ماشيح أو
المسيا (بالعبرية: המשיח) (ومعناها
المسيح)
[1][2][3][4][5]، في الإيمان اليهودي هو إنسان مثالي من نسل الملك داود (النبي داود في الإسلام) يباشر بنهاية التاريخ ويخلص الشعب اليهودي من ويلاته. والأحداث المتوقعة عند وصول الماشيح حسب الإيمان اليهودي تشابه أحداث يوم القيامة في الإسلام والمسيحية، وتتشابه النبوءات التي يعتقد بتحققها اليهود مع بعض الأحداث المتوقع حصولها بعد قيام القائم المهدي في الإسلام وكذلك بعض صفاته في أنه الشخص المثالي الذي يترقبه العالم بأسره.
انتظار مجيئ الماشيح هو أحد مبادئ الإيمان اليهودي حسب "قائمة المبادئ الثلاثة عشر" التي ألفها موسى بن ميمون، من كبار الحاخامين اليهود في العصور الوسطى
أصول الكلمةكلمة "ماشيح" (المسيا) بمعناها الأساسي باللغة العبرية تشير إلى من تم مسحه بـزيت الزيتون دلالة على تكريسه كاهنا أو ملكا. ويرد أول ذكر لمثل هذا الطقس في سفر الخروج (29:7) ضمن تعليمات موسى بشأن مراسم تكريس هارون وأبنائه للكهنوت:
"وتأخذ من
زيت المسح وتصبّ على رأسه وتمسحه"، ويوصف هذا الطقس مرات عديدة في الكتاب المقدس
خاصة لتثبيت تتويج ملك جديد حينما جرى خلاف حول شرعية ملكه. في الأسفار
الأخيرة من الكتاب المقدس كثيرا ما يذكر التعبير "الملك المسيح" (بالعبرية:
המלך המשיח) إشارة إلى ملكا شرعيا يجب الخضوع له، حتى لو كان ذاك الملك
غريباً مثل الملك الفارسي قورش الثاني الذي أطلق عليه النبي أشعياء لقب المسيح (سفر أشعياء 45:1).
لايؤمون اليهود بيسوع أو عيسى على أنه المسيح وذلك لاختلاف منهجه عن اعتقادهم وتصورهم لشخصية المسيح.
ففي الديانة الإسخاتولوجيا اليهودية (الإسخاتولوجية هو علم الآخرة أو الأيام الأخيرة) المسيا أو المسيح هو ملك اليهود المستقبلي من نسل النبي داود والذي سوف يكون ممسوحا بالمسحة المقدسة لينصب حاكما على الشعب اليهودي جالبا معه بداية العصر المسياني.
يوجد خلاف حاد اليوم بين الطوائف اليهودية المختلفة حول طبيعة المسيا
وما يسمى بالعصر المسياني، فالبعض يعتقد أن المسيا سوف يكون شخصا بعينه
والبعض يعتقد أن تعبير المسيا سيكون تمثيلا للعصر المسياني بشكل عام.
المسيا في رأي موسى بن ميمونأن الفهم اليهودي السائد عن المسيا مؤسس على كتابات الحاخام موسى بن ميمون،
حيث ناقش ابن ميمون أفكاره وأراءه عن المسيا في كتابه "ميشنيه توراة"، وفي
الجزء الرابع عشر من سلسلة كتبه الشريعة اليهودية في القسم المسمى "شرائع
الملوك وحروبهم" (הלכות מלכים ומלחמותיהם) الفصل الحادي عشر، كتب ابن ميمون:
"الملك الممسوح مقدر له إقامة واستعادة مملكة داود وإعادة أمجادها الغابرة، في سيادتها المستقلة وفي سلطتها القائمة بذاتها، وسوف يبني الهيكل أو المعبد في أورشليم {القدس} وسوف يعيد جمع شمل اليهود
المشتتين في العالم معا، وسوف يعاد تطبيف كل الشرائع في أيامه كما كانت من
قبل، سوف تقدم الذبائح والأضاحي وتحفظ أيام السبت وأعياد اليوبيل طبقا
لجميع سلوكياته وأخلاقياته المدونة في التوراة، وكل من لايؤمن به أو لاينتظر مجيئه، لن يكون فقط يتحدى ويقاوم ماقاله الأنبياء، بل سيكون رافضا للتوراة لموسى معلما، فالتوراة تشهد له في سفر التثنية (30/3-5) "
