إنشغلت مراكزُ الدراساتِ ومعاهدُ البحوث الإستراتيجية والمراقبونَ والمحللونَ عدا عن الأوساطِ السياسيةِ ، بدراسةِ تداعياتِ إقرارِ الرزمةِ الرابعةِ من العقوباتِ على الجمهوريةِ الاسلاميةِ الايرانية .
مديرُ المركزِ الروسي لدراساتِ إيرانَ المعاصرةِ رجب سفاروفف يرى أنَّ إيرانَ لن تدعَ الإهانةَ التي تعرضت لها تمرُّ مرورَ الكرام. وبحسَبِ سفاروفف فإنَّ مجلس الشورى الاسلامي الايراني قد يتخذ قريبا قراراً بايقافِ التعاونِ مع الوكالةِ الدولية للطاقةِ الذريةِ إن لم يصوتْ على الخروجِ منها.
ويقول رجب سفاروف: "هذهِ العقوباتُ هي بمثابةِ قنبلةٍ موقوتة . إيرانُ ليست الحَمَلَ الوديعَ الذي يمكنُ الإساءةُ إليه دونَ حساب. وإذا تمَّ تفعيلُ آلياتِ تطبيقِ هذا القرار التي تنصُّ على تفتيشِ السفنِ الإيرانية القادمةِ من والى إيران ، فقد تُضطَرُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ إلى ارسالِ قواتِ النخبةِ من الحرس الثوري لمرافقةِ سفنِها ولحمايةِ مصالحِها الإقتصاديةِ وسيؤدي ذلك في أولِ مواجهةٍ الى نزاعٍ تتخذُهُ الدولُ المعاديةُ لإيرانَ ذريعةً لتشكيلِ حلفٍ دوليٍّ وللإنتقالِ الى نوعٍ جديد من العقوبات تسمح لها بإستعمالِ القوةِ ضدَّ إيرانَ ، تحت غطاءٍ دولي".
في المقابلِ يشككُ كبيرُ الباحثيينَ في مركزِ ران للأمنِ الدولي، فلاديمير إيفسييف بقدرةِ إيرانَ على تصنيعِ الوَقودِ الكافي للطاقةِ الكهروذريةِ والأبحاثْ، ولكنه يعتقدُ أنها تملِكُ ما يكفي من اليورانيوم القادرةِ على تخصيبهِ في وقت قصيرٍ لصناعةِ بضعةِ رؤوسٍ نوويةٍ وهذا ما تسعى إليه على حدِّ تعبيره.
و لمعهد الدراسات الدولية المقرب من الكرملن رأي آخر حيث يقول نائب مدير المعهد فيكتور ميزين: "إذا خرجت إيرانُ من الوكالةِ الدولية للطاقة الذرية فقد تخسرُ دعمَ أصدقائِها مثلَ روسيا و الصين اللتين سعَيَتا الى تخفيفِ العقوباتِ الى الحدِّ الأدنى، أنا لا أرى أفُقاً مسدوداً فإيرانُ صرحت مرارا أنَّها أوقفتِ المفاوضاتِ ولكنَّها عادت إليها مجدداً وما دامَ المجالُ مفتوحا للتسوية".
و شرحَ البعضُ المقاربةَ الأميركيةَ لملفِ إيرانَ النووي، ويقول في هذا المجال نيكولاي زلوبين مدير قسم البرامج الروسية و آلآسيوية في معهد الأمن الدولي : "الولاياتُ المتحدةُ تدركُ أنها لا تستطيعُ إيقافَ إيرانَ ومنعَها من إمتلاكِ السلاح النووي و لكنَّ غالبيةَ الرأي العام و النخبةِ السياسيةِ تفكر بكيفيةِ التعاطي مع إيرانَ نووية".
و في محفَلٍ آخرَ ضمَّ ممثلي الخارجيةِ الروسية ومحللينَ ومراقبينَ فضلاً عن سفراءَ عربٍ وسفيرِ الجامعةِ العربية الذي شرح أن مِنطقَةَ الشرقِ الأوسط ساحةُ صراعٍ بين سياساتٍ مختلفةٍ إستطاعت إيرانُ إثباتَ نفوذِها مقابلَ سياسةِ الاستعلاءِ التي تنتهجُها الولاياتُ المتحدةُ وإسرائيل.
ويقول سفير الجامعة العربية جمعة الفرجاني: "تعززَ دورُ إيرانَ كقوةٍ إقليميةٍ في تسويةِ النزاعاتِ في الشرقِ الأوسط بالإضافة الى الإعترافِ الدوليِّ شبهِ الكاملِ بحقها بإمتلاكِ الطاقةِ النووية السلميةِ بغض النظرِ عن العقوباتِ و المفاوضاتِ و الإختلافاتِ التي تجري بينها و بين الدولِ الغربية".
و يوافقُ رئيسُ المركزالروسي للدراسات الإستراتيجية والمستشارُ في المجلس العلمي التابعِ لمجلس أمنِ الفدرالية الروسية فيتالي ناعومكين على أنَّ المشكلةَ لا تكمُنُ في برنامجِ إيرانَ النووي. ويقول ناعومكين: "لو حصلتِ المعجزةُ وإعترفت إيرانُ بإسرائيلَ لما كان هناكَ أيُّ نقاشٍ حولَ برنامجِها النووي وما كانت لتَصدُرَ بحقِّها أيَّةُ عقوبات. الغربُ يريد من إيرانَ سياسةً إقليميةً مختلفةً عن التي تنتهجُها. أما بالنسبةِ للعَلاقات الروسيةِ الإيرانيةِ فأنا متفائلٌ و لا أعتقد أنه سوف يحصُلُ تدهورٌ جديٌّ في العَلاقاتِ الإستراتيجيةِ بين البلدين".
أي مجتمعٍ يعتبرُ نفسَهُ دوليا يقبَلُ بأن يقررَ سياساتِهِ كِيانٌ غاصبٌ مصطَنَعٌ قائمٌ على نظريةِ الهيمنةِ يحولُ دونَ تطورِ شعوبِ العالمِ و حصولِها على حقوقِها المشروعة.