على الرغم من تعدد الميادين، التي اشتبكت فيها القوات البريطانية، خلال النصف الأول من عام 1941، فقد استمر ميدان "الصحراء المغاربية" يحتل المرتبة الأولى من الأهمية بالنسبة إلى باقي ميادين الشرق الأوسط. وقدّرت القيادة البريطانية، في القاهرة، أن أي هزيمة لقواتها في هذا الميدان، لن يعوضها أي نصر تحرزه في أيٍّ من الميادين الأخرى. ولذلك، أصبح هدف القيادة البريطانية، هو تـدعيم الدفاع عن هذا الميدان، وهزيمة قوات رومل النشيطة المدربة. وبذلك، فقط، يمكن تأمين قاعدة العمليات الرئيسية في الشرق الأوسط (مصر)، وفتح الطريق إلى طبرق، لرفع الحصار عن القوات المرابطة بها. 2. الجيش الثامن، في مواجهة "قوات المحور" في شمال أفريقيا::-
في 18 نوفمبر 1941، بـدأ الهجوم البريطاني، على قوات الفيلق الأفريقي، في معركة كروسيدر، بعد إعادة تنظيم قوة الصحراء المغاربية، وزيادة حجمها، إذ أصبحت تضم الفيلقين، (13، 30)، وأُطلق عليها اسم "الجيش الثامن" [size=25][size=25](BRITISHEIGHTHARMY)، الذي تولي قيادته الجنرال "كاننجهام" (Alan Cunningham)، بدلاً من الجنرال "أوكونور" الذي أُسر. وكانت هذه هي المعركة الأولى، التي يشنها الجيش الثامن البريطاني، تحت هذا الاسم الجديد. وأصبح تنظيم الجيش الثامن كالآتي:
أ. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "أوستن"، ويتكون من:
(1) الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية.
(2) الفرقة 4 المشاة الهندية.
(3) اللواء الأول المدرع البريطاني.
ب. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "نوري"، ويتكون من:
(1) الفرقة 7 المدرعة البريطانية.
(2) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.
(3) اللواء 22 حرس.
في 25 نوفمبر 1941، وبعد فشل الجيش الثامن البريطاني، في معركة "سيدي رزق"، قرر الجنرال أوكنلك تنحية الجنرال كاننجهام، وتعين الجنرال نِيل ريتشي (Neil Ritchie).وعند دراسة الموقف مع أوكنلك، اتضح لـريتشي أن خطة الهجوم الأصلية، كانت، وما زالت صحيحة، من الناحية التخطيطية، إلاّ أن استخدام الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا ضمن الفيلق 30 كان خاطئاً، نظراً إلى أنها حديثة العهد بالمعارك الصحراوية، التي تتطلب السرعة، وخفة الحركة، خلافاً للفرقة الرابعة المشاة الهندية، التي كانت تتمتع بخبرة كبيرة، في هذا النوع من المعارك. ولهذا، أُعيد تنظيم قوات الجيش الثامن، ليصبح كالآتي:
ج. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "أوستن"، ويتكون من:
(1) الفرقة 70 المشاة البريطانية.
(2) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.
(3) اللواء 5 المشاة النيوزيلندي.
(4) اللواء الأول المدرع البريطاني.
د. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "نوري"، ويتكون من:
(1) الفرقة 7 المدرعة.
(2) الفرقة 4 المشاة الهندية.
(3) اللواء الأول المشاة جنوب أفريقيا.
(4) اللواء 22 حرس.
في 8 ديسيمبر 1941 تمكن الجيش الثامن، بعد إعادة تنظيمه، بقيادة الجنرال "ريتشي"، من صد هجوم قوات المحور، واحتلال منطقة "سيدي رزق"، ومنطقة "العضم" ومطارها. وفي خلال تلك العمليات، تم الاتصال بحامية "طبرق"، بعد انسحاب قوات المحور من حولها. ورُفع عنها الحصار، الذي استمر ثمانية أشهر، في 10 ديسمبر 1941. وفي الوقت نفسه، انسحب المارشال "رومل" غرباً، حتى وصل إلى منطقة "الغزالة"، في 12 ديسمبر.