يرد
الرب إلهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك إليهم الرب
إلهك، إن يكن قد بددك إلى أقصاء السموات فمن هناك يجمعك الرب إلهك ومن
هناك يأخذك ويأتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي امتلكها أباؤك فتمتلكها
ويحسن إليك ويكثرك أكثر من آباؤك"
هذه الكلمات معلنة بوضوح في التوراة، وتشمل وتحتوي كل الإعلانات التي نطق بها الأنبياء، ففي التوراة نجد أن النبي بلعام يتنبئ عن الملكين الممسوحين، الأول هو داود الذي أنقذ إسرائيل من أيدي مضطهديه، والممسوح الآخر سوف يقوم من نسل داود أيضا لينقذ إسرائيل في النهاية، هذا ماقاله بلعام في سفر العدد (24/17-18) "
أراه ولكن ليس الآن" هذا هو دادو، أبصره ولكن ليس قريبا، وهذا هو المسيا الملك، يبرز كوكب من يعقوب، هذا هو داود، ويقوم قضيب من إسرائيل، هذا هو المسيا الملك، فيحطم طرفي موآب ويهلك بني الوغى، هذا هو داود في دولته
"وفي سفر صموئيل الثاني (8/2) يقول الكتاب "
سوف يقتلع جميع أبناء [[شيث، هذا هو المسيا الملك المعلن عنه هنا، ملكه سوف يسود من البحر إلى البحر" (زكريا 9 /10). "
وصار الموآبيين عبيدا لداود يقدمون هدايا" (صموئيل الثاني 8/6) "
هذا هو داود" وفي سفر النبي عوبديا (1/21) "
ويصعد مخلصون على جبل صهيون ليدينوا جبل عيسو ويكون الملك للرب" يتكلم هنا عن الملك الممسوح.
وعن مدن الملجأ يقول الكتاب في سفر التثنية 19 8-9 "
وإن وسع الرب إلهك تخومك، فزد لنفسك أيضا ثلاث مدن على هذه الثلاث"
وهذا الأشياء لم تحدث أبدا والملك المقدس لن يحكم الخلاء. ولكن ككلمات من
نبي هذه المسألة لاتحتاج إلى دليل وإثبات ككل كتب الأنبياء المليئة بهذه
القضايا.
لاتتخيل بأن الملك الممسوح سيقوم بصنع المعجزات وبأنه سيقوم بخلق أشياء
جديدة في العالم أو بأنه سيحيي الموتى وإلى ماهنالك من الأعمال الخارقة،
المسألة لم تكن هكذا بالنسبة للرابي أكيفا والذي كان تلميذا عظيما لحكماء الميشناه، وكان المساعد الحربي للملك بار كوكبا،
ولكنه أعلن نفسه الملك الممسوح أو المسيا وأيده في ذلك جميع حكماء جيله،
حتى قتل بالخطايا وحينها فقط عرف بأنه لم يكن المسيا، والحكماء على كل حال
لم يسألوه أي علامة أو معجزة.
وإذا قام ملك من بيت داود دارسا للتوراة ومتعمقا بالوصايا مثل داود أبوه، استنادا للتوراة المكتوبة والشفهية، وقام بإرغام جميع إسرائيل
على اتباعه مقويا نقاط ضعفهم، وحارب حرب الرب، هذا الملك سوف يعامل كما لو
أنه الملك الممسوح حقا، فإذا نجح وفاز بجميع الأمم من حوله، وقام ببناء الهيكل المقدس في مكانه المهئ لهذا الغرض وجمع كل بني إسرائيل
المشتتين في المعمورة معا، هذا الملك سيكون بالحقيقة الملك الممسوح
المسيا، وسوف يجلب كل العالم البائد لعبادة الرب معا مثلما كتب في سفر نبوة
صفنيا(3/9) "
لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة"، ولكن إن لم يستمر في نجاحه أو تم قتله، فسيعرف حينها بأنه لم يكن المسيا الذي وعدتنا به التوراة، وسنعلم بأنه مثل باقي الملوك المنحدرين من بيت داود الذين ملكوا إلى حين ومن ثم ماتوا.
