نشرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية يوم 7 يوليو/تموز، خبراً نقلاً عن موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية، ضم معلومات عن سجين سري يقبع منذ سنوات في سجن "ايالون"، الذي يعد احد اكثر السجون سرية في اسرائيل، ثم ما لبث هذا الخبر ان اختفى من موقع الصحيفة الاسرائيلية.
وبحسب "كومسومولسكايا برافدا" فان المعلومات الواردة في خبر "يديعوت احرونوت" تشير الى ان هذا السجين المجهول يعيش في زنزانة منعزلة، ولا يسمح لاي من رفاقه في السجن الاحتكاك به، بل ويحظر على سجانيه التوجه اليه بكلمة واحدة، علاوة على انهم لا يعرفون اسمه.
واضافت الصحيفة الروسية، استناداً الى مصدر معلومات خاص بها، الى ان الرقابة العسكرية كانت قد منعت نشر هذا الخبر، الا ان خطأً تقنياً وقع وادى الى نشر الخبر، ليجد طريقه في فضاء الشبكة العنكبوتية في غضون ساعات لم تدم طويلاً، الى ان استدرك العسكريون الاسرائيليون خلالها ما حصل.
وتتابع "كومسومولسكايا برافدا" ان هذا الوقت كان كافياً لبعض الصحف العالمية لتتناقل الخبر، ومنها صحيفة "دايلي تيليغراف" البريطانية، التي تناولت الموضوع باسهاب.
ونشرت الصحيفة البريطانية ان السجين المجهول يعيش في زنزانة انعزالية، كانت قد خصصت لإيغال امير، قاتل رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحاق رابين في عام 1995، مع الاشارة الى ان هذا السجين الغامض لا يمكن ان يكون ايغال امير، الذي تم نقله الى سجن آخر حيث يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة.
وتؤكد "دايلي تيليغراف" ان السجين الحالي يشكل خطرأً كبيراً على امن اسرائيل، وتطرح تساؤلاً عن هويته، وتقول فمن هو ياترى هذا السجين ؟
هل هو ارهابي متطرف ؟ ام جاسوس اكتشف امره ؟ ام هو معارض منشق مزعج ؟
ودفعت هذه التساؤلات عدداً كبيراً من الصحفيين الى محاولة تقصي الامر ومعرفة سر السجين المجهول، ما جعلهم يعودون بالذاكرة الى اسماء عدد من الاشخاص الاكثر عداءا ً لاسرائيل. ومن بين هذه الاسماء ابراهام ماركوس كلينبيرغ، الجاسوس رقم واحد الذي باع للاتحاد السوفيتي اسرار الابحاث البيولوجية الاسرائيلية. ولقد جرت محاكمة هذا الرجل سرياً في عام 1983 وحكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً، ولكن لم يتم الافصاح عن ذلك الا في عام 1991 .
غير ان الانباء تؤكد جيداً بان كلينبيرغ خرج من السجن، ويعيش الآن على ضفاف السين الباريسي.
وتساءل آخرون عن مصير عالم الذرة الاسرائيلي المغربي الاصل موردخاي فعنونو، الذي كشف في عام 1986 بعض اسرار مفاعل ديمونة النووي في النقب، من خلال تصوير مواقع حساسة في المفاعل بواسطة كاميرا، ومن ثم تهريب الصور الى استراليا، الامر الذي دفع الموساد لتتبع اثر فعنونو. وبمساعدة امرأة استطاعت ان تؤثر على فعنونو واقناعه بالسفر من بريطانيا، التي وصلها للالتقاء باحد زملائه البريطانيين، الى روما حيث تمكنت اجهزة الامن الاسرائيلية من اختطافه والعودة به الى اسرائيل.
وحكم القضاء الاسرائيلي على موردخاي فعنونو بالسجن 18 عاماً، وبعد اطلاق سراحه فرضت عليه قيود معينة منها عدم السماح له باستخدام الانترنت والتلفون الخلوي، بالاضافة الى حظره من التعامل مع الصحافيين الاجانب، الامر الذي لم يتقيد به فعنونو، ما ادى الى احتجازه في مايو/ايار الماضي لـ 3 اشهر.
لكن فعنونو يقضي اشهره الـ 3 هذه في سجن "ايشيل" العسكري وليس في سجن "ايالون" المرعب، ولا تحاول سلطات البلاد ان تخفي هذا الامر على احد.
دفعت هذه الحقائق الى التساؤل عما اذا كان السجين الغامض ليس اسرائيلياً.
وهنا اكد مصدر موثوق لصحيفة "كومسومولسكايا برافدا" انه اذا كان السجين اجنبياً تم اختطافه، فمن الوارد انه يحتجز في احد سجون اسرائيل، بدون ادنى استناد الى قاعدة قانونية، على ان تكون قوانين هذا السجن صارمة، تماماً كما هو الحال في "ايالون".
وحول هذا الشأن ادلى ألكسندر شوميلين، الخبير الروسي في مركز تحليل الصراعات في الشرق الاوسط التابع لمعهد كندا وامريكا في اكاديمية العلوم الروسية، بتصريح لـ صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" عبّر من خلاله عن شكه بان يكون السجين المجهول هذا هو عالم الذرة الايراني شهرام اميري، الذي كانت طهران في وقت سابق قد اتهمت سلطات الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية باختطافه اثناء وجوده في السعودية لاداء العمرة.
وكانت وسائل اعلام اجنبية قد اشارت عقب ذلك الى ان شهرام اميري موجود في امريكا، وانه طلب اللجوء السياسي في اسرائيل.
ويقول شوميلين "من الوارد جداً ان يكون العالم الايراني هو سجين ايالون. فايران تعتبر المشكلة رقم واحد بالنسبة لاسرائيل، وعالم الذرة هذا لديه معلومات حول مخططات الجمهورية الاسلامية، ما يجعله ثروة حقيقية لاجهزة الامن الاسرائيلية".
واضاف الخبير الروسي انه من الممكن ان الاسرائيليين اختطفوا اميري كما اختطفوا فعنونو، "ولكي لا يتسببوا في ازمة احتفظوا به اسيراً في سرية تامة"، الا ان شوميلين لفت الى ان كل ذلك مجرد تخمينات، وانه من الصعب التكهن في الوقت الحالي، وانه يجب ان يتوفر الحد الادنى من المعلومات، لكن الامر ليس كذلك.
الجدير بالذكر ان التلفزيون الايراني كان قد بث مؤخراً شريطاً مصوراً لشخص قال انه شهرام اميري، وانه تعرض للاختطاف من قبل الامريكيين، الا انه تمكن من الفرار من قبضتهم، وانه موجود الآن في مكان آمن بولاية فرجينيا.
لكن المتابعين يشككون بامكانية فرار العالم الايراني من اجهزة الامن الامريكية، في حال كانت متورطة باختطافه، ويعتقد بعضهم ان هذا الشريط المصور مفبرك.
الا ان كل هذه التساؤلات والاجابات المؤكدة والمحتملة عليها لا تجيب على السؤال المهم: من هو هذا السجين الغامض القابع في سجن "ايالون" ؟
وثمة من يطرح سؤالاً اهم يضع الجميع امام احتمالات اجوبة تعتبر بحد ذاتها تساؤلات، اليس من الوارد ان يكون ما نشره موقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني مجرد فخاً اعلامياً، يرمي الى اهداف معينة، لا يدركها الا العارفون بخفايا الامور ؟
المصدر:
http://www.rtarabic.com/news_all_news/50607