أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: مقاتل يغازل الموت...الفصل 3و4 الجمعة 1 أكتوبر 2010 - 21:01
الفصل الثالث
أخذ عصمت يتفحص النقطة الحصينة باندهاش وتعجب من حجم الأموال التي صرفت في تلك النقط الحصينة والتي تسمي في إجمالها بخط بارليف لقد كانت بعض تلك النقط الحصينة ذات ثلاث مستويات فهناك علي مستوي الأرض دشم الأسلحة والدبابات ( مرابض النيران ) وأبراج المراقبة المصنوعة من الأسمنت المسلح ويعلوها أحجار بارتفاع من 6 إلى 8 متر لزيادة قدرة الدشم علي امتصاص المفرقعات ويربط ويثبت هذه الأحجار بعضها ببعض شبكة من الحديد الصلب .. ثم المستوي الثاني وهو أسفل مستوي الأرض حيث توجد ملاجئ الأفراد وصالات الترفيه والطعام ثم المستوي الثالث لأسفل في عمق الأرض حيث توجد المخازن لوضع الاحتياجات والذخائر بل وفي بعض الأحيان وضعوا مدافع في أسفل حيث يتم رفعها حيث تتحرك تلك المدافع لأعلي إلي الدشم ويتم فتح نوافذ هذه الدشم الفولاذية لتمكن تلك المدافع من الرمي ... لقد كان الانفاق علي هذا الخط ببذخ ولما لا وقد كانوا يظنون أنهم لن يخرجوا من هذا الخط المنيع بتاتاً أو بعد عشرات الأعوام ... ثم دخل عصمت غرفة مبيت الأفراد وقد لاحظ وجود صور لنساء عارية علي الحوائط لمجلات أجنبية ... كما لاحظ أيضا وجود أجهزة للتكييف والتهوية بكثرة علاوة علي أسرة ومراتب جيدة الصنع لقد أدرك أمام جيش مرفه جيداً . لقد كانت الفترة التي قضاها عصمت في النقطة الحصينة من أفضل الأيام التي قضاها في فترة الحرب فقد نام لأول مرة منذ اندلعت الحرب 6 ساعات متواصلة هذا بينما لم ينم في الأيام الثلاثة السابقة في كل يوم إلى فترة تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة متواصلة ، صحا عصمت علي رنين التليفون الميداني فوجد قائد الكتيبة المشاة يتحدث معه قائلا له أنه عين قائداً لسرية الدبابات بدلا من الرائد أبو العلا ( الذي علم مسبقاً أنه قد أصيب ) حيث تم إخلاؤه للخلف للعلاج .. ولقد كان عصمت ينتظر من قائده أن يكلمه بعنف ويزجره عن فقده لاتجاه التحرك أثناء المعركة وعن خسائره العالية في فصيلته لكنه كما يبدو قد غفز له هذه الأخطاء لأنه اشتبك بشجاعة مع قوة الهجوم المضاد للعدو حيث استطاع إشغالها وإخراجها من المعركة الرئيسية للكتيبة ما هيأ الظروف المناسبة للكتيبة في إختراق النقط الحصينة.. وبعد انتهاء المكالمة شغل عصمت أنه عليه الآن سرعة رفع الكفاءة الفنية والادراية لدبابات سريته حتى تستطيع القتال المناسب في المرة القادمة ... فأخذ عصمت يتجول بين النقط الحصينة مسلما علي ضباط وجنود المشاة الأبطال الذين أخترقوا بأجسامهم هذه النقط الحصينة ويرد عليه الجنود بالتعظيم وبشائر السعادة والفخر علي وجوههم ... وكأنهم لا يصدقون أنفسهم في الانجازات التي حققت . وأخذ عصمت يسأل نفسه هل تم تعظيم العدو واعطاءة حق أكثر مما يستحق قبل المعركة أم معاونة الله تعالي وإنزاله السكينة في النفوس هي السبب في هذا النجاح ...