هل يعود زمن القائد المنتصر؟
غياب الحسم في حروب زمن العولمة
بقلم: بسام العسلي
إذا كانت معركة (بدر الكبرى 2هـ= 622م) و(فتح مكة 8 هـ = 629م) إلى جانب
الغزوات والسرايا والبعوث الأخرى أيام العهد النبوي؛ قد شكلت قاعدة
الانطلاق نحو المعارك الحاسمة التي أشرقت بها صفحات فن الحروب الإسلامي؛
فإن هذه المعارك الحاسمة قد لازمت مسيرة الفتوح الإسلامية عبر التاريخ،
حتى صار من الصعب إحصاء أعداد تلك المعارك، فكان منها، على سبيل المثال:
(اليرموك والقادسية 13هـ = 634م)، وكان منها أيام الحروب الصليبية القديمة
(ملاذكرد 463هـ = 1071م) و(حطين 583هـ = 1187م) و(عين جالوت 659هـ =
1260م)، وكان منها أيضا:(فتح القسطنطينية 857هـ = 1453م) وحتى الحروب
الثورية الإسلامية، التي عرفتها الشعوب العربية والإسلامية في ليل
الاستعمار الغربي والشرقي، لم تكن بعيدة عن (معارك الحسم). وكما كان للعرب
والمسلمين أيامهم الحاسمة: فقد كان لكل الشعوب أمجادها ومعاركها الحاسمة،
في حروبها. ولهذا لم يعد مباغتاً أن تتكاثر التساؤلات في كل أوساط قيادات
العالم عن أسباب غياب الحسم في حروب الأزمنة المعاصرة، وعقم هذه الحروب
وإجدابها.
1- نهاوند (فتح الفتوح) 21هـ = 641م
ما
إن انطلقت جيوش العرب المسلمين – بعد انتهاء حروب الردة – لتعريف أهل
الدنيا على رسالة السلام والإسلام؛ حتى اصطدمت بجدار صلب نظمه (المعاندون
من الكفر) على تخوم بلاد العراق، والشام. واستطاع (المثنى بن حارثة
الشيباني)، وإخوانه من قادة الجهاد في سبيل الله على أرض العراق، منازعة
الفرس في صراع مرير؛ وأمكن لهم (سنة 13هـ و14هـ) تحقيق انتصارات كبيرة من
أهمها: (الولجة، وأليس على الفرات، والمقر؛ وفم ذات بقلي) ثم جاء خالد بن
الوليد لقيادة حرب العراق فكانت (أيام العراق – الخالدة) وكان منها: (عين
النمر ودومة الجندل والحصيد، والفافس, ومصيخ بني الرشاء؛ والتني والزمل
وبابل والسقاطية وكسكر والجسر والبويب). وكانت هذه الانتصارات حاسمة من
حيث تدمير القوى الكبيرة التي حاولت اعتراض مسيرة الفتوحات.. مما استنفر
قادة وحكام (بلاد فارس) فحشدوا حشودهم لانتزاع النصر؛ فكانت معركة
القادسية، التي أكدت تفوق جيوش الفتح، وتصميمها على انتزاع النصر الحاسم:
غير أن الحرب لم تصل نهايتها، حيث استمرت محاولات الفرس للقضاء على القدرة
العربية الإسلامية المتعاظمة باستمرار. فوقعت في الفترة (14 – 17هـ = 635
– 638م) معارك حاسمة – إضافية – كان منها (بابل – بهرسير – المدائن –
جلولاء – تكريت – ماسبذان – قرقيداء – الأهواز – طاووس – تستر – السوس).
