الأراء القانونية حول خليج سرت
أنقسمت الأراء حول التكييف القانوني لخليج سرت فمنها مايراه مياها ً داخلية بأعتباره خليجا ً تاريخيا ً ،ومنها مايراه غير ذلك بأعتبار أن المسافة بين نقطتي مدخل الخليج قد تجاوزت 24 ميلا ً المنصوص عليها وبالتالي يخرج عن كونه مياها ً داخلية ويصبح مياها ً دولية .
الرأي الأول : خليج سرت مياه دوليه
يستند هذا الرأي الى المادة العاشرة من أتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 والتى تشترط للخليج وفقا لمفهوم النص يجب الايزيد أتساع مدخله عن 24 ميلا ً بحريا ً وأن تكون مساحته تعادل او تفوق نصف دائرة قطرها الخط المرسوم عبر مدخل الخليج .
وبما أن خليج سرت لايحوي مياها ً داخلية لتجاوز المسافة بين نقطتي المدخل 24 ميلا ً بحرياً وبالتالي فانصار هذا الراي يرون أن مياه خليج سرت دولية ينطبق عليها مبدأ حرية الملاحة والمرور الحر ،وأنصار هذا الراي تجاهلوا أن خليج سرت تطل عليه دولة واحدة وأن المياه بداخله تشكل نصف دائرة قطرها المسافة بين نقطتي مدخل الخليج .
الرأي الثاني :
خليج سرت خليجا ً تاريخيا ً
يستند هذ الراي الى أستثناء الفقرة السادسة من المادة العاشرة من أتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 من تطبيق أحكامها على الخلجان التاريخية فهي محكومة بقواعد القانون الدولي العرفي .
ويرى أنصار هذا الراي ان السيادة على خليج سرت ليبية أعتمادا ً على حصيلة اقوال الفقهاء وأستنادا ًلأحكام المحاكم الدولية وقد خلصوا أن خليج سرت تنطبق عليه الشروط التالية المتعلقة بالخلجان التاريخية :
العوامل التاريخية : أن السيادة الليبية على خليج سرت معلنة منذ وقت طويل ولم تكن محلا ً للنزاع منذ القدم ،وأن ليبيا كانت تقوم بحماية السفن الاجنبية المارة قبالة الخليج مقابل اجر وهذا ماأثبتته الوثائق الدولية فى شكل معاهدات أبرمتها ليبيا مع امريكا والسويد وغيرهما ، وأستمرت بدون اعتراض وحتى خلال فترة الاحتلال الايطالي لليبيا ،ومابعدها ، وأن أعلان السيادة على المياه التاريخية لايعني بالضرورة الافصاح الرسمي و إنما الاعلان يعني الوضوح والممارسة الظاهرة لأعمال السيطرة على المياه التاريخية ،ورغم ذلك اصدرت ليبيا بيانا ً رسميا فى 1973 بعد مئات السنين من الممارسة الفعلية والواضحة .
العوامل الجغرافية : تؤكد سيطرة ليبيا على الخليج بإقامة المصائد الدائمة ،وكذلك ضحالة مياه خليج سرت منعت الغير من دخوله وبالتالي لم تتكون قاعدة عرفية دولية للمرور خلال الخليج دون أذن السلطات الليبية ولم يشكل ممرا ًملاحيا ً دوليا ً وظل حكرا ً على السفن الليبية ،وان المواني النفطية الموجودة به خصصت للصناعات النفطية الليبية وتصديرها .
وأن خليج سرت لايشكل مصالح دولية جوهرية لدول ساحلية أخرى او مصلحة جوهرية للجماعة الدولية لبعده عن خطوط الملاحة الدولية ، وأنما يشكل مصلحة جوهرية لليبيا سواء مصالح اقتصادية جوهرية ( صيد الاسماك و الصناعات النفطية ) ومصالح دفاعية وأهمية عسكرية.
