شقيق الرئيس جمال عبد الناصر يروي شهادة نادرة عن دعم مصر للثورة الجزائريةقصة سفينة الأسلحة المصرية التي ضبطها الجيش الفرنسي وأسر طاقمها قوة مصرية جزائرية اقتحمت السجن.. حررت الأسرى وهربتهم إلى القاهرة
لم
تكن الباخرة تحمل هذا الاسم بل كانت تعرف باسم سانت بترنيلز وكان قد تم
شراؤها من المدعو البرس البريطاني في لبنان سنة 1957 وتم تسميتها بالاسم
الجديد أتوس.
وفي مطلع هذا الصيف بعد مرحلة الشتاء الطويل
التي لم يحدث فيها من الجديد سوى وصول بعض السفن الجديدة المشتراه سرا من
روسيا حيث أن السلاح البحري لم يكن يملك سوى بعض السفن البريطانية
المتهالكة الموروثة من العصر الماكي.
وبينما كان القطبان أو
النقيب خالد جالس في يوم من أيام هذا الصيف الحار بمنزله صباح يوم الجمعة
يستعد للذهاب إلى شاطئ جليم لقضاء بعض الوقت مع أصدقائه من ضباط البحرية
فوجئ بأحد ضباط القيادة يحضر إليه على غير العادة.
أبلغه
بأنه مطلوب فورا إلى قيادة القوات البحرية في رأس التين وبسرعة ارتدى
ملابسه وانسحب بهدوء مع المقدّم بحرى أحمد فتحي واستقلوا السيارة... وبدأت
الأسئلة لكن لم يحصل على أي رد وهكذا مضت السيارة على الكورنيش متوجهة إلى
القاعدة البحرية وهم بملابس مدنية على غير العادة، انتابه القلق الشديد
فهذه المرة الأولى التي يصادفه فيها هذا الموقف الغريب خصوصا الصمت
والتكتم الشديد الذي لاقاه من قائده المباشر أحمد فتحي.
وظلت
السيارة تقطع الطريق مسرعة حتى أفاق من التفكير ليجد نفسه أمام بوابة
القاعدة البحرية واستمرت السيارة تسير إلى أن توقفت أمام مبنى قائد السلاح
البحري اللواء سليمان عزت وزاد القلق والحيرة مع عدم الفهم لما يجري ويحدث
وانفتح الباب ودخل المقدم أحمد فتحي وخلفه سار القبطان خالد إلى أن وصلا
سويا إلى مكتب اللواء سليمان عزت وهنا طلب منه أن ينتظر في السكرتارية بعض
الوقت بينما دخل هو إلى مكتب اللواء سليمان عزت مباشرة، ومرت خمس دقائق
طويلة وكأنها خمس ساعات حتى عاد إليه العقيد أحمد فتحي ليدخلا سويا إلى
مكتب قائد البحرية وبعد أن أعطى التحية العسكرية وهو بملابس مدنية في وضع
انتباه طلب القائد منه أن يجلس، حيث وجد في المكتب بعض الضيوف لم يسبق
معرفته بهم، وهنا بدأ المبادرة بالحديث من المقدم أحمد فتحي... هذا هو يا
فندم الضابط الذي أرشحه للمهمة المطلوبة من القوات البحرية وملفه الذي
يرشحه لذلك خاصة أنه كان من أوائل دفعته وحاصل على العديد من الدراسات
البحرية والفرق المتخصصة، وبدأ قائد البحرية يتكلم بصوت هادئ متحمس يا
خالد إن ملفك يرشحك لمهمة ليست بالسهلة وهي مليئة بالأخطار والمجازفة وأنا
أعتقد أنك كفء لها بعد حديث قائدك المباشر أحمد فتحي عنك فأنت مرشح لقيادة
اليخت أتوس إلى الشاطئ الغربي للمستعمرة الفرنسية الجزائر في مهمة سرية لا
يجب أن يعلم عنها أحد شيئا مهما كانت درجة قرابتك به وكل ما نستطيع قوله
أنك ذاهب في بعثة دراسية إلى روسيا أما تفاصيل الرحلة فستعرفها من مندوب
المخابرات العامة.
