أعلنت الصين مؤخرا تعيين مبعوث خاص للقرن الأفريقي. قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مؤتمر صحفي عقد في مومباسا يوم 6 يناير "لمشاركة التوافق السياسي وتنسيق الإجراءات ، ستعين الصين مبعوثًا خاصًا لوزارة الخارجية الصينية للقرن الأفريقي".
جاء إعلان وانغ خلال جولة أفريقية شملت كينيا ، التي تبذل جهودًا دبلوماسية لوقف الحرب في إثيوبيا وإريتريا ، والتي لعبت دورًا واضحًا ومفتوحًا في دعم الحكومة الإثيوبية في حرب تيغراي ، وجزر القمر.
برزت الصين مؤخرًا كلاعب رئيسي في المنطقة ، بعد أن أعربت عن دعمها لاستكمال سد النهضة الإثيوبي الكبير.
كان هذا واضحًا في خطاب المندوب الدائم للصين لدى الأمم المتحدة ، تشانغ جون ، خلال الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن الدولي في 8 يوليو 2021 ، الذي قال إنه من خلال الجهود المشتركة ، يمكن استكمال السد بطريقة تعزز ثقه متبادلة.
حطم خطاب تشانغ آمال مصر في محاولة كسب الصين في دعم موقفها في مجلس الأمن ضد الإجراءات الأحادية لإثيوبيا.
في غضون ذلك ، لم تطرح الصين أي مبادرات لحل النزاع على مياه النيل على الرغم من وعود وانغ خلال زيارته للقاهرة فور انتهاء جلسة مجلس الأمن في 18 يوليو 2021 ، في محاولة للوصول إلى حل يلبي مصالح أطراف نزاع سد النهضة.
في أحدث تحرك دولي بشأن أزمة سد النهضة ، أصدر مجلس الأمن بيانًا رئاسيًا في سبتمبر 2021 ، دعا فيه المراقبين الذين حضروا المفاوضات التي قادها الاتحاد الأفريقي ، وغيرهم من المراقبين الذين قد ترغب مصر والسودان وإثيوبيا في ذلك. تشمل الاتفاق على دعم المفاوضات بهدف حل المشكلات الفنية والقانونية العالقة.
ومع ذلك ، منذ إصدار البيان ، لم تقترح الصين بعد أي مبادرة لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث.
وعلى الرغم من جمود الموقف الدولي تجاه الخلاف حول سد النهضة ، فقد شهدت الأشهر الأخيرة زيادة في التوتر في إثيوبيا وتدخل إريتريا ، وتصعيدًا للأزمة السياسية في السودان. قد يدفع هذا الصين إلى لعب دور أكثر فاعلية لحماية مصالحها في المنطقة ومنع الانزلاق إلى أي صراعات إقليمية.
اتخذت الصين عدة مواقف داعمة لحكومة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد رغم الإدانة الدولية لنظامه منذ الحرب على منطقة تيغراي.
استخدمت الصين حق النقض لوقف أي إدانات أو عقوبات من مجلس الأمن ضد إثيوبيا. كما عارضت إصدار بيان لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى إنهاء العنف في منطقة تيغراي المحاصرة في إثيوبيا في مارس 2021. وأرادت الصين التركيز فقط على الوضع الإنساني في المناطق الإثيوبية المتأثرة بالمواجهات العسكرية بين القوات الفيدرالية الإثيوبية. الجيش وقوات تحرير تيغراي الشعبية ، دون التطرق إلى العنف الذي تمارسه السلطة الإثيوبية في منطقة تيغراي.
كما عارضت الصين العقوبات الأمريكية على إثيوبيا. قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في سبتمبر 2021 إن بلاده تعارض الضغط العشوائي من خلال التهديد بفرض عقوبات. ودعا الولايات المتحدة إلى التعامل بحكمة مع القضايا المتعلقة بإثيوبيا والقيام بدور بناء في استعادة السلام والاستقرار في إثيوبيا.
ووعد وانغ خلال زيارة لإثيوبيا في ديسمبر بأن بلاده ستدعم حليفها بينما تلتزم بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول عندما يتمكن الإثيوبيون من حل النزاع في بلادهم بأنفسهم.
ورحبت إثيوبيا بمواقف الصين الداعمة لقضيتها العادلة. ووصفت الصحف الإثيوبية مواقف الصين في مجلس الأمن ، الداعمة لإثيوبيا ضد التحركات الأمريكية ، بأنها متسقة للغاية من حيث فهمها للصراع في إثيوبيا وحلوله.