وعلي حين غرة وجد عصمت صديقه النقيب خالد علام امامه ذلك الصديق الي كان يقابله دائما في نادي هليوبليس الرياضي . فاحتضنه وعانقه مشجعا لقد كان ذلك الملازم من قادة المشاة الأصاغر الذين هاجموا دشم العدو بصدورهم . ولكن منظره كان يختلف تماما عن منظره بنادي هليوبليس الرياضي . فخالد لم يكن حليق الذقن تحيط بعينيه كرتين من السواد يدلان علي عدم النوم منذ بداية الحرب ... وإرهاق جسماني ونفسي يظهران علي جميع أجزاء جسمه ..ولهذا أخذ عصمت يداعبه ضاحكا علي منظره الرث ... وكان خالد يرد عليه بالضحك المماثل وكأنه سعيد بأنه وجد أخيراً من يضحك معه في مثل هذه الظروف الصعبة . سأله عصمت عن أخر مرة رأي فيها المرايا ... ؟ قائلا له قد أصبحت أحد الفيلة التي تتحدث قصة كليلة ودمنه . ثم سأله عن أخبار البنت الجميلة يجلس أمامها في النادي بالساعات ولا يتخذ أي إجراء فعال للتعرف عليها ... لأنه خجول ... ثم استرسل عصمت ضاحكاً يا خالد الهجوم أفضل من الدفاع والهجوم يحقق المكاسب إنني أقترح عليك فور الانتهاء من هذه الحرب الهجوم وذلك بالتكلم مع هذه الفتاه الجميلة ... اترك الخجل ورائك أتقاتل وتتعرض للموت ... ولا تخاف وتخاف تتكلم مع بنت جميلة ... فضحك خالد قائلا والله أول ما تنتهي الحرب سأعمل بنصيحتك أنني معجب بها للغاية وأريدها أن تكون زوجتي فضحك عصمت وصافحه وقال اتفقنا ... ثم سار متجاورين في اتجاه بعيد عن الدشم التي تم الاستيلاء عليها ... ما هي إلا لحظات وقد سمعوا صوت الرتالة التي يقوم بضربها المراقب الجوي والتي تدل علي وجود غارة جوية . وهنا جذبه خالد من يده قائلا أقترح أن نجري سريعا وندخل بالدشم الاسرائيلية إنها قوية وتتحمل بسهولة الضرب ... فأجابه عصمت أتجعلنا نجري كل هذه المسافة .. أعتقد أن الأفضل أن ندخل هذه الحفرة البرميلية القريبة أنها أفضل ... وهنا اختلف الأثنان وكا منهما نفذ ما يعتقد أنه علي صواب . لقد كان من هوايات عصمت أن يرفع رأسه وعينيه دائماً ويراقب طائرات العدو أثناء غارتها .. فإنه من الرجال الذين يصعب انحناء رأسهم لأحد حتى مع الموت ... ما هي إلا لحظات حتى حلقت طائرتان فانتوم 4 فوق النقطة الحصينة وقذفتا بقنبليتين زنه 2000 رطل فوق الدشم الاسرائيلية مباشرة . وبالذات الدشمة التي دخلها خالد منذ ثوان ... أخذ عصمت يراقب الطائرتان وهما تنقضان علي أهدافهما ثم إسقاطهما للقنابل الشيطانية ثم ارتفاعهما المفاجئ لأعلي لتفادي الشظايا المنبعثة من القنابل الضخمة ... والتي لا تستطيع الطائرة أن تحمل واحدة منها فقط ... وهنا ارتجت الأرض كالزلزال وبالرغم من أن عصمت كان داخل حفرته البرميلية وعلي مسافة لا تقل عن 300 متر من منطقة الإصابة إلا أن الحصى والأتربة اصطدمت بوجهه فاضطر إلى خفض رأسه بالحرفة البرميلية ثم سمع الانفجار الثاني المدوي ولكنه لم يستقبله بنفس القوة فقد وضع كلتا يديه علي أذنيه وما أن مرت عدة ثواني إلا وقد رفع عصمت رأسه مستطلعا تأثير القنبلة علي الدشم ... لقد كانت الاصابة محكمة في دشمه خالد خاصة وأنها كانت في أضعف نقطة وهي مدخل الدشمة ... أما الدشمة الأخري فلم تصب بتاتا ... لقد كانت الدشمة بالنسبة لهم مقبرة حقيقية احتوت أجسام