الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010 - 07:34
سطر الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية تاريخا جديدا على أرض الفيروز " سيناء " بالمساهمة فى تمويل ترعة تحمل اسم سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، والتى تساهم فى استصلاح 400 ألف فدان فى سيناء وتوطين حوالى مليون نسمة حاليا ومساعدة ما يقارب خمسة ملايين نسمة خلال السنوات القادمة، كما تعمل على سد الفجوة فى المجال الغذائى مابين الإنتاج والاستهلاك وخلق فرص عمل جديدة لأهالى سيناء بما يجعلها من المشروعات المهمة التى يسهم الصندوق الكويتى فيها على الأرض المصرية، لتظل شاهدة على العلاقات التاريخية التى تربط بين الكويت ومصر، ذلك أن شبه جزيرة سيناء تمثل العمق الاستراتيجى لمصر شرقاً والرباط التاريخى بين مصر وأشقائها العرب.وفى سبيل تنفيذ المشروع قدم الصندوق الكويتى ثلاثة قروض بقيمة إجمالية مقدارها 237.8مليون دولار .
ولأول مرة فى التاريخ الحديث يتدفق نهر النيل ليجرى على أراضى صحراء سيناء، مما جعل أهالى سيناء يطلقون على ترعة الشيخ جابر الصباح " جابر الخير "، وهو الاسم المحبب لأهالى سيناء كمصدر للخير الوفير القادم إليهم مع قطرات المياه التى تحملها الترعة التى يبلغ طولها حوالى 175 كيلومترا وتمتد مباشرة خلف سحارة تنقل مياه نهر النيل من غرب القناة إلى شرقها وحتى نهايتها فى غرب وادى العريش.
واعترافا وتقديرا من جانب مصر بالموقف الكويتى الداعم والصادق للتنمية، تقرر إقامة نصب تذكارى كبير يزينه علم دولة الكويت من جميع الاتجاهات، وهو مقام عند مدخل سيناء بالقرب من السحارة التى تنقل المياه من غرب القناة إلى شرقها وتدفعها إلى الصحراء، تم تصميم هذا النصب على الطراز الإسلامى مزينا بزخارف فائقة الروعة وهو يطل على قناة السويس حيث تشاهده كافة الناقلات العملاقة التى تعبر القناة، مما يؤكد أن ترعة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر ستظل شاهدة على التعاون والدعم والإخوة التاريخية بين الكويت وشقيقتها مصر عبر الصندوق الكويتى للتنمية.
وحول مساهمة الصندوق الكويتى فى دعم هذا المشروع الحيوى، أكد مدير عام مراكز المعلومات فى محافظة شمال سيناء، المهندس عز الدين أمين شاكر، أن المفاوضات الخاصة بـ«ترعة الشيخ جابر » والمتعلقة بمنح قرض لمصر من الصندوق الكويتى للتنمية العربية قد بدأت سنة 1990 .وحَرصَ سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح على استكمال المفاوضات المتصلة بتمويل قرض لمشروع استصلاح أراضٍ فى شمال سيناء بين مصر وبين الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية .
موضحا أن الهدف من مشروع «ترعة السلام»، وكان هذا هو اسمها قبل أن يتم تحويله فيما بعد إلى «ترعة الشيخ جابر»، هو إصلاح مياه الرى بحيث تصبح صالحة للزراعة، الأمر الذى يُمكن معه استصلاح أربعمائة ألف فدان فى شمال سيناء وزيادة الإنتاج الزراعى بشقيه النباتى والحيوانى.
ترعة سمو الشيخ جابر الصباحأضاف المهندس شاكر قائلا : بداية المشروع القومى لتنمية سيناء، ساهم الصندوق الكويتى بحفر الترعة الرئيسية فى المشروع والمَصبّ الأساسى لسيناء مع وجود 125 ألف فدان إضافية فى النطاق الإدارى لبورسعيد والإسماعيلية. وامتدت ترعة الشيخ جابر الصباح من حدود الإسماعيلية إلى مركز بئر العبد وتبلغ المساحات المزروعة على جانبيها حوالى 65 ألف فدان، منها 30 ألفا تزرع موسمياً، مشيرا إلى أن هناك اهتماما كبيرا من محافظة شمال سيناء باستكمال زراعة منطقة بئر العبد واستكمال المآخذ الخاصة بالمياه.
