أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المخابرات العامة

عمـــيد
عمـــيد
المخابرات العامة



الـبلد : الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات Egypt110
العمر : 42
المهنة : ACC
المزاج : سعيد, بعد إنقشاع غيوم الخيانة عن الوطن
التسجيل : 08/11/2010
عدد المساهمات : 1667
معدل النشاط : 2208
التقييم : 106
الدبـــابة : الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات Nb9tg10
الطـــائرة : الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات 78d54a10
المروحية : الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات 5e10ef10

الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات Empty10

الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات Empty

مُساهمةموضوع: الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات   الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات Icon_m10السبت 8 يناير 2011 - 20:45

بعد العديد من المناورات السياسية والخلافات والضغوط المتبادلة، توصل شريكا الحكم في السودان - حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان - إلي توافق أقر بمقتضاه المجلس الوطني السوداني في نهاية ديسمبر 2009 قانون الاستفتاء علي حق تقرير المصير. توصل الشريكان إلي حلول وسط حول القضايا التي كانت عالقة بينهما، والتي كانت تتمحور بشكل أساسي حول نقطتين تتعلقان بالنسب المئوية اللازمة لإجازة الاستفتاء، واعتبار نتائجه مقبولة ونافذة، سواء من حيث نسبة المشاركين في الاستفتاء، أو نسبة المصوتين لصالح الانفصال.

كان حزب المؤتمر يري أن نسبة المشاركين في التصويت يجب ألا تقل عن 75% من عدد المسجلين في قوائم من يحق لهم التصويت، ثم عاد وقبل بتخفيض هذ النسبة إلي الثلثين، علي أساس أن قرار البقاء في الوحدة أو الانفصال لتكوين دولة جديدة يمثل قرارا مصيريا، الأمر الذي يستدعي وضع الضوابط اللازمة للتاكد من تعبيره عن غالبية شعب جنوب السودان. أما النقطة الثانية، فكان الجدل بشأنها يتمحور حول النسبة المطلوبة لاعتبار خيار الانفصال نافذا. كان المؤتمر الوطني يري أن هذه النسبة يجب أن تكون الثلثين، بينما كانت الحركة الشعبية تري أن هذه الشروط تعجيزية، وأن حزب المؤتمر الوطني يهدف من خلالها إلي الالتفاف حول حق الجنوبيين في تقريرمصيرهم طبقا لخياراتهم. وطالبت الحركة بأن يكون الاستفتاء ونتائجه مقبولة وقانونية في حالة مشاركة خمسين في المائة من المسجلين، وأن يكون الانفصال قانونيا في حالة حصول هذا الخيارعلي نسبة خمسين في المائة زائد واحد .

أهم نصوص قانون الاستفتاء :

جاءت نصوص قانون الاستفتاء في مجملها أقرب إلي ما كانت تطالب به الحركة الشعبية لتحريرالسودان، خاصة فيما يتعلق باعتبار أي من خياري الاستفتاء نافذا في حالة حصوله علي نسبة خمسين زائد واحد. كما تم النص علي أن تكون مشاركة 60% من المسجلين كافية لاعتبار الاستفتاء قانونيا. ويبدو أن تراجع حزب المؤتمر الوطني عن مواقفه وقبوله لهذه النسب يعود إلي الضغوط التي سبقت إقرار القانون، والمتعلقة باقتراب موعد الانتخابات السودانية التي كان مقررا إجراؤها في أبريل 2010 . وكانت الحركة الشعبية قد دعت آنذاك إلي تكوين ما عرف باسم 'تحالف جوبا' من القوي السياسية المعارضة، كما هددت بالنزول إلي الشارع لإحداث تظاهرات واسعة النطاق، تمهيدا لعصيان مدني هدفه إسقاط النظام. وقد أشارت الكثير من التحليلات إلي عقد صفقة بين شريكي الحكم، تم بمقتضاها إقرار قانون الاستفتاء بصيغة تلبي مطالب الحركة الشعبية، مقابل موافقة الأخيرة علي تمرير قانون الأمن الوطني - الذي كانت ترفضة المعارضة و'تحالف جوبا ' - بالنصوص التي يراها حزب المؤتمرالوطني.