الشهداء حيث تهدمت تماما فرقدوا بها ساكنين هادئين حتي يومنا هذا ... وتحطمت بذلك أحلام سبعة من شباب مصر الأبطال كان أحدهما خالد ... ولم تمضي بضع دقائق إلا وقد أرسل المراقبون الأرضيون المدفوعون للأمام للأشارات الدالة علي بدء الهجوم الأرضي بالدبابات إذن فالعدو سيحاول استرداد النقطة الحصينة وما الهجوم الجوي إلا تمهيد للهجوم الأرضي وهنا جذب عصمت صفارته من جنب سترته وأخذ يطلق صفيرا حاد متقطعا إنها إشارة إلي قادة الدبابات بركوب الدبابات والاستعداد السريع للقتال ... ثم قذف بنفسه داخل دباباته واضعا جهاز اللاسلكي على وضع العمل والهلمت ( غطاء الرأس داخل الدبابة ) علي رأسه قائلا بالاسلكي " لقد حان العمل يا أولاد بعد راحة الطويلة التي أخذتموها "أخذ عصمت يراقب سحب الأتربة المتجهة في اتجاه النقطة الحصينة من تأثير سير الدبابات الاسرائيلية وتقدمها لقد لاحظ أنها تتزايد بقليل عن الثلاثين دبابة علاوة علي تدعيمها بالعربات المدرعة المحملة بالمشاة الإسرائيلية وفي أثناء ذلك اتصل به قائده باللاسلكي وسأله عن موقفه فأجابه أنه جاهز للاشتباك بجميع الدبابات وأنه في انتظار إشارة فتح النيران ، لقد تقدمت الدبابات الاسرائيلية وأخذت تقلل السرعة لفتح تشكيل الهجوم ولاحظ أنها لم تتوقف ولم تقم باستطلاع مواقع انتظار كعادة القادة الإسرائيلين بل أنها تحاول الهجوم من الحركة مستهينة بالعدو الذي أمامها ولم تستفيد من خبرة قتال الأيام السابقة بل وصل حد الاستهانة أنها بمجرد أن أخذت تشكيل القتال بالمواجهة بدأت بزيادة سرعة الدبابات والمدرعات وبدأت بالهجوم السريع سأل عصمت نفسه يا له من قائد غبي أنه يهاجم ويعتبر نفسه أنه فائز من البداية معتمدا علي أن معه حوالي خمسة وثلاثون دبابة وأن عدوه مدعم فقط بسبع دبابات ولم يعمل أي حساب للمشاة المصريين هؤلاء الأبطال الذين لم يعلم الإسرائيليون قدرتهم وإمكانيتهم الحقيقية بالرغم من مرور بضع أيام من قيام الحرب . سأل الملازم حسن باللاسلكي عصمت هل اضرب الآن يا فندم إنني أميز الدبابات الإسرائيلية جيداً فأجابه عصمت لا تفتح النيران الآن وفتح النيران سيكون بأوامر شخصية مني ... وبالرغم من أن قائد المشاة قد أعطي أوامر فتح النيران إلا أن عصمت فضل بذكاء حبس النيران للوقت المناسب ... فقد حسبها جيداً فلو أنه أعطي الأوامر بالرمي ودبابات العدو علي مسافة من أثنين إلى ثلاثة كيلومترات لأمكن للعدو أن يركز نيرانه علي الدبابات وأن يخصص لكل ثلاثة دبابات إسرائيلية دبابة واحدة مصرية حيث أن هذه المسافة لا تمكن دباباته من إصابة دبابات العدو من أول طلقة فإنه فضل أن يحبس نيرانه حتى تدخل دبابات العدو للمسافات القريبة في مناطق القتال التي تحددها من قبل إنه يريد أن تكون كل طلقة خارجة من دباباته طلقة قاتلة لقد كانت خطة استخدامه للنيران تعتمد علي مفاجأة العدو من حفرة جيدة التجهيز ومخفية جيداً لا تظهر دباباته منها إلا عند إطلاقها للنيران أخذ العدو يزيد سرعة قواته عند إقترابه من مواقعنا وأخذت دباباته تتكاثف في قطاع ضيق تلك عقيدة العدو السرعة في الاختراق في