شكلت احداث اليمن اخيرا، وانعكاساتها الاليمة على الحدود اليمنية السعودية، محورا اساسيا في الاهتمامات الجيوسياسية الاقليمية والدولية، ولا بد من القاء الضوء بموضوعية على هذا الحدث المهم، من حيث البداية، وتطور العمليات العسكرية، والخاتمة التي يأمل الجميع ان تكون خاتمة سعيدة دائمة لما فيه خير اليمن والمملكة العربية السعودية والجوار القريب والبعيد.
فالجمهورية اليمنية الممتدة على الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية، مرت بمراحل متعددة. وكانت في الاساس منقسمة الى دولتين الى ان توحدت عام ١٩٩٠ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. لكن المجموعات الاسلامية الاصولية لم تكن راضية على الاطلاق، وعارضت بشدة هذه الوحدة، والحكم المدني، وتقليد الغرب.
وخلال حرب الخليج عام ١٩٩١ ساندت الجمهورية اليمنية العراق سياسيا، مما ادى الى قيام المملكة العربية السعودية والكويت بطرد حوالي مليون يمني عادوا الى بلدهم، اضيف اليهم مليون يمني عادوا من الصومال. كل هذا تسبب بارتفاع قوي لمعدل البطالة، وارتفاع نسبة التضخم والضيقة المعيشية، وبالتالي عدم الارتياح وتنامي العدائية الشعبية.
اما الرئيس اليمني علي عبدالله صالح فقد صمد في الحكم منذ العام ١٩٧٨، رغم المحاولات المتعددة لانهاء حكمه، والنشاطات الانفصالية شبه الدائمة، بالاضافة الى الحرب الاهلية التي اندلعت عام ١٩٩٤، بين شمال وجنوب اليمن.
تجدد الاهتمام الاميركي باليمن بعد احداث ١١ ايلول"سبتمبر ٢٠٠١، وسعت الولايات المتحدة الى تعاون الجمهورية اليمنية في مكافحة الارهاب، لانها تعتقد ان اليمن يمكن ان يصبح مرتعا وملاذا لاكبر عدد من عناصر القاعدة بعد افغانستان.
ومع هذا، ورغم كل المشاكل والمعاناة، حققت اليمن تقدما ملموسا منذ الوحدة عام ١٩٩٠. لكن الصعوبات المتمثلة بانتشار الفقر والسلاح، وتواجد عناصر القاعدة، والخلافات مع الانفصاليين الجنوبيين، زادت من حدة الصراعات السياسية والقبلية والمذهبية.
لذلك فان نظريات التدخل الخارجي الدائم في اليمن، يجب ان لا تصرف الانتباه عن العوامل الداخلية المتعددة التي ادت وتؤدي الى حرب متقطعة ولكنها قاسية دوما، وآخرها التحدّي الجدّي الذي تواجهه البلاد منذ اندلاع الصراع في محافظة "صعدة" الشمالية منذ عام ٢٠٠٤ وحتى الان، والذي سنتكلم عنه بشيء من التفصيل.
حرب صعدة
بدأت حرب صعدة نتيجة الصراع بين الحكومة اليمنية والثوار الحوثيين. ومع الوقت اصبحت اكثر تعقيدا وخطرا مع التخوف من ان تتحول الى حرب مذهبية بين الشيعة الزيديين، والسنّة الشافعيين. هذا بالاضافة الى تزايد العاملين على مسرحها ومنهم القبائل المحلية، ومجموعات اخرى من اهالي "صعدة"، كما وامكانية تدخل عوامل خارجية. واتسع الصراع الى مناطق مجاورة، حتى وصل عام ٢٠٠٨ الى مشارف العاصمة صنعاء.
قامت دولة قطر بمساع جدية لوقف اطلاق النار عامي ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ نجحت جزئيا مع بقاء خطر الاشتعال. وخلال تلك المرحلة تم اعتقال آلاف الاشخاص، وتشرد ونزح آلاف الناس، بالاضافة الى مصرع عدد كبير من الضحايا. وطيلة تلك المرحلة التي دامت اربع سنوات، تبين ان الاسرة الدولية بشكل عام لم تقدر بما فيه الكفاية خطورة الصراع الدائر في محافظة صعدة ومحيطها ومدى انعكاس الامر على التوازن السياسي والطائفي والاجتماعي في اليمن. وبالتالي فان النار بقيت تحت الرماد، وجذور الحرب المتجدّدة بقيت حيّة، ومعظمها تحت عنوان الثورة ضد الحكومة اليمنية وتحالفها مع الغرب. وخلال تموز"يوليو ٢٠٠٨ اعلن الرئيس علي عبدالله صالح فجأة نهاية الحرب من طرف واحد بمناسبة الاحتفال بمرور ثلاثين سنة على استلامه مقاليد الحكم، لكن الحرب المتقطّعة لم تتوقّف بالطبع، كما لم تتوقف الحركات الانفصالية في الجنوب، ولا الشبكات الارهابية. لذلك فالهدنة المرجوة كانت قصيرة الاجل.