في يوم 14 ديسمبر، بدأ هجوم قوات من الجيش الثامن، وتمكنت من فتح ثغرة في دفاعات قوات المحور، على خط الغزالة، واستولت على بعض النقاط الدفاعية القوية، التي تسيطر على منطقة الغزالة. وفى خلال يوم 15 ديسمبر، قرر "رومل"، التخلي عن "منطقة الغزالة"، والارتداد غرباً، إلى "خط العقيلة" الدفاعي. وفي 17 يناير 1942، تمكنت قوات من الجيش الثامن، من استعـادة "البردية"، و"السلوم"، و"نقب حلفاية"، على الحدود المصرية ـ الليبية، التي كانت تحت سيطرة القوات الألمانية.
وبذلك، أصبحت خطوط مواصلات وإمداد الجنرال "ريتشي" طويلة، مما صعّب الوفاء بمطالب القوات، في الخطوط الأمامية. ونتيجة لهذا الموقف الإداري السيئ، أصبحت لقوات الجيش الثامن، أمام المواقع الدفاعية الأمامية، في مواجهة قوات المحور، قوة ساترة بقوة لواء من الفرقة الأولى المدرعة، بينما القوة الرئيسية للفرقة في الخلف على مسافة 90 ميلاً من "العقيلة". ولم تتمكن تلك القـوة الساترة إقامة الدفاعات القوية في مواقعها، لأنها لم تكن تتوقع، أن يقوم رومل، بهجوم مضاد مبكر.
وفي يوم 21 يناير 1942، بدأ الهجوم المضاد الألماني، وتمكن من تطويق جزء كبير من دبابات الفرقة الأولى المدرعة وتدميرها. وفي يوم 29 يناير، سقطت بنغازي. وفي نهاية يوم 4 فبراير، استقرت قوات الجيش الثامن، على خط "الغزالة ـ بيرحكيم". وفي يوم 6 فبراير، وصلت قوات المحور أمام هذا الخط، وتوقفت عنده لمدة أربعة أشهر، تقريباً. وأخذ الطرفان، خلال هذه الفترة، يستعدان للمعركة التالية وفي مايو 1942، أعاد الجنرال "ريتشي"، تنظيم قوات الجيش الثامن، استعداداً لمعركة "الغزالة"، ليصبح تشكيله كالآتي:
هـ. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "جوت"، ويتكون من:
(1) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.
(2) الفرقة الثانية المشاة جنوب أفريقيا.
(3) الفرقة 50 المشاة البريطانية.
و. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "نوري"، ويتكون من:
(1) الفرقة الأولى المدرعة البريطانية.
(2) الفرقة السابعة المدرعة البريطانية.
وضعت قيادة الجيش الثامن البريطاني، بقيادة الجنرال "ريتشي"، عدة حلول مقترحة، لخطته الهجـومية، في المعركة المقبلة (الغزالة ـ بيرحكيم). وكان أحد هذه الحلول، تنفيذ هجوم كاسح، من خط الغزالة، إلى بنغازي، (حوالي 120 ميلٍ). والحل الآخر، هو تجهيز واحتلال عدة مواقع دفاعية متتالية، مدعمة بالمدفعية والمدرعات، أمام الخطوط الدفاعية البريطانية، حتى يضطر رومل لمهاجمتها، وبذلك تسنح الفرصة لقوات الجيش الثامن لتدمير قوات رومل المدرعة. وفي 26 مايو 1942، هاجم رومل الخط الدفاعي، لقوات الجيش الثامن، قبل أن تتوصل القيادة البريطانية إلى القرار النهائي بالهجوم أو الدفاع. وتمكن رومل، بعد قتال عنيف، استمر حتى 29 يونيه 1942، من تحقيق المفاجأة، وهزيمة الجيش الثامن، بتدمير الجزء الأكبر من مدرعاته، وإجباره على التقهقر بسرعة كبيرة، في اتجاه مرسى مطروح.