قطاع ضيق . ثم للوصول في العمق للتأثير علي الروح المعنوية وسرعة انهيار الدفاعات ولكن الآن كل مقاتل يعلم عقيدة العدو جيداً ومدرب علي كيفية احتواء العدو وبشجاعة وتدميره ويعلم دوره وظيفته في المعركة . سواء كان رامي دبابة أو مدفع أو قاذف أو جندي مشاة ... سواء بفتح النيران أو بالقتال المتلاحم أو بوضع العوائق ( كالألغام ) وبدأت المعركة بالنسبة لقوات عصمت بإشارة منه باللاسلكي ... قائلا رعد الآن ، وذلك عندما كان العدو علي مسافة 1500 متر من مرابض دباباته حيث أمر دباباته بتركيز النيران علي دبابات العدو الدقاقة التي اندفعت للأمام لفتح الثغرات في حقول ألغامنا وبمرور عشرة دقائق نجحت سريته في تدمير ثلاث دبابات دقاقة بنيران أبطال المشاة ولكن العدو أخذ يدفع بدباباته خلف دبابات الدقاقة الناجحة وأخذ يدفع بدباباته للعبور من الثغرات التي نجح في فتحها ... واشتدت المعركة وأصبحت النيران و الانفجارات في كل مكان بأرض المعركة فاستطاعت دبابات عصمت أن تدمر دبابتين أخريين ولكن دبابات العدو واصلت الهجوم السريع والضغط حيث أمكن لدبابات النسق الأول من عبور وتجاوز مرابض دباباتنا بحوالي 16 دبابة وهنا بدأ القتال المتلاحم بين أبطال المشاة وتلك الدبابات ، وهنا أصدر عصمت أوامره بترك الدبابات التي نجحت في الاختراق لأبطالنا المشاة وسرعة التعامل مع دبابات النسق الثاني وفصلها عن النسق الأول ... لقد كانت المعركة رهيبة هنا وهناك تجري في كل متر من الأرض انفجارات ونيران ودخان وأتربة وضوضاء عالية من تأثير الانفجارات وتشغيل مواتير الدبابات والعربات ... وصياح وتكبير الله أكبر ... ودماء تسيل بدون حساب ... وأجسام بشر تحترق داخل الدبابات والعربات ... وروائح عطنة غربية متصاعدة من تاثير حرق أجسام البشر والكاوتش والبلاستيك ... لقد كان صراعا عجيباً رهيبا ممزوجاً بين التكنولوجيا والشجاعة والذكاء والإمكانيات والقدرات لكل من الطرفين المتضادين إنها أطول دقائق في عمر البشر المشتركين فيها دقائق مملوءة بالمتناقضات بالخوف والرهبة وحب البقاء بالشجاعة والشرف والكرامة وحب الوطن ... ثم لاحظ العقيد عبد التواب وهو قائد المنطقة الدفاعية أن دبابات العدو بدأت تتوقف أمام القتال المتلاحم لجنوده وبدأت مجهوداتها القتالية تتشتت وهنا أصدر أمر بسرعة احتلال القوات الاحتياطية المدعمة بالصواريخ للتباب الحاكمة حول دبابات العدو وبسرعة معاونة القوات المقاتلة والدبابات في تدمير العدو .. لقد دخلت دبابات العدو في المصيدة فالمشاة المصريون الأبطال يقاتلوهم من داخل حفرهم بل بعضهم قد تركوا حفرهم وقفزوا فوق دبابات العدو غير مبالين بالنيران يحاولون قتل أطقم الدبابات بالسنكي أو بنيران البنادق وصواريخنا الموجهة تحصد دبابتهم من الجنب ودبابتنا تفصل دباباتهم عن بعضنا وتمنعهم من الانسحاب
