاعتيادية الصباحية من ايجاز صباحي وفحص طبي وقراءة التقرير الجوي ومنهج التدريب اليومي ثم المباشرة بالطيران التدريبي , بلغت من غرفة حركات الجناح بتكليفي بواجب تمرين جوي ليلي في مطار T1 قرب مدينة القائم بأشراف مدير شعبة التدريب وعلي التوجه الى مديرية طيران الجيش لمقابلة مدير التدريب للتنسيق واستلام التعليمات . اصدرت الامر بتهيئة طائرة مع تجهيزاتها للطيران الليلي وتنسيب احد الفنيين ومشاعل التنوير ( تستخدم في الحالات الاضطرارية ليلا لتنوير منطقة الهبوط الاضطراري ) ليكونوا جاهزين للتنفيذ . نسبت الرائد الطيار الشهيد محمود راضي ( استشهد في معركة الفاو 1986 ) ليكون معي كطيار ثاني.
اللقاء مع مدير شعبة التدريب الشهيد العميد الطيار سعاد بهاء الدين اجتمعت مع مدير شعبة التدريب واوجزني بما يلي : هناك معلومات بان العدو الصهيوني لديه النية بالتوغل نحو معمل عكا شات بواسطة طيرانه السمتي ليلا تحمل مفرزة هاون لقصف معمل عكا شات بدلا عن قصفه بالطائرات المقاتلة لأسباب سياسية , ولأجله علينا اجراء تجربة التصدي لهذا الخرق بواسطة انزال مجموعة من القوات الخاصة تعالجه قبل القيام باستهداف المعمل , ويكون التمرين بان احمل معي في طائرتي(BO105) عنصرين من القوات الخاصة تسمى حسب المصطلحات العسكرية (موجدي الطريق )يحملون ( فوانيس انارة خاصة بهم ) , تتبعني طائرة او طائرتي مي8 تحمل عناصر من القوات الخاصة وعند الوصول الى المنطقة المحددة أقوم بأطلاق مشعل الانارة المستخدمة للحالات الاضطرارية لإنارة منطقة الهبوط , واقوم بالهبوط بمساعدة المشاعل , يقوم بعدها عنصري موجدي الطريق بتأشير منطقة هبوط طائرة مي8 بثلاث فوانيس تستخدمها الطائرة للهبوط الامن , على ان اقلع فور ترجل عنصري موجدي الطريق من الطائرة , وعند التنفيذ الفعلي تكون طائرة او طائرتي مي8 محملة بعناصر مختارة للتصدي لقوات العدو ومن يرافقها . يكون الاقلاع الى مطار T1 غدا صباحا من قاعدة الرشيد الجوية .
معلومات عن مطار T1
يقع المطار الى الجنوب الغربي لمدينة القائم وهو مطار ثانوي كانت عائديته الى شركة النفط ( محطة ضخ ، T1 ، T2، T3، T4، T5 في سوريا ) قبل التأميم تتواجد فيها قرية لإسكان العمال مع مرفقاتها ومقر لموظفي الشركة مع مرفقاتها من سكن ومطعم وملحقات ترفيهية , رغم مرور زمن طويل على انشائها كانت بحالة جيدة جدا تحيطها الاشجار المعمرة التي يمكن مشاهدتها من الجو بمسافة بعيدة كمنطقة داكنة متميزة ، تم استخدام المطار في بداية الحرب مع ايران من قبل مدرسة السمتيات لإدامة التدريب لبعدها عن مديات الطائرات المعادية . ويبعد معمل عكاشات بحوالي 80 كم غربا . فرحت بهذا الواجب لان امنيتي و الكثير من منتسبي جيشنا الباسل ان تسنح لنا الفرصة لمنازلة الصهاينة الممثلين لهذا الكيان المسخ . الخميس 10 مايس 1984 م – 8 شعبان 1404 هجري اقلعت صباحا الى قاعدة الرشيد الجوية والتحقت مع طائرتي مي8 الاولى بقيادة الشهيد العميد الطيار سعاد بهاء الدين مدير شعبة التدريب ( اغتيل يوم 22 شباط 2006 ) والمقدم الطيار الركن طارق مهنا ممثل شعبة الحركات ( اعدم مع جماعة محمد عبدالله عام 1996 ) . والطائرة الثانية بقيادة الرائد الطيار محسن هزاع بيرم ( اغتيل عام 2007 في كركوك ) ومعه طيار ثاني لا يحضرني اسمه , توجهنا بتشكيل الى مطار T1 , وصلناه بعد اقل من ساعتي طيران
توجهنا بواسطة العجلات الى غرفة حركات الدفاع الجوي في القائم , التي يجري فيها متابعة كافة الاهداف الجوية من قبل فنيين مختصين بتأشير حركة الاهداف الجوية على الخارطة الزجاجية. لاحظت وجود هدف يتحرك بسرعة بطيئة جدا استفسرت عنه فكان الجواب بانها عجلة نتابع تنقلها , وهي حالة غريبة فتأشير التتبع يكون للأهداف الجوية.
