التحذيرات السبعة التي يحملها عمر سليمان إلي تل أبيب!!
مصطفي بكري
خلال الأيام القليلة القادمة يقوم الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية بزيارة إلي تل أبيب، سبق تأجيلها بسبب العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة والذي أسفر عن استشهاد أكثر من ٠٢١ وجرح وإصابة حوالي ٠٥٣ فلسطينيا.
ووفقا لمصادر سياسية عليا فإن السيد عمر سليمان سوف يحمل خلال زيارته لتل أبيب رسالة شفهية من الرئيس مبارك إلي كبار المسئولين الإسرائيليين تحوي سبعة تحذيرات وتؤكد عددا من الحقائق أبرزها:
١ - أن الحكومة المصرية إذا كانت قد سمحت في ٣٢ يناير الماضي لأبناء قطاع غزة بالعبور إلي داخل الحدود المصرية والتزود بالمواد التموينية، فإن 'إسرائيل' تتحمل المسئولية الأساسية عن هذه الاستباحة التي وقعت ضد الحدود المصرية بسبب حصارها الظالم والمتعمد للفلسطينيين في القطاع بهدف احراج الحكومة المصرية أمام الرأي العام الداخلي والعربي، وأنها لن تسمح بتكرار ذلك السيناريو مرة أخري مهما كان الثمن.
٢ - أن القيادة المصرية تود أن تبلغ أسفها للموقف الإسرائيلي الرافض لزيادة عدد القوات الأمنية المصرية علي الحدود من ٠٥٧ إلي ٠٠٥١ جندي لمواجهة عمليات التسلل أو الاقتحام سواء من عناصر افريقية تتسرب إلي داخل 'إسرائيل' أو عبر عناصر فلسطينية تصر علي عدم الانصياع للاتفاقيات الدولية المنظمة للحدود، وأن القاهرة تطالب الحكومة الإسرائيلية بمراجعة موقفها فورا من هذه القضية التي تمس الأمن القومي المصري في الصميم.
٣ - أن القيادة المصرية تحذر من خطورة المعلومات التي تشير إلي احتمال قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالإقدام علي اقتحام محافظة شمال غزة تحت زعم القضاء علي مصادر التهديد واطلاق الصواريخ، مما سيدفع بالتبعية ٠٨٢ ألف مواطن فلسطيني يقطنون في هذه المحافظة إلي الهجرة باتجاه رفح والحدود المصرية المتاخمة خاصة أن المعلومات المصرية تشير إلي أن هدف 'إسرائيل' من وراء ذلك ليس القضاء علي التهديدات المحتملة من حماس، وإنما التخطيط لدفع هذه الحشود من السكان الفلسطينيين باتجاه مناطق محددة داخل سيناء، وان القاهرة ستعتبر ان 'إسرائيل' هي المسئولة مسئولية كاملة عن تداعيات عملية الاقتحام المنافية للشرعية والقانون الدوليين واتفاقيات جنيف باعتبار أن دولة الاحتلال مسئولة مسئولية كاملة عن أوضاع الفلسطينيين.
٤ - أن القاهرة تحذر من خطورة استمرار إحكام الحصار علي سكان قطاع غزة، باعتبار أن ذلك من شأنه أن يصب في خدمة المخطط الرامي إلي التهجير القسري للفلسطينيين الذين لن يجدوا أمامهم من سبيل سوي التوجه للحدود المصرية وتكرار السيناريو السابق، وهو أمر يوجب علي 'إسرائيل' أن تبدأ علي الفور في فك الحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني داخل القطاع والسماح بتدفق المؤن والمواد الغذائية والأموال.
٥ - أن مصر تحذر من خطورة استمرار التحريض الاقليمي والدولي الذي تقوم به 'إسرائيل' سرا أو علانية بزعم أنه لا حل لمشكلة قطاع غزة إلا بممارسة الضغط علي مصر للقبول بتوسعة قطاع غزة علي مساحة ٠٠٦١ كيلو متر داخل سيناء مقابل مساحة داخل النقب. وأن القيادة المصرية تؤكد وبإصرار رفضها لمبدأ تبادل الأراضي أيا كانت مبرراته وتؤكد أن التراب المصري مقدس ولن يسمح بتعديل الحدود تحت أية ضغوط وأن أي محاولة لتنفيذ هذا المخطط ستقابل بكل حسم وقوة مهما كانت النتائج والتداعيات.
