أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Mr Nad

مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
Mr Nad



الـبلد : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 61010
التسجيل : 17/08/2007
عدد المساهمات : 3241
معدل النشاط : 1186
التقييم : 148
الدبـــابة : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Nb9tg10
الطـــائرة : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 51260b10
المروحية : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 5e10ef10

الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر View_p10


الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Empty

مُساهمةموضوع: الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر   الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Icon_m10الثلاثاء 4 مارس 2008 - 0:41

الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر

ثلثا الفرنسيين مقتنعون بالدور الإيجابي للاستعمار

الكاتب: مسعود ديلمي

يقول المؤرخ بيار قوبار (Pierre Goubert) إن ممارسة التاريخ مرتع لممارسة الحرية ، فكيف يمكن تدريس الذاكرة دون التخلي عن العلمية التاريخية؟ كيف يمكن إعطاء معني وطني وقومي للمشروع الذي يجمع أمة متعددة الأعراق ومختلفة العادات ؟ كيف يمكن مساعدة الأطفال علي النظر إلي الماضي ومجابهة تحديات الحاضر وبناء المستقبل والعيش المشترك في عالمنا المعاصر الذي تشابكت فيه المصالح؟ وكيف يمكن أيضا تطوير التحليل النقدي وتأسيس ثقافة الحوار للتفكير في تحديات عالم الغد؟
فرنسا الديمقرطية والفكر الاستعماري:
تعطي برامج البحث الجامعي لتاريخ الحضور الفرنسي في ما وراء البحار، وفي شمال إفريقيا خاصة، المكانة التي يستحقها. كما يُعترف علي وجه الخصوص في البرامج المدرسية بالدور الإيجابي للحضور الفرنسي في ما وراء البحار وشمال إفريقيا بشكل متميز، كما تولي لتاريخ تضحيات جنود الجيش الفرنسي المشكَّل من سكان هذه الأقاليم المكانة البارزة التي تليق بهم . هذا ما يتضمنه البند الرابع من قانون 23 شباط/ فبراير 2005 الذي صادقت عليه الجمعية الوطنية الفرنسية لأجل تسجيل اعتراف الأمة بما أنجزه الفرنسيون المرحلون وتقديم إسهام لصالحهم . إن هذا القانون لا يحدد فقط التعويضات(منحة الاعتراف) بمعاناة المرحلين من الحرْكة بل يتعداه إلي ما ذكرته وزيرة الدفاع سابقا السيدة ميشال أليو ـ ماري قائلة إن من واجب الأمة الاعتراف لكل الرجال والنساء الذين ساهموا بشجاعتهم وعملهم (...)، ذلك العمل الجماعي الذي تم تحقيقه في شمال إفريقيا والقارات الأخري الذي أصبح في طي النسيان ومتجاهلا، في تألق نفوذ فرنسا وفي تطوير الأقاليم التي أقاموا فيها وكوَّنوا بها عائلاتهم .
أمّا النائب ليونال لوكا، من حزب اتحاد الأغلبية الرئاسية (UMP)، فإنه حاول تبييض تاريخ الاستعمار الفرنسي بالتلاعب بالمصطلحات قائلاً: ما هي الأخطاء التي ارتكِبتْ؟ فرنسا لم تستعبد الشعوب التي تزعمتها (...)، يجب أن نكتب وندرّس التاريخ لكي يعلم الأطفال أن فرنسا لم تكن احتلالية بل مُعمِّرة، وإنها لقنت قيم الجمهورية للنخب التي تحكم هذه الشعوب ، ما دعا بالصحافي إيفان دي رْوَا (Ivan du Roy) إلي التعليق ساخراً في مقال له بمجلة تيمْوانْيَاجْ كْرِيتْياَنْ (Tژmoignage Chrژtien)، عدد 21 نيسان/ أبريل 2005، وداعا لأيِّ نقدٍ للاستعمار: تحيا الجمهورية! تحيا فرنسا! مجازر سطيف 1945 ليست سوي قدح! 80 ألف قتيل بمدغشقر في أقل من شهر في عام 1947 مبالغة! اللاّمواطنة التي فرضت علي مسلمي الجزائر أكذوبة! عمر بانغو، وبن علي، وهفوت بوانيي، وأياديما ديمقراطيون كبار كوّنهم بلد حقوق الإنسان... . ويضاف إلي ذلك ما قاله النائب الاشتراكي فيكتوران ليغال (Victorin Lurel) الذي ذكّر زملاءه يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر بالـ 10 آلاف قتيل في الغْوَادْلوبْ (Guadeloupe) سنة 1802 أثناء إعادة تطبيق الرق، وبالموتي في حرب الهند الصينية وإفريقيا، والعمل الإجباري الشاق، واستغلال خيرات الشعوب المستضعفة... إلخ.