خلال المناقشة مع ضباط الحركات تبين لنا ما يلي : - مسؤولية كبيرة يتحملها المنتسبين لخطورة المهمة المكلفين بها لقرب معمل عكاشات من الحدود مع سوريا مستذكرين الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة H3 عام 1981 وفشل وكيل امر قاطع الدفاع الجوي الثاني العقيد مسيطر مقاتلات فخري حسين جابر التصدي لها وبالتالي قرر الانتحار , مفضلين خدمتهم في الحجابات على الجبهة عن تواجدهم الحالي. -تقوم الطائرات المقاتلة من الجانب السوري بعمليات استفزازية بالتقرب من الحدود ثم تغيير وجهتها والعودة الى العمق السوري مما يجعلهم بحالة استنفار دائم لعدم معرفة هوية الطائرات هل هي سورية او صهيونية او ايرانية مما يربك القرار بالتصدي لها . - معمل عكاشات مهدد باستهدافه من ( محتلي فلسطين ) او من اية جهة معادية لأهميته .
تنفيذ التمرين ( التجربة )
خطط للتمرين ان يكون باتجاه مدينة حديثة وفق الايجاز يوم امس بعد حلول الظلام و وبطائرتين اكون انا في الاولى لتامين تأشير منطقة النزول والثانية لتنفيذ النزول و وطائرة ثالثة للأشراف على التمرين بقيادة العميد سعاد بهاء الدين . اقلعت الطائرات متوجهة الى المنطقة المقترحة ليس بعيدا عن الطريق الدولي حديثة – القائم ، و قبل الايعاز بالتنفيذ طلب مني المشرف تغيير منطقة التنفيذ الى مكان اخر ليس بعيدا عنه لأنه افضل لأجراء التمرين ( كان القمر في ثلثه الاول وتكون المعالم الارضية واضحة المعالم بشكل مقبول ) . تم التنفيذ بشكل جيد والعودة الى المطار . وبعد مناقشة سريعة لمجريات التمرين تم اختيار منطقة اخرى اجرينا التمرين مرة ثانية . بعد العودة الى المطار نوقش التمرين بشكل مفصل , وكانت علامات الارتياح واضحة على مدير شعبة التدريب لنجاح العمل . نظرا لكونها المرة الاولى التي يجري مثل هذا التمرين وبدون استحضارات او تدريب مسبق . وكانت عملية جريئة نظرا لخطورتها ولم يجري التفكير بها مسبقاً . تم الاتفاق على وضع سياق لتدريب عدد معين من الطيارين يكونون مهيئين لتنفيذ الواجب . وهذا من اختصاص شعبة التدريب . وخاصة ان العملية تجري بدون استخدام مصابيح الملاحة الخارجية مما يصعب الطيران بتشكيل من طائرتين او اكثر . 10مايس 1984صباحا توجهنا الى قاعدة الوليد الجوية (H3) للتنسيق. ومن بعده الى مطار (K3 ) في حديثة , كان يتواجد هناك سرب تدريبي من طائرات مي8 السمتية , رحب بنا امر السرب المقدم الطيار ( ر . ك . ع احيل الى الخدمة المدنية لأسباب امنية وكان من معلمي الطيران الاكفاء) . التقينا مع معلمي السرب والتلاميذ , نوقشت احتياجات السرب ومعوقات التدريب . اعدت الطلب على مدير شعبة التدريب بأعداد منهج تدريبي لطيارين مختارين لتنفيذ الواجب فوعدني خيرا . افترق التشكيل وعدت منفردا الى مطار التاجي ومررت خلال الرحلة فوق قاعدة القادسية في منطقة البغدادي , والتي اطلق عليها بعد الاحتلال اسما امريكيا ( عين الاسد ) ولا يجرؤ من ينادون بإخراج القوات الامريكية على اعادة الاسم الاصلي وكذلك الحال لمطار كلية القوة الجوية التي تحول اسمها الى اسم ( وغد امريكي اسمه سبايكر اسقط طائرته المعتدية النقيب الطيار زهير جليل داود عام 1991 ) . وكانت في طور الانشاء ومرافقها متميزة من بنايات وملاجئ الطائرات .