جاء قانون الاستفتاء في (69) مادة، توزعت في سبعة فصول، تبدأ بأحكام تمهيدية، وتنتهي بأحكام عامة، وما بينهما فصول تناولت حق تقرير المصير والاستفتاء، ومفوضية الاستفتاء، وتنظيم الاستفتاء وإجراءاته، والممارسات الفاسدة وغير القانونية.

وقد التزم مشروع القانون حد التطابق بالنصوص الواردة في اتفاقية السلام الشامل، والمضمنة الدستور الانتقالي، خاصة في جانب تفسير العبارات الواردة في القانون مثل الاتفاقية، والدستور، والمفوضية، وحكومة جنوب السودان، وخيارات التصويت عند الاستفتاء.

تناولت المادة السابعة من مشروع القانون ما سمته (البيئة الملائمة لممارسة الاستفتاء)، وعددت بعض الشروط التي يجب أن تلتزم بها حكومتا الوحدة الوطنية وجنوب السودان، ومستويات الحكم الأخري. تتضمن هذه الشروط التأكد من وجود البيئة الأمنية الملائمة لممارسة حق تقرير المصير، وكفالة حرية التعبير لجميع أفراد الشعب السوداني وشعب جنوب السودان بخاصة، والتأكد من وجود حرية التجمع، والتأكد من وجود دول الإيجاد وشركائها، والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، والأطراف الموقعين كشهود علي اتفاقية السلام الشامل، ليكونوا مراقبين للتصويت في الاستفتاء.

تنظم المواد (8-21) إنشاء وتكوين مفوضية استفتاء جنوب السودان، وشروط عضويتها وأحكام العضوية، واكتسابها وإسقاطها، ومهام المفوضية وسلطاتها واختصاصاتها، وتكوين مكتب استفتاء جنوب السودان بجوبا، وموازنة المفوضية وحساباتها. أما تنظيم الاستفتاء وإجراءاته، فورد في المواد (22-24) بشأن تكوين اللجان العليا والفرعية للاستفتاء ومراكزه وموظفيها ومهامهم.

وفيما يتعلق بشروط ومواصفات أهلية الناخب للاستفتاء، فقد حصرتها المادة (25)، وأهمها أن يكون الناخب مولودا، في أو قبل الأول من يناير 1956، من أبوين ينتمي كلاهما أو أحدهما إلي أي من المجموعات الأصلية المستوطنة في جنوب السودان، أو تعود أصوله إلي أحد الأصول الإثنية في جنوب السودان، أو مقيما إقامة دائمة متواصلة دون انقطاع، أو يكون أي من الأبوين أو الجدين مقيما إقامة دائمة ومتواصلة دون انقطاع في جنوب السودان منذ الأول من يناير 1956 .