بعد أن تمكن رومل من احتلال طبرق في 21 يونيه، واستسلام حاميتها المكونة من 33 ألف مقاتل، وبينما كان تقهقر الجيش الثامن على أشده، قـرر الجنرال "أوكنلك" القائد العـام للقـوات البريطانية في الشرق الأوسط، في 25 يونيه 1942، عزل الجنرال ريتشي، عن قيادة الجيش الثامـن، وتولى قيادته بنفسه، إضافة إلى عمله. ولم يغير شيئاً في قيادتـه، إلاّ أنه، غير خطة "ريتشي"، تغييراً جوهرياً. فقرر أن يكون التوقف النهائي في العلمين، خشية أن تُعزل قوات أخرى وتحاصر، وتقع في الأسر، وتتكرر مأساة طبرق مرة ثانية. لذا، طالَب قواته بالاستماتة في القتال، وتعطيل قوات رومل لأطول فترة ممكنة، حتى يتمكن من إعداد موقع العلميـن الدفاعي وتجهيزه. وفي 29 يونيه، تمكن رومل، من الوصول إلى دفاعات مرسي مطروح، وهزيمة قوات الجيش الثامن، على هذا الخط، وأسر ما يزيد عن 8 آلاف جندي بريطاني، وتراجعـت على أثر هذا قوات الجيش الثامن، إلى موقع "العلمين". واستمرت أعمال القتال، في خط العلمين، حتى 27 يوليه 1942، وانتهت بفشل "أوكنلك" نهائياً، في المعارك التي خاضها، ضد رومل.
. مونتجمري يتولى قيادة الجيش الثامن::-
وعلى إثـر العمليات البريطانية الفاشلة، أصدر تشرشل أمراً، بنقل الجنرال أوكنلك، وتعيين الجنرال هارولد ألكسندر، قائداً عاماً للقوات البريطانية، في الشرق الأوسط. وفي 7 أغسطس 1942، أصدر أمراً بتعيين الجنرال "جوت"، قائد الفيلق الثالث عشر، قائداً للجيش الثامن، إلاّ أنه قُتل، في اليوم نفسه، عندما أسقطت طائرته، طائرةٌ مقاتلة ألمانية، وهو متجه إلى القاهرة، لاستلام قيادته الجديدة. ولكن على إثر مصرع جوت، أصدر تشرشل أمراً بتعيين الجنرال "بيرنارد لو مونتجمري" [size=25](Bernard Law Montgomery)، قائداً للجيش الثامن البريطاني. وبدأ عمله، في يوم 12 أغسطس 1942.
بادر مونتجمري، بعد توليه القيادة، إلى استعدادات هائلة، لصد هجوم رومل المنتظر، بينما كان يستعد، في الوقت نفسه، لتوجيه ضربته الحاسمة. فعكف على دراسة الأرض، في منطقة العلمين، دراسة تفصيلية دقيقة، وتبيَّن له أن تبة "علم الحلفا"، ذات أهمية حيوية، لخط العلمين برمّته، لأنها تتحكم في منطقة كبيرة من الأرض، الواقعة حولها، كما أنها تعترض طريق تقدم رومل نحو "منطقة الحمّام"، وتهدد جناحه الأيمن، في طريقه نحو تبة "الرويسات"، إذا نجح في الالتفاف، حول الجناح الأيسر للقوات البريطانية؛ إذ لو أمكن القائد الألماني الاستيلاء عليها، لتأتّى له تهديد الخط البريطاني تهديداً خطيراً. لذلك، استدعى مونتجمري الفرقة 44 المشاة البريطانية، (التي وصلت حديثاً من بريطانيا) وكلفها باحتلال منطقة "علم حلفا"، في حين عمد إلى تقوية مواقعه الدفاعية
وأعاد مونتجمري تشكيل قوات الجيش الثامن، في خط العلمين الدفاعي، بناءً على هذه الخطة، قبيل معركة "علم حلفا"، لتكون كالآتي:
أ. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "هوركس" (Brain Horrocks)، ويتكون من:
(1) الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية.
(2) الفرقة 44 المشاة البريطانية.
(3) الفرقة 7 المدرعة البريطانية.
(4) الفرقة 10 المدرعة البريطانية.
ب. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "أوليفر ليس" (Oliver Leese)، ويتكون من:
(1) الفرقة 9 المشاة الأسترالية.
(2) الفرقة 5 المشاة الهندية.
(3) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.
ج. في الاحتياط
اللواء 23 المدرع، الموضوع تحت قيادة الفرقة 10 المدرعة مؤقتاً:
ولقد ضاع آخر أمل للجنرال رومل، في الوصول إلى قناة السويس، إثر تمكن مونتجمري، ليلة 30ـ31 أغسطس، من صد هجومه الأخير على خط "العلمين"، في معركة "علم حلفا"، والتي انتهت في صباح 6 سبتمبر 1942، بانتصار مونتجمري انتصاراً ساحقاً.
