تستخدم روسيا صواريخ فرط صوتية أيضا خلال حربها في أوكرانيا. ويرى خبراء أن هذه الصواريخ تتميز عن التقليدية بأنها سريعة للغاية ويصعب اعتراضها ورصدها من قبل أنظمة الرادار، مقارنة بالصواريخ الباليستية التقليدية.
في التاسع من مارس/ آذار الجاري، تعرضت أوكرانيا لأحد أعنف الهجمات الروسية التي شهدتها منذ بدء الحرب في فبراير/ شباط العام الماضي حيث شنت روسيا هجمات طالت أهدافا في جميع أنحاء أوكرانيا. وأفادت وزارة الدفاع الأوكرانية بأن روسيا استخدمت في هجماتها صواريخ فرط صوتية.
وقال مسؤولون في أوكرانيا إن تسعة مدنيين على الأقل قتلوا خلال الهجمات الصاروخية التي استهدفت العاصمة كييف ومدن أخرى بما في ذلك خاركيف شرق البلاد وقرى في منطقة لفيف غرب البلاد.
ولا يعد هذا أول استخدام روسي لصواريخ من نوع الأسلحة الفرط صوتية في حرب أوكرانيا. حيث استخدم الجيش الروسي هذه الصواريخ في الأسابيع الأولى من الحرب. لكن ما هي ميزات الصواريخ الفرط صوتية؟ وما الفارق بينها وبين الصواريخ الباليستية التقليدية؟
عندما كشفت روسيا عن الصواريخ الفرط صوتية لأول مرة عام 2018، وصفها الرئيس فلاديمير بوتين بأنها "سلاح لا يُقهر". قد يكون هذا الوصف من قبيل الدعاية الروسية لمحاولة تخويف خصوم الدب الروسي، غير أن ما قاله بوتين فيه شيء من الصحة. هذا النوع من الصواريخ مختلف عن الصواريخ الباليستية التقليدية، بامتلاكه قدرة كبيرة على تفادي محاولة اعتراضه وإسقاطه من قبل أنظمة الدفاع الجوي الأرضية، نظرا لسرعته وطيرانه على مستوٍ منخفض.
تستطيع الصواريخ الفرط صوتية الطيران بمعدل أسرع ما بين خمس إلى عشر مرات من سرعة الصوت، أي من 5 إلى 10 على مقياس ماخ. لكن من الصعب تحديد الفارق بينهما بسبب عدم وجود رقم ثابت لسرعة الصوت، لأن الأمر يعتمد على متغيرات تتمثل في الوسيط ودرجة حرارة الوسط الذي يتحرك من خلاله الجسم أو الموجة الصوتية.
ولكن للمقارنة، فإن طائرات كونكورد التجارية، تطير بمعدل يبلغ ضعف سرعة الصوت، وتصل سرعتها القصوى إلى 2180 كلم في الساعة، أي 2,04 على مقياس ماخ، وهو رقم يمكن من خلاله قياس سرعة هذا النوع من الصواريخ الروسية بضعف سرعة الكونكورد على الأقل ثلاث مرات.
وتتنوع هذه الصواريخ الروسية الجديدة بين عدة أصناف. الصنف الذي استهدف المستودع الأوكراني اسمه "كينجال" بالروسية، ويعني "الخنجر" ويبلغ طوله ثمانية أمتار.
ويقول بعض الخبراء إن هذه الصواريخ تطير بسرعة 6 آلاف كلم في الساعة، أي 5 ماخ، فيما يرفع آخرون الرقم إلى 9 أو حتى 10 ماخ، وبسبب هذه السرعة لا تستطيع أنظمة الرادار رصدها بشكل واضح.
وفي ذلك، أشار خبراء عسكريون في موقع Military الأمريكي، إلى أنه في كلا الحالتين فإن "ضغط الهواء أمام هذه الصواريخ يشكل سحابة بلازما خلال التحليق تعمل على امتصاص الموجات اللاسلكية". وهذا يجعل من الصعب رصد صواريخ "كينجال" الروسية وغيرها من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على أنظمة الرادار.
وثمة عامل آخر يميز الصواريخ فرط صوتية يتمثل في قدرتها على التحليق على ارتفاع منخفض على خلاف أنظمة الصواريخ الباليستية. حيث تتبع هذه الصواريخ مسارا منخفضا في الغلاف الجوي، ما يعني أنه عندما تتمكن الأنظمة التقليدية للدفاع الجوي من رصدها، فإنها تكون قد اقتربت بشكل كبير للغاية من أهدافها. وفي كثير من الحالات يكون قد فات الأوان لاعتراضها وتكون قد دمرت الهدف. علاوة على ذلك، يمكن للصواريخ الفرط صوتية تغيير مسارها أيضا.
ويتم إطلاق هذه الصواريخ من الجو وغالبا من مقاتلات من طراز "ميغ-31"، لكن يمكن إطلاقها من على متن السفن والغواصات فضلا عن قدرتها على حمل رؤوس نووية أيضا.
صاروخ مثل "كينجال" يمكنه أن يضرب أهدافا بعيدة عن نقطة انطلاقه بألفي كلم حسب التأكيدات الروسية، ولكن بشكل عام فإن الصواريخ من هذه النوعية يمكنها أن تصل إلى مدى ألف كلم. وفي كلتا الحالتين، تمثل هذه الصواريخ خطرا كبيرا على الدول القريبة من روسيا.
ويشير خبراء إلى أنه بنصب روسيا لهذه الصواريخ في منطقة كالينينغراد الروسية المحاذية لبولندا وليتوانيا وبحر البلطيق، فإن هذا سوف يجعل العديد من العواصم الأوروبية بما فيها برلين التي تبعد عن كالينينغراد بـ600 كلم، في مرمى هذه الصواريخ.
لكن موسكو قد لا ترغب في استخدام هذه الصواريخ بشكل عشوائي وفق خبراء، كما أنه ليست موسكو الوحيدة التي تطور صواريخ مماثلة. إذ ذكر تقرير صدر عن الكونغرس أن الولايات المتحدة في مراحل متقدمة من تصنيع هذه الصواريخ إلى جانب الصين وألمانيا واليابان والهند وأستراليا.
وأمام اللجنة الفرعية لشؤون القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، قال الجنرال غلين فان هيرك، قائد القيادة الشمالية في الجيش الأمريكي، في مايو/ آيار الماضي إن روسيا تواجه "تحديات في استخدام الصواريخ الفرط صوتية فيما يتعلق بدقتها في أوكرانيا".
DW