تناولت المادة (27) ضوابط إنشاء مراكز التسجيل والاقتراع وأحكامه داخليا وخارجيا بالتنسيق مع منظمات وتنظيمات أبناء شعب جنوب السودان في الدولة المعنية والمنظمة الدولية للهجرة، بمشاركة الدولة المضيفة للاجئين أو المهاجرين أو المغتربين من أبناء شعب جنوب السودان. كما حددت المواد (28-32) شروط التسجيل والمشاركة في الاستفتاء، وكيفية تنظيم سجل الاستفتاء والاعتراض علي بيانات السجل، والطعن في قرارات لجان الاستفتاء، والسجل النهائي للاستفتاء. ونظمت المواد (33- 37) الاقتراع وإجراءاته، وتوزيع مواد الاستفتاء. وتناولت المادة (34) نشر جداول إجراءات الاقتراع، ومواقع مراكزه ومواقيته، وإعاقة الاقتراع وتأجيله. ويخول مشروع القانون رئيس أية لجنة مركز استفتاء - في حالة وقوع شغب أو عنف أو أي أفعال من شأنها إعاقة سير الاقتراع في المركز المعني - تأجيل عملية الاقتراع فورا، وذلك بإعلانه وقف الاقتراع. ونصت المواد (33- 43) علي أنه تبدأ إجراءات فرز وعد الأصوات التي تم الإدلاء بها داخل مركز الاستفتاء المعني فور إعلان رئيس لجنة مركز الاستفتاء قفل باب الاقتراع، فيما يكون للمراقبين وممثلي وسائل الإعلام المعتمدين الحق في حضور جميع إجراءات الفرز وعد الأصوات.

ولعل أبرز النصوص في هذا الباب ما صيغته 'تكون نتيجة الاستفتاء علي الخيار الذي حصل علي الأغلبية البسيطة '50%+ 1' من أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حول أحد الخيارين وهما، إما تأكيد وحدة السودان باستدامة نظام الحكم الذي أرسته اتفاقية السلام الشامل، أو الانفصال'.

من جهة أخري، تشير المادة (66) إلي 'الالتزام بنتيجة الاستفتاء'، وتورد أنه 'يكون الخيار الذي يوافق عليه شعب جنوب السودان بالأغلبية البسيطة عن طريق الاستفتاء، وفقا لأحكام هذا القانون، سلطة أعلي علي أي تشريع آخر، ويكون ملزما لجميع أجهزة الدولة والمواطنين كافة في جنوب السودان وشماله'.

وتورد المادة (67) المعنونة 'ترتيبات ما بعد الاستفتاء' أنه 'في حالة تصويت شعب جنوب السودان لخيار الوحدة، تطبق الحكومة أحكام المواد 69-1، 118-2، 145-1 و226-9 من الدستور. وفي حالة تصويت شعب جنوب السودان لخيار الانفصال، تطبق الحكومة أحكام المواد 69-2، 118-1، 145-1، و226 من الدستور'. في هذه الحالة، يدخل طرفا اتفاقية السلام الشامل في مفاوضات بهدف الاتفاق علي المسائل الموضوعية لما بعد الاستفتاء - بشهادة المنظمات والدول الموقعة علي اتفاقية السلام الشامل - وهذه المسائل هي: الجنسية، العملة، الخدمة العامة، وضع الوحدات المشتركة المدمجة والأمن الوطني والمخابرات، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الأصول والديون، حقول النفط وإنتاجه وترحيله وتصديره، العقود والبيئة في حقول النفط، المياه، الملكية، وأية مسائل أخري يتفق عليها الطرفان.

التحديات التنظيمية والسياسية التي واجهت ترتيب عمليه الاستفتاء :

رغم إقرار قانون الاستفتاء قي نهاية ديسمبر 2009 ، فإنه لم يتم الشروع في إقامة الهياكل والمؤسسات التي نص عليها، إلا في وقت متأخر. فمن ناحية، استغرقت عملية الانتخابات السودانية وإعلان نتائجها والتفاعلات التي أحاطت بذلك، ثم تشكيل الحكومة الجديدة، وقتا طويلا امتد إلي منتصف عام 2010 تقريبا. ثم ووجهت عملية تكوين المفوضية التي سوف تقوم بالإشراف علي عملية الاستفتاء بسلسلة من الخلافات بين الطرفين بشأن اختيار رئيس المفوضية وأمينها العام وموظفيها الرئيسيين، وتدبير الميزانية اللازمة لها للقيام بعملها، والتي قدرت ب 700 مليون دولا ر. وترتب علي هذا التأخير في تكوين المفوضية تأخر تلقائي في بدء الإجراءات اللازمة، مثل طبع بطاقات الاستفتاء، والبدء في عملية تسجيل من يحق لهم التصويت، وإعلان القوائم، وما يتبع ذلك من ترك المهلة الزمنية التي حددها القانون للطعن علي هذه القوائم، ومن ثم إعلان الكشوف النهائية، وكذلك تحديد أماكن لجان الاقتراع، وتعيين الموظفين اللازمين( قدر عددهم بنحو خمسة آلاف)، وتدريبهم، وتوفير كل المعدات والأدوات اللوجيستية المطلوبة لقيام الاستفتاء.