ولم
يكن أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب – رضي الله عنه) راغباً في متابعة
الحرب؛ بهدف إتاحة الفرصة لبناء القاعدة الإسلامية في البلاد التي تم
فتحها في (الشام والعراق ومصر). وتأمين متطلبات الأمن والسلام لبناء هذه
القاعدة. غير أن تعاظم خطر الفرس دفع أمير المؤمنين لعقد مؤتمر للشورى في
قاعدة الإسلام (المدينة المنورة) – ونبين خلال مناقشة الموقف على جبهة
العراق ما يلي: (إن بقاء إمبراطور الفرس في عاصمة دولته، وإرادته في
متابعة الحرب هي سبب متاعب العرب المسلمين). وعلم أمير المؤمنين (سنة 21هـ
= 641م) أن الفرس حشدوا جيوشهم الضخمة في (نهاوند) غير بعيد عن تخوم
العراق الشرقية؛ فقرر الأخذ باقتراحات كبار الصحابة ، والعمل على إرسال
جيش للعراق، وكان الصحابي (النعمان بن مقرن) قد كتب رسالة إلى أمير
المؤمنين التمس منه إعفاءه من واجب (جباية الخراج في كسكر) التي عينه فيها
أمير العراق (سعد بن أبي وقاص) وإرساله إلى الحرب، فكتب له أمير المؤمنين
رداً على رسالته ، وعينه على حرب العراق ، وكان مما كتبه له:
(بلغني أن
جموعاً من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند؛ فإذا أتاك كتابي هذا
فسِرْ بأمر الله وبعون الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين؛ ولا توطئهم
وعراً فتؤذيهم؛ ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم؛ ولا تدخلنهم في غيضة؛ فإن رجلاً
من المسلمين، أحب إليّ من مئة ألف دينار).
وكتب أمير المؤمنين في الوقت
ذاته رسائل إلى عماله وأمراء الأجناد في أقاليم الأهواز (سلمى ابن العين
وحرملة بن عرفطة)، وكان مما جاء فيها: (أشغلوا فارس عن إخوانكم؛ وحوطوا
بذلك أمتكم وأرضكم؛ وأقيموا على الحدود ما بين فارس والأهواز حتى يأتيكم
أمري).
كما كتب أمير المؤمنين رسالة إلى (أبي موسى الأشعري) وطلب إليه
التوجه بجيش البصرة لدعم (النعمان) والعمل تحت قيادته.. وطلب – أمير
المؤمنين – أيضًا إلى (حذيفة بن اليمان) تشكيل جيش من أهل الكوفة؛
والانضمام إلى (النعمان بن مقرن) فيما كان جيش (المدينة المنورة)، الذي ضم
كبار رجال الصحابة ومقاتليهم (وبينهم: عبدالله بن عمر بن الخطاب وجرير بن
عبدالله البجلي والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن معد يكرب الزبيدي؛ وطليحة بن
خويلد الأسدي، وقيس بن مكشوح المرادي) يغادر المدينة نحو نهاوند. وبذلك:
عمل أمير المؤمنين على عزل مسرح العمليات – وقدم ما يمكن إرساله من القوى
التي لم يتجاوز عدد مقاتليها ثلاثين ألفاً؛ إذ بقي ميزان القوى العددي
لمصلحة الفرس الذين حشدوا جيشاً من (150) ألف مقاتل. فكانت النسبة العددية
للقوى هي واحد إلى خمسة. وإضافة إلى ذلك، فقد كانت طبيعة أرض المعركة في
(نهاوند) صعبة وشديدة الوعورة؛ وعمل جيش الفرس ( بقيادة الفيرزان) على
تحصينها هندسياً ، بحفر الخنادق واتخاذ المواقع الدفاعية. وأخذت جيوش
المسلمين من العراق والجزيرة بالوصول إلى منطقة الحشد. وعندما أنهى
(النعمان بن مقرن) استعداده كتب إلى أمير المؤمنين يستأذنه ببدء المعركة.
وكان
أمير المؤمنين يحرص دائماً على جمع المعلومات عن كل ما يتعلق بالمعركة،
فعرف صعوبة الموقف، وكان قد أعلن منذ بداية الحشد بقوله: (إن هذا يوم له
ما بعده من الأيام). وكتب إلى (النعمان) يأذن له ببدء المعركة. وكان مما
كتب له: (إذا حَدَثَ بك حَدَثٌ؛ فعلى الناس حذيفة بن اليمان؛ فإن حدث
بحذيفة حدث؛ فعلى الناس نعيم بن مقرن).
