موقع الدستور الأصلي - كتب محمد عطية
بعنوان " قضية أشرف مروان ..أسرار الملاك المصري" كشفت صحيفة هأرتس
الاسرائيلية عن كتاب جديد يورد تفاصيل عن قضية أشرف مروان والمزاعم بعمالته
المزدوجة لكل من القاهرة وتل أبيب مضيفة في تقرير لها أعده محللها
الاستخباري يوسي ميلمان أمس ان الاهتمام بقضية الجاسوس المصري لن ينتهي
ولن يموت .
وقالت الصحيفة الإسرائيلية أن التفاصيل أوردها كتاب جديد للبروفيسور اوري
بار يوسف ـ جامعة حيفا ـ والذي صدر مؤخرا بعنوان " الملاك اشرف مروان
الموساد ومفاجأة حرب الغفران " الصادر عن دار نشر زمورا بيتان موضحة في
تقريرها ان في بداية سنوات السبعينات سافر ضابط الاستخبارات العسكرية
الاسرائيلية مائير مائير لعقد لقاء في اوروبا وكان لقاءا خاصا واستثنائيا
مع اشرف مروان مضيفا ان مائير كان رئيس القسم المصري بشعبة الاستخبارات
العسكرية التابعة للجيش الاسرائيلي وقام بلقاء مروان وجلسا بمفردهما للمرة
الأولى فحتى ذلك الوقت كان مائير يرافق ضابط الموساد المسئول عن مروان
والمسمى "دوبي" خلال لقائه بالعميل المصري اما هذه المرة فلم يستطع دوبي
الذهاب للقاء مروان وسافر مائير بمفرده .
وأضاف البروفيسور في كتابه أنه قبل السفر تلقى مائير حقيبة جلدية من رجال
الموساد الذين طالبوه بنقلها لمروان مضيفة انه عندما سأل مائير عما تحتويه
الحقيبة أجابه أحد رجال الموساد بدون أي تفاصيل :" شقة في ميدان (همدينا)
الإسرائيلي بتل ابيب " مشيرا إلى أن هذا الميدان كان احد أكثر المناطق
السكنية الراقية والغالية في إسرائيل لافتا إلى أن المبلغ المالي الذي
تسلمه مروان يشهد على مركزه كأحد أهم جواسيس المخابرات الإسرائيلية .
وقالت الصحيفة ـ الصادرة بتل أبيب ـ أن الهدف الأساسي
من وراء هذا الكتاب هو دحض المزاعم التي ساقها ايلي زاعير رئيس شعبة
الاستخبارات العسكرية بأن مروان كان عميلا مزدوجا وقام بتضليل إسرائيل عشية
حرب أكتوبر 1973 وذلك ليبرئ الاستخبارات العسكرية من إلقاء مسئولية
الهزيمة عنها وتحميلها على الموساد .
وأضافت في تقريرها نقلا عن كتاب البرفيسور الاسرائيلي أن مروان كان اسمه
الكودي " الملاك" كان متزوجا من منى نجلة الرئيس المصري الاسبق جمال عبد
الناصر وكان يعمل كمستشار وكاتم اسرار لخلفه انور السادات وتشير التقديرات
بانه خلال عمله لحساب جهاز الموساد في الفترة من عام 1969 وحتى نهاية سنوات
السيعينات تلقى مبلغ يقدر بمليون دولار كأجر له مضيفة ان المبلغ كان باهظا
جدا وكان لابد من "تشفع وتوسل" جولدا مائير رئيسة الوزراء الاسرائيلية
لدى وزير المالية وقتها بنحاس سابير لتخصيص ميزانية لرئاسة الموساد يتم
دفعها لمروان .
وبعنوان فرعي " خاتم الماس" قالت الصحيفة ان الكتاب الجديد يكشف انه في
عام 1969 وفي بداية عماله مروان للموساد وخلافا لما نشر حتى الآن عن القضية
فإن مروان لم يقم بزيارة سفارة تل ابيب بلندن بدون إعلام مسبق حيث قام
الأخير وفقا للكتاب بزيارة قصيرة للعاصمة البريطانية وكان وقتها طالب
ماجستير يرغب في الحصول على شهادة علمية في الكيمياء ما زال في ال25 من
عمره ، وقام بالاتصال تليفونيا من احد الهواتف العمومية بالسفارة
الإسرائيلية طالبا التحدث مع احد مسئولي المخابرات وعندما تم نقله للملحق
العسكري للسفارة رفض مروان اعطائه رقم هاتفه الخاص وانتهت المحادثة .
الا ان الكتاب يكشف ان مروان اتصل مرة أخرى لكن هذه المرة قام بإعطاء
السفارة رقم هاتفه في الفندق الذي يقطن به وقام بالتأكيد انه خلال 24 ساعة
لن يكون الاتصال به ممكنا مضيفا أنه في هذا الوقت كان شموئيل جورن رئيس فرع
تسوميت ـ قسم الموساد المسئول عن تجنيد العملاء ـ بأوروبا موجودا في
العاصمة البريطانية وقام بعقد لقاء مع مروان ، وذلك على عكس القاعدة
المعتادة بان يقوم جورن بالاتصال بالمسئولين والقيام بتحريات عن
المرشحين للعمالة .
