النكسه :
في 14 مايو 1967 اعلنت حاله الطوارئ ، وقدمت نفسي لادارة سلاح المدفعيه ، والذي حولتني الي مدفعيه الفرقه السادسه مشاه التي كان يقودها اللواء عبد القادر حسن ورئيس اركان الفرقه اللواء فايق البوريني والعقيد احمد بدوي رئيس عمليات الفرقه (( قائد الفرقه السابعه مشاه في حرب اكتوبر ولاحقا وزير الدفاع ))
وسالت عن مكانها وعندما اتجهت اليها لتقديم نفسي وجدت ان الفرقه السادسه قد تحركت الي سيناء وانها في منطقه بير تمادا ، وتحركت الي سيناء لالحق بالفرقه السادسه في سيناء .
ومن حظي ان قائد مدفعيه الفرقه السادسه مشاه هو محمد حسن غنيم والذي كان قائد مدفعيه السويس سنه 1956 وخدمت معه من قبل عندما كنت ملازم ثان وكان يعرفني جيدا ويعرف امكانياتي ، وابلغني بمهمه الفرقه الحيويه جدا .
وفي يوم 26 مايو 1967 حضر المشير عامر ومعه قيادات القوات المسلحه في زيارة للقوات بسيناء وتم عقد مؤتمر معه في الحسنه وحضرت هذا المؤتمر الذي بدأ بعرض المشير للموقف السياسي والعسكري ، وبدا شديد الثقه بأننا سوف نلقن اسرائيل درسا لن تنساه عقابا للتخلص من اثار حرب 1956 وكان يقصد مرور السفن من مضيق تيران ، وسأله احد الضباط عن موقف الاسطول السادس الامريكي في البحر المتوسط ، فنظر المشير الي الفريق صدقي محمود قائد الطيران وسأله (( هما الضباط مش عارفين احنا عندنا ايه ؟؟ اشرح لهم يا صدقي )) فبدأ الفريق صدقي محمود شرحه بأن لدينا طائره تحمل صواريخ جو ارض او جو سطح تستطيع اصابه هدف علي مسافه 150 كيلو متر .(( يقصد القاذفه الـ TU 16))وهنا تدخل المشير ضاربا بيده علي الطاوله (( لو الاسطول الامريكي قرب من مصر هسيح دمه ))
فعلي الحماس والتصفيق ارجاء القاعه ، وعندما خرجت من القاعه كان لدي شعور غريب بعدم الراحه وهو ما شاركني فيه احد الضباط اثناء عودتنا بالسيارة للفرقه السادسه مشاه .
وبعد ايام تحركت الفرقه ليلا الي الكونتلا وهي نقطه علي الحدود الدوليه بين مصر واسرائيل ، وكنا نتحرك علي الجنزير طبقا للكتب العسكريه من ناحيه التنظيم والتحرك والانتشار والوقايه .
وصلنا الكونتلا ليله 4 – 5 يونيو وبدأنا في اعداد الموقع دفاعيا ، علي ان نقوم صباح اليوم التالي بوضع خطط النيران للفرقه السادسه .
وكانت الاوامر هي ان اوضاع قواتنا هي دفاعيه ، مع وجود خطه هجوميه للفرقه السادسه لمهاجمه جنوب اسرائيل في حاله اصدار الاوامر بذلك .
في صباح 5 يونيو فوجئنا بضرب مدفعي اسرائيلي ضدنا ، ولم نواجهه اي ضربات جويه حتي ذلك الوقت ، فبدأنا في التحرك للرد ولم نكن قد فتحنا نقاط ملاحظه واداره نيران للمدفعيه بعد ، واصدرت اوامري بفتح النيران ضد اتجاه العدو بدون معرفه مكانه واصدرت الاوامر بالضرب علي مسافات متدرجه تجاه العدو فكنا نضرب علي مسافات مختلفه وبالتدرج لاسكات مدفعيه العدو ، وبفواصل قليله حتي نتأكد من اصابه الاهداف ، ونجحنا في اسكات مدفعيه العدو ، ومن الواضح انهم عرفوا اننا رصدنا مكانهم فتحركوا علي الفور .