وقاد (النعمان) معركته وكان من أبرز ملامحها وأعمالها:
أ- الاستطلاع المستمر لمحيط التنظيم الدفاعي للفرس.
ب- الدراسة الدقيقة للأرض ومعرفة مسالكها وقدرة الحركة على ترابها.
ج_ تنظيم غارات قتالية لاستنزاف قدرة جند الفرس؛ وتحديد نقاط ضعفهم.
د-
وجاء يوم أول جمعة بعد بدء الاشتباكات – وهو أفضل يوم طلعت فيه الشمس –
فاستبشر (النعمان) وجنده خيراً ، وقرروا الانقضاض بعد أداء صلاة الجمعة.
وأخذ (النعمان) بنصيحة أحد كبار جنده (طليحة الأسدي) فنظم قوة كبيرة من
أقوى وأفضل الفرسان للقيام بالانقضاض على مواقع الفرس، ثم القيام بتظاهرة
خداعية بالانسحاب نحو المواقع التي نظمها المسلمون لاستجرار جند الفرس
نحوها .
هـ- نجحت الخطة، ولم تظهر الكمائن والخطوط التي انتشرت عليها
قوات المسلمين إلا بعد أن وصلت قوات الفرس لمطاردة القوات المنسحبة، حتى
لم يبق في نهاوند أحد من جنود الفرس – وفي اللحظة المناسبة – رفع
(النعمان) الراية – إيذاناً بالانقضاض، وبدأت المعركة الحاسمة ، واشتد
القتال الذي أكد تصميم كل من الطرفين على انتزاع النصر، وأنزل الله نصره
على المسلمين بعد عناء شديد.
و- استشهد (النعمان) أثناء المعركة ،
فأخفى القادة النبأ ، وعندما انتهت المعركة وانطلق الفرسان لمطاردة فلول
الفرس الممزقة عثروا على (الفيرزان) فبادره (القعقاع بن عمرو التميمي)
بضربة قاتلة، وأذّن مؤذن المجاهدين في سبيل الله لرفع صلاة الشكر، وقرأ
الإمام: (كم تركوا من جنات وعيون)(1).
ز- لم تكن معركة (نهاوند) حاسمة
بسبب انتصار جيش صغير لا يزيد عدد مقاتليه على ثلاثين ألفاً ، ضد عدو
يقاتل دفاعياً بقوة تزيد خمسة أضعاف على حجم القوة الهجومية، وإنما كان
النصر حاسماً للأسباب التالية:
أولاً- وضعت معركة (فتح الفتوح –
نهاوند) حداً حاسماً ونهائياً لدور ملك الفرس (يزدجرد)، الذي استنزفت
المعارك مع العرب المسلمين قدرات بلاده القتالية ، كما أن تلاحق الهزائم،
وضع جنود الفرس في حالة يأس وإحباط من ضياع كل فرصة للقتال وللمحافظة على
النظام الفارسي القديم.
ثانياً- صحيح أن المقاومات القتالية في مدن
فارس قد استمرت في محاولات إعاقة تقدم جيوش العرب المسلمين؛ غير أن هذه
الجيوش، أفادت من (نهاوند) ونتائجها فسارعت للتحرك على ثلاثة محاور: ففي
الشمال تم التحرك على محور قزوين وزيجان والدليم وأذربيجان وباكو (باب
الأبواب) وجرجان وطبرستان ونيسابور وطوس وقره وهراة باذغيش والجوزجان
وفاريات والطالقان. وعلى المحور (أو القطاع) الأوسط – تم الاستيلاء على
اصبهان وهمذان وراج روذ والري وقومس وكرمان، وعلى المحور الجنوبي تم فتح
اصطخر وفسا ودرا بجرد وتوج واقليم مكران – في بلاد السند – وجاء هذا
التحرك على كل المحاور (كالسيل الجارف) ليحرم بقايا الفرس من تبادل الدعم
وهذا مما أضيف إلى رصيد المعركة الحاسمة في (فتح الفتوح – نهاوند).