وكانت هذه الحرب قد بدأت اساسا بعد عملية للشرطة كان هدفها اعتقال العضو السابق في البرلمان اليمني حسين بدر الدين الحوثي. لكن من اهم جذورها واسبابها الدفينة، ما حصل عام ١٩٦٢ عندما وضعت الثورة اليمنية حدّا لنظام الامامة الذي دام اكثر من الف عام. وبالتالي وخلال الحرب الاهلية التي تبعت، كانت صعدة هي المعقل الرئيسي للمعارضة. ومنذ ذلك الحين تعرضت تلك المنطقة للاهمال والتهميش، وعاد البعد المذهبي الى الساحة من جديد. وادى العنف والدمار الحاصل الى تنامي الحقد والكراهية بين الطرفين.
تجدد القتال وامتداده الى الحدود اليمنية - السعودية
وخلال صيف ٢٠٠٩ تأجج القتال من جديد بين الجيش اليمني والحوثيين، وزاد عنفا وضراوة. فأعلنت حكومة صنعاء نهاية اتفاق الدوحة وبعث الرئيس اليمني علي عبدالله صالح برسالة الى امير قطر. وخلال آب"اغسطس ٢٠٠٩ زار الرئيس اليمني اللواء ٢٩ من الحرس الجمهوري، وتحدث الى ضباطه وجنوده لتحفيزهم على القتال، وطالبهم بحسم المعركة عندما يلتحقون بالوحدات المقاتلة في المنطقة الشمالية الغربية، علما ان طائرات سلاح الجو ستساندهم بقوة. كما اعلن الرئيس علي عبدالله صالح عزمه على تطهير كل مديريات صعدة، سعيا لاعادة الاستقرار.
كانت الحكومة اليمنية قد حددت ستّة شروط من اجل وقف العمليات العسكرية، اهمها ان يلقي الحوثيون السلاح ويبادروا الى الاستسلام. بينما طالب الحوثيون بالعودة الى اتفاق الدوحة الذي وقّعه الطرفان في قطر! وبعد شهر على اندلاع المعارك مجددا، زار امين عام الجامعة العربية عمرو موسى اليمن للنظر في ما يمكن ان تفعله الجامعة العربية للمساعدة في معالجة الاوضاع والوصول الى وقف اطلاق النار. واعلن خلال مؤتمره الصحافي عن ترحيب الرئيس علي عبدالله صالح بالحوار السياسي مع القوى السياسية اليمنية في الداخل والخارج، تحت سقف التزام الوحدة، ولمعالجة الاشكالات التي تواجه اليمن في صعدة.
يبدو ان جهود الامين العام لم تتوصل الى وقف اطلاق النار. فقد تواصلت المواجهات العسكرية الدامية في محافظتي صعدة وعمران وتابعت مقاتلات سلاح الجو شن غاراتها على الحوثيين. وقد تخطّى الحوثيون الحدود اليمنية - السعودية، مما اضطر القوات السعودية الى التدخّل لوضع حد للتسلل وانتهاك اراضيها، وتمت عمليات الحسم العسكري بسرعة وفق ما اعلنه الامير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي خلال تشرين الثاني"نوفمبر ٢٠٠٩، مؤكدا ان "الحدود تم تطهيرها بالكامل، وان المملكة اوقفت ضرباتها الجوية ضد المتسللين شرط ان يتراجعوا عشرة كيلومترات داخل حدود اليمن". كما حذر "ان المنطقة العازلة المذكورة، ستكون معرضة للقصف اذا اقترب منها المتسللون". كما اكد الامير سعود الفيصل وزير الخارجية "ان الحادث المؤسف الذي تعرضت له الحدود السعودية، تمّت السيطرة عليه، وانتهى التعامل مع المسلحين الذين تسللوا الى الاراضي السعودية".