ونجح احد اللواءات من الفرقه في صد هجوم مدرع معادي شمال منطقه تمركزنا مما رفع من معنوياتنا للسماء تلي هذا الاشتباك المدفعي انه قد صدر لنا امر بالانسحاب في نفس اليوم
وخلال انسحابنا نجوت من الموت اربع مرات
بدأنا تنفيذ الاوامر بالانسحاب بعد ساعات قليله من الاشتباك مع قوات العدو ، وبدون ان تتعرض قواتنا لاي هجمات مؤثره علي مواقعنا ، وخلال الانسحاب نجاني الله من الموت اربع مرات محققه
الاولي :
عند مدخل ممر متلا الغربي بنحو عشره كيلو مترات ، هاجمتنا الطائرات الاسرائيليه والقت قنابل النابالم ، وانفجرت تلك القنابل في السيارات حتي السيارة التي امامي مباشرة احترقت ، ولن انسي ما حييت منظر الجنود المحترقين بالنابالم ورائحه اللحم المحترق ، فقد كان مشهدا بشعا بكل الاوصاف ولن انساه ابدا .
الثانيه :
بعد قصف النابالم اضطررنا لترك السيارات لغلق الطريق والسير علي الاقدام لمسافه ، وقابلتنا سياره اصلاح ( ونش) وتوقفت لنا ، وطلبنا الركوب الا ان السائق اشترط ركوب سياده الرائد فقط ( يقصدني انا ) وترك بقيه الجنود ، وعندما رفضت ترك جنودي ، تحرك السائق بسيارته تاركنا كلنا ، واستمررنا في سيرنا لنقابل تلك السياره بعد فترة طويله عند مدخل ممر متلا وقد قتل السائق من جراء اصابات قاتله في ظهره ، ولو كنت معه لكنت مت معه .
الثالثه :
اضطرنا لصعود الجبل المحاذي لممر متلا نظرا لغلق الممر بالعربات المدمرة والمحترقه بشكل يستحيل معه عبور اي فرد من وسط هذه الاكوام من الحديد واللحم المحترق ، فبدأنا في تسلق كتف الممر لعبور الممر ، وكان معي عدد من جنودي ، فأنفجرت قنبله زمنيه من مخلفات طائرات العدو وتطايرت الشظايا من حولنا وقد سقطنا علي الارض جميعا ، لاجد شظيه تطير وتسقط امام عيني تماما علي مسافه اقل من متر من رأسي ( صورة الشظيه الحديده مرفقه ) وفي ذهول قمت من علي الارض واخذت تلك الشظيه التي كان من الممكن ان تقسم جسدي نصفين ، ووضعتها في جيبي
واذا اضفنا نجاتي من قصف العدو المدفعي في الصباح فأن مجموع مرات نجاتي من الموت في ذلك اليوم هو اربع مرات ، فقد كان مقدرا لي ان اعيش حتي اروي قصتي للمجموعه 73 مؤرخين
وعند مراجعه احداث يوم 5 يونيو نجد ان القياده العامه قد حدث لها شلل فكري في التصرف لذلك سيكون من غير المفيد التعمق في احداث تلك الحرب بدقه لان كل ما حدث يتنافي مع التفكير العسكري المنظم .
عبرت القناه واستقليت عربه فنطاس للمياه في طريقها للقاهرة حيث نزلت امام ادارة المدفعيه حيث سلمت نفسي للادارة طبقا للمتبع في ذلك الوقت ، فسلموني سيارة وطلبوا مني التوجه الي منزلي للراحه !!!!
ووصلت المنزل ليله 7/8 يوينو حيث فوجئت والدتي بمنظري المخيف من حيث الاجهاد او الملابس الرثه ، واثناء الاستحمام لازاله اثار اليومين الرهيبين في حياتي ، ايقنت اننا قد هزمنا ، فعقلي بدأ وقتها فقط في استيعاب ما حدث ، فبكيت بحرارة وسمعتني والدتي ، فاتصلت بأخي اللواء طيار متقاعد عمر شكيب والذي كان يشغل منصب مدير مكتب ثروت عكاشه وزير الثقافه ، فاتصل بي بعدها واخبرني بانه سيرسل لي سيارة لتاخذني الي مكتبه في صباح اليوم التالي لمقابله الوزير
وعندما قابلت الوزير ثروت عكاشه اخبرني بحقيقه تدمير القوات الجويه في اولي ساعات القتال ، وتأكد مني ان ضباط القوات المسلحه لا يعرفون سببا لما حدث واخبرني بانه سينقل ذلك للرئيس عبد الناصر شخصيا .