المؤرخون والضمير الحي

بمبادرة من كلود ليْوُزُو (Claude Liauzu)، أستاذ التاريخ بجامعة باريس السابعة، تشكلت جبهة لرفض هذا القانون تضم أساتذة وباحثين من مختلف التخصصات نشروا عريضة في جريدة لومند (Le Monde) الفرنسية بتاريخ 25 ـ 3 ـ 2005، أبدوا فيها التزامهم بعدم تطبيق البند الرابع وطالبوا بفتح نقاش حول قضايا الاستعمار والهجرة في البرامج الدراسية وبرامج تكوين الأساتذة، وكذلك بإلغاء القانون الذي يعيد الاعتبار للاستعمار لأنه:
ـ يعرض تاريخا رسميا ويناقض مبدأ الحياد المفترض في التعليم وأيضا حرية الفكر التي تعد عماد العلمانية .
ـ يركز علي الجانب الإيجابي للاستعمار حيث يفرض الكذب الرسمي حول الجرائم والمجازر والإبادة والرق والعنصرية الموروثة عن هذا الماضي .
يضفي الشرعية علي الانغلاق في الوطنية الضيقة (communautarisme nationaliste) التي تثير رد فعل عليها يتمثل في انغلاق المجموعات المشكلة للمجتمع الفرنسي علي نفسها (communautarisme des groupes) .
ويذكر المؤرخ كلود ليوزو أن التاريخ الرسمي فرض في مرحلتين سابقتين هما عهد الإمبراطورية الثانية، وأثناء حكم فيشي (Vichy) أثناء الحرب العالمية الثانية. وعلق قائلاً: سيدرس مئات آلاف الأطفال، أبناء الحقبة الاستعمارية، تاريخاً مكتوبا من قبل المستوطنين، إن مجتمعنا لم يستطع أن يتخلص من الفكر الاستعماري .
بينما المؤرخ قاي برفيلي (Guy Pervillژ)، أستاذ بجامعة تولوز لوميراي (Toulouse ـ Le Mirail) في رده علي قراء نسخة جريدة لبيراسيون الإليكترونية (Libژration.fr) بتاريخ 05 ـ 12ـ 2005، اعتبر القانون تجاوزا لصلاحيات النواب لظنهم أنّهم يقدمون الحقيقة التاريخية أو علي الأقل يجب تدريسها .
أمّا العريضة الثانية، والأكثر أهمية، فجاءت بعنوان الحرية للتاريخ وقّعها 19 مؤرخا من كبار الأساتذة جاء نصها واضحا ومتزناً، وأسلوبها بسيطا ومباشرا، بدون شاعرية أو لغة جافة، فطالبت بإلغاء القوانين المعرقلة للبحث وتدريس مادة التاريخ. ولأهمية هذا النص نورده كاملاً:
نظرا لتأثرنا بالتدخلات السياسية المتكررة في تقييم أحداث الماضي وبالإجراءات القضائية ضد مؤرخين ومفكرين، نذكِّر بالمبادئ الآتية:
التاريخ ليس دينا، والمؤرخ لا يقبل أيَّة عقيدة، ولا يحترم أي ممنوع، بل قد يكون حتي مزعجا.
التاريخ ليس الأخلاق، ولا يحق للمؤرخ التمجيد أو الإدانة، بل يكمن دوره في التفسير.
التاريخ ليس عبداً لأحداث الساعة. فالمؤرخ لا يُسقِط علي الماضي النظريات الإيديولوجية المعاصرة، ولا يُدخل في أحداث الماضي حساسية اليوم.
التاريخ ليس الذاكرة، إذ يجمع المؤرخ في عمله العلمي ذكريات الناس، ويقارن ما بينها، ويضعها علي المحك بمواجهتها بالوثائق والأشياء المادية والآثار ليبني الوقائع. التاريخ يضع في الحسبان الذاكرة ولا يحبس نفسه في حدودها.
التاريخ ليس أداة قانونية، لأن ليس من حق البرلمان ولا من حق السلطة القضائية في دولة حرة تحديد الحقيقة التاريخية. سياسة الدولة، ولو حسنت نواياها، ليست سياسة التاريخ.
و في خرقها لهذه المبادئ، جاءت القوانين متتالية، خاصة قانون 13 تموز/ يوليو 1990، وقانون 29 كانون الثاني/ يناير 2001، ثم قانون 21 ايار/ مايو 2001، ليليه قانون 23 شباط/ فبراير 2005، وقد حدّت من حرية المؤرخ لتُمْلِيَ عليه، تحت التهديد بالعقوبات، ما يجب أن يبحثه، وما يجب أن يتوصل إليه، ولتفرض عليه المنهجية كما أنها وضعت له الإطار الذي لا يجب عليه تجاوزه.
إننا نطالب بإلغاء هذه الإجراءات التشريعية غير المشرّفة لنظامنا الديمقراطي .