ولم تكن الأمور أقل صعوبة علي المستوي السياسي، حيث تبادل حزبا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الاتهامات بخصوص الاستفتاء ونتائجه. فقد انطلقت التصريحات من بعض قادة الحركة الشعبية بأن حزب المؤتمر يسعي، عبر التحالف مع بعض الفصائل والقوي الجنوبية المعارضة للحركة الشعبية أو المتمردة عليها، إلي إشاعة نوع من عدم الاستقرار الأمني في الجنوب، مما يؤدي إلي إعاقة إجراء الاستفتاء، أو تأجيل موعده المقرر في 9 يناير 2010 إلي موعد آخر. اتسم موقف الحركة بالتشدد إزاء هذا الموعد المقرر، واعتبرته موعدا مقدسا لا يجوز المساس به، ولا يمكن تعديله أو التراجع عنه لأي سبب من الأسباب، بسبب خشيتها في الأغلب من أن أي تأجيل قد يفتح الباب لتأجيلات أخري. وقد يدخل الأمر في متاهة إجرائية، مثل تلك التي آل اليها أمر استفتاء تقرير المصير في الصحراء المغاربية بين المغرب والبوليساريو، رغم اختلاف الظروف والأوضاع بين الحالتين. ولعل هذا السبب هو ما يفسر التصريحات والمواقف الجنوبية التي تتسم بالعصبية والتوتر عند الحديث عن موعد الاستفتاء أو إجراءاته. وأكدت الحركة الشعبية مرات عديدة أنها قد تتجه إلي إعلان الانفصال من جانب واحد (من داخل برلمان إقليم جنوب السودان) في حالة عدم قيام الاستفتاء في موعده. ولم يتوقف التهديد المتكرر بهذا الأمر، إلا بعد أن تلقت الحركة استشارة من مؤسسة 'مجموعة القانون الدولي العام والسياسات' - وهي منظمة أمريكية غير ربحية متخصصة في تقديم الاستشارات والمساعدات القانونية المجانية للدول النامية والكيانات الساعية للاستقلال في الدول التي تشهد نزاعات - أبلغت فيها الحركة الشعبية بأن حالة جنوب السودان لا ينطبق عليها خيار إعلان الاستقلال من جانب واحد. فهذا الخيار ينطبق في حالة الكيانات التي لا تحظي بموافقة الحكومة المركزية علي انفصالها وتحويلها إلي دولة مستقلة. واعتبرت المؤسسة الأمريكية أنه علي الرغم من ارتفاع الدعوات المنادية بالوحدة في شمال السودان، إلا أن الحكومة السودانية ظلت تعلن بشكل متكرر، منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل، أنها ستحترم القرار الذي سيتخذه مواطنو الجنوب عند الاستفتاء، مما لا يبرر إعلان الاستقلال من جانب واحد. ولا يكون خيار إعلان الجنوب الاستقلال من جانب واحد قائما، إلا في حالة إذا أعلنت الخرطوم، بصورة واضحة لا لبس فيها، أنها لن توافق علي استقلال الجنوب، أو أعلنت سحب موافقتها في اتفاقية السلام الشامل علي ذلك. ولفتت الاستشارة إلي أنه حتي في حالة لجوء الخرطوم إلي عرقلة الاستفتاء بأية وسيلة أو تأجيله، أو حتي إنكارها حق الجنوبيين في إجراء الاستفتاء، فإن ذلك لا يؤدي تلقائيا إلي حق إعلان الاستقلال من جانب واحد. أما في حالة إنكار الحكومة السودانية لحق الجنوبيين في الاستقلال، فإن هذا الإعلان يصبح مبررا (انظر جريدة إيلاف السودانية، 27 أغسطس 2010) . وخلصت هذه الدراسة إلي أنه ليس من مصلحة الحركة الشعبية أو حكومة الجنوب إثارة شبهات حول موافقة الحكومة المركزية علي الاستقلال، حيث إن المجتمع الدولي لا يفضل أن تعلن الكيانات المنشقة الاستقلال بدون موافقة الحكومة المركزية.

