تصاعدت لهجة التهديدات والتهديدات المضادة عبر الحدود التي تفصل لبنان عن فلسطين المحتلة بموازاة إرتفاع وتيرة الحديث عن تكديس حزب الله للسلاح كماً ونوعاً في الجنوب اللبناني إستعداداً للجولة القتالية القادمة مع إسرائيل. وتولى الهجمات الخطابية من الجانب الإسرائيلي وزير الدفاع إيهود باراك الذي توعد بتحطيم لبنان وبنيته التحتية بطريقة لم تشهدها أي من الحروب السابقة.
فمنذ حرب تموز 2006، التي أظهرت أحداثها بداية التحول الاستراتيجي في المنطقة، بدأت دوائر القرار ومراكز البحوث الأمنية والعسكرية الأميركية والأوروبية والإسرائيلية تبدي إهتماماً أوسع حول نشاطات وتعزيزات القدرات العسكرية لحزب الله ووضعها أكثر فأكثر تحت المجهر. وسبب ذلك يعود بشكل رئيسي إلى أنّ أي هجوم إسرائيلي على إيران سيواجه بهجوم مضاد إيراني عبر حزب الله في لبنان وحماس من قطاع غزة بحيث بات مؤكدا أنّ طهران ترتّب ميادين عمل حلفائها تحضيرا لإستراتيجية رّد إزاء أي إعتداء عسكري قد يمارس ضدها.
نتيجة لذلك يتبادر إلى الذهن سؤال منطقي: ما هي الأسلحة التي يمتلكها حزب الله حالياً, وما هو مقدار الخطر الذي تشكله تلك الأسلحة على الدولة العبرية بمدنييها وعسكرييها وبنيتها التحتية ومنشآتها؟
جديد حزب الله: قوة بحرية من زوارق وغواصات
في هذا الإطار يعتبر التقرير الذي نشره مركز "جورج مارشال" الأوروبي للدراسات الأمنية حول هذه المسألة أنّ حزب الله يطور قوة بحرية خاصة به وذلك بمساعدة إيران إنطلاقا من الإعتبارين الهجومي والدفاعي:
هجومياً، رجّحت بعض التقارير أن يكون حزب الله قد تَزوَّد بزوارق صينية الصنع, كما أنه أنشأ وحدة غوّاصات صغيرة يستطيع إشغالها عنصر واحد، وقد تمّ نتيجة لتلك القدرات الجديدة تجهيز أرصفة خاصة تحت الماء تستعمل لأهداف عسكرية بحرية. ومن المقدر أن تكون السواحل الإسرائيلية والسفن الحربية الصهيونية على إختلاف أنواعها أهدافا لتلك الفرق البحرية الجديدة.
دفاعياً، ليس بسرّ القول ان حزب الله يملك صواريخ صينية معدلة مضادة للسفن, فقد استخدمها في حرب تموز 2006 مرتين على الأقل قبالة شواطئ صور و بيروت. وقد شكل اللجوء إلى هذه الصواريخ 'مفاجأة استراتيجية"، أربكت الإسرائيليين ودفعتهم إلى إتباع تكتيكات أكثر حذراً في تحركاتها البحرية.
وقد أشار "أندرو أكزوم"، في تقريره الصادر عن مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عقب حرب تموز، أنّ حزب الله قد إستعمل في تلك الحرب نوعين من الصواريخ على الأقل هما: س-701 الذي يتم توجيهه تلفزيونياُ ومداه 15 كلم، والثاني هو 'س-802 نور" الذي يعمل حرارياً ومداه 120 كلم.
و يحمل "س-802 نور" رأساً متفجرة بوزن180 كلغ وهو مزوّد بأجهزة تشويش تمكّنه من الهروب من الصواريخ المعترضة بنسبة 98% كما يمكن إطلاق هذا النوع من الصواريخ من الطائرات، والسفن، والغواصات، والعربات أو القواعد الثابتة. وهو يعتبر من أفضل الصواريخ الصينية بل العالمية المعترضة و المضادة للسفن. و قد سعت إيران للحصول على 150صاروخ من هذا النوع من الصين، لكنّها حصلت على نصف هذا العدد.