٦ - أن القيادة المصرية مستاءة من التصريحات الإسرائيلية التي لا تزال تحرض ضد مصر باتجاه المجتمع الدولي تحت زعم أن القاهرة تساعد أو تلتزم الصمت أمام عملية تهريب الأسلحة من داخل سيناء إلي قطاع غزة، وأن القاهرة تحذر من استمرار هذه التصريحات التي تعتبرها القاهرة عملا عدوانيا مباشرا في وقت تبذل فيه جهودا كبيرة من أجل سد الطريق أمام أية محاولة لتهريب الأسلحة عبر الانفاق، خاصة أن لدي مصر سجلا موثقا بأعداد الانفاق التي تم ردمها والأسلحة التي تم ضبطها، وأن مصر سوف تعتبر الاستمرار في اطلاق هذه التصريحات نوعا من الابتزاز السياسي الذي لا يخدم العلاقات بين البلدين.
٧ - أن مصر تحذر من خطورة استمرار عمليات القتل المتعمد من قبل الجنود الإسرائيليين لمواطنين وجنود مصريين داخل الحدود المصرية والتي كان آخرها قتل المواطن حمدان أبوسالم والطفلة سماح أبوجراد علي مدي الشهرين الماضيين خاصة أن ذلك يعد مساسا بالأمن القومي وخرقا لمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية وتجاوزا لكافة الأعراف التي تحكم العلاقة بين البلدين، كما أن القاهرة تحذر من أية تدريبات أمنية أو عسكرية علي الحدود أيا كان مبررها وأيا كانت دوافعها.
تلك هي التحذيرات السبعة التي سيحملها مدير المخابرات العامة المصرية إلي المسئولين الإسرائيليين نقلا عن الرئيس مبارك الذي أبدي استياءه من السلوك الإسرائيلي الهادف إلي إحداث توتر علي الحدود بما يمس الأمن القومي المصري.
وفي جعبة السيد عمر سليمان مشروع للتهدئة بين حماس والحكومة الإسرائيلية، حيث يتضمن هذا المشروع في ضوء الاتصالات التي جرت مؤخرا مع حماس عدة نقاط:
- وقف العدوان الإسرائيلي المستمر علي قطاع غزة ووقف اغتيال كوادر المقاومة وإنهاء الحصار المفروض علي قطاع غزة تدريجيا في مقابل وقف حركة حماس اطلاق صواريخ القسام باتجاه المستعمرات الإسرائيلية.
- استعداد القاهرة للقيام بدور محوري في ضمان استمرار عملية التهدئة علي أن تبدي 'إسرائيل' بوادر حسن النية من خلال بدء إعادة ضخ كميات الوقود المحددة إلي القطاع وإعادة النظر في فتح المعابر بين مصر وقطاع غزة بأقصي سرعة ممكنة بالاتفاق مع الجهات المعنية.
- ضرورة الالتزام بالمقررات الصادرة عن مؤتمر 'أنابوليس' للسلام بما يساعد علي دفع عملية التفاوض مجددا والتوقف عن الاستفزازات وعمليات الاحراج التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية بسبب السياسات العدوانية - الإسرائيلية.
- التوقف عن اطلاق التهديدات بقتل عدد من القيادات الفلسطينية الممثلة لحركة حماس ، ووقف أية محاولات للتحريض ضد الحركة بالداخل أو الخارج.
- استعداد القاهرة لاستضافة لقاء يجمع بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي إذا كان هذا اللقاء يخدم عملية دفع المفاوضات شريطة أن تبدي 'إسرائيل' استعدادات جادة لدفع العملية السلمية والالتزام بتنفيذ خارطة الطريق وإعلان قبولها للمضي قدما باتجاه تنفيذ وعد الرئيس جورج بوش بقيام الدولة الفلسطينية في نهاية العام الجاري.
