انظروا، إدارة بايدن تفرض عقوبات على اليميني المتطرف بنزي غوبشتين ومنظمة ليهافا، بعد أسابيع قليلة من فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين.
في ظاهر الأمر، تعتبر هذه التدابير مهمة تعكس التغيير في مقاربة الولايات المتحدة تجاه رموز الاحتلال والمستوطنات والفصل العنصري.
كما تخطط الحكومة الأمريكية لفرض عقوبات على كتيبة نيتساح يهودا، التي ارتبط اسمها بعدة حوادث عنف شديدة ضد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة وكان أشهرها مقتل عمر عبد المجيد أسعد، 80 عاماً، وهو مواطن أمريكي، بعد أن اعتقله جنود من الكتيبة وقاموا بتكبيله ثم ضربه وتكميم فمه وعصب عينيه وإلقائه على الأرض ثم تركوه ليموت مستلقيًا على وجهه.
تهدف هذه الإجراءات إلى إظهار الطريق الذي يجب أن تسلكه إسرائيل إذا أرادت الاستمرار في التمتع بالشرعية الدولية والحماية الخاصة التي تتلقاها من أفضل صديق لها في العالم، الولايات المتحدة.
إنها تمثل السبيل لوضع حدود على إسرائيل، بالمعنى الحرفي والمجازي باعتبارها ديمقراطية تحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان داخل أراضيها السيادية، وليست مشروعًا للاستيطان والنهب والفصل العنصري خارج الخط الأخضر.
تتوافق هذه التحركات أيضاً مع إصرار أميركا المفترض على ضرورة موافقة إسرائيل على إجراء مناقشات جادة بشأن "اليوم التالي" في غزة والعودة إلى المفاوضات نحو حل الدولتين.
لكن القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة باستخدام حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوصي بقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة غير واضح.
وقال نائب السفير الأمريكي روبرت وود لمجلس الأمن إن حق النقض "لا يعكس معارضة إقامة دولة فلسطينية بل هو اعتراف بأن ذلك لن يأتي إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين".
وهذا تفسير إشكالي، فهو يعبر عن موقف يغذي رفض إسرائيل لأي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية ويرتبط ارتباطاً وثيقاً برفضها حل الدولتين ورغبتها في ضم كافة الأراضي المحتلة دون منح الجنسية للفلسطينيين الذين يعيشون فيها.
إن محاولة تصوير طلب الفلسطينيين للحصول على عضوية الأمم المتحدة كبديل للمفاوضات بين الطرفين هو مناورة إسرائيلية لأنه لا يوجد تناقض بين الاثنين، كما أن إسرائيل لا تتخذ أي خطوة قد تبدو وكأنها تدفع إلى الأمام المفاوضات المباشرة مع الشعب الفلسطيني، الذي ترفض الاعتراف بالنيابة عنه من جانب واحد.
لقد امتنع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن جميع المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمدة 15 عاما منذ 2009 وبذل كل ما في وسعه لإحباط جهود وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري للتوصل إلى اتفاق في عهد إدارة أوباما وبالتالي، ليس من الواضح على الإطلاق سبب احتضان الولايات المتحدة للمعارضة الإسرائيلية لخطوة تعزز الحل الدبلوماسي المنشود ولا يوجد سبب لعدم الاعتراف بدولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل بينما نعمل في الوقت نفسه على إجراء مفاوضات تهدف إلى تحقيق حل الدولتين.
هذه هي الطريقة الوحيدة التي سيكون فيها فرصة لنجاح اي حل.
افتتاحية صحيفة هاآرتس الإسرائيلية