غير أن دراسة صادرة عن مركز التحليل الأمني الإستراتيجي التابع للإدارة الأمريكية أظهرت أن إستهداف البارجة الإسرائيلية «ساعر» حانيت إبان حرب تموز تمّ في ظروف كانت أنظمتها الدفاعية غير مشغلة لحظة الهجوم غير المتوقع" الأمر الذي كبدها أضراراً جسيمة و أربعة قتلى من طاقمها. وتتابع الدراسة أنّ ترسانة حزب الله البحرية تضم على الأرجح الغاماً بحرية صينية الصنع حصلت عليها إيران منتصف التسعينيات من طراز "إي أم" الخطير المخصَّص لإغراق قطع بحرية كبيرة كحاملات الطائرات".
إستناداً لهذه الوقائع يبدو أن الأميركيين قد إستخلصوا بعض العبر بخصوص ما قد تواجهه السفن العاملة في الخليج الفارسي. ونتيجة لذلك يشدّد محلّل الشؤون العسكرية في مركز "التقويم الاستراتيجي" في واشنطن، روبرت وورك، على أنه يجب تشغيل جميع أنظمة الدفاع والإنذار بشكل دائم.
من جهة أخرى تفيد معلومات موثوقة بأن أحد الصاروخين الذين أطلقهما حزب الله على البارجة ساعر قد أصاب الطائرة المروحية المتواجدة على متنها بينما ضلّ الصاروخ الآخر مساره وأنفجر في سفينة تجارية تحمل علم كمبوديا, وقد أفادت التقارير لاحقا بأن بحارة مصريين قد قتلوا على متنها, الأمر الذي يشير إلى قلة خبرة لدى مطلقي تلك الصواريخ.
منظومة الدفاع الجوي: رادارات متقدمة وصواريخ متنوعة
نقلت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في أيار الماضي عن الجيش الاسرائيلي انه يشعر بالقلق من ان "حزب الله" يحاول تهريب صواريخ متقدمة مضادة للطائرات الى لبنان خلال وقت قريب، وانه من المعتقد ايضا أن حزب الله يرغب في نشر بطاريات "إس إيه-8" في لبنان. وبالنسبة لإسرائيل فإن هذا العمل يعتبر تهديدا لسلاحها الجوي الذي أكثر من طلعاته الإستطلاعية فوق الأجواء اللبنانية خاصّة في السنوات التي تلت حرب تموز، وذلك لمراقبة وتقييم قدرات حزب الله العسكرية المتنامية.
فحزب الله يعمل جاهدا على خلق نوع من التوازن الجوي في مواجهة تهديدات سلاح الجو الإسرائيلي من أجل تقييد حرية إستعماله للأجواء اللبنانية في أعماله العدوانية, وذلك عبر نشر صواريخ مضادة للطائرات على سفوح الجبال اللبنانية بحسب ما أفادت به بعض التقارير الإستخبارية العام الماضي. وهذه الصواريخ بمجملها من صنع روسي وهي جزء من ترسانة الاسلحة السورية. وقد تلقى مقاتلوا حزب الله تدريبات داخل الاراضي السورية على كيفية استخدامها.
ومؤخراً، أعربت مصادر أمنية إسرائيلية عن خشيتها من لجوء سورية إلى إدخال منظومات أسلحة إلى لبنان قد "تخل بالتوازن" بين إسرائيل وحزب الله. نتيجة لذلك, هدد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بإن إسرائيل قد تتخذ الخطوات المناسبة رداً على مثل هذا الإجراء السوري.
كما تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية ومراكز أبحاث أميركية أنباءً تفيد بأن حزب الله قد نصب محطات متطورة للرادارات في صنين، أعالي جبال لبنان، وذلك لتحقيق هدفين:
ــ مراقبة حركة الأساطيل المتحركة قبالة الساحل اللبناني.
ـ إنذار مبكر لحظة اختراق طائرات إسرائيلية المجال الجوي اللبناني.
