أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
استعادت المناضلة الجزائرية زهرة ظريف بيطاط ذكريات مرت عليها أكثر من 60 سنة، بدأت فيها النضال السياسي والعسكري ضد الاستعمار الفرنسي، من خلال تقديم كتابها "من داخل معركة الجزائر" في العاصمة الأميركية واشنطن. أمام جمهور معظمه من الطلبة والباحثين الأميركيين، قدمت ظريف كتابها الذي ترجمه إلى الإنكليزية أندرو فاروند، والذي تضمن أهم المراحل التي عاشتها المناضلة منذ طفولتها إلى المشاركة الفعلية في حرب تحرير الجزائر.
يحمل المؤلف الجديد لظريف العديد من التفاصيل حول معركة الجزائر، التي قررت من خلالها جبهة التحرير الوطني نقل معاركها إلى المدن، وبالتحديد إلى الأحياء الأوروبية. تقول المناضلة الجزائرية إن الفرنسيين الذين بلغ عددهم في منتصف خمسينيات القرن الماضي 2.5 مليون، كانوا يعيشون في أحياء راقية ومناطق آمنة، في الوقت الذي كان فيه الجزائريون يعانون من "وحشية الاستعمار الفرنسي في الأرياف والقرى". وتضيف أن إمكانات المقاومين الجزائريين كانت شبه منعدمة في المدن، الأمر الذي دفع قادة الثورة آنذاك إلى التفكير في استراتيجية لنقل العمل الثوري إلى المدن، وتحديدا إلى الأحياء الأوروبية.
كانت ظريف واحدة ممن وقع عليهن الاختيار لتنفيذ مثل هذه العمليات من خلال وضع قنابل في أماكن يقصدها الفرنسيون في الأحياء الأوروبية بالعاصمة الجزائرية. وجدت ظريف ورفيقاتها سهولة كبيرة في الولوج إلى هذه الأحياء دون أن تلفتن الأنظار. "كنا نشبه الأوروبيات كثيرا في ملامحنا وطريقة لباسنا. طلبنا من مسؤولينا في الثورة أن يكلفونا بمهام داخل الأحياء الأوروبية وهو ما تم فعلا".
النضال المبكر
تتذكر ظريف بكثير من التفاصيل دورها في "معركة الجزائر". قدمت العديد من الأحداث في كتابها، إلا أنها روت بعضها للحضور في مركز ويلسون في واشنطن. كانت المناضلة في المدرسة الابتدائية، وكانت لها صديقة فرنسية تدعى روزلين غارسيا. تقول ظريف إنها تتذكر جيدا عندما ظهرت نتائج الاختبارات النهائية للانتقال إلى المرحلة الإعدادية.
نجحت زهرة ظريف في الامتحانات بينما رسبت صديقتها روزلين. هذا الحدث لن يمر بسهولة وستكون له تأثيراته في حياة المناضلة الجزائرية. تقول ظريف إن صديقتها الفرنسية غضبت كثيرا ليس لأنها لم تنجح في الامتحانات النهائية، وإنما لكون ظريف تفوقت عليها رغم أنها لم تكن فرنسية. وتضيف "فكرت مليا في كلام صديقتي الفرنسية وتأكدت وقتها وفي مرحلة مبكرة بأنني مهما فعلت ومهما حققت من نجاحات فإنني لن أصبح في نظر الفرنسيين واحدة منهم". حاولت ظريف الرفع من معنويات صديقتها. "قلت لها لا تخافي من والدتك بل قولي لها إن العرب هم من اكتشفوا الحساب والرياضيات لذلك نجحت زهرة ورسبت أنا".
كانت هذه الحادثة نقطة تحول في حياة ظريف. ومع مرور الوقت بدأت تقرأ كثيرا لتقف عند الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عنها. "اكتشفت من خلال اطلاعي أنني لست جزائرية في بلدي كما أنني لست فرنسية وإنما أنا من فصيلة الفرنسيين المسلمين الذين ليسوا من نفس درجة الفرنسيين". وتضيف المتحدثة أن الأوضاع المزرية التي كان يعيشها الجزائريون والأساليب الوحشية التي كان يستخدمها الفرنسيون ضد الجزائريين "جعلتنا نشعر بواجب الثورة في داخلنا في سن مبكرة".
العلاقات مع أميركا
تأمل ظريف في أن تتجاوز النسخة الإنكليزية من كتابها حدود المنطقة المغاربية وفرنسا لتصل إلى مناطق أخرى من العالم، وخصوصا إلى الولايات المتحدة. وتعتقد المناضلة أن الجزائر بعد الاستقلال بقيت منغلقة على نفسها نوعا ما. "بقينا في فضاء مغلق، وزاده تعقيدا مسألة اللغة، حيث أننا كنا لفترة طويلة نعتبر الفرنسية اللغة العالمية الأولى، غير أن الأوضاع تغيرت الآن لصالح الإنكليزية". وتابعت قائلة "أتمنى أن تساهم النسخة الإنكليزية في توضيح الرؤية لدى الأميركيين حول الجزائر وتاريخها، مما يدفع إلى توطيد العلاقات بين البلدين". وتقوم الكاتبة بجولة في عدد من المدن الأميركية لتقديم كتابها باللغة الإنكليزية، حيث ستشمل الجولة بالإضافة إلى واشنطن، نيويورك وبوسطن.