... لقد كانت سيمفونية عظيمة للنصر بقيادة المايسترو عبد التواب ... حيث بدأت بالتدريج تظهر معالم الهزيمة علي قوات العدو حيث بدأت بعض الدبابات المتفرقة تحاول الارتداد في اتجاهات مختلفة مما يدل علي أن القائد الإسرائيلي قد فقد سيطرته علي دباباته ... وأن القادة الأصاغر يحاولون الانسحاب بدون خطة واضحة للانسحاب .. وهنا أصدر العقيد عبد التواب أوامره المشددة بمنع الانسحاب والارتداد للعدو بتكثيف القتال المتلاحم ورمي الألغام سريعا علي الطرق المتوقع الارتداد عليها .. وعبء دبابات عصمت للمناورة السريعة وعمل الكمائن لمنع ارتداد دبابات العدو ... وتم تنفيذ أوامر القائد باستجابة سريعة وبدأت أصوات المعركة تقل رويداً رويداً حتى سكنت تماما إلا من أثار الحرائق والدخان وأنات المصابين .. لقد فقد العدو في هذه المعركة من الدبابات والعربات حوالي 80 % من قواته أما الأسري فإن عددهم كان أكثر من المعتاد فدبابات عصمت بمفردها تمكنت من أسر 14 أسيراً وعن تجميعهم أمام عصمت تمهيداً لتسليمهم للقيادة الأعلى فوجئ بأنهم ذو أشكال مختلفة فبعضهم أصفر الشعر ذو عيون زرقاء والأخر ذو شعر أسود وبشرة سمراء اللون … والبعض البعض الأخر زنجي الشكل وكان معظمهم في حالة من الذعر والخوف والرهبة بل أنهم عندما يقترب منهم جندي مصري سرعان ما يغطي وجهه بذراعيه متوقعا أنه سيضرب … هنا خطب فيهم عصمت باللغة الإنجليزية بأنهم قد أصبحوا أسري أي خارج المعركة وأنه لا داعي لذعرهم لأنهم سيعاملون معاملة كريمة تليق بالمقاتلين … طالما أطاعوا الأوامر والتعليمات … وفي الحقيقة فإن هذه المعركة كانت ضربة كبيرة للقادة الإسرائيليين أثبتت أنه من الصعوبة بمكان أن يحاولوا استرداد المناطق الحصينة وهذا ما حدث حيث أن هذه المنطقة الحصينة لم تهاجم مرة أخري حتى نهاية الحر ب .
الفصل الرابع
اجتمع الضباط في الصالة الإسرائيلية الأنيقة بالمنطقة الحصينة لقد كان أغلب الضباط من ضباط المشاة حيث أن الوحدة القائدة من المشاة تحت قيادة العقيد عبد التواب ...التي قد دعمت بسرية دبابات وعناصر من الصواريخ الموجهه ، لقد كان الجميع فرحين وفي نشوة النصر خاصة وأن العدو ظل خامل النشاط لمدة ثمانية وأربعين ساعة بعد المعركة التي تكبد فيها خسائر فادحة ... ثم بدأ العقيد عبد التواب في الحديث بالثناء علي الجميع الضباط والصف والجنود في قتالهم وخص بالذكر بعضا ممن أبدوا شجاعة فائقة ... ثم أمر بدقيقة حداد علي أرواح شهدائنا الأبرار ...
ثم أخبرهم بأن هناك تعليمات عاجلة بإعادة التنظيم وانتقال بعض الضباط إلى وحدات أخري للتكليف بمهام قتالية جديدة وهنا وجه كلامه إلى عصمت قائلا ... إنك مطلوب تحركك اليوم مساءً للانضمام إلى اللواء المدرع ( وحدته الأصلية ) (( – الكاتب يقصد هنا اللواء 25 مدرع مستقل بقياده العقيد احمد حلمي بدوي وكان يتمركز داخل نطاق الفرقه السابعه مشاه بقياده العميد احمد بدوي وزير الدفاع لاحقا – وذلك داخل نطاق الجيش الثالث الميداني بمنطه الشط شمال شرق السويس ))
العقيد احمد حلمي بدوي قائد اللواء 25 مدرع مستقل