وشاهدت في الليله التالي جموع المواطنين الثائرة الغاضبه تخرج من بيوتها لاجبار الرئيس عبد الناصر علي التراجع عن التنحي، ومهما قيل عن تنظيم الاتحاد الاشتراكي لهذه المظاهرات ، فهذا غير صحيح بالمرة ، فالاتحاد الاشتراكي يستطيع تنظيم المظاهرات لكنه لا يستطيع ان يدفع النساء للخروج الي الشرفات غاضبات ثائرات تجاوبا مع جموع المواطنين ، فأوكد عبر موقعكم هنا وللتاريخ ان تلك المظاهرات كانت عفويه شعبيه .
ما بعد النكسه و حرب الاستنزاف
اخطرتني ادارة المدفعيه بالانضمام الي الفرقه السادسه مشاه مرة اخري عند علامه الكيلو 100 طريق السويس ، حيث رشحني اللواء عبد القادر حسن للعمل كرئيس عمليات منطقه السويس وقائد المدفعيه بها مع اللواء عبد المجيد فهمي بيبرس والذي كان قائدا لقطاع السويس وذلك في المده من 16 يونيو 1967 وحتي 28 يونيو 1968، وكانت قياده قطاع السويس في تلك الفترة في بدروم مبني المحافظه ، وخلال فترة عملي في السويس حدثت احداث كثيرة جدا اذكر بعضها .
* استقبال اللواء الرابع الجزائري في 19/6/1967 في السويس حيث ظل اللواء الجزائري لمده ما تقرب من سته اشهر في مصر غادر عائدا الي بلاده ، وكان يتميز بالانضباط الشديد والجاهزيه العاليه .
* استطلاع موقف اللنش الاسرائيلي الذي يجوب قناه السويس في قطاع الكتيبه 79 مظلات والتي تتمركز في جنوب السويس في منطقه بورتوفيق واصطحابي لاول اسيرين اسرائيليين في يوم 14/7/1967 وتسليم الاسري الي المقدم فاروق بشير قائد مكتب مخابرات السويس ، وللتاريخ فأن اسماء هؤلاء الاسري هو الملازم بحري فيدو ميلانسكي ابراهام ، والرقيب بحري يعقوب كاهانوف.
* دفع سيارات بمكبرات صوت بالتعاون مع محافظ السويس لاعلام اهالي السويس والدفاع الشعبي بعدم اطلاق النار علي الطائرات المصريه التي ستمر فوق مدينه السويس ، نظرا لان الدفاع الشعبي المتمركز فوق اسطح المباني كان يطلق نيرانه علي اي طائرة في السماء ، وقد ادي ذلك لخروج الاهالي الي اسطح المباني لمشاهده الطائرات المصريه تقصف ارتال العدو المدرعه شرق القناه لاول مرة منذ يوم النكسه ، وتعالت الصيحات والزغاريد مع صوت كل انفجار يصل الي اسماعنا من شرق القناه .
* مصاحبه الفريق عبد المنعم رياض في زيارته المفاجئه للسويس يوم 14 سبتمبر 1967 وحضور اللواء احمد اسماعيل قائد الجبهه ، واصطحابهم الي بورتوفيق لاستطلاع قوات العدو شرق القناه حيث لم يكن الفريق رياض علي علم دقيق بنوع التحصينات التي اتخذها العدو شرق القناه واراد الاستطلاع بنفسه ودبرنا له احد الشقق المهجورة في احد البنايات العاليه المطله علي بورتوفيق حيث استطلع بنفسه الحفر التي اعدها العدو لاخفاء جسم الدبابات وترك البرج فقط ظاهرا للضرب
وفي 29 يونيو 1968 عينت رئيسا لعمليات الواء 66 مدفعيه ( تحت التشكيل ) وذلك خلال الفترة من 29 /6 /1968 وحتي 19/7/1969 ، وعندما اتم اللواء التشكيل والاستعداد القتالي بالماظه تحرك اللواء الي قطاع الفرقه 16 مشاه في القنطرة غرب للاشتراك في معارك حرب الاستنزاف .
وبعد اقل من شهر من وصولنا وتحديدا يوم 8 سبتمبر قامت المدفعيه بقصف مركز لقوات العدو شرق القناه وحتي عمق 20 كيلو داخل سيناء واشترك في الضربه 38 كتيبه مدفعيه .
