[فاصل إعلاني]
قنبلة في رغيف عيش
علي زنجير: فاللي بيدور مين؟ وليام. فمحمد حمد الله اتصل بسيد عسران وقال له يا سيد في ضابط عاوزين نضربه لأنه طالع يجيب علي زنجير أنا ما أعرفش السيد عسران في الوقت ده.
تعليق صوتي: ماكنتوش تعرفوا بعض؟
علي زنجير: لا ماكناش نعرف بعض هو كان 16 سنة وأنا كان عندي 28 سنة يعني ما فيش.
سيد عسران: مش ماشي كده على طول أنا؟ أنا بسألك أنت.. مش ماشي كده؟ الشارع ده مش ماشي؟
علي زنجير: آه ماشي ما هو.
سيد عسران: أُمال ما فيش حد ماشي فيه إلا أنا؟
علي زنجير: وإن ماكنش ماشي إحنا نمشي يا عم السيد.
سيد عسران: آه مانت مش حاتدفع حاجة، أصل أنا شايف ما فيش حد ماشي إلا أنا، أه محمد حمد الله جاني يوم 13 الصبح، اللي هو يوم الإنذارات وقال لي أنا عايز حتة سلاح، فأنا قلت له حتة سلاح يعني إيه؟ فقال.. يعني طبنجة ولا كده، ضروري والنبي يا سيد لأن الراجل ده لو قبض على واحد مننا كل العملية حتفشل وحنموت وحيلاقوا الضابط اللي إحنا مخبيينه، دا هو حيكون بكرة بيسأل السواقين بتوع التاكسي على صاحب التاكسي اللي هو خطفنا بيه مورهاوس، فقلت لمحمد سيب لي الموضوع ده وربنا يوفقنا ويوفقك، يوم 13 عدى يوم 14 الصبح قمت الصبح جبت رغيف عيش حطيت فيه القنبلة، لأن أنا بيتي في أول حي العرب ووليامز حيستجوب سواقين التاكسيات في حي الأفرنج في إدارة المرور، كان فيه دوريات إنجليزي كتير قوي.. يعني ما فيش شارع مافيهوش دورية رايحة ودورية جاية إنجليزي, فعلشان أغطي نفسي، كل ماتقابلني دورية كنت بأعمل نفسي إن أنا بأقضم رغيف العيش، لدرجة إن أنا نسيت مرة وقضمت، فبان الجزء ده، دخلت في حوش بيت ورحت مداري نفسي من تاني ورجعت أكرر العملية لغاية هنا، لأن المسافة بعيدة ويشتبهوا فيا يشوفوا حاجة، فطبعاً كانت حيلة يعني، طلع ويليامز بس باين عليه الزعل والعكننة، قمت أنا رافع الورقة، ماسك الورقة، ورقة عادية جداً مش متذكر يعني، فبعملها له كده، فكلم السواق، راحت مفرملة العربية، فلما فرملت العربية، بيفتح الزجاج بيمد إيده يأخذ الورقة، فمارضتش أديها له في يده، رحت راميها في الدواسة، بيوطي هو بيأخذ الورقة من الدواسة اللي هو يمكن بيتهيأ له إنها فيها المعلومات كلها، فلما وطى رحت أنا رامي القنبلة برغيف العيش جوه فوق ظهره على طول وأنا بأجري.. لوحدي الأول كنت، إنما لما حصل الانفجار، المكان كله والحي كله بقي بيجري، بقى كل واحد من الناس يبص للتاني ويقول له هو فيه إيه؟ أنا أقول له هو فيه إيه؟ في النهاية وصلت لبيت، بصيت لقيت فيه عربية جيب فيها اثنين عساكر إنجليز غير السواق وكل واحد معاه رشاش وجايين يجروا، أنا لأني عامل حاجة بيتهيأ لي إنهم جايين.. خلاص قفشوني، جايين يقفشوني يعني، فأتضح إن مش هي دي الحقيقة لأني لما دخلت البيت طلعت على الشارع التاني وما جوش ورايا، لحسن الحظ أو لسوء الحظ إن وليامز كان.. منير الألفي كان بيتعامل معاه بالسياسة فبعت المخبر يجيب له قهوة من قهوة البلياردو اللي هي قدام الشعبة، لما بعته يجيب له قهوة تأكدت إن المخبر ده هو عم محمد حسين القشطة وده من الشارع بتاعنا وشاف الموقف وشاف المنظر وشايفني وأنا واقف قدامه وأنا بأحط القنبلة، فسبقني جري بالعجلة بتاعته فلقيته واقف مع والدي عند المحل، فلقيت والدي بيتقدم لي وقال لي تعال هنا، تعال أنت عملت إيه؟ قلت له عملت إيه؟ قال لي عمك محمد شافك بنفسه، عم محمد قال لي يا سيد ده أنت قلبت الدنيا، ده الراجل ده أكبر واحد، ده قائد المخابرات بتاعهم، قلت له ما أنا عارف يا عم محمد طيب أعمل إيه؟ أسمع يابا أنت عمال تسألني علي أخويا الكبير فين؟ وأنا بأكذب عليك من يوم ما دخلوا الإنجليز، إنما أقول لك الحقيقة إن أخويا أستشهد تحت دبابات الإنجليز أول ما دخلوا وهم عاملين خديعة ورافعين العلم السوفيتي والأعلام الصينية اللي هي جاية.. بزعم أنها جايه علشان خاطر تقاوم الاستعمار مع الشعب المصري، فالناس طلعت تحيي القوات السوفيتية والصينية، ضربتهم بالمدافع وعدوا على جثثهم وما قدرتش أجيب الجثة ولا حاجة زي الناس اللي زي حالتنا، قال لي يعني أخوك آه.. طيب تعال وطلعت البيت وقال للست اللي أتجوزها بعد والدتي ما توفيت قال لها إوعي ينزل.. ما تخليهوش ينزل، المدينة قافلة بالكامل، حالة رعب حتى بعد الراجل ده ما مات، اليوم ده حصل شيء غريب جداً، بورسعيد ثلاث أحياء، حي الشرق وحي العرب وحي المناخ، تم الانسحاب من ثلثي المدينة، المناخ وحي العرب وأصبح تحت سيطرتنا إحنا رجال المقاومة، وصلت للمكان اللي تمت فيه العملية، بصيت لقيت في دم وشاش وقطن، والله أنا علشان أحس أن أنا عايش اللحظة، حطيت رجلي على الدم والشاش علشان أحس إن في حاجة فعلاً مش منظر، ماهياش صورة ولا حاجة وانهار حظر التجوال وأصبحت المدينة ثلثيها حر والناس فتحت المحلات بالليل ومشهد غريب جداً شوارع منورة وعربيات ماشية وناس بتزمر وطلقات بتتضرب في الهوا واللي مخبي بندقية بقال له شهرين طلعها.. يعني كان اليوم ده هو الانسحاب الأول.
زوجة سيد عسران: لما جه هو سأل والدي وقال له ماعندكش حاجة؟ فأنا الحاجة، أنا اللي كنت الحاجة دي فبقول لك هم كانوا كتير، إخواتي أنا تسع بنات، كان فيه اثنين متجوزين قبلي وأنا اللي كان عليا الدور لما جه هو يطلبني فكان أنا اللي علي الدور في الجواز.
سيد عسران: بس أنا كنت عايز أعمل حاجة لما جيت لك تاني مرة وما عرفتش مين فيكم أنا اللي تقدمت لها.
زوجة سيد عسران: لأ ما هو ما كانش معقول في حد يتجوز قبل ست عشرة سنة يعني.
سيد عسران: قلت بأه إيه؟
زوجة سيد عسران: كان لسه صغيرة اللي بعدي على طول كانت تبقى صغيرة قوي يعني.
سيد عسران: قلت بأه أعلمك بعلامة ولا حاجة بقلم حبر ولا كوبيا ولا حاجة علشان لما أجي المرة الجاية أعرف إنتي مين فيهم، ما هو كتير، آه أنا بأحب الرومانسية، أنا رومانسي فعلاً، طيب ما تأخدوا الحكاية منها أسمعوها منها، ما فيش قصة حب ولا حاجة.
زوجة سيد عسران: كل ما حد ييجي يكلمك في الموضوع تقوم قايل إيه محمد الشافعي اللي كتب طب ما كتب على لسان مين؟
سيد عسران: على لساني أنا.
زوجة سيد عسران: خلاص، يبقى ماتخافش.
سيد عسران: شوفي اللي فاتك ما تدوريش عليه، اللي قبلك ما تدوريش عليه، مادام في النهاية أنا اللي وقعت في الفخ ومين اللي وقعني؟ مش كده ولا إيه؟ أنتي الكسبانة.
زوجة سيد عسران: هي بتغِير.
سيد عسران: هي؟ ما أعرفش يعني، حتى في السن اللي هي فيها دي بتغِير، عن حاجة ما شوفتهاش وما لهاش دعوة بها خالص.