15 / 5 / 1984 زارت جناح طيران الجيش الثاني لجنة مؤلفة من العميد الطيار ( ن . ا . ز ) امر الرف الرئاسي الخاص والعميد الطيار الشهيد صفاء شمس الدين خالص امر السرب 105 الرئاسي ( اغتيل من قبل احد مجرمي الاحتلال الامريكي عام 2007 ) .لمناقشة التقرير المرفوع من احد الطيارين المشار اليه عند تقليدنا انواط الشجاعة. وسبق لي ان عملت بأمرتهما سابقا. وتم الاجتماع بحضور امر الجناح وضابط ركن الحركات وامري الاسراب المنسوبة للجناح. في البداية ابلغونا تحيات السيد رئيس الجمهورية الذي امر بالتحقيق في ما جاء بالتقرير المذكور مع اشادته بمجهودنا , وانهم هنا لمناقشة ما جاء بالتقرير المرفوع من قبل الطيار المذكور . لتلطيف الجو خاطبني العميد ( ن . ا .ز) في عام 1981 كنت مرشحا لدورة برئاسته للتدريب على الطائرات الرئاسية ( اوكستا بيل ) في ايطاليا خلال التحضيرات لمؤتمر عدم الانحياز المقرر عقده في بغداد عام 1982 ولكن كنت حينها مكلف بتدريب دورة تحويلية على طائرات الغزال في مطار الاسكندرية لذلك الغي ترشيحي وذهب البديل , وكان يتوقع ان ابدي اسفي لخسارة هذه الفرصة نظرا للمميزات التي يحظى بها طيارو الرف الخاص والسرب الرئاسي وخسارة المشاركة في الدورة . اجبته فورا الحمد لله تعالى الذي ابعدني عن هذه الدورة! سيدي انا طيار مقاتل وافخر بذلك وعملكم يختلف جذريا عن طبيعتي. استغرب من هذا الجواب، لكون اغلب الطيارين يتمنون العمل في الاسراب الرئاسية. استذكرت مع نفسي واجب كان هو حاضرا خلاله وكما يلي :
17 / 6 / 1980 كنت منتسبا للسرب 30 المجهز بطائرات الويت 3 المسلحة في مطار (K1) في كركوك , بلغني امر السرب الرائد الطيار ( ص . ح . ع ) بواجب من طائرتين مسلحتين الى مطار اربيل وبقيادته . أوضح لي ان الواجب هو حماية تشكيل من الطائرات الرئاسية بقيادة العقيد الطيار ( ن . ا . ز ) تحمل عوائل مسؤولين في جولتهم السياحية في القاطع . بعد اتمام الجولة السياحية بواسطة الطائرات في القاطع الشمالي عدنا الى جبل سر حسن حيث نصب سرادقين احدهما مخصص لنساء واطفال المسؤولين والأخر استخدمه الطيارين والمرافقين وقائد الفرقة وكان اكبر اولاد المسؤولين عدي وقصي نجلا رئيس الجمهورية معنا في السرادق المخصص للرجال. وصل طعام الغذاء بواسطة طائرتي مي8 التحق بنا طياريها. وبعد تناول طعام الغذاء وفجأة سمعنا ايعاز (طلعوا) بمعنى غادروا السرادق ! وهنا بدأ الجميع بالركض نحو الطائرات وقفت مستغربا من الحالة وبدا الصراع الداخلي هل اركض كما يفعلون ام اسير اعتيادي نحو الطائرات واخذت حينا اسرع الخطى ثم الوم نفسي واعاود السير الاعتيادي نحو الطائرات . اذن هذا هو عمل وتصرف الطيارين (استهجنت التصرف) . ثم عدنا الى مقر السرب بعد انتهاء الواجب المزعج . وهذه الحادثة هي التي كنت اعني بها في جوابي للعميد ( ن . ا . ز ) مع احترامي وتقديري الكبيرين لشخصه الكريم .