ولم يمض أسبوع علي نشر هذه العريضة حتي برزت علي الساحة السياسية الفرنسية عريضة معاكسة يوم 20 كانون الأول/ ديسمبر 2006، وقعتها 32 شخصية من مختلف التخصصات، تضم مؤرخين، وعلماء اجتماع، ومحامين، وأطباء، جلّهم من المدافعين عن الذاكرة اليهودية، رفضوا مضمون العريضة الأولي لأنها في نظرهم تقوم بخلط ضارٍّ ما بين مادة من قانون 23 شباط/ فبراير والقوانين الثلاثة الأخري التي تكتسي طابعا مختلفا تماما حيث تعترف بوقائع ثابتة من إبادة وجرائم ضد الإنسانية، لأجل محاربة إنكارها، وحفظ كرامة الضحايا من مذلة الإنكار .
دفعت مواقف هؤلاء المؤرخين والمثقفين الطبقة السياسية إلي التحرك وتوضيح مواقفها، لكن وفق رهانات المرحلة. فعلي المستوي الرسمي خرج الرئيس شيراك عن صمته يوم 09 كانون الأول/ ديسمبر 2006 قائلاً: ليس للقانون حق كتابة التاريخ ، ومعلنا عن إنشاء لجنة ذات طابع عام مدة عملها ثلاثة أشهر لتقييم عمل البرلمان في ميداني الذاكرة والتاريخ يرأسها رئيس البرلمان. وعبر عن الموقف نفسه رئيس حكومته آنذاك دومينيك دوفيلبان. واعتبر إجراء شيراك هذا مبدأ ديمقراطيا أساسيا وإقراراً بصواب موقف المؤرخين المناهضين للقانون، خاصة وأنه يتحمل المسؤولية في المصادقة عليه، كما أشار إلي ذلك ضمنيا الرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان عندما قال إن السماح بتمرير هذا القانون خطأ .
أمّا نيكولا ساركوزي وزير الداخلية ورئيس حزب اتحاد الأغلبية الرئاسية قبل أن يصبح رئيسا لفرنسا في نيسان/ أبريل 2007، والذي رفضت أغلبيته البرلمانية يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 إلغاء البند الرابع من القانون المذكور أعلاه، فإنه أطلق تصريحات بنوايا انتخابية مثل واجب المصالحة الوطنية إلي جانب واجب الذاكرة ، كما اعترف بأن ليس علي البرلمان كتابة التاريخ ، لكنه اعتبر أن هذا انزلاق نحو محاكمة فرنسا ، وأسماه الاحتقار الذاتي خاتما كلامه بالتساؤل: هل سننتهي في يوم من الأيام إلي الندم علي كوننا فرنسيين؟ وبادر ساركوزي إلي إنشاء لجنة مهمتها دراسة معمقة للقانون، والتاريخ، وواجب الذاكرة وأسند رئاستها للمحامي آَرنو كلارسفيلد (Arnaud Klarsfeld)، جعل هذا الإجراء الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب (MRAP) تصدر بيانا تطلب فيه عدم التعاون مع هذه اللّجنة ورئيسها لأنه من المدافعين عن الاستيطان الإسرائيلي والحرب علي العراق. ولاحظت صحيفة لومند أن إجراءات ساركوزي جاءت لضمان دعم الجالية اليهودية له في الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية التي جرت خلال الربيع الماضي.
بينما وجد اليمين المتطرف ضالته في النقاش المفتوح، إذ هلل رئيسها جان ماري لوبان لموقف شيراك وطالب بإلغاء قانون 13 ـ 07 ـ 1990 المعروف بقانون غريسو (Grayot) المناهض للعنصرية ومعاداة السامية والأجانب، بينما كان نائبه برينو غولنيش (Bruno Gollnisch) متابعا قضائيا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2004 تحت طائلة هذا القانون نتيجة لتشكيكه في مسألة غرف الغاز. طالب هؤلاء المؤرخون الموقعون علي العريضة بحضور محاكمته في آيار/ مايو 2006 للإدلاء بشهادتهم. وردّ عليه جان كلود غريسو، النائب الشيوعي السابق صاحب القانون، في تصريح لجريدة ليبيراسيون مبديا احترامه الكبير للمؤرخين أصحاب اللائحة، ومؤكدا أنّ هذا القانون يجعل من نفي الجرائم ضد الإنسانية جنحة، لكنه لا يكتب التاريخ، ولا يؤسس الحقائق العلمية، بل يحدد فقط بداهة ويحكم علي معاداة السامية المناضلة، فمثل ما نقول أن الأرض تدور، نثبت أن المحرقة وقعت ونفيها يخالف القانون. وكل هذا لا يمنع المؤرخين من تحديد ظروف الهولوكوست .
ويري مراقبون في مطالبة الجبهة الوطنية المتطرفة بحرية التعبير محاولة لإعادة كتابة تاريخ الحرب العالمية الثانية، أي المرحلة التي حكم فيها اليمين فرنسا.
أمّا اليسار بمختلف توجهاته من التروتسكيين مرورا بالشيوعيين والخضر والاشتراكيين فإنه توحد في إطار مبادرة إصدار بيان مشترك يطالب فيه بإلغاء قانون 23 شباط/ فبراير الممجد للاستعمار.