2- الطرف الأغرّ 1220هـ = 1805م
عندما
انقض رعاع باريس (الغوغاء) على حصن الباستيل يوم 14 تموز – يوليو – 1789م
– معلنين بذلك انطلاقة الثورة الفرنسية؛ لم يكن ذلك موجهاً ضد إنكلترا
بصورة مباشرة، بقدر ما كان حدثاً يتهدد (الأسر الحاكمة في أوروبا). غير أن
إنجلترا، التي كانت يومها تخوض ذروة حروب (الثورة الصناعية) التي اقترنت
بحركة (الاستعمار الغربي – الأوربي)، وجدت في هذه الثورة فرصة لها لتدمير
المنافسة الفرنسية التي كانت تهدد مصالحها في عالم ما وراء البحار.
وقد
وجدت تلك المخاوف حجة قوية لها للقضاء على المنافسة البحرية الفرنسية، إذ
كانت السياسة الاستراتيجية لبناء (بريطانيا العظمى) قد اعتمدت على (القدرة
البحرية البريطانية) للحرب والتجارة ونقل البضائع. وجاءت حملة نابليون
بونابرت على مصر (يوم 2 تموز – يوليو – 1798م) فشكلت فرصة رائعة لقائد
الأسطول البريطاني (الأميرال نلسون 1758 – 1805م) لكي يدمر الأسطول
الفرنسي الذي نقل جيش (نابليون بونابرت) إلى مصر, والذي ضم 13 سفينة حربية
و300 سفينة نقل جنود وأكثر من 35 ألف جندي مقاتل، و(15 ألف بحار وعالم
وفني من المدنيين)، فتحرك (الأميرال نلسون بأسطوله نحو مصر وخاض معركة
النيل (الشهيرة بمعركة أبي قير) في اليوم الأول من آب – أغسطس – 1798م وتم
تدمير الأسطول الفرنسي وإغراقه في مياه الإسكندرية. وخسر الأسطول
البريطاني في المعركة 218 قتيلاً و677 جريحاً؛ فيما زادت خسائر الفرنسيين
– في القوات – على عشرة أضعاف خسائر البريطانيين .(2)
وكان من أبرز
نتائج المعركة وضع حد لطموح نابليون في غزو إنكلترا، إذ صرح، بعد فراره من
مصر وانسحابه خلسة، ووصوله إلى فرنسا (يوم 11 شباط – فبراير – 1798) بما
يلي: ( إننا لن نتمكن من الحصول على السيادة البحرية، مهما بذلنا من جهد،
قبل مضي سنوات عديدة. وإن القيام بإنزال في إنكلترا، قبل الحصول على
السيادة البحرية، ماهو إلا ضرب من الحماقة، إذ ستصطدم المهمة بأشد
الصعوبات التي يمكن تصورها).
وانصرف نابليون بجهده لإعادة بناء الأسطول
الفرنسي، مع تركيز الجهد القتالي على الأعمال الحربية البرية فوق تراب
القارة الأوروبية، إذ استمرت الحروب النابوليونية الظافرة دونما توقف،
فيما كان (الأميرال نلسون) يتابع حروبه البرية التي كان من أهمها: (معركة
كوبنهاغن 1801م) التي كافأته عليها الحكومة البريطانية بتعيينه قائداً
لأسطول البحر الأبيض المتوسط (1803م).
واستمر الصراع في البحر، فيما
كانت فرنسا تطور استعداداتها لغزو بريطانيا. وفي 11 نيسان – أبريل 1805م
عقدت معاهدة بريطانية – روسية (لتعزيز السلام وتحقيق التوازن في القوى)،
وكان يقابل هذه المعاهدة تحالف نابليون بونابرت مع أسبانيا وهولندا، فأصبح
هناك مجال واسع لانتشار البحرية في موانئ فرنسا وإسبانيا وهولندا، وبقيت
إنكلترا محتفظة بسيادتها البحرية فكان لديها 240 سفينة حربية و317 فرقاطة
(حراقة) وأكثر من 611 زورقاً خفيفاًِ، فيما لم تتمكن فرنسا من تجهيز
وامتلاك أكثر من 103 سفن حربية و55 فرقاطة (حراقة). ولهذا لم يكن من الصعب
على البحرية البريطانية فرض حصار فعال على الموانئ التي يحتمي بها الأسطول
الفرنسي: (طولون- وقرطاجة – إسبانيا – قادس – وفيرول ( الإسبانية )
وروشفورت، وبريست...).