هناك حادثة اخرى جرت قبل اشهر، ففي احد الايام وبينما كنت انسق مع مديرية الحركات وضابط ركن حركات الجناح بواسطة الهواتف المتوفرة لحجز ميدان رمي العزيزية وتأمين الصواريخ لممارسة الرمي الحقيقي للطيارين الجدد وكنت واقفا، فجأة دخل عدي صدام حسين ومعه احد طياري السرب الرئاسي الرائد الطيار ( ع . م . ص ) الى غرفتي , اشرت لهم بالجلوس واكملت مكالماتي , بعد الانتهاء من المكالمات سلمت عليه وعانقت الطيار المرافق كنا منتسبين للسرب 30 قبل انتقاله الى السرب الرئاسي , استفسر عن جداول الرمي لطائرتنا فسلمته الجداول مع شرح عن منظومة الرمي . استأذن للعودة ولكون وكر الطائرات بعيد عن مقر السرب فقد رافقته بسيارتي الشخصية ( ماليبو ) التي استخدمتها في ذلك اليوم بدلا من السيارة العسكرية المخصصة لأمر السرب لإرسالها بواجب خارج المطار . صعدت السيارة من جهة السائق وفتحت قفل الباب الامامي ليصعد عدي والطيار المرافق، وهنا كان العجب فقد قام الطيار وهو برتبة رائد بفتح باب السيارة الامامي لعدي وبعد جلوسه ثم قام بأغلاق الباب وجلس في المقد الخلفي. عند وصولنا الى الطائرة التي اقلتهم قام الطيار بفتح باب الطائرة وصعد اليها عدي, وقام الطيار بتثبيت احزمة الامان ثم استدار حول الطائرة واخذ مكانه في المقعد الاخر . استغربت جدا من هذا التصرف (فهل هذه التصرفات تليق بطيار ؟!) . وبالعودة الى الاجتماع حيث تم البحث في تفاصيل عمل الاسراب والسلبيات والايجابيات وامور اخرى وخرجنا بتوصيات واقتراحات , قبل انتهاء الاجتماع تطرق العقيد ( ن. ا . ز ) الى ان مستوى معلمي الطيران اخذ بالهبوط نتيجة عدم المتابعة لانشغال اغلبهم بالقتال , لذلك سيجري اختبار لمعلمي الطيران ومن يفشل تسحب منه شهادة المعلمين . طلبت الكلام وقلت ( سيدي لماذا تتعبون نفسكم بالاختبار هذه شهادتي خذوها ولا اريدها ! ) استغرب الجميع من اجابتي الجريئة اجابني ماذا تقصد ؟ اجبته ان معلمي الطيران يقومون بواجباتهم القتالية وعند عودتهم يباشرون بمسؤولية تدريب الطيارين وبذلك فان جهدهم ومسؤوليتهم اكبر من الطيارين الاعتياديين , وحين يخطا معلم الطيران يحاسب ويلام اكثر من الطيار الاعتيادي لكونه معلم طيران , فلهذا لا نريد هذه الشهادة , صمت الجميع بانتظار الجواب والذي اتى بعد قليل من التفكير , سنضيف هذه الملاحظة لتقريرنا ونقترح منح معلمي الطيران مخصصات مالية تميزهم عن اقرانهم . اجبته عند ذلك يمكنكم سحب الشهادة من الذي يفشل في الاختبار. بعدها انتهى الاجتماع وعدنا لممارسة اعمالنا . قامت اللجنة بزيارات مماثلة لجميع اجنحة طيران الجيش ومدرسة ومقر المديرية , قدموا تقريرهم النهائي الذي نتج عنه احالة عدد من الطيارين على التقاعد بصدور مرسوم جمهوري في تموز 1984 . والمستغرب بان هذه الإحالة شملت طيارين اكفاء , تمت اعادة ثلاثة منهم للخدمة قبل مرور سنه واحدة ! احدهم المقدم الطيار الركن ( ا . ع . ا ) تم تنسيبه معلما في كلية الاركان الجناح الجوي لكفاءته ومعلوماته الجيدة ! . 