قال صلاح حليمة ، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية ، لـ "المونيتور": "المبعوث الصيني المرتقب إلى المنطقة قد ينجح في تقديم حلول توافقية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة".
وأوضح أن علاقات الصين مع الدول الأفريقية تتميز بقدر كبير من القبول [من تلك الدول تجاه الصين] ، فهي ليست من القوى الاستعمارية السابقة في إفريقيا. كما تتعامل الصين مع الدول الأفريقية على أساس سياسة الشراكة التي تأخذ في الاعتبار ظروف وظروف الدول من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون التدخل في شؤونها الداخلية ".
وقال حليمة: "المصالح الاستراتيجية للصين في القرن الأفريقي ستدفعها للعب دور ، خاصة مع زيادة التوترات السياسية في معظم الدول الأفريقية من السودان والصومال إلى إثيوبيا وإريتريا".
وأشار إلى أن كل هذه التوترات في المنطقة ستدفع اللاعبين الإقليميين الرئيسيين لردع أي تهديد جديد للأمن الإقليمي نتيجة الإجراءات الأحادية لإثيوبيا في سد النهضة والتي قد تضر بالأمن المائي لمصر والسودان. هذه هي القضايا التي من المتوقع أن يعالجها المبعوث الصيني ".
وأضاف حليمة: "الضغوط الاقتصادية من الجهات الإقليمية قد تكون من بين الأوراق الأكثر أهمية لكسر الجمود في الموقف الإثيوبي ، خاصة مع تطورات الأزمة الأمنية والسياسية في إثيوبيا والتهديدات التي تؤثر على مصالح الشركاء الدوليين منذ بداية الحرب على تيغراي ".
وتابع: إذا أرادت الصين إطلاق مبادرة حقيقية ، فسيتعين عليها تقديم طلب للوساطة أو تقديم الدعم من خلال الاتحاد الأفريقي لتكون من بين المراقبين الدوليين المعنيين بمسار المفاوضات بشأن سد النهضة. لكن هذا المسار لا يزال مجمداً نتيجة الموقف الأحادي المستمر لإثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع ".
بخصوص توقيت وفعالية تعيين مبعوث صيني إلى القرن الإفريقي وأثر هذه الخطوة في زعزعة الأمور في ملف سد النهضة قال أحمد عسكر الباحث في شؤون إفريقيا والقرن الإفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية في حديث لـ "المونيتور" ، يمكن قراءة تعيين مبعوث صيني إلى القرن الأفريقي في سياق تعزيز نفوذ بكين السياسي في المنطقة وتحقيق توازن مع الدور الأمريكي في المنطقة. إن نجاح المبعوث الصيني في تسوية صراعات المنطقة سيعزز نفوذ الصين الدولي والإقليمي على حساب واشنطن ".
وأضاف عسكر: "لا أعتقد أن بكين ستتصدى لأزمة سد النهضة في الوقت الحاضر لسببين. تتصدر أزمة تيغراي المشهد الإثيوبي وربما الإقليمي في القرن الأفريقي. والسبب الآخر هو الهدوء النسبي لتطورات سد النهضة منذ جلسة مجلس الأمن في يوليو 2021 ".
وأضاف: "لدى الصين سياسة براغماتية بحتة لأنها تسعى إلى الحفاظ على علاقة قوية مع طرفي الصراع في سد النهضة. وتعتبر إثيوبيا بوابة إلى شرق إفريقيا ولديها العديد من الاستثمارات هناك. تعد القاهرة أيضًا شريكًا مهمًا لبكين في شمال إفريقيا وبوابة مهمة إلى إفريقيا. لذلك ، تلتزم الصين بسياسة محايدة بين الجانبين ، تسعى من خلالها للحفاظ على مكاسبها ومصالحها الاستراتيجية.
وتابع عسكر: "يجب ألا نعتمد على دور فاعل للصين ، خاصة مع موقفها في جلسة مجلس الأمن [يوليو 2021] ، والذي لم يكن مشجعًا لمصر ، إلا إذا رفعت القاهرة المخاطر في حالة الإضرار بالمصالح المصرية. وهذا قد يضغط على القوى الدولية ، وخاصة الصين ، ويدفعها للضغط على إثيوبيا أيضًا ، بحثًا عن تسوية من شأنها تجنيب المنطقة موجات عدم الاستقرار التي تهدد المصالح الدولية الاستراتيجية ".
al-monitor
موضوع: الصين تعين مبعوثا للقرن الأفريقي 
السبت 22 يناير 2022 - 11:39