وفي الوقت عينه، أظهرت صور وخرائط ملتقطة عبر الأقمار الصناعية, مواقع أمنية وعسكرية إسرائيلية مهمّة وحساسة جداً في حيفا، و هي صور شديدة الدّقة, وقد تمّ تسريبها إلى حزب الله إما عبر شركات خاصّة ومختصّة ببيع الصور الفضائية ، او عبر شركة(Google Earth) ، أو عبر القمر الصناعي الإيراني (سينا واحد). و سينا هو قمر روسي الصنع تقول طهران إنّه مخصص للأبحاث العلمية، فيما تؤكّد مصادر أخرى أنّه قادر على التجسس على منطقة الشرق الأوسط بأكملها بما فيها إسرائيل، وعلى تصوير الأماكن بدقة ووضوح حتى ارتفاعات (50)م.
من ناحية أخرى, ظلّ غياب نظام دفاع جوي لدى حزب الله يشكّل أحد ابرز العوامل التي حالت دون توجيه ضربات أكثر قسوة للجيش الإسرائيلي قبل عام 2000 و خلال حرب تموز 2006 ، على ما أشار إليه العديد من مسؤولي وكوادر والمحللين العسكريين المقربية من الحزب.
غير أن بعض التقارير الإستخباراتية أفادت بأن حزب الله قد أدخل منظومة جديدة من الدفاع الجوي إلى ترسانته المتراكمة. وأنّ هذه المنظومة التي تحاط بقدر كبير من السرية والتكتم، يحتمل أن تكون عبارة عن صواريخ ستينغر (Stinger) الأمريكية الصنع، أو ربما صواريخ حديثة روسية الصنع.
- صاروخ ستينغر (Stinger) هو صاروخ أرض- جو أمريكي الصنع، يعمل على ارتفاع منخفض من خلال إطلاقه عن الكتف. وقد نال شهرته الواسعة عندما استخدمه المجاهدون الأفغان في قتالهم ضد الجيش الاحمر السوفيتي؛ وقد أسقطوا حوالي (250) طائرة حربية سوفيتية بوساطته، بنسبة نجاح أسطورية بلغت 80% على الرغم من خبرتهم المحدودة في إستعماله.
هذا الصاروخ موجود بحوزة عدد محدود من الدول نظراً لأهميّته الإستراتيجية في مواجهة الطائرات لاسيما العامودية منها بالإضافة إلى الحربيّة النفاثة. وقد إستطاعت إيران أن تحصل على عدد من هذه الصواريخ من الداخل الأفغاني بعد سقوط نظام طالبان، بالإضافة إلى حصولها على عدد آخر مشابه من مخازن الجيش العراقي بعد سقوط صدام حسين، ومن المرجح أنّ يكون حزب الله قد حصل عليها من خلال إيران.
- صاروخ (Igla) هو صاروخ أرض- جو روسي الصنع، يعرف ب(SA-18)، و ينتمي إلى فصيلة صواريخ (سام) المضادة للطائرات، وإسمها الروسي ستريلا، و يُطلق عن الكتف أيضاً. ويمتلك هذا الصاروخ رأساً متفجرا بوزن (2) كلغ، و مداه قد يصل إلى حوالي (5) كلم بارتفاع أعلاه (3.5) كلم. و كانت سوريا قد حصلت على هذه الصواريخ من روسيا خلال العقود الثلاث الأخيرة. وهناك ايضا معلومات ترجح حصول حزب الله عليها بين عامي 2002 و2005. و قد استخدم تنظيم القاعدة هذا النوع من الصواريخ ، بنسخته القديمة (SA-7-) في هجوم شنّه على طائرة إسرائيلية في كينيا في تشرين الثاني من العام 2002.