و رغم اعتراض دولة واحدة " الولايات المتحدة الأمريكية "بعد سنة من الإعلان فى 1974 ويعود هذا الاعتراض بالأساس لأسباب سياسية لتعارض مواقف الدولتين من الإحداث العربية والدولية ورد فعل أمريكا على فقد مصالحها لإستراتيجية فى ليبيا ،وهذا الاعتراض لايعني إهدار السمة التاريخية لخليج سرت .،وأكدته الدفاعات البحرية والجوية الليبية عند تصديها للوحدات الأمريكية التى حاولت أختراق مياه خليج سرت لتؤكد بأن مياهه تاريخية وليست دولية ،ولم يؤيد المجتمع الدولي الولايات المتحدة فى موقفها هذا ليؤكد انما هو مجرد موقف خاص تطور من اعتراضها القانوني لأسباب سياسية وتطور الى نزاع عسكري ، وأما الجانب القانوني من خلال أراء الفقهاء فيؤكد بأن مياه خليج سرت مياه تاريخية ، كل تلك الممارسات التاريخية دعت الفقيه الفرنسي "شارل روسو" فى تعليقه على السيادة الليبية على خليج سرت الى القول " يبدو من الصعب المجادلة فى إدخال خليج سرت الكبير ضمن طائفة الخلجان التاريخية.. ".
االموقف العام - العلاقات الليبية الأمريكية قبل مواجــــهات 1986
لعل اول منحنى فى توتر العلاقات الليبية الأمريكية هو إنهاء التواجد العسكري الأمريكي على الاراضي الليبية والغاء أتفاقية تواجد القواعد الأمريكية وبهذا أنتهى تواجد القوات الامريكية على الأراضي الليبية فى 1971 والذي أعتبرته ليبيا (عيداً)لإجلا ء القواعد الأمريكية من اراضيها .
مارست الولايات المتحدة الامريكية ضغوطاتها على ليبيا من خلال أتخاذها لأجراءات مضادة لليبيا فى نهاية 1973 فى ردة فعل أمريكية على مواقف ليبية منها تقديم الدعم الكبير لمصر فى حرب أكتوبر ضد الكيان الصهيوني ، وكذلك حول موقف ليبيا التى تزعمت الدول العربية فى وقف الصادرات النفطية .
أعترضت الولايات المتحدة الامريكية القرار الليبي فى 1973 بأعلان خليج سرت جزء ً من أقليمها وحدوده بخط عرض 30° 32 شمالا ً .
إزداد توتر العلاقات بعد التقارب الليبي السوفيتي وعندما روجت بعض الصحف شائعات تؤكد إقامة مجموعة من القواعد السوفيتية على الاراضي الليبية ، وفى نهاية يونيو /الصيف 1975 خلال مقابلة صحفية اجرتها صحيفة الديار الأسبوعية اللبنانية مع العقيد معمر القذافي نفى تأكيدات الصحف الأمريكية والمصرية حول منح ليبيا قواعد للاتحاد السوفيتي ،إلا ان الصحف أستمرت فى تلك الأدعاءات ،وفي أبريل / الطير أكدت الصحف المصرية منح ليبيا قاعدة عقبة بن نافع للأتحاد السوفيتي .
خلال 27-30 يوليو/ناصر 1978 أجرى الأسطول السادس الأمريكي مناورات قبالة السواحل الليبية .
كذلك خلال الفترة 8-9 /هانيبال /أغسطس 1979 أجرت الولايات المتحدة الأمريكية مناورات بمحاذاة خط عرض 30 32 شمالا ً ، وأعلنت ليبيا أحتجاجها الرسمية والشعبية عبر خارجيتها وأنها ستدافع عن مياهها الأقليمية إذا لزم الأمر ،أدت تلك الأستفزازات الامريكية الى تفجر موجة من الاحتجاجات حيث خرج المتظاهرون فى ليبيا الى السفارة الأمريكية فى ديسمبر / الكانون 1979 وعلى اثرها أغلقت الولايات المتحدة سفارتها فى ليبيا ،وفى الماء /مايو 1980 غادر دبلوماسيون امريكان طرابلس ،وبالمقابل غادر الدبلوماسيون الليبيون واشنطن .
بدأت الموجة الثانية من التوتر بين البلدين فى 1981 بعد تباين موقف الدولتين قامت ليبيا بدعم حركات التحرير ومكافحاة التمييز العنصري والتي أعتبارته امريكا دعماً لحركات الإرهاب الدولي وتحت هذه الذريعة قامت أمريكا بإغلاق المكتب الشعبي الليبي فى واشنطن ،بالاضافة لذلك فى الماء/ مايو 1981 أصبح من المعروف قيام الأدارة الامريكية بوضع خطة سرية بأستخدام بعض الدول العربية لقلب النظام السياسي فى ليبيا .