من ناحيته، أكد حزب المؤتمر الوطني أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لا تتيح المناخ الحر والملائم لإجراء الاستفتاء، حيث تقوم بتشجيع المنادين بالانفصال، وتسمح لهم بتسيير المسيرات والتظاهرات في الجنوب، في الوقت الذي تضيق فيه علي مؤيدي الوحدة، وتحول بينهم وبين التعبير عن رأيهم أو الدعوة إليه. كما أن الحركة بمواقفها الانفصالية تخالف اتفاقية السلام الشامل التي تنص علي أن يعمل الطرفان معا علي أن تكون الوحدة جاذبة. واتهم حزب المؤتمر الوطني الحركة بأنها، عبر اتخاذها هذه المواقف، إنما تنفذ أجندات خارجية، وتدفع فواتير الدعم الذي كانت تتلقاه في المراحل السابقة، وإن ظل يعلن باستمرار عن التزامه بإجراء الاستفتاء في موعده، خشية من اتهامه بمحاولة التنصل من الوفاء بنصوص اتفاقية نيفاشا. غير أن حزب المؤتمر الوطني ترك الباب مواربا للتنصل من هذا الالتزام من خلال التأكيد المستمرعلي نقطتين أساسيتين، الأولي أن الحكومة السودانية سوف تعترف بنتائج الاستفتاء إذا كان حرا ونزيها، بمعني أن الاستفتاء قد يجري، ولكن عملية الاعتراف بالنتائج شأن آخر يتعلق بالنزاهة. وتتصل النقطة الثانية بالقول إن عملية التأجيل تخضع لرأي وتقويم المفوضية، من حيث اكتمال إجراءات الاستفتاء من عدمها، وبالتالي، فإنها قد تستند في أي لحظة تريدها إلي عدم اكتمال الإجراءات، وبالتالي ضرورة التأجيل.

المفوضية وإجراءات الاستفتاء :

أعلن البروفيسور محمد إبراهيم خليل، رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان، في تصريحات صحفية في مطلع نوفمبر 2010 (انظر جريدة الشرق الأوسط، 4 نوفمبر 2010) أن الوقت المتاح أمام المفوضية لإجراء عملها ضيق للغاية. كما قال 'إن هناك عراقيل وصعوبات كبيرة في عمل الاستفتاء، ولكن نحن لدينا مسؤولية وطنية لا بد أن ننجزها ونبذل قصاري جهدنا'. وكشف خليل عن أن المفوضية طلبت من مؤسسة الرئاسة دعوة البرلمان لإجراء تعديلات في قانون الاستفتاء، حتي يتسني مد فترة الثلاثة أشهر ما بين عملية التسجيل وبدء التصويت، حيث إن البرنامج الموضوع ضيق جدا وينطوي علي خرق للقانون، لأنه يتطلب ثلاثة أشهر أخري من بدء عملية التسجيل الانتخابي إلي عملية الاقتراع.

