أكدت دراسة عسكرية لباحث أمريكي نشرتها مجلة الأكاديمية العسكرية الأمريكية لشهر أكتوبر الجاري أن الكيان الصهيوني يوجه أسلحته النووية باتجاه 60-80 هدفًا بينها العواصم العربية ومنشآت تسليحية مثل المفاعل النووي الجزائري والمفاعل النووي الباكستاني، وأشارت الدراسة أن الكيان الصهيوني يستطيع تهديد الأهداف في الشرق الأوسط ليس فقط بواسطة الصواريخ، بل وبقنابل نووية في قاعدة سلاح الجو الصهيوني "تل نوف" وفي منشآت خاصة أخرى تحت الأرض.
وتواكب الدراسة إعلان الكيان الصهيوني- ولأول مرة- عن تطويرها ثلاثة غواصات نووية كانت قد حصلت عليها "كإتاوة" من الحكومة الألمانية، والتطوير الذي حدث للغواصات الثلاثة أهلَّها لإطلاق القذائف النووية المختلفة من تحت سطح البحر، وأهمية الخبر لا تتعلق بالثلاث غواصات؛ لأنها في حيازة الكيان الصهيوني منذ أكثر من ثلاث سنوات، وإنما هو في إعلانها لأول مرة عن امتلاكها لسلاح نووي بعد مرات عديدة رفض فيها الكيان الصهيوني الاعتراف بأنه ينتج هذا السلاح، وقد علَّقت النشرات العسكرية الصهيونية نفسها- كما أذاع راديو وزارة الدفاع الصهيونية- على هذا التطوير بأن الغواصات الألمانية الثلاثة جعلت في ملك الكيان الصهيوني ثلاثة منصات متحركة لإطلاق صواريخ (كروز) الحاملة لرؤوس نووية، اثنتان منهم يتمركزان في البحرين المتوسط والأحمر، وأن مدى الصاروخ المنطلق من أي غواصة من الثلاثة يتراوح بين 900، 1300 كيلو متر، ومن ثم فهي تطول مصر وباكستان وإيران.
وقد أرجع الخبراء أيضًا أن نشر الكيان الصهيوني لخبر تزويد الغواصات الألمانية بصواريخ نووية يأتي في الوقت الذي يجري فيه وضع سيناريوهات صهيونية للقيام بتدمير المفاعلات الإيرانية، وهو ما أكدته مصادر في جهاز الموساد من أن رئيس الوزراء الصهيوني "أرييل شارون" كلف الاستخبارات الصهيونية بوضع خطط لضرب إيران، وأن أبرز السيناريوهات هو أن تقوم اثنا عشر مقاتلة حربية من طراز فانتوم 16 بالإغارة على المفاعلات الإيرانية وتدميرها بالكامل، وهو العمل الذي يقول الموساد إنه صعب لكن بالإمكان إنجازه.
والغواصات الثلاث تم إعادة تجهيزها باستبدال فوهات (توربيدو) ذات الحجم العادي البالغ 533 ملم بفوهات أكبر منها 650 ملم، حيث يكون بوسع غواصات (الدلفين) الإبحار لمسافة خمسة عشر ألف كم، والبقاء تحت الماء مدة تزيد عن أربعة أسابيع ويحمل كل منها عشرة صواريخ من طراز (توربيدو) و(هاربون) مزودة برؤوس نووية، ويبلغ مدى هذه الصواريخ المضادة للسفن 130 كم، وقد زودها الكيان الصهيوني برؤوس نووية لاستخدامها ضد أهداف في البلدان المجاورة، وقد عمل الخبراء الصهيانة، على تصغير حجم رؤوس صواريخ (هاربون) كي يصبح بالوسع إطلاقها من فوهات غواصات (الدلفين) كما تم تعديل نظام تسيير الصواريخ، وتقول التقارير إنه منذ أن قامت إيران في مطلع التسعينيات بنشر صواريخ (شهاب) بعيدة المدى فإن الجيش الصهيوني يعمل في تعزيز ترسانته النووية، ونقلها إلى البحر كي تصبح موجهة قبالة السواحل الإيرانية، ويقول خبير عسكري ألماني إن نجاح عملية تجهيز الغواصات الألمانية بفوهات تنطلق منها صواريخ مزودة برؤوس نووية يجعل من الكيان الصهيوني الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي بوسعها إطلاق صواريخ نووية من الأرض والجو والبحر.