آراء في يسوع / عيسى وفي محمدبعد هذا كتب ابن ميمون عن السبب الذي دفع اليهود إلى الاعتقاد بأن يسوع كان مخطئا بخلق الديانة المسيحية كما كتب عن السبب الذي دفعهم للإعتقاد بأن محمد كان مخطئا أيضا بخلق الديانة الإسلامية،
ورثى في كتاباته الآلام التي عاشها اليهود كنتيجة لظهور هذين الإيمانين
الجديدين اللذان حاولا استئصال الإيمان اليهودي ليحلا محله، ثم ذهب للقول
بأن كلا هذين الإيمانين ساعدا الله على استرداد العالم من عبادة الأوثان:
أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيا {المسيح} وقتل بأمر المحكمة، كان النبي دانيال
قد سبق وتنبأ عنه "وأطفال ثوار شعبك سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة
فيتعثرون"، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من هذه؟ كل الأنبياء أجمعوا
على أن المسيا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع المشتتين ويقيم الوصايا، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق من تبقى منهم في كل مكان، كما أنه غير التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع بعبادة إله إلى جانب عبادة الرب.
ولكن عقل الإنسان لاقدرة له على الوصول إلى مقاصد الخالق لأن أفكاره وطرقه ليست كأفكارنا وطرقنا، كل هذه المسائل عن يسوع الناصري وعن الإسماعيلي الذي قام من بعده {محمد} كانت الغاية منها تمهيد السبيل للملك المسيا ولإعادة العالم الزائل لعبادة الله معا كما قال النبي صفنيا (3/9) "
لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة".
كيف هذا؟ لقد سقط العالم البائد في قضايا المسيا والتوراة والشريعة، وهذه القضايا قد انتشرت حتى في الجزر البعيدة بين الأمم غير مختونة القلب، وقد درسوا هذه المسائل مع شريعة التوراة،
فراح هذا يقول بأن هذه الشريعة حقيقية ولكنها أصبحت ميتة منذ زمن في
أيامنا هذه، ولن تسود على الأجيال الآتية، بينما يقول آخر هناك طبقات سرية
في هذه القضايا فلا يمكننا التعامل معها على أساس أدبي، والمسيا قد أتى
وكشف معانيها السرية.
ولكن عندما يأتي الملك الممسوح سوف يرتفع حقا وينجح ويتعظم ويتمجد، سوف
يلتفتون جميعهم حالا ليعرفوا بأن آباءهم لم يورثوهم سوى الأكاذيب وبأن
أنبياءهم وأسلافهم قادوهم للضلال.
نصوص عن المسيا يؤمن بها اليهود على أنها نبؤات سوف تتحققمعظم النصوص التي تتعلق بالمسيا وبما سيقوم به مدونة في كتاب النبي إشعيا وهناك نبؤات أخرى مذكورة في كتب الأنبياء الآخرين أيضا، من تلك النبؤات :
- سيعاد تأسيس السنهدرين {مجلس حكماء اليهود}- (إشعياء:1/26).
- عندما سيملك المسيا، سيتطلع إليه قادة جميع الأمم ليكون قائدهم- (إشعياء:2/4).
- سيقوم كل العالم بعبادة الله الواحد إله إسرائيل- (إشعياء:2/ 17).
- سيكون المسيا من نسل الملك داود ومن نسل الملك سليمان- (إشعياء:11/1).
- سيكون المسيا إنسان من هذا العالم، وسيكون يهوديا فطنا خائفا لله- (إشعياء:11/2).
- الشر والطغيان لن يكونا قادران على الوقف في وجه قيادته- (إشعياء:11/ 4).
- معرفة الله سوف تملئ العالم (إشعياء:11/9).
- سوف يضم ويجذب كل الشعوب من مختلف الثقافات والأمم- (إشعياء:11/10).
- سوف يعود بفضله جميع اليهود إلى أرض وطنهم- (إشعياء:11/12).
- سوف يبتلع الموت للأبد- (إشعياء:25/8).
- لن يكون هناك بعد جوع أو مرض والموت سوف ينتهي- (إشعياء:25/8).
- سوف يقوم جميع الموتى- (إشعياء:26/19).
- سوف يعيش اليهود متعة وفرح أبدي- (إشعياء:51/11).
- سوف يكون رسول سلام- (إشعياء:52/7).
- بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم- (إشعياء:56/3-7).
- سوف يكون اليهود مرجع كل العالم في القيادة الروحية- (زكريا:8/23).
- مدن إسرائيل المهدمة سوف تعاد- (حزقيال: 16/55).
- سوف تدمر أسلحة الحرب- (حزقيال:39 /9).
- سوف يعاد بناء المعبد {هيكل أورشليم} ويعاد تطبيق الشرائع التي أوقف العمل بها- (حزقيال:40).
- سوف يكمل كل العالم البائد لخدمة الله معا مثلما كتب الأنبياء- (صفنيا:3/9).
- سيدرك اليهود التوراة دونما الحاجة إلى دراستها- (إرميا:31/33).
