الجغرافيا العسكرية والحرب الجوية
تطورتأهداف الجغرافيا الإستراتيجية للحرب الجوية تطوراً كبيراً وسريعاً مع تطورالتكنولوجيا الحديثة، فلم تعد وظيفة السلاح الجوي قاصرة على نقل الجنود،والسلاح، والذخيرة، والمؤن، لتعزيز الهجوم العسكري، بل تطور دورها، وأصبحتتسهم بدور فعال وبخاصة خلف خطوط العدو وفي أعماق أراضيه، وذلك بتحطيموتدمير كل ما يمكن أن يقلل من عزيمة الجيش المعادي وإرباك خطوطه، وهذا ماحدث في حرب أكتوبر 1973، حيث بدأتها مصر بالسلاح الجوي، ونجحت في تحطيممعنويات الجيش الإسرائيلي وحدت من قدرته وعزيمته على القتال.
كماتهدف الجغرافيا العسكرية إلى التحكم في الفراغ الجوي وتدمير الطائراتالمعادية وحرمانها من استخدامه، وبالتالي يتمكن السلاح الجوي من السيطرةعلى قوات العدو البرية والبحرية، ويقوم بضربها وتحطيم الصواريخ المضادة،وبذلك يقضي على المقاومة الأرضية ضد الطائرات، وعليه يقوم بحماية، ومساعدةقواته البرية المتقدمة، وإرشادها إلى مناطق الضعف في صفوف العدو للتركيزعليها.
تهتمالجغرافيا العسكرية بدراسة الظروف المناخية لطبقات الجو، ومنها اتضح وجودتيارات هوائية شديدة السرعة، ويُطلق عليها التيارات النفاثة Jet Streams.وأول من أكد على وجود هذه التيارات رجال السلاح الجوي الأمريكي خلال الحربالعالمية الثانية أثناء عمليات هجومهم الجوي فوق الجزر اليابانية علىارتفاعات 30 ألف قدم، وقُدرت سرعة هذه التيارات حينئذ بين 200 إلى 300ميل/ ساعة. وأصبح لهذه التيارات أهمية كبيرة في الطيران خاصة بعد استخدامالطائرات النفاثة التي تُحلق على ارتفاعات شاهقة. إذ يمكن أن تستفيد منهاإذا كانت تسير في نفس اتجاها. أو تتجنبها إذ كانت تسير في اتجاه مضاد لها.كما لا يستغني السلاح الجوي والملاحة الجوية عن بيانات الطقس، وذلكتأميناً لسلامة الطلعات الجوية وحركات الطيران. ولا يتوقف دور الجغرافياالعسكرية على دراسة ظروف الطقس فحسب، بل تتعداه إلى اختيار مواقع المطاراتبالأماكن، التي تقع في سهول فسيحة حتى لا تُشكل عقبة أمام الطيران من جهة،والتي يقل تعرضها لحدوث الضباب بكثرة ولا تتأثر بالزوابع والأعاصير من جهةأخرى.