وقال خليل إن اتفاقيتي السلام والدستور نصتا علي انتهاء الفترة الانتقالية في يوليو2010، وأن تعيين المفوضية كان يفترض أن يتم قبل ثلاث سنوات، ولكنه تأخر لأسباب تتعلق بشريكي الحكم، وترتب علي هذا صدور قانون الاستفتاء في ديسمبر 2009 بدلا من عام 2007، ولم يتم تشكيل المفوضية إلا في يونيو2010 . وقد واجهت المفوضية مشكلات كثيرة، عندما شرعت في تعيين الأمين العام، حيث اعترضت الحركة الشعبية علي السفير عبد الله الشيخ - الذي سبق له العمل مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر في استفتاء الصحراء المغاربية - بحكم أنه شمالي، ثم عادت ووافقت علي تعيين شمالي آخر هو السفير عثمان النجومي في هذا المنصب، الأمر الذي أدي إلي ضياع ستة أسابيع كاملة دون عمل .

كما أشار رئيس المفوضية إلي أن المنظمات الدولية تتعامل مع فرع مفوضية الاستفتاء في جوبا كأنها مفوضية مستقلة عن رئاستها في الخرطوم.

وفي 22 أكتوبر 2010، أصدرت مفوضية استفتاء جنوب السودان قرارا أعلنت فيه الجدول الزمني لجميع عمليات الاستفتاء، وحددت بداية الحملة الإعلامية في السابع من نوفمبر 2010، علي أن تستمر حتي السابع من يناير 2011، أي قبل يومين من الاقتراع الذي حددت له التاسع من يناير. وحددت المفوضية تاريخ 14 نوفمبر2010 موعدا لتسجيل الناخبين، و6 ديسمبر لنشر السجلات، و13 ديسمبر للطعون، و4 يناير2011 لتاريخ نشر السجل النهائي للاستفتاء.

ورغم بدء عملية التسجيل والإعلان عن انتهائها في الموعد الذي حددته المفوضية، فإن مجموعة من المحامين السودانيين أقامت دعوي عاجلة أمام المحكمة الدستورية العليا، تطالب بالحكم بعدم دستورية إجراء الاستفتاء، استنادا علي أن المفوضية خالفت قانون الاستفتاء بشكل صريح، فيما يتعلق بوجوب وجود فترة ثلاثة أشهر تفصل بين موعد إعلان الكشوف وموعد إجراء الاستفتاء، في حين أن الكشوف لم تعلن إلا في 6 ديسمبر، أي قبل الاستفتاء بما يزيد قليلا علي شهر واحد. وقد قبلت المحكمة الدستورية الدعوي شكلا، تمهيدا للبت في موضوع الدعوي. وقد اتهمت الحركة الشعبية حزب المؤتمر بأنه يقف وراء هذه الدعوي من وراء ستار للتشويش علي قانونية الاستفتاء.

في تطور آخر مفاجئ، أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان في 15 ديسمبر 2010 أن الاستفتاء لن يتم إجراؤه في ثلاث ولايات جنوبية، هي: الوحدة وجونقلي وبحر الغزال لأسباب أمنية، الأمر الذي أثار التساؤل أيضا عن وضع هذه الولايات وعن إمكانية امتداد ذلك إلي ولايات أخري.

ومع اقتراب موعد 9 يناير 2011 ، لا يزال قدر كبير من الغموض يحيط بكل الملفات المتعلقة بهذه العملية المفصلية في تاريخ السودان، بدءا من موعد الاستفتاء نفسه، وهل سيتم في الموعد المقرر له، أم أنه سوف يتم تأجيله، مرورا بالخطوات الإجرائية الضرورية المطلوبة لإقامة استفتاء يتسم بالحد الأدني من المصداقية والشرعية، انتهاء بالخلافات التي لم يتم التوصل لتفاهمات حولها، وهي الخلاف حول تبعية منطقة ' أبيي'، والاستفتاء الخاص بها، والقضايا العشر المعروفة باسم قضايا ما بعد الاستفتاء، والتي سوف يحدد التوافق عليها من عدمه شكل العلاقة المستقبلية بين دولتي الشمال والجنوب .

