اتفاقية التعاون العسكري الروسية ـ الإسرائيلية الجديدة
توجهوزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك قبل أيام إلى العاصمة الروسية موسكووذلك في زيارة مثيرة للاهتمام تعلقت بتعزيز العلاقات العسكرية الروسية ـالإسرائيلية، ودعم روابط دبلوماسية خط موسكو ـ تل أبيب المتعلقة بقضاياوملفات الأمن والدفاع: ما هي أهمية زيارة "الجنرال" إيهود باراك إلىموسكو؟ وما هو جدول أعمال الزيارة؟ وما هي تداعيات هذه الزيارة على مستقبلالعلاقات الروسية ـ الإسرائيلية ومستقبل الموقف الروسي إزاء ملفات الصراعالعربي ـ الإسرائيلي؟
جدول أعمال زيارة الجنرال باراك في روسيا: ماذا تقول المعلومات؟
تحدثت التقارير والتسريبات عن زيارة وزير الحرب الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك إلى العاصمة الروسية موسكو بما تضمن الآتي:
ـ فترة الزيارة: لمدة يوم واحد.
ـ الغرض: توقيع اتفاقية تعاون عسكري روسي ـ إسرائيلي
ـ اللقاءات: رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف ورئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي.
هذا، وتقول المعلومات، بأن اتفاقية التعاون العسكري الروسية ـ الإسرائيليةقد نصت على قيام إسرائيل بتزويد روسيا بالتكنولوجيا العسكرية المتطورة،وأشارت التسريبات إلى أن هذه الاتفاقية تضمنت البنود الآتية:
ـ قيام إسرائيل ببيع 12 طائرة بدون طيار لموسكو.
ـ قيام إسرائيل بتدريب 50 عنصراً روسياً لجهة القيام بتشغيل واستخدام الطائرات بدون طيار.
أكدت التسريبات بأن قيام إسرائيل بتزويد روسيا بتكنولوجيا الطائرات بدونطيار سوف يشكل المحطة الأولى، والتي سوف تعقبها محطة أخرى سوف يقومالإسرائيليون بمقتضاها بتزويد روسيا بالتكنولوجيا الليزرية العسكريةالمتطورة. وفي هذا الخصوص، أشارات بعض التسريبات إلى أن هناك اتفاقيةتعاون عسكري روسي ـ إسرائيلي سوف يتم توقيعها لاحقاً لصفقة بيع طائراتبدون طيار إسرائيلية متطورة إلى روسيا في حدود مبلغ 100 مليون دولار.
هذا، وتقول المعلومات، بأن وزارة الدفاع الإسرائيلية قد وافقت على قيامشراكة بين إحدى شركات الصناعة الجوية الإسرائيلية وإحدى شركات الصناعةالجوية الروسية، وذلك بما يتيح قدراً أكبر من الاستقرار لعلاقات التعاونالعسكري الروسي ـ الإسرائيلي.
التعاون العسكري الروسي ـ الإسرائيلي: المقدمات غير المعلنة
تقول بعض التسريبات الواردة، بأن موسكو قد انتبهت إلى مدى ضرورة الانفتاحعلى القدرات العسكرية الأمريكية المتطورة، وذلك على خلفية ملاحظة الخبراءالعسكريين الروس لأداء الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية خلال فترة العملياتالعسكرية في الحرب الجورجية ـ الروسية، وأيضاً في فترة ما بعد الحربالجورجية ـ الروسية.
هذا، وأضافت التحليلات الجارية، بأن موسكو قد سعت إلى واشنطن من أجلالحصول على التكنولوجيا العسكرية المتطورة، ولكن، وكما اتضح لاحقاً، فلشيءفي نفس يعقوب كما يقولون، امتنعت واشنطن عن تلبية رغبة موسكو، وفي نفسالوقت تركت الفرصة لإسرائيل لكي تقوم بمهمة تمرير التكنولوجيا العسكريةالمتطورة ضمن صيغها المعدلة إسرائيلياً إلى روسيا. وأضافت التحليلات بأن«نافذة الانكشاف» العسكري التكنولوجي الروسية قد فتحت بالمقابل «نافذةالفرصة» للإسرائيليين، والذين بادروا بإخطار موسكو عن رغبة تل أبيب فيتلبية احتياجات موسكو، إذا وافقت موسكو بالمقابل على تلبية احتياجاتالإسرائيليين. وفي هذا الخصوص تمثلت المطالب الإسرائيلية في الآتي:
ـ عدم تزويد خصوم إسرائيل الشرق أوسطيين (وتحديداً سوريا وإيران) بالقدراتالعسكرية الروسية المتطورة، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمنظومات الدفاعالجوي الروسية.