18/5/1984 كما جاء في مقالي السابق حول تكليفي بواجب مهاجمة السدة التي اقامها العدو بين البر الايراني وحقل مجنون الشمالي بعد احتلال الحقل في شهر شباط الماضي وابديت ملاحظاتي حول الواجب الذي لم ينفذ حينها . بهذا التاريخ تم تنفيذ الواجب بقيادة آمر السرب 31 المقدم الطيار ( ع . ف . ح ) بتشكيل من 4 طائرات غزال وتشكيل طائرتي مي25 تتدخل عند االحاجة ويتم تصوير العملية بواسطة طائرة التصوير الجوي BO105 بقيادة المقدم الطيار ( ع . م . ش ) تم مهاجمة السدة وتدمير عدد من الاهداف المعادية ولم تتدخل طائرات مي25 لعدم وجود اهداف اخرى , عادت جميع الطائرات ونجاح العملية دون خسائر , بعدها بأيام كررت الضربة بنجاح دون خسائر مع ملاحظة وجود مقاومات معادية من السدة الشرقية لحقل مجنون الجنوبي والبر الإيراني وبذلك تدخل الطائرات من الممر المائي الذي يصل الى السدة ( الهدف ) تحت تأثير النيران المعادية من الجانبين وقد انتبه العدو لهذه الثغرة ، تكرر الواجب للمرة الثالثة واشرك تشكيل من طائرتي BO105 في الواجب اصيبت احدى طائرات BO105 وسقطت في مياه الهور واصيب الطيار الملازم ( خالد حسن ) بإصابة بسيطة تم إخلاؤه فورا , هو الطيار الذي اصيب في معركة شرق دجلة بتاريخ 23 / 2 /1984 وعاد الى الطيران بعد تماثله للشفاء . ولكونه طيار حديث وتكررت اصابته خلال 3 اشهر , فقد حرصت على عدم تكليفه سوى بالواجبات البسيطة . بعدها تم تشكيل السرب 205 طائرات اوكستا بيل غير مسلحة, عملت على نقله للسرب المذكور حرصا على حياته . ولكن اجله جاء في عام 1987 حيث استشهد في احدى الواجبات الداخلية , رحمه الله تعالى .
واجب التصدي للاعتداء الاسرائيلي المحتمل
22 / 5 /1984ظهرا اتصل بي مدير شعبة الحركات العميد الطيار محمد عبدالله الشهواني واخبرني بوجود معلومات لدى القيادة العامة للقوات المسلحة بنية العدو الصهيوني استهداف معمل عكا شات بواسطة مدافع الهاون المنقولة بواسطة السمتيات هذه الليلة , وعليك التوجه فورا الى مطار T1 وستجد هناك طائرتي مي8 وعناصر القوات الخاصة لمعالجة الموقف كما جرى في التمرين الناجح الذي قمتم به , على ان تكون في المطار المذكور قبل غروب الشمس . اعترضت على الواجب لعدم التدريب عليه كما جرى الاتفاق عليه مع مدير التدريب , ولا يمكن المجازفة بهذا الواجب لخطورته , اجابني بان القيادة العامة لديها المعلومات بجاهزيتنا للعملية وعليه لا مجال للنقاش وعلينا التنفيذ وانهى كلامه وهو ينخاني ( اخوي اخوي هذا يومك ) . مشكلة اخرى تمثلت بعدم وجود اي طيار سواي في السرب فالجميع اما مفارز خارج السرب او في الاجازات الدورية ونوع الواجب يتطلب وجود طيار مساعد كفوء في الطائرة , اتصلت بأقرب طيار النقيب ( ر . ي . ي ) للالتحاق فورا مع اعلامه بان الواجب قد يستغرق عدة ايام اصدرت الامر الى مهندس السرب بتهيئة طائرتين بدلا من طائرة واحدة للطيران الليلي مع تجهيزهما بقاعدتين لمشاعل الانارة في كل طائرة بدلا من قاعدة واحدة و توفير عدة مشاعل احتياط مع مفرزة فنية ترافقنا الى الواجب . تحسبا للعطلات التي قد تصيب الطائرة او الية الرمي لتكون الطائرة الاخرى بديلا عنها. اكملت كافة مستلزمات الطيران الليلي ( مصباح يدوي , طلقات تنوير , خرائط المنطقة واغراض خاصة ) . اقلعت الطائرتين عصرا ووصلنا مطار T1 قبل المغرب , توجهت الى غرفة الطيارين , كان يتواجد فيها طياري طائرة مي8 بأمرة المقدم الطيار ( ف . ح ) وهو من الطيارين القدامى وذو خبرة جيدة تجاوزته بالقدم بعد حصولي على القدم في الحرب , لذلك فقد كنت المسؤول عن العملية .بعد السلام لاحظت الوجوم والارتباك واضحا على وجوه الطيارين وهو شيء مشروع , فهم يعلمون طبيعة الواجب وخطورته فالطيارين الذين نفذوا التمرين هم من منتسبي السرب ذاته ( السرب الرابع) وقد تحدثوا عن التمرين لكونه شيء فريد قاموا به . كما لم يتم التدريب على هذا الواجب ولا توجد ثقة بنجاح العملية لصعوبتها والخطر ليس بمواجهة العدو وانما بسبب طبيعة الطيران الذي لم يمارسوه سابقا .