عدل سابقا من قبل nad_am في الثلاثاء 4 مارس 2008 - 0:44 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Mr Nad

مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
Mr Nad



الـبلد : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 61010
التسجيل : 17/08/2007
عدد المساهمات : 3241
معدل النشاط : 1186
التقييم : 148
الدبـــابة : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Nb9tg10
الطـــائرة : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 51260b10
المروحية : الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر 5e10ef10

الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر View_p10


الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Empty

مُساهمةموضوع: رد: الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر   الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر Icon_m10الثلاثاء 4 مارس 2008 - 0:42



فرنسا تفاعلات التاريخ والذاكرة

يلاحَظ اليوم أن فرنسا تجد صعوبة في مناقشة تاريخها الكولونيالي مثلها مثل اليابان، عكس ما عمد إليه البريطانيون من القيام بتفكير شامل في تاريخهم الوطني، تاريخ الإمبراطورية، إذ أن الدراسات التي صدرت حول المرحلة الاستعمارية البريطانية جد متطورة. ويرجع المؤرخ باسكال بلانشار (Pascal Blanchard)، الباحث بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس، هذه الصعوبة إلي تعارض مبادئ الجمهورية مع الفعل الكولونيالي، فمنذ قرنين ترافق نشوء وتَكوُّن الجمهورية بقيمها الإنسانية مع ممارسة الاستعمار وما انجرّ عنه، وبالتالي يصبح النظر في تاريخها الاستعماري مرادفا للتساؤل عن تاريخ الجمهورية منذ الثورة الفرنسية، عكس بريطانيا التي لا يوجد بها حرب للذاكرة، ربما لاختلاف نوعية الاستعمار.
تعمل فرنسا علي تحديد ذاكرتها الوطنية عبر الأحداث التي سجلها التاريخ من خلال مصادقة جمعيتها الوطنية علي عدّة قوانين لأجل تصحيح التعامل معها. وفي السنوات الأخيرة عمد السياسيون إلي إحياء وطني للأحداث بطريقة تجعل كل شرائح المجتمع الفرنسي ممثلة في ذلك. وبدأها رئيس الجمهورية السابق جاك شيراك بخطاب تاريخي ألقاه يوم 16 ـ 07 ـ 1995 معتذراً فيه باسم الدولة لليهود عن الأخطاء المرتكبة في حقهم أثناء الحرب العالمية الثانية، عكس ديغول الذي ظل يعفي الجمهورية من الجرائم المرتكبة تحت نظام فيشي. وبعد مرور عام، أي في ايلول/ سبتمبر 1996، استخدم شيراك، في تطور نوعي في التعامل مع الذاكرة الكولونيالية، مفهوم حرب الجزائر في التعبير علي ما كان يسمي من قبل حوادث الجزائر . وفي كانون الأول/ ديسمبر 1996 أدخل بند خاص يعترف بحقوق المتطوعين ضمن الألوية اليسارية الدولية المشاركة في الحرب الإسبانية.