وتأكيدا على هذا التوجه، ذكرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الايطالية منذ ما يقارب العام، ان ممثلين عن حزب الله زاروا روسيا في مطلع تموز، ووقّعوا اتفاقاً لشراء صواريخ ارض-جو. كما أكدت الصحيفة أن ثلاثة من كبار مسؤولي حزب الله أبدوا اهتماماً كبيراً بشراء الأسلحة الروسية التي أثبتت فعاليتها في الحرب الأخيرة مع اسرائيل عام 2006. وقد أشارت الصحيفة إلى أن الرجال الثلاثة الذين وقّعو الإتفاق قد دخلوا الى روسيا بجوازات سفر إيرانية، وزاروا معرض الأسلحة الدولي السادس للأسلحة الروسية في القسم المخصص للضيوف المميزين.
إلى ذلك فقد أكّدت آخر التقارير الإسرائيلية أن "الايرانيين سارعوا إلى تزويد حليفهم اللبناني بصاروخ مضاد للطائرات "أي إي-8" وصاروخ ذاتي الدفع "أس إي أم"، وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات من نوع "أس إي أم-8".
الأسلحة المضادة للدروع: تشكيلة واسعة متعددة الإستعمالات
طوال عقود، شكلت الميركافا فخراً للصناعة الإسرائيلية والعمود الفقري لسلاح المدرعات. وقد تم تطويرها جيلاً بعد جيل إلى أن إستحدث الجيل الرابع منها، دبابة الـ 'ميركافا 4". وهي دبابات تمتاز ببرجها الذي يعتمد على نظام استشعار إلكتروني عند مصادفة أي هدف، فيتحرك مدفع البرج تلقائياً صوب الهدف.
وقد قدّر لهذه الدبابة أن تواجه أشرس سلاح مضاد للدروع من تشكيلة واسعة من الصواريخ الروسية التي إشترتها سوريا بأموال إيرانية، إضافة إلى مجموعة من الصواريخ الفرنسية.
هذه الصواريخ استخدمها حزب الله بكثافة وفعالية عالية ضد الدبابات الإسرائيلية ، والأفراد ، والمنازل والملاجئ ، وأي مركبة تستخدمها إسرائيل في هجومها. فصاروخ ساغر، وإسمه الروسي الأصلي هو مالوتكا، يعتبر من أكثر الصواريخ الحببة لدى حزب الله وذلك نظراً لخفته وسهولة إستخدامه والقدرة على توجيهه يدويا, الأمرالذي لا يتطلب الكثير من المهارات.
ومن بين الوافدين الجدد, صواريخ كورنت - 14 - هاء، الروسية الصنع، وميلان الفرنسي، وأهمها على الإطلاق قذائف أربي جي 29 التي إعتبرت, ، بحسب هآرتس, مسؤولة عن أكثر إصابات الميركافا في وادي الحجير وسهل الخيام وغيرها من معارك حرب تموز, وال" أربي جي " هو قاذف روسي متطور وصل عبرسوريا الى مقاتلى حزب الله.
أر بي جي 29، هو قاذف صاروخى انبوبي الشكل مصمم ليتم حمله واستخدامه فرديا, وزنه لا يتجاوز 17 كلغ. يركب على قمة القاذف جهاز التصويب الانبوبي أو جهاز الرؤية الليلية المناسب. ويتميز ببساط إستعماله وعدم حاجته لتكنولوجيا متقدمة إضافة إلى وفرة القذائف الخاص به و سهولة تخزينها. يتوفر للقاذف نوعين من المقذوفات من عيار 105 ملم: الأولى PG- 29V وهى عبارة عن حشوة جوفاء مزدوجة للتعامل مع الدروع المتفجرة النشطة (EAR). والثانية هى TBG-29V القذيفة الحرارية المضادة للأفراد. ويتوفر هذا السلاح فى سوق السلاح العالمي باسعار زهيدة تبلغ 500$ لكل قاذف و 300$ للصاروخ.
أما ميلان، فيعتبر من أكفأ صواريخ الجيل الثاني المضادة للدروع . هو صاروخ متوسط المدى لمواجهة سلاح المشاة, يعمل ضمن مدى يتراوح بين 25 إلى 2.000 متر, وهو صاروخ مضاد للدبابات وضد أهداف أرضية مختلفة.