وفي يوم 2- آذار – مارس – 1805م أصدر (نابليون)
أوامره إلى قائد أسطوله (الأميرال فيلنوف) لاختراق الحصار، والإبحار إلى
الهند الغربية (أمريكا اللاتينية) ومهاجمة الممتلكات البريطانية في
(المارتينيك) وإلحاق أكبر الخسائر بها، ثم تجميع الأساطيل الفرنسية
والعودة للإنزال في إنكلترا. وبدأت المطاردات والبحث عن المعركة الحاسمة
بين (الأميرال البريطاني نلسون) و(الأميرال الفرنسي فيلنوف) ما بين موانئ
المتوسط والأرخبيل الأمريكي الجنوبي. وكانت هذه مقدمات معركة (الطرف
الأغر) الحاسمة.
وفي يوم 22 آب – أغسطس 1805م كتب (نابليون) إلى قادة
أساطيله البحرية وإلى (فيللنوف) ما يلي: (سينضم إليك أسطول بريست، وعندما
يصل يجب عدم إضاعة ولو يوماً واحداً؛ بل يجب التحرك فوراً إلى القتال،
وذلك للانتقام من الإهانات التي وجهتها إنكلترا إلى فرنسا طوال ستة قرون..
اركبوا البحر ولا تضيعوا لحظة واحدة، واقتحموا القتال بأسطولنا الموحد،
نحن على استعداد؛ وقد ركب جنودنا البحر، سينتهي كل شيء إذا ما أمكن لكم
الوصول خلال ثمان وأربعين ساعة).
هذا فيما كان قائد الأسطول البريطاني
(الأميرال نلسون) يعقد مع قادة قطع أسطوله مؤتمره للحرب، حيث شرح لهم خطته
ببساطة (البحث عن المعركة الحاسمة، والالتحام القريب).
وكان مما قاله
لهم: (لابد في القتال البحري من ترك بعض الأمور للحظ والصدفة.. غير أني
أتطلع إلى النصر بثقة تامة؛ وذلك قبل أن تتمكن مقدمة قوات العدو من
الانضمام إلى مؤخرته.. وبذلك يمكن للأسطول البريطاني مجابهة العشرين سفينة
من أسطول العدو بكفاءة عالية، أو العمل على مطاردتها إذا ما حاولت التملص
من المعركة أو الانسحاب).
وانتهى مؤتمر الحرب، وقادة أسطول نلسون يضجون
حماسة للمعركة، ووقعت المعركة الحاسمة يوم 22 تشرين الأول – أكتوبر –
1805م وكانت بالغة العنف والشدة. وفيما كان (نلسون) يتابع قيادة المعركة –
سقط أرضاً وهو يقول لقبطان سفينته: (لقد أصابوني أخيراً – يا هاردي – لقد
قسم عمودي الفقري بقسوة) فحملوه إلى قمرة القيادة، وفيما كان يلفظ أنفاسه
الأخيرة، جاءه البشير: (لقد تم تدمير الأسطول الفرنسي – الإسباني) فنطق
كلماته الأخيرة: (الحمد لله، أتممت واجبي لوطني). وكان الأسطول الفرنسي
يضم 33 سفينة حربية، نجحت 9 سفن منها في الانسحاب من المعركة والوصول إلى
قابس، فيما كانت أربع سفن تصل إلى جبل طارق. ودُمرت 17 سفينة، واستولت
البحرية البريطانية على 13 سفينة، وبقي موقع المعركة (الطرف الأغر) رمزاً
لمعركة بحرية حاسمة حولت مسار الحروب النابوليونية.
3- معركة سيدان 1287هـ = 1870م
استطاع
الامبراطور الجرماني (فريدريك الكبير 1712م – 1786م) وضع قاعدة بناء
الدولة الألمانية بتوحيد عدد من الإمارات الجرمانية. غير أن الحروب
النابوليونية أعاقت تطوير هذا البناء.