الانفصال أمر واقع :

لكي يمكن فهم التفاعلات المتصلة بعملية الاستفتاء علي حق تقرير المصير، يجب أن ننطلق من حقيقة مؤداها أن انفصال الجنوب قد أصبح أمرا واقعا من الناحية العملية قبل أن يتم الاستفتاء، حيث إن الحركة الشعبية لتحرير السودان تهيمن بالفعل علي الإقليم بشكل كامل علي كل الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. وهذه الهيمنة قد تمت واستكملت أركانها طبقا لاتفاقية نيفاشا الموقعة في يناير 2005، والتي منحت هذه الصلاحيات للحركة الشعبية لتحرير السودان. قامت الحركة بدورها باستخدام السنوات الست التي مضت من عمر الاتفاقية في استكمال بناء أجهزتها الإدارية والأمنية والعسكرية، وفي الانغماس في عملية تسليح وتدريب واسعة النطاق، فأصبح الجيش الشعبي لتحرير السودان يمتلك أسلحة ومدرعات لم تكن متوافرة له من قبل. كما تم استحداث نواة لسلاح الطيران والإعلان عن إنشاء سلاح للبحرية، رغم أن الجنوب يمثل إقليما حبيسا ليس له منافذ علي البحر. أما القوات المسلحة السودانية، فقد انسحبت بالكامل من الجنوب تطبيقا لبروتوكول الترتيبات الأمنية في اتفاقية نيفاشا، ولم يتبق لها سوي تمثيل رمزي فيما يعرف باسم ' القوات المشتركة ' .

وفي ظل إعلان الحركة الشعبية بشكل صريح ومباشر عن توجهها للانفصال، وأنه لا مجال للحديث عن الوحدة بأي شكل من الأشكال، أصبح من الواضح أنه لم يعد من الممكن بالنسبة للحكومة السودانية فرض أي موقف سياسي أو قانوني علي الإقليم الجنوبي. فأي تصرف من هذا القبيل من شأنه أن يخلق تعقيدات سياسية وأمنية هائلة، قد تفضي إلي العودة إلي الحرب الأهلية مرة أخري، وهو أمر لا ترغبة الحكومة السودانية، ولا تستطيع مواجهة تبعاته السياسية والأمنية. وبالتالي، أصبح الانفصال أمرا واقعا، ولم يعد ينقصه سوي استكمال الشكل القانوني المتمثل في إجراء الاستفتاء علي حق تقرير المصير، الذي تحول طبقا لهذه الأوضاع إلي مجرد آلية شكلية مفرغة من المضمون.

ويمكن القول إن عملية إجراء الاستفتاء قد أصبحت أداة يتم استخدامها من قبل شريكي حكومة الوحدة الوطنية، للحصول علي بعض النقاط أو المكاسب، سواء فيما يتعلق بالموقف من قضايا ما بعد الاستفتاء التي لم يتم حلها حتي الآن، أو في إطار ترتيب الأوضاع والعلاقات المستقبلية علي مستوي الإطارين الإقليمي والدولي.

ينصرف ذلك إلي استخدام الخرطوم ورقة الاستفتاء والاعتراف بنتائجه من أجل تحسين موقفها التفاوضي في المفاوضات الخاصة بالقضايا العالقة، وفي ترتيبات ما بعد الانفصال. فسوف تجد دولة الشمال نفسها مضطرة إلي إعادة صياغة كثير من معطياتها الدستورية والسياسية والاقتصادية بعد الانفصال، الأمر الذي سوف يجعل الخرطوم في خضم مواقف وتوازنات جديده تريد أن تتحسب لها. ترتبط هذه التوازنات باستمرار أزمة دارفور، وضغوط الجنائية الدولية، بالإضافة إلي التحديات التي سوف تنجم عن إدارة العلاقة مع الدولة الجنوبية الجديدة التي تفتقد مقومات الدولة. سيؤدي ذلك إلي انكشاف هذه الدولة الجديدة بشكل كبير أمام أدوار إقليمية ودولية لها أجنداتها الخاصة، التي يحتل استهداف استقرار وتماسك دولة الشمال مساحة واضحة لدي بعض منها.