ميلان 3 هو آخر نسخة عن هذا الصاروخ وقد بدأ إنتاجه منذ عام 1992. يتميز هذا الصاروخ برأس حربي مزدوج يستخدم ضد الدروع التفاعلية الحديثة، ومزود بخاصية مقاومة, ويمكن حمله بواسطة جنديين. وتبلغ نسبة إصابة صاروخ "ميلان" للهدف 100%, ويستحوذ حالياً على نسبة 75% من السوق العالمي للأسلحة المضادة للدبابات حيث يستخدم من قبل 43 دولة في العالم، طبقاً للتقرير الاستراتيجي الخاص بالشرق الأوسط و الصادر عن مركز لندن للدراسات الاستراتيجية.
وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أنّ حزب الله قد راكم سنوات من الخبرة في ميدان الأسلحة المضادة للدبابات تدريباً وقتالاً، وقد نظّم خطة جيدة لاستخدام هذه الأسلحة مهما تغيرت ظروف المعركة وطبيعتها الجغرافية. فالتشكيلات القتالية لحزب الله المضادة للدبابات تختلف عن فرق المشاة بحيث تتألف المجموعة الواحدة المضادة للدبابات لدى الحزب من أربع إلى خمس مقاتلين: اثنين يتمتعان بدرجة عالية من التدريب على السلاح، يعاونهم اثنين او ثلاثة مقاتلين آخرين، يعتبرون أقل مهارة ويكون دورهم الأساسي الدعم والإسناد.
وفي تكتيكاته، أثبت حزب الله أن أسلوب إطلاق عدة صواريخ على هدف واحد فعال جدا ضد كل من الدبابات والمشاة، وخصوصاً دبابات ميركافا التي أصيبت بوابل من الصواريخ في وسطها واطرافها. ولأنّ لدى الحزب وفرة من هذه الصواريخ المضادة للدبابات، فقد أستخدمت بشكل مبتكر ضد قوات المشاة الاسرائيلية, وخصوصاً منهم الذين تحصنوا في البيوت. فقد أطلقت هذه الصواريخ من مدى يتراوح بين 1000 و 3000 متر اي أبعد من مدى أسلحة المشاة. ومن المعروف أنه في أراضي مشابهة يعتمد طاقم الدبابات على مشاة مرافقين وذلك لتنظيف المنطقة من مقاتلين محتملين.
غير أن صواريخ حزب الله وتكتيكاتهم الجديدة قد إستطاعت حذف هؤلاء المشاة من المعادلة فأسقطتهم بحيث بقيت دبابات العدو تتقدم وحدها، كما يقول ستيفن زولوغا، وهو محلل الحرب البرية في مركز فرجينيا, وقد إستعملت هذه الصواريخ ضد المروحيات الإسرائيلية البطيئة والمنخفضة.
إضافة إلى ذلك تفيد تقارير إستخباراتية أنه بتاريخ 28 تشرين الأول من العام الماضي، وصل الى موسكو وفد من حزب الله زار خلالها مصانع الأسلحة المضادة للدبابات في مدينة تولا جنوب موسكو. كما شاهد الزوار اللبنانيون إطلاق نار حي لأنواع مختلفة من الصواريخ. وعلى الأثر تم الإتفاق على شراء 3000 صاروخ من مختلف الأنواع.
الكاتيوشا وما بعد بعد الكاتيوشا
إن نجاح حزب الله في ميدان الحرب الصاروخية يعود إلى التكتيك الذي يتّبعه في إستعمال الصواريخ المتواجدة لديه. فحرب تموز أثبتت أن هذا النجاح يعزا بالدرجة الأولى إلى التحضيرات المكثفة التي جرت قبل المعركة، إضافة إلى تكتيك حماية الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في مواقع تحت الارض بنيت لتفادي القصف وللصمود في وجه هجمات إسرائيل، وفق ما قاله زئيف شيف، في صحيفة هآرتز، في 5 أيلول 2006.