ولاحت ابتسامة صغيرة من الجالس فقد كان هو
حمدي الديب أحمر الوجه ممتلئ الجسم من ضباط الثورة المهمين والمسؤول عن
مكتب دعم الثوار في الجزائر، وبدأ الضابط حمدي الديب حديثه.
إن
الجزائر أرض عربية تستعمرها فرنسا منذ أكثر من مائة عام ونحن هنا كثورة من
مبادئها العربية والإسلامية مساعدة إخوة العروبة والدين واللغة (الشعب
الجزائري) حتى ينال استقلاله وحريته كاملة وهنا فإننا نقدم الدعم المادي
والسلاح إلى الثوار والمسؤولية الملقاة عليك أن تحمل شحنة من السلاح وبعض
المتطوعين الجزائريين المدربين في مصر إلى الساحل الجزائري، حيث يتم
إسقاطهم على الساحل ليلا وحيث سيكون في الانتظار بعض رفاقهم هناك في يوم
معين وساعة محددة والآن فأنا أمنحك الفرصة للتفكير، فإما أن تقبل بهذه
المهمة الصعبة أو ترفض، لك الخيار الحر.
ولم يحتاج خالد إلى
وقت للرد فكان جوابه السريع أن أي مهمة تطلب مني لا بد من تنفيذها مهما
كانت الصعاب والمشاق وأنا جاهز لما يطلب مني وعاد السيد حمدي الديب مكملا
حديثه.
إن السفينة التي ستقودها ترسو الآن على رصيف يسمى
برصيف السلاح التشيكي ولسوف تتحرك إلى الرصيف الشرقي وهناك تقف على أنها
سفينة شحن بضائع عادية إلى أن يتم وصول عربات السكة الحديدية تحمل الشحنة
العاشرة بعد غد مساء من القاهرة تحت إشراف زميلي عزيز سليمان وستحمل
السفينة معك طاقم أفراد لاسلكي واثنين من المعاونين مما سبق لهم العمل في
الأسطول التجاري، وهم على صلة بالمخابرات العامة ويعملون لحسابها ...
إضافة إلى مجموعة جزائرية.
والتقط اللواء سليمان عزت طرف
الحديث مكملا "إن أمامك ثمان وأربعين ساعة لكي تكون جاهزا ومستعدا
ومتواجدا هنا، حيث تلتقي بالرفاق والطقم الذي سيرافقك في هذه الرحلة ومن
هنا تنطلقون إلى السفينة، حيث تقف على الرصيب أين تقف السفينة في حراسة
رجال المخابرات وحيث يكون الجميع هنا قبل وصول الشحنة بعدة ساعات للقيام
بالعمل اللازم قبل الإبحار.
وأخيرا ومن الآن وحتى الساعة صفر
لا تتحرك من منزلك وتستعد للسفر، وكما أفهمك أنت مسافر لروسيا لمرافقة
سفينة تم شراؤها إلى الموانئ المصرية (هكذا تقول للجميع)".
وأعطى
النقيب خالد التمام والتحية العسكرية ومضى خارجا من مكتب القائد البحري
ليستقل السيارة مع قائده المقدم أحمد فتحي إلى منزله في جليم ومر الوقت
سريعا خلال الثماني والأربعين ساعة الباقية على الانطلاق من الإسكندرية
إلى الجزائر.. كان على خالد أن يشرح لخطيبته ولأصدقائه ولأسرته أنه تلقى
أمرا بالسفر إلى روسيا وأنه يغيب شهرين أو ثلاثة هناك وبدأ في ترتيب
حقائبه وما يحتاج إليه من ملابس، وفي اليوم التالي كان قد تسلّم جواز سفر
جديد مزيف يحمل الجنسية اللبنانية ومبلغ من المال، وفي هدوء وسرية كاملة
ودّع خالد كل ما له به صلة في الإسكندرية من أماكن وأشخاص، وأخيرا أخذ
يستعد منذ الصباح الباكر حتى كانت الساعة الرابعة ظهرا فيستقل السيارة من
السلاح البحري بملاية عسكرية بعد أن ودع والديه وخطيبته الوداع الحار ومضت
السيارة على طريق الكورنيش في طريقها إلى مكان التجمع في قيادة القوات
البحرية، وأخيرا وصلت السيارة إلى القيادة حيث مكتب العمليات ليتلقى
الأوامر لكل ما هو مطلوب من العقيد وفيق حسني في إدارة العمليات، وأخذ
العقيد وفيق يقدمه إلى المجموعة المرافقة معه فهذا القبطان أحمد وزميله
إبراهيم رفاق الرحلة.