نخلص مما سبق إلي أن الشد والجذب حول موعد الاستفتاء وإجراءاته ما هو إلا تعبير عن التضاغط القائم بين الطرفين، وهو تضاغط حرج ودقيق وحساس، ويتسم بالخطورة، مما يفسر القلق الإقليمي والدولي من تدهور الأوضاع لأسباب غير محسوبة أو خارجة عن السيطرة. يفسر ذلك أيضا الاهتمام الأمريكي المتزايد، والخشية من أن تفقد واشنطن ما استثمرته من جهد ووقت ونفقات طوال عشر سنوات في هندسة وإعادة صياغة الأوضاع السودانية، حتي تصل بها إلي الوضع الحالي، الذي أصبح جني الثمار فيه قريبا من متناول اليد. إن تقسيم السودان بين شمال وجنوب هو الخطوة الأولي، تليها خطوات لإعادة تقسيم الشمال، ما لم تكن هناك إجراءات واضحة لوقف هذا المسار، واستراتيجيات جديدة تعمل كترياق للتداعيات المتوقعة .

قضايا ما بعد الاستفتاء :

هناك عشر قضايا منصوص عليها في قانون الاستفتاء، تعرف باسم قضايا ما بعد الاستفتاء، وكلها قضايا بالغة الأهمية. إلا أن من أكثر هذه القضايا حرجا وحساسية قضية 'أبيي' التي ينذر الخلاف حولها بتحولها إلي ما يشبه قضية كشمير بين الهند وباكستان. وقد توافق الطرفان بعد كثير من التطورات علي أنه من المستحيل إجراء استفتاء أبيي في الموعد المقرر له في 9 يناير 2011، أي في نفس يوم إجراء استفتاء تقرير المصير. ولذا، فإن حسم موقف أبيي سوف يتأخر إلي فترة لاحقة. ثم أيضا تأجيل حسم قضية ترسيم الحدود، التي كان قد تم الانتهاء من 80% منها، وبقيت المناطق الأخري محل الخلاف عالقة، حيث أصرت الحركة الشعبية علي إجراء الاستفتاء لا يرتبط بالانتهاء من ترسيم الحدود التي يجب استئناف التفاوض حولها بعد الاستفتاء. فإذا عجز الطرفان عن الوصول إلي حل، فيمكنهما حينئذ اللجوء إلي التحكيم الدولي. ومن المعروف أن قضايا تبعية بعض حقول البترول المختلف عليها بين الشمال والجنوب ترتبط من الناحية العملية بترسيم الحدود. كما تم تأجيل حسم قضايا أخري منصوص عليها في قانون الاستفتاء، وأهمها قضايا الجنسية، والمياه، والديون، والأصول المشتركة، إلي المرحلة الانتقالية التي تبلغ ستة أشهر، والتي تنتهي في 9 يوليو 2011، وهو الموعد المحدد لإعلان دولة الجنوب ككيان مستقل، إذا اختار الجنوبيون الانفصال كما هو متوقع.


مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجيه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الاستفتاء في جنوب السودان .. الخلافات والتحديات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» السودان والتحديات التي تواجهه وغفلة العرب من بوابتهم الجنوبية
» للتاريخ: مؤامرة فصل جنوب السودان
» زيارة قنديل لجنوب السودان / رئيس جنوب السودان يتلقى رسالة من الرئيس مرسى لزيارة مصر
» جنوب السودان على شفا الانهيار
» جنوب السودان ---حد يفهمنا؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: الدراسات العسكرية الاستراتيجية - Military Strategies-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019