يملك جهازا للاستخبارات وقادر على صنع طائرة بدون طيار - الحلقة التاسعة
حزب الله: تكتيكات قتالية استخبارية أذهلت إسرائيل
في الحلقة الماضية طرحنا سؤال مفاده: هل حزب الله جدير بتحرير القدس، وفي هذه الحلقة نكشف الكثير من أسرار حزب الله وعقيدته القتالية، ونزيح الغموض عن أسباب القوة التي خلقت في زمن قصير لتزيح الكيان الصهيوني من الوجود.
قوة حزب الله الحقيقية ظهرت خلال مواجهته للكيان الصهيوني في حرب 2006، وهي الحرب التي سقطت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر، تلك الأسطورة لم يسقطها حزب الله من فراغ، وإنما يقف وراءها مشوار طويل من الجهاد والعمل الدؤوب ومن قبلهما الإيمان، فالمقاومة الإسلامية خاضت منذ تأسيسها حربا لا هوادة فيها مع الصهاينة، اضطرت فيها لاستعمال أساليب غير تقليدية في الصراع، مستفيدة من التجارب السابقة التي بينت أن المواجهة المباشرة مع القوة الصهيونية الهائلة خاسرة سلفا، ولهذا لم تلجأ إلى إنشاء قوة نظامية معلنة، بل إلى العمل السري حتى في الدوائر المؤيدة لها.فحزب الله استخدم في عملياته العسكرية الأولى ضد "إسرائيل" أسلوب حرب العصابات والعمليات الاستشهادية، والتي في الغالب تعتمد على الكمائن والعبوات الناسفة والمدافع، بالإضافة إلى صواريخ الكاتيوشا التي اشتهر الحزب باستعمالها ضد المستوطنات في الأراضي المحتلة، ومظلة أخرى من الصواريخ بعيدة المدى القادرة على ضرب عمق العدو.
القيادة العليا في حزب الله
خلق حزب الله نموذجا فريدا في القيادة، يضمن استمرار نشاط الحزب وعمله سواء في السلم أو الحرب، في حال استشهاد قيادة مؤثرة بين صفوفه، واستنادا إلى بنية تنظيمية هرمية صارمة وصلبة، تأتي صناعة القرار داخل مؤسسة حزب الله، فعلى رأس الهرم السيد حسن نصر الله، وإلى جانبه المجلس الجهادي الأعلى، وهو هيئة أركان حزب الله، ويأتي تحتهم وحدات وتشكيلات مبلورة ومنتظمة تمتد من القادة العسكريين الميدانيين إلى أصغر جندي في الحزب، أما عن وسائل الاتصالات التي تربط جميع هذه الأطراف، فستظل من أدق الأسرار العسكرية التي يعجز أي جهاز مخابرات الكشف عنها، وهذه البنية هي التي مكّنت المقاومة الإسلامية من السيطرة على مجريات العمليات القتالية طيلة مراحل حرب 2006، فتحكمت في كمية النار وارتفاع اللهب، وأماكن الإطلاق سواء في الشمال الفلسطيني المحتل أو في العمق الصهيوني وفقا لما تفرضه وتتطلبه مجريات المعركة، وعلى سبيل المثال فكلنا نذكر أن حزب الله أوقف عمليات الإطلاق في الـ48 ساعة من الهدنة وجدّد الإطلاق بعد ذلك فورا، وعندما دخل اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ، مكّنت هذه المنظومة من وقف النار دون أية خروقات، الأمر الذي يؤكد على قوة ومتانة شبكة الاتصالات بين القادة والمنفذين، وهذا العامل سيلعب دورا بارزا في الحرب القادمة، فكل الاستراتيجيات العسكرية العالمية تؤكد على أهمية هذا العنصر، وجدير بالذكر أن كل الجيوش تعمد إلى تدمير شبكات الاتصالات والسيطرة لدى الخصم قبل القيام بعملياتها العسكرية ضده.ومن الأمور التي تثبت قوة حزب الله القيادية، بنيته التحتية العصرية للقيادة والسيطرة، مثل إقامة غرف قيادة متطورة كشف عنها أثناء عمليات الجيش الصهيوني في بنت جبيل، ويدل ذلك على تمكن الحزب من إدارة القتال بأسلوب منظم وعصري، وفي الوقت نفسه وإلى جانب بنيته الهرمية، فإن حزب الله أعطى لمنظومة القتال البري حرية عمل كبيرة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الكفاءة القتالية العالية التي يتمتع بها المقاتلون، والتي تجعل كل فرد منهم أشبه بقائد عسكري قادر على التكيف والتعامل مع المستجدات داخل المعركة.
