- اس 500 كتب:
اهلا منجاوي،
حسب ما اضن فانك تعيش في امريكا، هل يمكنك و حسب ما اكتسبته من معرفة و ثقافة هناك ان توجز لنا من هي الاطراف التي تدعم اسرائيل داخل المجتمع الامريكي (طوائف مسيحية، عرقيات، اليهود) و لماذا صرح بايدن الكاثوليكي حول اسرائيل و اهميتها بهذا الشكل في الماضي، علماً ان اسرائيل لا تملك لا اهمية استراتيجية جغرافية او اقتصادية لا حاضراً و لا مستقبلاً، في منطقة بعيدة كل البعد عن الجغرافيا الامريكية! و يمكن تعويض موقعهم بواسطة اي دولة من دول المنطقة مثل الاردن، قبرص، تركيا او مصر.
حسب معلوماتي فان الطائفة الانجيلية و قسم كبير من اليهود يشكلون اللوبي الصهيوني في داخل امريكا، لكن العجيب هو قوة هذا اللوبي و حجم تاثيره الكبير! فالإنجيليين تعدادهم يقارب 80 مليون من اصل 330 مليون امريكي اما اليهود او نصف اليهود فلا يزيد عددهم عن 10 ملايين.
كيف يتقبل بقية المجتمع الامريكي ما يفرضه هذا التيار ذو العقيدة الدينية علي سياسة دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة؟ و ما هي طرق تسويق ذلك لدافعي الضرائب؟
كيف يتم تسويق دعم اسرائيل و اهميتها هناك، و لماذا اصبح دعم اسرائيل جزء من السياسة الخارجية.
(اعتذر عن التطفل ان وجد)
تحياتي صديقي،
بشكل عام المواطن الامريكي لا يهتم كثيرا بالسياسة. و يهتم اقل بالسياسة الخارجية. و هو يعرف ما تأتي به الاخبار و وسائل التواصل. و بالتالي فوجود اقلية في المجتمع منظمة قد تكون قادرة على تغيير الرأي العام الامريكي في اتجاه معين.
الصهاينة في امريكا منظمين جدا. و عندهم تمويل جيد و مؤسسات. و من اوجه الاشتباك كالتالي:
1. اي مقال في الصحف الرئيسية يتم مراجعته و الاتصال مع هيئة التحرير و ابلاغها ان المقال كان (منحازا) ضد اسرائيل. و لو كان مشكلة في صحفي معين يتم الشكوى عليه و التنقيب خلفه لمحاولة فصله. نفس الحال مع الاساتذة الجامعيين. و يساعد ايضا وجود الكثير من اصدقاء الصهيونية في مجالس ادارة وسائل الاعلام. و لهذا تجد تغطية اخبار القتال في غزة تستخدم لغة غريبة مثل:
"حماس تطلق 20 صاروخ على اسرائيل و سقوط 50 قتيل في غزة بسبب العنف". لاحظ حرصهم على ذكر اسم حماس. بينما 50 واحد قتل في غزة بسبب العنف.
2. اي سياسي يرغب بالترشح لأي منصب في الكونجرس او الشيوخ او حتى كونجرس الولاية. يتم الاتصال به من قبل اصدقاء اسرائيل. و يشرحوا له القضية و يعرضون عليه التبرع لحملته - احيانا مبالغ لا تتجاوز بضعة الوف - مقابل موقف مؤيد لاسرائيل. فقط تصريح تضعه على صفحتك للويب تكون كافية. و يستمر التشبيك و التنسيق عندما تفوز و هكذا. مثلا جو بايدن يعرف نتنياهو معرفة شخصية من 40 سنة.... تخيل؟ حتى لو اراد ان يقف ضده، سيكون مختلفا عن شخص لا تعرفه.
3. حملات اتصال بمكاتب اعضاء الكونجرس ضد اي قرار يجرم اسرائيل.
4. قرارات في كثير من الولايات تجرم حملات المقاطعة ضد اسرائيل
5. محاولة التشبيك مع الجالية اليهودية في امريكا - القوية. حيث من حق كل امريكي يهودي الذهاب الى اسرائيل في رحلة لمدة اسبوع مجانا - طبعا بغسلون دماغهم فيها.
مؤتمرات لدعم اسرائيل تعقد بشكل سنوي في امريكا و يتم دعوة كبار السياسيية للذهاب لها. و يتم دعوة الكونجرس لزيارة اسرائيل بشكل سنوي.
كل هذا يجعل السياسي الامريكي - العادي - متأكد ان اي كلام ضد اسرائيل سيسبب له مشاكل و وجع رأس هو في غنى عنه. هو يريد ان يخدم الناخب الامريكي و يريد ان يكسب الانتخابات التالية. و كل الشرق الاوسط على بعضه لا يهمه كثيرا. و لو سمع 20 مكالمة تلفون من دائرته الانتخابية انهم يريدون دعم اسرائيل فسوف ينفذ هذا
و هنا كسبت اسرائيل بسبب وجود طبقة متعلمة و غنية من داعميها. و هذه الطبقة تملك نفوذ واسع في الاعلام و التعليم و السياسة. و مواجهتها يحتاج وقت و تنظيم و اموال.
المشروع الصهيوني له داعمين كثر في الولايات المتحدة لكن هذا الدعم في اغلبه يرتكز على تسويق مصلحة معينة. مثلا حين نشأت اسرائيل في البداية، كان هناك تيارات في السياسة الامريكية: هل نقف مع اسرائيل و نخسر العرب؟ في حرب 1948 لم تكن الحكومة الامريكية منحازة بشكل مهول لاسرائيل. لكن الدول الاوروبية وقفت معها بقوة لأنها وليدة مشروع استعماري اوروبي.