. إعادة تنظيم الجيش الثامن استعداداً لمعركة العلمين::-
في صبـاح يوم 7 سبتمبر 1942، قرر مونتجمري إيقاف القتال، في معركة "علم حلفا"، وعدم تنفيذ أي هجمات مضادة ضد قوات رومل. وكان قراره هذا، لإعادة تنظيم قواته، ووصول إمدادات جديدة له، ولتعزيز قواته على خط "العلمين". وقد انتهز هذه الفرصة، لكي يستأنف استعـداداته، لضربته الكبرى القادمة، في معركة العلمين. فعكف على دراسة الموقف، والقيام بجولات، استطلاعية وتفقدية، متتابعة، لوحداته المقاتلة، التي كانت في حالة معنوية سيئة، نتيجة للخسائـر الكبيرة المتتالية التي أصابتهم، في معاركهم السابقة، (قبل توليه قيادة الجيش). وإضافة إلى ذلك، أعاد تنظيم قوات الجيش الثامن، لتشكّل من ثلاثة فيالق بدلاً من فيلقين كما هو مبين بعد:
أ. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "هوركس"، ويتكون من:
(1) الفرقة 50 المشاة البريطانية.
(2) الفرقة 44 المشاة البريطانية.
(3) الفرقة 7 المدرعة البريطانية (اللواء 22 المدرع، واللواء 4 المدرع الخفيف).
(4) لواء يوناني.
(5) لواء الفرنسيين الأحرار.
ب. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "أوليفر ليس"، ويتكون من:
(1) الفرقة 9 المشاة الأسترالية.
(2) الفرقة 51 المشاة الهايلاندرز.
(3) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.
(4) الفرقة 4 المشاة الهندية.
وقد تقرر أن تنضم إليه، أثناء المرحلة الأولى من معركة العلمين، الفرقة 2 المشاة النيوزيلندي، لتشترك معه في عملية تدمير مواقع المحور الدفاعية، على أن تنفصل عنه، في الوقت المناسب، لتنضم إلي الفيلق العاشر الذي سيقوم بالمطاردة.
وقد خصص اللواء 23 المدرع ليعاون الفرق الأربع المشاة التابعة للفيلق 30، وإلحاق آلاي منه، تحت قيادة كل فرقة.
ج. الفيلق 10، بقيادة الجنرال "ليمسدن"، ويتكون من:
(1) الفرقة الأولى المدرعة البريطانية (اللواء 2 المدرع، واللواء 7 المشاة الراكب).
(2) الفرقة 10 المدرعة البريطانية (اللواء 8 المدرع، واللواء 24 المدرع، واللواء 133 المشاة الراكب).
(3) الفرقة 2 المشاة الراكبة النيوزيلندية (لواءان من المشاة، واللواء 9 المدرع). وقد أصبحت فرقة مشاة راكبة بعد أن زودت جميع ألوية مشاة الفرقة بحملات آلية لنقل الجنود.
كان إجمالي الجيش الثامن البريطاني، بقيادة المارشال مونتجمري، بعد إعادة تنظيمه استعداداً لمعركة العلمين، كما يلي:
عشر فرق (ست فرق مشاة + ثلاث فرق مدرعة + فرقة مشاة راكبة)، ولواء مشاة يوناني، ولواء مشاة فرنسي. موزعة على خط يمتد 40 ميلاً، يمتد من منخفض القطارة، حتى قرية العلمين (على ساحل البحر). وكانت فكرة مونتجمري، هي اتخاذ قوات المشاة، مواقع دفاعية، لإجبار قوات المحـور، على الفتح المبكر، لفصل المشاة الألمانية، عن مدرعاتها، مع الاحتفاظ بقوة احتياطية، خلف المواقع الدفاعية. كما أنه شكل مجموعة اقتحام، بقوة الفيلق العاشر المدرع كقوة احتياطية تعبوية، خلف جبهة القتال، لمسافة 50 ميلاً، بمهمة:
(1) تنفيذ عمليات الالتفاف والتطويق، ضد أجناب قوات رومل، أثناء مرحلة الدفاع.
(2) واقتحام المواقع الدفاعية، لقوات المحور، أثناء مرحلة الهجوم.