- سيعطيه الله كل رغبات قلبه- (المزامير:37/4).
- سوف يأخذ الأراضي القاحلة ليجعلها أراض خصبة ووافرة الخير- (إشعياء:51/3)-(عاموس:9/13-15)-(حزقيال:36/29-30)-(إشعياء:11/6-9)
مواقف يهود اليوم من قضية المسيااليهودية الأرثوذكسيةتؤكد اليهودية الأرثوذكسية على أن اليهود
مجبرين على قبول المبادئ الثلاثة عشر للإيمان والتي نقلت عن الأنبياء، بما
في ذلك الإيمان بشكل قاطع بمجئ المسيا، حيث ينص المبدئ الثاني عشر على
ذلك، ويقول ذلك المبدئ :
أنا أعتقد بإيمان كبير بمجئ المسيا، حتى لو كان قد تأخر حدوث ذلك، إلا أني سأنتظر قدومه كل يوم.
اليهودية المحافظةتقول اليهودية المحافظة "
بأن
بما أنه لايوجد أحد يسنطيع أن يؤكد ماسوف يحدث خلال العصر المسياني لذلك
فأن كل واحد منا له الحرية في تكوين تأملاته الخاصة عن تلك المرحلة، بعض
منا يؤمن حرفيا بحقيقة تلك التأملات، والبعض الآخر يفهمها على اعتبار أنها
استعارات رمزية.... ولأجل المجتمع الدولي نؤمن بقدوم ذلك العصر الذي تتوقف
فيه الحروب وتصبح العدالة والرحمة من المسلمات البديهية فيه، مثلما كتب في
سفر النبي إشعياء (11/9) "الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر
". أما لآجل شعبنا فنؤمن باجتماع جميع اليهود معا من جديد في صهيون، لنكون من جديد أسيادا لمصيرنا حيث نستطيع التعبير عن عبقريتنا المميزة في كل ناحية من نواحي حياتنا الوطنية، نحن نقر بنبوة أشعياء 2 3 "..... لآنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب
"لانعرف موعد قدوم المسيا، ولانعرف حتى إن كان سيكون إنسان ذو مواهب
عظيمة وخارقة أو إن كان سيكون مجرد رمزا لخلاص البشرية من أشرار هذا
العالم، لذا وانطلاقا من العقيدة المسيانية تعلمنا اليهودية أنه يجب على كل إنسان بشخصه أن يعيش وكأنه مسؤولا بشكل فردي عن قدوم العصر المسياني، فنردد كلمات ابن ميمون التي نقلها عن النبي حبقوق (2/3)والتي تقول "
لأن الرؤيا بعد إلى ميعاد وفي النهاية تتكلم ولا تكذب، إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانا ولاتتأخر"
اليهودية الإصلاحيةلاتقبل اليهودية الإصلاحية
بشكل عام بفكرة أنه سيكون هناك مسيا، البعض من أتباع هذا التيار يؤمنون
بأنه ربما سيوجد عصر مسياني نوع ما {العالم الآتي}، بمعنى وجود اليوتوبيا {المدينة الفاضلة} التي يجب على كل يهودي العمل على تحقيقها.
تقول اليهودية الإصلاحية "
إن الأجيال السابقة من المصلحين اليهود
لم تشك يوما بالطاقات البشرية الطامحة من أجل الخير، لقد عشنا مآسي قاسية
أجبرتنا على إعادة ملائمة واقعية تقليدنا حول قدرة الإنسان على استيعاب
الشر، سابقا رفض شعبنا دائما الوقوع في فخ اليأس، فالناجين من المحرقة {الهولوكوست} منحوا الحياة، ونهضوا من محنتهم تلك ليثبتوا للعالم بأن الروح البشرية لاتقهر.لقد قامت دولة إسرائيل وسيحافظ عليها اليهود دائما لتكون على مر الزمان برهاناً على كيفية قدرة شعب موحد على تغيير تاريخ الإنسانية، فوجود اليهودية هو جدل بحد ذاته موجه ضد اليأس، وخلاص اليهود هو مبرر للآمال الإنسانية.
سوف نبقى شهودا لله على أن التاريخ لم يكن يوما بدون معنى، نحن نؤكد أنه
مع مساعدة الله لن يكون الناس عاجزين عن صنع أقدارهم، نحن نكرس أنفسنا
سيرا على خطى الأجيال اليهودية التي سبقتنا، لكي ننتظر ونعمل من أجل اليوم الذي يتحقق فيه قول الكتاب، إشعياء 11 9 "
لايسوؤون ولايفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر"