قبل أيام احتفلت الدولة بعيد الإنتاج الحربي، وإنتاج أول طلقة مصرية، مع تكريم رموز الدولة، لكن ما وراء التكريم والاحتفال بعيد أول طلقة مصرية الكثير من الحكايات، فلم يكن أمر صناعتها يسير على الإطلاق.
يكفي معرفة أن العمل لتصنيع أول طلقة مصرية احتاج أكثر من 15 عاما، توقفت خلالها المحاولات أكثر من مرة سواء بسبب الحرب العالمية الثانية، أو الضغط البريطاني على مصر، والحصار الاقتصادي والعسكري عليها.
ظهرت الفكرة لأول مرة مع ارتفاع حدة التوترات في العالم بين دول الحلفاء والمحور، ووجود تسريبات عن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن بلاده – المصدر الوحيد للذخيرة المصرية- على وشك الدخول في حرب مشتركة مع فرنسا ضد اجتياحات هتلر في أوروبا، وبالتالي فإن حصارا اقتصاديا وعسكريا قد يحدث على مصر.
ومن هنا بدأت وزارة الحربية في طرح فكرة إنشاء قاعدة للصناعات الحربية مع الاستعانة بالخبرة الإنجليزية، وإنشاء مصنع صغير للأسلحة تكون نواته البندقية لي انفيلد 303، وشكلت الوزارة لجنة احتياجات للبحث عن شركات تبدأ العمل وسط تلك الظروف إلا أن الحرب وأدت كل الأحلام وتوقف العمل.
لم يكن توقف العمل فقط بسبب انشغال الدول الكبرى وشركاتها بالحرب لكن ساهم توجه الحكومة والملك حينذاك بالحد من الإنفاق على الجيش في ذلك التوقف، وهو ما ظهر خطأه في 1948 عند قيام حرب فلسطين.
ساد التوتر بين مصر وإنجلترا وحرم الاحتلال الجيش من احتياجاته الضرورية من الأسلحة والذخيرة، فضلا عن فرضه حظر إبان الحرب الفلسطينية مما أوقعه في حبائل سماسرة السلاح الأجانب الذين صدروا إليه أسلحة وصفت فيما بعد بالفاسدة.
وتختلف المصادر التاريخية بين ما يؤكد أن الأسلحة كانت فاسدة بشكل تام ولا تصلح لخوض الحرب، وبين ما يذكر أن الفساد الذي وقع في عملية الأسلحة ماليا فقط، لكن سواء كان الفساد ماليا أو غير ذلك فإن نتيجة النكبة فجرت الشعور الوطني بضرورة الحاجة إلى قيام الصناعة الحربية المصرية.
ومع قيام ثورة يوليو التي ركزت على تقوية الجيش كأحد أهدافها الست الرئيسية، بدأت في إنشاء لمصانع الحربية بهدف تصنيع الذخائر والمفرقعات والأسلحة المختلفة، وفي 23 أكتوبر 1954 أنتج مصنع 27 الحربي أول طلقة مصرية لتكون باكورة أعمال الصناعة العسكرية في مصر والتي تعددت فيما بعد وشملت معدات عسكرية ثقيلة أخرى.
ولم يرد تاريخيا حول أول المعارك التي استخدمت فيها الطلقات المصرية لكن في الوقت ذاته فإنها لعبت دورا حاسما في حروب 1956 وأكتوبر 1973 والتي أكدت حتمية تطور الصناعة وتوفير الذخائر المحلية للجيش.
مصدر