وكانت معلومات قد وصلت إلي القاهرة مؤخرا أكدت أن الحكومة الإسرائيلية بدأت في دراسة الخطوات المستقبلية إزاء التعامل مع قطاع غزة في ضوء النتائج الداخلية والإقليمية والدولية التي أسفر عنها العدوان الإسرائيلي الأخير علي القطاع.
وأشارت المصادر إلي أن 'إسرائيل' تلقي تشجيعا كبيرا من الولايات المتحدة وبعض الأطراف الغربية لوضع حد لما اسمته باستمرار نفوذ حركة حماس في غزة، وكذلك الحال فيما يتعلق بتوسيع القطاع بالامتداد داخل سيناء بعمق ٠٠٦١ ك م٢، مما يسهل من مهمة التسوية السياسية مع الفلسطينيين في الفترة القادمة، علي حد وصف المصادر.
وكانت وكالات الأنباء قد بثت يوم الخميس قبل الماضي تصريحا نسبته إلي مصدر مقرب من وزير الدفاع الإسرائيلي أشار فيه إلي أن الجيش الإسرائيلي يدرس من الناحية القانونية إمكانية إخلاء أحياء في قطاع غزة تستخدم لإطلاق صواريخ فلسطينية علي 'اسرائيل'.
ومن الواضح في ضوء المناقشات أن 'إسرائيل' استهدفت من وراء ذلك الإعلان تحقيق عدد من الأهداف، أبرزها:
- تأكيد أن لديها مشروعا لإعادة احتلال بعض مناطق القطاع خاصة منطقة جباليا وغيرها من المناطق التي تري 'إسرائيل' أنها مصدر لاطلاق صواريخ القسام باتجاه المستعمرات الإسرائيلية.
- إثارة الفزع وتحريض سكان هذه المناطق ضد حركة حماس وإجبارها علي وقف اطلاق الصواريخ تمهيدا لتعميم هذه الظاهرة داخل القطاع بأسره.
- السعي إلي تهدئة الأوضاع في الداخل الإسرائيلي في ضوء الاتهامات التي تلاحق الحكومة بعجزها وفشلها في وقف اطلاق صواريخ القسام.
- السعي إلي دفع أهالي تلك المناطق للهجرة القسرية باتجاه منطقة شمال سيناء واجتياز الحدود للاستقرار في مناطق رفح والمناطق الأخري المتاخمة.
وأشارت المصادر إلي أن 'إسرائيل' تسعي في ضوء ذلك إلي انتظار الفرصة السانحة لإعادة احتلال محافظة شمال سيناء وطرد سكانها البالغ عددهم ٠٨٢ ألف نسمة باتجاه الحدود مع مصر لتحقيق عدة أهداف أساسية هي:
١ - التخفيف من حدة العمليات الفدائية واطلاق الصواريخ انطلاقا من هذه المنطقة، وضم هذه المساحة من الأراضي إلي الكيان الصهيوني مجددا، وإقامة منطقة أمنية عازلة عليها.
٢ - فك الارتباط بين القطاع والضفة وهو ما تحدث عنه وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك خلال عملية اجتياز أكثر من ٠٥٧ ألف فلسطيني للحدود مع مصر إلي داخل مدن محافظة شمال سيناء أواخر يناير الماضي.
٣ - تصدير مشاكل القطاع إلي مصر، وتحويل الصراع من فلسطيني - إسرائيلي إلي صراع مصري - فلسطيني عبر تأزيم المواقف وممارسة الضغوط وتنفيذ المخطط الذي سبق الإعلان عنه بتوسيع مساحة القطاع إلي داخل الحدود مع مصر.
بقي القول أخيرا إن زيارة الوزير عمر سليمان سوف تكون حاسمة في اطار القضايا المطروحة، ولكن السؤال هل تقبل 'إسرائيل' بالتراجع عن مخططها الذي يبدو انها تعد لتنفيذه بجدية هذه المرة؟.