وبهذا الصدد اشار المعلقون السياسيون الى "ان السرعة في اتخاذ القرار والحكمة التي ابداها خادم الحرمين الشريفين، جنبت المملكة العربية السعودية التورط في حرب عصابات او استنزاف لا تحمد عقباها، نظرا لقرب القرى اليمنية والسعودية من الشريط الحدودي بين البلدين، والروابط الاجتماعية والقبلية التي تجمع ابناء الشعبين في تلك المنطقة". لكن الحوثيين اعلنوا اكثر من مرة، صدهم لهجمات الجيش السعودي على مواقعهم، بينما المملكة السعودية نفت صدقية هذه الادعاءات.
تصاعد الازمة اليمنية - الايرانية
من ناحية اخرى بدأت الازمة الدبلوماسية اليمنية - الايرانية تتصاعد، حين بدأت اليمن بتوجيه اتهاماتها الى بعض الحوزات الايرانية بدعمها المادي للحوثيين، ثم راحت بين الحين والاخر تطلق اتهامات خجولة الى ايران الدولة، بأنها تدعم الحوثيين بالمال والسلاح في حربهم ضد حكومتهم وجيش بلادهم. وقد ادت هذه الاتهامات الى اثارة بعض القوى السياسية المؤيدة للحكومة والجيش في اليمن، تمهيدا لقيام تظاهرات شعبية امام السفارة الايرانية في صنعاء تنديدا بالتدخل الايراني في حرب صعدة.
بهذا الصدد، وعلى ضوء الخبر الذي اصدرته وكالة VOA NEWS بتاريخ ٢٢"١" ٢٠١٠ تجدر الاشارة الى تصريح ادلى به الجنرال "دايفيد بترايوس" قائد القوات الاميركية في الشرق الاوسط، عندما تكلم في معهد الدراسات الحربية في واشنطن خلال كانون الثاني"يناير ٢٠١٠. فقد سأله أحد الحضور اذا كان يعتقد ان حرب الحكومة اليمنية ضد الحوثيين اصبحت حربا بالواسطة بسبب مساندة السعودية للحكومة اليمنية من جهة، ومساندة ايران للحوثيين من جهة اخرى. فرد "بترايوس" قائلا: "لم تصبح بعد حربا بالواسطة، ولكن يمكن ان تتحول الى حرب من هذا النوع، اذ هناك اشاعات عن دلائل تشير الى ذلك، لكننا نسعى الى دلائل اقوى".
اضاف الجنرال "بترايوس" انه كان قلقا من نمو الاعمال العسكرية في اليمن خلال اكثر من سنتين، وانه حين اصبح قائدا للقوات الاميركية في الشرق الاوسط منذ حوالي سنة ونصف السنة طلب من اركانه وضع خطة عسكرية لمساندة اليمن، وانه قام بزيارتين سريتين الى الجمهورية اليمنية، خلال السنة الماضية. الاولى اقتصرت فقط على حوار صريح ومنفتح حول الاوضاع. والثانية حصلت في تموز"يوليو ٢٠٠٩، وتميزت بالواقعية والموضوعية. ثم ذهب الى اليمن في زيارة اخرى في ٢ ك ٢"يناير ٢٠١٠، كان يفترض ان تكون زيارة سرية ايضا، "لكنه فوجىء بكاميرا التلفزيون تأخذ له صورا في مكتب الرئيس علي عبدالله صالح، الذي لم يظهر تحفظا في اخذ صور له مع قائد القيادة الوسطى الاميركية، معلنا ايضا ان السبب في وجودي هناك هو للكلام عن كيف يمكن مساندتهم، ومساعدتهم في موضوع التعاطي مع مسألة نموّ "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية".
وبعد تلك الزيارة اعلن الجنرال "بترايوس" مضاعفة المساعدات العسكرية لليمن لتصبح مائة وخمسين مليون د. أ.، لكن مسؤولين في "البنتاغون" اعلنوا ان الرقم النهائي لم يتحدد بعد.
وقف دائم لاطلاق النار ام هدنة مؤقّتة؟
مع نهاية العام الماضي اعلن المتمردون الحوثيون استعدادهم للحوار مع الحكومة اليمنية ان اوقفت الهجوم العسكري الذي تشنّه عليهم في شمال البلاد، منذ ١١ آب"اغسطس ٢٠٠٩، وذلك ردا على عرض قدمه الرئيس علي عبدالله صالح لاحلال السلام.