كانت مهمتي الاولى رفع معنويات الطيارين من خلال اعلامهم بانني سأكون في المقدمة ونزولي وتأشير منطقة النزول تجعل مهمتكم غاية في السهولة لمعرفتي بكفاءتكم وشجاعتكم , واذا فشلت وهذا امر مستبعد فالعملية ستلغى , طلبت منهم بسط خرائطهم وتأشير العوارض المهمة , وشرحت مراحل التنفيذ مع الاشارة الى ان التشكيل سيكون بدون مصابيح الملاحة ( وهنا تكمن الصعوبة والخطورة ) وتقليل اضاءة لوحة المؤشرات في مقصورة الطيارين والتزام الصمت اللاسلكي . كلما تحدثت به مخالف لقناعتي ولكن كان يجب ان لا ابين ذلك لنجاح الواجب . تم التنسيق مع قاطع الدفاع الجوي الأول , وتأمين الاتصال المباشر للتبليغ بأمر التنفيذ . كان الجميع مستعدين للقيام بالواجب والفنيين قرب الطائرات المهيئة للإقلاع الفوري . بقينا في غرفة الطيارين مراقبين جهاز الاتصال لغاية الصباح دون حصول الاختراق المعادي .
23 / 5 / 1984اتصلت بقاطع الدفاع الجوي الأول لإعلامهم بخلود الطيارين للنوم مع بقاء احد الطيارين قرب جهاز الاتصال لاستلام اية تعليمات. نسقت مع المسؤول الاداري لمحطة الضخ في الامور الادارية ثم خلدت الى النوم. عصر اليوم ذاته اقلعت بطائرتي مع الطيار الثاني وقائدي طائرتي مي8 بجولة استطلاعية للمنطقة مع تثبيت الاتجاهات المحتملة والعوارض الموجودة وحساب المناطق المحتملة لنصب منصات الهاونات حسب المديات المحتملة، لتسهيل العمل ليلا، تكررت الحالة للأيام اللاحقة دون حدوث الاختراق المعادي , مع تكرار التواجد ليلا والاستراحة نهارا . 27 / 5 / 1984 قمت بطلعة جوية حول المطار ومعي الطيار الثاني وقائد تشكيل طائرتي مي8 للاطلاع على المطار ليلا. 28 /5 / 5 / 1984 م 27 /شعبان /1404 هجري تبلغت من قاطع الدفاع الجوي الأول القيام بطلعة ليلية مع احد ضباط ركن الدفاع الجوي لاستطلاع المنطقة ليلا , بلغت قائد تشكيل طائرتي مي8 لمرافقتي بطائرة مي8 واحدة بقيادة قائدي الطائرتين لممارسة التشكيل بدون مصابيح الملاحة . حسب التاريخ الهجري يتبين عدم وجود للقمر . تم التنفيذ ليلا بطائرتي BO105 ترافقني طائرة مي8 حسب الاتفاق وبعد الاقلاع بقليل والابتعاد عن المطار والمرافق السكنية وانعدام اي مصدر للضوء سواء من الارض او القمر. اضطررت لاستخدام نظام طيران الآلات لأتمكن من السيطرة على الطائرة، هنا تلقيت اتصال متوتر من طائرة مي8 يطلب مني تشغيل مصابيح الملاحة لفقدانه التواصل معي وخشية اصطدام الطائرتين، اسرعت بتشغيل مصابيح الملاحة الخارجية ومصباح الهبوط لكونه شديد التوهج لتأمين سلامة التشكيل واطفأته بعد ان أخبرني بتأمين الرؤيا بواسطة مصابيح الملاحة. لم يتمكن ضابط الركن المرافق من مشاهدة اي شيء على الارض سوى النجوم في الاعلى، تفهم ضابط الركن الحالة وتم الغاء الواجب وسيرفع تقريره عن المهمة. 29 / 5 / 1984قمت بطلعة استطلاع نهارية اخرى من المطار باتجاه مدينة القائم ومعمل عكا شات ومتابعة تأشير العوارض والاتجاهات المحتملة . ناقشت مع المقدم ( ف . ح ) واجب ليلة امس وتم التنسيق بيننا على رفع تقرير مفصل عن حالة الطيران بدون الاستعانة بضوء القمر ومصابيح الملاحة , مع المقترحات بان يجري تدريب مكثف قبل تنفيذ مثل هذا الواجب وكما يلي : تفرغ عدد من الطيارين للتدريب على هذا الواجب وعدم تكليفهم بواجبات أخرى
_اعداد منهج تدريبي مفصل وكما يلي : • الطيران الليلي بتشكيل دون استخدام مصابيح الملاحة وبالتدرج من وجود ضوء القمر لحين الطيران بدونه. • اجراء تمارين للنزول خارج المطارات في مناطق منتخبة من النهار بتأشير بقعة النزول بواسطة الفوانيس. • القيام بعمليات النزول في مناطق معلومة بالتنسيق مع قائد العملية طائرة BO105 لتأشير مناطق النزول. • القيام بالممارسات العملية في مناطق مستطلعة مسبقا وغير المستطلعة.