فى هانيبال/أغسطس 1981 أجرت الولايات المتحدة مناورات استفزازية قبالة خليج سرت ،وفى 19 هانيبال/أغسطس 1981 قامت المقاتلات الامريكية المشاركة فى المناورة بإسقاط طائرتين ليبيتين كانتا تقومان بدورية روتينية ،وعلى اثرها قدمت ليبيا احتجاجا ً لمجلس الأمن خلال الفترة 17-22 التمور/ أكتوبر1981 أجرت الولايات المتحدة مناورات بحرية جديدة قبالة خليج سرت ،وفى أواخر 1981 أثارت الولايات المتحدة الامريكية حملة إدعاءات بإرسال ليبيا مجموعة لأغتيال رونالد ريغان ،وأستغلت وكالة الاستخبارات الامريكية هذه الحملة فى الكانون/ ديسمبر1981 بالتخطيط لأغتيال قائد الثورة الفاتح العقيد معمر القذافي والذي أصبح الهدف الرئيسي فى سلسلة العمليات السرية ، وفى الشهر نفسه طلب رونالد ريغان من الخبراء الامريكان مغادرة ليبيا وإيقاف أنشطة الشركات النفطية فى ليبيا ،وكذلك فى هذا الشهر تم إجراء أول مراحل مناورات النجم الساطع على الاراضي المصرية والتى كانت بحسب المحللين أنها تركز بالأساس على الأعمال العسكرية المضادة لليبيا .
فى النوار/فبراير 1982 قامت المقاتلات الامريكية بأنتهاك المجال الجوي الليبي واقتربت الى مسافة 80 كم من مدينة بنغازي ،وفى الربيع/مارس 1982 قام الأسطول الامريكي مجددا ً بإجراء مناورات أستفزازية بالقرب من السواحل الليبية ،وكذلك خلال هذا الشهر أعلنت أمريكا حظر أستيراد النفط الليبي وتوريد المعدات النفطية الامريكية لليبيا ، حيث شمل التصعيد قطع العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي والتقنيات الشبه عسكرية .
فى 17 النوار/فبراير 1983 أرسل الرئيس ريغان حاملة الطائرات ذات الدفع النووي " نيميتز " قبالة المياه الليبية .
وفى ناصر/يوليو 1984 أخترقت المقاتلات الأمريكية للحظات المجال الجوي الليبي بالقرب من سواحل مدن البيضاء ،بنغازي ،سرت ، وفى الفاتح/سبتمبر 1984 قام الأسطول الامريكي مجددا ً بإجراء مناورات واسعة النطاق بالقرب من السواحل الليبية ،وفى نوفمبر /الحرث 1984 قامت الاستخبارات الامريكية بإعداد تقرير حول ليبيا والذي اقترح برنامجاً واسعاً ضد ليبيا يشمل إجراءات اقتصادية وسياسية وشبه عسكرية .
فى إطار العمليات الأستخباراتية والاستطلاعية تم إشراك الغواصات ،ففى 1985 قامت الغواصة النووية " Sivull " بالاشتراك مع الغواصة الخاصة الخفيفة جدا ً " NR-1 " بالقيام بعمليات استخباراتية - استطلاعية فى البحر المتوسط بالتصنت على كوابل الاتصالات الليبية، فى التمور/أكتوبر 1985 تم تنفيذ قرار الرئيس الامريكي بحظر استيراد النفط الليبي ، وفى الحرث /نوفمبر 1985 الادارة الامريكية تأذن لوكالة الاستخبارات الامريكية فى قلب النظام السياسي فى ليبيا .
عام 1986 ذروة المواجهات الليبية - الأمريكية حيث اجرت الولايات المتحدة مناورات وتدريبات بلغت ثمانية عشرة ،وبدأت فى إختراق خط الموت مما تسبب فى مواجهات مسلحة والتى بلغت ثمانية أصطدامات مسلحة ، فى اي النار/يناير 1986 أعلن الرئيس ريغان فرض عقوبات جديدة على ليبيا شملت حظر جميع العلاقات الأقتصادية والتجارية ، وأصدرت الادارة الامريكية تعليماتها للأفراد والشركات الأمريكية بمغادرة ليبيا وتهديد المخالفين بالسجن او الغرامة .
الصحف الأمريكية تشن حملة أعلامية موسعة ضد ليبيا .