وفي اوائل شباط"فبراير ٢٠١٠ اعلنت الحكومة اليمنية جدولا زمنيا لوقف المعارك مع الحوثيين، في حال وافق المتمردون على تطبيق الشروط، وعلى احترام السيادة السعودية. وقال عبد الكريم الارياني مستشار الرئىس اليمني، انه "في حال القبول فان اللجنة الامنية العليا وضعت جدولا زمنيا لتطبيق هذه الشروط من جانب خمس لجان برلمانية، وقد تم ارسال الجدول عبر وسيط الى الحوثيين لتوقيعه، وفي حال تم التوقيع فان المعارك ستتوقف فورا". وقد اعلن الحوثيون الانسحاب من الاراضي السعودية، والقبول بشروط الحكومة اليمنية لوقف الحرب.
واكد المستشار الرئاسي، ان تطبيق الجدول الزمني يجب ان يبدأ بفتح الطرق بين حرف سفيان وصعدة، وبين صعدة والملاحيط في محافظة صعدة التي تشكل معقل المتمردين الحوثيين، الذين سيكونون ممثلين ايضا في اللجان البرلمانية التي تضم اعضاء في مجلس النواب والشورى.
وقال الارياني "ان احدى اللجان الخمس ستتولى جمع السلاح، وستكلف لجنة اخرى امر الحدود الشمالية على ان تضم ممثلين للسعودية التي خاضت مواجهات مع الحوثيين منذ اشهر عدة".
وعلى ضوء اعلان الحوثيين الانسحاب من الاراضي السعودية والقبول بشروط الحكومة اليمنية، اوضح الامير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، "ان على المتسللين سحب القنّاصة من كل مكان، واعادة المفقودين السعوديين الستة، وتأكيد وجود القوات اليمنية على الحدود بين حرس الحدود السعودي والقوات المسلحة اليمنية، بحيث تكون هذه القضايا برهانا على حسن نية الحوثيين المعتدين".
فهل سيتغلب الهدوء الآن على عوامل الفتنة؟
الاهتمام الدولي
يبدو ان دولا فاعلة بدأت تشعر جديا هذه المرة بخطورة الاوضاع في اليمن، حيث الحرب على المتمردين الحوثيين في الشمال تعدت حدود المعقول، وحيث التمزق ورغبة الانفصال في الجنوب تهدد وحدة اليمن، وحيث مراكز تدريب "القاعدة" وخلاياها في الوسط والشرق والجنوب لم تعد نائمة. كل هذا يضاف اليه تفشّي السلاح الفردي والقبلي في مدن اليمن وقراه، بالاضافة الى الفقر والعوز والامية!...
هذا ما جعل الحكومة البريطانية التي يرأسها "غوردن براون"، توجه دعوة لاستضافة مؤتمر دولي حول اليمن، كما ان الاهتمام الاميركي يتزايد منذ مدة. وفي اواخر كانون الثاني"يناير ٢٠١٠، اصدرت ايضا وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة UNHCR بلاغا اعلنت فيه ان المأساة الانسانية شمال اليمن قد تفاقمت، لان عدد المهجرين بسبب الصراع ارتفع الى حوالي ٢٥٠ الف نسمة، منذ العام ٢٠٠٤ وحتى الآن، اي ان عدد المهجرين تضاعف منذ آب"اغسطس ٢٠٠٩!... كما ان الصليب الاحمر الدولي حذر من اهمال النتائج الانسانية الخطيرة لهذا الصراع الذي حصل مؤخرا في اليمن.
وعلى صعيد آخر، رحّبت صنعاء في مطلع هذه السنة بالقرار الذي اتخذته بريطانيا والولايات المتحدة بتمويل قوات مكافحة الارهاب في اليمن، من اجل تعزيز جهود محاربة تنظيم القاعدة، وقال مسؤول يمني: "ان اي دعم او مساعدة تقدم لقوات مكافحة الارهاب في اليمن هو محل ترحيب".
وكان صدر بيان عن مكتب رئىس الوزراء البريطاني "غوردن براون" اكد فيه ان بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية قررتا تعزيز تحركهما ضد الارهاب في اليمن والصومال بعد محاولة تفجير طائرة الركاب الاميركية نهار ٢٥ كانون الاول"ديسمبر ٢٠٠٩.
وقد تعزز هذا الاهتمام الغربي في تلك المنطقة لا سيما بعد التسجيل الصوتي على الانترنت للرجل الثاني في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، المدعو سعيد الشهري المعروف "بأبي سفيان الازدي" الذي قال: "ان التحركات الدولية تجاه الوضع في اليمن، تبين لنا اهمية هذه الحرب العقائدية لعدونا وما تعني له جغرافية المنطقة، وخاصة البحرية منها". واشار الى "اهمية باب المندب الذي يفصل بين البحر الاحمر وخليج عدن والذي لو تم لنا باذن الله السيطرة عليه واعادته الى حاضرة الاسلام، لكان نصرا عظيما ونفوذا عالميا".