وقد واكب هذا الإعلان الصهيوني ما يمكن أن نطلق عليه "ترويجا" لفيلم صهيوني وثائقي بعنوان "القنبلة النووية تحت القبو" ويحاول " الكيان الصهيوني " عرضه على العالم العربي من خلال المحطات التليفزيونية العالمية وتحديدًا الـ cnn ويظهر فيه رئيس الوزراء الأسبق "شيمون بيريز" مهندس الاتفاق مع فرنسا على بناء مفاعل ديمونة في عهد "ابن جوريون" ليقول للمشاهدين بتحد "نعم حصلنا على المفاعل بل وعلى ما هو أكثر.. اليورانيوم وأشياء أخرى".
وهو قول يحق "للذئب العجوز"- كما يلقب بذلك "بيريز"- أن يقوله ففي غفلة العرب أو تغافل حكامهم استطاع الكيان الصهيوني أن يمتلك سبعة مفاعلات نووية، أهمها مفاعل ديمونة الذي أسسه أول رئيس وزراء صهيوني "دافيد بن جوريون" عام 1957م بصحراء النقب بالاتفاق مع فرنسا، وقد سبقه في عام 1949م إنشاء معهد (وايزمان للأبحاث النووية)، والذي جرت فيه مبكرًا عدة محاولات لإيجاد طرق جديدة لإنتاج الماء الثقيل واستخلاص اليورانيوم من الفوسفات، وفي عام 1960م تم إنشاء مفاعل "ناحال سوريك" بالقرب من أسدود، بمساعدة أمريكية، ويعد هذا المفاعل من المفاعلات القادرة على إنتاج البلوتونيوم.
ويعتمد الكيان الصهيوني علي 11 موقعًا مختلفًا لتجارب وتجهيز الأسلحة النووية منها موقع "بالميكيم" للتجارب شمال سوريك، وهو مخصص لإجراء تجارب على الصواريخ النووية مثل صاروخ أريحا، وموقع "يوديجات" والخاص بتجميع الأسلحة النووية وتفكيكها، وموقع "كفار زكريا" والذي يعد قاعدة للصواريخ النووية ويحتوي علي ملاجئ تخزين للقنابل النووية، إضافةً لموقع في منطقة "عيلبون" شرق الجليل وهو مخصص لتخزين الأسلحة النووية التكتيكية الصهيوني، وهناك أيضًا موقع "بئر يعقوب" لبناء صواريخ أريحا ذات الرؤوس النووية.
كما أنها استطاعت تشييد عشرة مصانع كيميائية، وتعد حيفا وعكا من أكثر المناطق ذات النشاط الكيميائي الصهيوني؛ حيث تعمل شركة "حيفا كميكاليم" وشركة "وفرقاروم"، بينما تتركز صناعة الذخائر الكيميائية في منطقة "بتاح تكفا"، وتتركز صناعة الغازات السامة في منطقة "حولون" و"ريشون لتسيون"، كما أن هناك مصنعًا لغاز الأعصاب في منطقة تل أبيب.
وتشير الدلائل والمؤشرات إلي أن الكيان الصهيوني يمتلك ما بين (300- 400) رأس نووي بقدرات تدميرية متفاوتة، بما في ذلك القنابل النووية الحرارية.
الصواريخ البالستية:
ويؤكد الخبراء الاستراتيجيون أن الكيان الصهيوني هي الأكثر تقدمًا في المنطقة فيما يتعلق بتكنولوجيا الصواريخ البالستية، ويتوفر لديها صواريخ قصيرة المدى، وأنواع عديدة من القذائف الأخرى، ذات المدى القصير، ونوعان من الصواريخ ذات المدى المتوسط، وقد حصل الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة في منتصف السبعينيات على صاروخ من نوع (إم جي إم/52 سي/لانس)، إضافةً إلى صاروخ قصير المدى من طراز (مار- 290)، وقد اعتمد الكيان الصهيوني في بناء أول صاروخ بالستي لها (جاريكوا) على الصاروخ الفرنسي (داسو إم دي 660) وهو صاروخ متحرك وذو مرحلتين ويعمل بالوقود الصلب، حيث يبلغ مداه نحو 480 كم.