العميد احمد بدوي - قائد الفرقه السابعه مشاه وعليك تجميع أي أفراد من أطقم الدبابات التي دمرت دباباتهم لأخذهم معك لقد كنا نريد أن تظل معنا لقد حاولت أن تظل تحت قيادتي ولكن قيادتك أصرت علي سرعة انضمامك للواء مساء هذا اليوم بارك الله فيك ثم قام واحتضن عصمت مصافحاً قائلا علي فكرة إنك ستتغذى معي اليوم فذلك الغذاء هو حفلة توديعك ... فأجابه عصمت ضاحكاً وهو كذلك . لم يأخذ الاجتماع إلا نصف ساعة حيث تحرك عصمت مع قائده لملجئه لتناول الغذاء ...بمجرد جلوسهم علي المقاعد بدأ العقيد عبد التواب يتكلم مع عصمت عن خبرته في أعمال القتال عن الأيام السابقة ثم سأله عصمت قائلا أنني أتعجب يافندم كيف خسرنا حرب 67 والعدو ليس بالقوة التي تمكنه من إحراز نصر بل إنه في الواقع كثيراً ما يتجنب القتال الفعلي لأنه يخشى دائما خسارة أرواح أفراده . فقال العقيد عبد التواب إن الحرب الحديثة تكسب قبل أن تبدأ فبالتخطيط الجيد والإعداد الدقيق والقيادة الواعية وبالحشد المناسب للقوات والأسلحة والمعدات ثم بتحقيق المفاجأة كل ذلك سيؤمن ويؤكد النصر وهذا ما فعله عدونا في الحرب السابقة وهذا ما فعلناه في الحرب الحالية ... لقد كان هناك سلبيات كثيرة في الماضي عززت هذه الهزيمة وفي الحقيقة أن عوامل الهزيمة كانت فينا قبل أن تكون في قوة العدو ولكن الحمد لله فقد استطعنا دراسة هذه السلبيات وتلافيها .. وانظر الآن ... إلى هذه الأيام المجيدة فها نحن اخترقنا خط بارليف بسهولة عابرين أكبر مانع مائي في التاريخ الحديث ناجحين في تدمير الدشم الحصينة مدمرين جميع هجمات العدو المضادة بأحدث دباباته وأسلحته كل ذلك بفضل الله والقيادة الواعية والإعداد والتجهيز الجيد للأفراد والأسلحة والمعدات هذا بالرغم من أن العدو يملك كما من الأسلحة والمعدات أحدث وأكثر بكثير مما نملك ... لقد كان الغذاء ثريا بأنواع المأكولات بعضها من التعيين المصري والأخر من مخازن جيش الدفاع الإسرائيلي وعلي الأخص علب الكمبوت والشكولاتة ... حتى أن معدة عصمت قد امتلئت تماما بالطعام ... وكأنه يعوض سوء التغذية عن الأيام السابقة وأخيراً قام عصمت واقفا قائلا ... معذرة أيها القائد فعلي الآن الرحيل لتجهيز الأفراد خاصة وأنني أحسست أنني علي شك النوم ... فقام عبد التواب باحتضانه مرة أخرى ذلك الاحتضان الذي يدل علي الحب والدفء الحقيقي بين رجلين لم يتعرفا علي بعض إلا من بضع أيام لا تربطهما ببعض صلة غير المشاركة في الشجاعة وحب الوطن
... لقد ظللت هذه اللحظات راسخة في عقل عصمت خاصة وأنه كان اللقاء الأول والأخير بينهما فقد استشهد البطل العقيد عبد التواب بعد بضعة أشهر بعد كفاح وقتال مضي كان فيه مثالا للقائد الشجاع القدير وذلك في يوم إيقاف النيران بيننا وبين العدو الإسرائيلي من دانة مدفعية طائشة وقد أكد هذا نظرية راسخة في ذهن عصمت يؤمن بها دائماً وهو أن الله دائما يختار الأخيار من أهل الأرض بجانبه مبكراً عن باقي البشر.... وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف عندما قال "كلكم ميت وإنما يعجل بخياركم " *** تحرك عصمت بالعربة اللوري حاملا أفراد أطقم الدبابات الزائدة عن الدبابات وأخذ يحيي أفراد المشاة بالمواقع الحصينة لقد كانوا يلوحون له بعلامة النصر أو بالتلويح بالبنادق أما هو فكان يرد عليهم بالإشارة بذراعه من خارج نافذة العربة ... ولم يمر سوي وقت قصير إلا وقد خرج من نطاق المنطقة الحصينة لقد كان عليه أن يتحرك مسافة أكثر من ثلاثين كيلوا مترا عرضاً بطول الجبهة ولذا فقد أخرج خريطته وأخذ يدرس ويراجع طريق التحرك بعد أن لم في السابق بأوضاع قواتنا وبأوضاع حقول الألغام والمناطق التي لا زال بها اشتباكات حتى يستطيع تفاديها وعموما فقد كان خطة الجبهة في هدوء نسبي حيث خسر الإسرائيليين حوالي 600 دبابة وعربة مدرعة والتي كانت تمثل قوة الدفاع الإسرائيلية عن سيناء ... ولكنه يعلم الآن أن الإسرائيليين يحركون مئات الدبابات من عمق إسرئيل للجبهة المصرية ... لتعويض خسائرهم العالية وأخذ عصمت ينظر لحطام الدبابات والعربات والمعدات الإسرائيلية المحطمة والمحروقة وقد تناثرت بجانبها أشلاء بشرية وجثث وبقع حمراء غامقة حمراء أخذت تتحول بالتدريج للون الأسود والأرجح أن قواتنا لم تهتم في المرحلة الأولي برفع الجثث حيث كان كل مجهود قواتنا موجه أساساً للتجهيز الهندسي لإنشاء حفر ملاجئ للأفراد ومرابض للدبابات والمدفعية ... لقد كانت الإصابات في تلك الجثث محكمة أحالتها إلى أشلاء ممزقة هؤلاء الذين أصابهم الغرور والخيلاء وظنوا أنهم شعب الله المختار وأنهم أذكي شعوب البشر ونسوا أن البشر جميعا من أب واحد وأم واحد. ثم أثناء مروره علي إحدي وحدات المشاة المصرية لاحظ أنهم دفنوا شهدائهم بأرض المعركة حيث وضعوا جثثهم بأعلى التباب والهضاب حيث أن الأرض كانت صخرية لا يمكن حفرها وقد وضعوا فوق جثث الشهداء أكواماً من الحجارة لقد دفنوهم بملابسهم وأحذيتهم ثم وضعوا أخشاب صغيرة في شكل أوتاد ومثبت عليها خوذ الشهداء وأسماؤهم . لقد أصابته رعشة كهربائية عند مروره بهذا المنظر فقد أحس بأن هؤلاء الشهداء يراقبونه من أعلي بل ويحيونه ... لقد شعر بإحساس غامر بأن ذلك هو أفضل موت لمقاتل المؤمن بالله وعدالة قضيته ... بل وتمني أن يستشهد ويدفن بهذه الطريقة ... في الصحراء الفسيحة ... في أعلي التباب ... أخذت عربته تسير عبر قواتنا المقاتلة وكثيراً ما كان يتم إيقاف عربته للتأكد من الشخصيات ومعرفة كلمة المرور ... ثم سرعان ما يتم سؤاله من أفراد الحراسة عن أخبار وحدته وما حققته ثم سرعان ما ترتفع الروح المعنوية لكل الأطراف ... وأخيراً وصل إلى منطقة التجمع المطلوب الوصول إليها تلك المنطقة التي علي مدخلها ضابط من الشرطة العسكرية وجنود للإشارة فسألهم بعد أن أعلن عن نفسه ومهمته عن المكان المطلوب التوجه إليه فأرشدوه إليه . تحرك عصمت إلى داخل منطقة التجمع وقد لاحظ أن هناك أرتال من الدبابات أخذت تنتشر في المنطقة ودبابات أخري قد سكنت في ملاجئها .. لقد أحس أنه يتم الآن تجميع اللواء المدرع الأم بعد أن كان قد ساند هجوم المشاة الأبطال في الأيام الأولي ... وأنهم مقبلون علي مهمة جديدة ... اتجه عصمت إلي مركز قيادة اللواء بعد أن عرف مكانه وأبلغ عن وصوله وعن القوة التي معه .. حيث أمر بالانتظار في مركز القيادة حتى تصل الأوامر الجديدة له ... وهنا استغل الوقت في التوجه إلي صديقه النقيب محسن وهو ضابط يعمل بمركز القيادة ليعرف أخبار كتيبته من ناحية وما أنجزته والخسائر بها