علي زنجير: أنا كنت بأشوفها بس ما كانش فيه.. بتضحكي على إيه؟ ما كانش في مشاغلة يعني ولا حاجة وحصل النصيب يا بنتي، جبت منها عشرة، اللي أنا كنت بأحبها فعلاً الله يرحمها اللي ماتت بالكوليرا، المرض اللي كان يجي في الوقت ده.. الكوليرا وباء.. ماتت، تقريباً 23 أو 24 سنة، تصوري الكرافتة اللي في الصورة هي اللي جايبهالي، والله هي اللي جايبهالي.
تعليق صوتي: علشان كده لبستها واتصورت بها؟
علي زنجير: أول مرة وآخر مرة أتصور بكرافتة.
تعليق صوتي: وأنت إتصورت ليه بقى بكرافتة؟
علي زنجير: عادي إتصورت لغاية ما إتجوزت بقى.
تعليق صوتي: ما إدتهاش صورة من الصور؟
علي زنجير: ها؟
تعليق صوتي: ما إدتلهاش صورة من صورك؟
علي زنجير: إدتلها.
تعليق صوتي: إدتلها، طب وكان عندك صورتها؟
علي زنجير: نعم؟
تعليق صوتي: كان عندك صورتها؟
علي زنجير: الحاجة قطعتها لما شافتها.
سيد عسران: أنا بقى هقول لك على اللي حدفن فيها علشان تبقى تجيني.
علي زنجير: بقول لك إيه يا سيد.. الأعمار بيد الله.
سيد عسران: وأنا قلت لك حاجة؟
علي زنجير: كلنا حنموت يا سيد.. أنت بتتلكك؟
سيد عسران: مادام أنا جيت هنا يبقى حبه لك وحبه لي.
علي زنجير: أنت رايح فين؟
سيد عسران: يا عم أسكت أنا بأدور على حاجة.
علي زنجير: في إيه هنا يا سيد؟
سيد عسران: حقول لك في إيه يا حاج علي.
علي زنجير: الله يسترها معاك.
سيد عسران: دي بقى شوفتوا الجبابين القديمة؟
تعليق صوتي: آه.
سيد عسران: دي بقى الجديدة اللي لسه مستلمنها من شهر، شكراً يا عمي، دي الجديدة اللي مستلمنها من شهر آخده شكل واحد، علي أنت مش رحت عن أمك هناك ومراتك؟ ما كلمتكش أنا؟
علي زنجير: خدت تربة هنا يا سيد؟
سيد عسران: نعم ما أنا جاي أشوف أنا دافع للراجل علشان ينظف فيها أهوه.
علي زنجير: يعني أخذت؟
سيد عسران: وقعدت أنظف فيها في الرمل، أمال إيه!مش بأفحر قبري بإيدي، خلاص بقى كل سنة وأنت طيب.
علي زنجير: كله واحد.
سيد عسران: فين رقم 300؟
علي زنجير: كله واحد.
سيد عسران: أنا 300 أنا.
علي زنجير: رقم كام؟
سيد عسران: أهه، لسه ما عملتش حاجة فيها، الاسم فين؟ أهه.. السيد محمد عسران، قدامي اسم بأحبه جمال عبد الناصر، يعني أنا حأبقى نايم هنا أهه.
تعليق صوتي: لأ.
سيد عسران: لأ إيه يا ماما دا أنا جايب الرمل بنفسي ما حيحصل، حيحصل.
تعليق صوتي: ما بتخافش من الموت؟
سيد عسران: أخاف منه ليه؟ ما أنا شفته كثير في شبابي، ما هو الريتم اللي إحنا قاعدين فيه ستين سنة هو هو، طيب نشوف جديد ما هو بقى المرة دي حيلعب معايا بقى، أيوه هو ده الحفار بتاعي.
علي زنجير: ده المكان اللي حتتحط فيه.
سيد عسران: ده السواق اللي خطف مورهاوس، أمشي كده يا حاج علي؟
علي زنجير: والله ما أنا عارف.
سيد عسران: ما أنت مش عارف حاجة خالص.
علي زنجير: أنا ولا أعرف إلا بيتنا والقهوة وبيت عيالي وبس.
سيد عسران: الحرفيين بقى هنا، في الحتة دي.
علي زنجير: طيب هو في نص الحرفيين.
سيد عسران: أنا لازلت بأعرف أخدع أنا خدعت برغيف العيش وخدعتك ودخلتك هنا، أجمل الذكريات إن نلتقي مجموعة على هدف واحد وإنهم ما يتخانقوش مع بعض وبيحبوا بعض جداً رغم إنهم عارفين إنهم بيصنعوا قبورهم بأيديهم، ما فيش.. ما كانش في الخوف كان يعتبر.. يعني شيء ما هواش.. أنا مش بأقول مش موجود للنهاية لا بس كان شيء ما بنحسبش له حساب.