( استكمال من المرفق )
وفي يوم 20 يوليو 1969 نقلت الي قياده الجيش الثاني كاركان حرب علميات وتدريب قياده الجيش الثاني ، وذلك حتي 23 يونيو 1970 ، ثم تم انتدابي خلال هذه الفترة كرئيس عمليات مدفعيه الفرقه الثانيه مشاه لمرض رئيس عملياتها المقدم محمود عز الدين محمد علي ، وبعد شفائه طلب قائد الفرقه الثانيه بقائي في الفرقه الا ان العميد محمد عبد الحليم ابو غزاله رئيس اركان مدفعيه الجيش الثاني رفض ذلك .
وفي 18 يوينو 1970 تم نقلي رسميا كرئيس عمليات مدفعيه الفرقه 21 التي انشئت حديثا تحت قياده العميد كمال حسن علي والذي علمت بعد ذلك انه طلبني بالاسم من اللواء صلاح الرفاعي مدير المدفعيه .
وفي 11 مارس 1971 اجتمع قائد الفرقه 21 المدرعه العميد عادل سوكه والذي خلف العميد كمال حسن علي ، في مقر القياده بعد عودته من اجتماع مع اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني وعرض علينا امر قياده الجيش بمعرفه رأي الضباط في كيفيه التغلب علي سلاح اسرائيل الجديد بأستخدام النابالم في احباط محاوله المصريين عبور القناه ، وكذلك معرفه كيفيه امكانيه فتح الثغرات في الساتر الترابي لعبور الدبابات .
وفي ومضه ربانيه وفقني الله بأن اقترحت ان يقوم 31 ضفدع بشري ليله الهجوم بسد انابيب النابلم الهابطه للقناه من 31 نقطه حصينه بواسطه ماده سريعه التصلب .
كانت فكرتي بسيطه جدا مقارنه بافكار زملائي القاده التي ذكروها قبلي ، لكنها كانت قابله للتنفيذ واندهش العميد عادل سوكه من الفكرة وطلب مني كتابتها في ورقه ، فأخبرته بأنها مجرد اربعه اسطر ولا تحتاج لكي تكتب ، فأمر بأحضار سيارته واندفع خارجا لقياده الجيش الثاني .
وبهذه الفكرة التي اصطدمت برأسي في ومضه ربانيه ، وفقني الله لكي انقذ 35 الف جندي من الموت خلال العبور وفق تقديرات الخبراء السوفيت وطبقا لتقديرات الرئيس السادات في كتاب انيس منصور – من اوراق السادات – بنحو 60 الف جندي .
وقد تم في عام 2004 الاعلان لاول مرة عن اسمي مصاحبا لفكرة اجهاض انابيب النابالم في جريده الاهرام بواسطه الكاتب الصحفي صلاح منتصر .
وكان هذا هو فكر القياده الجديده في الجيش بعد النكسه وهو اشراك الضباط في حل المشاكل لانهم ادري بالظروف علي الارض واقدر علي حلها .
فمثلا ادخل الرائد فوزي سمعان قائد مدفعيه اللواء الاول مدرع من الفرقه 21 تعديلات علي تخته ادله نيران المدفعيه والتي حققت دقه وسرعه اكبر خلال الاشتباكات ، وقد ناقشته في هذا التعديل في مايو 1971 واعددت تقرير بذلك .
وقبل ذلك قمت بعمل تصميم لتركيب جهاز تقدير المسافه علي مركبه قياده بي تي ار 50 والتي تسمع بادارة نيران المدفعيه اثناء الحركه والتي ثبت نجاحها في العمليات .
وفي 6 مايو 1971 استدعاني العميد عادل سوكه واخبرني بان القوات المسلحه قررت نقلي الي ادارة فرع المعلومات بالمخابرات الحربيه ، وعلي ان اكتم الخبر حتي بعد الانتهاء من تنفيذ البيان العملي الذي ستجريه الفرقه 21 المدرعه امام الوزير لاحقا بعد عده ايام .
الخروج من جبهه القتال
وخلال يوم 13 مايو 1971 وجدت تشديدات امنيه قاسيه في تحرك الضباط وعندما سألت ، علمت من احد جنود الشرطه العسكريه بان نصف اعضاء الحكومه قد قدموا استقالاتهم ، فلم اعر الموضوع اي اهتمام وعدت الي الملجأ ونمت حتي صباح اليوم التالي ، حيث اخبرني العقيد سامح التهامي بأن زوج شقيقتي الوزير سعد زايد كان ضمن الوزراء المستقيليين واستمرت التداعيات ، وطبعا كلنا نعرفها .