جهاز استخبارات قوي
جهاز الاستخبارات التابع لحزب الله من أقوى أجهزة الاستخبارات في المنطقة، فقد أثبت جدارته في الصراع القائم بين الحزب والكيان الصهيوني، وسجل عليه انتصارات محسوبة وكبيرة، مثل إحباط أكثر من محاولة اغتيال استهدفت السيد حسن نصر الله، والقبض على عدة شبكات تجسسية، وكذلك الإيقاع بعملاء وشخصيات صهيونية كبيرة واستدراجهم للمصيدة، بل وتجنيد عملاء في داخل الكيان الصهيوني، حسب ما تدل قضايا التجسس المختلفة التي كشفت في الأعوام الأخيرة، ومن بينها اعتقال أخوين من سكان قرية الغجر جندهما حزب الله في نهاية عام 2003، وكذلك اعتقال الجندي الصهيوني "الهيب" في جانفي من عام 2004 والمقدم "عمر الهيب" في فيفري 2002، وكلاهما وجه له الكيان الصهيوني تهمة التجسس لصالح حزب الله، وترتكز استخبارات حزب الله على وسائل مراقبة متطورة، تمكنها من إنجاز مهامها بسهولة، هذا إلى جانب عنصر بشري مدرب ويتمتع بالمهارة والذكاء.
تشكيلات المقاتلين في صفوف حزب الله
ويتمتع الجناح العسكري لحزب الله بهرمية ديناميكية تسمح لأصغر تقسيماتها باتخاذ القرارات في اللحظات الحاسمة مهما كان حجم القرار، ويمكن أن تفاجئ إحدى المجموعات القيادة بالقيام بعملية ما على غرار عملية أسر الجنديين، إذا سمحت لها الظروف الميدانية بذلك، وإذا كانت القيادة العليا قد أعطتها أساسا الضوء الأخضر لعملية مماثلة، وعندها لا تكون المجموعة مضطرة للعودة إلى هيئات أعلى لاتخاذ القرار.ويتخذ العمل المقاوم داخل صفوف الحزب أشكالا مختلفة، فمن الناحية العسكرية ينقسم الأعضاء إلى أعضاء متفرغين يتلقون رواتب شهرية ولديهم تأمينات اجتماعية وصحية، وأعضاء غير متفرغين يطلق عليهم اسم "التعبئة" وهؤلاء أقل تدريبا من الوحدات المقاتلة، لكنهم يتلقون تدريبات على السلاح ويمتلكون مهارات قتالية، وهم يتقاضون رواتب أيضا، لكنها أقل من رواتب المتفرغين، وبالإضافة إلى هؤلاء، هناك "الأنصار" الذين يعتبرون بمثابة الاحتياط العام للمقاومة، ويرفض الحزب الدخول في لعبة الأرقام عند الحديث عن عدد عناصر الحزب، لكن المتابعين لنشاطات حزب الله يشيرون إلى أن عدد المقاتلين المحترفين الذين يشكلون النخبة القتالية في الحزب يقدر بعشرة آلاف مقاتل فقط، أما المقاتلين غير النظاميين فيمكن تقديرهم بستين ألف مقاتل، علما أن أعضاء النخبة القتالية هم على قدر عال من التدريب ويمتلكون تقنيات عالية وخبرات عسكرية على أجهزة إلكترونية معقدة.