وأشار الكتاب إلى أن رهان جورين على مروان حقق أهدافه وتم تجنيد الأخير
لافتة الى انه بعد ذلك تم وضع نشاط مروان تحت المراقبة ولاختبارات صارمة
للتأكد من انه لم يرسل لتضليل تل ابيب ، مضيفة انه خلال اللقاء تم تحديد
اسم كودي لمروان يتعلق بدراسته للكيمياء وبمرو الوقت طلب مروان الاتصال
بسيدات يهوديات في لندن يعملن لصالح الموساد ، ومن ثم تم نقل طلب لرجال
الجهاز الاستخباراتي .
ويستكمل بار يوسف في كتابه :" تم القاء مسئولية الاتصال بمروان على دوبي
ضابط استخبارات شاب يماثل مروان في العمر ،وكان بينهما كيمياء وتوافق مذهل
" مضيفا انه "بناء على توصيات واوامر الموساد استمر دوبي في الحفاظ على
علاقته بمروان حتى بداية سنوات التسعينات بعد فترى طويلة من توقف الاخير عن
نقل الرسائل لتل ابيب "
وأشارت هأرتس إلى أنه حتى اليوم بات من غير الواضح الدافع وراء خيانة
مروان لوطنه لكن يبدو انه هناك عدة أسباب ربما من بينها الجشع والطمع و
الرغبة في الانتقام من حماه عبد الناصر الذي قام باحتقاره والتقليل منه
وتحجيم خطواته والقيام باعمال عظيمة تحت رعاية الموساد على سبيل المثال
عندما لاقت حياته الزوجية صعوبات أصدر رئيس الموساد وقتها زافي زامير
باحضار خاتم الماس لمروان ليمنحه لزوجته كهدية إرضائية.
وأضافت انه بجانب الكشف عن عمالة مروان لتل ابيب خصص بار يوسف في كتابه
جزءا كبيرا لدحض مزاعم ايلي زاعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية عن عمالة
مروان المزدوجة للقاهرة وتل أبيب متحدثا في توسع عن قيام الأخير بمد تل
أبيب بالمعلومات حتى عام 1973 وهي المعلومات التي اتضح صحتها من قبل مصادر
أخرى وكان من بين تلك المعلومات خطة الحرب المصرية ضد إسرائيل وتنظيم
القوات العسكرية ومحادثات السادات مع قادة الاتحاد السوفييتي موضحا انه
في ال4 من أكتوبر وقبل يومين من اندلاع الحرب جاء مروان لباريس في وفد
مصري وقام بالاتصال بإحدى عميلات الموساد في لندن ونقل عبرها رسالة لدوبي
كان من بين الرسالة كلمة شفرية هي " مواد كيميائية " والتي تعني هجوما
مصريا وشيكا كما طالب بعقد لقاء مع "الجنرال" في إشارة إلى رئيس الموساد
الذي قابله في الماضي ، وتم نقل المعلومات لإسرائيل لكن بسبب تقدير خاطئ
من دوبي لم يعطي للامر أي اهتمام وبعد مرور يوم التقي زامير ودوبي بمروان
في احد الشقق السرية بالعاصمة البريطانية .
وخلال المقابلة ـ يضيف بار يوسف ـ تحدث مروان في توتر وقلق قائلا : جئت
لكي أبلغكم أن السادات يستعد لشن حرب عليكم غدا " مضيفا ان مروان حدد بأن
كل من القاهرة ودمشق سيقوما بالهجوم مع غروب الشمس وفي الساعة الثانية
والنصف فجرا ابلغ زامير رئيس مكتبه بإسرائيل بنص الرسالة التالية :" لقد قرر المقاولون التوقيع على الاتفاقية بالشروط المعروفة لنا سيقوموا بالتوقيع يوم السبت قبل حلول الظلام ، كلاهما سيأتي" موضحا انه بعد ذلك قررت جولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان بعدم شن حرب مسبقة وتفاجأت تل أبيب من توقيت الهجوم لكن برغم ذك فإنه بفضل تحذير مروان تم تجهيز الجيش الاسرائيلي على هضبة الجولان بشكل يمنع نظيره السوري من احتلال الهضبة في اليوم الاول للهجوم .
في النهاية يؤكد بار يوسف ان مروان لم ينتحر إنما قتل على يد رجال
المخابرات المصرية انتقاما منه لخيانته وطنه وذلك بعد كشف زاعيرا لاسمه منذ
سنوات،
من جانبها اضافت هأرتس أن رئيس الموساد الحالي مائير داجان يعتقد من جانبه
ان الحل الامثل والافضل للقضية هو اغلاقها لحين الكشف عن أسرار جديدة
،مضيفة انه من المبكر جدا الاجابة عن السؤال : هل سيكون لخليفة داجان
القادم تامير باردو رأيا اخر لأحد اكثر القضايا خطورة في تاريخ الاستخبارات
الاسرائيلية؟