بالنسبة للاهتمام الدولي والدعوة الى مؤتمر دولي في لندن بشأن اليمن، فهناك من يعتقد ان مؤتمرات من هذا النوع لن تفلح في انتشال اليمن من مأساته ومصاعبه المتعددة في الشمال والجنوب والوسط، ولن يعيد اليه الاستقرار الثابت. فالمساعدات الاقتصادية والانسانية مفيدة دون شك. لكن اليمن بحاجة الى قواعد صلبة للتفاهم السياسي بين مختلف الاطراف. وفي هذا المجال يحتاج الامر الى اقتناع الدول العربية، وعلى رأسها دول الخليج، ان ما يجري في اليمن هو شرارة تهدد الامن الحيوي لهذه البلدان. كما يجب ان يدرك الجميع ان المشكلة اليمنية عصية على الحل بالحروب الدائمة المتنقلة في مختلف انحاء البلاد، بل بتوطيد وحدة البلاد، وضمان امنها، وتوفير الحد الادنى من التنمية والاستقرار. وهذا يحتاج الى حوار سياسي بين مختلف الاطراف يكون مدعوما من المجموعة العربية بصورة رئيسية، للوصول الى جمع الاطراف المتصارعة حول طاولة توافق وحوار.
توصيات صادرة عن هيئة الازمات الدولية في بروكسيل
من المفيد بعد كل ما سبق، الاشارة الى مجموعة توصيات صدرت العام الماضي عن هيئة International Crisis Group التي تبنت شعار "العمل للحد من الصراعات في مختلف انحاء العالم". وكانت قد اقترحت التوصيات التالية بالنسبة للمأساة اليمنية، نوردها بشيء من الاختصار.
١ - على الحكومة اليمنية والمتمردين، اتخاذ خطوات فورية لمنع تجدد الاعمال الحربية، وذلك بالانخراط في محادثات مباشرة، والموافقة على تشكيل لجنة للوساطة واعادة الاعمار. ولذلك المساعدة في تأمين العودة الآمنة للنازحين، والسماح بوصول المنظمات الخيرية ومنظمات حقوق الانسان الى المناطق المتأثرة بالحرب، بالاضافة الى الدبلوماسيين ورجال الصحافة.
٢ - على الحكومة اليمنية، اجراء مسح بالاضرار بمساعدة خبراء وطنيين ودوليين مستقلين، لتيسير توزيع التعويضات واعادة البناء. كما واطلاق المشاريع التنموية في محافظة صعدة والمناطق المتأثرة بالحرب. بالاضافة الى التوقف عن تجنيد ونشر الميليشيات القبلية وغيرها، واطلاق سراح السجناء المحتجزين في سياق الحرب، واعلان العفو عن المتمردين، ووقف الاعتقالات المتسرعة للصحافيين، ونشطاء حقوق الانسان والباحثين المستقلين. والحد من التوترات الطائفية، وتسهيل الحوار بين الطوائف.
٣ - على قادة التمرد، اطلاق سراح الجنود الحكوميين، والاشخاص الآخرين المحتجزين بسبب الحرب. وتوضيح المطالب السياسية كخطوة للتحول الى حزب او حركة سياسية شرعية، والقبول الواضح بسيادة الدولة في محافظة صعدة والمناطق الاخرى التي يتواجد فيها المتمردون.
٤ - على منظمات المجتمع المدني، توفير الدعم والمشاركة في عملية الوساطة، وتقييم الاضرار، وجهود اعادة البناء في مناطق الحرب. كما وتشجيع الحوار بين الحكومة وقادة المتمردين.
٥ - واخيرا على الحكومات المانحة الضغط على الطرفين لانهاء الصراع والمشاركة في جهود الوساطة. كما والتعهد بتقديم المساعدة لاعادة الاعمار وتطوير محافظة صعدة، كحافز للتوصل الى اتفاق سلام دائم. وعلى بلدان المنطقة التعهد بتقديم الدعم الدبلوماسي والمساعدة في مجالي التنمية واعادة الاعمار للمناطق المتأثرة بالحرب.
فهل يتغلب السلام هذه المرة على الحروب المتنقلة، وتعود السعادة الى اليمن؟
http://www.arabdefencejournal.com/article.php?categoryID=9&articleID=434