_عندها يمكن القرار على امكانية تنفيذ الواجب من عدمه بعد ملاحظة المعوقات . تم التوقيع على التقرير من قبلنا , اتصلت هاتفيا بشعبة التدريب واعلمتهم بالتقرير الاولي وعدم امكانية التنفيذ في الوقت الحاضر , سأقوم بأرسال التقرير مع المقترحات ونسخة لشعبة الحركات فور عودتي الى مقر السرب . 2 /6 /1984التحق معاون امر السرب المقدم الطيار ( ا . ق . م ) مع طيار ثاني ليحل محلي في الواجب . تم ايجازه بشكل مفصل مع تأشير خرائطه وعدت ومعي الطيار الثاني الى مقر السرب في التاجي . ارسلت التقرير الى شعبتي التدريب والحركات . وباشرت بإدامة تدريب الطيارين الجدد لأعدادهم طياري فعالين وتم حجز ميدان الرمي في العزيزية لممارسة الرمي عمليا على الصواريخ والمدفع الرشاش . تم نشرهم طيارين فعالين يوم 13 / 6 /1984 7 /6 / 1984استدعيت الى مديرية طيران الجيش لمناقشة التقرير المقدم لشعبتي التدريب والحركات . كان الاجتماع برئاسة مدير طيران الجيش العميد الطيار الركن خالد نصيف ومدير شعبة التدريب العميد الطيار سعاد بهاء الدين وممثل عن شعبة الحركات وآمر السرب 55 مي8 الشهيد المقدم الطيار اسماعيل سعيد فارس ( اغتيل عام 2006مع احد ضباط الامن عند زيارته له في داره في منطقة الغزالية ). بدأ الاجتماع بكلمة لمدير طيران الجيش انتقد فيها ما جاء في التقرير باعتباره مبالغ ويبتعد عن الموضوعية. بعد ان اكمل حديثه طلب من مدير التدريب تقديم ملاحظاته، استفزتني هذه المقدمة بشدة وكتمت مشاعري لحين دوري في الكلام. قدم مدير شعبة التدريب ملاحظاته بشكل عام منتقدا ما جاء بالتقرير، واخذ يتلو مقترحاته حول مراحل التدريب على هذا الواجب وطريقة تنفيذها. ثم قام ممثل الحركات بألقاء ملاحظاته مؤيدا التدريب قبل اقرار امكانية تنفيذ الواجب. طلب مني مدير طيران الجيش الكلام. كنت منفعلا في الكلام وبدأت كلامي بان جميع الحاضرين يعرفون جيدا بان لا يوجد في قاموسي شيء اسمه الخوف او التردد , لذلك فالتقرير لا علاقة له بالخوف وانما لتبيان الحقيقة وحرصا على الارواح وسمعة طيران الجيش والممتلكات العامة . واكملت كنت انتظر من السيد مدير التدريب شيء جديد ومفيد حول انتقاده للتقرير , ولكن كان حديثه ومقترحاته تتطابق بشكل كامل وتفصيلي وبشكل شبه حرفي بما جاء بالتقرير , وتتوافق بشكل مبدئي بما جرى الاتفاق معه في مطار حديثة ووعدني خيرا ولم المس اي تنفيذ لما جرى الاتفاق عليه واستغربت تكليفي بالواجب الذي كنت على استعداد لتنفيذه والمجازفة بأرواح الطيارين والقوات الخاصة وسمعة طيران الجيش بعد ان نخاني مدير الحركات . اما ما تفضل به السيد مدير طيران الجيش بوصف التقرير مبالغ به فأقول لمن يتهمني بالمبالغة فليرافقني الى المنطقة او ما يشابهها وبالظروف ذاتها وليثبت كفاءته واثبات المبالغة في التقرير , وبالعودة الى يوم تنفيذ التمرين ( التجربة ) فيتذكر مدير