تقسيمات حزب الله من الداخل
لا أحد يعرف شيئا عن تركيبة حزب الله من الداخل، وذلك لأنها تركيبة معقدة استحال معها اختراقها من قبل أي جهاز استخبارات في العالم، ويمكن تقسيم قطاعات المقاومة الإسلامية اللبنانية إلى الآتي:ـ مراكز الدراسات: ومهمتها إعداد الدراسات التي تساعد المقاومة في أعمالها وتلك التي تساعد قادتها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.ـ الرصد: ويتألف من عدة أقسام ومهمتها رصد العدو وأجهزة إعلامه والترجمة من العبرية إلى العربية.ـ التدريب: ومهمته إعداد المقاتلين وتدريبهم على التقنيات الحديثة التي يتم استعمالها في الحزب وتلك التي يحصل عليها حديثا، وهؤلاء يخضعون لدورات داخلية وخارجية تشمل كل جديد في المجال العسكري.ـ التطوير التقني: ويتولى هذا القسم عمليات تطوير أنظمة الأسلحة التي يشتريها الحزب أو يتلقاها أو يصنعها محليا.
طائرة "مرصاد" صنعها علماء حزب الله
الكفاءات الهندسية داخل صفوف حزب الله قفزت بقدرات المقاومة من مجرد مستخدم جيد للأسلحة المستوردة من الخارج، إلى كيان قادر على تلبية احتياجاته التسليحية مستقبلا، فقد عملت هذه الكفاءات على تطوير أنواع من العبوات التي تم بها ضرب دفاعات دبابة "ميركافا" الصهيونية، وقد اتهمت "إسرائيل" الحزب بأنه سرب هذه العبوات إلى المقاومة الفلسطينية، فيما اتهمته الولايات المتحدة بأنه سربها إلى المقاومة العراقية، غير أن الحزب لم يعر الاتهامات الأمريكية أية أهمية، أما الاتهامات الصهيونية فيبدو أن فيها نظر.وإضافة إلى عملياته البحثية والتصنيعية، فإن قسم التطوير التقني يتولى عمليات ميدانية، مثل تمويه العبوات الناسفة بحيث لا تلاحظها فرق الاستطلاع الصهيونية التي تسير قبل الدبابات، كجعل هذه العبوات على شكل صخور وأحجار أو أخشاب أو حتى أعشاب، كما تتولى أيضا مهام زيادة فاعلية ومدى الصواريخ بأنواعها، ومنذ مدة وجيزة أكد مصدر في حزب الله لـ "الشروق" أن المقاومة لديها فرع خاص يحمل اسم المهندسين العسكريين يضم قدرات بشرية مهمة في هذا المجال، وعناصر يمكن تصنيفهم في دائرة العلماء القادرين على صنع الأسلحة بمختلف أنواعها، ويؤكد قادة حزب الله أن طائرة التجسس من دون طيار التي تحمل اسم "مرصاد" والتي أطلقت فوق الأراضي الصهيونية طيلة حرب 2006 هي من باكورة الصناعات العسكرية للحزب، هذا في الوقت الذي تؤكد الاتهامات الصهيونية أنها من صنع إيران، والجديد في الأمر أن هذه الطائرة تم إنتاج الجيل الثاني منها في معامل الحزب تحت اسم "مرصاد 2"، والطائرة الجديدة تعد من أهم أسلحة المقاومة الإسلامية الاستراتيجية، فقد قفزت إمكاناتها من المهام الاستطلاعية التجسسية خلف خطوط العدو، إلى القدرة على حمل كميات معتبرة من المواد المتفجرة وتوجيهها إلى أبعد نقطة في الكيان الصهيوني، وهناك تقارير تتحدث عن الطائرة الجديدة تقول أنها تحمل صفة "الذكاء" بمعنى مقدرتها على انتقاء الأهداف الحيوية والوصول إليها وتدميرها، باعتبار أنها تحمل أجهزة معقدة تمكنها من المراوغة والهروب من الدفاعات الأرضية أو حتى المقاتلات الصهيونية.