أما في 05 ـ 11 ـ 1998، أدخل رئيس الحكومة الاشتراكي ليونال جوسبان (Lionel Jospin) إلي الذاكرة الجماعية بعدما ذكر منتفضي 1917 الذين تم إعدامهم، بعدما رفضوا المشاركة الهجوم علي الآخرين لغرض قتلهم...
وفي نيسان/ أبريل 2000 صادق البرلمان علي قانون يصنف الرق ومعاملة السود في إطار الجرائم ضد الإنسانية ، وجاء هذا القانون لترضية مطالب سياسية وأخلاقية كمراعاة لمشاعر جزء من شعب فرنسا يتمثل في السكان السُّود بمستعمرات ما وراء البحار كجزر الأنتيل ولاريينيون وغوايانا، لأن أجدادهم كانوا عبيدا.
وفي 21 كانون الثاني/ يناير 2001 أصدر شيراك قانونا ينص علي أن فرنسا تعترف علنا بالإبادة الأرمينية لعام 1915 وتمّ هذا الاعتراف بعد سنوات من الموازنة بين مصالحها الاقتصادية مع تركيا من جهة (250 مؤسسة فرنسية تعمل في هذا البلد وبلغت قيمة التبادل 8.2 مليار يورو عام 2005)، وضغط جمعيات الجالية الأرمينية من جهة أخري. إن فاعلية هذه الأخيرة وكذلك ضغط الجناح المعارض لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أديا إلي مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية علي قانون يقرُّ الجرائم التركية ضد الأرمن ما بين 1915 ـ 1917. وعلَّق المؤرخ بيار نورا (Pierre NORA) علي هذا القانون قائلا إنه من عمل الدولة الشمولية، ونفيٌ لحرية التعبير والديمقراطية، لأن التاريخ لا يمكن كتابته من جانب واحد، متسائلا هل سيأتي اليوم الذي يصادق فيه البرلمان علي قانون يقر الجرائم الروسية ضد الشيشان.
في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001 أقام بيرتراند دولانُوِي، رئيس بلدية باريس، حفل تدشين لوحة تذكارية للمجزرة التي راح ضحيتها عشرات من مناضلي جبهة التحرير الجزائرية ألُقْوَاْ أحياءً في نهر السين علي يد الشرطة يوم 17 ـ 10 ـ 1961، لكن غوسغان (Goasguen)، العضو الذي ينتمي إلي اليمين في المجلس البلدي، اعتبرها إجراءً استفزازيا . وفي الصيف الماضي، بعدما أمر الرئيس ساركوزي بتلاوة رسالة الشاب غي موكي (Guy Moquet) الذي أعدمه الألمان وهو في السابعة عشرة من عمره علي تلاميذ الثانويات إبتداءً من الدخول المدرسي في الخريف الماضي، رأي المحللون أن ساركوزي لم يأخذ من الرسالة إلاّ جانبها العاطفي، حيث ذرف دمعة أمام الكاميرا وقدّم نفسه علي أنه أب الأمة، والأخطر في ذلك هو محاولة تحضير الرأي العام لفكرة أن الشباب في سن 17 مسؤولون عن أفعالهم وبالتالي تمرير قانون مكافحة الإجرام وجنح الشباب. تجدر الإشارة إلي أن الفتي غي موكي مات من أجل مُثله الشيوعية، لكن السؤال المطروح بإلحاح هو ما الغرض من قراءة شباب اليوم لهذه الرسالة، ومن أجل أيِّ مبدأ يضحي.