وكان اول تداعيات هذا الموضوع علي شخصيا هو وصول خطاب بنقلي الي شعبه عمليات البحر الاحمر ، واخليت طرفي في الفرقه 21 وتوجهت الي قياده المدفعيه حيث قابلني مدير اداره المدفعيه اللواء محمد سعيد الماحي والذي اخبرني بكل لطف (( لقد اطلعت علي ملفك ووجدته مشرفا واعتقد انه لا ينقصك الذكاء لكي تدرك ان الانسان في مشوار حياته يتعرض الي عواصف ووقتها يصبح من الحكمه ان يحني رأسه لتلك العواصف حتي تمر .)) واني لاحمد الله علي لطفه بي لانني لو نقلت للمخابرات الحربيه ومنها الي منطقه البحر الاحمر كانت ستترك بي جرحا غائرا حتي نهايه العمر .
قياده البحر الاحمر العسكريه :
عينت رئيسا لفرع عمليات منطقه البحر الاحمر في 5 اكتوبر 1971 وخلال تلك الفترة حدثت لي مواقف تستحق الذكر .
* وصل الرئيس السادات الي الغردقه في 29 يناير 1972 يصاحبه وفد عسكري ، وفي المساء تم عقد مؤتمر مع الرئيس لقيادات المنطقه حيث شرح الرئيس الموقف السياسي والعسكري وركز الرئيس ان القوات المسلحه كان مقررا لها العبور في اواخر عام 1971 لكن الحرب الهنديه الباكستانيه والضباب حالوا دون ذلك ، وشدد علي ان الحاضر يعلم الغائب بأن عام 1972 لن ينقضي دون عبور القناه .
ثم فتح الرئيس باب الاسئله وكنت اول المتحدثين ، حيث شرحت تاريخي العسكري علي الجبهه واضفت انه من غير المستحسن اعاده القتال في حرب استنزاف اخري حيث اننا استوعبنا العقيده القتاليه الاسرائيليه وهي اغلي ما تملك اي دوله في الحفاظ عليه كـ سر كي تستطيع مفاجأتنا باستمرار ، وذلك نتيجه الاشتباكات المستمرة معهم بطول الجبهه
واضفت انني ساعلم ان العد التنازلي للحرب قد بدأ وقت ان تأمر سيادتكم بعوده الخبراء السوفيت الي بلادهم ، لان الدفعه الاولي من هؤلاء الخبراء الذين جاءوا الي مصر بعد النكسه كانوا علي مستوي عال جدا ، لكن مع مرور الوقت فقد تم تغييرهم بخبراء اقل مستوي من نظرائهم المصريين بعد ان تدخلت الوسائط والمحسوبيه في وصول هؤلاء الخبراء لمصر طمعا في الامتيازات المقدمه لهم هنا في مصر والتي لا يحصلوا عليها في الاتحاد السوفيتي .
وفي اليوم التالي اتصل بي اللواء محمد نبيه السيد رئيس اركان المنطقه الي مطار الغردقه وهناك صافحني سياده الرئيس وشد علي يد مرددا (( شد حيلك )) ومن الغردقه توجه الرئيس الي اسوان ومنها الي موسكو رأسا .
وبناء علي كلاماتي امام الرئيس اتصل بي محافظ البحر الاحمر واهداني طاقم مكتب هديه واخبرني بتخصيص مساحه 30 فدان في الغردقه علي البحر يسدد منها 500 جنيه للفدان والباقي بالتقسيط المريح جدا !!!!! واعتذرت للمحافظ لضيق ذات اليد .
اكتشافات مخابراتيه خلال عملي :
إنقاذ رأفت الهجان :
حتي وقت نشر قصه العميل المصري في اسرائيل رأفت الهجان ( اسمه الحقيقي رفعت الجمال) والتي شرحت فيها دورة الحيوي داخل اسرائيل وخصوصا خط بارليف ، حتي ذلك الوقت لم اكن اعلم انني شاركت في انقاذ هذا العميل الحيوي من الموت وحافظت عليه بدون ان اعلم ليستكمل عمله ، وهذا انجاز اعتز به جدا حيث انني شاركت في جنازته مندوبا عن وزير الدفاع في مطلع الثامنينات بدون ان اعلم حقيقيه .