وكانت هـذه القوة مسلحة بدبابات أمريكية (تشيرمان) وصلت حديثاً إلى مصر. وأصبح الجيش الثامن البريطاني، بذلك، على استعداد كامل للبدء في تنفيذ العمليات الهجومية. بعد أن نجح في صد هجوم رومل، في معركة "علم حلفا".
في 30 سبتمبر 1942، في الفترة ما بين نهاية معركة "علم حلفا"، وبدء معركة "العلمين"، نفذ الجيش الثـامن، بقيادة مونتجمري، هجوماً تمهيدياً لمعركة "العلمين"، بغرض السيطرة على منخفض "دير المناصب". وانتهت العملية، بالسيطرة على الحافة الشمالية للمنخفض فقط، دون الحافة الجنوبية، التي فشلت القوات في السيطرة عليها. وساد الهدوء ميدان "العلمين"، مرة أخرى، في انتظار المعركة الكبرى.
وقد حدّد مونتجمري الساعة 2200، ليلة 23/24 أكتوبر، لبدء الهجوم. وروعي في ذلك أن يكون القمر ساطعاً، حتى تسهل عملية فتح الثغرات، في حقول ألغام القوات الألمانية. وكان تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني، يريد أن يبدأ مونتجمري هجومه، قبل هذا الموعد بشهر، بعد علمِه أن الحلفاء، ينوون فتح جبهة ثانية ضد قوات المحور، (بفتح) قوات لهم في شمال أفريقيا، في أوائل نوفمبر 1942، ولذلك كان يود أن يبدأ الجيش الثامن هجومه مبكراً، بقدر الإمكان، حتى تُنهك قوات المحور، ومن ثمّ تسهل العملية.
بدأ الجيش الثامن الهجوم العام، في العلمين، بعد مرحلة من التحضير الشاق، والدقيق. على ثلاث مراحل:
(1) بدأت المرحلة الأولى، في ليلة 23/24 أكتوبر، واستمرت حتى ليلة 24/25 أكتوبر، ونجح خلالهـا الجيش الثامن في فتح عدة ثغرات، في دفاعات قوات المحور، في القطاع الأوسط. وتمكنت القوات من توسيع الثغرات، حتى تتمكن قوات النسق الثاني من تطوير الهجوم. وقد وقعت معارك شرسة بين الجانبين، وانتهت بوصول قوات الجيش الثامن، إلى خلف الخطوط الدفاعية، لقوات المحور.
(2) المرحلة الثانية، بدأت من 25 أكتوبر، واستمرت حتى أول نوفمبر، ودارت فيها أعنف معارك الدبابـات، عند "تل العقاقير"، بين دبابات الجيش الثامن، والدبابات الألمانية، وانتهت بتدمير 240 دبابة ألمانية، ووقوع 7802 ألماني، و 22 ألف إيطالي أسرى في يد الجيش الثامن.
(3) المرحـلة الثالثة بدأت، يوم 2 نوفمبر، واستمرت حتى 4 نوفمبر، بقصف نيراني مكثف، من المدفعية، والطائرات البريطانية، استمر ثلاث ساعات، تبعه هجوم، لقوات الجيش الثامن، على دفاعات قوات المحور.
وفي نهاية يوم 4 نوفمبر 1942، كان الجيش الثامن البريطاني، قد حقق انتصاراً كبيراً، على قوات المحور في معركة العلمين. وبعدها، قرر رومل أن الوقت قد حان للانسحاب من منطقة العلمين. فقد كان يعلم جيداً، أن الجيش الثامن البريطاني سينجح في اختراق دفاعاته. وفي ليلة 4/5 نوفمبر، بدأ الانسحاب غرباً، في اتجاه "العقيلة"، ووصلت قواته إلى موقع "فوكة" الدفاعي (راجع معركة العلمين).
وبدءاً من بعد ظهر يوم 5 نوفمبر، حتى 20 نوفمبر، قطعت قوات الجيش الثامن البريطاني، مسافة 700 ميلٍ تقريباً، في أعمال مطاردة قوات المحور من العلمين، حتى وصلت إلى ميناء بنغازي. وبوصول قوات الجيش الثامن البريطاني، إلى "بنغازي"، انتهت مرحلة المطاردة في "برقة"، وتحـول القتال مرة أخرى، إلى عمليات قتال وتراشق بالنيران، من مواقع دفاعية ثابتة، حيث بدأت قوات المحور، في تجهيز مواقعها الدفاعية، في "العقيلة"، وبدأ الجيش الثامن، الاستعدادات الإدارية تمهيداً للهجوم، على تلك المواقع.