أما المجموعة الجزائرية فستصل برفقة
القطار إلى ميناء الشحن مباشرة ومعهم صناديق الأسلحة وهي مكونة من مجموعة
مدافع خفيفة وصناديق ذخيرة، إضافة إلى معدات وملابس ضفادع بشرية لتفجير
السفينة تحت الماء إذا تطلب الأمر هذا... وأخيرا حملت السيارة الرفاق
الثلاثة في ملابس مدنية إلى الرصيف البحري، حيث تقف السفينة بعد أن استبدل
خالد ملابسه برفقة إبراهيم وأحمد معاونيه في الرحلة، ليبدأ الكشف عن
الماكينات والمعدات اللاسلكية لهذه السفينة التي هي أقرب إلى اليخت البحري
منها إلى السفينة التجارية.
وهكذا تم استلام السفينة من
مخابرات القوات البحرية ولم يكن غريب بها سوى بحار من أصل روماني يعمل على
السفينة كفني ماكينات وكان الوحيد الذي بقي على السفينة بعد شرائها من
لبنان وإن ظلت تحمل بعد بيعها الجنسية الإنجليزية كنوع من التمويه، ولم
يكن هذا الروماني يعلم بنوع وحقيقة المهمة الموكلة إليهم وكان يتحدث
العربية المكسرة ولكنه لم يكن يجيدها ولقد انتابه الذعر للأسف الشديد فيما
بعد حينما وجد نفسه وسط عملية تهريب سرية وفهم فورا بعد ما شاهد من
إجراءات عسكرية أن مهمته تهريب سلاح إلى الجزائر المستعمرة الفرنسية وبدا
عليه الانهيار الكامل، لكنه عاد إلى الهدوء بعد أن تم إقناعه بسهولة
العملية بسبب ترتيبات الأمن السرية التي تمت بها كل التقديرات، كما حصل
على وعد بمنحه مبلغا كبيرا من المال بعد إتمام نقل الشحنة إلى الثوار
الجزائريين في مكان الإنزال المتفق عليه، إضافة إلى أن رفع العلم
البريطاني على ظهر السفينة لن يعرضها للتفتيش من السفن الحربية الفرنسية
التي تجوب الساحل الجزائري والمهم... وصل القطار في الساعة المتفق عليها
مساء يوم 3 أغسطس 1957 بعد إخلاء رصيف الشحن البحري من أي مدنيين حتى يتم
نقل السلاح إلى السفينة بداية من الساعة الحادية عشرة مساء.
ولقد
استغرقت عملية نقل الصناديق من القطار إلى السفينة بواسطة لوريات عسكرية
ساعات طويلة من الوقت ولقد وصل مع القطار السيد حمدي الديب وعدد من ضباط
المخابرات وحينما أصبح كل شيء جاهز جاء الدور على المتطوعين الجزائريين
الذين وصلوا مع القطار بكامل سلاحهم من معسكرهم في حلوان بالقاهرة بأسماء
كودية رمزية وتقدموا إلى سلم السفينة الجاهزة للسفر إلى أعالي البحار
وتقدم رئيسهم أولا لمصالحة النقيب (يوزباشى) خالد وكان يتكلم العربية
بصعوبة ولكنه كان يجيد الفرنسية بطلاقة وتبعه سبعة من الرجال، حيث أعدت
لهم غرفتان في السفينة للإقامة بها طوال الرحلة في البحر، وفي النهاية صعد
كبار المسؤولين لتحية رجال السفينة بحرارة شديدة والدعاء لهم بالسلامة في
مهمتهم وقرؤوا جميعا الفاتحة وبدأت السفينة في التحرك تصحبها بعض اللنشات
المسلحة التابعة للقوات البحرية إلى عرض البحر عند أول ضوء من النهار،
وهكذا شقت السفينة طريقها على أساس وصولها إلى الساحل الجزائري يوم 13
أكتوبر كان يقودها النقيب خالد ويساعده القبطان أحمد وإبراهيم يتبادلان
القيادة، وهكذا مرت الأيام الثلاثة الأولى بسلام فلم تتعرض السفينة إلى
أية متاعب خلالها وكان البحر هادئ والسماء صافية والليالي قمرية، وكانت