ففي مارس 1972 وصلت للقياده صور استطلاع جوي لنقط من خط بارليف قام الطيران المصري باستطلاعها ضمن تقرير المخابرات الربع سنوي ، وتم عرضها علي الجهات المختصه وارفق في الصور تقارير عن تلك الصور ، وفوجئت بأحد الصور مدون علي احد اطرافها بجوار سهم (( مخزن ذخيرة هاون 120 ملم ))
فدارت رأسي بسرعه فجأه ، فمن المعروف ان تحليل صور الاستطلاع يستطيع تحديد اماكن مخازن الذخيرة بأشكالها المعتاده المخلتفه عن مخازن الوقود او مخازن الطعام ، وهو امر عادي ومعتاد وتعودت اعينا علي تحليله بدون الرجوع للتقرير ، لكن التحليل ذاكر ان هذا مخزن ذخيرة هاون 120ملم ، اي ان هناك شخصا ما قد دخل هذا المخزن وفتح الصناديق وعرف محتواها وارسل الي القياده المصريه بمحتويات المخزن .
فأسرعت الي قائدي وطلبت بسرعه سحب هذه الصور والتقرير من ايدي ضباط القوات المسلحه حتي لا تقع تلك الصور في يد اي خائن او جاسوس او عميل اسرائيلي داخل مصر ويضيئ كل انوار الانذار في القياده الاسرائيليه مما كان سيؤدي بالتبعيه ولو بعد وقت في القبض علي العميل المصري ، وقد علمت بعد سنوات ان العميل الوحيد الذي كان يمكنه دخول نقاط خط بارليف هو رأفت الهجان والذي شرفت بحضور جنازته في القاهرة .
اكتشاف اعمده تليفون للتصنت :
بعد تعييني للعمل في منطقه البحر الاحمر ، علمت ان هناك طائرات اسرائيليه شوهدت بالقرب من الطريق الساحلي في مكان محدد بين الغردقه وسفاجا ، وان تلك المشاهدات تكررت مرتين خلال فترة شهر تقريبا ، وقد استاذنت قائد المنطقه بالقيام بجوله استطلاع في تلك المنطقه .
وقد ظللت بالمنطقه اربعه ايام اجوبها دارسا وملاحظا اي شئ غريب وفي عقلي سؤال ، ما الشئ المميز في هذه المنطقه ؟ وما الذي يدفع الاسرائيليين للاختراق في تلك المنطقه مرتين في وقت قصير ؟
وعدت بخفي حنين بدون ان اجد شيئا غريبا ، لكن بعد فتره فقد اقتلعت عاصفه ممطره عددا من اعمده التليفونات الواصله بين الغردقه وسفاجا ، وبعد هدوء العاصفه وتوجه فرق الاصلاح لاصلاح الاعمده المتضررة ، وجد فريق منهم عمودا مجوفا من الداخل وبه اجهزة غريبه ، فتم اخطار مكتب مخابرات الغردقه الذي توجه وحمل العمود بكامله الي القاهرة ، حيث تبين ان داخل العمود اجهزة تنصنت علي المكالمات التليفونيه الماره من الغردقه وسفاجا والعكس وايضا جهاز ارسال تلك المكالمات الي اسرائيل ، اي ان كل الاوامر او المحادثات التليفونيه لقيادات منطقه البحر الاحمر مكشوفه ومتابعه ثانيه بثانيه من اسرائيل .
واتضح انه في البدايه هبطت طائرة هليكوبتر اسرائيليه وحملت عمودا من الاعمده الي اسرائيل ووضعت مكانه عمودا اخرا يشبهه تماما .
وبعد عده اسابيع عادت الطائرة لتضع عمودا اخرا مزودا باجهزه التصنت والارسال الحساسه جدا مستغله عدم وجود دفاع جوي في تلك المنطقه او رادارات لانها من المناطق البعيده والغير حيويه وكان الله رحيما بنا عندما اظهر لنا تلك الاعمده لكي نبطل تصنتهم علينا .
وبعد حرب اكتوبر 1973 نقلت في يونيو 1974 الي ادارة البحوث العسكريه وظللت بها حتي عام 1982 وفي عام 1985 انتدبت مستشارا بوزاره الدفاع الكويتيه بترشيح من المشير ابو غزاله شخصيا