وفي 13 ديسمبر، هاجم الجيش الثامن، المواقع الدفاعية الألمانية، وحينئذ اكتشف البريطانيون، أن المواقع الألمانية، كانت خاوية؛ فقوات الفيلق الأفريقي، كانت قد انسحبت من مواقعها، قبل بدء الهجوم، بيوم كامل، ولم يكتشف البريطانيون ذلك، إلاّ في اليوم التالي، من بدء الهجوم.
تَابع الجيش الثامن بعد ذلك تقدمه مسرعاً، لمطاردة القوات الألمانية. وقد نجحت بعض العناصر، من الفيلق الأفريقي، من الانسحاب غرباً، والوصول إلى تونس. ومن ثمّ، استولت قوات الجيش الثامن، على "ممـر حلفا"، و"السلوم"، و"طبرق"، و"درنة"، و"بنغازي"، و"العقيلة"، خلال ثلاثة أشهر، اجتازت فيها، قوات الجيش الثامن، مسافة 1300 ميلٍ، عبر معارك شرسة، وصعوبات إدارية شاقة.
في 4 فبرايـر 1943، وعقب سقوط طرابلس، في يد الجيش الثامن البريطاني، واصلت قوات المحور انسحابها، إلى الغرب، نحو رأس الكوبري الألماني، في تونس، ولكن الجيش الثامن، توقف أمام دفاعات المحور، بعض الوقت، أمام خط "ماريت"، قرب الحدود التونسية، فيما عُرف بمعركة "ممر قصرين".
في نوفمبر 1942، وخلال مطاردة قوات الجيش الثامن، لقوات المحور، بعد معركة العلمين، كانت القوات الأمريكية، وقوات الحلفاء، قد أنزلت قواتها في تونس، ولكن هذه القوات، لم تنجح في الاستيلاء على بعض الموانئ المهمة مثل "بنزرت"، و"تونس". فدفع "مونتجمري"، قوات الجيش الثامن المدرعة، للقيام بحركة التفاف واسعة، حول الخط الدفاعي لقوات رومل (خط ماريت). وبعد عدة معارك خاسرة لقوات المحور في تونس، وجدت نفسها مضطرة للاستسلام، وبالفعل استسلمت في 7 مايو 1943. وأمكن بذلك، القضاء على أي أثر، لقوات المحور في شمال أفريقيا.
. الجيش الثامن في مسرح العمليات الأوروبي::-
بعد إخلاء مسرح عمليات شمال أفريقيا، من قوات المحور، أصبح في إمكان الحلفاء، استغلال قوات الجيش الثامن البريطاني، في مسرح عمليات آخر، بعد أن اكتسبت هذه القوات خبرات قتالية واسعة. ولذا، أعاد مونتجمري، تنظيم الجيش الثامن، بعد معارك شمال أفريقيا، لاحتلال جزيرة "صقلية" الإيطالية. وفي خلال شهري يوليه وأغسطس 1943، خاض ذلك الجيش أعنف معاركه، وأشرسها قسوة، في صقلية.
كان الجيش الثامن، أول قوة تقتحم أوروبا، في إيطاليا. وبانتهاء عمليات صقلية، وقّعت إيطاليا اتفاقية الهدنة. ففي 3 سبتمبر 1943، نزلت قوات الجيش الثامن، في "ريجيو كالاريا"، في الوقت الذي كان فيه الجيش الخامس الأمريكي، ينفذ عملية الإنزال، في "سالرنو". ونظراً إلى أن الجيش الثامن، كان عماد القوة الضاربة في إيطاليا، فقد تولى "مونتجمري"، قيادة العمليات فيها، حتى 24 ديسمبر 1943، ثم نُقل إلى بريطانيا، لتولي قيادة القوات البرية، في عملية "أوفرلورد" (غزو النورماندي).
وفي أول يناير 1944، أُسندت قيادة الجيش الثامن البريطاني، إلى الجنرال "أوليفر ليس"، وكان يتولي من قبل قيادة الفيلق 30، وبقي في هذه القيادة، خلال المرحلة المتبقية من الحملة الإيطالية....
تابعونا لمعرفة المزيد عن تلك المعارك الضروس التى دارت فى الصحراء المغاربية.............................
[size=25]