الحياة في قبضة يد
أحمد هلال: وقت الحرب دة كان من أحسن أيام حياة الإنسان، سنة 1956 دة كان من أيام حياتي وكان الإنسان بيحس فيها بذاته، ما فيش أي قيود ما فيش هم.. يعني أنا صاحب القيود وأنا صاحب كل حاجة وما فيش حاجة أبداً، إنما أنا النهاردة الواحد مقيد ما يقدرش يعمل دي، إلا أياميها..
تعليق صوتي: كأن الدنيا كانت بتاعتكم.
"
سنة 1956 وقت الحرب كانت من أحسن أيام حياتي وكنت أحس بها بذاتي فلا توجد قيود، حيث قمنا بعمليات كثيرة أشهرها عملية مورهاوس وضرب ثلاث طائرات في المطار
"
أحمد هلال
أحمد هلال: آه كانت بتاعتنا وبعدين أهو يمكن إحنا عملنا حاجات كثيرة بس.. يعني اللي ظاهرة هي عملية مورهاوس بس إحنا عملنا ..ما إحنا رحنا ضربنا طيارات في المطار ضربنا ثلاث طائرات في المطار، ضربنا اثنين وولعنا واحدة وحصلت معركة كبيرة بينا وبين الإنجليز وانسحبنا ودخلنا وانسحبنا من البحيرة ورحنا الجبانة ومن الجبانة على.. يعني مش حاجة دي حاجات كثيرة قوي عملناها.
تعليق صوتي: وعمليات أخطر.
أحمد هلال: أخطر من كده بس دي هي اللي إيه خدت السوكسيه بتاعت الحرب كلها.
سيد عسران: شوف الخيبة بعد ده كله قال ايه أموت على السرير في النهاية، إذا كان في المستشفى وإذا كان في بيتي، هي نومة رديئة بالنسبة للظروف اللي عاصرتها في حياتي والمقاومة اللي قمت بيها في قطاع غزة في فلسطين حتى قبل سنة 1956 واللي قمت به في 1956 بعد كدة.
تعليق صوتي: حضرتك رحت غزة؟
سيد عسران: آه قبل 1956 كمان، كانت المسألة بيحتاجها الوطن وبأعشق النوم على التراب في الأرض، النوم على التراب حلو قوي بيبقى جميل جداً، بأعشق.. والله الواحد بيتذكر الأيام لما كان قاعد كدة ونايم في أعلى هضبة الموقع اللي أنا كنت فيه وأحياناً يبقى في القمر كله وأنا في العلو ده والقمر.. أنا والقمر ما فيش حد، أنا وهو، أنا نايم على جنبي كدة ونايم على ظهري كدة وإيديا عمالة تلعب في الرمل وأبص للقمر، القمر في الأماكن اللي بالشكل ده بيبقى له وهج تاني وله إشعاع تاني وله شكل تاني.
[مشهد من جنازة سيد عسران]
علي زنجير: على الله ما يكونوش شالوها، أنا قلت لهم ما تشلوهاش، قالوا لي اتجوز، قلت لهم اتجوز اعمل ايه؟ قالوا لي لازم تتجوز، واحدة تقعد معاك وتونسك، غير كدة بنبقى قلقانين عليك.
ابن علي زنجير: ده كلام صح.
علي زنجير: آه وبعد كدة ربنا وقعنا في واحدة.
ابن علي زنجير: وبعدين أنت كنت عايز تتجوز بس..
علي زنجير: لا.. اسمع كلامي أنا داخل على الثمانين أهه أتجوز إيه يا بني، ربنا رزقني بواحدة قعدت معايا 13 يوم.
ابن علي زنجير: بس.
علي زنجير: راح فيها أربعة آلاف جنيه، ما تقولش هتجوز يسرا، انت رايح فين؟ ما تطلع كدة بقول لك.
سيد عسران: علي .. علي أرجوك.
علي زنجير: الشارع واسع خلي بالك.
سيد عسران: اخترت شارع واسع للعربية اللي حتجيبني دي شوارع ضيقة شوف.
علي زنجير: حتى الشارع اخترته يا سيد.
سيد عسران: ما علشان العربية تخش جوه.
علي زنجير: دلوقتي إنت بإذن الله بعد عمر طويل يعني العربية هتعمل لها جراج هنا.
سيد عسران: ايه رأيكم في الفصل البايخ اللي أنا عملته فيكم، وشوفتوني وأنا قاعد جوة تربتي قبل ما حد يشوفني ومش حاتنسوا دي ابداً.