ومنذ عام 1986م تسعى الكيان الصهيوني لتطوير صاروخ بعيد المدى هو (جاريكو2)، وتم اختباره في مايو 1987م، وسبتمبر 1988م، وسبتمبر 1989م، وهناك تقارير تُشير إلى أنها قد نشرت فعلاً 100 من صواريخ (جاريكو 2)، وإن كان الكيان الصهيوني لم يعترف علنًا ورسميًا أنه يمتلك صواريخ بالستية، إلا أنه كشف عن قدرته على استخدام هذه الصواريخ بشكل عملي، حيث أطلق في سبتمبر 1988م قمره الصناعي التجريبي الأول (أفق- 1) وأطلق الثاني في أبريل 1990م، والثالث في إبريل 1995م، ثم أطلق قمره الصناعي التجسسي (أفق- 3) في نفس العام، و قد تم إطلاق جميع هذه الصواريخ عبر منصة (شافيت) وقد تم تقديم هذا الصاروخ إلى (ناسا) في عام 1990م، وهو مكون من ثلاث مراحل ويعمل بالوقود الصلب، ويمكن تطوير قدرات (شافيت) ليصبح صاروخًا بالستيًا قادرًا على حمل 1000 كج لمدى 4500 كم، ويمكن لـ"الكيان الصهيوني" أن يزود هذه الصواريخ برؤوس نووية.
وقد طورت في أوائل الثمانينيات الصاروخ (يريحا- 2) بمدى يتراوح بين (490) و(750) كم، وهو مخصص لرؤوس نووية زنة 450- 680 كج، ثم أتبعه بـ" يريحا- 3" وهو صاروخ ذو مدى يتراوح بين (800- 1400) كم، ويستطيع حمل رأس نووي زنة 750كج، ويجري العمل حاليا لتطوير صاروخ بمدى أبعد من مدى (يريحا- 3)، بعد أن اعتبرت إيران في صفوف دول المواجهة، إضافةً إلى ليبيا التي يرى الكيان الصهيوني أنه يمكن أن يمتلك قدرة نووية عن طريق الشراء، كما يمتلك الكيان الصهيوني عدة أنواع من الصواريخ البالستية، ومنها (لانس) قصير المدى الذي يمكن تزوده برأس نووي تكتيكي يصل إلى مسافة 1200 كم.
ويسعى كذلك إلى إدخال التقنيات المتطورة على كافة صنوف الأسلحة الجوية والبرية والبحرية، للإبقاء على التفوق النوعي على الدول العربية، هذا فضلاً عن التلويح بطرق مباشرةً على إمكانات استخدام سلاحها النووي في المستقبل والذي يمكن تحميله على الصواريخ البالستية.
الصواريخ الجوالة:
وبجانب الصواريخ البالستية يمتلك الكيان الصهيوني كَمًّا هائلاً من الصواريخ التي تطلق عليها اسم "الجوالة"، وهي التي يمكن حملها وإطلاقها من عربات خاصة قادرة على نقلها من مكان إلى آخر.
وهذه الصواريخ مضادة للصواريخ البالستية وأشهرها وأخطرها صاروخ (سكود 1)، وصاروخ (حيتس أو السهم)، وقد تم تطوير هذا الصاروخ مؤخرًا بالتعاون مع الولايات المتحدة وبإمكانه اعتراض صاروخ أرض- أرض، ويزن 52 طنًا، وبإمكانه أيضًا أن يحمل مواد غير تقليدية مثل النووية والجرثومية، وهناك أيضًا صاروخ (باتريوت) الأمريكي الصنع، والذي زودت واشنطن الكيان الصهيوني به منذ حرب الخليج عام 1990م لمواجهة صواريخ (سكود) العراقية، ويزن (باتريوت) عند الإطلاق حوالي 1000 كم، وأقصى مدى له حوالي 144 كم، كما زودته الولايات المتحدة بصاروخ «نوتيلوس» الذي يعمل على الليزر لمواجهة صواريخ (كاتيوشا) التي يستعملها (حزب الله) ضد الصهاينة، وزودته مؤخرًا كذلك بعشرة أنظمة سوبر كمبيوتر من طراز (geay- 2) التي ستقوم بتطوير الجيل الثاني من الأسلحة الصهيونية، وخاصةً أسلحة الدمار الشامل، إذ بإمكان هذا النوع من أنظمة الكمبيوتر تطوير قنابل نووية صغيرة ذات الأوزان واحد كج و2 كج و5 كج‚ و10كج و15كج.