من المهمة الحضارية إلي الدور الإيجابي:

إن عبارة الدور الإيجابي التي جاءت في المادة الرابعة من قانون 23 فبراير/شباط صيغة مُلطِّفة لمفهوم المهمة الحضارية التي أطلقها رواد الفكر الاستعماري منذ بداياته الأولي مصحوبا ببطارية كاملة من الحجج السياسية والاقتصادية التي تصب في نفس الاتجاه، حيث عملوا علي تبرير الاستعمار بخطاب عنصري وذلك بنشر أسطورة واجب إخراج الإنسان الهمجي ـ المستعمَر ـ من همجيته إلي الحضارة وتعمير الأرض التي ليست بها ثقافة ولا تاريخ. وحمل هذا الفكر مثقفون كبار منهم فولتير، وروسو، وكيبلينغ وآخرون نظَّروا لتفوق الرجل الأبيض بمن في ذلك إيرنست رينان، وميلر.
لكن الاستعمار في الواقع لم يكن أكثر مما يسميه الجزائري المرحوم مولود قاسم الاستدمار، لأنه دمر المجتمعات التي دخلها واستعبد سكانها وأهانهم ومسخ شخصيتهم بتطبيبق قانون الأنديجينا ـ الأهالي ـ عليهم محولا إياهم إلي مجرد رعايا بدون حقوق في بلدهم الأصلي، كما استغل خيرات كل البلدان التي دخلها، وأتلف اقتصادياتها، ونهب كنوزها. أما المنشآت التي يتبجح بها أصحاب الدور الإيجابي للاستعمار، فلم تكن أبدا في صالح السكان الأصليين بل لصالح الاقتصاد الاستعماري، خاصة أن فرنسا وكل أوروبا، بعد انطلاق النهضة الصناعية بها، كانت في حاجة إلي المواد الأولية واليد العاملة، فعمدت إلي إنشاء مجموعة من الهياكل القاعدية كخطوط السكك الحديدية وشبكة الطرقات البرية والمطارات، وحتي المدارس والثانويات والجامعات والمستشفيات لأبنائه والمدن للمستوطنين الأوروبيين... أمّا السكان الأصليون فمنهم من هُجّر قسرا إلي الخارج أو إلي المناطق الريفية النائية. ولم يستفد من ذلك إلاّ حفنة من الإداريين التابعين الذين رغم كونهم باعوا ذمتهم ووطنيتهم للمحتلين، بقوا محل شكوك واحتقار من طرف أسيادهم.
اليوم وبعد أن زال الاستعمار، وأصبح محرما في القانون الدولي، يبقي الفكر الاستعماري متجليا في كتابات بعض المثقفين وتصريحات بعض السياسيين من اليمين، فالدعاية الاستعمارية نجحت في غرس عقدة تفوق الرجل الأبيض والاحتقار الثقافي للشعوب المستعمرة في اللاّشعور الجمعي للفرنسيين إلي يومنا هذا. في هذا السياق كشفت عمليات سبر الآراء في نهاية العام الماضي علي أن اثنين من كل ثلاثة فرنسيين مقتنعين بالدور الإيجابي للاستعمار. ويظهر تأثير ذلك في المجتمع من خلال جرثومة العنصرية الواضحة التي تحولت إلي كره الأجانب والتخوف منهم، وتمييع أفكار اليمين المتطرف في بلاد هي أصلا منشأ حقوق الإنسان، وجمهورية المواطنة والتضامن والمساواة. لكن يجب الاعتراف أن فرنسا اليوم ليست بلد الأمس، إذ تغيرت في جميع الميادين، ويدل علي ذلك بروز أبناء المستعمرات وأحفادهم، المتواجدون بفرنسا، في الساحة الثقافية والذين أخذوا يتهيكلون للمطالبة بأن يحترم تاريخ أبائهم وأجدادهم وأن يتوقف كذب الذين يحنون إلي الماضي الاستعماري ويعتبرونه إيجابيا.
إن النقاش الذي جري في فرنسا إيديولوجي وجدُّ مسيّسٍ، فقانون تمجيد الاستعمار جاء في ظروف مبهمة تحكمت فيها الرهانات الانتخابية، وقضايا الهجرة والبطالة أمُ المشاكل الاجتماعية. كما أن مطالب مختلف الفئات بالاعتراف من قِبل الأمة الفرنسية بذاكرتها الخاصة جعل النظرة الجامعة للتاريخ متعارضة ومحل نزاع، مما صعب إيجاد ذاكرة تمثل جميع المواطنين الفرنسيين بمختلف شرائحهم وأصولهم. إنّ موقف المؤرخين جاء من أجل الحفاظ علي ما تقتضيه استقلالية البحث التاريخي وتقديم تأمل حرّ ونقدي بعيدا عن رهانات الذاكرة وآراء فاعليها الأساسيين (محركي الوقائع والدولة)، فالمؤرخ يعمل علي معرفة الحقائق، والرد علي السؤال: كيف حدثت بالضبط؟ ولماذا؟ وإذا كان للمؤرخ الحق في إصدار حكم مثل باقي المواطنين، فإن حكمه يكون أخلاقيا لا قيمة له أو تأثير في الوضعية الحالية أو في إمكانية تغييرها. إن مصطلح إيجابي أو سلبي يُوصِل إلي حكمٍ قِيَمي علي تاريخ معقد ومتضارب.