وقد تزايدت ترسانة الحزب من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى من 14 ألف صاروخ قبل 2006، إلى 20 الف صاروخ بعد أشهر من تموز وصولاً إلى 42 ألف صاروخ، مكدسة حالياً في أراضي الجنوب اللبناني حيث يقوم بنشرها وحراستها أكثر من 2500 عنصر من حزب الله، حسب ما أعلنته لجنة الإستخبارات التابعة للحكومة الإسرائيلية في 9 آب 2009.
والجدير بالذكر أن نظم الدفاع الصاروخي الإسرائيلية لم ينجح في وقف سيل الصواريخ التي أطلقها حزب الله على إسرائيل خلال حرب تموز على الرغم أن لدى إسرائيل منظومتين للدفاع ضد الصواريخ: الأولى هي نظام الدفاع المزوّد بصواريخ آرو (السهم) والثانية هي منظومة الـ"باتريوت".
ويعود السبب في إخفاق هذين النظامين إلى أنّ كليهما غير مصمم للتعامل اعتراضا و تدميرا مع نوعية وكمّية الصواريخ التي أطلقها حزب الله في تموز2006، إنما للعمل ضد الصواريخ الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى (والتي يتراوح مداها من 200 إلى 1000 ميل) في حين أن الصواريخ التي يطلقها حزب الله على إسرائيل قصيرة المدى، فلا تدخل ضمن نطاق تصدي الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية لها، وذلك باعتراف عوز روبين، مصمم الصاروخ (آرو)، حيث أكد أنه لا يصلح للتعامل مع أية تهديدات صاروخية في مدى أقل من 125 ميلاً، ذلك لأنّ هذه الصواريخ شبه بدائية، و تطير على علو منخفض، و تأتي على شكل رشقات أو دفعات.
كما أن قوة صواريخ حزب الله القصيرة المدى تنطلق من مواقع متغيرة، وتتميز بالقابلية للإطلاق السريع ثم نقل منصة الإطلاق إلى موقع آخر. كذلك فإن الرحلة التي تقطعها صواريخ الحزب ـ خصوصاً الكاتيوشا ـ قصيرة للغاية ولا تستغرق أكثر من بضع ثوان لكونها قصيرة المدى (أقل من 10 أميال) ما يجعل المدى الزمني المتاح قبل وصول الصواريخ إلى أهدافها أقصر كثيراً مما تحتاجه شبكات الرادار الإسرائيلية لرصدها، فضلاً عن صعوبة تتبع مساراتها. ويبرز في ترسانة الحزب مجموعة من الصواريخ تبدأ بالكاتيوشا ولا يعلم أين تنتهي.
- صاروخ "الكاتيوشا": هو صاروخ روسي ذائع الصيت يعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي السابق، إستعمل في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية. ويشمل سلسلة من الأنواع التي يمكن إطلاقها بوساطة راجمة أو بوساطة منصة ثابتة يدوياً أو حتى من دون الحاجة إلى وجود مشّغل اعتماداً على التوقيت الذي يمكن ضبطه للانطلاق في وقت لاحق. ولا أهمية إستراتيجية أو عسكرية كبرى لهذه الصواريخ، رغم قدرتها التدميرية المحدودة نسبياً وعدم دقة إصاباتها، إلا أن كثرة إستعملها تعود إجمالا للرغبة في احداث هلع أو انهيار نفسي لدى الطرف الآخر. ويمتلك حزب الله عشرات الآلاف من صواريخ الكتيوشا يعمل معظمها ضمن مدى 12 – 25 كلم. وقد خضعت هذه الصواريخ لتعديلات سمح لها بتجاوز مدى الـ25 كلم.
- طائرة "مرصاد1" تعتبر سلاحاً مهجناً من إبتكار حزب الله الذي أنشأ لها وحدة هندسية خاصة مؤلفة من عشرات المهندسين. ومرصاد هي طائرة استطلاع من دون طيار أعلن الحزب تصنيعها منذ مدة فيما يرى البعض أنها من صنع إيراني (مهاجر 4) وقد استخدمها الحزب في عدة مناسبات خلال الأعوام القليلة الماضية وذلك بهف الرصد من خلال الكاميرا المزودة بها. وفي الوقت عينه، مرصاد هي طائرة قادرة على ضرب أهداف مدنية أو عسكرية في العمق الإسرائيلي إذا ما تمّ استخدامها كطائرة انتحارية, خاصّة أنها تستطيع حمل متفجرات زنتها بين (40 و50) كلغ لا سيما أنّ الدفاعات الجوية لا تستطيع رصد طائرات استطلاع بطيئة كهذه خصوصاً إنها تطير على علو منخفض.