القدرة النووية:
أما قوة الكيان الصهيوني النووية فقد حددها الخبراء مستعنيين بالدراسات والنشرات العسكرية العالمية بأنها حوالي 30 قنبلة زنة 8 كجم من البلوتونيوم " القنابل الهيدروجينية "، وما بين 300 إلي 400 رأس نووي (قنابل) وهي من النوع الصغير الذي لا يتجاوز زنته 2.5 كجم.
وقد استطاعت أن تضيف ثلاث قنابل سنويًّا إلى ترسانتها النووية ابتداءً من عام 1976م بالإضافة إلى أن هذا السلاح أصبح في متناول يديها من ناحية الاستخدام بعد توفر وسائل النقل الممثلة في الطائرات القادرة على حمل السلاح النووي من طراز إف 15 القادرة على حمل قنبلتين نوويتين إلى مسافة تزيد على خمسة آلاف كيلومتر بإعادة التزود بالوقود في الجو، كما يمتلك سلاح الجو الصهيوني طائرات إف 4 القادرة على حمل رؤوس نووية أيضًا.
وقد أكد تقرير عسكري أمريكي صدر مؤخرًا أنه من ضمن القنابل النووية الـ400 التي يمتلكها الكيان الصهيوني قنابل هيدروجينية، وأن حجم الترسانة النووية الصهيونية يبلغ ضعف حجم التقديرات الاستخبارية الشائعة التي كانت تتحدث عن مائتي قنبلة نووية صهيونية، وأشار التقرير إلى أنه كان لدى الكيان الصهيوني عام 1967م خمس عشرة قنبلة نووية، وأنه امتلك عام 1980 حوالي مائتي قنبلة، كما أنها تمكنت من تجميع أكثر من 400 قنبلة نووية حتى عام 1997م، وأوضح التقرير أنه في عام 1984م امتلك الكيان الصهيوني 31 قنبلة (بلوتونيوم)، وأنتج عشر قنابل يورانيوم أخرى، وفي عام 1986م كان لديه ما بين مائة إلى مائتي قنبلة منشطرة وعدد من القنابل المنصهرة، وفي عام 1994م صنعت ما بين 64- 112 قنبلة برأس حربي صغير، وكان لديها خمسون صاروخًا نوويًا من طراز (يريحا)، كما أنها أنهت كل ما تبغيه من مشروعها النووي عام 1995م عندما أنجزت إنتاج قنابل (نيوترونية) وألغام نووية وقنابل الحقيبة وصواريخ تطلق من الغواصات، ويشير التقرير إلى أن امتلاكها لحوالي 50- 100 صاروخ (يريحا ـ1) و30 ـ50 صاروخ (يريحاـ2)، فضلاً عن امتلاكها القنابل الهيدروجينية يتضمن بعدًا نوعيًّا إذ أن قوة كل قنبلة هيدروجينية تزيد مائة إلى ألف مرة على القنبلة النووية الاعتيادية، والقنبلة الهيدروجينية تعتبر قنبلة معقدة باهظة التكلفة ومعقدة التطوير، ولا تمتلك مثل هذه القنبلة إلا كل من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، ويعتبر التقرير الأمريكي أن أخطر ما في الموضوع النووي الصهيوني هو أنها طورت قنابل نيوترونية تكتيكية قادرة على تدمير القوات المعادية بأقل قدر ممكن من الخسائر والأضرار في الممتلكات، واستدل التقرير بتوصية جنرال صهيوني في حرب الخليج في عام 1990م للأمريكيين باستخدام (أسلحة نووية تكتيكية غير إشعاعية) ضد العراق، وأشار التقرير إلى أن الكيان الصهيوني توجه نحو (القنابل النووية الصغيرة) والتي تعتبر مفيدة لصد هجوم موضعي أو لاستخدامها كألغام.