إذا كان هذا شأن فرنسا مع تاريخها وعقد ذاكرتها الاستعمارية، نري ألمانيا كحالة خاصة تنظر لتاريخها دون عقد، لأن الوقائع قريبة زمنيًا وحدثت علي أراضيها، ولأن التاريخ يكتبه المنتصر دائماً، مما ساهم في انتشار رموز الذاكرة مثل مجسمات المحرقة (مشهورة بالعبرية: الشواه Shoah)، لذا رأت أمريكا أنه يجب مصالحة ألمانيا مع باقي أوربا لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتجنيب القارة حروب جديدة، وتكوين حلف قوي ضد الاتحاد السوفييتي، واعتمدت أمريكا في بعث ألمانيا الجديدة علي المسيحيين الاجتماعيين الديمقراطيين الذين ليس لهم ماض نازي، وجمعاً بين الكفاءات والعواطف باتجاه أمريكا وأوروبا. أمّا اليابان فتجد صعوبة في مواجهة ماضيها، فبعد ما كانت علاقة حكومة جنيشيرو كيوزومي (2001 ـ 2006) السابقة متوترة مع الصين، أعلن الوزير الأول الياباني الجديد ياشو فوكودا الذي انتخب في أيلول/ سبتمبر الماضي عدم زيارته لضريح الجنود الذين ماتوا من أجل الإمبراطور أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي يضم مجموعة من رفات مجرمي الحرب، وهذا ما كانت تعترض عليه الصين وكوريا. كما اعتذر اليابان لهاتين الدولتين ومازال يقدم تعويضات لضحايا فظائع الجيش الياباني رغم محاولة التقليل من الاتهامات الموجهة إليه. وركزت أمريكا علي بعث اليابان من جديد بعد الحرب لأنها لم تكن تنظر إلي آسيا كمنطقة اقتصادية، فالصين كانت تعيش حربا أهلية وكوريا فقيرة.
أمّا في الجزائر فإن الكتابة التاريخية الأكاديمية جدّ مميعة، اتخذت من إحياء الذاكرة أساسا لإضفاء الشرعية السياسية علي الحكم، فانعدمت استقلالية المؤرخ ومساهمته في بناء ثقافة تاريخية علمية بقراءة حوادث ماضي الحركة الوطنية والثورة التحريرية قراءة عقلانية، وإزاحة مبدأ القداسة عنهما بالابتعاد عن تمجيد البطولات وتجاهل الأخطاء، إذ ينبغي تناول هذا التاريخ المعاصر بكل سلبياته وإيجابياته. وهذا ما جعلنا بعد 45 سنة من الاستقلال نفشل في بناء الذاكرة، فكل من يحاول ممارسة النقد التاريخي في الجزائر مصيره الحصار والتهميش إلي حد التخوين. وكثير من السياسيين يعملون علي استغلال الرموز التاريخية والذاكرة الجماعية في الصراعات السياسية بطريقة دنيئة، كالمزايدة بالوطنية للحصول علي المناصب والمكاسب، مما جعل الشباب يكفر بهذا التاريخ الذي لم يغيِّر من واقعه البائس ولِما رآه من ديماغوجية الحكام وابتعادهم عن المُثل والمبادئ التي ضحي من أجلها رجال لا ندري ما سيقولونه لو عادوا يوماً وشاهدوا ما يجري في الجزائر باسمهمً.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الذاكرة والتاريخ بين فرنسا والجزائر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» ''سأكرّس فترة ولايتي للمصالحة بين فرنسا والجزائر''هل هو عهد جديد؟
» ((,,"أدب أكتوبر بين الوعي والتاريخ",,))
» الدولة العثمانية والتاريخ المشرف لآل عثمان
» موضوع كامل حول الامازيغ ; الاصل والتاريخ
» مفهوم الذاكرة الحية Ram

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History :: شمال افريقيا-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019