التدريب بإبلاغي تغيير منطقة التنفيذ بعد وصولنا الى منطقة اجراء التمرين لكون المعالم الارضية كانت شبه واضحة و القمر بثلثه الاول . فليجرب معي التجربة بالظرف الذي وصفته قبل انتقاد التقرير وكنت اتكلم بانفعال , كان مدير طيران الجيش يعرف طبيعتي منذ كنت برتبة نقيب في السرب 30 وكان هو بمنصب آمر الجحفل الجوي الاول في كركوك ,ولدي حالات جريئة في الطروحات . لذلك كان يسامح انفعالي الذي يمكن ان يوصف بالتجاوز. ايد آمر السرب 55 ما جاء بكلامي باعتبار صعوبة التشكيل بدون مصابيح الملاحة ودون وجود معالم ارضية مضاءة او ضوء القمر . كانت نتيجة هذا الاجتماع الغاء الواجب وعودة الطائرات الى اسرابها . باعتقادي كان هذا الواجب هو نتيجة الاختلاف، ولا اقول الصراع بين شعبتي التدريب والحركات وكل منهما يحاول ان يكون هو البطل ونكون نحن الضحية. فلا يمكن لطيار متمرس وذو كفاءة ومعلمنا مثل العميد سعاد بهاء الدين المتشدد في امور التدريب ان يقرر وبهذه الكيفية امكانية تنفيذ هذا الواجب. في الوقت الذي يبتهج مدير الحركات بإمكانية تنفيذ الواجب ليحسب له كل حسب اختصاصه. والامر الاخر هل ان هذا الواجب صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة ام هو مجرد عرض للعضلات؟ كذلك فان قيام قوات خاصة تتمركز في المعمل تقوم بالتصدي للمهاجمين افضل لسبب بسيط المسافة بين مطار T1 ومنطقة الواجب بحدود 90 كيلو متر وتستغرق العملية من استلام الامر لحين الوصول الى الهدف اكثر من ساعة . بينما لا تتعدى هذه المسافة عن المعمل مدى مدفع الهاون المستخدم والوصول الى الهدف لا يستغرق سوى دقائق قليلة . 13 /6 / 1984التحقت وجبة جديدة من الطيارين الى السرب 106 بعد انهائهم الدورة التحويلية على الطائرة في الجناح المتقدم وباشرنا بأعدادهم طيارين فعالين. وكان التحاقهم وقبلهم طيارين اخرين خير معين للسرب فكنا باشد الحاجة لكل طيار وهذه الوجبة تتألف طيارين فعالين في اسرابهم القديمة طائرات الويت3 والغزال. وكان احدهم الملازم الاول ( ر . ز .س ) احد تلاميذي في السرب 30 وتنبأت له مستقبل جيد لما يتميز به من ذكاء وطاعة والتزام وشجعته على الاستمرار بهذه المواصفات فله مستقبل متميز وكنت قد سعيت لإلحاقه بالسرب 106 اعتزازا به . وفعلا فقد تدرج في المناصب والدورات معلم طيران ثم كلية الاركان وكلية الحرب وامر سرب وامر جناح وامر قاعدة ومدير الحركات ورئيس اركان قيادة طيران الجيش . 22 /6 /1984 رزقت بالمولود الثاني والذي اتى ورزقه معه كما اسلفت استمرت فعاليات السرب القتالية والتدريبية واعداد الطيارين الجدد وتنفيذ المنهاج السنوي للتدريب . وسأكمل تفاصيل النصف الثاني للعام 1984 في مقالة قادمة ان شاء الله تعالى.
مصدر
|
| | | | قصه السرب 106 مروحيات العراقي والمسلح بمروحيات Bo-105 | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|