وهو ما أكده محافظ شمال سيناء اللواء مراد موافى، الذى أشار إلى أن أهداف مشروع ترعة الشيخ جابر عديدة ولكن أهمها يتمثل فى ربط سيناء بمنطقة الدلتا وجعلها امتداداً طبيعياً للوادى، واستصلاح واستزراع 400 ألف فدان على مياه امتداد ترعة الشيخ جابر الصباح بمنطقة شمال سيناء لخلق مجتمع زراعى صناعى تنموى جديد ومتكامل بغرض التخفيف عن المناطق المكدسة بالسكان فى الوادى، وتقوية وتدعيم سياسة مصر بزيادة الإنتاج الزراعى، بالإضافة إلى استغلال الطاقات البشرية فى أغراض التنمية وإتاحة فرص عمل جديدة .
وأشار سيادته إلى تأكيد المحافظة والمجتمع المحلى على تقديم وافر الشكر لجهود الصندوق الكويتى للتنمية فى مشروع ترعة الشيخ جابر، وهو ما ترسخ عند لقائى بمعالى السفير الدكتور رشيد الحمد سفير دولة الكويت بالقاهرة وتباحثنا فى هذا الأمر وأهمية جذب الاستثمارات الكويتية لسيناء.
وامتدت فوائد ترعة الشيخ جابر إلى مدن القناة وهو ما يؤكده السيد صالح المسعودى عضو مجلس محلى محافظة الإسماعيلية، أن الترعة التى أسهم فى تدشينها الصندوق الكويتى ساهمت فى خلق مجتمعات عمرانية كبيرة جنوب القنطرة شرق وفى قرية جلبانة وجنوب بورسعيد فى سهل الطينة قرابة 10 آلاف أسرة على الأقل تقيم فى المنطقة على أساس الأراضى التى استروها، ويقومون بزراعتها على جانبى أو فى نطاق ترعة الشيخ جابر الصباح، لافتا إلى أن سيناء بحاجة إلى الاستثمارات العربية وتضافر الجهود لتنميتها لأهميتها ليس للأمن القومى المصرى فقط بل للأمن القومى العربى.
على الجانب الآخر، يؤكد مهندسو مشروع ترعة الشيخ جابر أن تنفيذ المخطط وإقامة القرى الجديدة يتم وفقا لأحدث الأساليب التكنولوجية، ولذلك انتهت المراحل الأولى من الترعة بسرعة فائقة خاضعة للمعايير الدولية والتى شملت :
* إنشاء الجسر الواقى من ترعة الشيخ جابر الصباح بطول 5،12 كم .
* الانتهاء من الأعمال الترابية والصناعية والحماية للترعة بطول 5،42 كم .
* تنفيذ باقى الأعمال لطول الترعة حتى الكيلو 5،68 بنسبة 59 % .
*الانتهاء من إقامة كوبرى وعدد 3 قناطر رئيسية وجارى العمل فى إقامة ثلاثة كبارى وقنطرة .
*الانتهاء من محطتى الرفع الرئيسية على الترعة رقم ( 5 ، 6 ) .
*إنشاء مصرف الفرما وبالوظة وفروعها ، ونسبة 57 % من محطة صرف الفرما .
*الانتهاء من تنفيذ 89 % من ترعة جنوب القنطرة شرق بطول 53 % ( فى زمام 57 ألف فدان ، وتنفيذ نسبة 19 % من فروع الرى والصرف وقد بلغ حجم الاستثمارات المنفذة بهذه المرحلة حتى الآن نحو 2.9 مليار جنيه من إجمالى التكلفة الاستثمارية للمشروع وقدرها 7،5 مليارات جنيه ، وبلغت نسبة التنفيذ العامة للمشروع 86% .
*تم تخصيص مساحة 75 ألف فدان بسهل الطينة وجنوب القنطرة شرق ، وإطلاق المياه فى مساحة 100 ألف فدان أخرى.
جابر الخير وقد ترتب على تلك الإنجازات السريعة فى المراحل السابقة تسهيلات توفير كل الخدمات داخل القرى وإقامة مجتمع متكامل بكل مرافقه من طرق وكهرباء ومصانع ومدارس ومراكز صحية وأسواق، مع توفير عمارات سكنية متفاوتة المستوى للدخل المتوسط والاقتصادى.
يذكر أن مشاركة الصندوق الكويتى فى تمويل هذا المشروع جاءت بتوجيه من سمو أمير البلاد للإسهام فى جهود استصلاح هذه الأراضى المصرية، وفى إطار المشاريع المتعددة التى ساهم الصندوق الكويتى للتنمية فى تمويلها فى مصر منذ عام 1964 تعبيرا عن العلاقات المتميزة بين البلدين.
وكان الرئيس حسنى مبارك قد أطلق مشروع " ترعة السلام" فى عام 1997 وتم إطلاق اسم صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ الراحل جابر الأحمد الصباح على أحد مراكز تجميع المياه الرئيسية، تقديرا لدور الكويت فى تمويل المشروع العملاق.