ـ بناء شراكة تعاونية روسية ـ إسرائيلية تتمتع بالاستقرار والثبات.
ـ تعزيز التفاهم المشترك الروسي ـ الإسرائيلي حول قضايا ضبط التسلح في منطقة الشرق الأوسط والقوقاز وبقية مناطق الجوار الروسي.
هذا، وبالمقابل، فقد تمثلت قائمة المطالب الروسية بالآتي:
ـ امتناع الإسرائيليين عن تزويد جورجيا بالقدرات العسكرية المتطورة.
ـ امتناع الإسرائيليين عن التدخل في بلدان الاتحاد السوفييتي السابقة بما يضر المصالح الروسية.
ـ التزام الإسرائيليين بتدريب الخبراء الروس والعناصر الروسية على استخدام التكنولوجيا العسكرية المتطورة.
أشارت بعض المعلومات إلى أن الإسرائيليين قد أظهروا منذ قبل بضعة أسابيععن امتناعهم عن تزويد جورجيا بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، وأشار بعضالخبراء إلى أن الموقف الإسرائيلي قد انعكس في بعض الارتباكات التي طرأتفي العاصمة الجورجية تيبليسي، وعلى وجه الخصوص تزايد إلحاح الرئيس الجورجيميخائيل ساخاشفيلي على ضرورة أن تقوم واشنطن بالضغط على إسرائيل بما يدفعتل أبيب إلى الموافقة لجهة الاستمرار في دعم جورجيا بالقدرات العسكريةالمتطورة الضرورية لتعزيز قدرات الجيش الجورجي لجهة القيام بمواجهة الخطرالروسي والذي أصبح واضحاً بعد أن قررت موسكو إقامة قاعدة عسكرية روسية فيأوسيتيا الجنوبية.
تحدثت بعض التقارير والتحليلات عن اتفاقية التعاون العسكري الروسية ـالإسرائيلية هذه باعتبارها اتفاقية غير مسبوقة، وذلك للأسباب الآتية:
ـ تعتبر هذه الاتفاقية الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين تل أبيب وموسكو.
ـ مجال التعاون الثنائي الذي سوف يتم ـ كما هو مفترض ـ سوف يتضمن التكنولوجيا المتطورة.
هذا، وإضافة لذلك، تجدر الإشارة إلى الطبيعة المزدوجة لهذه الاتفاقية، فهيوإن كانت من الناحية المعلنة قد أشارت إلى التعاون العسكري التكنولوجي،فإنها من الجهة الغير معلنة قد انطوت على فتح باب لعقد الصفقات السياسية ـالأمنية ـ العسكرية الروسية ـ الإسرائيلية.
تشير بعض التحليلات إلى أن هذه الصفقة سوف تترتب عليها العديد من المسائل الفائقة الأهمية، وعلى وجه الخصوص في الجوانب الآتية:
ـ التأثيرات الإسرائيلية على الإدراك الروسي الاستراتيجي العسكري إزاء منطقة الشرق الأوسط.
ـ تعزيز القدرات الروسية إزاء القيام بعمليات مكافحة الحركات المسلحة في القوقاز الشمالي.
هذا، ومن المتوقع أن تسعى موسكو إلى شن حرب جوية مستخدمةً الطائرات بدونطيار الإسرائيلية ضد الأهداف المعادية لروسيا في مناطق القوقاز الشمالي،وعلى وجه الخصوص جمهوريتا داغستان والشيشان، وذلك على غرار حرب العملياتالجوية التي تقوم أمريكا بشنها مستخدمة الطائرات بدون طيار ضد بعض الأهداففي مناطق القبائل الباكستانية.
نفت بعض المصادر الروسية أن يكون لصفقة التعاون العسكري الروسية ـالإسرائيلية أي تأثير على علاقات موسكو والتزاماتها إزاء تزويد حلفاءهابالقدرات العسكرية، وذلك على أساس اعتبار أن المنظور الروسي سوف يظل كماهو محتفظاً بطابعه التقليدي المعروف الذي يؤكد على حق موسكو في تزويدحلفاءها بالقدرات العسكرية الدفاعية، والامتناع عن تزويدهم بالقدراتالعسكرية الهجومية.