المجموعة الجزائرية تلتزم الصمت ويقضون معظم الوقت في مراجعة الخرائط
والاطمئنان على صناديق الصلاح، وفي اليوم الرابع بدأت المتاعب، حيث حدث
عطل في غرفة الماكينات واضطر القبطان خالد رضوان إلى اللجوء إلى أقرب
ميناء في جزيرة صقلية لإصلاحها وظلت هناك يومين كان ممنوع خلالها كنوع من
السرية مغادرة السفينة لأكثر من ساعات قليلة حتى تم الإصلاح المطلوب،
والوحيد الذي تأخر لأكثر من مرة طويلة هو البحار الروماني الذي كان يعود
ورائحة الخمر تفوح من فمه ولقد كان من الممكن اللجوء إلى جزيرة مالطة لكن
الخوف من الوجود الفرنسي والبريطاني بها وكشف مهمة السفينة جعلها تبتعد عن
الساحل الإفريقي قدر الإمكان وبعد إصلاح الماكينات في السفينة أخذت طريقها
إلى الساحل الجزائري على أن تكون تمام اليوم الرابع عشر من الشهر في
المكان المحدد لها، وكانت قيادة القوات البحرية تستقبل إشارات لاسلكية من
السفينة لتقوم بتحويلها إلى المخابرات العامة في القاهرة والتي كانت على
اتصال بقيادة الثوار الجزائريين في داخل الجزائر مع التنسيق معهم استعدادا
لتسليم الشحنة برفقة المجموعة الجزائرية، ومضت الأيام وكان القبطان خالد
مشغولا في أمور السفينة وقليلا ما كان يذهب بتفكيره إلى الإسكندرية وإلى
أسرته وخطيبته التي كان يحبها كثيرا، وبدأت الاستعدادات لليوم المحدد حسب
الخطة واجتمع رجال المقاومة الجزائرية مع القبطان خالد رضوان لرسم خطة
إنزال السلاح في ذات الليلة، حيث يتم تبادل الإشارات الضوئية مع الرجال
المنتظرين على الشاطئ الجزائري في المنطقة الغربية رغم أن أمواج البحر
كانت عالية وظلت السفينة تقترب رويدا رويدا حتى لاحت من بعيد على الشاطئ
الإشارات الضوئية المرسلة من رجال الثورة الجزائرية وساعتها أخذ الجميع
يتبادل الأحضان والقبلات ماعدا البحار الروماني الذي كان مرتبكا لسبب غير
معروف، وبدأت المجموعة الجزائرية في النزول إلى الشاطئ أولا كمقدمة
للاستكشاف وتأمين الطريق بواسطة القوارب المطاطية. وما أن وصلت المجموعة
إلى الشاطئ حتى كانت المفاجأة.
لقد وجدت السفينة أتوس نفسها
في خليج كاب داجوا وهي منطقة الإنزال غرب الجزائر محاطة بعدد من اللنشات
المساحة الفرنسية إضافة إلى طراد كبير كان يقف في عرض البحر وبدأت
الإشارات اللاسلكية والضوئية تطلب التسليم من القبطان المصري الذي رفض
وسارع حسب الخطة الموضوعة بإنزال الطاقم المصري كله إلى قارب مطاط في
البحر كان آخر المغادرين بعد أن أشعل النيران في داخل السفينة قرب مخازن
الذخيرة كي تنفجر ولا تقع في يد البحرية الفرنسية وكان آخر ما حمله معه
وهو يهم بمغادرة السفينة المصحف وصورة خطيبته ووالديه وهناك على الشاطئ
فقد استطاعت المجموعة الجزائرية أن تفتح لنفسها ثغرة في الطريق إلى الجبال
بمعاونة المقاومة الجزائرية المسلحة، أما القبطان خالد رضوان ومعه
المجموعة المصرية التي تبلغ السبعة خلافا البحار الروماني فقد وقعت في يد
القوات الفرنسية التي أحاطت بالمنطقة وكان السؤال؟ كيف تسربت الأخبار إلى
الفرنسيين رغم السرية التي أحاطت بالعملية من البداية.