أماكن انتشار مقاتلي حزب الله
ينتشر مقاتلو حزب الله في كل مكان على أرض لبنان، ويعملون بفاعلية مع قدرة على التواري تجعلهم بعيدي المنال، ويقول أحد قادة حزب الله: "إن مقاتلي المقاومة الإسلامية يعملون في مجموعات لا تزيد عن 20 شخصا.. يمكنهم إخفاء بنادقهم، لكن لا يمكن تدمير مؤسستهم العسكرية"، وفي هذا الصدد نورد ما قاله "ألون بن دافيد" محلل الشؤون الصهيونية بمجلة "جينز ديفينس ويكلي": "حزب الله عالم منفصل عن لعب القذائف الصاروخية الفلسطينية، ففي عام 1982 لم يكن بإمكان اللبنانيين الجنوبيين مواجهة المسلحين الفلسطينيين، وكانوا ينظرون اليهم باعتبارهم دخلاء يتصفون بالعنف، على النقيض من ذلك.. فجنوب لبنان هو معقل حزب الله.. والحزب يحصل على الرجال ويستمد الدعم من السكان المحليين، وجنود الحزب يتمتعون بمعرفة فطرية للأرض التي مكنتهم خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة من مراوغة القوات الإسرائيلية المهاجمة ونصب كمائن لها بنجاح". ويقول روفن بيداتسور المحلل الصهيوني المتخصص في الشؤون العسكرية: "إن مقاتلي حزب الله نظموا صفوفهم بشكل ممتاز خلال الشهور التي تلت وقف إطلاق النار في الحرب الأخيرة، فحفروا أنفاقا عميقة وكدسوا أسلحة، وهم الآن مدربون بشكل جيد ومجهزون بشكل ممتاز ومستعدون للموت، كما أنهم في كل مكان وبصعب عمليا تحديد أماكن توزيعهم وانتشارهم"
إسرائيل تجبر على خوض حرب العصابات
منذ حرب 1948 نظر العرب إلى الجيش الصهيوني على أنه جيش مناور لا يمكن التغلب عليه، لأن استراتيجيته مبنية على النار والحركة السريعة لقوات ميكانيكية كبيرة، ولغاية 2006 فإن المعارك والعمليات الكبيرة التي شنها الصهاينة - ماعدا حرب الاستنزاف - ارتكزت على هجمات برية واسعة، بدءا من حرب سيناء 1956 وصولا إلى حرب لبنان الأولى عام 1982، حيث عربدت قوات المشاة والمدرعات الصهيونية في عمق الأراضي العربية وذلك في المراحل الأولى للقتال في جميع هذه الحروب، وهذا بالطبع بعد القضاء على القوة الفاعلة في الجيوش العربية بواسطة القصف الجوي المكثف الذي يدمر المنظومات الجوية المضادة وصواريخ أرض أرض والعربات والمصفحات وكل ما يتحرك على الأرض، وأخيرا مساعدة القوات البرية وتغطيتها أثناء الهجوم والاحتلال.لكن حرب 2006 غيرت استراتيجية وزارة الحرب الصهيونية، بل وقلبتها رأسا على عقب، فوجد الصهاينة لأول مرة عبر تاريخهم أنهم مجبرون على الخروج من وراء دروعهم التكنولوجية، لتبدأ عمليات التدريب على المواجهة المباشرة وحرب العصابات. القادة في الكيان الصهيوني يدركون جيدا أن الخطط القتالية الجديدة ستكلفهم خسائر فادحة في الأرواح، ورغم ذلك فلا مفر أمامهم إذا كان الأمر يتعلق ببقاء "إسرائيل"، وفي المقابل فإن أعداء الأخيرة والذين ظلوا عقودا ينتظرون هذه الفرصة جهزوا أنفسهم لمثل هذا النوع من الحروب الذي يعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة الفرد المقاتل.