تناقلت وسائل الاعلام أنباء عن حصول ليبيا على صواريخ فيغا 200VE ( SA-5 Gammon بحسب تسمية الناتو ) والتى تعتبر بحسب خواصها التعبوية والفنية قادرة على تغطية مساحة واسعة من الجزء الاوسط لخليج سرت ،وبذلك تستطيع ليبيا السيطرة ليس فقط على المياه الأقليمية وأنما كذلك حتى على المياه الأقتصادية ،وفى 21 الكانون /ديسمبر 1985 أكدت الأدارة الامريكية حول ماتردد عن تركيب خبراء الصواريخ السوفيتية الصنع SA-5 على الاقل فى موقعين وبذلك تتيح لليبيا مراقبة طيران طائرات الاواكس و الطائرات المضادة للغواصات R-3 فوق خليج سرت .
1 اي النار/ يناير 1986 ذكرت صحيفة الاهرام المصرية بأن ليبيا أنهت تجهيز سبـــعة مواقــــع اطلاق صواريخ سام -5
12 الكانون/ يناير 1986 ذكرت وكالة انباء كويتية نقلا ً عن دبلوماسي لم تسمه ذكر بأن ليبيا أستخدمت هذه الصواريخ فى إسقاط مقاتلة أمريكية FA-18 ،الجانب الامريكي نفى ذلك وأعلن بأن المقاتلة تحطمت خلال رحلة تدريبية .
فى 30 اي النار/يناير صرحت الإدارة الامريكية بأن صواريخ الدفاع الجوي SA-5 التى تم تركيبها على سواحل مدينة سرت وضعت فى حالة مناوبة ،وأن الاقمار الصناعية الامريكية حددت مواقع لصواريخ SA-5 فى طرابلس وبنغازي ،ولكنها ذكرت بأن المواقع لاتحوي على منظومات إطلاق .
خلال الفترة 24-31 اي النار/يناير قام الاسطول الامريكي بأول مناورة له خلال 1986 وقامت خلالها الطائرات الامريكية بأنتهاك الحدود الدولية خلال مهامها الأستطلاعية ، وفى 26 اي النار/ يناير 1986 فى خطوة لتاكيد سيادة ليبيا على خليج سرت قام العقيد معمر القذافي على متن زورق صاروخي بتحديد خط الموت ( خط 32° 30 ) .
في 4 النوار/ فبراير1986 قامت مقاتلات الكيان الصهيوني بأعتراض طائرة مدنية ليبية باستخدام معلومات تم التقاطها من سفن الأسطول السادس .
12-15 النوار / فبراير 1986قامت الولايات المتحدة بإجراء التظاهرة الأستعراضية العسكرية الثانية ،14-16 الربيع/ مارس إجراء المناورة الثالثة ،19-21 الربيع / مارس التظاهرة العسكرية الرابعة .
فى منتصف مارس 1986 حشدت الولايات المتحدة فى منتصف البحر المتوسط عدد كبير من سفنها العسكرية من بينها حاملتة طائرات ،وفى 20 /الربيع /مارس وصلت ثالث حاملة الطائرات للبحر المتوسط " أميركا 66CV- ".
23 -28 الربيع / مارس المناورة الخامسة للأسطول السادس بالقرب من السواحل الليبية والتى نتج عنها توجيه ضربات صاروخية - وبالقنابل على مدينة سرت والمناطق السكنية المجاورة فى إطار عملية مخططة ، وهذه الغارات تمت فى ظروف تفوق أمريكي كبير فى القوات والوسائل ، وبحساب الطرادات والمدمرات الصاروخية فقط وماتحمله من منصات إطلاق مختلف انواع الصواريخ ومجموعات قتالية تتفوق بعشرات المرات على إجمالي مجموع الاسطول البحري الليبي.
قامت امريكا بالأعداد لهذه العملية فى مايعرف بحربها على الأرهاب الدولي ، وفى هذا الصدد يشير " اليكسندر شيروكوراد " فى الجزء الرابع من كتابه السيف الملتهب للاسطول الروسي " (مكافحة الارهاب الدولي) لننتبه لهذا التاريخ 1986 - ذروة شهر عسل الإدارة الأمريكية مع بن لادن ،حيث تحصل بن لادن على فى عام 1980 على ملايين الدولارات وكذلك على كميات كبيرة من الأسلحة ،من بينها صواريخ م/ط الموجهة (ستينغر) والتى استخدمها المجاهدون فى رماية طائرات الركاب والنقل السوفيتية " ليوضح ماهي صدقية الاتهامات الامريكية والمعايير التى تضعها ،فصديقها بن لادن اصبح الارهابي الاول ، وكثير ممن كانت تصفها حركات ارهابية وتتهم ليبيا بدعمها ،الان اصبحت صديقة مقربة من الولايات المتحدة الامريكية .