ولقد
تكشفت فيما بعد أنه خلال رسو السفينة في صقلية، فإن البحار الروماني وخلال
الساعات القليلة التي قضاها على الشاطئ في أحد البارات كشف السر وهو مخمور
لأحد عناصر المخابرات الفرنسية المتواجدة في صقلية التي سارعت بنقلها إلى
المستويات عليا بالمخابرات الفرنسية وتم إعداد الكمين للسفينة المصرية
(أتوس) على الساحل الجزائري.
وفي القاهرة كان السيد حمدي
الديب ينتظر على أحر من الجمر إشارة معينة من داخل الجزائر تخبره بنجاح
العملية وطال الانتظار لمدة خمسة أيام وبدأ القلق ينتابه وكانت المفاجأة
الكبرى في اليوم السادس، حيث وصلت إشارات لاسلكية عبر المقاومة الجزائرية
على الحدود الليبية الجزائرية تفيد بوقوع السفينة في كمين فرنسي وبعدها
بيوم بدأت وكالات الأنباء العالمية تذيع الأخبار عن المركب أتوس واحتجاز
طاقمه في الأسْر، وكان الخبر صدمة للجميع وفي المقدمة المسؤول الأول عن
العملية الصاغ حمدي الديب الذي انهارت أعصابه لكن في اليوم التالي طلب
إليه التوجه إلى مجلس الوزراء كي توجه من القيادة العليا له كلمات طيبة
مشجعة رفعت من معنوياته، حيث قيل له لماذا أنت زعلان هكذا... هل أنت متخيل
أن كل العمليات لا بد أن تنجح... أنها أول مركب يقبض عليها من أصل ثماني
سفن ولا بد أن تكون واقعيا خاصة وأننا نجحنا في تهريب عدة مراكب من قبل
ولا بد من أن تقوم بعملية تهريب جديدة صباح غد وحتى لو قبض عليها فهذا شيء
طبيعي يجب ألا يؤلم أو يهز أعصابنا لأن الذي يشتغل في العمل السري لا بد
من أن يتوقع النجاح أو الفشل. هكذا كان رد القيادة المصرية على فرنسا
عنيفا ولإشعارها أن الاستيلاء على المركب أتوس لم ولن يوقف عمليات تهريب
للثوار في الجزائر إلى أن يخرج الاستعمار الفرنسي منها ويتحقق استقلالها.
وفي الإسكندرية كانت قيادة القوات البحرية مشغولة بما حدث للطاقم المصري
وأحدث الخبر صدمة على أسرة النقيب خالد وخاصة خطيبته بعد وقوعه في الأسر
وساد الحزن أفراد العائلة وأصدقاءها لكن خلال خمسة شهور كانت أجهزة
المخابرات التابعة للثورة الجزائرية تراقب السجن المعتقل فيه طاقم السفينة
المصري وتمد الحكومة المصرية بكل المعلومات عن هذا السجن من حيث الرسومات
والصور والموقع وحجم القوة الفرنسية التي تتولى حراسته، وكانت المعلومات
تصل إلى مصر من خلال السفارة المصرية في طرابلس من مبعوث الثوار
الجزائريين وهكذا تم وضع خطة تقوم بها قوات كومندوز مصرية بالتعاون مع
ثوار الجزائر للهجوم على السجن وتحرير المعتقلين وتهريبهم إلى ليبيا ومنها
يتم تسفيرهم إلى مصر بمساعدة السفارة المصرية والقوى الشعبية الليبية،
وفعلا وصلت القوة المصرية متنكرة في ثياب مدنية إلى ليبيا وتم اختراق
الحدود الجزائرية في ظلام الليل للانضمام إلى مجموعة من الثوار الجزائريين
ومعهم الرسومات والمعلومات الكاملة كما تم تجهيز الأسلحة والسيارات
المخصصة للعملية. وفي إحدى الليالي تم اقتحام السجن وتحرير المعتقلين
المصريين بعد معركة شرسة مع الحراس الفرنسيين ليسقط في العملية شهيد
جزائري وتعود القوة المصرية بسلامة إلى ليبيا وبمساعدة السفارة المصرية
والقوى الشعبية الليبية تمت إعادة المصريين إلى مصر بعد تقسيمهم إلى
مجموعتين كنوع من التمويه والحذر.