العقيدة والإيمان أهم أسلحة حزب الله
الصواريخ والتكنولوجيا العسكرية المتطورة ليست مصدر قوة حزب الله الأساسية، فثمة عنصر آخر هام، بل رئيسي جعل من المقاومة الإسلامية قوة عسكرية وأحد أطراف موازين القوى في الشرق الأوسط، هو العنصر البشري الذي يعد من أهم أسلحة الحزب، لكن التقارير والتي في مجملها غربية وصهيونية لا تعترف إلا بالجانب المادي فقط والمتمثل في التكنولوجيات وما شابه، أما من يقترب من حزب الله فهو وحده القادر على فك طلاسم اللغز والوقوف على مصدر القوة التي أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر.وحينما قرر الحزب امتلاك أدوات وأساليب التكنولوجيا العسكرية الحديثة كان ذلك أيضا تحت تأثير العقيدة الإيمانية لقيادات المقاومة، التي استطاعت فهم وتطبيق النص القرآني "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم". ومن هنا نجح حزب الله في عملياته العسكرية ضد الصهاينة، وهي العمليات التي اعتمدت على أسلوب حرب العصابات والعمليات الاستشهادية والهجومية، فمن المعروف أن مثل هذه العمليات تحتاج إلى كفاءات متميزة وأحيانا خارقة في مستوى الفرد المقاتل، هذا الأخير الذي جعلته المقاومة الإسلامية يتمتع بعقيدة قتالية فريدة وهي العقيدة التي يسمونها داخل صفوف الحزب "ثقافة الحياة" وهذه الأخيرة تحدث عنها السيد نصر الله في أكثر من مناسبة، لكن ترجمة تلك الثقافة تحمل معان كثيرة، فالحياة في نظر جنود المقاومة الإسلامية لا تعني المعيشة البهيمية والشهوانية التي تغلب على عالم اليوم، وإنما تعني العيش برأس مرفوع على أرض مستقلة لا تخضع لأي نوع من أنواع الاحتلال، وتحقيق هذه الحياة الكريمة لا يتأتى إلا بقهر كل أدوات الاستعمار والهيمنة والفساد والاستسلام، ليس في لبنان فحسب، وإنما في جميع أرجاء المنطقة، ويظل حلم تحرير القدس والقضاء على الكيان الصهيوني المظلة الرئيسية التي يتحرك تحتها جنود وقيادات حزب الله، وفي المقابل فإن الاستشهاد في نظر هؤلاء المقاتلين هدف يستبق الجميع لاقتطافه، فحياة ما بعد الشهادة هي الحياة المثلى التي ينشدها المقتل في سبيل الله، لكن هذا لا يعني أن جنود حزب الله لا يبغون إلا الموت مثلما يصفهم أعداؤهم داخل لبنان وخارجه، فهم ليسوا انتحاريين ولكنهم يقاتلون بنفس الأسلوب الذي قاتل به المسلمون الأوائل في حروبهم ضد الكفار والإمبراطوريات الكبيرة، وهو الأسلوب الذي كان له الفضل في ظهور نجم الإمبراطورية الإسلامية الكبيرة، فخلافا لما هو كائن في كثير من الجيوش العربية الآن، فإن القائد في حزب الله رجل دين قبل أن يكون مخطط عسكري أو قائد ميداني، وبالتالي فإن دروس التعبئة الدينية لا تقل أهمية عن التدريبات والدروس القتالية، ويكفي الإشارة إلى أن أي صاروخ أو قذيفة أو حتى رصاصة لا يطلقها جندي المقاومة قبل أن يقرأ قوله تعالى: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"، ولا ينفذ أي هجوم إلا مصحوبا بهتافات "الله أكبر"، ولا يعلق هؤلاء الجند على أي مقولة أو درس إلا بقول "اللهم صلي على محمد وآل محمد"، أما عن سلاح "التعبئة المعنوية" الذي يعد من ركائز أسلحة حزب الله فهو يقوم بدور محسوب في عمليات الإعداد والتعبئة ولا يتوقف دوره أثناء المعارك، الأمر الذي جعل الفرد المقاوم في حالة جهوزية كاملة، لا تتأثر عزيمته ولا تخور قواه حتى وإن وجد نفسه وجها لوجه أمام الميركافا أو حتى الأف 16 .