وعندما سأل محسن عن ذلك أجاب أن الخسائر حتى الآن مقبولة ... ولكن ما يميز الخسائر هو ارتفاعها في ضباط المدرعات بصفة خاصة ... لوقوفهم لمدرعات الدبابات بشجاعة فائقة مستهينين بالموت ثم سأل عصمت عن ضباط كتيبته أسماً أسماً وهنا أجابه محسن بأن كمال ومحمود أصبحوا رماد ، والآن وهناك أربعة من الضباط جرحي وذكر له أسماؤهم وذكر أنه تم إخلائهم للعلاج ثم أخبره أن أحد الضباط الاحتياط أصيب بالصرع من جراء الحرب فسأله عصمت وكيف تعاملتم معه فأجابه محسن أن الطبيب الضابط أفتي بأن عليه أن يستمر في الميدان لأنه لو سحب من الميدان لأصيب طوال عمره حيث أن علاجه أن يستمر في الميدان . حتى يرجع إلى حالته الطبيعية مع رفع الأعباء والواجبات عنه عليك فضحك عصمت ياله من خيار علاج ... حقاً إن أصابع اليد كلها ليست متساوية والقدرة علي التحكم والسيطرة علي النفس تختلف من فرد لأخر ولا يظهر ذلك إلا في المواقف الشديدة ... لقد كان عصمت في تلك اللحظة يحس بالشعور المتناقص يحس بالزهو والفخر لما أنجزته قواته ووحداته ويحس بالحزن والألم والقلق للخسائر التي حدثت من استشهاد بعض الضباط والصف والجنود الذين يعرفهم وكان وعلي صلة بهم ولكنه تذكر أن الشعوب عليها ضريبة الجهاد أمام الله . وأخيراً صدرت الأوامر إليه بأن يتوجه إلي كتيبته وقد عين قائداً لسرية دبابات لإحدى الدبابات التي استشهد قائدها فتوجه عصمت سريعا لمقابلة قائده وهو المقدم المهدي الذي انفصل عنه من اليوم الثاني من بدء الحرب نظراً لسحب عصمت ضمن مجموعته لتدعيم أعمال قتال المشاة .
وجد عصمت المقدم المهدي جالساً علي الأرض بجانب دباباته وقد شد شبكة الإخفاء والتمويه علي دبابته فصنعت له ظلا وكان أمامه صندوق ذخيره من الخشب يستخدمه كمكتب حيث وضع أمامه خريطة وعلبة ألوان وكان عند وصول عصمت يرسم علي خريطته ... فصاح عصمت مساء الخير يا أفندم فأجابه أهلاً وصلت أخيراً .. كيف حالك وما أخبارك . وأخبار أبو العلا هل صحيح جرحه كبير فأجابه عصمت قائلا في الحقيقة الشظية كانت كبيرة ذات حافة حادة ولكنها مرت مر الكرام علي بطنه ففتحت البطن تماما 25 سنتيمتر إنما لم تتوغل فأبو العلا يملك بطن من الفولاذ وقد سمعت أنه يتحسن الآن بالمستشفي الميداني بعد أن أجريت له الجراحة اللازمة ... ثم واصل المقدم المهدي قائلا والله منذ زمان لم أرك لقد سمعت أنك كنت سارحا في الجبهة ... فضحك عصمت معلقاً بالفكاهة سيادتك الذي تخلصت مني وأرسلتني لمعاونة المشاة فضحك المهدي قائلا ها نحن قد أحضرناك مرة أخرى سوف نري ماذا سوف تفعل ... الظاهر يا عصمت أنهم يعيدون تجمعنا لأن هناك تطورا جديداً في الحرب وعلي كل حال اعتقد أنك ستقود السرية الثانية دبابات وهي والحمد لله جميع دباباته سليمة عدا دبابة واحدة أرجو أن ترفع كفاءتها الفنية في أسرع وقت فلا يعلم إلا الله ما هي مهمتنا الجديدة فقال عصمت تمام يا أفندم هل هناك أوامر أخرى رفد شكراً لك، تحرك عصمت في اتجاه سرية دباباته الجديدة سيراً علي الأقدام وأخذ يفكر وكان متفائلا ومتشوقاً لرؤيته أفراد كتيبته السابقة ضابطاً وجنوداً ... *