- صاروخ رعد: هو صاروخ إيراني الصنع تمّ إنتاجه بدأ من العام 2004 بعد إخضاعه لعدد من التجارب وفق تصريح سابق لوزير الدفاع الإيراني علي شامخاني آنذاك. وهو صاروخ يعمل على الوقود السائل، و تبلغ نسبة دقته في إصابة الأهداف 75%. يمتلك حزب الله صاروخ (رعد1) و هو صاروخ ذو مهمة تدميريّة ويستطيع حمل رأس متفجر بوزن (100) كلغ. وقد تمّ استخدامه لأول مرّة في حرب تموز 2006.
- صاروخ فجر: هو صاروخ إيراني الصنع بدعم صيني و كوري شمالي. يتم إطلاقه من قواعد و عربات متحركة يمتلك حزب الله منه سلسلة (فجر3) ، عيار 240 ملم، الذي يبلغ مداه حوالي (45) كلم و (فجر4) و(فجر5)، عيار 333ملم، الذي يبلغ مداه حوالي (75) كلم. وتشير التقديرات إلى أنّ الحزب يمتلك مئات من هذا الطراز مما يتيح له القدرة للوصول إلى حيفا, وقد تسبب بمقتل 8 إسرائيليين بضربة واحدة في تموز 2006.
- صاروخ زلزال: هو صاروخ بالستي، ظهر في عروض عسكرية إيرانية إلى جانب صاروخ 'شهاب6. ويعمل 'زلزال" على الوقود الصلب، و يبلغ مداه حوالي (150) كلم، و يستطيع الوصول إلى تل أبيب ممّا يجعله من منظومة الصواريخ المتطورة جداً، والتي قلّما يمكن لجماعات مقاومة مسلحة، وليس لجيوش نظامية، امتلاكها ما لم يكن هناك قوّة كبيرة تدعمها و تؤمّن الغطاء المطلوب لها لتزويدها به. وهناك من يطرح إمكانية وجود صاروخ 'زلزال2" لدى الحزب، و هو صاروخ يبلغ مداه حوالي (200) كلم، يُستخدم لضرب المواقع المهمة المتعلقة بالمدن و الاتصالات و بالمواقع الحيوية؛ فبإستطاعة هذا الصاروخ أن يحمل رؤوسا تحتوي على 600 كلغ من المواد المتفجرة. وقد تم الكشف عبر مصادر عسكرية اسرائيلية ان 'حزب الله" يستعد لتسلم صواريخ أرض- أرض من نوع 'فتح-110" من ايران. واوضحت المصادر ان 'صاروخ 'فتح-110" مشابه لـ"زلزال 2" الذي استخدمه 'حزب الله" لضرب القرى الاسرائيلية الشمالية، ومن الممكن أن يصل إلى تل أبيب. كما أنه يملك دقة عالية نظراً الى نظام التوجيه الصيني, ويستطيع حمل نصف طن من المتفجرات'.
وإذا كانت صواريخ حزب الله لم تتجاوز شعاع دائرته الـ70 كلم خلال حرب تموز، فإن إيران قامت مؤخرا بتزويد حزب الله «بصواريخ باليستية بعيدة المدى تعمل بالوقود الصلب ومجهزة بنظام توجيه عبر قمر صناعي»، يتجاوز مداها 300 كلم وهي قادرة بالتالي أن تطال كل المدن الإسرائيلية وصولاً إلى مفاعل ديمونة في صحراء النقب. وقد أكدت مجلة التايمز أن هذه الصواريخ بالتحديد موضوعة تحت إدارة وإشراف مباشر للحرس الثوري الإيراني