في الخمسينات و الستينات جرى تسويق اسرائيل على انها مشروع تقدمي، دولة يبنيها شعبها من لاشيء في الصحراء بين اناس متوحشين - زي امريكا. يعيشون على الارض و يزرعون منها و يبنون دولة عدالة اجتماعية. هذا الكلام يمكن تسويقه مع الاحزاب التقدمية - مثل الحزب الديمقراطي و الاحزاب اليسارية الغربية و الحزب الشيوعي الروسي. و هنا نجد جيل كامل مثل بايدن و بيلوسي الذين يتعاطفون مع هذه الفكرة. و على فكرة في هذه الفترة كان الجمهوريين فاتريين مع الاسرائيليين.
اهم شيء حصل كان حرب 1967. حين افهمت اسرائيل امريكا، انها - الراجل بتاعها - في الشرق الاوسط. و انها هي التوازن الطبيعي للأنظمة التقدمية العربية التي تعاونت مع الروس مثل عبد الناصر و النظام السوري. و هنا صار دعم اسرائيل ضرورة استراتيجية امريكية: حليف موثوق. قادر عسكريا. غير مكلف ماديا (بدون قواعد عسكرية امريكية او جنود على الارض). و هذا الدعم لا يزال موجودا طالما اسرائيل ليست عبىء كبير على السياسة الامريكية. مثلا لا توجد دولة عربية تقول لأمريكا يا انا يا اسرائيل. و بالتالي الامريكي لا يجد اي وجع دماغ في دعم اسرائيل. كل الدول العربية تشتري سلاح امريكي. و تتعامل مع امريكا و هذا من ايام الملك سعود في الخمسينات.
مع بروز التيار الديني اليميني في امريكا. وجدها اصدقاء اسرائيل فرصة لتسويق هذا البلد لأتباع هذ التيار. و من هنا نجد الانجيليين.
كله تسويق و علاقات عامة و لعب سياسة على اعلى مستوى. مع رأي عام لا يهتم كثيرا و لا يعرف كثير من تفاصيل الموضوع. هذا غير اللعب على فكرة ان اسرائيل بلد نشأ من ارض يباب، مثلما حصل مع امريكا.
منذ بضعة سنوات بدأت الامور تتغير:
الجالية الصومالية في مينيسوتا عملت تغيير كبير. اولا اختاروا اول عضو كونجرس مسلم - ايام بوش الابن. كيث اليسون. رغم انه شخص واحد. لكن تجد الفارق انه ذهب لقطاع غزة بدل زيارة اسرائيل فقط. و هذا اغضبهم. و كان دعمه للقضية رغم انه شخص منفرد. قويا لأنه يمثل قاعدة انتخابية موالية للفلسطينيين و هذا كان مطلبها. كيث الان مدعي عام في ولاية مينيسوتا و لا شك سيترشح لمنصب اعلى في المستقبل.
بعدها تم انتخاب الهان عمر من مينيسوتا للكونجرس الامريكي. و ايضا صوت واضح في دعم الفلسطينيين. تصريحات مشارع قرارات ظهور اعلامي. و معها ايضا رشيدة طليب اول عضو كونجرس من اصول فلسطينية من مشيغن.
رشيدة عملت مناورة سياسية بأنها ارادت الذهاب للضفة الغربية لزيارة جدتها. و رفضت اسرائيل السماح بالزيارة مما اوقع الديمقراطيين - حلفاء اسرائيل - في حرج: هذه ممثلة للشعب الامريكي و اهانتها يعني اهانة للولايات المتحدة. وصدرت تصريحات من الكونجرس تدين هذا التصرف الاسرائيلي - من اصدقاء اسرائيل.
ايضا من نائبة - بيتي مكورمك - من ولاية مينيسوتا صدر مشروع قرار يطالب وزارة الخارجية بالتحقق من ان اسرائيل لا تستخدم الاموال الامريكية في اعتقال الاطفال الفلسطينيين. طبعا القرار لم يصل حتى للمناقشة خارج اللجنة لكن دعم مسودة القرار اكثر من 20 عضو كونجرس. مرة اخرى, شجاعة سياسية تبين ان الامور بدأت تتغير قليلا. العرب و المسلمين في امريكا بدأوا ينخرطون في الحياة السياسية الامريكية و صار لهم وزن في بعض الولايات و الدوائر الانتخابية. في الينوي مثلا يوجد جالية فلسطينية و شامية قوية. 4 من نواب هذه الولاية في الكونجرس يدعمون اي قرار لمصلحة الشعب الفلسطيني و بل شاركوا في بعض المظاهرات التي جرت في شيكاغو
من نيويورك، رئيس لجنة السياسة الخارجية في الكونجرس. كان داعما لاسرائيل 100% اخر 20 سنة. نزل ضده مرشح يدعم القضية الفلسطينية. و بعد معركة انتخابية نزل فيها المال الصهيوني بقوة خسر رئيس اللجنة السياسية مقعده!
التحالف التقدمي الحالي: من السود و داعمي حقوق الاقليات و اليهود الذين يرفضون ظلم الفلسطينيين و يؤمنون بحل الدولتين بدأ يحقق نجاحات مهمة جدا جدا. و لكن لا يزال الطريق طويل. اسف على الاطالة :)